أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نهار حسب الله - أنا وأصحاب الحكمة.. قصص قصيرة جداً















المزيد.....

أنا وأصحاب الحكمة.. قصص قصيرة جداً


نهار حسب الله

الحوار المتمدن-العدد: 3936 - 2012 / 12 / 9 - 00:39
المحور: الادب والفن
    


انا وشارلي شابلن

1.
منذ الطفولة وأنا أمني نفسي بمتعة النظر الى القوس قزح، وبقيت افتش عنه بشغف كبير، وأتأمله في صاباحات أيامي.
دارت الايام وولت أمنيتي والبراءة الطفولية، وكبرت بسرعة غريبة من دون مشاهدة تلك الألوان البهية التي طالما قرأت عنها الكثير.
الى أن قرأت مصادفة للممثل الكوميدي الشهير شارلي شابلن قوله:(لن تجد قوس قزح مادمت تنظر الى الاسفل) وسرعان ما رفعت رأسي للأعلى، وفوجئت بعدم رؤيتي السماء بوسعها.

2.
ألصقت الابتسامة في وجهي، وأخفيت مأساتي وآلامي كلها، بعد ان آمنت بمقولة شابلن (الشيء الذي يُغني من يأخذونه ويزيد من يعطونه هو الابتسام) وعلى الرغم من عدم إمكانية رصدي لمن يبادلني هذا التعبير، بقيت صابراً حتى بعد أن وصفتُ بقلة الأدب.

3.
قبل دخولي غرفة العمليات، وقبل أن يسري مفعول المخدر في جسدي، سألتُ مسؤول قسم الجراحة عن نسبة نجاح عمليتي عساني أسيطر على خوفي..
أجابني بمقولة شارلي شابلن (الفشل لا يهم، فمن الشجاعة ان تجعل من نفسك أضحوكة) لم أفهم ماذا يعني وألقيتُ اللوم على نفسي التي تأثرت بالمخدر، غير اني لم أصحو بعد ذلك.

أنا وماري كوري

1.
صحيح ان السيارة المفخخة التي زارت بيتي لم تقتلني، ولكنها حولت يومي الى حطام، ومزقت نسيج مشاعري المتماسك.
بقيتُ أرتعد لساعات طوال ورائحة البارود تستوطن في نفسي، وتزيدني خوفاً..
حاولتُ السيطرة على قلقي المتنامي وفتحت التلفاز وتنبهت لحديث العالمة الفيزيائية الفرنسية ماري كوري (علينا ان لا نرى ما تم إنجازه، بل نرى ما لم يتم إنجازه بعد( راجعت هذه المقولة أكثر من مرة وتخيلت ما قد يجري مستقبلاً وهو الامر الذي أوداني قتيلاً بنوبة قلبية..

2.
تمسكتُ بحكمة ماري كوري (كنْ أقل فضولاً بالناس، وأكثر فضولاً بالافكار) وغادرت دنيا الثرثرة، وجلستُ وحيداً محاولاً إعادة صياغة أفكاري ولكن فضول من حولي أطفأ شموع طموحاتي كلها، وغيب أفكاري الى المجهول.

أنا والمسيح

1.
(في البدء كان الكلمة) قالها سيدنا المسيح (ع) .. وهو يعي جيداً اننا نجهل ابجدية الحروف، ولا نجيد النطق.

2.
أستندتُ الى مقولة كان قد رددها المسيح بن مريم نقلاً عن الانجيل (الحق يحرركم)، مما هيأني للمطالبة بحقي في الحياة والحرية، غير اني تنبهت لحواسي الخمسة وهي تهرب مني راكضة بهلع.

أنا هرمان هسه

1.
تشابه الاسماء حولني ذات ليلة الى مجرم وقاطع طريق، وأية ليلة قضيتها قابعاً بزنزانة صغيرة برفقة قاتل مأجور، وأي قدر جحيمي ذلك الذي ربطني بجزار يستطعم الذبائح.. كلها أدخلتني الزنزانة ورسمتْ تعابير الخوف التي باتت تنضح مني أكثر من تعرقات جسدي الملتهب بالقلق، فيما الصمت يشكو وحدته أمام جدران لا شأن لها إلا تخليد ذكريات من سبقوني بزيارتها.. وعلى الرغم من دكتاتورية العتمة إلا ان ملامح وجه ذلك الوحش الآدمي وأنفاسه كانت واضحة بما يكفي.
كان يدور في الزنزانة ويتفوه بعبارات غير مفهومة بالمرة، حتى بدا لي وكأنه ثمل او مُخدر، إلا انه فاجأني مستفهماً فيما إذا كنت قد سمعتُ بالاديب هرمان هسه..
أدهشني السؤال.. وسرعان ما تداركتُ الموقف وأكدتُ مجاملاً: نعم..انه أديب المشهور، هل قرأت له شيئاً؟
نعم.. انه أول من علمني مهنتي، إذ قرأت له أيام الدراسة مقولة فجرت طاقتي وجعلتني انجز اصعب المهام وأبشعها: (لم تصبح الجنة جنة إلا بعد ان طُردنا منها).
ومن شدة الرعب والدهشة، عُقد لساني رغماً عني وأرغمني على السكوت.. لحظتها فقط أدركتُ بأننا أنصاف شياطين، وان الجحيم يكمن في نفوسنا.

2.
أنهيت أعمال عقلي وأحلته الى تقاعد مُبكر، واستأصلته كأي ورم خبيث، وعطلته حد التلف، وحولته الى مطفأة لأعقاب السجائر.. ورضيت العيش بليداً بعد ان استخدمته للمرة الاخيرة وراجعت من خلاله مقولة هرمان هسه (أفضل طريقة للتعامل مع المجانين ان تَدعي بأنك عاقل) فعلت هذا كله وأكثر بعد ان عرفت بان عالمنا يحكمه الجنون، وما أنا إلا فرد من هذا المجتمع الدعائي.

أنا وكوليت

1.
أسيرُ على حافة الطريق ممزق الخطوات، مشتت الفكر، مُعطل الاحساس والعاطفة، مكبل بالهموم الثقال.. شردتْ عيناي الى قصاصة ورقية بالية كانت تهوى تحت قدماي، وكان من عادتي أيام الطفولة ان الاحق مثل هذه "الخزعبلات" لأكتشف ما تخفي..
ومن دون اي تفكير انحنيت إليها، فوجدت فيها حكمة للروائية الفرنسية كوليت (الغياب التام للفكاهة يجعل الحياة مستحيلة) كررت قراءة هذه المقولة مرات عديدة وفي كل مرة أحاول رسم تعابير الابتسام محاولاً الاستعانة بالشفاه والاسنان والعيون، إلا ان الفشل صاحب تجاربي كلها.
رفعت يدي الى وجهي لأزيح شفتاي الغليظتين لتبدو اسناني المضطهدة، غير أني لم أجد فمي أصلاً..

2. تقول كوليت ان (الطفولة السعيدة إعداد سيء للتعامل مع البشر) قالت هذه الحكمة من دون ان تدرس أسباب التعامل السيء والذي يعود أصله الى ان اطفالنا يرضعون التعاسة من صدور أمهاتهم، ولا يفطمون منها إلا بعد جفافها، وهو الامر الذي جعل العالم لا يعرف السعادة.

أنا وبرنارد ملزر

1.
أعشقُ كلمات الحب والغزل، وأجد المتعة الحقيقية وانا اتابعها هنا وهناك، أشعر أنها تؤهلني لحياة سعيدة يملأها الجمال..
وذات صباح وردي لا يخلو من تفاؤل، فتحت جهاز التسجيل في سيارتي وانطلقت متوجها الى عملي، وتنبهت لحديث الاذاعي الامريكي برنارد ملزر (السعادة مثل القبلة، يجب مشاركتها للاستمتاع بها) مما جعلني اتجول في الشوارع لساعات طوال وافتش عن من يشاركني بسعادته أو بقبلة حب كتلك التي تأملتها كثيراً، حتى وجدتُ نفسي في عالم لا يعرف تلك الأحاسيس التي كنت موهوماً بها، لأني رصدتُ آلاف الوجوه تتشارك الوجع والدموع، ولكن احد المتسولين احتضن يدي وقبلها بقوة فهل كان يقصد مشاركتي سعادته؟

2.
في أيام الحرب الاهلية والتهجير القسري، أقنعتُ نفسي بأمكانية حفظ أنفاسي بين أربعة جدران.. إلا ان احدهم طرق بابي بقوة أصابتني بالذعر؛ وجعلتني أهرع إليه عله يحتاج الى مساعدة مني، وإذا بشاب يمنحني ظرفاً مغلقاً ويمضي من دون التفوه بأية كلمة..
فتحتُ الظرف والخوف يأكل أطرافي، لاستقبل رسالة تهديد ورصاصة، وقررت على عجل مغادرة بيتي والذكريات والمكتبة، وتركتُ كل الاشياء على حالها، اعتزمتُ الرحيل في الساعة ذاتها..
وبعد مضي عشر سنوات على انتهاء الاقتتال والتهجير والخوف، عدتُ الى دنياي التي ودعتها قسراً..
وإذا بي أصادف ذلك المخلوق الذي زارني آخر مرة، ولم تتغير ملامحه كثيراً مثلما لم تغب عني لحظة.. ركزت النظر إليه وأوقفته وسط الشارع مستفهماً فيما إذا كان يتذكرني أو لا، وتأكدتُ بأنه نسي شكلي والحدث..
لحظتها خطرت ببالي مقولة للاذاعي الامريكي ملزر لم أفهمها لولا هذه الحادثة (مباركٌ من يعطي وينسى، ومباركٌ أيضاً من يأخذ ويتذكر) كررتُ قراءة المقولة على مسامعه أكثر من مرة وسألته هل أنا وأنت سواء؟



#نهار_حسب_الله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا والأسماء.. قصص قصيرة جداً
- اشتعالات.. ق.ق.ج
- أنا والكبار.. قصص قصيرة جداً
- أنا والآخر.. قصص قصيرة جداً
- أنا وهنَ.. قصص قصيرة جداً
- أنا وهُمْ.. قصص قصيرة جداً
- قصص قصيرة جداً (إعلان، رَسمتُ إلهي ، شوق مُتأخر ، زيف)
- قصص قصيرة جداً (أحلام الجياع عَفنْ اكذوبة عالم الوحدة)
- شهادة: كيف كَتبتُ روايتي (ذبابة من بلد الكتروني)*
- قصص قصيرة جداً (اعتذارات ، الدفاع عن الرب ، سؤال مجهول الاجا ...
- قصص قصيرة جداً (رياح التكنولوجيا ، نور هناك.. موت هنا، حلول ...
- قصص قصيرة جداً (طوابير، اشتعالات التغيير، وشم)
- قصص قصيرة جداً ( أمي عانس! لكنهم! رموز البكاء)
- أيام القيامة.. قصص قصيرة جداً
- قصص قصيرة جداً (سرقة، احتشام العرايا، تحريض الموتى )
- قصتان قصيرتان (ربيع مُظلم، الحقيبة)
- قصص قصيرة جداً (سجين الحياة ، صراع (ج) (س) ، مقبرة الصمت )
- قصص قصيرة جداً (احتضان قلب ، بيضاء حبيبي.. وانا أحمر، رشوة ا ...
- قصص قصيرة جداً (شيخوشة الموت، استقالة ابليس، زاد الحرب)
- قصص في ثوانٍ


المزيد.....




- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟
- بينهم فنانة وابنة مليونير شهير.. تعرف على ضحايا هجوم سيدني ا ...
- تركيز أقل على أوروبا وانفتاح على أفريقيا.. رهان متحف -متروبو ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نهار حسب الله - أنا وأصحاب الحكمة.. قصص قصيرة جداً