عائشة ج7

محمد الحداد

الحوار المتمدن-العدد: 3935 - 2012 / 12 / 8 - 21:21
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

الزوجة المفضلة:
كانت عائشة من زوجات محمد المحبوبات والمقربات الى قلبه حسب روايات كثيرة منقولة عنها، وهنا يراودنا الشك بصحة هذه الروايات، فليس من المعقول أن تقول عائشة بأنها لم تكن مرغوبة عنده، ومفضلة لديه عن باقي نسائه، لذا فنحن نحتاج لأحاديث وقصص تروى عن زوجات أخر غير عائشة لنرى هل حقاً كانت هي المفضلة عنده ؟!!
من روايات عائشة عن نفسها أنها تقول، كان محمد اذا سافر يسهم بين نسائه، فكان اذا خرج سهم غيري، عرف فيه الكراهية، وما قدم من سفر قط، فدخل على أزواجه أول مني.
ويقول الزمخشري أن محمد كان يقسم بين نسائه، فيعدل، ويقول هذه قسمتي فيما أملك، فلا تؤاخذني فيما تملك ولا أملك، يقصد محبته لعائشة.
وقيل أن عمرو بن العاص سأل محمد مرة، أي الناس أحب اليك، قال: عائشة، فقال: من الرجال، قال: أبوها.
فقد كان محمد يؤثر عائشة وزينب، وكان يقول: كمل في الرجال كثير، ولم يكمل في النساء إلا ثلاث، مريم بنت عمران، وآسية امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد، وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على الطعام.
حيث معروف أن محمد كان يفضل أكل الثريد، لذا كان تشبيهه بحبه لعائشة كحبه لأفضل طعام عنده.
ومن المثل أعلاه نعرف فقر محمد الأدبي بإعطاء تشبيه يليق بحبه لعائشة، فلا يليق بل ومن المعيب أن نشبه المحبوب بطعام يؤكل، وهكذا تشبيه يستعمله عامة الناس الغير مثقفة بكثرة، كتشبيه حلاوة البنت بقطعة الكيك أو الفراولة، بينما الشعراء لهم تشابيه أعلى وأجمل، ولا تحط من قدر المرأة، كتشبيههم لها بحلاوة القمر.

لننتقل لأخلاق عائشة مع محمد، فتنقل لنا كتب التأريخ والسيرة الكثير عن سوء طبع عائشة مع محمد وباقي زوجاته، ومع هذا فقد كانت عائشة الزوجة الأثيرة المحبوبة عند محمد، لذا كان يتساهل معها بكثرة، فاذا هويت عائشة شيئاً تابعها محمد عليه، وهذا ما لا ينطبق على باقي نسائه، حيث يقول عمر بن الخطاب محذراً ابنته حفصة احدى زوجات محمد التالي:
لا يغرنك حب محمد لعائشة أن تراجعيه بما تراجعه عائشة، أنه ليس لك مثل حظوة عائشة، ولا حسن زينب.
ففي رواية لعائشة تقول فيها لمحمد التالي: أليس تزعم أنك رسول الله، فقال: أو في شك أنت يا أم عبدالله، فقالت: ألست تزعم أنك رسول الله، فهلا عدلت، فسمعني أبو بكر وكان فيه حدة، فأقبل علي ولطم وجهي، فقال محمد: مهلا يا أبا بكر، إن الغيران لا تبصر أسفل الوادي من أعلاه.
و في حديث آخر أنها قالت لمحمد أقصِد، فرفع أبو بكر يده، فلطمها، وقال : تقولين يا بنت فلانة للنبي أقصد.
وفي رواية أخرى قيل أنه كان بينها وبين محمد كلام أو خلاف، فقال لها من ترضين بيني وبينك، أترضين بعمر، يقصد حكماً، قالت: لا أرضى عمر قط، عمر غليظ، قال أترضين بأبيكِ بيني وبينك، قالت نعم، فبعث إليه محمد، فقال: أن هذه من أمرها كذا وكذا، فقالت: إتقِ الله ولا تقل إلا حقاً، فرفع أبو بكر يده، فرثم أنفها، و في رواية أخرى أنها قالت لمحمد: أنت الذي تزعم أنك نبي الله.
وفي رواية عن عائشة قالت: قال لي محمد : أني لأعلم إذا كنت عني راضية، وإذا كنت عني غضبى، قالت: ومن أين تعرف ذلك، قال: أما إذا كنت عني راضية فإنك تقولين لا ورب محمد، وإذا كنت غضبى قلت لا ورب ابراهيم، قالت: والله يا رسول الله ما أهجر إلا اسمك.
وفي نص آخر يقول محمد: إني أعرف غضبك إذا غضبت ورضاك إذا رضيتِ، قالت وكيف تعرف ذلك، قال: إذا غضبت قلت يا محمد، وإذا رضيت قلت يا رسول الله.
وتذكر لنا الروايات أيضاً غضب محمد على عائشة، ففي رواية يذكر مولى عائشة عنها أن محمد دخل عليها بأسير، فلهوت عنه، فذهب الأسير، ولما جاء محمد يسألها عنه قالت لهوت عنه مع النسوة، فخرج محمد غاضباً فقال: مالك، قطع الله يدك أو يديك، فآذن محمد الناس بالأسير، فجاؤا به، فدخل محمد على عائشة ووجدها تقلب يديها، فقال: مالك، أجننت، قالت: دعوت علي فأنا أقلب يدي أنظر أيهما يقطع، فحمد الله وأثنى عليه ورفع يديه وقال: اللهم إني بشر، أغضب كما يغضب البشر، فأيما مؤمن أو مؤمنة دعوت عليه، فاجعله له زكاة وطهورا.
وفي رواية أخيرة نستشهد بها تقول عائشة: رجع إلي محمد من جنازة بالبقيع، وأنا أجد صداعاً في رأسي وأقول وارأساه، فقال: بل أنا وارأساه، ثم قال: ما ضرك لو مت قبلي، فغسلتك وكفنتك، ثم صليت عليك، ودفنتك، قالت عائشة: لكأني بك والله لو فعلت ذلك، لرجعت الى بيتي فأعرست فيه ببعض نسائك، فتبسم محمد، ثم بدئ بوجعه الذي مات فيه.
من كل الروايات أعلاه، وغيرها كثير جداً تعج بها الكتب التراثية الإسلامية نجد حقائق كثيرة لا ضرر في ذكر بعضها، فمحاورات عائشة تلك مع محمد، ومقالبها التي سنقرأ عنها في الأجزاء القادمة، كلها توحي لنا أن عائشة لم تكن تلك البنت الهادئة والخجولة، بل على العكس منها، فهي المرأة ذات اللسان السليط، والتي تجابه الكلمة بمثلها إن لم يكن أكثر منها.
ونستدل أيضاً من كل هذه المرويات ما يشير الى أنها كانت طفلة عند حدوثها، بل امرأة كاملة الانوثة، أو أقلها مراهقة، مع شدة قوية في طور مراهقتها، فمعروف عن المراهق أوالمراهقة شدة المشاكسة، وطول اللسان، والجدل بكل شيء، والعناد، والاعتزاز بالنفس، والإصرار على حقه.
كما تشير تلك المرويات الى عدم تطاول محمد باليد على عائشة، بينما فعل أبو بكر ذلك مرات عدة وبوجود محمد، نعم .. نعلم أن أبا بكر هو أب لعائشة، وله حق تربيتها، ولكن ليس له من حق في لطمها أو ضربها، خاصة أمام زوجها، فكيف و زوجها نبي، ومن أوائل مصدقيه وتابعيه أبو بكر.

محمد الحداد
08 . 12 . 2012

#محمد_الحداد (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات