أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عبدالوهاب حميد رشيد - اقتصاد القرن الحادي والعشرين- الفصل السادس















المزيد.....



اقتصاد القرن الحادي والعشرين- الفصل السادس


عبدالوهاب حميد رشيد

الحوار المتمدن-العدد: 3935 - 2012 / 12 / 8 - 10:08
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


الجزء الثاني
النماذج الناشئة للمنشأة
ترجمة:حسن عبدالله (و)عبدالوهاب حميد رشيد
الفصل السادس
المنشأة في عصر المعلومات
ستين ثور، المعهد العالي للتكنولوجيا، لشبونة/ البرتغال
Sten A. Thore, Instituto Superior Tecnico, Lisbon, Portugal

أدرك الاقتصاديون لبعض الوقت أن العديد من قوانين اقتصاد السوق أعيدت كتابتها كنتيجة لتزايد الاعتماد على البرمجة والمنتجات القائمة على المعرفة. ومع الاقتراب من القرن العشرين، فإن نوعاً جديداً من المنتجات والخدمات برز في السوق حاملاً إمكانية تثوير آليات النظام الرأسمالي بكامله. وهذه هي منتجات الديجيتال digital products- اتصالات، وتعليم، وتسلية، على شكل ديجيتال. يمثل ظهور اقتصاد الديجيتال digital economy العلامة البارزة الحالية على هذا التطور للاقتصاد القائم على المعرفة، معرفة تتجلى على شكل ديجيتال (أو رموز).
في النص اللاحق، أحاول إثبات وجود حاجة لنوع جديد من التحليل الاقتصادي لدرس الاقتصاد القائم على المعرفة. وعليه، سوف أقدم مخططاً تمهيدياً لنموذج جديد يتابع آثار التحول السريع لاقتصاد السوق في عصر المعلومات.
يستند النموذج الجديد إلى إقرار النقاط الأربعة التالية:
1. دورات حياة منتجات المعرفة تكون قصيرة في الغالب بسبب شدة تطور المنتجات. فمع تدفق المنتجات الجديدة والمتطورة على السوق، فإن الأجيال السابقة تصبح قديمة ومهجورة. إن الجيل الجديد يمثل، عادةً، ليس فقط مواصفات تكنولوجية وتسويقية متطورة، بل أيضاً مجموعة أوسع من الصفات الممِّيزة. وعند تعريف منتَج ما بحسب مقدار الخدمات التي يقدمها، فإن حجم هذا المقدار يزداد على الدوام. والمنتجات تصبح معقدة أكثر.
2. إن تلك المنشآت التي تسّوق وتبيع بنجاح المنتجات الأكثر تطوراً في أي وقت سوف تحقق معدلات نمو مثيرة- ما يسمى بالنمو المفرط hyper-growth. وقد تأخر الاقتصاديون في إدراك هذه الظاهرة، المميزِّة جداً لاقتصاد المعرفة. وعلى النقيض، فإن الشركات التي تتصف ببطء إنتاجها يمكن أن تواجه انهيار أسواقها بين ليلة وضحاها، مع نتائج كارثية. الاقتصاد القائم على المعرفة يمكن أن يتجه للاستقطاب في صورة معسكرين: أسراب من الشركات المبتدئة الصغيرة التي تتزايد بمعدل سريع مقابل الشركات العملاقة المتعثرة.
3. تمضي الشركات ذات التقنية العالية، عادةً، على مسار ديناميكي بعيداً عن التوازن طوال الوقت. والمسار هذا غير خطي. وهو يتضمن إمكانية حصول فوضى.
4. وفي الإطار الناشئ للاضطراب الصناعي industrial turmil، سينبثق تطور تقني سريع. وسيتحقق نوع من التوازن بين إبداع أشياء وهجران أشياء أخرى، وبين تصريف commercialization المنتجات الجديدة وانطلاق الشركات المبتدئة الجديدة، وعمليات الدمج والاكتساب، وعمليات الإفلاس.
وفي حين أن الاقتصاد التقليدي يفترض السلوك الأمثل، والتوازن، واستقرار التوازن، فإن النمط السائد لعمل الشركات الجديدة القائمة على المعرفة يتسم بالسلوك المثالي الجزئي وعدم التوازن. وسوف أعتمد على دراسة تجريبية مكثفة لصناعة الحاسوب الأمريكية.
ينتهي الفصل ببعض الملاحظات عن الآفاق طويلة الأمد للاقتصاد الأمريكي. وخلال العقدين الماضيين، شكلت صناعة المعرفة محِّركاً هاماً للاقتصاد الأمريكي عموماً. ويبدو أن الدور المحوري للمنشآت الأمريكية القائمة على المعرفة يتجه للاستمرار في القرن القادم لأنها توسّع الآن أسواقها عالمياً. فشركات مثل Disney و Time Warner تغدو الآن مصدر تأثير ديجيتال عالمي، وتتمتع ليس فقط بوفورات حجم محلية، بل وبوفورات حجم عالمية أيضاً.



اقتصاد الديجيتال
مع الاقتراب من نهاية القرن العشرين، بزغ نوع جديد من السلع والخدمات يتصف بقدرته على تغيير طبيعة كامل النظام الاقتصادي. منتَج الديجيتال digital product عبارة عن معلومات، وتسلية، أو تعليم، يتم إرسالها على شكل رموز، وغالباً عبر مسافات طويلة. يتم الاتصال بالرموز digital communication عندما تتحول الموجات الصوتية أو الموجات الضوئية إلى رموز (ثنائية)، وتنتقل، وأخيراً يُعاد تحويلها إلى صوت أو صور. الأمثلة المبكرة على الاتصال بواسطة الرموز هي المعالِج word processor، وقرص CD، والأسلاك البصرية- الليفية fiber-optic cables. في هذه الأسلاك، فإن الصوت أو الصور، المحوَّلة إلى رموز تلغرافية ثنائية، يتم نقلها بواسطة إشعاعات تردد من خلال شعيرة زجاجية. وفيما يلي بعض الأمثلة عن منتجات الديجيتال التي هي متوفرة الآن بالفعل أو التي ستتوفر قريباً.
• خدمات الاتصال الشخصي (PCS) ستكون أشبه بأجهزة اتصال بين رحلات فضائية يمكن وضعها في جيب المعطف أو حقيبة صغيرة. فهي هواتف لاسلكية صغيرة (هواتف محمولة) ومزودة بخدمات الحاسوب والفاكس والفيديو.
• التجارة الإلكترونية على الانترنت Internet حيث يمكن للمستهلكين استعراض السلع التي تهمهم وشرائها.
• التعليم عن بعد، إذ يمكن أن تكون طالباً في صف فعلي وتؤدي واجباتك البيتية التي يصححها أساتذة مشهورون في جامعة هارفارد أو MIT.
• الصحافة والراديو والأفلام التي يمكن الوصول إليها عبر الانترنت Internet.
• الاتصال عن بعد حيث يقوم مستخدموا شركة ما بعملهم في محطة عمل- حاسوب من منازلهم، وهم على صلة بمكتب الشركة الرئيسي من خلال الاجتماعات المنقولة بالفيديو.

تلخيص زمني للأحداث
دعوني أعود للبدايات. وكنقطة بداية ملائمة، أختار تاريخ الأول من كانون الثاني 1984 عندما باتت شركة التلفون والتلغراف الأمريكية تخضع لتوجيه حكومي أقل وانشطرت. مُنحت الشركات السبعة الصغيرة seven Baby Bells Ameritech, Bell Atlantic, Bellsouth, Nynex, Pacific Telesis, Southwestern Bell, and U.S. West)) حق احتكار خطوطها المحلية. وقد فتحتْ سياسة الحد من التوجيه deregulation البابَ أمام الابتكارات الإنتاجية الهائلة والمنافسة التي لا ترحم؛ وذلك أولاً بالنسبة للأسواق البعيدة باستعمال أسلاك بصرية ليفية لتحسين نوعية الصوت بشكل مثير، ولكن حالاً أيضاً بالنسبة لخدمة الهاتف الخلوي. وهكذا توجبَ على شركة AT & T أن تقاتل ليس فقط الشركات الخاصة للأسواق البعيدة كشركتيْ MCI و Sprint، بل أيضاً الصناعة المتنامية للهواتف الخلوية. وبغية إيقاف انقضاض شركات الاتصالات الخلوية، تولت شركتا Baby Bells و AT&T خدماتها الخلوية الخاصة بها. وفي العام 1993، قامت شركة AT&T بشراء أكبر هذه الشركات وهي شركة McCaw Cellular.
المنتَج الرائد في صناعة الأسلاك كان Ted Turner، وهو عبارة عن تلفزيون ناجح صُنع ذاتياً؛ بدأ عام 1976 بإرسال إشارات من قاعدته ‘Superstation’ في Atlanta إلى قمر يحوم على ارتفاع 22000 ميل فوق الأرض. وقد بات ممكناً تسلم الإشارات العائدة للأرض بواسطة التلفزيون السلكي الجديد الذي يغطي كل سوق أمريكا الشمالية وما بعدها. وبعد سنتين، تحولت شركة Ted Turner لفكرتها الجديدة: برنامج أخباري بالكامل اسمه Cable News Network (CNN) يبث للعالم كله. وهو يتضمن: التلفزيون، والأقمار الصناعية، والاتصالات cable، والعمليات المتعلقة بالأخبار العالمية.
وُلد الحاسوب Apple Computer العام 1976 أيضاً، مع قيام كل من ستيفن جوبز Steven Jobs وستيفن وزنياك Stephen Wozniak بالعمل في غرفة نوم أخت جوبز، حيث جمعّوا أول خمسين جهاز حاسوب. وبعد أربع سنوات، بات الحاسوب Apple في متناول عامة الناس. وقد زاد سعر سهمه بسرعة شديدة بحيث أن ولاية ماساشيوستس Massachusetts أوقفت شرائه بصورة مؤقتة. وفي نهاية ذلك اليوم، كانت الشركة قد بلغت قائمة مجلة Fortune لأغنى 500 شخص. وقد وضعَ سوق الأوراق المالية قيمة تداول شركة Apple عند 1,7 بليون دولار، التي كانت حينذاك أكبر من قيمة شركة فورد للسيارات. وقد تصدرت هذه الشركة صناعةَ الحاسوب الشخصية PC من حيث بعض المواصفات البارزة، بما في ذلك الماوس mouse والبرامج الشبيهة بوندوز windowslike software.
Ted Turner و Steven Jobs كانا النموذجين الأصليين لجيل جديد من المنظِّمين الذين أنتجوا أولى منتجات الديجيتال الاستهلاكية. والآخرون هم Craig O. McGraw (الذي يملك شركة McGaw Cellular) و Seymour Cray (الذي يملك شركة Cray Research). والكثير من الشركات المبتدئة، التي أسسها الجيل الأول من منظِّميّ الديجتال، زادت بصورة انفجارية. وهي تمثل الحالات الأولى لظاهرةٍ يمكننا أن نسميها النمو المفرط- حيث تزداد الإيرادات الكلية لمنشأة ما بمعدل سنوي قدره 50 % أو أكثر، سنة بعد أخرى. إن صناعة كهذه لم تُشاهد من قبل قط.
ولكي تحافظ على نموها، اعتمدت هذه الشركات على عدة مصادر تمويل جديدة. وقام جيل جديد من الرأسماليين المغامرين بالاستثمار في الشركات المبتدئة Silicon Valley. وقد دخلت سوقَ Wall Street موجاتُ جديدة من العروض العامة الأولى Initial public offerings (IPOs). وبغية جمع التمويل اللازم، اتجهت العديد من هذه الشركات نحو أداة دين جديدة، ما يُسمى بسند جونك Junk bond (عبارة عن سندات تصدرها شركات الأعمال دون مستوى الاستثمار). وفي حينه، مكّنت الإصدارات من سهم جونك الشركات Compaq, Silicon, Gray Research، وشركات أخرى، من البقاء أمام الانهيارات الصناعية الخطيرة. تم إنقاذ صناعة الأقراص الصلبة الأمريكية بواسطة سند جونك، بما في ذلك 250 مليون دولار لشركة Seagate Technology. وبالمثل، حصلت شركتا McGaw و Turner على المساعدة، في أيامهما الأولى، من مايكل ميلكن Michael Milken (ملك سند Junk bond) صاحب شركة Drexel, Burnham Lambert Inc. وإذ أبصرتْ حلول اقتصاد المعلومات الجديد قبل غيرها من الشركات، قامت شركة ميلكن بتمويل مجموعات مباني information superhighway"" جديدة.
وصلت موجة جديدة من منتجات الديجيتال في وقت مبكر من التسعينات مع تطوير تقنية شبكة الحاسوب.
قادت هذا التطور، مبكراً، شركة Sun Microsystems، التي تأسست العام 1982 كشركة مبتدئة لجامعة Stanford University، متصدرةً الشبكات المحلية لمحطات تشغيل الحاسوب. إن ما يسمى بشبكات المنطقة المحلية (LANS) معروفة لدى وسط الأعمال هذه الأيام، وهي تقود إلى زيادة انفجارية في الطلب على مواد البرمجيات software والمعدات hardware (التي تصّنعها منشأة سيسكو Cisco Corporation وغيرها). ومع نمو الشبكة المحلية، فإنها تتحول إلى ما يسمى بالشبكة الداخلية intranet، أي شبكة اتصالات لمجتمع أعمال شامل، تجمع كل مستخدمي شركة ما، وتمكّنهم من تبادل الوثائق، وتنظيمها في أضابير، واستردادها، والعمل عليها.
انبثقت الشبكة العالمية للمعلومات Internet من شبكة قديمة لحواسيب الجامعة الأمريكية، تُدعى NSFNET والتي تأسست العام 1984. صُنعت وفق نمط تصميم مؤسسة Rand Corporation لبناء شبكة غير مركزية للحاسبات الآلية قادرة على مقاومة الهجمات الذرية. بدأ الاستخدام التجاري للشبكة العالمية للمعلومات Internet في كانون الثاني 1990، ومنذ ذلك الحين نمت الشبكة بمعدلات فلكية. وتتشكل الشبكة حالياً من عشرات آلاف المفاصل من الحواسيب وتضم عدة ملايين من الصفحات المنزلية pages home. أصبح المستهلكون قادرين، بصورة متزايدة، على الدخول للانترنت من خلال NCs ("شبكة الحاسبات الآلية" network computers) أو حتى من خلال موجات الأجهزة المنظمة للتلفزيون التي يمتلكونها. تحققَ بناء أول جيل لـ NCs حالياً من قبل الشركات Sun, Oracle Computer, and Netscape Communications..
نوع آخر لشبكة محطة ديجيتال سيوضع موضع التطبيق في أواخر التسعينات: شبكات اتصال عبر الأقمار الصناعية، تدور حول الكرة الأرضية على ارتفاع 400- 700 ميل فيما يسمى بمسار الأرض الواطئ LEO))، وتبث خدمات التلفزيون، والفاكس والهاتف، على أساس ديجيتال، وكذلك نقل البيانات. الشبكة الأولى ستكون هي شبكة Iridium، التي ستطلقها شركة Motorola وتتألف من 66 قمراً صناعياً. وشبكات الاتصال الأخرى عبر الأقمار الصناعية التي هي على طاولة الرسم الآن تتضمن النجم العالمي Globalstar الذي يفترض إطلاقه من قبل شركتيْ Lockheed Martin و Qualcomm (ويضم 48 قمراً صناعياً)، وكذلك شبكة الاتصال المزمعة التي تحلم بها شركة Bill gates وتتألف من 840 قمراً صناعياً.
ولحد الآن، قمتُ بشكل رئيسي بمناقشة تقنية الديجتال كوسيلة اتصال. ولكن هذه التقنية تتضمن أكثر من ذلك. فهي "محتوى" content، أيضاً، أي الرسالة (أو المعلومات) التي يتم تداولها عبر الاتصالات. وهذه الرسالة تمتد من مكتبات الديجيتال إلى التسلية والتعليم في شكل ديجيتال. وفي أوائل التسعينات، ظهرَ على السطح اتجاه هام من "مجهِّزي المعلومات" content providers الذين يشترون المصالح القوية في صناعة الاتصالات الديجيتالية؛ والمثال البارز هو شراء شركة Warner Communications من قبل شركة Time العام 1990، وقيام شركة Time Warner بشراء شركة Turner Broadcasting بعد ست سنوات من ذلك، خالقةً أضخم شركة إعلامية عالمية. وبالمثل، قامت شركة Disney بشراء شركة Capital Cities/ABC Television العام 1995. وفي نفس العام، أعلنت NBC و Microsoft عن خطط لإطلاق قناة إخبارية يومية على مدى 24 ساعة مع مواصفات تسمح بالتداول المتواصل للمعلومات بين القناة (أو الحاسوب) والمشاهد. شركات التسلية والاتصالات العملاقة هذه ستسيطر على عملية تدفق المعلومات من مصدرها (استوديو التسجيل أو استوديو الأفلام) في سياق عملية إرسال تنتهي عند المستهلك (شاشة التلفزيون). وفي هذه السلسة العمودية، يُنظر إلى مجّهز المعلومات content provider بصورة متزايدة باعتباره المولد الرئيسي للربح، في حين تصبح خدمات الاتصالات، على نحو متزايد، مجرد "سلعة" نمطية standardized commodity.
ورغم ذلك، سيبقى هناك مجال لصناعة التسلية في الاستوديوهات الصغيرة والمستقلة المفعمة بالحيوية أو تلك التي لها تأثيرات خاصة. ليس ثمة تناقض بين أن تجد في الصناعة في وقت واحد كلاً من عملية الانحلال disintegration (انشطار شركات كبيرة إلى شركات أصغر مثل انقسام شركة AT&T إلى ثلاث شركات مستقلة، وعلى شكل تعاقد من الباطن) وعملية الدمج integration (على شكل استحواذات عمودية vertical acquisitions).

مدخل للمنتجات القائمة على المعرفة
في جو التسعينات التنافسي جداً، ينبغي على كل منشأة أن تجلب للسوق تدفقاً مستمراً من التصميمات الجديدة للسلع، والتي يكون كل جيل منها أرفع من سابقه. تأملْ تقنية الاجتماعات المنقولة بالفيديو video-conference equipment، والحاسوب، أو الكاميرات الإلكترونية. والتصميمات الجديدة تتدفق على السوق كل شهر. ولكن التغير من كل "ماركة" vintage إلى الماركة القادمة قصير جداً في الغالب.
كل جيل أو ماركة من منتَج ما يمر بدورة حياة مميِّزة life cycle، تبدأ بتطوير المنتَج وعملية تصريفه اللاحقة. وإذا كان المنتَج ناجحاً، فإنه سيمر بمرحلة نمو تكون سريعة جداً في البداية، ثم تتباطأ حينما يكسب المنتج حصته من السوق. وأخيراً، تحّلُ مرحلة هبوط المبيعات وزوالها النهائي، حينما يُدخل المنافسون منتجات جديدة وأرفع نوعيةً ذات تقنية أكثر تقدماً.
يشكل تقديم وتسويق سلعة اقتصادية ما مثالاً على عملية انتشار معينة diffusion process. تبدأ عملية الانتشار القياسية بالظهور والنمو بمعدل أسي، ولكنها أخيراً تتسطح لتقترب من مستوى النضوج. منحنى الانتشار يأخذ شكل حرف S المميِّز. يوضح الشكل 6 -1 منحنى الانتشار لسلسلة أجيال متعاقبة من سلعة استهلاكية معطاة. دورات حياة هذه الأجيال الفردية من المنتَج جرت الإشارة إليها بخطوط منقطة. أثناء طور الصعود من منحنى الانتشار، تدخل للسوق بسرعة دورات المنتَج الجديد. وفي مرحلة النضوج، تصل الدورات هذه عند سرعة أبطأ.
أثناء طور الصعود من دورة حياة كل منتَج، ينتشر نمط جديد وأرفع من الطلب بين جمهور المشترين. فصفوف المشترين "المبتكرين" الأوائل الذين يقبلون المنتَج برغبتهم الذاتية يَنظْم إليهم المشترون "المقلدون"، أي الأفراد الذين يتأثرون بالآخرين عند اتخاذ قراراتهم بشراء السلع الجديدة،. وتتضخم مشتريات كلتا الفئتين تحت تأثير الدعاية والترغيب وتخفيض السعر.
وتحلْ مرحلة الانكماش في دورة حياة المنتَج حينما لا يعود قادراً على اللحاق بمواصفات المنتجات المنافسِة له. والمستهلكون، الذين يبحثون دون توقف عن البدائل الاستهلاكية الأرفع، يتحولون إلى تصميمات أكثر تطوراً للمنتَج. الولاء لماركة معينة شيء متقلب. ومع عزوف المشترين عن المنتَج وانخفاض مبيعاته، تتلاشى دورة حياته. كلما كانت التقنية أرفع، كانت دورة الحياة أقصر.
العناء والشقاء لتطوير سلسلة لا تنتهي أبداً من المنتجات التقنية الأكثر تطوراً بات محل اهتمام وتركيز جهود صناعة شبه الموصلات الأمريكية semiconductor industry. قدمت شركة Intel Corporation المعالج الجزئي 486 microprocessor العام 1989؛ وذلك في وقت كان فيه المنتَج هذا من أكثر القطع المتاحة فعاليةً. ولكن خلف شركة Intel كان هناك صف من المنافسين بقيادة شركة Advanced Micro Devices (AMD). وبعد ثلاث سنوات، أعلنت الأخيرة بنجاح استنساخ 486 microprocessor. الجيل التالي من المعالجِات الجزئية كان هو المعالِج 586، الذي حملَ اسم Pentium، وأُدخل للسوق أواخر العام 1993. العمر الاقتصادي لكل موجة تقنية في صناعة شبه الموصلات هو ثلاث سنوات تقريباً. وذلك يضاهي دورة حياة من 8 إلى 9 سنوات من بدء البحث ولغاية دخول المنتَج للسوق. من المتوقع بلوغ إنتاج Pentium ذروته العام 2000. وهذا ليس نهاية المطاف. Pentium هو معالِج 64-bit، وهذا معناه أنه يغطي 2 64 موقع ذاكرة. والبحث هو الآن في أقصاه لتطوير جيل المعالِج 256- bit. وفي الوقت نفسه، تتواصل الجهود لإنتاج أنواع جديدة تماماً من المعالجِات بطاقات هائلة أكثر(1).


شكل 1-6 منحنى الانتشار النمطي stylized ودورات حياة المنتَج

وللسيطرة على هذه العمليات الديناميكية المعقدة، لابد من نوع جديد من الإدارة: إدارة دورة حياة المنتَج product-cycle management. تحتاج الشركة إلى تطوير دفق مستمر من التصميمات الجديدة للمنتَج، كل تصميم "أفضل" من سابقه بمعنى ما، وذلك لمجرد البقاء على قيد الحياة. يجب أن يكون هناك جيل ثانٍ وثالث من النماذج القائمة قيد التطوير. بعض هذه المنتجات ستواجه الفشل؛ وقلة منها تستطيع البقاء في السوق. وتلك التي تنجح في البقاء لا تملك غير حياة قصيرة ولابد من استبدالها بنماذج أرقى. مشكلة الجدولة تكمن في تحديد موعد إدخال كل ماركة للسوق (مسألة تصريفها commercialization) وموعد سحبها (مسألة زوالها التقني أو الاقتصادي).
إن مفاهيم مثل "التقنية"، و "التقدم"، و "النمو الاقتصادي" ترتبط بشكل مباشر بتنوع أو تباين السلع والخدمات الاقتصادية. ويدرك المديرون الفرق بين قائمة المزايا التي يمكن للتكنولوجيا القائمة أن تقدمها وبين قائمة المزايا التي تركن في عالم الاحتمالات. وهذا الفرق هو الذي يَحثُ الجهود الحالية لتطوير المنتَج وتصريفه من جديد. وفي التحليل الأخير، فهذا الفرق هو الذي يقود عملية التقدم. فما يحرّك التقدم هو عدم التوازن: القفز المفاجئ بين ما هو كائن وما كان ممكناً.

التطور التكنولوجي
لقد تم تطوير الرياضيات للأجيال المتعاقبة من الأنواع species على يد عالم الرياضات الإيطالي فيتو فولتيره Vito Volterra في الثلاثينات. عنوان بحثه الكلاسيكي هو Lecons sur la Theori Mathematique de la Lutte pour la Vie الذي يُترجم إلى: دروس حول النظرية الرياضية للصراع من أجل الحياة. هنا يجد المرء أصل النظرية الرياضية الحديثة غير الخطية للتطور. ولكن فولتيره كان عليه إنجاز بحثه الرائد في ظل عقبة شديدة: فلم يكن لديه حاسوب الكتروني. ولم يدرك قط الإمكانات الرقمية المذهلة التي أتحولُ إليها الآن.
في العام 1975، كان عالم الرياضيات جي. يورك يعمل دون اكتراث مع معادلة انتشار diffusion equation من النوع الذي سبق لفولتيره دراسته، متتبعاً مساره الزمني (مسار ذلك النوع) بمساعدة حاسوب. وباستعمال قيم مَعْلمات (أو ثوابت) ملائمة suitable parameter values، وجدَ يورك بأن المسار الزمني لعملية الانتشار كان في الواقع دورة دقيقة بالنسبة للزمن. ولكن عند تغيير قيم المَعْلمات، وجدَ يورك بأن المسار يصبح أحياناً شديد التوتر وينقسم إلى شعبتين، أو ينشطر إلى شطرين(2).
الشكل البياني 6- 2 يرسم النتائج المستخلصة من تجربة باستخدام حاسوب بسيط computer simulation، مفترضاً أن هناك ثلاثة دورات متعاقبة للمنتَج(3). مبيعات الجيل الأول من المنتَج تنطلق حالاً تقريباً وتصل ذروتها في الشهر العاشر عند مستوى 0.117، ثم تهبط ببطء بعد ذلك. وفي الشهر 23، تكون مبيعات الجيل الأول من المنتَج قد تلاشت عملياً. ثم يدخل الجيل الثاني على الخط بعد وقت قصير ويصل إلى الذروة 0.309 في الشهر الثاني عشر. وأخيراً، في الشهر الخامس، تظهر مبيعات منتَج الجيل الثالث وتتجه نحو النمو بثبات في البداية لتصل إلى 0.403 في الشهر الثامن عشر. وعندئذ يحصل شيء غير متوقع: تبدأ إحصاءات المبيعات الشهرية تسير وفق خط متعرج ينفلق إلى طريقين مختلفين: أحدهما الاتجاه نحو الأعلى والآخر الاتجاه نحو الأسفل. وبكلمات أخرى، يتفرع منحنى المبيعات إلى شعبتين.
وثمة حالة أكثر بروزاً يوضحها الجدول 6 - 3(4). في هذه المرة، تم تغيير المَعْلمات الرقمية قليلا، ولكن إلى حدٍ كافٍ لقلب ديناميكا النظام إلى فوضى كاملة. سارت مبيعات الجيلين الأولين وفق نفس نمط دورات حياتها كما في السابق، مع حجم مبيعات كلية أقل قليلاً. تبدأ مبيعات الجيل الثالث بكسب المزيد من فرص البيع في الشهر الخامس؛ ومنذ هذه النقطة فصاعداً، تبدأ المبيعات بالنمو سريعاً لتصل إلى 0.558 في الشهر الثاني عشر. ولكن الإحصاءات اللاحقة لابد أن تشكل كابوساً لأي محلِّل سوقي. ففي شهر واحد تحصل طفرة هائلة في المبيعات upturn glorious؛ لتهبط إلى القاع pits في شهر آخر. لاحظْ الهدوء خلال الشهور ما بين الشهر العشرين والشهر الخامس والعشرين. ولكن يبدو أن هذه الفترة من الاستقرار هي مجرد الهدوء الذي يسبق العاصفة.
هل الفوضى والعشوائية شيء واحد؟ في التجربة باستخدام الحاسوب computer simulation ترد الفوضى من بعض المعادلات الرياضية (غير الخطية) البسيطة. في الشكل 6 - 3، المبيعات محددَّة، نقطة بعد أخرى، بصيغة رياضية دقيقة. وبحسب مصطلحات علم الإحصاء الرياضي، فهي مسألة حتمية deterministic. ومن الناحية الأخرى، فإن العشوائية randomness هي نتيجة للسحوبات الاحتمالية، كما في رمي النرد أو الحركة الدائرية لعجلة الروليت. وهكذا فإن الفوضى تبدو عشوائية، ولكن هناك نظام يختفي خلف التقلبات الظاهرة.



شكل 2-6 تجربة باستعمال الحاسوب computer simulation: إمكانية التفرع (أو التشعب)

إحدى صفات التقنية الرفيعة هي كونها معقدة. كل الأنظمة الحية معقدة. الاقتصاد، أيضاً، نظام حي، مع كل عفوية وتعقيد علم الأحياء الجزيئي. DNA أو التصميم الجيني هو بمثابة حاسوب ذو حجم جزئي يبين كيف أن الخلية تبني وتصلح نفسها وتتفاعل مع العالم الخارجي. وبالمثل، فإن التقنيات هي تصميمات لإنتاج السلع والخدمات الاقتصادية. فالتقنية يمكن تصورها كنوع من حاسوب يوجه المنشأة نحو نشاط إنتاجي أو تسويقي معين. إنها تتضمن تعليمات كيف أن التقنية يمكن أن تتفاعل مع التقنيات الأخرى، وكيف يمكن إدارتها، وكيف يمكن أن تتطور في ظل رعاية مختلف الشركات القائمة. وبكلمات أخرى، كيف يمكن أن تتطور.
وبطريقة ما، فإن المفهوم المعاصر للتطور ما يزال هو مفهوم دارون. فمفهوم البقاء للأصلح the survival of the fittest ما يزال يعتبر كآلية دافعة. ولكن هناك أكثر. فالسنوات الثلاثين الأخيرة شهدت تقارب كيان واسع من المعرفة حول تطور النظم الديناميكية عموماً. ومن حيث الجوهر، فهذه نظرية رياضية، تتعامل مع سلوك النظم غير الخطية، كما في حالة تدفق الماء من صنبور أو ظهور الضباب في الصباح.
المقدمة المنطقية الأساسية لنظرية الفوضى هي الاتجاه الكوني للاضطراب، والانحلال، والتفسخ. صعود وهبوط الشركات، وإفلاسها، وموتها. عمليات الدمج والاكتساب ما بين الشركات، وانقضاضها، وجشعها. فهذه كلها جزء من آلية، ونظام عضوي حي، ومنشأة ما: وللحظة ما قصيرة، فالحياة هي انتصار على الموت. ولكن الانتصار سريع الزوال أبداً. وتتطلب الحياة التجديد في كل ثانية.


شكل 3-6 تجربة باستعمال الحاسوب computer simulation:: فوضى


تضم النظم المعقدة في داخلها عدداً كبيراً من "الوكلاء" كالجزيئات أو الأعصاب أو الأنواع. وفي النظم الاقتصادية، الوكلاء هم المديرون والشركات. ولمكافحة الميل الحتمي للكون نحو الاضطراب disorder، يعمد الوكلاء بشكل ثابت لتنظيم وإعادة تنظيم أنفسهم في بنى أكبر من خلال التصادم بين التسهيلات المتبادلة والتنافس المتبادل. الجزيئات تشكل الخلايا، والأعصاب تشكل الأدمغة، والأنواع species تشكل النظم البيئية ecosystems، والمنشآت تشكل الصناعات. وفي كل مستوى، تظهر خصائص جديدة تماماً properties. وإن قوانين ومفاهيم وتعميمات جديدة تصبح ضرورية في كل مرحلة. كل نظام ينطوي على عدة فرص ملائمة niches. وإن الفعل ذاته لشغل كل فرصة niche يفتتح فرصاً أكثر. النظام مكشوف للعيان دائماً، وفي حالة انتقال على الدوام. التقنيات الجديدة والمنشآت المبتدئة، التي تمثل طرقاً جديدة لعمل الأشياء، تنحي جانباً إلى الأبد حافات الوضع القائم، وحتى طرق الإنتاج القديمة الأكثر قوة عليها أخيراً أن تخلي الطريق.
التقنيات الناشئة هي تلك التي تتصدر أفق الجدوى التكنولوجية والتجارية. فغالباً ما يكون هناك سباق تنافسي بين عدة شركات تسعى لاستغلال تقنية جديدة، كالسباق بين شركات الحاسوب قبل سنتين لتطوير تقنية الحاسوب المحمول أو السباق الحالي لتطوير التلفزيون ذي التقنية العالية. البنى الصناعية الناشئة هي طرق جديدة لتنظيم البحث والتطوير (R&D)، والإنتاج، والتوزيع، و/ أو التسويق. فالتقنيات الجديدة غالباً ما تَحثُ التغيرات المثيرة للمنظَّمة الصناعية، كما يحدث حينما تتيح التحسينات في الاتصالات عن بعد إمكانية التواصل بين العاملين.
قد تكون المخاطرة المتأصلة وعدم التأكد أهم صفة مميِّزة للتقنيات الناشئة- المخاطرة risk بأن التقنية قد لا تكون فعالة، وعدم التأكد uncertainty من كيفية توافق مكونات التقنية الجديدة. تأملْ تعدد وسائل الإعلام multimedia- التزاوج بين حاسبات آلية، وفيديو، وتلفزيون، وأجهزة صوتية audio. من الواضح أنها ستتحقق. من الواضح أنها سوف تطلق ثورة إلكترونية. وبلايين الدولارات سيتم كسبها. ولكن كيف سيكون منظر هذا الاختراع الجديد بالضبط؟ هل سيعتمد على النقل بواسطة شبكة أسلاك بصرية ليفية أم نشر إذاعي من خلال موجات هوائية؟ وما هي الشركات التي ستستفيد من ذلك: شركات الأسلاك أم هوليود؟ شركات البرمجة مثل Microsoft أم صانعي الصناديق "الذكية" التي توضع على قمة أجهزة التلفزيون في البلاد كلها؟ سيبزغ هيكل صناعي جديد. وعند مقارنته بالماضي وتأمله، فليس من شك بأن هذا الهيكل يبدو قوياً، ومنظَّماً، ومنطقياً على نحو كامل.
لفهم طبيعة الوضع الصناعي الناشئ، تأملْ شركات الحاسوب اللامعة في الثمانينات التي أذلّت شركة IBM، القوية ذات يوم. فكلها كانت شركات مبتدئة مثل: Apple, Sun Microsystems, Compaq, Silicon Graphics, and Dell. إن محطات التشغيل والحواسيب الشخصية، التي تَصْدّرتها هذه الشركات، لم تكن مجرد منتجات حاسوب جديدة أعادتْ تنظيم تشكيلة منتجات صناعة الحاسوب؛ فالمنتجات الجديدة هذه أدخلتْ تغيرات أساسية في اقتصاد وبنية صناعة الحاسوب. وقد حافظت هذه الشركات على نفقات عامة متدنية، وأمنّت العديد من مكِّوناتها من شركات أخرى وذلك لتوفير نفقات البحث والتطوير R&D. والشركات الأصغر، مثل Cyrix, MIPS and Tseng Labs، يمكن النظر إليها كبيوت تصميم أو محلات تصميم لإنتاج المنتجات الصناعية للشركات الأخرى.
ماذا سيجلب لنا هذا البحث، الذي لا ينتهي قط، عن الإبتكار التكنولوجي؟ الجواب المدهش للرياضيات الحديثة غير الخطية هو أن الاتجاهين نحو النظام والفوضى- البناء والتدمير، اختراع الجديد ونبذ القديم- يمكن نوعاً ما أن يحفظ أحدهما الآخر في توازن، وأن لا يبلغا نمطاً ثابتاً أبداً، ولا أن يتحولا قط إلى اضطراب تتعذر السيطرة عليه. يسمى ذلك التوازن "حافة الفوضى" the edge of chaos. فعلى الحافة، يمتلك النظام استقراراً كافياً لحفظ نفسه وإبداعاً كافياً للتطور(5).
وعلاوة على ذلك، فعلى تلك الحافة ثمة تنظيم ذاتي، وهو جانب من التطور لم يفهمه حتى دارون. إنه يتجاوز مبدأ البقاء للأصلح. ومع تزايد سرعة عاصفة ما، ربما تتطور إلى إعصار. ويتجه الإعصار على طول طريق ما، من باهاما باتجاه فلوريدا. ولكن الإعصار يتلاشى أخيراً. كما أن الطيور المهاجرة تطّور مقدرتها على إيجاد طريقها باتجاه نصف العالم. الحيوانات المستقرة في أراضيها تطّور أعضاء كالرئة. وتتطور شركة General Dynamics إلى واحدة من أكبر الشركات المتعاقدة في مجال دفاع الولايات المتحدة، ولكن أخيراً، العام 1992، يُتخذ قرار ببيع معظم أقسامها وإعادة توزيع العائد النقدي من ذلك على حاملي الأسهم. فالهياكل تتشكل عفوياً كما ينازع النظامُ الفوضى.
التطور لا يجري بسرعة واحدة قط وبصورة يمكن التنبؤ بها. فهناك إبداع متفجر، ولكن مع فترات خمول طويلة أو حتى انهيار. الثورة الصناعية هي أحد انفجارات الإبداع التقني الذي حدثَ في بداية القرن التاسع عشر. وباستخدام مصطلحات النظرية الديناميكية، فإنها مثّلت مرحلة انتقال a phase transition (أو انتقال/ تحول مرحلي).
فهل نحن الآن، في بداية التسعينات، نتجه صوب مثل هذا التحول الاقتصادي، صوب تحول مرحلي إلى عصر الاتصالات الفورية instant communications، والإنسان الآلي، والتقنية الحيوية؟ إذا كان الأمر كذلك، فإن الوضع الانتقالي سيتميز بالنظام والفوضى مقترناً بحركة تغير مستمرة في هياكل شركات زائلة. وأخيراً، يبرز وضع رأسمالي جديد من وسط هذه التغيرات المستمرة والهامة shakeout.

تحليل تجريبي لصناعة الحاسوب الأمريكية
بيانات الإنتاجية للشركات التي تنتج وتوزع منتجات الديجيتال تعكس الاضطراب الصناعي. فبعض الشركات تتمتع بنمو في الإنتاجية أسرع مما في سواها. وكما سنرى، قد لا يتواجد اتجاه في بيانات صناعة الديجيتال بحيث يمكنها أن تتجمع حول قيم مركزية كالمتوسطات. وبدلاً من ذلك، سيركز هذا التحليل على تخم التقنية (أو حد أو جيب أو صدر التقنية) technology frontier or envelope ، محدَّداً بأفضل الشركات أداءً في الصناعة. يتحقق التقدم التكنولوجي كلما اندفع الحد للأمام.
التخم (أو الحد) يمكن أن يتقرر بطريقة رياضية تسمى تحليل محفظة البيانات data envelopment analysis، اُكتشفت في أواخر السبعينات من قبل أ. جارنس A. Charness ودبليو. دبليو. كوبر W. W. Cooper. فالشركة الواقعة على الحد التكنولوجي هي شركة فعالة في تكاليفها cost effective، بمعنى أنها تنتج نواتجها بأقل نفقة على المدخلات. أي أنها تتمتع بـ "الكفاءة". منذ أيام آدم سمث وألفرد مارشال، كان الاقتصاد علم سلوك "الرجل الاقتصادي"، وهو فرد رشيد خيالي (أو متصوَر)، يزن كل أشكال السلوك الممكنة لتحقيق أعظم منفعة أو ربح ممكن، أو أي شيء مماثل. وهناك تعريف مستخدم على نطاق واسع يشير إلى أن الاقتصاد هو علم تخصيص الموارد المعطاة لتحقيق مجموعة من الأهداف المرغوبة.
ولكن الشركات المثالية الجزئية ليست جيدة تماماً عند حل مشكلة الأمثلية تلك optimizing problem. ومع ذلك، فهي جزء من الحقيقة التي ينبغي على الاقتصاديين التعامل معها. هذه الشركات ليست جيدة تماماً لتعظيم الربح. ومهندسوها قد لا يروا أو يفهموا الفرص التكنولوجية. وقد يكون مديروها قليلي الخبرة ببساطة. وبغية فهم العالم الحقيقي، نحتاج إلى نظرية إدارة تعمل عند الحد التكنولوجي الأكثر تطوراً cutting edge of technology، كما نحتاج أيضاً نظرية إدارة تعمل خلف ذلك الحد falling behind.
إن احتمال وجود "رجل غير اقتصادي"، وشركات تعمل خلف الحد التكنولوجي، أُمكن، طبعاً، تمييزه من وقت لآخر. فقد قدّرَ هربرت سيمون Herbert Simon، الحائز على جائزة نوبل، أن هناك شركات كثيرة قد لا تخفض تكاليفها لأدنى مستوى، ولكنها تختار، بدلاً من ذلك، تبني "السلوك المقبول" نوعاً ما satisficing behavior، أي السلوك الهادف لتحقيق الأرباح "المقبولة" وليس الأرباح القصوى. ومع ذلك، فقد حققت طريقة تحليل محفظة البيانات data envelopment analysis ثورة في علم الاقتصاد. إذ يتمكن الاقتصاديون، لأول مرة، من قياس هذه الأمور بصورة تجريبية. فالشركات الواقعة على الحد التكنولوجي تُقدَر كفاءتها بقيمة 1، والشركات الواقعة خلف الخد التكنولوجي تكون كفاءتها أقل من الواحد(6). ولغرض التوضيح، سنلقي نظرة سريعة على بعض النتائج التي تم تحصيلها من صناعة الحاسب الآلي في الولايات المتحدة خلال الفترة 1980-1991. تقوم حسابات محفظة البيانات envelopment calculations على بيانات مالية قياسية من حسابات الإيرادات والميزانيات العمومية ل 120 شركة تجارية. يقيس برنامج الحاسوب الأداء النسبي لسهم كل شركة حاسوب(7).
أولاً، تم اختيار عدد من مؤشرات الأداء (النواتج) كالمبيعات الكلية، والإيرادات، ورسملة السهم (القيمة السوقية للأسهم البارزة التي تعود للشركة). مؤشرات أخرى تقيس مدخلات العملية الإنتاجية، كالعاملين، ومصروفات البيع والإدارة، واستثمارات رأسمالية، ونفقات البحث والتطوير. ورغم أن هذا التحليل يبدو وكأنه قائمة طويلة، فهو، مع ذلك، لا يمثل سوى اختزال أولي للمشكلة.
تبين نتائج حسابات محفظة البيانات أن بضع شركات حققت بصورة نظامية إنجازات قصوى من ناحية كفاءتها الإنتاجية. ومن بين الشركات ألـ 11 هذه، تبرز الشركات seagate Technology Apple Computer,Compaq Computer, . كان موقع شركة Apple على التخم في كل سنة عدا سنة 1989. قلة من الشركات الرابحة (مثل شركة Dell المدرّجة في قائمة Wall Street منذ سنة 1989) هي شركات مبتدئة حديثاً ولديها سجل أقصر.
ولكن هذه كانت استثناءات. فالغالبية العظمى من الشركات ألـ 120 محل البحث كانت دون مستوى الكفاءة inefficient، أي أنها كانت خلف الحد التكنولوجي معظم الوقت. وهي لم تستخدم أفضل سياسة متاحة. فهي تمثل الإدارة المثالية الجزئية. وتتضمن القائمة أسماء معروفة في صناعة الحاسوب مثل Amdahl Corp., Data General Corp., Digital Equipment, Hewlett Packard, Sun Microsystems, Unisys, and Wang. IBM كانت على الحد التكنولوجي في بداية الثمانينات، ولكنها تراجعت إلى الخلف بحلول العام 1984.
كانت شركة Sun Microsystems، التي تأسست العام 1982، واحدة من أبرز نجوم شركات الحاسب الآلي. بعد إدراجها في قائمة Wall Street العام 1985، تضاعفت مبيعات هذه الشركة أكثر من 20 مرة خلال السنوات الخمسة التالية. ومع ذلك، كانت الشركة دون مستوى الكفاءة في كل سنة، قابعةً بشكل ثابت خلف حد التكلفة الفعالة cost-effectiveness frontier. كيف يمكن أن يحصل هذا؟ الجواب هو أن إدارة شركة Sun ضحّت بشكل واعٍ بفعالية التكلفة في الأجل القصير لتحقيق نمو سريع في الأجل الطويل. وكانت Sun تنعم وتستفيد من خطها لمحطات تشغيل الحاسوب، الناجح جداً، الذي تم بناءه حول برمجية UNIX (الذي طورّته شركة AT&T أصلاً).
التاريخ الحديث للحواسيب هو تاريخ بضع شركات ناجحة جداً، مثل Apple, Cray, Microsoft and Sun، التي نمت بمعدلات لا تُصدَق خلال المراحل الأولى من دورات حياتها. وهذه المعدلات كانت عمليات عدم توازن متشعبة (أو متباعدة) divergent بشكل جامح. إذ ثوّرت هذه الشركات صناعتها. ومع ذلك، وحتى أثناء مرحلة انفجارها، لم تستطع بلوغ الحد الستاتيكي. إن ثورات التكنولوجيا العظيمة تكون متمردة، وتتجاوز بخيلاء وتباهٍ المفهوم المحاسبي الضيق للتكاليف الفعالة!

الجدول 1-6شركات الحاسوب ذات الفعالية القصوى خلال سلسلة زمنية طويلة في الفترة 1980-1991
Apple Computer Dell Computer Corp. Quantum Corp.
Atari Corp. Floating Point Systems Seagate Technology
Compaq Computer Corp. National Computer Silicon Graphics
Conner Peripherals Systems Stratus Corp.
ملاحظة: على أي منشأة، لكي يتم شمولها بهذا الجدول، أن لا تكون درجة كفايتها أقل من 1 إلاّ لمرة واحدة.

إذاً، من يقود التقدم نحو المجهول التكنولوجي؟ أليست هي تلك الشركات التي تقع عند حد التكلفة الفعالة، أم تلك الواقفة على الخط الثاني والجاهزة للانقضاض، تنطلق وتندفع لتصل إلى المقدمة؟ وكما سيدرك القارئ، فإن ديناميكا المعركة معقدة. ليس هناك قائد أعلى ميداني، حاملاً بيده عصا الجنرالات، وممتطياً جواده الأبيض، ومشيراً لجنوده نحو خط الهجوم. فكل واحد هو مدير تنفيذي رئيسي لنفسه. ليس هناك سوى أمر مؤكد واحد: مَنْ يقبعون بعيداً في الخلف، سيترنحون.
مع إهمال المفاهيم النمطية للتوازن، فإن الاقتصاديين العاملين في معهد Santa Fe Institute طوّروا نوعاً جديداً من النظام الاقتصادي مع "انتقادات إيجابية"، كازدهار سوق العقارات وانهيارات سوق الأسهم. وما أن تبدأ هذه الأنظمة بالعمل، فأنها تتضاعف مغذيةً نفسها بنفسها، إلى درجة معينة. ويبرز النقد الإيجابي في اقتصاد ما حينما تكون هناك عوائد متزايدة بالنسبة للحجم. عند هبوط متوسط تكاليف الإنتاج لبعض المنشآت مع تزايد الناتج، سيجد مديرو تلك المنشآت أن من المربح توسيع حجم عملياتهم. النواتج وحصص المنشآت الفردية من السوق سوف تدفع باتجاه مسار ديناميكي للنمو إلى حد ما(8).
إن الدوران السريع لدورات السلعة يقوّي نفسه بنفسه بمعنى أنه يميل لزيادة معدل تطوير السلعة أكثر. وإذ يراقب المديرون منافسيهم وهم يغرقون السوق بسلع ذات تصميمات جديدة ومتطورة، فإنهم يدركون بأن ماركاتهم هم brands سيتم هجرانها حتى على نحو أسرع مما كان متوقعاً أصلاً. ولكي يحافظوا على حصتهم من السوق، فسيترتب على كل منافس أن ينفق المزيد من الموارد على البحث والتطوير وأن يسّرع بمشروعاته المختلفة التي هي تحت التطوير أصلاً.
تُقدم طريقة تحليل محفظة البيانات envelopment analysis، الموصوفة سابقاً، فرصةً لتحديد الإمكانية الكامنة لتزايد العوائد بالنسبة للحجم. إذ يتبين بأن العوائد بالنسبة للحجم تميل للتغير بصورة نظامية مع دورة حياة تقنية ما. ففي بداية الدورة، تكون هناك عادةً عوائد كبيرة بالنسبة للحجم. الشركات المبتدئة، الشابة والمتوسعة، تنعم بعوائد متزايدة. ولكن مع نضوج تلك التقنية، لابد من استبدالها حالاً بجيل أحدث. وإذا تخلفت الشركة عن تحديث تقنيتها، ستجد نفسها في وضع تتدنى فيه عوائدها بالنسبة للحجم. وفي تلك اللحظة، فإن الخيار هو التراجع أو عمل كل جهد ممكن لاستعادة المبادرة التقنية.
العوائد المتزايدة هي الحالة العادية تماماً في بداية دورة حياة الشركة، وتأتي حالاً بعد إدخالها في قائمة Wall Street. كانت هناك 33 شركة حاسوب في قاعدة البيانات database العام 1980؛ ومن بين الشركات ألـ 87 الباقية التي دخلت قاعدة البيانات العام 1981 أو بعد ذلك، أظهرتْ 29 شركة عوائد متزايدة بالنسبة للحجم عند الدخول في السوق، وأظهرتْ 44 شركة عوائد ثابتة تماماً بالنسبة للحجم. وفي أي من الحالتين، دخلت هذه الشركات قاعدة البيانات بطريقة النمو المحتمل. إن تناقص العوائد بالنسبة للحجم في وقت العروض العامة الأولى IPOs قد ينطوي على تناقض؛ فهو ليس أمراً عادياً.
وكنتيجة طبيعية، يمكن أن نلاحظ بأن الشركات التي تحقق عوائد متزايدة قليلة تماماً. الشركة الأكبر التي حققت عوائد متزايدة العام 1991 كانت شركة CMS Enhancements التي كانت مبيعاتها 130مليون دولار. العديد من هذه الشركات حققت مبيعات أقل من 10 مليون دولار.
تحقق شركات عديدة عوائد متزايدة لفترات مطولة، كما هي موصوفة في الجدول 6-2. لاحظْ بصفة خاصة شركة Symbol Technologies. وإذ حققّت، عند انطلاقها، عوائد متزايدة لسنوات عدة (مع نمو المبيعات من 2.4 مليون دولار العام 1980 إلى 8.7 مليون دولار العام 1987)، فقد دخلت هذه الشركة مرحلة الكفاءة والنمو السريع (حيث زادت مبيعاتها من 13.9 مليون دولار العام 1985 إلى 319.4 العام 1991).

جدول 6 -2 السنوات التي شهدت وفورات متزايدة بالنسبة للحجم
ممثَلة في العينة منذ السنوات التي تحققتْ فيها العوائد المتزايدة بالنسبة للحجم
Astro-Med 1980 1984-88
Datasouth Computer 1983 1984-88
Genisco Technology 1980 1980-81, 1985, 1987-91
IX Systems 1987 1987-91
PCPI 1984 1985-90
Scan Graphhics 1987 1987-91
Symbol Technologies 1980 1981-84
Tridex 1984 1985-91
Vertex Industries 1987 1987-91
ملاحظة: يتضمن الجدول الشركات التي حققت عوائد متزايدة بالنسبة للحجم لخمس سنوات متتالية، على الأقل.

النموذج الأصلي لدورة حياة ناجحة لشركة تنتج منتَجاً واحداً يأخذ النمط التالي، كما يبدو: دخول السوق بعوائد حجم متزايدة، يتبعها مسار نمو مستقر مع عوائد ثابتة بالنسبة للحجم.
عند توصيف النتائج التجريبية بإيجاز، ترد كلمة واحدة: الاستقطاب. وبعيداً عن الشركات الأعلى كفاءةً- أي الشركات الواقعة عند حد الكفاءة efficiency envelope- تنقسم الصناعة إلى معسكرين متميزين: الشركات التي تحقق عوائد حجم متزايدة بالنسبة للحجم والشركات التي تحقق عوائد حجم متناقصة بالنسبة للحجم. المعسكر الأول يتألف من الشركات الصغيرة والشابة والتي تأسست حديثاً وتقع في بداية دورات حياتها. ونظراً لوجود عوائد متزايدة بالنسبة للحجم في هذه الشركات، فإنها تمتلك الحافز المالي للنمو. (تَذَكّرْ بأن متغيرات الناتج مالية كلها)
أثناء الفترة المعنية، بدأ عدد كبير من شركات الحاسوب الجديدة نشاطه. فمن بين الـ 102 شركة التي مُثلت في العينة العام 1991، فإن 28 شركة فقط كانت موجودة العام 1980. (خمس شركات إضافية كانت موجودة العام 1980 ولكنها انهارت أخيراً). وكما رأينا، أغلبية الشركات المبتدئة أظهرتْ، على الأقل في بداية دورة نشاطها، عوائد غير متناقصة بالنسبة للحجم. والكثير من الشركات المبتدئة كانت قادرة على البقاء في مرحلة النمو تلك خلال الفترة محل البحث. فمثلاً، دخلت شركة IX Systems قاعدة البيانات database العام 1987 واستمرت تحقق حصيلة منخفضة جداً في السنوات التالية. والشركات المبتدئة الأخرى التي أظهرت عوائد غير متناقصة بالنسبة للحجم في كل سنة هي: Alpharel, Datasouth Computer, Masstor Systems, Mylex, Scan Graphics, Science Accessories, Sulcus Computer, and Vertex Industries .
تركز الشركات المبتدئة نشاطاتها على منتَج واحد أو بضع منتجات فقط؛ ويُحتمل أن تمر مبيعات كل واحدة من هذه الشركات بمنحنى انتشار متميز، وهي تتجاوز أخيراً المرحلةَ الابتدائية هذه وتدخل مرحلةَ النمو والنضوج اللاحق. وبينما تفعل الشركات ذلك، فإن تحقيق المزيد من النمو يعتمد على قدرة الشركة على أن تُطلق، في التوقيت المناسب، أجيالاً ناجحة جديدة من المنتَج الأصلي. أي، أن العامل الاستراتيجي الذي يقرر النجاح أو الفشل هو إدارة دورة المنتَج. فإذا لم تكن الشركة قادرة على توليد سلسلة متواصلة من المنتَج الجديد على أساس التكلفة الفعالة في مجال تقنيتها، تقبع عندئذ خلف منافسيها. وسيهبط معدل كفاءتها، وسوف تظهر الآن وفورات متناقصة بالنسبة للحجم- أي أن الشركة قد نمت بسرعة شديدة وبالغت جداً في توسعها.
يتضمن المعسكر الآخر للصناعة شركات مستقرة وناضجة، بلغت، عادةً، حجماً معتبراً، وهي تصّنع وتسّوق مجموعة واسعة من المنتجات. وتحقق هذه الشركات عوائد متناقصة بالنسبة للحجم، أي أنها نظرياً ينبغي أن تكون قادرة على بلوغ الوضع الأمثل وفق النظرية الكلاسيكية الجديدة. ولكن مع تحقيق معدل كفاءة دون الوحدة، فالتحليل يبين لنا أنها فشلت في بلوغ ذلك الوضع، وتُظهر العديد منها علامات تدل على الخطر الشديد (هبوط المبيعات والخسارة).
تواجه الشركات المعمرة مهمة ضخمة: فإذ تسوّق مجموعةً واسعة من المنتجات، فينبغي عليها ترقية أو تجديد عدد كبير من المواد في خط إنتاجها سنوياً. وتشير الشواهد إلى إن معظم الشركات الكبيرة تواجه صعوبات في المحافظة على التكلفة الفعالة، رغم أنها تقوم بإنجاز برامج واسعة لقاعدتها في مجال البحث والتطوير. وبالمعنى الضيق، قد تكون هناك وفورات حجم من عملية بحث وتطوير أكبر وليس من عملية بحث وتطوير أصغر (استخدام أفضل للباحثين، وتوزيع المخاطرة بين عدد كبير من مشروعات التطوير)، ولكن الشركات الصغيرة التي تشغل مواضع تكنولوجية عالية التخصص غالباً ما تتمكن، رغم ذلك، من التنافس مع الشركات العملاقة والتفوق عليها. أحد الأسباب قد يكمن في وجود وفورات قوية من التخصص في البحث والتطوير. والسبب الآخر، طبعاً، هو أن الشركات ذات الموضع الملائم التي لا تحقق النجاح تخرج من السوق بسرعة بحيث لا تبقى فيه سوى الشركات الناجحة. وفي دراستنا، فإن 13 شركة حاسوب قد خرجت من العينة العام 1991؛ ولم تكن من هذه الشركات سوى اثنتان العام 1980.
والاستنتاج هو: إن الشركات من معسكر عوائد الحجم المتناقصة قد تراجعت وتفوقت عليها أسراب الشركات المبتدئة الصغيرة.
المشاهدات التي قمنا تواً بتوثيقها تناقض النظرية الاقتصادية الكلاسيكية الجديدة، التقليدية. فليس هناك "توازن" واضح في هذه الصناعة. من بين 120 شركة، بقيت شركتان فقط في تخم التوازن النظري خلال تلك السنوات (Apple and Cray Research). الصناعة تتصف بالاضطراب turbulence. ونؤكد بأن أساس هذا الاضطراب هو مواجهة بين المنتجات الفردية والتقنيات القائمة في مختلف دورات حياتها. وعلى نحو غير مباشر، إنها مواجهة بين شركات فردية بات بعضها أكثر فعالية من الشركات الأخرى في إدارة دورة منتَجها: بعض الشركات تقع في مرحلة الصعود (أو الازدهار) من دوراتها upswing، بينما تكابد الشركات الأخرى لأن منتجاتها بلغت مرحلة النضوج والزوال النهائي.

مستقبل الاقتصاد القائم على المعرفة
إذ يتابع مراقبون كثيرون كيف أن اقتصاديات العالم المتطورة أصبحت مدفوعة الآن بنمو لا مثيل له برأسمال المعرفة knowledge capital، فإن كثيراً منهم يسألون أنفسهم عما إذا كان هذا النمو سيستمر أم لا. هل أن الألفية الجديدة تبشّر بعصر النمو العنيف، ولكن المستديم، أم أنها ستشهد، أخيراً، انهياراً عظيماً من نوع كساد الثلاثينات؟ وكما لاحظنا، عندما تكون الآليات المدعَّمة ذاتياً في حالة عمل، فليس هناك سوى سبب ضئيل لتوقع أن يكون المسار الناشئ للنمو منظَّماً orderly وخطياً. وحتى لو ضمنا بأن تحولاً مرحلياً كبيراً هو في الطريق الآن، فما هو هذا التحول القادم: أهو ازدهار أم انهيار؟ هل يمكن لأسواق الأسهم في العالم الاستمرار بتسلق ارتفاعات شامخة أبداً، مدفوعةً بثورة الديجيتال، أم أن تراجعاً ضخماً يقبع في الانتظار؟
هناك وجهتا نظر متطرفتان ومتعاكستان. لغاية الوقت الحاضر، اعتمدت اقتصاديات الولايات المتحدة والاقتصاديات الغربية الأخرى على إمدادات ضخمة من الموارد كالفحم، والغاز الطبيعي، والحديد والمعادن الأخرى، والطاقة الهيدروكهربائية، والأراضي الصالحة للزراعة والغابات الملائمة لقطع الأخشاب. ولأن هذه الموارد محدودة، فإن أسعارها يمكن أن ترتفع عند تسارع نمو الاقتصاد، مما يؤدي إلى حركات دورية في أسعار الموارد وبالتالي إحداث انهيار بالنسبة للمعدل الممكن لنمو الاقتصاد الكلي. ومع ذلك، فما دام رأسمال المعرفة قد بات المحرِّك الأكبر للاقتصاد الحديث، ولأنه لا توجد حدود واضحة على تكوين رأسمال المعرفة الجديد، فمن السهل القول بأن الكثير من القيود المفروضة على الاقتصاد الصناعي السابق قد زالت الآن. إن الإنتاجية الحدية لرأسمال المعرفة يمكن أن تكون متزايدة بالفعل، وليست متناقصة. وعليه، ومن حيث المبدأ، يجب أن يكون ممكناً دعم مسار نمو كل الاقتصاد بزيادة كل من رأسمال المعرفة وناتج المعرفة (أي ذلك القسم من الناتج القومي الإجمالي الذي يمكن رده لرأسمال المعرفة) معاً in tandem، دون أن تكون هناك أي حدود على ذلك في الأفق المنظور.
يشير الرأي الآخر إلى الطبيعة غير المنظَّمة disorderly لاقتصاد المعرفة. يمكن لاقتصادٍ غير خطي أن يمتلك حلولاً متعددة، أي مسارات مستقبلية متعددة على شكل بدائل. قد يكون هناك مرشحون كثيرون لحالة التعزيز الذاتي طويلة الأمد؛ وأن تراكم الأحداث العشوائية الصغيرة يمكن أن يدفع النظام نحو مسارٍ باتجاه الانهيار النهائي. وكما أن المنتجات الفردية تدخل أخيراً في مسار تدني الإقبال عليها وتراجعها، فإن النظام ككل يمكنه أيضاً أن يندفع نحو مسار التراجع المتزامن. وهذا ما حدثَ مع صناعة شبه الموصلات semiconductor industry في عامي 1984-1985، حينما توسعت طاقاتها الإنتاجية بشكل مفرط على مستوى عالمي. ولا يتطلب الأمر خيالاً واسعاً لتصور إمكانية الانهيار المتزامن لكل صناعات الديجيتال في وقت واحد، من صناعة الاتصال إلى صناعة الحاسوب.
وعند تأمل هذه القضايا، فإن "الاستثمار المفرط" overinvestment هو أحد الأمور التي ينبغي الاهتمام بها. هل يمكن أن يكون هناك استثمار مفرط في رأسمال المعرفة، أي فيض في رأسمال المعرفة يقود أخيراً إلى كساد السوق؟ للإجابة على هذا السؤال، دعوني أولاً أن استعرض الجوانب المعروفة من الاستثمار المفرط في رأس المال "الصلب"، المألوف، hard capital كالاستثمار في صناعة الحديد، والبواخر، والبناء. الاستثمار المفرط يحدث لأنه يأخذ وقتاً لبناء وتشييد رأس المال الصلب (كبناء أحواض السفن والسفن) كاستجابة لزيادة الطلب. وحينما يكتمل أخيراً رأس المال المفرط ويدخل السوق، تنهار الأسعار ويظهر الفائض في العرض (تكون السفن عندئذ قد تراكمت). إن كلاً من التغيرات في الطلب والتغيرات في السعر تميل للتصاعد، كلما اتجهنا نحو الأعلى من سلسلة الإنتاج العمودي: فالتغييرات الصغيرة في أسواق السلع الاستهلاكية تميل لخلق تغيرات كبيرة في أسواق رأس المال. والزيادات الصغيرة في الطلب الاستهلاكي تقود نحو الإفراط في تكوين رأس المال، وتعمل بذلك عل تحضير المسرح للفائض النهائي في السوق.
إن هذه الآليات الكلاسيكية ما تزال إلى حد ما، كما يبدو، تسري على صناعة الديجيتال ؛ تأملْ المثال السابق عن صناعة شبه الموصلات. ومن السهل إيراد أمثلة أخرى. فالزيادة في مبيعات "الفيديو عند الطلب" (أسلاك مشتركة تبث نحو الفيديو عبر شبكة متداخلة)، مثلا، يمكن أن تقود إلى إنتاج مفرط من الأفلام، وتشييد استوديوهات جديدة للأفلام في هوليود ربما لا تكون قابلة للحياة في المدى الطويل. إن الزيادة في الطلب على برامج التعليم بواسطة Internet ربما تؤدي إلى زيادة مفرطة في إقامة المكتبات الإلكترونية. مثال ساطع آخر يمكن ملاحظته في حقل التقنية الحيوية. ففي بداية التسعينات، قاد الطلب على المنتجات الصيدلية التي تمت هندستها جينياً إلى انهيار الشركات المبتدئة للتقنية الحيوية الجديدة في الولايات المتحدة. فالعديد من العروض العامة الأولى الجديدة لم تتوقع حصول مبيعات وإيرادات عاجلة، بل كانت مجرد شركات بحوث. فقد كان في السوق عرض مفرط من رأس المال في حقل بحوث التقنية الحيوية biotech. ولكن النتيجة كانت واضحة في الحال: انخفاض أسعار الأسهم في كل صناعة التقنية الحيوية.
وأخيراً، فإن الطلب هو المحِّرك لتكوين رأسمال المعرفة: الطلب على المعلومات، على التعليم، وعلى التسلية. وإن انفجار الطلب على منتجات المعرفة هو الذي يحرك انفجار صناعة المعرفة. فهل يمكن لهذا الطلب الانفجاري أن يدوم، أم ستكون هناك، أخيراً، تخمة وركود؟
وإلى حد بعيد، فهذه مشكلة إدارية، مسألة توجيه جهود تطوير الإنتاج والتسويق على نحو يستجيب لرغبات المستهلك. وإن بقاء الأعمال في صناعة مضطربة أمر ممكن، ولكنه يتطلب نوعاً جديداً من الإدارة، أكثر تفهماً للسوق، وإمكاناته الكامنة، وحدوده.
الكثير من المنتجات ذات التقنية العالية تعتبر "كمالية" بمعنى أنها تمتلك مرونات دخل عالية. ولكن من المدهش أن عدداً من منتجات المعرفة تبدو، على العكس، من قبيل الأشياء الضرورية بحيث يقبل على شرائها حتى المستهلكون ذوو الدخول الضئيلة: أجهزة التلفزيون، ألعاب CD، آلات VCR، أجهزة الفيديو. كما يمكنني أن أفترض بأن مرونات انجل Engel elasticities لمنتجات المعرفة، مثل CD-ROMs والألعاب الالكترونية، تهبط بسرعة. والنتيجة ستكون حصول زيادة في الطلب على هذه المنتجات.
الجزء الأعظم من الطلب الكامن على صناعة المعرفة يقع عبر البحار. الولايات المتحدة هي القائد العالمي في تطوير برامج الحاسوب، والاتصالات عن بعد، وديجتيال التسلية. العالم بكامله هو سوق لمنتجات المعرفة الأمريكية. ولذلك، وبمعنى واقعي جداً،، فإن الطلب الذي يواجه شركات المعرفة الأمريكية هو طلب لا نهائي. يظهر أن هناك طلباً عالمياً نهماً على الأخبار، والأفلام، والتلفزيون، والبرامج التعليمية للولايات المتحدة.
يمكن التكهن بأن سبب القيادة الأمريكية للعالم في حقل صناعة المعرفة يعود، إلى حد ما، إلى تفاؤل الأمريكان وقدرتهم على اتخاذ الموقف. فليس بوسع أي بلد آخر أن يجاري تكاثر الشركات الصغيرة المبتدئة في الولايات المتحدة. وعلى أي حال، فمن الواضح أن الولايات المتحدة تتمتع "بمزايا نسبية" قوية comparative advantages في تكوين ونشر رأسمال المعرفة، بمعنى المذهب الكلاسيكي للميزة النسبية. وإذا كانت هذه الميزة لها جذور في الخصائص الوطنية الأساسية، فهناك إذاً سبب للاعتقاد بأن هذه الميزة العالمية ستستمر طويلاً في القرن الحادي والعشرين، بحسب رأيي.
من السهل تصور سيناريو للمستقبل تكون فيه الولايات المتحدة قائدة هائجة للتقدم التكنولوجي العالمي وعاملةً على نشر رأسمال المعرفة في ربوع العالم. من الواضح أن هذه الصورة لا تمنع التطور السريع لإنتاج رأسمال المعرفة في البلدان الأخرى (كالتقدم السريع للاتصالات عن بعد في فرنسا، مثلاً) وفق نموذج: مركز قائد وتطورات تابعة في الأطراف. ومع ذلك، ومع نمو قطاع المعرفة، وطنياً وعالمياً، فإن نموذج عدم التوازن سيكون المفتاح لفهم أحداث المستقبل.
هوامش
يعتمد هذا الفصل على محاضرة قدمّها الكاتب في معهد Institute Superior Tecnico, Lisbon في 18 آذار 1997، والتي دشّنَ بها كرسي الأستاذية، الجديد، في مادة التسيير التجاري للعلم والتكنولوجيا التي منحتها رابطة Luso-American Development Foundation.
(1) J. Yorke and T. Y. Li, ‘Period Three Implies Chaos,’ American Mathematical Monthly 82 (1975): 985-992.
السلاسل التجريبية لدورات الحياة، كتلك الموضحة في الجدول 6-1، يمكن إيجادها لدى: J. A. Norton and F. M. Bass, A Diffusion Theory Model of Adoption and Substitution for Successive Generations of High Technology Products, Management Science (September 1987): 1069-1086 (for computer chips), and in J. A. Norton and F. M. Bass, Evolution of Technological Generations: The Law of Capture, Sloan Management Review (winter 1992): 66-77 (disk drives, recording media, beta blockers).
(2) التجربة المعمولة باستخدام الحاسوب computer simulation ، الموضحة في الشكل 6.2، كانت وفق الآتي:
دع X ترمز إلى مبيعات الجيل الأول، Y مبيعات الجيل الثاني، Z مبيعات الجيل الثالث من المنتَج. القيم الأولية وُضعت كما يلي:
X= 0.001, Y= 0.0001, Z= 0.00001. وعلاوة على ذلك، أُفترض بأن المبيعات في أي شهر تالٍ (الرمز + 1 ) ترتبط بمبيعات الشهر السابق من خلال المعادلات X+1= 2X(1-X-Y-Z)-0.1X, Y+1= 3Y(1-X-Y-Z)-0.25Y, Z+1= 3.75Z(1-X-Y-Z)-0.4Z
لمزيد من التفصيل،أنظر S. Thore, The Diversity, Complexity, and Evolution of High Tech Capitalism (Boston: Kluwer Academic Publishers, 1995), Chapter 7.
(3) الفرضيات الرقمية للشكل 6-3 هي نفسها في الشكل 6-2، فيما عدا إن مبيعات الجيل الثالث من المنتَج أخذت الصيغة التالية:
Z+1= 4.35(1-X-Y-Z)-0.4Z.
(4) حول مفهوم "حافة الفوضى"، أنظر M. M. Waldrop, Complexity: The Emerging Science at the Edge of Order and Chaos (New York: Simon and Schuster, 1993), and R. Lewin, Complexity: Life at the Edge of Chaos (New York: Macmillan, 1993).
(5) للإطلاع على مسح حديث لطريقة تحليل محفظة البيانات data envelopment analysis، أنظر الفصل التمهيدي من:
A. Charnes, W. W. Cooper, A. Y. Lewin and L. M. Seiford, eds., Data Envelopment Analysis: Theory, Methodology and Applications (Boston: Kluwer Academic Publishers, 1994).
(6) دراسة صناعة الحاسوب الأمريكية، المذكورة في متن الكتاب، تم وصفها في:
S. Thore, G. Kozmetsky, and F. Philips, DEA of Financial Statements Data: The U.S. Computer Industry, Journal of Productivity Analysis 5 (1994): 229-248, and S. Thore , T. W. Ruefli, and P. Yue, DEA and the Management of the Product Cycle: The U.S. Computer Industry, Computers and Operations Research 23 (1996): 92-99.
(7)See W. B. Arther, Competing Technologies, Increasing Returns, and Lock -in by Historical Events, Economic Journal (March 1989) and "Positive Feedbacks in the Economy, Scientific American (February 1990): 92-99.
(8) فيما يخص النتائج المتعلقة بوفورات الحجم في صناعة الحاسوب الأمريكية، فإنها مبيَّنة في:
S. Thore, ‘Economies of Scale in the U.S. Computer Industry: An Empirical Investigation Using Data Envelopment Analysis, Journal of Evolutionary Economics 6 (1996): 199-216.
البيانات في الجدول 6 -2، وفي متن الكتاب، كلها منقولة من هذا العمل.


اقتصاد القرن الحادي والعشرين: الآفاق الاقتصادية- الاجتماعية لعالم متغير، تحرير
وليام اي. هلال (و) كينيث ب، تايلور، ترجمة: د. حسن عبدالله بدر (و) د. عبدالوهاب حميد رشيد،
المنظمة العربية للترجمة- بيروت- ISBN: ISBN 978-91-633-2084-2



#عبدالوهاب_حميد_رشيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اقتصاد القرن الحادي والعشرين- الفصل الخامس
- اقتصاد القرن الحادي والعشرين ج1-ف4
- اقتصاد القرن الحادي والعشرين- ق1/ف3
- اقتصاد القرن الحادي والعشرين- ق1/ف2
- اقتصاد القرن الحادي والعشرين/ ق1-ف1
- اقتصاد القرن الحادي والعشرين- المقدمة
- اقتصاد القرن الحادي والعشرين
- الأحوال الاجتماعية للجالية العربية في السويد.. الخاتمة والمل ...
- الأحوال الاجتماعية للجالية العربية في السويد.. ق2- ف5/ ف6
- الأحوال الاجتماعية للجالية العربية في السويد.. ق2: ف3- ف4
- الظروف الاجتماعية للجالية العربية في السويد- ق2- ف1-ف2
- الأحوال الاجتماعية للجالية العربية في السويد- ق1.. ف7- ف8
- الأحوال الاجتماعية للجالية العربية في السويد- ق1.. ف5، ف6
- الأحوال الاجتماعية للجالية العربية في السويد: ق2/ ف3- ف4
- الشرطة المصرية تقتل 34، وتُعذب 88 في المئوية الأولى لحكم مرس ...
- الأحوال الاجتماعية للجالية العربية في السويد:ق1/ ف1-ف2
- العراق يُسجل ارتفاعاً كبيراً في التشوهات الخلقية للولادات
- الأحوال الاجتماعية للجالية العربية في السويد ق1/ف1
- القرار الغامض لتدمير الأنفاق
- حضارة وادي الرافدين- الفصل العاشر- المؤسسة الدينية


المزيد.....




- تباين في أداء أسواق المنطقة.. وبورصة قطر باللون الأخضر
- نشاط الأعمال الأميركي عند أدنى مستوى في 4 أشهر خلال أبريل
- -تسلا- تعتزم تسريح نحو 2700 موظف من مصنعها.. بهذه الدولة
- وزير ليبي: نستهدف زيادة إنتاج النفط إلى مليوني برميل يوميا
- غدا.. تدشين مكتب إقليمي لصندوق النقد الدولي بالرياض
- شركة كورية جنوبية عملاقة تتخلف عن دفع ضريبة الشركات لأول مرة ...
- تقرير : نصف سكان العالم يغرقون في الديون
- مصر تزيد مخصصات الأجور إلى 12 مليار دولار العام المالي المقب ...
- وزير اقتصاد إيران يزور الرياض الأسبوع المقبل
- رويترز: توقع انخفاض النمو الاقتصادي للسعودية في 2024


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عبدالوهاب حميد رشيد - اقتصاد القرن الحادي والعشرين- الفصل السادس