أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - حكمة الضوء وشهادة التاريخ














المزيد.....

حكمة الضوء وشهادة التاريخ


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 3934 - 2012 / 12 / 7 - 20:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حكمة الضوء وشهادة التاريخ
كلمة الدكتور عبد الحسين شعبان في الاحتفال التكريمي للشهيد منصور الكيخيا *

أيّتها السيّدات أيّها السّادة
عائلة الشهيد
الدكتور محمد المقريف رئيس المؤتمر الوطني الليبي
دولة رئيس الوزراء الأستاذ علي زيدان
أصحاب المعالي والسعادة
*******
أيّها الحفل الكريم
ها نحن نلتقي اليوم في احتفال تكريمي مهيب في حضرة منصور الكيخيا وفي طرابلس، لنعلن أنه رحل شهيداً بعد التأكد من وجوده الفعلي بفضل نجاح ثورة 17 فبراير (شباط) 2011 وبعد العثور على جثته وإجراء الفحص المختبري للحمض النووي.
لعلّ سؤالاً ملحّاً ظلّ يراود أذهان الكثيرين كل سنوات اختفائه القسري التسعة عشر ألا وهو: لماذا تستبدل الدولة مهمّاتها بمهمّات قاطع طريق، فتخطف تحت جنح الظلام مواطناً أعزلاً أو مثقفاً مسالماً، في حين أنها مدجّجة بالسلاح والمال والمخبرين والسجون .
وعلى الرغم من معرفتها أن الشبهات تحوم حولها، بل تلاحقها الاّ أنها كانت تراهن على الصمت وضعف الذاكرة والنسيان. ولعلّ أخشى ما كانت تخشاه هو حكمة الضوء التي تكشف المستور، وتظهر الحقيقة ساطعة، وتفضح أصحاب "الصناديق السوداء" وغلاظ القلوب ومعهم الزّيف المعتّق والخداع المزمن والسّريّة المقيتة.
إن هدف هذا الإستذكار هو كشف الحقيقة وإدانة المرتكبين ومساءلتهم وتعويض الضحايا وعوائلهم معنوياً وماديّاً ومجتمعيّاً وإنسانيّاً، وجبر الضرر، ووضع حد لهذه الجرائم كي لا تتكرّر، وذلك بإصلاح الأنظمة القانونيّة والقضائيّة والأمنيّة.
إن الغاية من هذه الإستعادة الإنسانيّة لا تستهدف الإنتقام أو الثّأر أو الكيديّة أو التحريض بقدر بحثها عن العدالة الغائبة أو المفقودة، وبلا أدنى شك الحوار حول أفضل السبل للعدالة المنتظرة والموعودة .
كان المشروع الفكري التنويري لمنصور الكيخيا يقوم على العقلانية والديمقراطية والمدنية كثلاثية لا انفصال بينها لإنجاز التغيير المنشود ولتفكيك بُنية الإستبداد، خصوصاً باعتماد وسائل سلمية وحضارية، وبممارسة مختلف الضغوط المشروعة لفتح ثغرة في جدار التسّلط والإستئثار والفردية .
وأعتقد أن القذافي كان يدرك جدية وفاعلية مثل هذا التوجّه اللاعنفي الإنساني والحقوقي، ولاسيما التعبير عن الرأي، وكان يخاف من اتساع دائرة الضوء لأنه حريص على إخفاء الحقيقة، أو تشويهها مثلما هو حريص على الصمت والنسيان.
ولهذه الأسباب أيضاً إستهدف شخصياً ورمزياً منصور الكيخيا، لأنه شعر بخطورة دور المثقفين والحقوقيين الليبيين، مثلما استهدف المثقفين والحقوقيين العرب، خصوصاً وأن منصور الكيخيا عضو مؤسّس وفاعل في المنظمه العربيه لحقوق الانسان، وممثل اتحاد الحقوقيين العرب في الأمم المتحدة في جنيف (ونيويورك)، وله دور مهم في اتحاد المحامين العرب.
كان منصور الكيخيا المثقف والحقوقي أكثر من يعرف قسوة النظام السابق، ولكن لم يعدم وسيلةً إلاّ واستخدمها لثنيه عن توجهه بما فيها الحوار معه، مع علمه المسبق بوعورة الطريق والعقبات التي تعترضه، لاسيما وأن النظام يرفض أيّ مساحة للإعتراض أو أية حواشي للإختلاف أو أيّه مسافة للتمايز، حيث كان شعاره الذي لا يتهاون فيه ( من تحزّب خان)، ولكن منصور الكيخيا كرجل حوار وسلام وكمثقف لا عنفي وصاحب مشروع تنويري للتغيير الديمقراطي، لا بدّ أن يواصل جهوده السلمية المدنية الحضارية باتجاه التحوّل والتغيير، منطلقاً من ثقته بنفسه وبمشروعه ودوره الريادي .
رحل منصور الكيخيا منتصراً على جلاّده الذي ظلّ يخاف من إسمه وهو يتردد في المحافل والأروقة الدولية كرمز لحقوق الإنسان ولجميع المختفين قسرياً في ليبيا والعالم أجمع .
وإذا كان إسم الكيخيا يرتفع اليوم عالياً في سماء ليبيا مثل نجمة فضية مشعّة وهادية، فإن إسم خاطفيه الذين حاولوا اخفاء كل أثر له لا يُذكر إلاً وهم مجلّلون بالعار والشنار والإشمئزاز والإزدراء، وتلكم هي حكمة الضوء وشهادة التاريخ.
لعلّ فضل منصور الكيخيا استمرّ حتى بعد رحيله، فقد منحنا اليوم هذا الشرف لنجتمع في رحابه ونودعه إلى مثواه الأخير بكل الحب والإعتزاز والعرفان بالجميل، ولنمجّد مجدداً حكمة الضوء وسلطة الحقيقة المنوّرة.
لا نقول وداعاً لمنصور الكيخيا، بل نقول له اشتياقاً
يوم الشهيد تحيةٌ وسلامُ
بكَ والنضالُ تؤرّخ الأعوامُ
مرّة أخرى منصور الكيخيا اشتياقاً ..
منصور الكيخيا ... سلاماً!
طرابلس(ليبيا) 2/12/2012
ـــــــــــــــــــــــ
• كاتب ومفكر عراقي وأستاذ القانون الدولي وفلسفه اللاعنف في جامعة أونور - بيروت



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منصور الكيخيا والرهان على «سلطة» الضوء!
- مصر والإسلام السياسي
- هل ترسو سفينة مصر الدستورية؟
- ماذا عن أكراد سوريا؟
- غزة وعمود السحاب!
- غوته وسحر الشرق
- اعتراف هولاند الخجول بجرائم قتل الجزائريين
- دلالات الديمقراطية وحقوق الإنسان في فكر أمين الريحاني
- عن تونس والدين والدولة
- العدالة الانتقالية والعدالة الانتقامية
- الشبيبي والبنك المركزي: قضية رأي عام!
- برزخ العنف والوعي الشقي
- ما ينتظره مسلمو ميانمار
- - اللاعنف-: هل هو منتج غربي؟
- الأقليات في الدول الإسلامية المعاصرة - المسيحيون والصابئة ال ...
- الصندوق الأسود!
- عن فيتو الفقهاء في العراق!
- حوار باريس 3
- بين قلم الأديب وحبر السياسة!*
- رياح التغيير: الوعي والسياسة


المزيد.....




- شاهد ما حدث على الهواء لحظة تفريق مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين ف ...
- احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين تمتد لجميع أنحاء الولا ...
- تشافي هيرنانديز يتراجع عن استقالته وسيبقى مدربًا لبرشلونة لم ...
- الفلسطينيون يواصلون البحث في المقابر الجماعية في خان يونس وا ...
- حملة تطالب نادي الأهلي المصري لمقاطعة رعاية كوكا كولا
- 3.5 مليار دولار.. ما تفاصيل الاستثمارات القطرية بالحليب الجز ...
- جموح خيول ملكية وسط لندن يؤدي لإصابة 4 أشخاص وحالة هلع بين ا ...
- الكاف يعتبر اتحاد العاصمة الجزائري خاسرا أمام نهضة بركان الم ...
- الكويت توقف منح المصريين تأشيرات العمل إلى إشعار آخر.. ما ال ...
- مهمة بلينكن في الصين ليست سهلة


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - حكمة الضوء وشهادة التاريخ