أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - رسائل لم تصل بعد














المزيد.....

رسائل لم تصل بعد


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 3934 - 2012 / 12 / 7 - 19:33
المحور: الادب والفن
    



النص الجيد يتجاوز الزمان والمكان، كما يتجاوز الأفراد ليسقط على المجتمع، والنص الرائع الذي يسقط على الإنسان إينما حل فيكون نصا عالميا، هذا ما فعله درويش في قصيدة “أتذكر السياب”، فقد استخدم الشاعر صوت السياب وكلماته حتى أنها تطغى على صوت درويش الذي استخدم التكثيف وانتقاء الكلمات والجمل بشكل يتلاءم مع فحوى القصيدة، مما أعطاها ازدواجية في الإبداع والإتقان،
“ أتذكر السياب، يصرخ في الخليج سدى:عراق،عراق، ليس سوى العراق / ... إن الشعر يولد في العراق / ... إخواني كانوا يعدون العشاء لجيش هولاكو، ولا خدم سواهم .... إخوتي / ... حدادون موتى ينهضون من القبور ويصنعون قيودنا / ... إن الشعر تجربة ومنفى / ... عراق / عراق / ليس سوى العراق / “
كل هذه الكلمات والجمل نطق بها السياب واستعارها درويش ـ بصيغة أدبية جديدة ـ في قصيدته ليحلق بها عاليا وليشكل منها عملا مزدوج الإبداع، فهذا العمل يصلح لنا كعرب ليوقظ فينا شيئا من الحمية، ويذكرنا بما آلت إليه أمورنا في زمن الطوائف ودويلات الصور، فالنص يعبق بالحكم والمعاني ذات الإيقاع السليط على كل من ينام في وقت يتطلب النهوض والعمل بكل ما أوتينا من قوة ومن عزيمة، فالعصر الذي تكلم فيه السياب واسمع الأحياء صراخه زمن خلى منذ عقود، ودوي الصراخ والصدى ما زال يصلنا رغم البعد الزمني بيننا وبين صراخه، وهذا الربط بين الماضي والحاضر أرجعنا إلى كوابيس الحال وعقم المرحلة وسواد المستقبل، فمن خلال تذكيرنا بجغرافية العراق ذكرنا بالخير والبركة التي كنا فيها، وكأن لا يوجد خير خارج أو بدون العراق
" عراق عراق ليس سوى العراق " فالحرقة للعراق ملازمة للسياب وترتبط أحاسيسه وكل ما يجور في نفسه وبكيانه الفردي والوطني والقومي والإنساني بهذا العراق، وعندما أعادة لإسماعنا نداء " ليس سوى العراق " كأنه يقول لا يمكن أن تكون حياة بدون العراق بدون الجغرافية العراق وبدون أهل العراق وبدون لهجة العراق بدون نخيل العراق بدون هواء العراق، ليس سوى العراق يمنحه الحياة وكل ما عاداه هو مرض يقربه من الموت وينزعه من الوجود، وإذا ربطنا هذا التلاحم والتوحد ما بين الشاعر والعراق عرفنا أهمية العراق للشاعر الذي لا يستطيع أن يبدع خارج الجغرافيا أو بعيدا عنها، " إن الشعر يولد في العراق فكن عراقيا لتصبح شاعرا يا صاحبي " التماهي مع الوطن بهذه الكيفة لا يمكن إن ينفك عقدها بتاتا، فهو الملهم للشاعر لكي يكتب قصيدته، وإذا عرفنا ما تعني كتابة القصائد للشاعر، علمنا العروة الوثقى التي تربطهما معا، كما أن درويش استخدم محطات حضارية وثقافية ذات وقع وتأثير ليس على العراق وحسب وإنما على العالم اجمع، مثل شريعة حمورابي وملحمة جلجامش، لكي ينهض النيام ويحرك السكون، فالتطرق إلى زمن الردة والانهزام والموت على يد هولاكو لبغداد والعراق كأنه يسرد لنا تاريخ المكان الحميم عليه والمتوحد به والعظيم في انجازه وتاريخه، فالعراق العظيم الجميل الحميم يتم إحراقه بيد الغزاة التتار والأمريكان، فرغم عدم تزامن السياب مع الاحتلال الأمريكي للعراق إلا انه نجح في استحضار الماضي ليوقعه على المستقبل، ومن هنا تكمن عبقرية الشاعر واستطلاعه لحالة الردة والموت، فأينما كان احتلال للعراق كان الموت والدمار، وهذا الأمر ينطبق على كل الاحتلالات في كل زمان ومكان.
وقد تألق درويش عندما قال على لسان السياب "حدادون موتى ينهضون من القبور ويصنعون قيودنا " هنا نجد ذروة الإبداع التي استخدمت في القصيدة فهذه التورية تطابق حقيقة ما حصل في العراق عندما تم إنهاض عقول من عصور الغابرة لتبث سمومها بين الناس، فرجال العمائم والسياسة فعلوا بالعراق أسوء من الاحتلال، من هنا نقول إن هذه القصيدة رغم حجمها المتواضع إلا أنها كتاب تاريخ وقراءة للمستقبل يستوجب علنا التحرك لإنقاذ الحياة في العراق وأي مكان آخر يقع فيه احتلال، وإذا تمعنا في قول " حدادون موتى ينهضون من القبور و يصنعون قيودنا "علمنا حجم المأساة التي حلت بنا، حدادون ـ قساة ـ يصنعون قيود، فهي من يد متقنة لهذا العمل ـ القيود ـ



رائد الحواري



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أتذكر السياب
- رواية الخواص
- أدب القذارة
- لينين القائد
- حكايات العم اوهان
- اتشيخوف ونقد المجتمع
- الراوي وأحداث قصة الأم
- سلام على الغائبين
- غوركى بين الفرد والمجتمع
- ماذا يحدث في سوريا
- قصر رغدان والقمع الادبي
- مريم الحكايا
- شوقي البغدادي
- قارب الزمن الثقيل
- أخطاء الماضي والحاضر
- الذاكرة الخصبة


المزيد.....




- فنان إيطالي يتعرّض للطعن في إحدى كنائس كاربي
- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - رسائل لم تصل بعد