أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد القبانجي - القراءة السطحية للنصوص















المزيد.....

القراءة السطحية للنصوص


أحمد القبانجي

الحوار المتمدن-العدد: 3934 - 2012 / 12 / 7 - 10:02
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بقلم: الشيخ عباس يزداني
ترجمة: أحمد القبانجي

إن القراءة السطحية للمتون الدينية والنصوص الاسلامية وترجيح هذا الفهم السطحي للنصوص على التعقّل والتجارب البشرية يعدّ من آفات الاجتهاد التي اتبليت به جميع الفرق الاسلامية، ويمكننا مشاهدة نماذج من هذه الرؤية والقراءة السطحية في القرون الأولى لعصر صدور النص، وحتى في هذا العصر وعلى رغم آثار وبركات التجارب البشرية والمعطيات العلمية نرى أن البعض قد اغمض عينيه عن تحرّي الحقائق في عالم الواقع فلم يدرك مدى الجعل والتحريف واشكال الوضع والكذب الموجود في الروايات حيث يتمسك بكلّ رواية من دون الأخذ بنظر الاعتبار اجواء الصدور والقرائن البيّنة والمنفصلة، أو يتحرك من خلال فهمه السطحي لمعارضة قوانين الطبيعة وسنن الخلق بقراءة ناقصة وسطحية لآية من القرآن أو رواية من الروايات، وكنموذج بسيط على هذه القراءة السطحية نرى في هذا العصر الذي لم يبق أيّ شك في بطلان الهيئة البطليموسية في الفلك أن أكبر عالم سنّي (ابن باز) عندما يسأل عن حركة الشمس والأرض فانه يجيب فائلاً:
«الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله. أما بعد: فلقد شاع بين كثير من الكتاب والمؤلفين والمدرسين في هذا العصر ان الارض تدور والشمس ثابتة وراج هذا على كثير من الناس وكثر السؤال عنه فرأيت أن من الواجب أن أكتب في هذا كلمة موجزة ترشد القاريء الى أدلة بطلان هذا القول ومعرفة الحق في هذه المسألة. فأقول قد دلّ القرآن الكريم والاحاديث النبوية وإجماع علماء الاسلام والواقع المشاهد على أن الشمس جارية في فلكها كما سخرها الله سبحانه وتعالى وأن الارض ثابتة قارة قد بسطها الله لعباده وجعلها لهم فراشاً ومهداً وأرساها بالجبال لئلا تميد بهم...
أوضحت فيما تقدم ان القول بدوران الارض اليومي والسنوي كله باطل وذكرت من الادلة النقلية والحسية وكلام اهل العلم من المفسرين وغيرهم من علماء الاسلام وعلماء الفلك ما يدل على سكون الارض واستقرارها وعدم دورانها وأن الشمس هي التي تجرى حولها كما نظمها الله عز وجل لمصالح العباد ومنافعهم ونقلت عن الامام القرطبي انه حكى في تفسيره عند قوله تعالى في سورة الرعد (وهو الذي مد الارض وجعل فيها رواسي وانهاراً) أن القول بسكون الارض هو قول المسلمين واهل الكتاب وذكرت أن هذا معناه حكاية الاجماع...».
ثم يقول عن نظرية كوپرنيك وغاليلو واتباعهما:
«وكل من قال هذا القول فقد قال كفراً وضلالاً لانه تكذيب لله وتكذيب للقرآن وتكذيب للرسول لانه عليه الصلوة والسلام قد صرّح في الاحاديث الصحيحة ان الشمس جارية وانها اذا غربت تذهب وتسجد بين يدي ربها تحت العرش كما ثبت في الصحيحين من حديث ابي‌ذر وكل من كذّب الله سبحانه او كذب كتابه الكريم او كذب رسوله الامين فهو كافر ضالّ مضلّ يستتاب فان تاب وإلاّ قتل كافراً مرتداً ويكون ماله فيئاً لبيت مال المسلمين كما نص على هذا اهل العلم والايمان في باب حكم المرتد. وكما أن هذا القول الباطل مخالف للنصوص فهو مخالف للمشاهد المحسوس ومكابرة للمعقول والواقع، فلم يزل الناس مسلمهم وكافرهم يشاهدون كل بلد وجبل في جهته لم يتغير من ذلك شئ ولوكانت الارض تدور كما يزعمون لكانت البلدان والجبال والاشجار والانهار والبحار لا قرار لها ولشاهد الناس البلدان المغربية في المشرق والمشرقية في المغرب ولتغيرت القبلة على الناس حتى لايقر لها قرار. وبالجملة فهذا القول فاسد من وجوه كثيرة يطول تعدادها... فقد اوضح الله في الايات المذكورة آنفاً انه القى الجبال في الارض لئلا تميد بهم، والميد هو الحركة والاضطراب والدوران كما نص على ذلك علماء التفسير...» .
وبالرغم من أن قضية أن الأرض ثابتة كانت هي النظرية السائدة في الأوساط الاسلامية وبين علماء الاسلام أيضاً، ولكن من البعيد في العصر الحاضر وجود شخصٍ يعتقد بهذه العقيدة الباطلة، وهذا الأمر انما هو بسبب القراءة الاخبارية والرؤية السطحية للروايات ومن خصائص الحشوية.
وخلاصة بيانات المفتي الأكبر لأهل السنة، «أي عبدالعزيز بن عبدالله بن باز» الذي عمل رئيساً لجميع مراكز البحث العلمي والافتاء والدعوة والارشاد في المملكة العربية السعودية لسنوات مديدة، وبعد وفاته تمّ تأسيس موقع ضخم له في شبكة الانترنت لترويج افكاره، ومما ورد في هذا الموقع من افكار ابن باز:
1- إن نظرية حركة الارض ودورانها حول الشمس مخالفة للاحاديث والآيات القرآنية التي تقرر أن الشمس تجري وأنّ الجبال خلقها الله تعالى لتثبيت الارض كأوتاد.
2- إن القول بحركة الأرض يستلزم وقوع الخلل في مكان المدن والجبال والأنهار بحيث تنتقل المدن الغربية الى المشرق والمدن الشرقية الى المغرب وسوف تتغير القبلة أيضاً.
3- إن المفسرين بل اجماع علماء الاسلام على صحّة هذه الرؤية، إذن فكلّ من يقول بخلافهم فهو ضال ومضل.
4- على هذا الأساس فانّ كل من يقول بخلاف ذلك فانه يتصدى لتكذيب الله ورسوله والكتاب الكريم وهو مرتد ويجب استتابه فان لم يتب يجب قتله ومصادرة امواله «ولابّد أن تعتد زوجته عدّة الوفاة ويستطيع الآخرون الزواج منها».
إن القراءة السطحية سلبت عقله فلم يفكّر بأنه عندما يسافر الانسان بالطائرة ويرى أن الطائرة تحلّق في السماء بسرعة كبيرة ولكنّ حركة الطائرة لاتسبب اضطراباً وخللاً في مكان المسافرين وحالتهم ووضعهم بل حتى أنهم يتناولون الشاي والمشروبات الأخرى بدون أدنى حركة في الإناء، فلو كانت هذه الفتوى صحيحة فيجب أن يتغيّر مكان المسافرين في كلّ سفرة بالطائرة وقد يصبح مكان الطّيار في آخر كرسي في الطائرة.
إن ابن باز اذا كان ينطلق في قراءته للآيات الكريمة بعيداً عن هذه الرؤية السطحية للآيات القرآنية فانه سوف لا يقع بمثل هذه المصائب والمنزلقات، فالقرآن يصف الأرض بأنها: ذلول، مهد، وكفات مهاد وامثال ذلك، فالذلول يعني الابل المطيعة، والمهد يعني مكان نوم الطفل، والكفات بمعنى الطائر، وفي كل هذه الصفات يمكن استيحاء حركة الأرض منها. وقد جعلوا لهذا العالم السنّي موقعاً مجهّزاً في الانترنت حيث يعرضون فتاواه على صفحة هذا الموقع، ولابأس بالاشارة الى بعض فتاواه الأخرى الناشئة من آفة حذف العقلانية من القضايا الدينية والقراءة السطحية للنصوص الدينية:
- يجب على النساء تغطية وجوههّن وأبدانهنّ جميعاً، وعلى النساء وضع نقاب فيه فتحة بمقدار عين واحدة أو عينين للنظر.
- يحرم تصوير أو صناعة فيلم عن تغسيل وتكفين الميت سواءً كان لتعليم الآخرين أو لأخذ العبرة أو لغرضٍ آخر.
- يحرم تصوير الانسان أو الحيوانات حتى اذا كان لغرض التذكار، ويجوز التصوير للجمادات والجبال والأشجار فقط.
- يحرم حلق اللّحية ويحرم وضع الشارب.
- إن حلق اللحية حرام بأية صورة، فاذ أمر الأب ابنه بحلق لحيته أو أن ضابطاً في الجيش أمر جنوده بحلق لحاهم أو كان في مكانٍ يؤدي فيه وضع اللحية الى الفتنة والخطر فمع ذلك يجب على المكلّف المقاومة وعدم حلق اللحية.
- يحرم ملء جوف الطيور والحيوانات للاستفادة منها للزينة.
- يحرم اقامة التظاهرات والمشاركة فيها.
وسئل ابن باز: هل يجوز أن يقال للممرضات «ملائكة الرحمة»؟
فكتب في الجواب: لا يجوز لأنّ الملائكة جنسٌ مذكر!!
إن الله تعالى ردّ على تصور العرب الجاهلين في قولهم أن الملائكة بنات الله كما تقول الآية الشريفة، وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثاً ولكن ابن باز لم يتصوّر من هذه الآية أن الملائكة جنسٌ آخر لا مذكر ولا مؤنث. مضافاً الى أنه لوقلنا عن الممرضات إنهنّ ملائكة الرحمة فلايقصد من هذا الكلام سوى جانب الرحمة والعطف والمساعدة فيهنّ لا مسألة الجنس والحقيقة.
ولا ينحصر هذا الاتجاه الحنبلي بابن باز فانّ علماء من المذهب الحنفي قد يتورطون في هذه السذاجة والسطحية رغم عقلانيتهم في بعض الموارد. إن حذف المنهج العقلاني في فهم النصوص الدينية والقراءة السطحية لها أدت الى صدور فتاوى كثيرة تتقاطع مع العقل والفهم البشري بحيث يتعجب منها الانسان لدى سماعها، ولا يدري هل يضحك أو يبكي، فبعض علماء السنّة يقولون: اذا عقد شخص على امراة بحضور القاضي ثم طلقها في ذلك المجلس وبعد مضي ستة أشهر ولدت هذه المرأة طفلاً فانّ هذا الطفل يلحق بهذا الرجل حتى من دون حصول مواقعة، وكذلك قالوا بأنه لو فقد الزوج ويئست المرأة من العثور عليه فطلقّ القاضي هذه المرأة وتزوجت من رجلٍ آخر واولدت له عدة اطفال ثم ظهر الزوج الأول فانّ هؤلاء الاطفال يلحقون به أي أن الزوج الأول سيكون أباهم .

ونموذج آخر على هذه الفتاوى:
ورد في صحاح أهل السنة بسندٍ صحيح عن النبي الأكرم أنه قال: «اذا وقع الذباب في إناء احدكم فليغمه كلّه ثم ليطرحه فان في أحد جناحيه شفاء وفي الآخر داء» .
وينقل المجلسي هذا الحديث أيضاً في بحار الأنوار في مكانين ، وينقله الطبرسي أيضاً في مكارم الاخلاق، والحاج النوري في المستدرك في مكانين أيضاً . ويمكن أن يقال لماذا هذا الاستبعاد؟ فلعلّ هذا الأمرله جانبٌ من الحقيقة وليس هو كاجتماع التقيضين.
ولكن لو كان كلّ موضوع مخالفٌ للعقل من هذا القبيل قد وردت فيه رواية صحيحة السند ولابد من قبوله أيضاً فلماذا نعترض على العقائد والافكار الخرافية لاتباع الاديان الأخرى، مثلاً لماذا نعترض على الجوكيين الهنود لأنهم يأكلون الغائط، لأنهم سيقولون إن هذه الرياضة وردت في كتبنا المعتبرة لمشايخنا القدماء وربمّا لا يكون جميع الناس يتقبلون هذا المعنى لقلة استعدادهم.



#أحمد_القبانجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -لا للديمقراطية- هو الشعار الحقيقي للإسلام السياسي
- صورة الله عند الفلاسفة
- من انجازات النبي ... توحيد القبائل والشعوب
- المنهج الجديد في تفسير النص
- اسطورة الفيل وحرب أبرهة الحبشي
- العلاقة المتبادلة بين الدين والأخلاق
- من انجازات النبي ... تشكيل الدولة
- مساهمات الفلاسفة في نشوء علم النفس
- حقوق الانسان من منظور اسلامي
- ابراهيم الخليل وإشكالية ذبح الابن
- الوعد الالهي بالارض المقدسة
- نقد الاعجاز البلاغي في القرآن
- موقف الاسلام من المرأة
- الفلسفة الوجودية


المزيد.....




- عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف ...
- عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف ...
- يهود متطرفون من الحريديم يرفضون إنهاء إعفائهم من الخدمة العس ...
- الحشاشين والإخوان.. كيف أصبح القتل عقيدة؟
- -أعلام نازية وخطاب معاد لليهود-.. بايدن يوجه اتهامات خطيرة ل ...
- ما هي أبرز الأحداث التي أدت للتوتر في باحات المسجد الأقصى؟
- توماس فريدمان: نتنياهو أسوأ زعيم في التاريخ اليهودي
- مسلسل الست وهيبة.. ضجة في العراق ومطالب بوقفه بسبب-الإساءة ل ...
- إذا كان لطف الله يشمل جميع مخلوقاته.. فأين اللطف بأهل غزة؟ ش ...
- -بيحاولوا يزنقوك بأسئلة جانبية-.. باسم يوسف يتحدث عن تفاصيل ...


المزيد.....

- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد
- التجليات الأخلاقية في الفلسفة الكانطية: الواجب بوصفه قانونا ... / علي أسعد وطفة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد القبانجي - القراءة السطحية للنصوص