أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إشبيليا الجبوري - النظرة الجمالية للفنان سامر عينكاوي بين المتصل الأثيري والتمثيل التأملي الموسيقي















المزيد.....


النظرة الجمالية للفنان سامر عينكاوي بين المتصل الأثيري والتمثيل التأملي الموسيقي


إشبيليا الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 3933 - 2012 / 12 / 6 - 22:35
المحور: الادب والفن
    



سأحاول فيما يأتي إيضاح النظرة الجمالية للفنان سامر عينكاوي في علاقتها بصيغة المتصل الاثيري والتمثيل التأملي الموسيقي، كما وهي تتجسد في هيئتها كفضاء للخلق الابداعي، التي يشير إليها الفنان بالعزف، في مناسبات عدة ( وهو يتناولها كفضاء حكاية متصلة، مع نفسه، التي يرويها بتأمل مقدس، وهو يتحدث عنها الكثير في العزف على -ألة العود- في المنتدى الثقافي العراقي). وليس المقصود هنا ضبط ماهية الاثير، كما يحيل عليها الأبحاث الخاصة، بتحديد البداية المادية للكون، وارتباطه بكل التصورات التي ناقشت مادة الابتكار والابداع وطبيعتَها وكيفية انبثاق الشيء عن الشيء أو اللاشيء. فتلك قضايا - رغم أهميتها في سياقات أخرى- لا تشكل، في سياق بحثنا، عنصرا ملائما قد يفيد في التحليل الذي نقترحه للنظرة الجمالية.

سنتناول في هذه القراءة نقطتين : تتعلق الأولى بما يعود إلى المتصل الاثيري الذي يشير إلى كم غير معدود من المحسوسات، وتتعلق الثانية بالتحول من الوجه المجرد للنظرة الجمالية للفنان إلى الأجزاء باعتبارها فواصل تخبر عن المضامين الممكنة التي يختزنها المتصل بالنغمة الوجدانية وإلحاح الشعور الانفعالي للمعنى في التحرر والاستقلال الابداعي.

فهل تكفي القدرة الجمالية لتلقي أعتماد النظرة للفنان على النص وتأويله؟ أم لا بد من البحث في مجال آخر هو القدرة النصية في التواصل الاثيري؟ وهل تقوم هذه القدرة على المعرفة اللغوية وحدها، أم على عوامل وعناصر أخرى تسهم في عملية إنتاج النص في تمثيله التأملي الموسيقي للفنان عينكاوي؟

تقترن تلك الاسئلة والنظرة الجمالية للموسيقى، ببراعة تألق أتصال تاريخ الحضارة الانسانية وفي الصلة والتناسق وعلاقة الوضوح بين الفنان والمجتمع/المحيط/الفضاء، وأيضا بتحرر الشخصية الإنسانية وسعيها إلى الحرية الكاملة، التي تعبر عن النبضات المباشرة للحياة الإنسانية الداخلية المشحونة بصراعات متنوعة وعنيفة أحياناً ناجمة عن المشاعر الذاتية، والتي تعبر عنها الموسيقى في التعبير الاسمى للروحانيات الانسانية. وأيضا باعتبارها مبحثا تأويليا يتداخل فيه الفلسفي والأدبي، الديني والسياسي، عادة تشترك بمجموعة من الإشكاليات تجد سندها المرجعي في مجال يهيم بالاثير في بعده الأنطولوجي، إن تفرز على المستوىين الرمزي والمادي، أو الفردي والجماعي، المحيط والالوان، الصمت والافق، والمدى في مشاعة البعد عن مركز وعمق الذات الهائمة بالتأمل والاستكشافات المطلسمة بالرمز الحسي الذي حدد الفنان مسار وعيه طموحا في نظرته لمحاسن التناغم الجمالي في النبض المباشر للحياة الانسانية عبر الموسيقى.

ويمكن أن نجمل بعضا من تلك النظرات الجمالية التي ميزت حقلين واسعين في فلسفة الجمال والموسيقى بطويته عليهما من خلال تجربته، في :

- النظرة الجمالية للفنان بين الذات الاثيرية والموضوع
- جمالية المتصل الاثيري في التماثل التأملي.
- جمالية الاشكالية في المعنى الأحادي الايقاعي في مقابل المتعدد التماثلي التأملي.
- جمالية حدود التأويل السمعي وأتصاله الداخلي مع الفضاء الاشاراتي للموسيقى.
- جمالية القراءة (أو الفهم النغموي) والتأويل الايقاعي لها.

وتعد الإشكالية/الجمالية للفنان، من أهمها وأحدثها معاينة واختباره للتأويل الايقاعي. وذلك موازاة مع يقظة الوعي لديه، إزاء فعل القراءة المشفرة في أبعادها الإجرائية بالخصائص للرموز، إلى درجة تجعله (اي الفنان) من المدافعين عن التأويل الايقاعي، ولا يتوانى عن اعتبار فعل القراءة السمعية، ذاته، هي ممارسة لتأويلها الايقاعي بالعزف. وهو ما يذهب إليه بألة العود الذي يعبر عنها بمثابة فعل الفهم - دوما - متلقيا تطبيعا للتطبيق له بالمعنى الهيرمينوطيقي للكلمة.

لن أناقش في هذه المقالة المختصرة القضايا المتعلقة بضرورة أو عدم ضرورة تطبيق منهج جمالي معين في قراءة عزفه النصوص الموسيقية ببعدها الاكاديمي. فلا أهمية لسؤال من هذا النوع، ولا قيمة معرفية له وذلك لسببين :

Ø فمن جهة لا وجود لقراءة عفوية جمالية تستند إلى حدوس لامعرفية لكي تنتج معرفة، فهذا أمر في غاية الغرابة والنشاز، فأبسط الأحكام للتواصل الاثيري إنما تستند إلى فرضية سابقة انطلاقا منها يمكن قول شيء ما عن الواقعة الابداعية للايقاعات الموسيقية في التماثل.
Ø ومن جهة ثانية فإن السائد حاليا في الدراسات الموسيقية، أن المنهج الايقاعي الوحيد والأوحد خرافة للتماثل التأملي لا يمكن أن تنتج عنها سوى الأوهام للفهم الموسيقي والقضاء عليه. فالقراءة تستند إلى فرضية يبررها وجود نص أثيري يبني معانيه استنادا إلى قوانين لا يمكن الكشف عنها إلا ارتكازا على تصورات تخص شروط إنتاج المعنى وشروط تداوله أشاراتيا، وهي فرضيات لا تشكل منهجا بل هي ترتيبات تحليلية قد تفيد من تصورات نظرية متعددة التواصل في التماثل التأملي.

استنادا إلى هاتين الملاحظتين، يمكن التأكيد أن الأمر لا يتعلق بأختيار الفنان للنص الموسيقي، بل هي قضية مرتبطة، في واقع الأمر، بالأسئلة الخاصة التي يطرحها الفنان على النص، من أجل إعادة بناء المعنى، من خلال الكشف عن سيرورة تشكله وأشكال تجليه. وهنا تكمن سيرورة التناقضات الناشئة بين التواصل الاثيري والتمثيل التأملي في المكون السمعي للاشارة الايقاعية، حين تستوقفه النظرة الجمالية التي أذكاها عالم الابداع الموسيقي، في تحديد مفهوم الاتباعية والابداعية والتأثير، في حمل العافية الجمالية للأثير، في مصادره الصارمة، لأستخلاص الجمال السمعي للاشارات الموسيقية، عند عزفه.

جاءت أنسيابية النظرة الجمالية للفنان عينكاوي، في الممارس الايقاعي الدائر في لحظة التحديث السمعي (المنتصف الثاني للممتد الداخلي للمحيط) أو المشّبع بثقافة التواصل الاثيري لفكرة التماثل التأملي المتعدد الأصول والأبعاد، كنتيجة حتمية وضرورية لما كان يعيشه ذات الفنان في نظرته الجمالية. تعد تلك معرفة أشاراتية تصوّرية، من تشييد التطلع نحو الحس والايحاءات، مع رعاية الضيق والخناق، وضغوطات الانفصلات المختلفة للمفردة الاثيرية والايقاعية. وتفهم التوزيع الزمني والمكاني الجمالية، سواء ذات علاقة بأهداف التنوع اللوني أو الخلق السردي أو الثقافة الفكرية لبعد المقام ونمطية تشكيلاتها، ومنهج مصدر الفروق الكبيرة الحجم للظاهرة الدينامكية للصوت، بمقدمة التأثر والتماسك بألانجاز الممهد لألية تفسير التلقي، ووضوح معالمه. و عادة ربما يريه الفنان عينكاوي رغبة في فك معاصم التشويش وأستقاء الفكر الفني، وحرية الرُقي به للتماس في المحاولات في "مضمار" السياقات الفاغنرية للتنافرات الصوتية/اللامقامية في الانسجامات التلوينية، وبالتالي التماسك بها، كفرصة ثمينة ومسند للمخرجات النغمية في الاعماق النفسية له، وأظهار عمق إطار القلق والاضطراب مقابل الراحة والهدؤ، والمشاركة في النغمة الباعثة، من دقة قيمة ونجاعة سمعه المتماسك فنيا وجماليا، في تسوية نواة حركية النتائج للتماثل، ويفتح ذهنية الفضاء الموسيقي، وهو أعتراف ضمني أبداعي مسموح به في الخطاب الفضائي الاثيري وتعدد تماثلة التأملي.

غدت التنافرات لدى الفنان عينكاوي لغة متفقاً عليها في عالم الأصوات، وكذلك في الألوان للتعبير عن الأحداث الذاتية للأنا والجمالية مع المحيط. للحصول على بذور تليق لنظرته الفلسفية للجمال في دقة جمله الموسيقيه التي تنتمي الى نبضه، مما يجعل ذاته، تتأثر في أستخدام التربية الاثيرية في البناء المألوف التقليدي في معظم مسامعه، وأنه لم يعد هناك جدوى ولا إمكانية من الافلات من التعبير بالعزف من الاقامة في اللغة الجمالية، وأظهارها على شكل تصوير، مصاغة موسيقيا، في حركته الإبداعية في العزف، ولاسيما الموسيقية العربية الكلاسيكية منها، بصفة خاصة. فقد يظهر فيها معنى جديد للطبيعة التذوقية ومشاهدها الحسية. وبدا ذلك واضحاً في التصوير الحسي والعزف الموسيقى. فالفنان الإبداعي عينكاوي لايُعنى بالتفاصيل الجزئية الموجودة في المشاهد الطبيعية كالصورة السينمائية الصماء او الصورة الفوتوغرافية، بل ما يعنيه هو إبراز عالمه العاطفي عن طريق رؤيته الجمالية لتلك المشاهد النصية في التواصل الاثيري. ويمكن التعرف على ذلك بالعودة إلى أمسياته في الخَلْق الابداعي المتجدد بها في المنتدى العراقي الثقافي، و الفصول لأمسياته وهو يقتنص وقفاته بملفات موسيقية كلاسيكية-عربية رائعة. ففي عمله يعزف وهو يفيض الاخر بتسمع أصوات الحيوية الدافقة في الجمال من صوت قادم من بعيد إلى حضور صوري في نص موسيقي، بأداء ارابيسك ملهم على ألة العود، وهو يتفهم إيحاءات الشرق والغربة والأمطار التوحد بخريرها المتساقط على الاوتار، وتأجج العواصف الهائمة في الفضاء الساكن في اللامحددود، بينما تبدو القدرة العالية لديه على التعبير عن روح الطبيعة الانسانية وإظهار أجواء غربته المظلمة في صورة صوتية، يكاد يكون فيها، هذا المبدع الجمالي في صراعه مع قدر الإبداع. كيف بنى ذلك الدليل الاثيري لها بخصوصية ما إنجازه.؟ أليس هذا التماثل لدى الفنان هو ما هو استقى منه معظم الإبداعيين، الموسيقين في مراحل قلقهم وأضطرابهم الانسجامي في عمق راحة وطمأنينة لمس جمالية الفن.؟! أليس فلسفة الجمال، أمر لا مفر منه في تقييم مضامين تفلسف الاثير الموسيقي وتماثله التأملي.؟، أليس الفن والجمال هما قاعدة التهذيب والمراجعة للمصفوفة الاثيرة في تواصلها للنفس والخلود.؟، أو ليس شرطية جذب التماثيل التأملي، والتصميم للنغمة الموسيقية هي في ذاتها شروط فلسفية للحركة الكونية.؟، وهي تتنقل برعاية الحضور والغياب، وكثافة التواصل بينهن، والانتقال الذي يمد الخبرات وفجوات/الانقطاع.؟ أليس فلسفة جمال التلقي الموسيقي لياقة فريدة في رعاية المنظومة القييمية للحافز الانساني بأنسانيته.؟، كي لا تصبح اللحظة الجمالية منعدمة القيمة، وتفصل فاعلية أضافتها من الحضور، فيما يقدم النشؤ الاثيري بعيدا عن تماثله.؟، فنظرة الفنان عينكاوي الجمالية للموسيقة، يجسدها بعزفه على ألة العود تلبية لكوامن نابعه من الاسئلة أعلاه وغيرها، وهو يدلوها نغما، في التلقي الانفعالي والتدفق المكثف لدى السامع، ويرسل فيها نبضا خالصا للنفس وهي تتدخل في الارسال، ويمنحها كعامل معرفي مساعد نحو السبيل للمصادر في دورها الرائع في العزف والبحث عن مصدرها الاثيري الهائم في الفضاء الملهم.. ؟؟

وهذا أمر يؤكده واقع الحال في النمط المعرفي الموسيقي. فالمعرفة النقدية الجمالية المعاصرة للموسيقى، بكل توجهاتها تؤكد أن الاختلافات القائمة بين الانجازات السمعية العلمية، ممتدة كسردية معاصرة، لم ترتبط أبدا بالطاقات الانفعالية التي تختزنها ذوات الموسيقين فقط، بل تستند إلى مكوناتها، وتتجه بتخاص مع النص ووجوده في أثبا طاقته. بل نلاحظ الفنان عينكاوي يستند، في أصل النص الموسيقي السمعي في توليفات، سمعيه، ويتعايش بها إلى تصوره النظري الذي يملكه بمخزونه، عن ذالك المعنى، وعن طريقها يكتشف ذاته فيها، وفق طريقة وأسلوب خاص في التعامل معها، وعن موقع ذاته القارئة لها، يتحرر.

و انطلاقا من هذا الفرضية المزعومة، نلاحظ الفنان عينكاوي على تشييد أضاءته الفنية المتميزة، في مساحة ابداعه الفني الاثيرية برزمتها الوجدانية التأملية، بأنه يحاول دوما الدفاع عن فلسفة الجمال، والحس الفني، بمشروع بناء فلسفة التواصل بنفسه، وذلك طالبا بتأكيد وإلحاح طموحه الجريئين، في أغلب أمسياته الفنية التي تجاوزت بحضورها محدداتها بأماسيه، بل حمل طابعها الراهن والتماهي في مقاومة لكل إمكانية الفعل لتجاوزها، كيفما كان نوعها، لبلوغ طبيعة الفكر الفلسفي الجمالي في تطوير أداءه، وأن أحد شرط وجودها فرضها، هي بمحاولة توسيع المدارك المعرفية الفنية للفلسفة الجمالية في العقلانية التصورية للاشارات الاثيرية في التواصل الايقاعي، ورسم سلمها الموسيقي بقائم تماثلات الذات وفحوى تناغمها، بل إنه أيضا يشكل لديه مطلبا ونزوعا ملزما في التوغل لطبيعة الذات للإنسانية الطامحة. وهنا لا يمكن إن لم نقول أن يتصارع بصرامة مع الممكن لتحديث علاقته – حسب التواصل الاثيري دائما – عن أتصال الفلسفة بتأملاته .، وأنها تتواصل إلى لحظة بجمالية اكتمالها الدؤب، كما يدعي بها للبعض في تنظيراته لمقدماته ووقفاته الموسيقية اثناء العزف، وذلك لسبب بسيط، هو أن الشرط الموضوعي للقول فيها، ان البعد الفلسفي الجمالي للعزف وتفلسفه فيها، هو فن تواصلي اثيري، مما يجعله يبقى حبوساا بهيامه ليظل حيا وموجودا بطقوس أشاراتها التأملية للمعنى. و لكن ألا يزال متوفرا ذلك دائما.؟، أو ليس البيئة والفضاء الموسيقي سابحا في محيط حاضره، وهيجان هيائم عالمه المعرفي والتأملي.؟، أو ما يزال يداعب فيها أشد مغامراته في الحاجة إلى دورانها في ذاته وهي تتغذى على وظيفته الابداعية، ليلتئمان بحيوية وتلقي فني ناضج.؟ وما هي تلك الأساس في هذه الدورة المضنية في التواصل الحسي لغرض أنعاش دورة حياتها التماثلية في التأمل الموسيقي.؟، هذه وتلك من الاحجية المتقاربة او القصية هي مما جعلت ثناءها يتناسق دورها، في أفلاك عالم الهيام الفني والجمالي للفنان عينكاوي، ودرجة سعة تأملاته الفنية باثيرها، كمحيط منعش ومنتمي به، للمركز التأملي الموسيقي..ويفكر بها عبر آليات أحاسيس حرة، وعقلية طليقة في الفضاءات التي تبحث عن الاتساق/الجمال/العدالة بين الأشياء/الايقاعات/كينونات الوجود الموسيقي الذي يعيش فيه ، ونتعافى به معه.

فالنظرة الجمالية للفنان تتوالد في أحضان تصوراته المعرفية، ذات أبعاد فلسفية لها علاقة بمجمل إشكالية التواصل والأسئلة الاثيرية التي طرحها الفنان على نفسه، وعلى الكون/الفضاء من أجل تبين موقعه داخله، وداخل الطبيعة وذؤابة التعبير بين التأثير والانتشار والحرفية والابهار والمقارنات التماثلية. ولعل هذه الأساس للمخيلات العاشقة في الانعكاس الفلسفي الجمالي هو الذي أضفى على هذا النشاط الفكري طابعا أرتقائيا خاصا، وهو الذي مكنه من أن يُصنف، ويطلع، ضمن الحقول المعرفية الايقاعية، وكواليس الحركات والاشارات الثقافية التعبيرية الموسيقية، التي تسهم في التعريف الفعلي بتشكيل ذاته الإنساني وقواسم التصارع-التحليلي-السمعي، وأيضا ما يمنحه من تأكيد لنفسه بالبحث عن ادوات فنية في سمات معطيات الجمال، كي تمده في مساحات التنغيم لألية تلقي قدوم الصوت في نموه وتطوره واشتغاله الايقاعي بالنفس، ويشارك أبعده تلملم المصطلحات الفني الجمالي في مكمنها التحليلي الموسيقي الشغف أثناء العزف.

ثم إن الإبداع لدى الفنان هو تغول اكتشافاته في عالم السمع للتراكيب السلمية للموسيقى والآلات، تترجم أشياء وتنمذج لديه رؤى لاسلاف أصحابه وما لهم من أبعاد ذوقيه، ويعدها هذه صفة جمالية للإبداعية في الموسيقى. بحيث كان يرددها غناءا بحسب التقليد الاتباعي، يبدأ بعرض اللحن الأساسي مباشرة، ويضيف فيه مسحة من اللمسات الإبداعية، في شروحاته لها عن الخلفية الفنية وطبيعة ترجمتها في السلم الموسيقي، وايضا خلفية تاريخية متواضعة عن أصلها، فيفضل تقديمها ببعد تمهيدي، ليساعد المستمع على ولوج عالم الخيال معه. ومنفذاً في جلسته مخطط تلقائي في العزف، فهو يمثل بذلك اتجاهاً جماليا-إبداعياً ـ بالتتابعية، بعكس كثير من الاخرين، من الذين نلاحظهم في عموم أظهار تجاربهم، كانوا ينهجون طريقة تتابعية – فإبداعياً-جمالية. فقد نمذج قدرته لأعمال العزف في مضمار من حيوية ونضارة للتبعه في السمع، كما بالوقت نفسه يزداد ابتعاداً عن الأنماط التقليدية المألوفة.

من هنا يمكن أن نلاحظ، أن الفنان عينكاوي تختلف مظاهر نظرته الإبداعية عند الجمال عنها في بعد تواصلها الاثيري أو في النظرة التماثلية التأملية إلى مادة العمل الفني، فهو يكرس احساسه في مخياله، زاعما حسية نظرته الجمالية، بحيوية وإثارة، وهي تتنازع إلى تصوير موسيقي في صوته، يودع فيها أنفعال حبه وهواه لفضاءات ذاته. وما يمتاز به من معالم، ممثلاً للحركة الإبداعية الاثيرية في معاجم خيالاتها النصية للاشارات العائمة، هي جرأته في ترك المستمع مشدوهاً تحت تأثير التنافر الانسجامي في موسيقاه. أما ليست متطابقة تقليديا، هذا هو مبدع القصد السمعي بصيغه الموسيقية، فإن موسيقاه الآلية وثيقة الصلة بالأدب وخلفيته الثقافية، إذ إنها ثمرة ثقافته الموسيقية والأدبية وراءها. وكان دوما متمسكاً بأصراره، وشديد الحرص على اتباع أصول الموسيقى العربية الكلاسيكية كما وضعه سمعه لها.

ألة العود تترجم فلسفتها عزفا بالعطاء، الفنان يألفها موسيقيا كرفيق لائق، وهو يلاطفها بسحر رشيق دمث ترنو لنظرته الفنية، مواصلا مقارنته اليها بالسمع لنهاية سمعه بالاسفار الاثيرية في الفضاء النصي الفسيح العظيم بأيقاعاته، متجولا بها بمجالات التأمل العريض، يتنفس نقاوة ترجمته الهائمة في هياشمها. يتفهم فقط حفظها وعنايته بها، حين ينهل بها ليتمكن من سعتها، مستأنسا بكشف الاسرار للجمال بأداءه، يجري مخاطبا، صارفا نفسه، من التمثل الى فهم حقيقة الفعل الفلسفي في جوهره، الى أثيرها المدوخ، تسعفه قراءاته بتعبير عظم أبهار مشاعره في عماد تجليه، مما يتعاظم العناية لمسارات لم يأت بعد أوانها، بتلك البراعة والإبداع في الأداء الفني المنفرد بالعزف، وينضح ويزداد التنافس حدة بين التعبير الشخصي والتألق الاستعراضي بارتشاح، فيظهر عازفه بمهارة مبدعة في العزف على العود.

فلسفة فن الجمال عند الفنان عينكاوي، محطات تتفاخر بأحاسيس مكوناتها على نفسه بالانبعاث، بدءا بفلسفة السمع الايقاعي الفضائي العفوي الى السمع الأفلاطوني بالجأش ببقاءه يبث بعودة عجالة تفاعل أنفعالاتها، التي تعتبر عن اللبنة في التأسيس للتمكن الفلسفي الجمالي الحقيقي في وجهها الميتافيزيقي التأملي في عنفوانها، مرورا بفلسفة فن الذي يعتبره الفنان دليلا فلسفيا في التمثيل التأملي الموسيقي. وصولا إلى فلسفة التواصل الأكثر اكتمالا في بعدها المفهومي و التصوّري للايقاع الاثيري.. إذن يكون لديه منطلق الثقافة السمعية بذاكرة ناقدة، الذي يوجهه الفنان بأنبثاق الجمال الاثيري متسربلا الى أناملة وهي تتراقص بالعزف على ألة العود، التي من خلالها يحاول تفسير واختزال أزمة الايقاع المنفلتة بين التأمل الفلسفي للجمال وأثيره العاطر، ولمسات الاوتار بلغة تأثيرها، في كونها وصلة من نقاط أثيرية، حين تكون قادمة، لا سعي لديها بالعودة او تكرر نفسها. يعمل عليها الفنان بين تقويض وهدم، احياء وبناء لهذه التصوّرات الاثيرية والتأملية والفكرية السائدة بتمارسها، الا ان تتلقى الفلسفة كوظيفتها في الحياة الفنية هي محاولة جمعها بأيقاعها الموسيقي، كي تتشييد رؤياها دون تفادي ان تؤسس التصوّر البديل لديه..، مما يفوق التماثل بنظرته الجمالية في مخاض دائم في أستحلاب صياغة الاثير على صياغات متنوعة التماثل لصقل تعريف النظرة الفنية الجمالية لديه في تزويد فكرة حرية العوم-الطليق من خلال التصوّرات والمفاهيم الفلسفية في ضخها الحسي والابداعي، في صوفية الوجد من الاعماق الى ألوان الطيف الاثيري وتماثله.

الفنان أحق، حين، يقدر مساحة إبداع التصوّرات الفريدة، وهو لا يتجنب المسارات العشوائية للاشارات الاثيرية في حركتها كمحيط له.. فلا وجود إذن لفلسفة فن الجمال بدون الفعل الإبداعي في نظرته، على مستوى الصياغة للعبارة الموسيقية في التماثل التأملي العميقة، لمسألة المفهوم الايقاعي والتصوّر، والتي يشير بها بقدرة آلية أو طريقة معينة في التفكير اثناء العزف. بواسطتها أستطاع الفنان ممارسة قراءة نقدية، لتقافز الهرمون الاشاراتي في التواصل الاثيري عن تجربة قيمة السمع والتأمل، والنقدية للاسباب الإرثية السمعية، حاصل جمع الفلسفة السمعية السابقة بتراكمها عليه، باحثا في إطاره عن ما يثيره بالتصوّر من جهة، والحرص على بذل مجهود مضاعف تفكيك المتراكم، اثناء تحريك المكرر في الحوار الايقاعي التماثلي، لاجل يوجهها في تجديد المقطوعة الموسيقية كمفاهيم نغمية/فلسفية سابقة، وعرض إبداع وإنتاج مفاهيم وأمكانيات وأعادة تصوّرات فنية مختلفة وأستدعاء لا شعوري بالمرغوب فيها، اثناء أحياءه الهامش التدريبي للمقامات بالعزف. بالإضافة إلى، الدور الأساسي للاثير والاشارة للمنشد وهو يستقطب معضمها بتنوع يضم مسامعها في شأن أعادة أهميتها، في قيادة تغيير النغمة/الايقاعية، والتوجهات الفكرية للسلم الموسيقي التقليدي العام، واتجاهاته الثقافية الموسيقية السائدة للمقطوعة برنجنستها-او أعادة تعشيق نفسها أنتخابيا-ذاتيا.

تلك بعض المظاهر الأساسية التي تميل نحو اسعاف تجربة الاقتناع بها، لما يشيء من أجل نظرته الجمالية في العزف، يتمنتج بمعرفة موسيقية حقيقية تخص ذاته، ويستكشف عن خصوصياته في الزمان الاثيري، والفضاء التأملي، وتلك نفسها التي تمكنه من تصنيف أنجاز العزف، ضمن حركة فنية شاخصة، تحتضن القضايا السياسية والاجتماعية والفنية والنفسية... الخ. وخارج هذه الحدود، فإنه ما يستحضره من غناء وأعادة الجمل الموسيقية، يمكن أن يتخذ منها تسميات أخرى في فسح ميدان للتعبير، فهو اذن، قد يدخل ضمن الخواطر العابرة أحيانا، أو تجعله يتمثل بالانطباعات السريعة بين الزوال والامتداد أحيانا أخرى، مما ينسجها من جديد ضمن التعليق الفضائي الاشاراتي لحركة بيئة الاثير المتولد، الذي يقوم بالتدفق الايقاعي بالنصوصه هذه المرة، ليدعو به الى حل للتردد الاشاراتي وهو يلجأ لقراءتها بالعزف. وهذا أمر مهم يدفعه الى مسك مجاذيف، يلمسها بين أبحار اللون الحسي القزحي على الاوتار، وأرتقاء – النيرفادا- بذاته إلى مرتبة اللاوعي الناقده للتعاقبات الغائبة مؤاسية التسامي وهو يتزاور بذاته الى الفضاء.

وفي الواقع، لم يكتف الفنان عينكاوي بقراءة التواصل الاثير ماضيا قادم، والتماثل التأمل أنضمام حضوري مستدام، أو للوجود المنتج الفني في عالم الجمال في زمانيتهما التاريخية. بقدر ما عمل الفنان على خلق السحر بحدود التأويل المحدد ضمن دوائر تكشف عن غنى مرجعيته الفلسفية الجمالية، إذ يتمكن العودة بها إلى الفلسفة الفنية والاخلاقية والعقلانية والعالم المادي الجديدة والرومانسية (رومانسية الموسيقى العربية الكلاسيكية)، وهكذا يتعلق الأمر بالدائرة الجمالية والتاريخية والصفات اللغوية للعبارة الموسيقية وهي، في نهاية المطاف، دوائر للنظرة الجمالية التي تحيل به على جمع المكون للأجزاء التي حلم ببناءها كطيف لحماية ما استحوذه من حس جمالي "للسلام الانساني"، وهو يتثقق بها كمواهب ومواقف، في احتوائها للتجربة الفنية الهيرمينوطيقية في سعيها لإعادة الإعتبار للسمات الفنية وطموحها إلى لحرية الفكرية، والعقل الملزم.

وأخيرا، بناء على هذا التعدد المرجعي، الذي أبان الفنان عينكاوي عن تمثله التأملي له باعتماد مبدأ التوليفات الجمالية الفنية بنظرته، وحمل يتجول كما نلاحظه بذلك على مستوى عنوان نظرته الذي يعد بها محاولة ثقته للربط أو عدم الربط بين الحقيقة بمعناها الايقاعي والمنهج بمعناه الانساني، مما وجدنا أنفسنا أمام مفهوم للتأويل لنظرته الجمالية، ولو تعذر علينا الإلمام به في هذه المقالة المتواضعة، الا أننا نأمل أن يكون هناك مسحا لنظرة الجمالية الفنية والتأويل الذي يستلزم تحليل التواصل الاثيري والتماثل التأملي، والابداعات المثيرة للموهبة الفنية المتنوعة وغير المعتادة بالنسبة للمتلقي. ولا ينسيني الحلم وأطيافه، بالشكر والتقدير الى مدير المنتدى الثقافي العراقي الدكتور خيرالله سعيد، وفريق الادارة والسيدة صاحبة المدخل الفني الهذيب بموسيقاه الرفيعة السيدة منمن، والاعضاء الحضور دون إستثناء بعبق حضورهم ومشاركتهم الملتزمة بمسؤولية.




#إشبيليا_الجبوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الباحث خيرالله سعيد: الخطاب العقلاني في نقد البطل المنهجي/ ا ...
- الباحث خيرالله سعيد: الخطاب العقلاني في نقد البطل المنهجي/ ا ...
- الباحث خيرالله سعيد: الخطاب العقلاني في نقد البطل المنهجي/ ا ...
- الباحث خيرالله سعيد: الخطاب العقلاني في نقد البطل المنهجي/ ا ...
- الباحث خيرالله سعيد: الخطاب العقلاني في نقد البطل المنهجي/ ا ...
- الباحث خيرالله سعيد: الخطاب العقلاني في نقد البطل المنهجي/ ا ...
- الباحث د. خيرالله سعيد: الخطاب العقلي في نقد البطل المنهجي، ...
- الباحث د. خيرالله سعيد، الخطاب العقلاني : المدخل البنيويّ وا ...
- الباحث د. خيرالله سعيد: الخطاب العقلاني في نقد البطل المنهجي ...
- الباحث د.خيرالله سعيد، الخطاب العقلاني في نقد البطل المنهجي ...
- مقترح الورش الدراسية: 1-36 ورشة عمل فكرية نقدية
- الباحث د. خيرالله سعيد: الخطاب العقلاني في نقد البطل المنهجي ...
- الباحث د.خيرالله سعيد بين أنطولوجيا تقديس النص المكاني وقشع ...


المزيد.....




- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إشبيليا الجبوري - النظرة الجمالية للفنان سامر عينكاوي بين المتصل الأثيري والتمثيل التأملي الموسيقي