أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إيمان أحمد ونوس - الراتب خلفنا، والغلاء أمامنا..فأين المفر؟














المزيد.....

الراتب خلفنا، والغلاء أمامنا..فأين المفر؟


إيمان أحمد ونوس

الحوار المتمدن-العدد: 3933 - 2012 / 12 / 6 - 11:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




قبل اندلاع الأزمة في سوريا- وربما أحد أهم أسباب اندلاعها- هو عدم التوازن بين الأجور والأسعار التي كانت بين الحين والآخر تُحلّق لمستويات تخنق المواطن وإمكانية العيش بقليلٍ من الإنسانية في حيازة بعض أساسيات المعيشة.
ومع اندلاع تلك الأزمة منذ ما يُقارب العامين، ورغم الزيادة التي جاءت مع الأيام الأولى لها، إلاّ أن الفلتان الذي شهدته الأسواق لم يكن مسبوقاً. إضافة إلى نقص واختفاء العديد من السلع التموينية الأساسية لحياة الناس- عدا عن مواد يمكن الاستغناء عنها- حتى أصبح اللجوء إلى المؤسسات الاستهلاكية الحكومية هو الحل الوحيد أمامنا، مع أن الأسعار في تلك المؤسسات لا تختلف كثيراً عن الأسواق، مع فارق جوهري، هو أن الأسواق تعرض أمام المستهلك أصناف متنوعة من المواد، بينما تلك المؤسسات لا تقدّم هذا التنوّع، عدا عن أنها لجأت مؤخّراً إلى مخزونٍ قديم لم نعد نتعرّف إليه، وبنوعيات رديئة للغاية، هذا إن وجدت أصلاً في مراحل لاحقة. أما مؤسسات الخضار والفواكه فهي تضعنا أمام خيار وحيد من المواد وبأسعار مقاربة جداً لأسعار السوق الذي يترك أمام المستهلك خيارات تساعده نوعاً ما على شراء خضار مقبولة بعض الشيء وبسعر يلائم قدرته الشرائية التي بدأت بالتلاشي والانهيار تقريباً أمام هذا الفلتان الجنوني للأسعار ولا من رقيبٍ أو حسيب.
كل هذا الوضع كان إلى وقتٍ قريب ربما يمكننا التعاطي معه بشق الأنفس،حيث أمكننا التعويض عن نقص وغلاء الغاز المنزلي باستخدام الكهرباء التي باتت اليوم عزيزة المنال في العديد من المناطق السورية التي تشهد انقطاعاً متواصلاً للتيار يُلغي معه أيّة إمكانية للحياة الإنسانية العصرية، فقد عاد الناس للغسيل اليدوي- في الطشت- والطبخ على موقد الحطب المقتطع من الأشجار المثمرة أو الحراجية في الحقول والغابات، ومعروف تماماً مدى فظاعة قطع تلك الأشجار وتأثيرها على البيئة ومصادر الغذاء، وفوق كل هذا هناك الدراسة التي باتت من مخلفات الماضي بالنسبة إلى الطلاب الذين لم يعودوا بقادرين على القيام بواجباتها في ظلِّ العتمة شبه الدائمة، لاسيما في ظلّ الدوام النصفي الذي فُرض هذا العام تماشياً مع وضع المدارس التي تأوي النازحين من مناطق الاضطرابات، حيث تُلغى الحصص الدرسية الأخيرة لعدم وجود مصابيح أو بسبب انقطاع الكهرباء، فلنتخيّل وضع طلابنا العلمي والمعرفي في هكذا أجواء..! والمُضحك المبكي في موضوع الكهرباء، هو الفواتير المرتفعة أو المضاعفة دورة بعد أخرى، والتي لا نجد مبرراً لها غير إذلال وخنق المواطن، فمن أين لنا بكل هذا الكم من الاستهلاك والكهرباء لا تزورنا إلاّ نادراً؟، والتي فرضت هي وغلاء أو نقص المازوت أيضاً أزمة أخرى أشدُّ ضراوة، وهي أزمة الخبز التي باتت الشغل الشاغل للناس يومياً، حيث تراهم طوابير متدافعة أمام الأفران التي تعمل بطاقة متدنية هي الأخرى، أو أمام كوّات توزيع الخبز رغم أن بعض هذه الكوّات مغلقة، فهم ينتظرون رغم المطر والبرد والتأخير عن الدوام الذي بات هو الآخر أزمة حقيقية ومعضلة غير قابلة للحل في المدى المنظور. وهنا لا يمكننا أن نُغفل مسألة هامة، وهي أن بعض الأفران بما فيها الحكومية قد لجأت لإنقاص عدد الأرغفة في ربطة الخبز، أو لإنقاص الوزن عبر رغيفٍ رقيق لا يساوي نصف الرغيف سابقاً، وبالتالي نكون قد خضعنا لزيادة أخرى على سعر الخبز الذي وصل ثمن الربطة منه إن وُجِدَ في المحلات التجارية إلى خمس وعشرون ليرة مع فضلٍ من البائع أنه قدّم لنا خدمة جليلة....!
يأتينا فوق كل هذا الضغط المعاشي القاسي أزمة المواصلات التي فرضتها الأوضاع الأمنية من جهة، وشح وغلاء المازوت الذي يشتريه سائقو وسائط النقل العام من السوق السوداء حسب زعمهم، ليفرضوا علينا تسعيرة مضاعفة، أو تفرضها الحكومة من أجل إرضاء السائقين الذين يهددون يومياً بالإضراب لعدم توافر المازوت أو لأن التسعيرة لم تعد تتلاءم مع غلاء ثمنه. أمام هذا الوضع بات السير على الأقدام هو الحل الأمثل أمامنا كي لا نقف طويلاً في انتظار فرصة الركوب التي ربما لا نصل إليها إن وقفنا بكرامتنا بعيداً عن التدفيش واللكم والشتائم من جهة، ولكي نتجنب أجور المواصلات التي باتت تنهب أكثر من ربع الراتب في الشهر من جهة أخرى.
طبعاً هنا لم يعد بإمكاننا الحديث عن سعر اللحوم والفواكه أو الملابس والأحذية، لأنها باتت من الكماليات الترفية لنسبة كبيرة من شرائح المجتمع، لاسيما العاملون باجر سواء في القطاع العام أو الخاص إن بقي فيه عمال، وأولئك المعذبون في الأرض الذين لم يعد أمامهم لا عمل ولا فرص لحياة تليق بإنسانيتهم المسفوحة على أعتاب مقتنصي الأزمات الذين كدّسوا الملايين خلال الأزمة وعلى مرأى من الحكومة ومسمع مسؤوليها الذين لم يحركوا ساكناً أمام كل هذا الذل والإفقار الذي يتعرض له المواطن السوري على مدار الساعة، لاسيما أولئك المسؤولين الذين رفعوا شعارات جعلت بعض الناس متفائلين إلى حدٍّ ما، من مثل( معيشة المواطن خط أحمر)
فعلاً، أصبحت معيشتنا خطاً أحمر لا يمكننا الاقتراب من حدودها الإنسانية البسيطة أمام كل هذا الواقع المرير الذي نحيا دون أن يرفَّ جفن لأولئك الطامعون من التجّار، أو المسؤولين الذين وصلوا لما سعوا من أجله، وهو المنصب والمكاسب على حساب قوت يومنا وكرامتنا وإنسانيتنا، دون إمكانية عثورنا على مفرٍّ آمنٍ يعوّض لنا تلك الإنسانية والكرامة التي فقدناها في وطننا الذي نأمله دائم الأمان والسلام الكرامة.



#إيمان_أحمد_ونوس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة فليعلُ صوت النساء ع ...
- البطاقة العائلية... ومعضلة استحقاقات المرأة
- الآثار الاجتماعية والنفسية للنزاعات المسلحة على المرأة
- نظرية ما بعد البنيوية والنسوة في الشرق الأوسط، هل ندور في حل ...
- النسوية العربية: رؤية نقدية - ماذا تريد النساء.؟
- النسوية العربية: رؤية نقدية
- الطلاق العاطفي ... صقيع يغتال الحياة
- تناقض صارخ.. بعد تشكيله لجنة حقوق المرأة والطفل والأسرة
- هل ينهض الفينيق من رماده
- أهمية عمل المرأة من منظور الرجل
- أما آن الأوان لرفع التحفظات عن السيداو..؟
- مؤشر خطير على وضع المرأة السورية تراجع تمثيلها في البرلمان ع ...
- الاغتصاب الزوجي.. أشد فتكاً بالمرأة.
- إلى متى تبقى الكوتا طريق المرأة للعمل السياسي.؟
- دور المرأة في تطوير وتنمية موارد الأسرة
- الأم العاملة.. رحلة عمل دؤوب وعطاء لا ينتهي.
- عيد المرأة.. وتحديات الدستور
- المرأة العربية في ظل المتغيّرات الجارية
- عيد الحب... في زمن الكراهية والدم
- المخدرات... سعادة زائفة تغتال الشباب


المزيد.....




- وحدة أوكرانية تستخدم المسيرات بدلا من الأسلحة الثقيلة
- القضاء البريطاني يدين مغربيا قتل بريطانيا بزعم -الثأر- لأطفا ...
- وزير إسرائيلي يصف مقترحا مصريا بأنه استسلام كامل من جانب إسر ...
- -نيويورك تايمز-: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخ ...
- السعودية.. سقوط فتيات مشاركات في سباق الهجن بالعلا عن الجمال ...
- ستولتنبرغ يدعو إلى الاعتراف بأن دول -الناتو- لم تقدم المساعد ...
- مسؤول أمريكي: واشنطن لا تتوقع هجوما أوكرانيا واسعا
- الكويت..قرار بحبس الإعلامية الشهيرة حليمة بولند سنتين وغرامة ...
- واشنطن: المساعدات العسكرية ستصل أوكرانيا خلال أيام
- مليون متابع -يُدخلون تيك توكر- عربياً إلى السجن (فيديو)


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إيمان أحمد ونوس - الراتب خلفنا، والغلاء أمامنا..فأين المفر؟