أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد القبانجي - صورة الله عند الفلاسفة














المزيد.....

صورة الله عند الفلاسفة


أحمد القبانجي

الحوار المتمدن-العدد: 3932 - 2012 / 12 / 5 - 18:48
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لو تصفحنا آراء الفلاسفة في مقولاتهم عن الله تعالى لوجدنا أن «الله» الذي يتحدثون عنه لا يعدو عن كونه خالقاً للكون وواجب الوجود وازلياً وأبدياً ولا تطرأ عليه الحوادث من العشق والغضب والعواطف وما الى ذلك، وهذا المعنى هو ما ورثه الفلاسفة المسلمون من فلاسفة اليونان كأفلاطون وارسطو، فالهدف هو اثبات أن لهذا الكون خالقاً مدبراً وانه واحد لا اكثر، بينما لا نرى مثل هذه الكلمات في الاديان السماوية ومنهج الانبياء في تعليماتهم اللاهوتية، بل نجد صياغة اخرى مختلفة تماماً عن صياغة الفلاسفة في دائرة وجود الله تعالى، حيث يشكل الوحي وكلام الله مع الانسان المحور الاساس لجميع المفاهيم الدينية وتعليمات الانبياء عليهم السلام للبشر، فالوحي يمثل الرابطة الخاصة بين الله والانسان، وكما قلنا أن مقولة الوحي لا تختص بالانبياء بل تمتد لتشمل كل فرد من افراد البشر، وعندما نقول أن الوحي هو محور العلاقة بين الله والانسان، فهذا يعني أن الله الذي أرشدنا إليه الانبياء يقيم علاقة خاصة مع الانسان بأن يتحدث معه على الدوام، ويرتبط برابطة عاطفية مع الانسان ويمتد الى قلبه ومحتواه الداخلي ليناجيه في سرّه ووجدانه، بينما إله الفلاسفة هو (العلّة الاولى) وواجب الوجود لا اكثر، وهذا المعنى يتساوى بين الانسان والحجر وسائر المخلوقات على السواء، فكما أن الانسان معلول وممكن الوجود، فكذلك سائر المخلوقات من جمادات ونباتات وحيوانات، فكلها من حيث الامكان والمعلولية على السواء ولا توجد رابطة خاصة حينئذ بين الله والانسان. واما الوحي فيقوم على وجود رابطة خاصة بين الله والانسان لا توجد في سائر الكائنات. وهذه الميزة تقوم في الاساس على وجود المحتوى الداخلي للانسان والبعد الروحي فيه خلافاً لغير الانسان، أي ان للانسان عالماً آخر في قلبه وروحه، ولا يوجد مثل هذا العالم المعنوي في المادة، وحتى بالنسبة الى الحيوانات التي تتمتع بروح حيوانية ويمكن أن يوحي اليها الله تعالى من وراء الغرائز والجواذب النفسانية لا تمتلك قدرة على التفاعل الحرّ مع الله تعالى، بل هي مأمورة كما هو الحال في حركة الجمادات وفق القوانين الطبيعة، وهذه الميزة الاساسية الخاصة بالانسان هي التي تجعله لائقاً للحديث مع الله تعالى وحديث الله معه على اساس من الرابطة العاطفية.
بينما على التصوير الفلسفي فرابطة الانسان مع الله هي رابطة الانسان مع شيء خارجي، فكما أن الانسان يقيم علاقة مع العلل الطبيعيّة لاستخدامها في قضاء حاجاته الدنيوية، فكذلك حاله مع الله تعالى والعلة الاولى، أي أنه يريد استخدامه في قضاء حاجاته فقط.
ومع الاسف فان هذه الحالة المتدنيّة في العلاقة مع الله تعالى هي الحاكمة في مجمل ارتباطنا مع الله تعالى من خلال الدعاء لاقامة ارتباط عاطفي مع الله تعالى أو لإشباع رغبة روحية في الاتصال بالله تعالى لمجرد الاتصال نفسه لا لشيء آخر، أي ان الهدف الاول والاخير من الدعاء يجب أن يكون هو الله نفسه، والدافع الحقيقي من وراء الدعاء يجب أن يهدف نحو التوجّه الى الله تعالى وطلب الاتصال به، لا أن نريده وسيلة وأداة لتحقيق رغباتنا وطموحاتنا اللامتناهية ويكون حالنا معه كحالنا مع العلل والاسباب الطبيعية التي نستخدمها لقضاء حاجاتنا، فنحن نطلب النار للتدفئة، ونطلب من السيارة أن توصلنا الى المكان الفلاني، فاذا تحقق الغرض المطلوب نتركها فوراً، وكما يقول بعض العرفاء اننا لا نعرف من الله سوى اسم «الرزاق» فنحن نريده ليرزقنا المال والصحة والعمر والامان وغير ذلك، والحال أن المفروض أن نفكر فيما يريده الله منا لأنه هو الذي خلقنا، وحتماً له غاية وغرض من هذا الخلق، فكما اذا أشعلنا النار فنحن نريد منها غاية معينة، واذا صنعنا سيارة فنريد منها غرضاً خاصاً، فنحن يحق لنا أن نطلب منها ونتوقع منها وليس العكس، فلا يصح للنار أو السيارة أن تتوقع من صانعها شيئاً سوى ما تؤدي وضيفتها تجاه الصانع، فلو لم يعطها ذلك، فهذا يعني انه ليس بحاجة إليها ولا يحق للمصنوع أن يتوقع من صانعه، ولكننا في علاقتنا مع الله نلاحظ العكس، فنحن دائماً نتوقع من الله تعالى ونطلب منه مع علمنا بأنه أرحم بنا من انفسنا وأعلم بنا منّا، فاذا لم يعطنا ما نطلب فذلك حتماً يعود الينا والى مصلحتنا، ومع ذلك فنحن نصر على ما نريد، وهذا التوقع هو السبب في زوال الحب والعشق في علاقتنا مع الله تعالى، فنحن نريده لنا ومن أجلنا، وعندما ندعي اننا نحبّ الله فهذا الحب يعود الى أنفسنا، أي اننا نحب انفسنا أولاً وبالذات، وبما أن الله يقضي لنا حاجاتنا فنحن نحبه ونريده، فالغاية الاولى والاخيرة من هذا الحب هو حب الذات لا حب الله.



#أحمد_القبانجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من انجازات النبي ... توحيد القبائل والشعوب
- المنهج الجديد في تفسير النص
- اسطورة الفيل وحرب أبرهة الحبشي
- العلاقة المتبادلة بين الدين والأخلاق
- من انجازات النبي ... تشكيل الدولة
- مساهمات الفلاسفة في نشوء علم النفس
- حقوق الانسان من منظور اسلامي
- ابراهيم الخليل وإشكالية ذبح الابن
- الوعد الالهي بالارض المقدسة
- نقد الاعجاز البلاغي في القرآن
- موقف الاسلام من المرأة
- الفلسفة الوجودية


المزيد.....




- إبراهيم عيسى يُعلق على سؤال -معقول هيخش الجنة؟- وهذا ما قاله ...
- -حرب غزة- تلقي بظلالها داخل كندا.. الضحايا يهود ومسلمين
- عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف ...
- عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف ...
- يهود متطرفون من الحريديم يرفضون إنهاء إعفائهم من الخدمة العس ...
- الحشاشين والإخوان.. كيف أصبح القتل عقيدة؟
- -أعلام نازية وخطاب معاد لليهود-.. بايدن يوجه اتهامات خطيرة ل ...
- ما هي أبرز الأحداث التي أدت للتوتر في باحات المسجد الأقصى؟
- توماس فريدمان: نتنياهو أسوأ زعيم في التاريخ اليهودي
- مسلسل الست وهيبة.. ضجة في العراق ومطالب بوقفه بسبب-الإساءة ل ...


المزيد.....

- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد
- التجليات الأخلاقية في الفلسفة الكانطية: الواجب بوصفه قانونا ... / علي أسعد وطفة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد القبانجي - صورة الله عند الفلاسفة