أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - مصر والإسلام السياسي















المزيد.....

مصر والإسلام السياسي


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 3932 - 2012 / 12 / 5 - 18:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



أثار ما أقدم عليه الرئيس المصري المنتخب “ديمقراطياً” الدكتور محمد مرسي بإصدار إعلان دستوري جديد يوم 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2012 جدلاً واسعاً على الصعيدين الشعبي والقانوني، خصوصاً أن قوى المعارضة اعتبرته، إجراءً غير ديمقراطي من حيث الشكل والمضمون . وخطوة خطرة لعودة الاستبداد .

وتنادت القوى والشخصيات الوطنية المعارضة للتوقيع على بيان تلاه سامح عاشور نقيب المحامين المصريين نيابة عنهم اعتبروا الإعلان “جريمة” ويمثل “انقلاباً” على الشرعية واستحواذاً غاشماً على سلطات الدولة، ولحقت بهذا الاجراء استقالات لنواب الرئيس بينهم سمير مرقص وعمرو الليثى وأيمن الصياد، مستشارا الرئيس لشؤون الإعلام، والمهندس محمد عصمت سيف الدولة، مستشار الرئيس للشؤون العربية، والدكتور سيف عبدالفتاح، مستشار الرئيس للشؤون السياسية .

صحيح أن عهد الرئيس مرسي يختلف عن سابقاته وإنْ كان لا يزال في بداياته، وكل بداية صعبة كما يقال، لكن المكتوب يُقرأ من عنوانه أيضاً . كان يمكن استثمار عوامل الاختلاف وهي موضوعية وذاتية لمصلحته لا ضده، فالاختلاف بينه وبين الأنظمة السابقة جوهري، لا سيما سياقات وصوله إلى السلطة الذي يأتي في ظرف تاريخي داخلي مختلف وعبر صندوق الاقتراع وهذا أولاً، وثانياً أنه جاء في ظل موجة الربيع العربي وفي ظروف دولية وعربية وإقليمية مختلفة أيضاً، وثالثاً أنه رئيس فاز بانتخابات ديمقراطية ولم يأتِ على ظهر دبابة، ورابعاً فهو يمثّل عمقاً لحركة شعبية واسعة، لكن انتخابه شعبياً لا يعطيه الحق ليتصرف خارج نطاق اللعبة الديمقراطية التي تشمله مثلما تشمل الآخرين، في إطار قواعد وقوانين لا بدّ من مراعاتها، الأمر الذي يضع قراراته بما فيها الاعلان الدستوري، أقرب إلى الدساتير المؤقتة والقرارات الثورية التي تعرّضت إلى نقد شديد بما فيه من جانب حركة الأخوان المسلمين، لاسيما تلك التي عرفتها الثورات في الخمسينات والستينات عقب الانقلابات العسكرية .

ولهذا فإن محاولة جمع السلطات بيد واحدة تُفسّر الرغبة في تجيير نتائج الانتخابات الديمقراطية لغير قضية الديمقراطية التي تتطلب فصل السلطات لا جمعها تحت سلطة واحدة، ومن جهة أخرى أنها عملية استبطان لرغبة في الهيمنة بحجة الظرف المؤقت والانتقالي . وإذا افترضنا حسن النيّة كما حاول الرئيس مرسي أن يعطي مثل هذا الانطباع في مقابلته التلفزيونية بُعيد اندلاع أحداث ميدان التحرير اعتراضاً على صدور الإعلان الدستوري، فإنه سيكون أقرب إلى السذاجة السياسية، وربما يعكس قلّة الحكمة بحكم ضعف وانعدام الخبرة والدراية الإدارية بشؤون الحكم والدولة، فما كان يصلح لفترة من الزمن قد لا يصلح لغيرها وكلّها أمور غير مقبولة . وعلى أقل تقدير فهذه القراءة المخطوءة ستقود إلى نتائج ضارة قد لا تحمد عقباها، لاسيما على الرئيس وتياره السياسي، فالماضي أصبح ماضياً ولا يمكن استعادته .

وحتى كتابة هذه السطور فإن الرئيس مرسي لم يتراجع عن قراراته وطلب من المعارضة الحوار، لكن لغة التصعيد اتخذت أبعاداً جديدة، بارتفاع منسوب العنف والتراشق السياسي وحملة الاعتقالات وغيرها، كما شهدت القاهرة ومدن أخرى تظاهرات حاشدة واجتماعات متنوّعة، بما فيها لنادي القضاة، حيث أعلن المستشار عبد المجيد محمود رفض قرار إقالته وقرر التوجه إلى القضاء لحسم الأمر .

لم يخطر ببال كثيرين أن الرئيس مرسي سيتخذ مثل هذه الخطوة التي أعادت إلى الأذهان الصلاحيات الكبيرة التي تمتع بها الرؤساء السابقون، خصوصاً وأن الرئيس أدّى القسم على الاعلان الصادر في 11 أغسطس/ آب ،2011 أي بعد انتخابه رئيساً في 30 يونيو/حزيران، لاسيما الفقرة الخاصة باحترام استقلال القضاء، الأمر الذي يعني بصدور الإعلان الجديد والخطوات التي اتخذها بإقالة النائب العام، نسفاً لأسس النظام الديمقراطي الوليد، خصوصاً بمنح نفسه سلطات تجاوزت سلطات جميع الرؤساء السابقين، فضلاً عن جميع الدساتير والإعلانات الدستورية السابقة .

لعل قرارات الرئيس مرسي كانت أقرب إلى الضربة الاستباقية، فقد كانت المحكمة الدستورية تريد النظر في 2 ديسمبر/كانون الأول في ثلاث قضايا: الأولى في شرعية منح سلطات لرئيس الجمهورية في الإعلان الدستوري الصادر في 11 أغسطس/آب الماضي بعد انتخابه، والثانية احتمالات المطالبة بإلغاء الاعلان الدستوري وإعادة العمل بالاعلان الدستوري المكمّل الذي سبق للمجلس العسكري السابق أن أصدره (عشية الانتخابات الرئاسية وتحت ضغط مطالبة القوى السياسية المعارضة) . أما الثالثة فكانت تدعو إلى إعادة النظر في بطلان الجمعية التأسيسية وعدم شرعية مجلس الشورى، وهو ما دفع بها إلى مناقشة بنود الدستور الجديد “ المقترح” أن يتم الاستفتاء عليه قبل مناقشة موضوع شرعيتها .

وكان احتمال إصدار مثل هذه الفتاوى القانونية يعني إثارة أزمة دستورية وسياسية قد تعصف بالعملية السياسية وتؤدي إلى الاطاحة بالشرعية القائمة التي يمثلها مرسي نفسه، ولهذا حاول الرئيس الاسراع بتجهيز إعلان دستوري جديد يوضع ضمن مواصفات تحصّن “شرعيته” ضد السيناريوهات المحتملة، ويحمي نفسه إزاء أية مساءلات قادمة، لكنه لم يحسب حساب الشارع، لاسيما أنه يتعامل مع ثورة لا تزال في حال الفوران ولم تهدأ بعد، ولا تزال تتجاذبها قوى مختلفة، ولم تحدد بعد توجهها بحكم طبيعة القوى التي تمثلها .

وكان الرئيس مرسي قد تدرّج في الوصول إلى هذه الخطوة الاستباقية، ففي أغسطس/آب الماضي استردّ سلطة التشريع من المجلس الأعلى للقوات المسلحة (الذي قاد البلاد خلال الفترة الانتقالية) . ثم تم وضع يده على السلطة القضائية وأنهى دورها في الرقابة على السلطتين التشريعية والتنفيذية، وعند إصدار الاعلان، سعى لتحصين نفسه بأثر رجعي منذ توليه السلطة 30 يونيو (حزيران) ،2012 الأمر الذي أثار ارتياب الحركة الوطنية والتيارات الشعبية والمدنية التي اعتبرت نفسها معارضة لحكم الأخوان وحزب الحرية والعدالة، بل واتهمته بمحاولة الاستدارة بالبلاد نحو الدكتاتورية السابقة .

ربما لم يفكّر الرئيس المصري أو سواه من الذين وصلوا إلى السلطة أن زمن ما يسمى بالشرعية الثورية قد انتهى أو توقف أو أصبح في رحم الماضي، خصوصاً حين انتهكت الثورات الدساتير التي سنّتها، بل أهدافها ومبادئها وتحوّلت إلى دكتاتوريات سافرة، الأمر الذي لا يمكن فيه التفكير بالعودة إلى الماضي واتباع الأحكام الاستثنائية والقرارات الثورية التي عرفتها مصر بعد ثورة يوليو والتي كرست سلطات وصلاحيات تكاد تكون مطلقة للرؤساء .

فكيف يسمح حاكم منتخب ديمقراطياً أن تكون قراراته نهائية ونافذة بذاتها وغير قابلة للطعن عليها بأي طريق وأمام أية جهة، كما لا يجوز التعرّض بقراراته بوقف التنفيذ أو الإلغاء، وتنقضي جميع الدعاوى المتعلّقة بها والمنظورة أمام أية جهة قضائية؟ وكيف يكون من حقه تعيين النائب العام من دون المساس باستقلال القضاء؟

وإذا كان القضاء في الظروف الاعتيادية والسلمية إحدى دعامات النظام الديمقراطي، فإن البلاد ستكون بحاجة أشد إليه في فترة الانتقال والتحوّل حيث يضعف أو يتصدّع حكم القانون، وقد نسب إلى رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل عندما كانت لندن تدكّ بالقنابل أن سأل: وماذا عن القضاء؟ وعندما عرف أنه بخير علّق إذاً بريطانيا بخير، الأمر الذي يحتاج في الظروف العصيبة إلى عدالة انتقالية لكشف الحقيقة كاملة والمساءلة عمّا جرى، وليس بروح الانفلات أو الانتقام أو الثأر، وإنما بهدف جبر الضرر وتعويض الضحايا والتأسيس لإعادة بناء وإصلاح الأنظمة القانونية والقضائية والأمنية، بما يحول دون تكرار الانتهاكات والخروقات، ولهذا يصبح أي حديث عن حماية واحترام حقوق الإنسان من دون وجود قضاء مستقل مجرد سفسطة ودعاية سياسية .

إن التحدي الذي واجه الإعلان الدستوري لا يخص مصر وحدها، إنما يخص كل جماعات الإسلام السياسي، فهل يمكن تجاوز عقدة النظام الشمولي والاحتكام إلى الديمقراطية وقواعدها، أم أن الرغبة في الهيمنة واحتكار السلطة السياسية والاستئثار بها سيكون الهاجس الأكبر لقوى ظلّت مخلوعة ومقموعة على مدى سنوات؟ إن هذا السؤال سيواجه تونس واليمن وليبيا وسوريا إضافة إلى مصر وجميع البلدان التي شهدت ربيعاً عربياً أو ما يشبهه!!



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل ترسو سفينة مصر الدستورية؟
- ماذا عن أكراد سوريا؟
- غزة وعمود السحاب!
- غوته وسحر الشرق
- اعتراف هولاند الخجول بجرائم قتل الجزائريين
- دلالات الديمقراطية وحقوق الإنسان في فكر أمين الريحاني
- عن تونس والدين والدولة
- العدالة الانتقالية والعدالة الانتقامية
- الشبيبي والبنك المركزي: قضية رأي عام!
- برزخ العنف والوعي الشقي
- ما ينتظره مسلمو ميانمار
- - اللاعنف-: هل هو منتج غربي؟
- الأقليات في الدول الإسلامية المعاصرة - المسيحيون والصابئة ال ...
- الصندوق الأسود!
- عن فيتو الفقهاء في العراق!
- حوار باريس 3
- بين قلم الأديب وحبر السياسة!*
- رياح التغيير: الوعي والسياسة
- الطريق الوعر إلى الحرية: أوروبا الشرقية نموذجاً
- الثورة وسؤال اللاعنف!


المزيد.....




- فرنسا: الجمعية الوطنية تصادق على قانون يمنع التمييز على أساس ...
- مقتل 45 شخصا على الأقل في سقوط حافلة من على جسر في جنوب إفري ...
- جنرال أمريكي يوضح سبب عدم تزويد إسرائيل بكل الأسلحة التي طلب ...
- شاهد: إفطار مجاني للصائمين في طهران خلال شهر رمضان
- لافروف عن سيناريو -بوليتيكو- لعزل روسيا.. -ليحلموا.. ليس في ...
- روسيا تصنع غواصات نووية من جيل جديد
- الدفاع الأمريكية تكشف عن محادثات أولية بشأن تمويل -قوة لحفظ ...
- الجزائر تعلن إجلاء 45 طفلا فلسطينيا و6 جزائريين جرحى عبر مطا ...
- لافروف: الغرب يحاول إقناعنا بعدم ضلوع أوكرانيا في هجوم -كروك ...
- Vivo تكشف عن أحد أفضل الهواتف القابلة للطي (فيديو)


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - مصر والإسلام السياسي