أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - الثورة والإسلاميين بين سورية ومصر















المزيد.....

الثورة والإسلاميين بين سورية ومصر


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 3931 - 2012 / 12 / 4 - 20:57
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


وضع سورية المحتمل في شأن موقع الإسلاميين في الحياة والعامة والنظام السياسي أسهل وأصعب من مصر في آن. أسهل لأن قاعدة الاعتراض على أية هيمنة إسلامية أوسع في سورية، وهذا ليس فقط لكون وزن "الأقليات" في سورية أضعاف وزنه في مصر، وإنما كذلك لأنه لطالما بدا المجتمع السوري أقل تدينا من نظيره المصري، وتدينه العام قلما يكون متشددا سياسيا حتى حين يكون محافظا اجتماعيا. وأصعب لأن ما يقترب اليوم من 21 شهرا من الثورة رفع مستوى الوعي الذاتي السني (والديني عموما)، ووسع قاعدته الاجتماعية، وشحنه بالغضب والتشدد، ولأنه بخاصة هناك مكون مسلح كبير للثورة، وزن سنيين يتفوق فيه على وزنهم الديمغرافي بين السكان، ووزن إسلاميين فيه يبدو متناميا.
مصر لا تواجه اليوم مشكلات التقاء السلاح بالتدين، وقد تسببت في كل مكان في زمننا الحاضر في عنف مضاد للمجتمع وليس للحكومات فقط. في هذا وضعنا السوري سيكون أشد عسرا دون ريب.
لكن قبل كل شيء هناك الفارق الحاسم بين البلدين، المتمثل في أن مصر دخلت طورا ثانيا من الصراع السياسي بعد سقوط مبارك وظهر محور استقطاب جديد كان محتجزا أيام حكمه، الاستقطاب بين إسلاميين صاروا هم النظام، ويظهرون تطلعا إلى حكم تسلطي جديد، وبين طيف مصري عريض، يوحده المطلب الديمقراطي والحد من إطلاق سلطة الحاكمين الجدد. ويبدو أن ظهور محور الاستقطاب هذا يحد من تمايز الإسلاميين المصريين بين سلفيين وإخوان. في سورية تحول شروط الثورة دون أن يفرض التمايز الديمقراطي الإسلامي نفسه. محور الاستقطاب الرئيسي لا يزال هو ما يفصل معارضين متنوعين عن النظام.
وبينما ليس هناك سبب قوي لأن نتشكك في أن المجتمع السوري سيتفاعل بصورة مختلفة عن نظيره المصري مع احتمالات استعادة التسلطية برداء إيديولوجي إسلامي، فإن الفوارق الكبيرة بين مساري التجربتين الثوريتين تجعلان هذا التقدير قليل الفائدة.
في مصر يحتمل للأوضاع المضطربة الراهنة أن تنفتح على واحد من اتجاهين، ديمقراطي أو فاشي. إما أن تنجح المعارضة المصرية الجديدة في فرض توازنات اجتماعية وسياسية مواتية للحريات العامة ومساواة أكبر بين المصريين، أو أن يتحول نظام الإسلاميين إلى فاشية صريحة لتحطيم المعارضة المتنامية، بما فيها بعد حين احتجاجات اجتماعية. أما في سورية فيرجح أن تتداخل مشكلات ضبط السلاح المنتشر واحتمالات الانتقام الطائفي، مع تشقق الطيف المعارض الحالي إلى مكوناته العلمانية والإسلامية، مما يمتنع قول شيء بشأنه اليوم. من شأن سقوط النظام أن يكون بداية ظهور هذا التمايز، لكن لا يبعد أن يطرأ على المشهد عنصر يحتجز التمايز أيضا: فلول النظام الأسدي، والمشكلات المتنوعة السياسية والأمنية التي سيثيرها ظهورهم، وبخاصة مع ما يرجح من امتزاج الإرهاب بالطائفية فيه. والطائفية عامل محتجز دوما للتمايزات السياسية، كان حالها كذلك طوال سنوات الحكم البعثي، والأسدي بخاصة.
قاد ظهور محور استقطاب إسلامي/ ديمقراطي في مصر إلى فتح باب خلفي لعودة "الفلول" إلى الحياة السياسية. هذه نقطة يركز عليها الإسلاميون المصريون لنزع شرعية الموجة الأخيرة من الاحتجاجات ضدهم. بالمقابل يقول المعارضون المحتجون إن نظام الإخوان لم يطهر وزارة الداخلية وأبقى أكثر ضباطها، وهو يعتمد عليهم اليوم لتدعيم سلطته.
ليس محور الاستقطاب الجاري في مصر عقديا، على ما قد يفضل إسلاميون تصوير الأمر، وربما علمانيون. من جهة، بين المحتجين على حكم الإخوان في مصر لا- علمانيين، وحتى إسلاميين، ومن جهة أخرى، من شأن تصوير الاستقطاب الجاري في مصر اليوم (وفي تونس) بأنه واقع حول محور إيديولوجي أن يخفي المحركات السياسية للصراع، وتحديدا كونه صراعا ضد إجراءات سياسية وقانونية استبدادية محققة ومحتملة من جهة الإسلاميين، وليس ضد وجود تيارات سياسية إسلامية ومشاركتها في الحياة السياسية. والواقع أنه يمكن لطرح المسألة على هذا النحو الأخير أن يكون خدمة مجانية تقدم للجهات الأكثر تسلطية بين الإسلاميين، وكذلك للفلول المحتملين ضمن المعارضة الجديدة. هذا يناسبهم لأنه يدفع إلى الصدارة الشراكة الاعتقادية الجديدة على حساب المواقع والامتيازات الاجتماعية المتأصلة. إثارة المعارك العقدية هي من الخطط المجربة للنخب التسلطية لتمويه الصراعات الاجتماعية والسياسية، ولتوتير الأجواء العامة، وكذلك لتصدر تلك النخب الجبهات الجديدة.
ومن جهة الإسلاميين، وقد صاروا في الحكم ويتلهفون على تحصين مواقعهم المكتسبة، يرجح أن يلعبوا لعبة العقيدة والهوية، أي تصوير الصراع الجاري في مصر اليوم بلغة الإسلام كعقيدة وهوية في مواجهة علمانيين أو لا دينيين.هذا نهج مجرب بدوره لنخب السلطة، وبخاصة بقدر ما تتعثر في معالجة المشكلات الاجتماعية والاقتصادية. تسيير مظاهرات الإسلاميين السبت الماضي تحت شعار "الشرعية والشريعة" مؤشر ظاهر على إرادة السلطة التي لا مرجع لشرعيتها غير الشريعة كما يعرفها الإسلاميون (أي الذين هم المرجع في تعريفها): السلطة المطلقة. وبين الإسلاميين، السلفيون هم المعنيون بذلك على نحو خاص. أكثر من الإخوان، سياسة السلفيين هي "الإسلام"، أسلمة المجتمع وليس مجرد "تطبيق الشريعة".
وفي الحالين المصرية والسورية، النقاش العقدي أنسب للنخب وأنماط الحكم الاستبدادية، وليس بحال للديمقراطية أو لحكم وطني عقلاني. وهو ما يعني منذ الآن أن سياسة النخب الوطنية غير الإسلامية ينبغي أن تعمل بالعكس على جر النقاش والعمل السياسي نحو المشكلات الاجتماعية والسياسية العيانية. وهو ما يشمل أيضا إظهار الرهانات السياسية والاجتماعية الفعلية من وراء النقاشات العقدية ذاتها.
وليست الأوضاع العسيرة المرجحة في سورية بعد الأسدية مانعا بحد ذاتها من الاستقطابات والصراعات العقدية. بالعكس، كلما كانت الأوضاع العامة أشد عسرا كان محتملا أن تغذي هذا النوع من الاستقطابات، وأن ينعكس الصراع السياسي الحاد في صراعات عقدية مطلقة. فضلا عن أن قطاعات واسعة مفقرة ومستنزفة من الجمهور ستفضل عناوين وشعارات بسيطة وواضحة لتعريف نفسها ومطالبها.
أما المثقفون الذي يقضي تعريفهم شرحا أكثر تعقيدا للأوضاع القائمة والتحولات التاريخية، فلن يكون لهم موقع معترف به أو كلام مسموع. ومعلوم أن فئة المثقفين يجري تهميشها في سنوات الصراع الثوري العنيف، وأن الثقافة ذاتها تتراجع لسنوات طويلة.



#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليس في التاريخ ثورات -ع الكاتالوغ-
- هل نستطيع تصور النظام السياسي السوري بعد الثورة؟
- ثورة سورية أم ثورة إسلامية في سورية؟
- معضلة العلاقة بين العلمانيين والإسلاميين السوريين
- ياسين الحاج صالح - كاتب سوري - في حوار مفتوح مع القارئات وال ...
- بعد تفخيخ دمشق... تفجيرها!
- حوار متجدد في شؤون الثورة السورية وشجونها
- هل الثورة مكتفية أخلاقيا؟
- أخيرا، استراتيجية أميركية حيال الصراع السوري... خاطئة
- الثورة السورية ومسائلنا الكبرى الثلاثة
- حوار في شؤون الثورة السورية وشجونها
- سياسة بين سياسيين، وإلا فحرب بين محاربين
- جماعة -ما تبقى-: السنيون السوريون والسياسة
- جوانب من -الاقتصاد السياسي- للحرب الأسدية الثانية
- الموجة الإسلامية الثالثة والثورة: بعض الأصول والدلالات والآث ...
- الثورة في خطر!
- مأزق الثورة السورية
- حوار حول كتاب -بالخلاص، يا شباب!-
- حوار حول الثورة السورية والموقف الدولي
- كتاب -العقد الأخير في تاريخ سورية...-: جدلية المنهج المنفتح ...


المزيد.....




- انتشر بسرعة عبر نظام التهوية.. لحظة إنقاذ كلاب من منتجع للحي ...
- بيان للجيش الإسرائيلي عن تقارير تنفيذه إعدامات ميدانية واكتش ...
- المغرب.. شخص يهدد بحرق جسده بعد تسلقه عمودا كهربائيا
- أبو عبيدة: إسرائيل تحاول إيهام العالم بأنها قضت على كل فصائل ...
- 16 قتيلا على الأقل و28 مفقودا إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة ...
- الأسد يصدر قانونا بشأن وزارة الإعلام السورية
- هل ترسم الصواريخ الإيرانية ومسيرات الرد الإسرائيلي قواعد اشت ...
- استقالة حاليفا.. كرة ثلج تتدحرج في الجيش الإسرائيلي
- تساؤلات بشأن عمل جهاز الخدمة السرية.. ماذا سيحدث لو تم سجن ت ...
- بعد تقارير عن نقله.. قطر تعلن موقفها من بقاء مكتب حماس في ال ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - الثورة والإسلاميين بين سورية ومصر