أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - خليل كلفت - يسقط حكم المرشد.. والتراجع كارثة















المزيد.....

يسقط حكم المرشد.. والتراجع كارثة


خليل كلفت

الحوار المتمدن-العدد: 3931 - 2012 / 12 / 4 - 20:56
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


1: بعد أن قطع على نفسه عهدا أمام الشعب بأنه لن يستخدم سلطة التشريع (التى آلت إليه عندما ألغى أو سُمِح له بأن يُلْغى فى 12 سپتمبر 2012 آخر إعلان دستورى قُبَيْلَ ولايته هو ذلك الذى أصدره المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى منتصف يونيو 2012، بإعلان دستورى آخر، وأعاد أو سُمِح له بأن يُعيد تشكيل هذا المجلس) إلا عند الضرورة وفى أضيق الحدود، فاجأ الدكتور محمد مرسى الجميع فى 21 نوڤمبر 2012، بطريقة تُذَكِّرُنا بصدمات السادات الكهربائية، باستخدام سلطته فى التشريع، بدون ضرورة وليس فى أضيق الحدود، فى إصدار الإعلان الدستورى الجديد الذى يمنحه السيطرة على السلطة القضائية وعلى أشياء أخرى كثيرة إلى جانب سلطته التنفيذية الأصيلة وسلطته التشريعية الطارئة المؤقتة من الناحية الرسمية، بحيث يجمع بين يديه سلطة شاملة بأقانيمها الثلاثة، سلطة توصف بأنها مطلقة وديكتاتورية واستبدادية بل فرعونية بل إلهية. ثم أصدر قانون حماية الثورة وأدخل تعديلات استبدادية جديدة على قانون النقابات العمالية رقم 35 لسنة 1976، وسرعان ما قامت الجمعية التأسيسية للدستور فى مشهد هزلى مذهل بتصويت ماراثونى متواصل لم يُسْمَع بمثله من قبل على مشروع الدستور العتيد الذى تم تسليمه فى نفس اليوم للرئيس الذى قام بلا إبطاء بدعوة الناخبين إلى التصويت عليه فى غضون خمسة عشر يوما (فى 15 ديسمبر).
2: وكان أول سؤال أثاره الإعلان الدستورى يدور حول مدى دستورية أو قانونية قيام رئيس الجمهورية بإصدار إعلان دستورى لينتقل بنا إلى طرح شرعية النظام الجديد بكامله للمناقشة. وكان من الواضح أن السلطات التى نصت عليها المادة 56 من إعلان 30 مارس 2011 الدستورى التأسيسى، والتى انتقلت من المشير المُقال إلى الرئيس الجديد عند تسلُّم السلطة، لا تشمل إصدار إعلانات دستورية. أىْ أنه حتى وفقا لإعلانهم الدستورى التأسيسى لا يحق ذلك لرئيس الجمهورية. وكان ذلك الإعلان الدستورى التأسيسى أساس شرعيتهم من الألف إلى الياء. وهو أساس باطل ليس له من حجية حتى من استفتاء للشعب لأنه لم يتم إجراء استفتاء عليه وإنما اقتصر استفتاء 19 مارس 2011 على مجموعة محدودة من التعديلات الدستورية التى كان قد أمر مبارك عند تنحيته بإجرائها وتضمنها ذلك الإعلان بعد إقرارها عن طريق الاستفتاء المذكور. وعلى هذا الأساس الباطل تم بناء السلطة التشريعية: مجلس الشعب ومجلس الشورى، وتم تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور مرتين: المنحلة والحالية، ثم تم بناء مؤسسة الرئاسة على رأس السلطة التنفيذية. وإذا تحدثنا باستقامة فقد تم إدخال مصر كلها فى متاهات النفق المظلم للاستفتاءات والانتخابات الپرلمانية والرئاسية من المدخل الضيق المتمثل فى الإعلان الدستورى المذكور. وبالتالى فإن الرد الطبيعى على سؤال شرعية الإعلان الدستورى الرئاسى الجديد، وفقا حتى لأساس شرعية كل الصرح السلطوى الجديد: المجلس الأعلى للقوات المسلحة والپرلمان بمجلسيه والجمعية التأسيسية ورئيس الجمهورية، هو أنه كغيره من إعلانات دستورية سابقة باطل لبطلان هذا الإعلان الدستورى التأسيسى وإعلان 13 فبراير 2011 الدستورى قبله. وهذا يعنى بطلان مجلسىْ الشعب المنحل والشورى القائم ليس فقط لبطلان مادة فى قانون انتخابهما بل أصلا وأساسا لبطلان إعلان 30 مارس 2011 الدستورى الذى كان بمثابة الخطوة الأولى الضرورية لمسار تلفيق شرعية دستورية بدلا من إقامة شرعية ثورية.
3: وبطبيعة الحال فإن مشروع الدستور الجديد المطروح للاستفتاء الآن، بأبوابه الخمسة وفصوله العشرين، ومواده المائتين وست وثلاثين، يحتاج إلى تحليل تفصيلى مدقق لا يتسع له المجال هنا، إلا أن طابعه الاستبدادى القائم على التغوُّل الدستورى للسلطة التنفيذية على حساب السلطتين التشريعية والقضائية وإحكام إخضاع السلطة القضائية لرئيس الجمهورية على رأس السلطة التنفيذية، وإهدار الحقوق والحريات مع ادعاء حمايتها، وقيام الدولة والمجتمع على مقومات سياسية واجتماعية وأخلاقية دينية وطائفية تقسم الشعب بالتمييز على أساس الدين والجنس، وعلى مقومات اقتصادية ليبرالية جديدة، وغير ذلك فى مختلف أبوابه وفصوله. وقد أعدت هذا المشروع جمعية تأسيسية غير دستورية تشكلت بأساليب البلطجة فى مخالفة صارخة حتى لدستورهم وقانونهم ومعاييرهم، وفى سياق استخفاف سافر بكل اعتراض أو رفض من جانب مختلف القوى السياسية والثورية ضد تشكيل الجمعية وضد محتوى مقترحاتها الدستورية.
4: وبين المواد الست التى نص عليها الإعلان الدستورى مادتان (الأولى والثالثة) تهدفان إلى إضفاء شعبية على الإعلان الدستورى نفسه لتمريره حيث تنص المادة الأولى على إعادة التحقيقات والمحاكمات فى جرائم قتل وإصابة المتظاهرين (مع أن المحاكمة الثورية المطلوبة ل مبارك ورجاله تختلف تماما عن المحاكمات القاصرة الهزلية التى جرت وعن تلك التى ينص عليها هذا الإعلان الدستورى الجديد). ولأن هذه الإعادة بعد الحكم القضائى لا تتفق مع قانون الإجراءات الجنائية، صدر فى اليوم التالى (22 نوڤمبر 2012) ما يسمى بقانون حماية الثورة لاستثنائها من المادة 197 والمادتين 455 و 456 من ذلك القانون، فيما تنص المادة الثالثة على أن "يُعَيَّن النائب العام من بين أعضاء السلطة القضائية بقرار من رئيس الجمهورية لمدة 4 سنوات"، وذلك لدغدغة مشاعر الشعب الغاضب ضد تبرئة قتلة بناته وأبنائه، وكذلك ضد النائب العام (عبد المجيد محمود) الذى يُنظر إليه على أنه أحد كبار المسئولين عن تلك التبرئة، وجرت بالفعل إقالة النائب العام مع إحلال نائب قريب من الإسلام السياسى محله. وأجهدت المادة الرابعة نفسها بمدّ الفترة الممنوحة لعمل الجمعية التأسيسية للدستور شهرين إضافيين اتضح أنه لا حاجة إليهما عندما بادرت الجمعية المذكورة بإنهاء عملها فى يومين!
5: وإذا كانت المواد الأولى (إعادة محاكمة مبارك ورجاله)، والثالثة (إقالة النائب العام)، والرابعة (مدّ عمل جمعية الدستور شهرين)، خالية من أىّ شيء مهم سوى إقالة النائب العام وتعيين النائب العام الجديد فى انقضاض صارخ على السلطة القضائية، فإن المواد الثلاث الأخرى، الثانية والخامسة والسادسة، تأتى لتوجِّه ضربة قاصمة للسلطة القضائية تمهيدا لضربات لاحقة أقسى منها فى مشروع الدستور الجديد، ولاستكمال منح رئيس الجمهورية بصورة رسمية سلطة مطلقة بل فرعونية بل إلهية، وإنْ بصورة مؤقتة كما يزعم الرئيس والحزب والجماعة.
6: وتقوم هذه المواد الثلاث (ومعها المادة الثالثة: تعيين النائب العام) بتحصين قرارات الإرادة العليا الإلهية لرئيس الجمهورية ضد القضاء وتمنحه كل السلطات اللازمة للاستبداد والطغيان وبالتالى الفساد المالى والإدارى. فالمادة الثانية تنص على أن "الإعلانات الدستورية والقوانين والقرارات الصادرة عن رئيس الجمهورية منذ توليه السلطة نهائية ونافذة بذاتها وغير قابلة للطعن عليها بأىّ طريق، ولا يجوز التعرُّض لقرارات الرئيس بوقف التنفيذ أو الإلغاء من قبل أىّ جهة قضائية". وهكذا جرى تحصين ممارساته القانونية وغير القانونية منذ تولِّيه وفى الوقت الحالى وفى المستقبل من كل مراجعة قضائية أو غير قضائية فهى غير قابلة حتى لمجرد الطعن أو التعرُّض. وتنص المادة الخامسة على أنه "لا يجوز لأىّ هيئة قضائية حل مجلس الشورى أو الجمعية التأسيسية"، وكان لا مناص من هذه المادة لتحصين مجلس الشورى والجمعية التأسيسية لأنهما مهدَّدان بأحكام قضائية محتملة حيث لا تقوم المادة الثانية بتحصينهما لأنه لم يتم تشكيلهما بإعلانات أو قرارات أو قوانين من رئيس الجمهورية، بل جاءا بالانتخاب (وجزئيا بالتعيين). وكان تحصين مجلس الشورى ضروريا ليس فقط للرئيس بل للحزب والجماعة لسيطرتهما الكاسحة عليه لتوظيفه فى القيام بمهام السلطة التشريعية إذا كان مجلس الشعب ("النواب" فى مشروع الدستور) منحلًّا، ومنحه جانبا من السلطة التشريعية قادرا على تعطيل مجلس الشعب فى حالة عدم سيطرة الجماعة عليه. وكان تحصين الجمعية التأسيسية للدستور ضروريا ليس فقط للرئيس بل للحزب والجماعة لسيطرتهما الكاسحة عليها لأنها المدخل المباشر إلى إصدار دستور إخوانى لحكم مصر. أما المادة السادسة فتنص على أن "للرئيس أن يتخذ يتخذ الإجراءات والتدابير اللازمة لحماية البلاد وحماية أهداف الثورة"، وهى تقوم، فى التفاف واضح على فرض قانون الطوارئ، بتحصين "الإجراءات والتدابير" التى يتخذها الرئيس من أىّ طعن أو تعرُّض من أىّ نوع أو رقابة؛ اللهم إلا ما قال بعض الإخوان إنه الرقابة الشعبية مشيرين إلى الاحتجاجات الشعبية، وهم على حق فى هذا الزعم لأن الثورة هى الردّ الوحيد الذى يملكه الشعب وهو مصدر السلطات، المحروم من كل السلطات.
7: وفى اليوم التالى مباشرة لإصدار الإعلان الدستورى الجديد تم إصدار ما يسمى بقانون حماية الثورة وكان لا مناص من ذلك لسدّ ثغرات الإعلان الدستورى الجديد وكان لهم فيه مآرب أخرى. فالمادتان الأولى والثانية تقدِّمان أساسا قانونيا جديدا لإعادة تحقيقات ومحاكمات مبارك ورجاله، بالاستثناء من ثلاث مواد من قانون الإجراءات الجنائية كما سبقت الإشارة. وفى سبيل توفير أداة فعالة وسريعة الإنجاز لإعادة تلك التحقيقات والمحاكمات تنص المواد الثالثة والرابعة والخامسة على إنشاء "نيابة خاصة لحماية الثورة" وتحديد اختصاصاتها وسلطاتها. وتتوسع المادة الرابعة فى النص على أربعة أبواب (السابع والثانى عشر والثالث عشر والرابع عشر) من الكتاب الثانى وبابين (الخامس عشر والسادس عشر) من الكتاب الثالث من قانون الإجراءات الجنائية لتوسيع تطبيق نطاق الإجراءات الاستثنائية لهذه النيابة مع تخصيص محاكم خاصة للجرائم المتنوعة التى تختص بها هذه النيابة وهذه المحاكم. أما المادة الخامسة فتنص على أنه "يجوز حبس المتهمين بارتكاب الجرائم المنصوص عليها بقرار من النائب العام أو مَنْ يمثله بعد أخذ رأيه فى مُدَدٍ لا تتجاوز فى مجموعها 6 أشهر"، وتنص المادة السادسة على أن "يعرض هذا القانون على مجلس الشعب الجديد فور انعقاده لاتخاذ اللازم بشأنه". وهناك أيضا تعديلات على قانون النقابات العمالية رقم 35 لسنة 1976 بهدف سيطرة السلطة التنفيذية على النقابات وتدمير استقلالها من خلال التعيين وأساليب أخرى.
8: وسرعان ما بادر الرئيس إلى تسريع خاطف لعمل الجمعية التأسيسية للدستور بهدف إنجاز سريع لدستور يعلم الجميع سلفا أنه سيكون دستورا استبداديا تتعملق وتتغوَّل فيه السلطة التنفيذية على السلطتين الأخريين بما يؤدى إلى تدمير استقلال السلطة القضائية بالذات حيث إن السلطة التشريعية ستظل تابعة كما كانت بحكم الخلفية الفكرية والسياسية والإدارية للانتخابات التى تأتى دائما بسلطة تشريعية ملحقة بالسلطة التنفيذية وأجهزتها السياسية والأمنية والحزبية الاستبدادية. وتفوقت الجمعية التأسيسية للدستور على نفسها فى مجال السرعة الفضائحية المفضوحة فى القيام بسلق التصويت النهائى على مسوَّدة الدستور، وتسليمها للرئيس الذى دعا إلى الاستفتاء عليها لاستكمال مؤسسات أخونة الدولة، وبالأخص مجلسىْ الشعب (النواب) والشورى، بهدف استقرار الحكم الإخوانى وتمكين الجماعة.
9: وكانت الاحتجاجات التى بدأت فى 19 نوڤمبر (بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لمذبحة شوارع محمد محمود وقصر العينى والشيخ ريحان ومحيط وزارة الداخلية) بمثابة خلفية سياسية لهذا السيل من القوانين والتدابير الرئاسية التى لم تكن ردود أفعال على كل حال بل كانت مُعدَّة فى سياق مخطط تسريع أخونة الدولة عن طريق السيطرة على سلطات الدولة الثلاث، خشية إفلات الفرصة التى أتاحتها التطورات التى تعاقبت منذ الثورة للإسلام السياسى بقيادة الإخوان المسلمين. ولا شك فى أن هاجس إفلات الفرصة الأولى من أيدى قوة سياسية انتظرتها عقودا طويلة للاستيلاء على السلطة، وهو هاجس بالغ الحدة لدى الإخوان المسلمين، ظل يورِّطهم فى الفترة السابقة على التعجُّل فى قطف ثمار شجرة الثورة التى زرعها غيرهم ولم يقوموا إلا بتسلُّقها، الأمر الذى ظل يهددهم بفقدان كل مكاسبهم نتيجة لأخطاء كبيرة لا يمكن تفاديها بحكم السرعة والتعجل والتخبط. وهنا برَّر الإخوان ظاهرة "التكويش" التى تورطوا فيها بأن الحزب الفائز فى الانتخابات يمكن أن يسيطر حتى فى البلدان الأكثر "ديمقراطية" على السلطتين التنفيذية برئاستها وحكومتها والتشريعية بمجلسها أو مجلسيها، غير أنهم تجاهلوا حقيقة أن هذا لا ينبغى أن يعنى سيطرة الحزب الفائز على مفاصل الدولة، وحقيقة أن البلدان الأكثر "ديمقراطية" ذات التقاليد الراسخة فى الحكم لا يمكن أن تتورط فى مثل هذه الممارسات باعتبار الأحزاب الحاكمة مسئولة عن مصالح الطبقة الحاكمة ككل.
10: وبعد يومين فقط من احتجاجات ذكرى "محمد محمود" صدر الإعلان الدستورى الذى قابله الشعب باحتجاجات جماهيرية واسعة لا مثيل لها منذ يناير 2011. وواصلت الرئاسة تحدِّيها لهذه الموجة الكبرى من موجات ثورة 25 يناير، وكانت كل خطوة للرئاسة تؤدى إلى اتساع نطاق الاحتجاجات والمليونيات والاعتصامات والإضرابات وإلى ارتفاع سقف المطالب التى بدأت بمطلب إلغاء الإعلان الدستورى الجديد والجمعية التأسيسية للدستور وارتفعت إلى إسقاط الاستفتاء على مشروع الدستور وإلى ذروة إسقاط النظام والرئيس وإسقاط حكم المرشد، كما واصلت أشكال الاحتجاج تطورها وارتفاعها بالتظاهر والاعتصام والإضراب والمسيرات ومنها مسيرة "الإنذار الأخير للرئيس" التى ستزحف غدا (اليوم حيث أستكمل المقال) نحو قصر الاتحادية.
11: وقد استفز الانقلاب السياسى والتشريعى الذى قام به الرئيس والحزب والجماعة جماهير الشعب إلى التحرك، وتجاوبت معها مؤسسة حاسمة من مؤسسات الدولة وهى السلطة القضائية التى استهدفها الانقلاب الرئاسى، وصار إضراب قطاعات واسعة من القضاة عن العمل وعن الإشراف على الاستفتاء من أقوى الاحتجاجات على العدوان على حقوق وحريات الشعب كله من خلال محاولة إخضاع القضاء لمؤسسة رئاسة الجمهورية. واتسعت حركة الاحتجاج لتشمل الصحافة الحزبية والمستقلة (وامتدت إلى جموع الصحفيين فى مؤسسات صحفية شبه رسمية) وكذلك الفضائيات الخاصة. ولا مجال هنا لتعداد الأحزاب والنقابات والمهن ومختلف الجهات التى تشارك الجماهير الشعبية حركتها الثورية الكبرى التى تنادى بإسقاط النظام وحكم المرشد ورحيل رئيس الجمهورية الإخوانى، فيما دخل اعتصام التحرير الذى تغذِّيه وتحتضنه مليونيات ومسيرات متواصلة يومه الثانى عشر، وتتجه إلى المزيد من تصعيد أشكال النضال نحو الدعوة إلى الإضراب العام وحتى العصيان المدنى.
12: والواقع أن الانقلاب السياسى الرئاسى الإخوانى دفع الاستقطاب القائم بين الإسلام السياسى من ناحية والقوى السياسية والثورية من ناحية أخرى إلى مستوى الانقسام الجماهيرى الحاد للغاية والمتواصل الاتساع والذى يهدد بالتورط فى صدام واسع النطاق وصارت تعبيرات كالاقتتال والحرب الأهلية تطفو على السطح. ويحدث كل هذا فى وقت تتردى فيه سيناء مع المزيد من الصوملة وسيطرة الجماعات الجهادية المسلحة واشتباكها مع الجيش وقوات الأمن نحو حالة تصاعد الاقتتال الأهلى مهدِّدا باقى مصر. ويؤدى كل هذا إلى إدراك أن حكم المرشد إنما يفتح على شعبنا أبواب الجحيم فى اتجاه حرب أهلية مدمرة، وباختصار فإن حكم المرشد بما يؤدى إليه من انقسام حاد وبالغ الخطورة إنما هو نظام الحرب الأهلية التى ينبغى الاستماتة فى العمل على تفاديها، ولا يكون هذا إلا بالإطاحة بحكم المرشد.
13: ويثبت الشعب من جديد أنه قادر على تقديم المزيد والمزيد من التضحيات والدماء فى سبيل "الخبز والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية" فى سياق موجته الثورية الكبرى الراهنة التى تهدف بعناد وصلابة واستماتة وبسالة إلى إسقاط حكم المرشد، ورئيسه، ودستوره، واستفتائه، ومسخه الپرلمانى المتمثل فى مجلس الشورى، وإعلاناته الدستورية الباطلة، وكل نظامه الاستبدادى، وإلى إسقاط شرعيته المستمدة من التفاوض مع مبارك والتحالف مع مجلسه الأعلى للقوات المسلحة المصرية. واليوم ونحن فى خضم هذه المظاهرات والاعتصامات والمسيرات والزحف إلى قصر الاتحادية، حيث نخوض هذه المعركة الفاصلة التى قد تطول وقد تقصر لإسقاط حكم الإسلام السياسى بقيادة الجماعة ومرشدها وحزبها ورئيس جمهوريتها التى تسير بخطًى حثيثة على طريق الدولة الدينية، إنما نحاول إنقاذ مصر وشعبها من المستقبل المظلم الذى يخطَّط لها، وهو مستقبل ينذر بحرب أهلية مدمرة لا تُبقى ولا تذر.
14: إنها معركة تتمثل أهدافها المباشرة فى إسقاط الرئيس ومجلس الشورى ومشروع الدستور والاستفتاء عليه والإعلان الدستورى وذيوله، بل كل الإعلانات الدستورية منذ إعلان 13 فبراير 2011 بكل ما ترتب عليها من قرارات ورسوم وقوانين وممارسات وإجراءات وتدابير وترتيبات للبدء من المربع الأول، مربع ثورة 25 يناير 2011! وهناك فكرة متخاذلة مؤداها أن تفادى أخطر ما تنطوى عليه التطورات المقبلة بما فى ذلك الحرب الأهلية إنما يكون بالعمل بالحكمة المزعومة المتمثلة فى الهبوط بسقف المطالب الذى ارتفع إلى عنان السماء ليرتطم بحضيض تسوُّل إقرار الإعلان الدستورى بتعديلات بعينها وحتى بالاكتفاء بإلغاء الإعلان الدستورى بالكامل وإسقاط المشروع الحالى للدستور الاستبدادى المطروح للاستفتاء الآن؛ فيما تعود بنا المعركة الكبرى الحالية إلى روح الثورة التى تقوم ببناء مؤسساتها الديمقراطية الشعبية من أسفل بدلا من بناء مؤسسات دولة الثورة المضادة بقيادة المجلس الأعلى للقوات المسلحة وجماعة الإخوان المسلمين على رأس الإسلام السياسى. والحقيقة أن التراجع المخزى الذى تنطوى عليه هذه الفكرة المتخاذلة يفتح الباب واسعا أمام كارثة تمكين حكم جماعة الإخوان المسلمين بكل ما تعنيه الدولة الدينية من خراب عاجل.
15: يسقط حكم المرشد! يسقط نظام الإخوان المسلمين والإسلام السياسى! يسقط رئيس الجمهورية! تسقط أخْونة الدولة! يسقط نظام انقسام الشعب والحرب الأهلية! يسقط الدستور الاستبدادى الذى يُراد فرضه على الشعب على جثة ثورته وكرامته وحرياته وحقوقه ومستقبله!



#خليل_كلفت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكتب معرفة ومتعة - الجزء الثانى
- الكتب معرفة ومتعة - كتاب إلكترونى 1
- ادوار الخراط وإبراهيم أصلان وجمال الغيطانى مقال عن مجموعة قص ...
- عملية -عَمُود السَّحَاب- وأقدار مصر وسيناء وغزة بقلم: خليل ك ...
- روبرت ڤالزر (مقالان: 1: سوزان سونتاج، 2: كريستوفر ميدل ...
- كتاب سيد عويس: التاريخ الذى أحمله على ظهرى
- غزة وما بعد غزة
- بعيدا عن تأسيسية الدستور ودستور التأسيسية ضرورة الإطاحة السل ...
- كيف كتب دوستويڤسكى رواية الجريمة والعقاب؟ -إعادة قراءة ...
- مارسيل پروست (مقالان: مقال: أناتولى لوناتشارسكى، ومقال: أندر ...
- مصر وبلاد النوبة تأليف: والتر إمرى، ترجمة: تحفة حندوسة مقدمة ...
- مصير العالم الثالث تحليل ونتائج وتوقعات توما كوترو و ميشيل إ ...
- الأساطير والميثولوچيات السياسية(1) راؤول چيرارديه عرض: خليل ...
- تفسير الرئيس المصرى الدكتور محمد مرسى لآية الله والعلماء
- زيارة جديدة إلى -مزرعة الحيوانات- رواية -مزرعة الحيوانات- چو ...
- عوالم عديدة مفقودة
- الشرف والغضب لا يكفيان [مراجعة لكتاب: نعوم تشومسكى:-الحيلولة ...
- الكتب معرفة ومتعة - الجزء الأول
- حول الأسلوب فى السينما - أندريه بازان
- جنوب أفريقيا عصر مابعد سياسة الفصل العنصرى (الأپارتهيد)


المزيد.....




- أبو عبيدة وما قاله عن سيناريو -رون آراد- يثير تفاعلا.. من هو ...
- مجلس الشيوخ الأميركي يوافق بأغلبية ساحقة على تقديم مساعدات أ ...
- ما هي أسباب وفاة سجناء فلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية؟
- استعدادات عسكرية لاجتياح رفح ومجلس الشيوخ الأميركي يصادق على ...
- يوميات الواقع الفلسطيني الأليم: جنازة في الضفة الغربية وقصف ...
- الخارجية الروسية تعلق على مناورات -الناتو- في فنلندا
- ABC: الخدمة السرية تباشر وضع خطة لحماية ترامب إذا انتهى به ا ...
- باحث في العلاقات الدولية يكشف سر تبدل موقف الحزب الجمهوري ال ...
- الهجوم الكيميائي الأول.. -أطراف متشنجة ووجوه مشوهة بالموت-! ...
- تحذير صارم من واشنطن إلى Tiktok: طلاق مع بكين أو الحظر!


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - خليل كلفت - يسقط حكم المرشد.. والتراجع كارثة