أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كاظم حبيب - حول بعض المسائل الحوارية الراهنة بشأن كردستان وكركوك والكلدو آشور















المزيد.....


حول بعض المسائل الحوارية الراهنة بشأن كردستان وكركوك والكلدو آشور


كاظم حبيب
(Kadhim Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 1137 - 2005 / 3 / 14 - 10:28
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


الحوارات المعاصرة بين بني البشر تستوجب الكثير من الهدوء والروية وإمعان الفكر في القضايا التي يراد بحثها وعدم التسرع في إصدار الأحكام والتدقيق بالأمور بما يسهل مهمة المتحاورين في الوصول إلى أحد الأمور التالية:
1. إما الاتفاق التام بين طرفي الحوار حول المسألة التي هي موضع خلاف ونقاش.
2. أو الاختلاف التام واستمرار كل طرف على وجهة نظره, وليس في ذلك أي ضير أو خلل.
3. أو إمكانية الاقتراب بينهما والوصول إلى قبول مشترك في ضوء تنازلات يقوم بها الطرفان أو مساومة مقبولة من الطرفين.
وفي كل الأحوال وبغض النظر عن نتيجة الحوار يفترض أن تتوفر بعض الأوليات للبدء بالحوار, وأعني بها:
1. وضوح رؤية كل طرف بالقضية المطروحة للحوار لإزالة أي سوء فهم يمكن أن ينشأ بين الطرفين المتحاورين,
2. وضوح رؤية كل طرف برأي الآخر بغض النظر عن الموقف من ذلك الرأي.
3. الوعي بالتطور التاريخي للقضية التي يراد معالجتها من النواحي المختلفة وأسباب نشوء المشكلة والتعقيدات الحاصلة عليها والمرتبطة بها والقوى الفاعلة فيها والمؤثرة عليها.
4. طرح الحقائق حول القضية التي يراد بحثها دون زج قضايا أخرى عليها لزيادة التعقيدات.
5. الاستعداد الذاتي بعدم التعصب أو التشدد بل الانفتاح على الرأي الآخر وخوض الحوار الهادف في الوصول إلى الموقف السليم. وهذا يشمل الطرفين في آن واحد.
6. الاحترام المتبادل للرأي والرأي الأخر والاعتراف بحق الاتفاق أو الاختلاف في الرأي والتباين في الموقف.
7. ممارسة لغة الحوار الحضاري غير المتشنج أو المتوتر لأي سبب كان.
هكذا كنت وما أزال أرغب في أن يكون الحوار بين الكاتبات والكتاب العراقيين, إذ بدونها يتحول الحوار إلى حوار الطرشان لا أحد يرغب بسماع الآخر وكل يدعي وصلاً بليلى. وعلى هذا الأساس سأيدي رأيي حول بعض القضايا المطروحة على بساط البحث حالياً والتي هي مدار خلاف ونقاش.

أولاًً: حول قضية كركوك

اتخذت الموقف إزاء القضية الكردية والموقف من حق تقرير المصير للشعب الكردي منذ عقود عدة. ولم يكن هذا الموقف اعتباطاً أو لم يبن على حقائق الوضع القومي والجغرافي والتاريخي للعراق. ذكرني الأخ الفاضل السيد جوهر سالم نامق, السكرتير السابق للمكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردستاني الذي أتمنى أن أراه حاضراً ومشاركاً من جديد في الساحة السياسية الكردستانية والعراقية, في ندوة الأنفال في عام 2002 في أربيل بكلمة كان قد تحدث بها بعد مداخلتي حول العنصرية والأنفال, بإصراري العفوي على ذكر الشعب الكردي وكردستان في محاضراتي في الجامعة المستنصرية في أعوام 1969-1975, في وقت كان الحديث عن كردستان والشعب الكردي أشبه بالمحرمات, إذ كان الحديث يجري عن شمال العراق وشمال الوطن وعن الكرد فقط. وهكذا كان موقفي من كركوك. وبودي أن أشير بصدد هذه المدينة إلى عدة حقائق لا مناص من ذكرها:
1. أن هذه المدينة قديمة جداً وذات أرث حضاري كبير وذات ثروة نفطية غزيرة قابلة للنضوب؛
2. وهي مدينة تدخل ضمن الجغرافية الطبيعية والسكانية والتاريخية لكردستان؛
3. وأنها مدينة عراقية قديمة أيضاً وعرفت أقواما كثيرة أقاموا فيها وحكموا منها؛
4. وفي هذه المدينة تتعايش العديد من الأقوام ابتداءً من الكرد ومروراً بالتركمان والكلدوآشور وانتهاءً بالعرب, وهي بالتالي متعددة القوميات والثقافات.
5. اندماجها من حيث الإقليم السياسي والجغرافي باتحادية كردستان لا يفصلها عن العراق وبقية القوميات في العراق ولا يحرم السكان العرب أو غيرهم, إضافة إلى الكرد من العيش فيها. وهي بالتالي يمكن أن تصبح مدينة المحبة والتآخي والحضارة الإنسانية الحديثة.
6. وأن هذه المدينة تعرضت إلى عمليات عنصرية مارسها النظام البعثي الدكتاتوري ضد الكرد والتركمان والكلدوآشور بهدف تعريب المدينة بالكامل وجعلها جزءً من القسم العربي من العراق دون أي اعتبار لكل الحقائق الأخرى. مما خلق أجواءً غير نظيفة في المدينة والمنطقة وعلى صعيد العراق. ولا بد من تطبيع الوضع وإعادته على ما كان عليه قبل تلك التغييرات العنصرية المقيتة بهدف وبأمل خلق أجواء غير الأجواء التي سادت أو ما تزال تفعل فعلها في المدينة.

إن هذا الطرح للمشكلة قد ساعد القوى السياسية العراقية في الوصول إلى تحديد مناسب في قانون إدارة الدولة المؤقت لمعالجة المشكلة جذرياً, أي إعادة الأوضاع على ما كانت عليه قبل التهجير القسري أولاً, وإعادة السكان العرب الجدد, وأكثرهم من الجماعات البعثية التي ارتبطت بحزب البعث مصلحياً, إلى مناطق سكناهم, ثم اعتبار هذه المدينة كردستانية عراقية. والمادة المقصودة هنا هي 58.
ليست هناك دعوة لطرد العرب, كل العرب, بل أولئك الذين جلبوا لدعم الجهد التعريبي القسري للمدينة, وهو ما يفترض أن يسانده كل إنسان يلتقي مع الآخرين في مجال رفض فرض الأمر الواقع على مجتمع ما عندما يكون هذا الواقع قد فرض بالقوة والقسر والإرهاب ووفق أسس عنصرية مغالية في العداء.
ولهذا أتوقع بأن الحوار الجاري في العراق بين القوى السياسية المختلفة سيتوصل إلى نتيجة مناسبة تعبر عن عقلانية الرؤية للقضية الكردية وقضية كركوك دون أن تدفع بالأمور إلى الاستعصاء. وهم أقرب منا إلى معالجة القضايا على أرض الواقع وبعيداً عن الكتابة الصحفية, رغم أهمية أن تكون الحوارات بين القوى السياسية شفافة وتنشر على نطاق واسع ليتعرف عليها الجمهور.

ثانياً: حول ذاكرة الأخ الفاضل الدكتور لبيب سلطان

ما كنت أفكر أن أثير هذا الموضوع مرة أخرى لولا إقحام الزميل سلطان ذاكرته بالنقاش الجاري حول القضايا الراهنة بموضوعات تمس الفترة الأولى من حكم البعث. وأصبح من واجبي إجراء تصحيح بشأن ما ورد عن ذاكرته.
عندما كنت أستاذاً في جامعة المستنصرية وعلى مدى السنوات التي درست فيها لم أتطرق يوماً إلى موضوع لتطور اللارأسمالي أو موضوع الجبهة الوطنية والقومية التقدمية, وبالتالي لم تكن لي محاضرة بهذين الموضوعين في الجامعة. ولا يمكن أن يكون قد استمع إلى محاضرة لي بهذا الخصوص في صفوف الجامعة.
في جلسات المؤتمر الوطني الثاني للحزب الشيوعي العراقي التي عقدت في كردستان العاق في عام 1970 تحدثت ضد فكرة طريق التطور اللارأسمالي في العراق رداً على ما طرحه الصديق والرفيق والمناضل الراحل عامر عبد الله, رغم أني قبل ذاك كنت قد بحثت وتحاورت في موضوع طريق التطور اللارأسمالي مع عدد غير قليل من المناضلين الشيوعيين الذين رحلوا عن عالمنا ومنهم الرفيق الشهيد والصديق الغالي الدكتور صباح مصطفى الدرة, أو مع بعض رفاق المكتب السياسي للحزب الشيوعي اللبناني في بيروت حين كنت عائداً بصورة سريةً إلى العراق في نهاية عام 1964 عبر بيروت والكوت, ومنهم الرفاق أعضاء المكتب السياسي كريم مروة ونديم عبد الصمد وغسان جاويد. وكنت في حينها إلى جانب طريق التطور اللارأسمالي ولكن ليس للعراق. وقد كتبت بهذا الصدد, ولكني كنت أصر بأن سلوك هذا الدرب لا يتم تحت قيادة البرجوازية الصغيرة بل بقيادة الطبقة العاملة. هذا لا يعني أن هذا الموقف الفكري والسياسي كان صحيحاً, ولكن هكذا كان موقف من هذه القضية الحساسة.
في فترة السبعينيات من القرن الماضي ألقبت سلسلة محاضرات في المدرسة الحزبية للحزب الشيوعي العراق حول الاقتصاد العراقي ومشكلاته, ولم تكن بينها محاضرة واحدة تبحث في موضوع طريق التطور اللارأسمالي أو تبحث في مسألة الجبهة الوطنية.
وفي المؤتمرات الزراعية التي عقدت ببغداد في تلك الفترة, وكنت عضوا في المجلس الزراعي الأعلى, لم أطرح هذا الموضوع بأي حال, بل أن ما حصل كان الحوار الساخن الذي دار بيني وبين صدام حسين حول موقف البعث من الجبهة والأسعار من على منصة المؤتمر ... الخ, حيث انتقدت سياسات البعث وكتبت بعض المقالات ضد الوضع الاقتصادي في العراق. وكانت أحد الأسباب البارزة في اعتقالي فيما بعد من قبل نظام وأجهزة البعث وتعريضي لتعذيب شرس, ثم إحالتي على التقاعد وإنزالي درجتين وظيفيتين ودون أي راتب تقاعدي. ثم قدمت على محكمة الثورة بتهمة التعرض بالثورة وقيادتها, إلا أني كنت قد غادرت العراق إلى الجزائر.
وفي محاضراتي في جمعية الاقتصاديين في بغداد والبصرة أو في مقر الحزب الشيوعي العراقي في الحلة والبصرة لم أتطرق إلى هذين الموضوعين ولم اتهم أحداً بسبب رفضه للجبهة التي قامت في حينها أو تخوينه بسبب موقفه منها. ولكني أصدرت كراساً حول التنمية والجبهة, ولن تجد فيه ما يسيء إلى مواقف الذين رفضوا تلك الجبهة, ومع ذلك لم يكن الكراس مناسباً. وقد هاجمت في مقر الحزب في البصرة سياسة البعث واعتقالاته للشيوعيين وتعذيبه لهم. وقد نقل الجواسيس في المقر مضامين تلك المحاضرة على أجهزة البعث والأمن.
وفي عام 1978 حين ارتكب النظام البعثي جريمة إعدام جمهرة من الشيوعيين والديمقراطيين, هاجمت حزب البعث ونظامه بشراسة واعتبرت نظامهم نظاماً فاشياً. كان ذلك في اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي في وفي المقر المركزي ببغداد بعد الإعدامات مباشرة والتي وصل خبرها إلى البعث عبر الإنصات السري على بناية الحزب حينذاك. وكانت هي الأخرى من بين أسباب الاعتقال أيضاًَ. ثم تمت مصادرة داري في حي العامرية(الفردوس) ولم استرجعه حتى الآن وبيع بالمزاد العلني واشتراه أحد العالمين في أجهزة الأمن ثم باعه لأمني أخر يسكن فيه حالياً! وهي حال عشرات الآلاف من العراقيات والعراقيين الذين فقدوا دورهم وممتلكاتهم في فترة نظام البعث.
وخلال السنوات المنصرمة لم أتشرف بالتعرف على الزميل الدكتور سلطان إلا في عام 2000, ولم نتحاور حول البعث وطريق التطور اللارأسمالي والجبهة, لهذا لا أدري كيف يتذكر أنه استمع إلى محاضرة لي في السبعينات وعندما كان شاباً يسارياً حينذاك. لهذا افترض أن السيد الدكتور قد توهم بشخصي وسمع كلاماً خاطئاً من آخرين وتصور له أنه كان حاضراً لمحاضرة لي بهذا الموضوع. لقد حاضرت عن موضوع الإنتاجية وانتقدت السياسات الجارية في هذا المجال. كما انتقدت سياسة التنمية الانفجارية بشدة وفي اجتماعات واسعة نقلت عبر التلفزيون.

ثالثاً: حول الموقف من حركة الشعب الكردي المسلحة في عام 1974/1975.

أتفق تمام الاتفاق مع النقد الموجه إزاء هذه المسألة التي أثارها الزميل الدكتور سلطان. وأحاول أن أشحذ ذاكرته في هذا المجال, إذ أن الحزب الشيوعي العراقي قد درس تجربة التحالف مع حزب البعث والموقف من الحركة الكردية المسلحة وأصدر تقييماً لهذه المرحلة وانتقد فيها تحالفه مع البعث وموقفه من حركة الشعب الكردي المسلحة بقيادة الملا مصطفى البارزاني. كنت أحد أعضاء لجنة ثلاثية قامت بكتابة مسودة هذا التقييم, ومعي العزيزة الفاضلة الدكتورة نزيهة الدليمي والصديق العزيز عادل حبة, الذي عرض على اللجنة المركزية وأجريت عليها التعديلات التي ارتآها الاجتماع وصدرت عنه ونشرت لاحقاً. كتبت المسودة في عام 1981 وصدر التقييم في عام 1982.
وبما أن الزميل متابع هذه القضية كان عليه أن يطلع أيضاً على موقف الأخوة في الحزب الديمقراطي الكردستاني إزاء أحداث 1974 و1975, ففي عام 1976 عقد الحزب الديمقراطي الكردستاني مؤتمره في أعقاب أحداث 1975 وطرح تقييماً مهما وواضحاً حول تلك الفترة ووجه الانتقاد لبعض سياسات قيادة الحزب حينذاك. ورغم كل ذلك لم أجد ما يبرر العودة إلى هذه الفترة وكأن فيها أكثر من كونها درساً مهماً لمن يريد أن يتعلم منها. ومن جانبي شخصياً لم أشجب حركة الشعب الكردي في حينها ولم أجد الموقف الذي اتخذه بعض الرفاق حينذاك بالهجوم غير المبرر والشديد على قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني في جريدة الحزب سليماً, خاصاً بعد أن حصل الانهيار في الحركة بسبب التأمر العدواني بين شاه إيران وصدام حسين لضرب حركة الشعب الكردي التحررية. وكانت بداية الهجوم على الحركة الديمقراطية العراقية عموماً. ولم ينتبه الحزب وقيادته, وأنا منهم ولم أكن بعيداً عنهم, لذلك, وهو خلل انتقدت نفسي عليه في أكثر من موقع ومناسبة. وليس في ذلك عيب, والعيب في تكرار الخطأ أو ممارسته بصيغة أخرى, كما يحاول بعض الأخوة ممارسته إزاء مطالب الشعب الكردي العادلة حالياً.

رابعاً: حول الموقف من الكلدو أشور.

لي موقف مبدئي من القضايا القومية لا يمكن التخلي عنه. وقد أعلنته مراراً وتكراراً. فأنا أقف إلى جانب حقوق أي شعب من الشعوب, سواء أكان ذلك في العراق أم في السودان أم في المغرب, أي دول شمال أفريقيا, أم في تركيا وإيران أم في سوريا. وكان موقفي واضحاً إزاء القومية الكلدانية والآشورية. ولا أنوي أن أتدخل في القضية المتفق عليها أو المختلف بشأنها بصدد القومية الكلدانية والآشورية, هل هي قومية واحدة أم قوميتان. أنا أعرف تاريخياً متى كان الكرد في العراق, ومن هم الميديون وال?وتيون الكرد, كما أعرف تاريخياً متى جاء الآشوريون إلى العراق ومتى دخل الكلدانيون إليه, ومتى تشكلت دولة الآشوريين وكذا دولة الكلدانيين. كما أعرف أنهم من منحدر إنساني واحد, ولكنهم من قبائل وعشائر مختلفة. وهذا لا يغير في الأمر شيئاً. تبنى الآشوريون والكلدان الديانة المسيحية في أوائل ظهورها. وتابعت تاريخ المجموعتين السكانيتين في المنطقة بأسرها وما حصل لهم على ايدي الترك والدولة البريطانية, ويمكنني التحدث عنهما كثيراً. ولا أظن أن في معلوماتي أي فجوة يمكن أن تسيء للكلدان والآشوريين, سواء أكان في معلوماتي التاريخية أو من الناحية العملية. وقد اتصلت بالكثير من المنظمات الآشورية في شيكاغو وزرت المتحف الخاص بهم هناك وتحدث على عضو السينات الأمريكي بهذا الصدد, كما زرت الأخوة الأشوريين ومنظمتهم في استراليا. وجمعت الكثير من المعلومات بهذا الصدد. لهذا أملي أن يقتنع الأخوة بأني لا أكن لهم غير الاحترام والود والتمني عليهم بأن يتعاملوا مع الواقع العراقي بصورة مدققة. أتمنى للكلدو أشور أن يتفقا بينهما باعتبارهما قومية واحدة, وهو ما سيعزز موقفهم وموقعهم. ولكن هذا ليس خياري بل خيارهم ولن أتدخل به. اسمحوا لنا أن ندعم قضيتكم وفق فهمنا لها, أي أن نناضل في سبيل حقوقكم الإدارية والثقافية, وأن كنتم تسعون على غير ذلك فهو شأنكم ولن ابدي سوى ما أراه مناسباً في هذا الصدد ووفق اجتهادي.
بعض التعليقات التي ظهرت على موقع عينكاوة لم يكن سليماً, بل كان مليئاً بالكراهية للكرد والتعالي على شعب صديق للأشوريين والكلدان ويعيشون سوية على ارض واحدة وتتداخل عوائلهم في علاقاتها الإنسانية, حتى إن بعضهم قد تجاوز في طريقة طرحه بعض القوميين الكرد المتطرفين في مواقفهم إزاء الكدو أشور. ويفترض أن تعالج هذه القضايا بهدوء وحسن نية وطوية بدلاً من توجيه الشتائم والتعالي. نحن جميعاً نعيش في بلد واحد وفي إقليمين متجاورين, وعلينا أن نحترم بعضنا البعض الآخر ونعترف بوجود مختلف القوميات ونتعامل بإنسانية عالية. طالبت بالحقوق القومية المشروعة للكلدوآشوريين, وعنيت بها الحقوق الإدارية والثقافية. وإذا كانوا يرون غير ذلك فعليهم أن يطرحوا رأيهم كما يشاءون, ولكن أن يأخذوا بالاعتبار ما هو ممكن وليس ما هو في التصور. أملي أني عبرت بصدق عن مطالب الغالبية العظمى من الكلدوآشور. وأن كنت مخطئاً فعليهم أن يطرحوا رأيهم كما يحبون, ولست ناوياً ولا راغباً في التصدي لهم, إذ ليس من واجبي الغوص في مشكلات جديدة.
وصلتني رسائل حميمة وودودة وملاحظات عقلانية من بعض الأخوة من الكلدوآشوريين. رحبت بها وأجبت عنها حسب قناعاتي وأملي أن تكون مقنعة لهم.

لدينا اليوم مشكلات كبيرة تتعلق بالدستور العراقي الدائم وبنوده الأساسية والقوانين التي ستصدر في ضوء الدستور, ومنها قانون الانتخابات وقانون تنظيم الحياة السياسية والحزبية وقانون تنظيم مؤسسات المجتمع المدني...الخ وأجد لزاماً أن نهتم بها حقاً ونوحد الصفوف حولها. كما يفترض أن يتوجه اهتمامنا صوب الإرهاب الذي ساهم ويساهم بتشريد عشرات الآلاف من الكلدو أشوريين, من المسيحيين, وهم مواطنون من أصل هذه البلاد, إنهم من بنات وأبناء شعبنا الأبرار, إضافة إلى قتل المئات والآلاف من بنات وأبناء الشعب من مختلف القوميات والأديان والمذاهب والاتجاهات الفكرية والسياسية.

خامساً: سؤال يستوجب الإجابة

وصلني من صديق عزيز وكريم اعتز بصداقته وطيبته رسالة ودية تضمنت الأسئلة التالية:

"لقد قرأت مقالتكم حول موضوع كركوك ورد الأخ لبيب والتعقيبات التي تلتها من قبلكم ومن آخرين على أكثر من موقع. لن ادعي المعرفة التاريخية والجغرافية ولا التكوين العرقي للمدينة ألاّ أن كونها مدينة عراقية. ما أود معرفته حقا ومن وجهة نظركم وتصوراتكم هو ما يعني أن تكون كركوك جزء من كردستان من الناحية السياسية والقانونية. هل يحق للعراقي من خارج منطقة كردستان البحث عن العمل والسكن في هذه المنطقة أم لا؟ إذا كان الجواب نعم، فهل يجب تكون حقوقه متساوية مع سكان منطقة كردستان بهذا الخصوص؟ هل تؤيدون أن يكفل الدستور العراقي الجديد هذه الحقوق؟ وكيف من وجهة نظركم يجب أن يتم التعامل مع العامل الاجتماعي فيما إذا كان هناك رفضا من سكان المنطقة للقادم العراقي من خارجها؟ هذه التساؤلات لا تشمل فقط منطقة كردستان بل كل مناطق العراق".

هذه الأسئلة عادلة تشغل بال الكثير من العراقيات والعراقيين, لهذا أود الإجابة عنها بوضوح وصراحة دون لبس أو إبهام وكما أراها, وكما أسعى لكي يكون عليه الدستور الفيدرالي الديمقراطي العراقي.
أشرت بوضوح وبما لا يقبل الغموض إلى حقيقتين, وهما أن كركوك مدينة كردستانية وعراقية في آن. إنها من ناحية الجغرافية والتاريخ والأكثرية السكانية الكردية, وهي في الوقت نفسه عراقية من حيث التنوع السكاني والتراث المتراكم والتنوع الثقافي. وفي الوقت الذي يؤكد الكرد أنها كردستانية لا ينفون عراقيتها, وفي هذه الرؤية وضوح في الموقف من المدينة. وما أرفضه ويرفضه الكرد أيضاً هو أن يرحل عنها سكانها الأصليون من كرد وتركمان وكلدوا أشور ويرحل إليها عرب من مختلف المناطق ولكن بشكل خاص جماعات بعثية بهدف تغيير طابعها السكاني والقومي من جهة, وبهدف ضمان هيمنة البعثيين عليها من جهة أخرى. ولهذا يفترض أن يعاد الأمر إلى وضعه الطبيعي كما كان عليه قبل البدء بعملية التعريب والتهجير القسري للكرد والتركمان وغيرهم.
بعد حل هذه المشكلة ضمن الدستور العراقي تعتبر كل المدن العراقية العربية والكردستانية كلها مفتوحة للعراقيات وللعراقيين يستطيعون السكن الطبيعي والتملك الطبيعي وفق النظام الذي يوضع لهذا الغرض من قبل الدولة المركزية وبالتوافق مع جميع محافظات القطر وكذلك مع الفيدرالية. أي أن يكون هناك قانوناً ينظم التنقل والسكن والعمل, كما هو الحال في جميع أنحاء العالم المتحضر. أي يحق لعراقية والعراقي شراء العقار وبيعه أو العمل الخاص وفتح معامل أو ... الخ في فيدرالية كردستان, أو كما اقترحت أن تكون هناك فيدرالية أخرى هي فيدرالية ودادي الرافدين أو بين النهرين, وكلاهما يشكل العراق الجديد الديمقراطي الفيدرالي المتعدد القوميات والثقافات. وبما أننا نعمل من أجل أن يكون الدستور العراقي دستور مدني ديمقراطي يؤمن بحقوق الإنسان, فهذا يعني بأننا نؤمن بمواطنة عراقية متساوية الحقوق والواجبات, أي حقوق متساوية للكردي والتركماني والكلدوآشوري والعربي, سواء أكان رجلاً أم كانت امرأة, ايضاً.
إن وضع الأمور في نصابها وفق الأسس والآليات الديمقراطية وإزالة آثار الذهنية والممارسة العنصرية والاستبدادية والعدوانية للنظام السابق , ستفسح في المجال التعامل السوي بين جميع فئات المجتمع وقومياته, إذ عندها يشعر كل إنسان بالثقة بالإنسان الآخر سواء أكان من قومية أم دين أم مذهب أم عقيدة أم وجهة فكرية أخرى. وهي مسألة مهمة جداً نفتقد إليها الآن جميعاً دون استثناء في الوقت الحاضر. إننا بحاجة إلى دستور فيدرالي, ديمقراطي, مدني حديث يكفل حقوق جميع الناس ويضمن عيشهم المستقل والحر والكريم. لا اعتقد بأن عربياً من الجنوب سيرفض العيش بجوار الكردي من كردستان في جنوب العراق أو العكس عندما تكون العلاقات بينهما سوية ومتساوية, بل سيكون أمراً طبيعياً وهو ما ينبغي أن يسود. إن الهمّ الأساسي للشعب الكردي وقواه السياسية الديمقراطية, كما أفهمه في ضوء تجاربي مع هذا الشعب الطيب ومع قواه السياسية المختلفة, يتمحور حول قضية مركزية, وهي: أن نظم الحكم في العراق وكل القوى البعثية والقومية الشوفينية التي تسلطت على الحكم في البلاد, حرمت هذا الشعب من حقه في تقرير مصيره بنفسه, وهمشت دوره بالكامل وتعاملت معه على أساس أنه إنسان من الدرجة الثانية وحرمته من ممارسة حقوقه وحرياته الأساسية وسعت إلى تعريب الكثير من مناطقه وسكانها. وهكذا كان التعامل أيضاً مع القوميات الأخرى في العراق. وإذا ما انتهت هذه القضية بصورة دستورية وممارسة سليمة عند ذاك ستنهض علاقات جديدة تجمع الناس من عراقيات وعراقيين من مختلف القوميات والأديان والمذاهب والاتجاهات الفكرية والسياسية, وهو ما أسعى وأناضل من أجله, وهناك الملايين من أمثالي يناضلون من أجل أن تسود العلاقات السوية والإنسانية والمتساوية بين كل المواطنات والمواطنين في العراق الجديد.

أتمنى من جديد أن تعالج القضايا المعلقة في العراق الجديد وفق الأسس التي تم الاتفاق عليها في قانون الدولة المؤقت ووفق الآليات المقترحة فيه والتي ستجنبنا الكثير من المشكلات والكوارث المحتملة.

برلين في 13/3/2005. كاظم حبيب



#كاظم_حبيب (هاشتاغ)       Kadhim_Habib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار مع السيد نبيل البازي: ما هو الموقف من حقوق الكلدو أشور ...
- رسالة اعتزاز إلى الكاتبة والشاعرة المبدعة منى سعيد
- حوار مع السيد الدكتور لبيب سلطان: هل مشروعي حول كركوك يتنافى ...
- هل من جديد في القضية الكردية في العراق؟ ولِمَ إثارة الغبار ح ...
- هل حركة اليسار الديمقراطي العراقية ومجمل الحركة الديمقراطية ...
- هل حركة اليسار الديمقراطي العراقية ومجمل الحركة الديمقراطية ...
- المرأة العراقية واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد ال ...
- هل حركة اليسار الديمقراطي العراقية ومجمل الحركة الديمقراطية ...
- تحقيق وتعزيز وحدة عمل القوى الديمقراطية في العراق ضمانة أساس ...
- هل حركة اليسار الديمقراطي العراقية ومجمل الحركة الديمقراطية ...
- هل تشكل الوحدة الوطنية القاعدة المادية لدحر الإرهاب والضمانة ...
- هل الكف عن التدخل في الشئون السياسية للدولة العراقية حماية ف ...
- الأرضية الراسخة والصلدة التي تقف عليها حركة اليسار الديمقراط ...
- هل تجسد سياسات أغلب النظم والقوى القومية العربية في أعقاب حر ...
- مرة أخرى مع قناة الفيحاء!
- نتائج الانتخابات الانتقالية والنظام السياسي الديمقراطي المنش ...
- ما هي المهمة المركزية أمام القوى الديمقراطية في العراق؟
- من أجل خوض حوار عقلاني صريح وعلني مع قوى الإسلام السياسي الم ...
- هل سيسمح السيد السيستاني في التمادي باستخدام اسمه دون وجه حق ...
- ما هي شروط ومستلزمات نجاح مؤتمر مكافحة الإرهاب في الرياض؟


المزيد.....




- بالأسماء.. 48 دول توقع على بيان إدانة هجوم إيران على إسرائيل ...
- عم بايدن وأكلة لحوم البشر.. تصريح للرئيس الأمريكي يثير تفاعل ...
- افتتاح مخبأ موسوليني من زمن الحرب الثانية أمام الجمهور في رو ...
- حاولت الاحتيال على بنك.. برازيلية تصطحب عمها المتوفى إلى مصر ...
- قمة الاتحاد الأوروبي: قادة التكتل يتوعدون طهران بمزيد من الع ...
- الحرب في غزة| قصف مستمر على القطاع وانسحاب من النصيرات وتصعي ...
- قبل أيام فقط كانت الأجواء صيفية... والآن عادت الثلوج لتغطي أ ...
- النزاع بين إيران وإسرائيل - من الذي يمكنه أن يؤثر على موقف ط ...
- وزير الخارجية الإسرائيلي يشيد بقرار الاتحاد الأوروبي فرض عقو ...
- فيضانات روسيا تغمر المزيد من الأراضي والمنازل (فيديو)


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كاظم حبيب - حول بعض المسائل الحوارية الراهنة بشأن كردستان وكركوك والكلدو آشور