أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدى السعيد سالم - من دساتير حسنى لدساتير مرسى يا شعب مصر لاتقبل















المزيد.....


من دساتير حسنى لدساتير مرسى يا شعب مصر لاتقبل


حمدى السعيد سالم

الحوار المتمدن-العدد: 3930 - 2012 / 12 / 3 - 02:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


وصفت منظمة العفو الدولية مسودة الدستور المصري الجديد الذي أقرته الجمعية التأسيسية صباح الجمعة بأنه "خيبة أمل كبيرة" بالنسبة لمعظم المصريين وانه "لا يرقى الى المستوي الذي يمكنه فيه " حماية حقوق الإنسان....وقالت حسيبة حاج صحراوي، خبيرة منظمة العفو الدولية لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا "هذه الوثيقة، والطريقة التي تم بها تبنيها تأتي بمثابة خيبة أمل كبيرة لكثير من المصريين الذين نزلوا الشوارع للإطاحة بـ(الرئيس السابق) حسني مبارك والمطالبة بحقوقهم"...وناشدت منظمة العفو محمد مرسي " إعادة عملية الصياغة والاستفتاء إلي المسار الصحيح وهو المسار الذي يضم جميع قطاعات المجتمع ويحترم حكم القانون بما في ذلك الدور الحيوي لسلطة قضائية مستقلة ونتائج يتضمنها دستور يحفظ قيم حقوق الإنسان والمساواة والكرامة للجميع"...الغريب فى الامر ان المسودة النهائية للدستور تتشابه مع بعض الغرائب والعجائب التى وردت فى دساتير الولايات المتحدة الامريكية التي لا تزال نصوصها في دساتير الولايات إلا أنها معطلة منذ زمن بعيد مثل : ( النظافة شيء يعتد به كثيراً في ولاية كنتاكي الأميركية، فهي تلزم مواطنيها بالاستحمام مرة واحدة على الأقل كل عام)...أما في ولاية ويست فرجينيا يقع تحت طائلة القانون ( كل من يدع رائحة سيئة تنبعث من مطبخه، والسماح لرائحة الملفوف المحشى ) بتعبئة أجواء المبنى السكني جريمة يعاقب عليها القانون)...وفي ولاية اوتاوا يعطي القانون للطيور حق التمتع بقدر أكبر من الحرية، حيث يفسح لها الجانب الأيمن من كل الطرق السريعة بالولاية....وفي ميامي هناك يحظر على الرجال ارتداء ملابس بدون أحزمة.... وآخر في ميسوري يلزم الرجال بالحصول على تصريح حكومي عند حلاقة الذقن..... وقانون آخر في لوجان كونتي بولاية كولورادو يجرِّم تقبيل المرأة النائمة.... وقانون في ولاية أخرى يحتم وجود مسافة معينة بين الزوجين أثناء الرقص!!...كل هذا جعلنى انتظر حتى اقرأ مشروع الدستور الدى تم اعداده من اللجنه التاسيسية !!...وقفز الى ذهنى سؤالا يدور عما اذا كان المقصود من نصوص الدستور الجديد صالح مصر العام و شعبها ام تصفية حسابات فريق او حزب مع فريق اخر .... و الثمن يدفعه المصريون من حرياتهم ... فلقد خرج مشروع الدستور مفعما بتصفية الحسابات مع الشعب المصرى !!..

والرئيس الذي وعد أنه في حالة توليه الحكم ، فإنه سيعيد تشكيل الجمعية التأسيسية ، فإذا به يخاطب الجمعية التي تم تشكيلها بنفس آلية تشكيل الجمعية الأولى التي حكم القضاء بعدم شرعيتها ، قائلاً " سوف أعيد تشكيل الجمعية التأسيسية إذا تعذّر الانتهاء من وضع الدستور فى الموعد المحدد خلال ٦ أشهر من تشكيلها " فهو يمنح شرعية لجمعية مُعترض على شرعية تشكيلها وفي انتظار حكم المحكمة الدستورية التي لم يتحدث عنها ولا جاب سيرتها !!.. والتصرف السياسى الغير مسئول الذى اتخذه رئيس الجمهورية بالدعوة إلى استفتاء باطل ومرفوض من قطاع كبير من الشعب المصرى، بعد أن حنث بوعده بأنه لن يعرضه للاستفتاء إلا بعد التوافق عليه بين جموع القوى الوطنية.... مرسى فضل أن يتصرف كعضو فى جماعة الإخوان المسلمين أكثر من كونه رئيساً لكل المصريين، منحازاً لعشيرته أكثر من الأغلبية التى ترفض الإعلان الدستورى والاستفتاء على مسودة الدستور، فما بنى على باطل فهو باطل... مرسى يتخذ الخطوات التى تؤدى إلى استقطاب حاد بذبح أبناء شعبه ودفعهم للتقاتل، وذلك فى سبيل تمكين جماعته للسيطرة على السلطة فى مصر....مما جعل هالة فهمي المذيعة بالقناة الثانية اليوم 12/02/2012 تظهر بـ «كفنها» على الهواء وهاجمت الإخوان وابدت اعتراضها على الدستور...كما وصفت هالة فهمي الإخوان بـ «قتلة السادات» وهاجمت الدستور الجديد الذي تم طرحه للاستفتاء واصفة إياه بـ "دستور العبيد» قائلة: (لا لدستور العبيد وكفني معايا أهو)... ونسأل كيف يمكن الوصول لحالة توافق وطني في حالة وجود أغلبية تم اختيارها من فصيل واحد ...مرسى ادعى أنه رئيس منتخب، وفاز فى انتخابات هى موضع شك كبير، وانقض على جميع المؤسسات وقال إنه سيكون رئيساً للمصريين، واكتشفنا أنه مندوب للإخوان ومطيع لأوامرهم.... ( في الدول الفاشلة لا يتم تفعيل القانون ، فإذا أضفنا الرجوع في الوعود وما يشير إليه ذلك السلوك المعيب من غياب لرؤية لعواقب الأمور ، فإننا نبشربحالة فشل سياسي )... مسودة الدستور لا تصلح سوى لكتاب للقراءةغير الرشيدة للصف الأول الابتدائي !!.. لا وجود للدستور بدون الديمقراطية، التى هى أساس الشرعية، ولا وجود للشرعية دون إقامة دولة القانون التى يحترم فيها الفرد قبل الحاكم يا مرسى !!..

مما لاشك فيه ان حالة الانقسام المجتمعى التى تسبب فيها رئيس الجمهورية بقراراته وطريقة أداءه منذ حضوره إلى منصبه، واعتياده التصرف مع الكثير من فئات المصريين على أنهم أدنى مرتبة فى الحقوق والحريات من أتباع وأنصار جماعة الإخوان التى ينتمى إليها... الى جانب استمرار جماعة الإخوان وشقيقاتها فى الترويج لخطاب تكفيرى للمعارضين لها، أو التلويح باستخدام العنف والبلطجة فى مواجهة المختلفين معها سياسيا وفكري !!!..وجاء حديث "محمد مرسي" الاستعراضى للتليفزيون المصري يحمل الكثير من التناقضات ، فالرجل يقول الكلام وعكسه... هذا التناقض يشبه تماما الإعلان الدستوري الأخير الذي أصدره "مرسي" في الحادي والعشرين من نوفمبر، فقد نسف كل تعهداته السابقة باحترام حرية التعبير، وعدم مصادرة أي وسيلة إعلامية تنتقد بموضوعية، وحل الجمعية التأسيسية ما لم يحدث توافق وطني على الدستور، وفعل نقيضها تماما، وهو ما يعكس أمرين لا ثالث لهما: إما ثقة كبيرة في قدرة الإخوان على السيطرة على البلد، أو محاولة للهروب إلى الأمام وكلاهما خطر داهم، قد يدخل مصر في نفق مظلم!!... حيث دافع مرسى عن الإعلان الدستوري، وأكد انه لا رجعة فيه بدعوى محاكمة الفاسدين من رجال مبارك ، وهذا كلام عبيط يظن ان الناس لاتتناقش او تحلل الكلام ، لكن الرجل نفى هذا بالقول إنه لن يحاكم رجال مبارك الا بعد ظهور أدلة جديدة ، من أين ستأتي هذه الادلة، والكل يعرف أن رجال حبيب العادلي طمسوا كل الادلة بدليل تبرئة كل الضباط المتهمين بقتل الثوار، وهناك قاعدة قانونية بسيطة تقول إنه يجوز فتح القضايا التي فصلت فيها المحكمة اذا ظهرت أدلة جديدة، ما الداعي اذن لهذه المادة في الاعلان الدستوري؟!...

اللعب بالالفاظ كان السمة الغالبة لحديث هذا المرسى الذى ابتلى به الشعب المصرى !!.. ففي حين يؤكد مرسي أن قراراته نابعة من الشرعية الثورية، يعود ويقول إن الشرعية الثورية إنتهت بانتخابه رئيسا لمصر وفقاً للشرعية الدستورية، ويجدد دعمه استقلال القضاء، واحترام السلطة القضائية، ويحنث باليمين ويزعم أن القضاء يقف له بالمرصاد، ويعيقه عن اداء مهامه الرئاسية، فيحصن قراراته من الطعن عليها، ويقول ان القضاء مستقل بمقتضى الدستور الجديد حين يتم الموافقة عليه، ويحتفظ لنفسه بحق تعيين النائب العام وأعضاء المحكمة الدستورية، رغم الحاجة الملحة لتطهير القضاء المصري ووزارة الداخلية ، ويدعي مرسي انه يلبي مطالب الشعب المصري، ويرفض العدول عن قرارات يرفضها الشعب...
الاسوأ ان مرسي يحذر الشعب من التصويت ب"لا" على الدستور، بدعوى أن هذا ضد الاستقرار ، وإلا سيبقى الإعلان الدستوري قائما أي ليس أمام الشعب سوى خيارين: إما القبول بالدستور غير التوافقي ، او القبول بدكتاتورية الإخوان وحلفائهم، أوالاكتواء بنار الإعلان الدستوري ، والرضا بدكتاتورية الفرد، مرسى يريد إستغلال عدم الاستقرار، وحاجة الشعب إلى العودة للعمل والانتاج ، وبدأنا نسمع نغمة من أعضاء حزب الحرية والعدالة، تخير الشعب المصري بين "مرسي" والفوضي، وهو نفس أسلوب المخلوع "حسني مبارك"....الغريب ان حديث المؤامرة ظهر من جديد بعد أن كدنا ان ننساه مع رحيل نظام "مبارك" ...." مرسي" يقول إن هناك مؤامرة كبرى يتعرض لها ، ولا يقدم لنا أطراف هذه المؤامرة ، يحكي حكاوي القهاوى في مصر "بيقولوا" !!! من هم لا ندري؟ .... يراوغ ويقول لديه معلومات عن أشخاص، وجهات تريد النيل من مصر، يستدرك بأن المعلومات غير كافيه ولابد من وثائق وأدلة اثبات ، يعني الراجل ماشي في سكة الشائعات ، وهذا لا يليق برئيس مصر أن يتحدث عن مؤامرة، ليس لديه أدلة على المتورطين فيها .... مرسي يعود ويؤكد أنه لن يستخدم صلاحياته إلا في أضيق حدود، ونفاجأ به يعزل النائب العام "عبد المجيد محمود"، وهو مطلب تأخر كثيرا، ثم يتراجع لمخالفة ذلك للقانون ، قبل صدور الإعلان الدستوري الأخير، ويرغب في عودة مجلس الشعب، ويدخل في صراع مع المحكمة الدستورية، وتثبت الأيام أنه ليس رئيسا لكل المصريين بل ممثلاً او مندوبا لجماعة الإخوان في أعلى هرم السلطة...

الرئيس في تصريحاته واحاديثه المتلفزة والمنزوعة الدسم والصدق يُحدثنا وكأننا شعب لم يقم بثورة على الفساد فيصور رؤيته لحالة الفساد وكأنها مفاجأة قد روعته ( مع أن أحد أهم قياصرة النظام الذي سقط قال على رؤوس الأشهاد في برلمان الصلاح والعفاف الاستقوائى في دورته العبقرية 2010 مقولته الخالدة خلود حزبه الحاكم العتيد الذى ذهب الى مزبلة التاريخ " الفساد بقى للركب" ) ، وصولاً لإقرار الرئيس بأن مصر تحتاج نحو ١٠ سنوات لتنهض ، وهو هنا يعدنا إنه مطول معانا شوية حتى وضع ملامح مشروع النهضة ( وبلاش الكلام الكبير عن حكاية تداول السلطة)، ومن ثم النهوض ( رغم أن قرارات ثورية غاية في البساطة من شأنها تحقيق الضربة الأولى لمعاقل الفساد بداية من القرارات العليوي الاعتباطية بدواوين الوزارات المتجاوزة كل أعراف اللوائح ونزيف الصرف بالأمر المباشر وتأمين رواتب تعيين مستشاري الندامة ، وهبوطاً إلى القاعدة العريضة في مكاتب إدارات صغارالموظفين وفواتيرهم المضروبة ورشاوى تخليص الأمور و مشاكل المخزون الحكومي .. الخ ) ..... والناس تسأل سيادة الرئيس هل بعد 10 سنوات ، سنجد من يعلن من أشاوس الحزب الحاكم أنها فترة غير كافية لتحقيق النهضة زي المائة يوم كانت غير كافية لرفع القمامة من شوارع المحروسة ؟!! ( في دول الفشل : الاكتفاء بوعود ولا برامج عمل على الأرض ) ....

هل المقصود من نصوص الدستور الجديد صالح مصر العام و شعبها ام تصفية حسابات فريق او حزب مع فريق اخر .... و الثمن يدفعه المصريون من حرياتهم ... فلقد خرج مشروع الدستور مفعما بتصفية الحسابات مع الشعب المصرى !!... فمثلا تصفية الحسابات مع المحكمة الدستورية كان من خلال تخفيض عدد قضاة المحكمة الدستورية العليا الى رئيس و عشر اعضاء فقط و فقا لنص المادة ١٧٦... بينما اسند اليها اختصاصات جديده فى طعون الانتخابات المحلية و النيابية من خلال الرقابة السابقة على صدور التشريع و فقا للمادة ١٧٧ من المشروع مع الز ام المحكمة بكل ما عليها من اعباء ان تفصل فى دستورية القوانين الانتخابية خلال ٤٥ يوما.... و لقد كان ذلك يستوجب من باب اولى- اذا ما خلصت النوايا- مضاعفة العدد و ليس تخفيضه ..... ذلك ان تقليص عدد الاعضاء من شانه التاثير على طبيعة العمل القضائى و ازدياد العبء الواقع على القضاه ....ان الدلاله واضحة على ان شهوة الانتقام الفج غير العقلانى من رقابة القضاء الدستورى قد غلبت على اعتبارات الصالح العام و على الاهتمام بحسن سير العدالة للمواطنين الذين لهم مصالح ايضا فى نظر دستورية تشريعات اخرى لا علاقة لها البته باهتمامات السلطة الحاكمة ، بما يقتضيه ذلك من تو فير العدد الكاف للقضاه ... على ان المشروع ارتكب جرما اخر يتناقض مع استقلال القضاء وهو ان يتم تعيين جميع اعضاء المحكمة الدستورية وفقا لمحض ارادة رئيس الجمهورية طبقا للمادة ١٧٦ منه... و ذلك دون ادنى دور للجمعية العمومية للمحكمة فى اختيار الاعضاء او فى الموافقة على تعيينهم.... و هو اقحام للسلطة التنفيذية فى شئون السلطة القضائية غير مقبول فى المرحلة الحالية التى لاقى فيها القاضى الدستورى ما يلقاه المجاهدون الصابرون من عنت و تجريح...و للشعب ان يتساءل منذ متى ينظم الدستور موضوعات يتم تنظيمها بقرارات ادارية عادية داخل الهيئات المختصة ؟ ام ان شبح المحكمة الدستورية الجاثم على صدورهم حدى بهم ان ينصوا فى الدستور ذاته على طرائق التخلص من العدد الذى يؤرقهم بان يعود الاعضاء الاحدث ( تهانى الجبالى بالذات ) الى اماكنهم قبل التعيين فى المحكمة الدستورية العليا طبقا لنص المادة ٢٣٥ .... لم نر شئيا من ذلك قط فى دستور اى دوله كبيرة فى حجم مصر التاريخى و فى عراقتها !!..وأم المصائب فى مسودة الدستور الماده ٤٤ من المشروع التى تنص على اغرب صياغة رايناها فى الدساتير الحديثة !!.. و مع الاسف لاقت هذه المادة ايضا اجماع الاعضاء بما فى ذلك اساتذة القانون: (تحظر الاساءة او التعريض بالرسل و الانبياء كافة ).... هذا القيد على حرية التعبير يجب ان يحدد مقتضاه و مفاده لاسيما لفظ " التعريض " و موضع نص المادة ٤٤ هو التشريع و ليس الدستور.... و الخوف كل الخوف من الاساءة فى استعمال السلطة فى اتجاه واحد باعمال النص الموسع للبعض و اهمال النص للبعض الاخر... و الخطر الحقيقى هو ان القيد على الحريات يرد فى النص الدستورى دون تحديد دقيق يتناسب مع دقة الصياغة القانونية !!...الغريب اننا لم نر قط مشرعا دستوريا يرد قيدا عاما على كل الحريات و الحقوق و ان يكون محل القيد باب باكمله فى الدستور ..... فبعد ان حمدنا الاخذ بالتفرقة بين تنظيم الحريات و تقييدها او الانتقاص منها الا اننا راينا المشروع يقصر هذه التفرقة على الحريات اللصيقة بشخص المواطن دون الحريات الاخرى و هى عديدة... و كانه لم يكتف بهذا القيد فازاد عليه قيودا اخرى و هى كل ما يتعارض مع المبادئ الواردة فى باب الدولة و المجتمع ، فهذا مع الاسف الشديد مفاد نص المادة ٨١ من المشروع .... و للشعب ان يسأل ايضا قبل التصويت على المشروع : لماذا كل هذا الخوف من الحرية ؟!.. لماذا النزوع المتكرر لتقييدها و اطلاق القيد ثم حصر نطاق ممارسة الحريات ؟!... ان ما ناخذه على اللجنه التاسيسية هو فلسفتها الدستورية المقيته التى تخشى الحقوق و تخاف الحريات ، تمتعض من الرقابة و تتهرب من تقييدالسلطة .... تقيد الحرية بدلا من تضمنها و تطلق السلطة بدلا من ان تقيدها.... هذا هو وجه النقد الحقيقى الذى يفسر وجوه النقد الاخرى و عليهم ان يسمعوا: انها فلسفة دستورية معوجة وفاشلة !!..

من الغريب ان يصل التوجس فى لجنة الاعداد التى يفترض فيها الحيدة الى درجة تحصين مجلس النواب ضد الحل طوال دور انعقاده السنوى الاول وفقا لنص المادة ١٢٧ من المشروع.... فيحظر حل المجلس و لو توافر فيه ذات العوار الدستورى المتوافر فى المجلس السابق ...وهو ما يعرضنا مرة اخرى الى احتمال تحصين كيان قانونى فاسد قد يقضى بعدم دستوريته و يستمر مع ذلك فى مزاولة مهامه بدلا من الانصياع لصحيح المبادئ الدستورية .... و هو ما يكشف عن الرغبة فى البقاء فى السلطة باى ثمن و ليس الرغبة فى الخضوع للمبادئ الدستورية العامة والالتزام بها.... هذا الهوس بالالتفاف علي القواعد الدستورية او احكام القضاء التى قد تفضى الى حل المجلس الجديد لهو انحراف خطير بعمل اللجنة التاسيسية يؤدى الى رفض الشعب للمشروع...الى جانب ان المادة ٢١٩ من المشروع تتناقض و اسس الصياغة الدستورية السليمة التى تستلزم معرفة حكم الدستور بمجرد مطالعة المادة... ذلك ان اطلاق تحديد المقصود بالشريعة الاسلامية الى فقه اهل السنه و الجماعة دون تحديد لمجال التطبيق و لا الفقه المعتبر كمصدر لهو سبب لعدم الامان و الاستقرار القانونى !!... و ضرورة هذا التحديد باعثها فى نظرنا هو مقتضيات الصياغة ذاتها و اثار الصياغة المعيبة على نطاق تطبيق النص.... فالقانون و لاسيما اسماه و هو الدستور هو لفظ يفسر او لفظ يصاغ.... و مقتضيات الصياغة القانونية السديدة لهذه المادة تفرض علينا التحديد الدقيق لمدلوها و ما ينصرف محتواها على وجه القطع و اليقين و ليس على وجه الظن و التقريب.... و ذلك حتى يعرف المخاطبون باحكام الدستور من سلطات عامة و افراد مجال تطبيق المادة و نطاق اعمالها على نحو محكم، و هو ما يمثل ضمانه هامة ضد التعسف او التضارب فى التفسير...الى جانب الضعف العام لضمانات الحقوق و الحريات هو السمه الغالبة على هذا المشروع .... فبدلا من التوسع فى رقابة الدستورية و كذلك رقابة القاضى الادارى و العادى على استبعاد التشريعات المخالفة للعهدين الدوليين للحقوق المدنية و السياسية و الحقوق الاجتماعية و الاقتصادية وغيرها من الوفاقات الدولية التى صدقت مصر عليها ، غفل المشروع تماما ذلك النوع من الرقابة الحديثة و عن عمد.... و لذا فمن حق الشعب المصرى ان يطالب بتطبيق اليات الرقابة القضائية التى تكفل تفعيل و اعمال المعاهدات التى تعطى لافراده قسطا من الحقوق و الحريات بدلا من شل يد المواطن من الدفع بها امام قاضيه الطبيعى الذى يستمر فى تطبيق القانون الوطنى رغم مخالفته لصحيح نص المعاهده التى تمنح حقا او تقرر حريه اساسية للمواطن !!..

هذا الدستور يستحيل تعديله إلا بالدم أو بثورة جديدة ، لأن أى حزب يمتلك ثلث مقاعد مجلس النواب، أو ثلث مقاعد مجلس الشورى يكون قادر بموجب هذا الدستور على تعطيل وإجهاض أى تعديل دستورى لا يلائم مصلحته الحزبية... انظروا المواد (217-218)....الى جانب أنه يعطى للبرلمان "فعليا" حق تعيين رؤساء الأجهزة الرقابية التى ستحاسب وتراقب الحكومة، وفى نفس الوقت يعطى البرلمان "فعليا" و"عمليا" أيضا حق تشكيل الحكومة، بمعنى إن البرلمان سيكون متحكما فى الحكومة وفى الاجهزة التى سيراقبها , انظروا المواد (126 - 139 - 202).... هذا الدستور يقضى على مركزية الحكم فى مصر، ويخلق ألف صانع قرار وألف زعيم وألف رئيس فى الحكم، فمثلا سنجد رئيس الجمهورية له سياسة ورئيس الحكومة له سياسة مختلفة تماما خصوصا أن رئيس الدولة ليس له أى سلطان على رئيس الحكومة، الدستور يقول : إن رئيس الدولة مسئول عن السياسة الخارجية والأمن القومى والدفاع... وفى نفس الوقت البرلمان هوالذى يختار وزراء الدفاع والخارجية والداخلية !!.. بالله عليك من الذى سيقود سفينة الوطن ؟! انظروا المواد (140 - 141 - 159)...هذا الدستور ينهى الرقابة القضائية مستقبلاً على الإنتخابات، بالضبط كما طلب "جيمى كارتر" عندما زار القاهرة فى نوفمبر 2012...انظروا المواد(208 -210)....هذا الدستور يفتح الباب لكافة أنواع الفتن بين فئات المجتمع المصرى بدلا من أن يكون دستورا يوحد المصريين، اصبح دستورا لتفكيك أواصر هذا المجتمع!!...

ما يحدث يحتاج وقفة جادة لمصلحة هذا الوطن بعيداً عن الإنتماءات السياسية اياً كانت لأن مصلحة مصر اهم من مصلحة الجماعة او الفصيل ومشروع الدستور يعبر عن رأى فصيل واحد بدليل أن كل القوى السياسية والتيارات المدنية والكنيسة المصرية انسحبوا من أعمال اللجنة التأسيسية وهذا لا يعنى أن هناك توافق مجتمعى حول دستور لمصر الجديدة بعد الثورة!!...إننى أتسأل هنا أى دستور هذا الذى لا يكفل حقوقا للمرأة وأصحاب المعاشات والعمال والفلاحين بل وينتقص من حقوق المواطنة، أى دستور هذا الذى يبيح لمزدوجى الجنسية أن يتقدموا للإنتخابات أى دستور هذا الذى يلغى حق مجلس الدولة فى مراجعة مشروعات القوانين؟! أى دستور هذا الذى يلغى الإشراف القضائى على الإنتخابات؟! أى دستور هذا الذى يستهدف حل المحكمة الدستورية؟! أى دستور هذا الذى يضع نظاما للإنتخابات البرلمانية تكفل سيطرة فصيل بعينه على البرلمان؟! أى دستور هذا الذى يتضمن نصوصا لتصفية الحسابات؟!...مصر لاتتحمل ما يحدث اليوم، واخشى أن نتحول إلى حرب أهلية لأن الإسلام السياسى لايقبل مبدأ الاختلاف الفكرى، ومقولة أن الإسلام دين ودولة متناقضة، فالدين ثابت والسياسة نسبية!!..ثم ماذا سيحدث غدا ولماذا لم تحترم اللجنة التأسيسية الإعلان الدستورى الذى مدد مدتها شهرين؟!...
فى إعتقادى أن بعض القانونيين يعلمون علم اليقين أنه كان يتعين الإنتهاء من اعداد الدستور قبل 2 ديسمبر وهذا يعنى ضمنا عدم الاعتراف بالاعلان الذى مدد المدة الممنوحة للجنة!! اننا أمام اختبار حقيقى للمحكمة الدستورية العليا....وهى أمام خيارين لا ثالث لهما: أن تعترف بالاعلان الدستورى، وبالتالى لن تصدر أى أحكام فيما يخص مجلس الشورى واللجنة التأسيسية... أو ألا تعترف بالاعلان الدستورى وتصدر احكامها فيما يخص الشورى واللجنة التأسيسية!!...المحزن اننا بفضل قرارات مرسى الغير مدروسة والعبيطة نجد انفسنا أمام إشكالية دستورية فيما لو حكمت المحكمة بإنقضاء مجلس الشورى ويصبح هو والعدم سواء، ماذا نحن فاعلون أمام النصوص الدستورية المقترحة بنقل أعمال التشريع لمجلس الشورى لحين إنتخاب مجلس الشعب الجديد؟!.. لذلك الحل هو عدم قبول هذا الدستور شكلا وموضوعا ... مالفرق بين دساتير حسنى مبارك التى تكرس لديكتاتورية الحاكم ودساتير مرسى ؟!! لذلك قلت : من دساتير حسنى لدساتير مرسى يا شعب مصر لاتقبل !!..

حمدى السعيد سالم



#حمدى_السعيد_سالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهجمات المرتدة التركية على سوريا فرصة لاتعوض
- اروع حبيبة
- الانتهازيون الجدد : الاخوان والامريكان وأردوجان
- الاحتكار السياسى الاخوانى وازدواجية المعايير
- لن نذهب الى كانوسا الاخوانية
- لا تراجع ولا استسلام حتى يسقط خفافيش الظلام
- لابد للديمقراطية ان تنتصر فالتطور سنة الحياة
- باسم الخلافة يريدون خطف الدولة
- السقوف الايدلوجية الايرانية وثورات الربيع العربى
- لاتتركوا سيناء تذهب لجماعة ضالة لا تؤمن بمعنى كلمة وطن
- ماذا يجرى خلف الستار فى الحرب الخفية بين ايران واسرائيل؟
- تقرير استراتيجى عن الدور الامريكى بعد نجاح اوباما
- الشريعة هى «قميص عثمان» الذي يتم استخدامه لتبرير العنف الدين ...
- الشذوذ السياسى هو مشروع الصرف الصحى الاخوانى
- الفن والابداع فى زمن الاخوان
- شبكة التوريث والمصالح العائلية الاخوانية تحكم مصر
- واحد عضنا
- حروب المنطقة واضطراباتها وتغييراتها بدأت بميلاد قناة الجزيرة
- الجزيرة والرقص مع جماعة الخرفان المسلمين
- الخيانة اخوانية


المزيد.....




- إزالة واتساب وثريدز من متجر التطبيقات في الصين.. وأبل توضح ل ...
- -التصعيد الإسرائيلي الإيراني يُظهر أن البلدين لا يقرآن بعضهم ...
- أسطول الحرية يستعد لاختراق الحصار الإسرائيلي على غزة
- ما مصير الحج السنوي لكنيس الغريبة في تونس في ظل حرب غزة؟
- -حزب الله- يكشف تفاصيل جديدة حول العملية المزدوجة في عرب الع ...
- زاخاروفا: عسكرة الاتحاد الأوروبي ستضعف موقعه في عالم متعدد ا ...
- تفكيك شبكة إجرامية ومصادرة كميات من المخدرات غرب الجزائر
- ماكرون يؤكد سعيه -لتجنب التصعيد بين لبنان واسرائيل-
- زيلينسكي يلوم أعضاء حلف -الناتو- ويوجز تذمره بخمس نقاط
- -بلومبيرغ-: برلين تقدم شكوى بعد تسريب تقرير الخلاف بين رئيس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدى السعيد سالم - من دساتير حسنى لدساتير مرسى يا شعب مصر لاتقبل