أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - -شيعة- جيمس جيفري المدجّنون!















المزيد.....

-شيعة- جيمس جيفري المدجّنون!


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 3929 - 2012 / 12 / 2 - 14:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يبحث صاحب القرار الأميركيِّ، بحكم ضرورات عمله، عن حلفاء له في كل مكان يتحرك فيه سياسياً وعسكرياً وثقافياً وإعلامياً، فإنْ حدث وفشل في العثور عليهم، لهذا السبب أو ذاك، بادر إلى اختراعهم اختراعاً من العدم، و قد يضطر أحيانا، بمقتضى معنى المثل العربي الشعبي الشهير، إلى وضع السروج على غير خيولها، على اعتبار أن أسوأ المطايا أفضل من اللاشيء.
جيمس جيفري، لمن لا يعرفه، هو السفير السابق للولايات المتحدة في بغداد، والذي سلَّم منصبه لخليفته بيكروفت قبل أيام، وكانت لنا وقفة مع هذا الأخير قبل فترة على صفحات " العالم/ 7/11/2012 " و "الأخبار/ 1857" بمناسبة "حفلة التعارف" التي حاول من خلالها تسويق نفسه إلى الرأي العام العراقي عبر صحافته. السفير السابق، جيفري، سار على درب زميله وخليفته في اللجوء الى الصحافة العراقية فنشر مقالة في إحدى اليوميات البغدادية "العالم / عدد 703" تحت عنوان يشي بالكثير من الإحالات السياسية والدلالات هو "تفادي انشقاق طائفي في الشرق الأوسط".
نفهم من خلال عنوان النص ومتنه، أنّ كاتبه ومن خلفه دولته يريد تفادي حدوث انشقاق طائفي في الشرق الأوسط قد يترتب على انهيار النظام السوري أمام المليشيات المعارضة المسلحة. وبلغة أكثر تحديدا يقول إنّ هناك مخاوف من أنّ ما يسميها بالانتفاضة السورية ( ربما تنحط إلى صراع سني شيعي، ربما ينتشر إلى خارج حدود سورية ويزيد في اضطراب الشرق الأوسط ). والواقع فإنّ الكاتب يناقض هنا ما أعلنته قائدة الدبلوماسية الأميركية هيلاري كلينتون والتي حكمت قبل أسابيع قليلة بأنّ الوضع انحط فعلا وليس "ربما ينحط" إلى صراع طائفي، وأن الانتفاضة في سوريا – بمفردات كلينتن - تم اختطافها من قبل "المسلحين المتشددين"، بعد أن فشل المجلس الوطني السوري في أداء ما شُكِّل من أجله من أهداف واستحقاقات، وطالبت علنا باستبداله بمؤسسة جديدة. لتعضيد مخاوفه من الطائفية من النوع السوري، متناسياً أنّ دولته هي التي بذرت بذورها في العراق قبل عشرة أعوام، يستنجد جيفري بمن وصفه "صديقي الحميم وهو كردي عراقي يحمل في قلبه التزاما قويا بعراق موحد متعدد الطوائف وينقم بشدة على الرئيس السوري بشار الأسد وكان قلقا مما ستفرزه الانتفاضة في سورية المجاورة" ويكرر تحذيراً لهذا الصديق الحميم ألقاه على مسامعه وقال فيه ( ما لم تكن الولايات المتحدة قادرة على التأثير على الأحداث فإنّ الثورة ربما تتسبب في انشقاق عنيف في سورية ثم العراق ثم تلفّ المنطقة كلها في صراعات طائفية ). يريد لنا السفير السابق أنْ نفهم ونتفهم أنّ صديقه "المؤمن بعراق موحد" ولكن "متعدد الطوائف" يخشى على الوضع القائم في العراق، وهو وضع طائفي بامتياز من حيث طبيعة الحكم، والخوف عليه من قبل جيفري وصديقه هو خوف على حلفاء طائفيين ضد آخرين لا يُؤمَن جانبهم على المصالح الأميركية!
أيضا، يريد لنا السيد جيفري، أنْ نقلق لقلقه من وباء كان له ولحكومته الفضل والسبق في إطلاق جراثيمه الفتاكة، أو في الأقل، توفير البيئة الملائمة لانتشارها ألا وهو وباء التشققات المجتمعية ذات البواعث والأهداف الطائفية الدينية. وفي موضع آخر من مقالته، يعترف الكاتب بوجود تقارير ( تتردد عن كون العنف الطائفي قد صار أمرا مألوفا في سورية، وأنه قد بدأ ينتشر حتى وصل إلى لبنان). أما المسؤول عن ذلك فليس هو الطرف الذي جاء بنظام المحاصصة الطائفي في العراق، وتسبب في موجعة شنيعة من الاقتتال الأهلي الطائفي بلغ ضحاياها مئات الآلاف، وهو ليس مَن شجع وسلح المنظمات والمليشيات السورية المسلحة، بل هما نظاما الحكم في سوريا وإيران اللذان قاما كما يقول ( بدورهم لمفاقمة المشكلة بإذكاء نار المخاوف بين الشيعة العراقيين والجماعات الشيعية الأخرى من تداعيات انتصار سني في سورية). ومع أن "المفاقمة" لا تعني "الابتكار" أو التأسيس للظاهرة ، غير أنَّ أحداً لا يمكنه تبرئة النظامين المذكورين من أي دور في هذا الخصوص، ولكنَّ ما يثير قلق جيفري ودولته ليس وضع حقوق الإنسان المهدورة، ولا الممارسات الدكتاتورية في البلدين من قمع وقتل للمدنيين وتزوير انتخابات وغير ذلك بل هو في كونهما يرفضان الانصياع لأوامر أميركا والغرب بوجوب ترك السلطة فيما يخص سوريا و وقف محاولات صناعة وحيازة السلاح النووي وتهديد أمن إسرائيل في ما يخص إيران.
يتفاصح السيد جيفري فيستعرض عضلاته المعلوماتية، وسنجد أنها أكثر من بائسة، أمام القارئ العراقي عما يسميه "الانشقاق الشيعي السني" فيكتب ( بدأ في كربلاء منذ أكثر من 13 قرن عندما قتلت قوات مما يُعرف الآن بسورية - التي صارت رافدا للإسلام السني - حفيد النبي، الحسين، والكثير من أفراد ما صار فيما بعد يعرف بالطائفة الشيعية) مضيفا (وإذكاء نار القلق الشيعي هذه الأيام هو واقع نتج عن حقيقة أن القاعدة في العراق قد أخذت عنفها المضاد للشيعة إلى سورية وأن القادة العرب في الخليج الفارسي كانوا لا ينأون بأنفسهم عن مشايخ السنة المثيرين للفتنة الذين يصفون الشيعة العرب بأنهم "روافض"). هذا الخلط الساذج للحقائق والأحداث التاريخية هو كل بضاعة السفير الأميركي السابق. أما عن بكائياته حول ما فعله تنظيم القاعدة من مجازر بحق العراقيين فهي بكائيات منافقة تريد لنا أنْ ننسى أنّ قوات الاحتلال الأميركية هي التي فتحت الحدود أمام عناصر هذا التنظيم المخترَع أميركيا، ضمن استراتيجية بوش الابن القائلة بـ "استدراج العدو إلى الميدان العراقي ثم سحقه" فكان أن سحقت متفجرات القاعدة وانتحاريوها أجساد المدنيين العراقيين من جميع الطوائف والمكونات المجتمعية!
يعود جيفري الى خارطة المنطقة السياسية الراهنة فيصنف المعسكر الأقرب لأميركا والمكون من " الدول العربية المحافظة" إضافة الى تركيا، مضيفا اليهم ويا للعجب، حركة "حماس" ربما من باب التفاؤل المفرط بجهود حاكم قطر لا بصواريخ القسّام والفصائل الأخرى! أما أخطار الحريق الطائفي الذي يريد السفير السابق احتوائه وتفاديه، مع أنه لا ينكر حاجة حكومته إلى (أن نفكر في المساعدة العسكرية المحدودة للمقاومة السورية حتى لو لم تكن مدعومة من مجلس الأمن)، أما هذه الأخطار فإن أول ضحاياها كما يعترف هما العراق ولبنان. ثم يحدد الكاتب هدف دولته في الحفاظ ( على قيمنا حتى لو كانت الثمرة هي وصولنا إلى جائزة ثمينة وهي الهزيمة الإيرانية في سورية). وهكذا فبدلا من أن تكون هزيمة الدكتاتورية في سوريا و إيران على أيدي شعبي الدولتين ستكون هزيمة للدولتين على يد الغرب بقيادة أميركا. وتلك، كما تأكد حتى الآن، أفضل هدية يقدمها الغرب للنظامين في هذين البلدين وصفعة مؤلمة للحركات الشعبية المطالبة بالديموقراطية والعدالة اجتماعية.
يصل الكاتب أخيرًا الى لبِّ الموضوع المتمثل في مهمة تسويق "أصدقائه الشيعة" فيقول ( ولأجل هذه الغاية نحتاج إلى أن نوضح أكثر أنّ الشيعة – على عكس آراء بعض أصدقائنا في المنطقة- ليسوا عدو أميركا، وأنّ مشكلتنا هي مع النظام الإيراني والأسد. وينبغي أنْ نبدأ باتخاذ موقف أقوى حيال قمع البحرين لأغلبيتها الشيعية). إن محاولة جيفري لتسويق "شيعته" إلى التحالف الخليجي التركي الغربي هي من باب أولى محاولة مباشرة لا تمتاز بالذكاء لطمأنة شيعة الحكم في العراق أكثر منها محاولة حقيقية لاختراع شيعة يخصونه هو أو طمأنة الرأي العراقي العام من تداعيات انهيار الدكتاتورية السورية. وبما أن جيفري يتوقع من الكثيرين في المعسكر الأميركي رفض استقبال هؤلاء الضيوف غير المرغوب بهم من "شيعته المدجنين المسالمين"، فقد رد على الرافضين رداً مفحماً مذكراً إياهم بأن عليهم ( أن يضعوا بالحسبان أن الدول ذات الأغلبية الشيعية، و تحديدا العراق وإيران، لديها على الأرجح ما يزيد على 300 مليار برميل من احتياطيات النفط وهو ما يمثل تقريبا ثلثي احتياطي دول مجلس التعاون الخليجي بما في ذلك السعودية، وأكثر من 20 بالمائة من الاحتياطي العالمي).
اللافت هو أنَّ مقالات وتصريحات السفراء والمسؤولين الأميركيين لوسائل الإعلام العراقية تظل شاحبة وباهتة لا تثير ردود أفعال ملموسة وحقيقية على مستوى الرأي العام، لا سلباً ولا إيجاباً، غير أنّ هذا لا يعني أنّ جيفري لا مؤيدين له، ممن يمكن أن نطلق عليهم مجازا "شيعة جيمس جيفري"؛ فهؤلاء لا يعلنون تأييدهم الصريح لما يقول ولكنهم يفضلون أسلوباً آخر في الإعلان عن ذلك كأنْ يهاجم بعض الكتبة منهم حركة حماس في ذروة المذبحة الإسرائيلية بحق الفلسطينيين في غزة، مشبهاً إياها بعمر بن سعد الذي قاد قوات بني أمية في موقعة "الطف" المأساوية وقتل الإمام الحسين وعدد من أهل بيته، في محاولة تحريض طائفي مفضوحة، وعنوان المقالة لا يترك مجالا للتبرير ويقول "عمر بن سعد الغزاوي!"، لا لشيء إلا لأن حماس وتحديداً، كما شخّص ذلك الكاتب نفسه، خالد مشعل، وقف ضد النظام السوري. وقد تصل البذاءة – وقد وصلت فعلا- ببعض المؤيدين لهذا الكاتب إلى نشر برقيات وتعقيبات التضامن مع "الشعب الاسرائيلي الشقيق" كذا حرفيا! ربما عبر هؤلاء وأمثالهم بهذه الكتابات عن حالات نفسية ذات جذور عصبوية طائفية، ولكنهم يقيناً، سهّلوا، دون قصد منهم طبعا، مهمة المواطن العراقي البسيط في أنْ يرسم خطاً فاصلاً، بين شيعة جيمس جيفري المدجنين وشيعة الحسين بن علي في عصرنا، وهو الرافض للطغيان بدمه الذكي!
*كاتب عراقي



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التحالف «الشيعي الكردي» ليس كذبة بل سبب البلاء!
- على مَن يضحك السفيرالأميركي بيكروف ؟
- إطلاق سراح أوجلان..إطلاق سراح أمتين!
- السدود والبحيرات كمسبب للزلازل في تركيا وشمال العراق/ج2 من 2 ...
- قضية الهاشمي: شهادة ليست للقضاء العراقي!
- احتمالات انهيار السدود التركية بسبب الزلازل
- توظيف العامل -الديني- في قضايا المياه
- كافكا الآخر.. رصد الاغتراب الروحي /ج2
- كافكا الآخر : رصد الاغتراب الروحي
- التيّاران اليساريّ والقوميّ بين الفشل وقصور الأداء
- شط العرب اليوم : إنها الكارثة!
- فرانز كافكا بعيون عربية
- شط العرب في معاهدة أرضروم وما بعدها
- شط العرب بعد قرن من الأطماع الإيرانية
- نصف قرن من التجاوزات المائية الإيرانية
- التجاوزات العدوانية الإيرانية على أنهار العراق/ توثيق أولي
- سوريا: الدم المسفوك لا يحتمل مزايدات الساسة!
- زيارة أوغلو الاستفزازية كانت لمصلحة عراقية كركوك!
- ربيع الأكراد والخلط بين الصهر القومي والاندماج المجتمعي
- مَن يعرقل إكمال سد بخمة وإنقاذ دجلة ولماذا ؟


المزيد.....




- بعد جملة -بلّغ حتى محمد بن سلمان- المزعومة.. القبض على يمني ...
- تقارير عبرية ترجح أن تكر سبحة الاستقالات بالجيش الإسرائيلي
- عراقي يبدأ معركة قانونية ضد شركة -بريتيش بتروليوم- بسبب وفاة ...
- خليفة باثيلي..مهمة ثقيلة لإنهاء الوضع الراهن الخطير في ليبيا ...
- كيف تؤثر الحروب على نمو الأطفال
- الدفاع الروسية تعلن إسقاط 4 صواريخ أوكرانية فوق مقاطعة بيلغو ...
- مراسلتنا: مقتل شخص بغارة إسرائيلية استهدفت سيارة في منطقة ال ...
- تحالف Victorie يفيد بأنه تم استجواب ممثليه بعد عودتهم من موس ...
- مادورو: قرار الكونغرس الأمريكي بتقديم مساعدات عسكرية لأوكران ...
- تفاصيل مبادرة بالجنوب السوري لتطبيق القرار رقم 2254


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - -شيعة- جيمس جيفري المدجّنون!