زمن الرئيس الإخوانى ومشروع نهضة مصر - 8 - المصرنة

محمود حافظ

الحوار المتمدن-العدد: 3928 - 2012 / 12 / 1 - 17:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

المصرنة
المشهد المصرى اليوم والذى صنعه الرئيس المصرى الإخوانى محمد مرسى هو مشهد يؤدى بإمتياز إلى حدوث شرخ فى المجتمع المصرى الموحد دوما على مدار تاريخه منذ أن وحد مينا القطرين هذا المجتمع الذى عندما يخاطب كان فاتحة الخطاب أيها المواطنون بفضل هذا الرئيس الإخوانى والذى بدأ خطابه بأهلى وعشيرتى أحدث شرخا عميقا فى هذا المجتمع فإلى أى دلالة وإلى أى منهج وإلى أى إستراتيجية تم إعتماد هذا الإنقسام فى هذا المجتمع ؟
الدلالة والمنهج والإستراتيجية تعود إلى العبارة الشهيرة لكونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية فى عهد بوش الإبن وتحديدا أثناء حرب لبنان عام 2006 م عندما قالت إن ما يحدث فى لبنان ما هو إلا مخاض ولادة لشرق أوسط جديد شرق أوسط جديد يعتمد على إستراتيجية الفوضى الخلاقة وإعادة تقسيم هذا الشرق الأوسط ( العالم العربى ) على أساس الطائفية والمذهبية والإثنية وطالما تحدثنا فى هذه الإستراتيجية ولكن نعود إليها الآن من خلال الشرخ المصرى الذى أحدثه الرئيس الإخوانى فى الشعب المصرى فقد عرفنا اللبننة والعرقنة نتاج هذه الإستراتيجية وهو التقسيم على أساس الطائفة والمذهب والعرق وهو ما عرف فى لابنان والعراق بعد الإحتلال الأمريكى بالإنقسام الطائفى فى المحاصصة بين الطائفة المسلمة والطائفة المسيحية ثم المحاصصة المذهبية وخاصة بين المسلمين سنة وشيعة ودروز وعلوين وفى العراق ذادت المحاصصة فأصبح هناك تقسيم إثنى بين العرب والكرد والكلدان والتركمان والأشورين وغيرهم وإستمرت هذه الإستراتيجية تؤتى ثمارها فى اليمن والبحرين وسوريا أما فى مصر الموحدة دوما حدث إنقساما من نوع جديد وهو ما نعرفه الآن بالمصرنة فمصر لاتعرف على مدار تاريخها نظام المحاصصة فالكل مواطنون ولكن فى زمن الرئيس الإخوانى وجماعاته من تيار الإسلام السياسى حدثت محاصصة مصرية جديدة إنها محاصصة بين تيار الإسلام السياسى والتيار المدنى فهناك شرخا فى المجتمع المصرى بين نا هو إسلاموى وبين التيار المدنى بتصنيفات مستحدثة نسمع منها الليبرالى والعلمانى واليسارى هذا الشرخ الذى أحدثة التيار الإسلاموى قد وضع خريطة جديدة لمصر الجديدة بين مجتمع يحتمى بدثار الدين وفى المقابل مجتمع يتهم بالكفر فالليبرالى والعلمانى كافرا طبقا لتصنيف قادة هؤلاء القادة من تيار الإسلام السياسى هذا ماقادنا إليه وصول هذا التيار للسلطة فى مصر وهذا ما أوصلنا إليه نظام المخلوع الحليف الإستراتيجى أو الكنز الإستراتيجى للكيان الصهيونى والذى أصبح الحليف أو الكنز الإستراتيجى للنظام الحالى يلعب نفس الدور وبإمتيازفما وصل إليه مبارك المخلوع فى حرب الكيان الصهيونى على غزة فى عام 2008 – 2009 م هو تحديدا ما وصل إليه الرئيس الإخوانى فى حرب الكيان الصهيونى فى 2012 م بل زاد الرئيس الإخوانى – وهنا العهدة على ما خرج من إعلام الكيان الصهيونى – عليه وقبل ما رفضه المخلوع من تواجد قوات أمريكية .
لقد كان نتاج إتفاق التهدئة فى غزة بالأمس القريب بين الرئيس الإخوانى والسيدة كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية ونفر من الموساد الصهيونى أن خرج علينا الرئيس الإخوانى بهذا الإعلان الدستورى المقيت والذى به يستحوذ الرئيس الإخوانى على كافة مؤسسات الدولة ليعلن نفسه حاما مطلقا بعدما جرد مؤسسة السلطة القضائية من ممارسة سلطتها بتحصين قراراته الغير دستورية والتى تحصن الجمعية التأسيسية لوضع الدستور المصرى من أحكام القضاء وكذلك مجلس الشورى المصرى الأمر الذى أحدث إنتفاضة فى السلطة القضائية حتى قامت هذه السلطة ومن خلال كافة جمعياتها العمومية وهو أمر غير مسبوق فى تاريخ القضاء المصرى بتعليق سلطتها بداية من نادى القضاء المصرى وحتى محكمة النقض المصرية والتى لحقها مجلس الدولة المصرى فأصبحت كافة محاكم مصر ونيابتها لاتعمل إلا فى القضايا التى تضر جماهير الشعب من إخلاء أو تجديد حبس وقضايا الأسرة والميراث بمعنى القضايا العاجلة التى تهم المواطن المصرى وقد لحق بالقضاء تضامنا ومشاركة كافة القوى الفاعلة فى مصر وعاد ميدان التحرير بحشده من جديد وهذه المرة بدون تيار الإسلام السياسى الأمر الذى جعل سلطة التيار الإسلامى اليوم الموافق 1/12 / 2012 م تقوم بحشد وإستنهاض كافة قواه لتحشد فى ميدان نهضة مصر أمام جامعة القاهرة هذا الإستنفار من السلطة لهذا الحشد لتأييد قرارات الرئيس هو ضد من ضد القضاء المصرى كافة أم ضد القوى الوطنية التى كونت جبهة إنقاذ وطنى ضد قرارات الرئيس هل تجمع كافة المؤيدين للرئيس أو للسلطة الحاكمة من كافة أرجاء الوطن لتذهب لتأييد السلطة الحاكمة هل كل هؤلاء المحتشدون فى ميدان نهضة مصر ويا للعجب تحديدا فى ميدان نهضة مصر !! هل هؤلاء كل أنصار الرلائيس الذى تم تجميعهم بواسطة السلطة والأنصار حتى فرغت منهم كافة ربوع الوطن فى مقابل من ؟ أفى مقابل الحشد والإعتصام فى ميدان التحرير كذا ميادين مصر سواء فى الأسكندرية والغربية والدقهلية ومدن القناة وكافة ربوع مصر سواء فى صعيد مصر أم فى شمالها هل هؤلاء كل مؤيدوك يا رئيس مصر هل هؤلاء الذين يناصرونك ضد قضاة مصر الشرفاء والذى حنثت بقسمك أمامهم حيث أقسمت أمام دستورية مصر بإحترام الدستور والقانزن وحنثت بهذا القسم حين لم تحترم لا الدستور ولا القانون هل هيؤلاء الذين قمت بحشدهم لينصروك على إخراج دستورا موشوها قامت بفضلك جماعتك بصياغته هل هؤلاء الذين قاموا بوضع هذا الدستور الذى تم إنجازه فى 48 ساعة ويدعون بحرفيتهم وقيامهم بتثقيف الشعب بالدستور هم فعلا يفهم المبادئ والآلية التى صنعت من أجلها الدساتير ؟ !!! .
بالطبع أن كل من يتحدثون عن الدستور والذى هو عقد إجتماعى بين فئات وطوائف الشعب ليكون سندا لهم من تغول السلطة الحاكمة هم الذين يجب تثقيفهم لمعرفة آلية وضع الدساتير هم بحاجة إلى إعادة قراءة جون لوك وجان جاك روسو ليعرفوا لماذا صيغت الدساتير وأن الدساتير تقوم بوضعها الجماعة الشعبية لا السلطة الحاكمة .
ماذا تريد أن تفعل بمصر أيها الرئيس أنت وجماعتك ومن يؤيدك من التيار السلفى إهنئ أيها الرئيس فقد قمت بمهمتك خير قيام بإحداث هذا الشرخ والإنقسام فى الجماعة المصرية هذه هديتك لأمريكا والكيان الصهيونى فهنيئا لك .
فى الخاتمة وللضرورة يجب أن نذكر بآلية الصراع الذى يلعب فيه الرئيس الإخوانى الدور الأكبر هو وجماعته هذا الصراع الذى إعتمد على قلب الهرم الإجتماعى حيث أزاح البنية الإقتصادية وأدخل بدلا منها البنية الفوقية الأيديولوجية ليكون الصراع السياسى الآن الحادث هو صراعا أيديولوجيا والغرض منه هو عملية إلهاء للشعب عن طريق حشد السلطة خلف الخطاب العاطفى بتأجيج الغرائز والنعرات وتغييب خطاب المنطق العقلى والذى أولى إهتماماته كيف نتوجه لبناء المجتمع المصرى بعد ثورة 25 يناير 2011 م هذه الثورة التى قام بها الشعب المصرى قبل دخول جماعة الإخوان فيها هذه الثورة التى قامت وأرثت مبادئ للعيش والحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الإجتماعية هذه الثورة التى يتحدث بإسمها الرئيس الإخوانى وفى الواقع يعمل على هدمها برهنه البلاد لصندوق النقد الدولى والإتحاد الأوربى هذه الثورة الذى أهدرها الرئيس بإزاحة التنمية وحقوق العمال وحقوق المرأة والطفل فى دستور العار هذه الثورة الذى أهدرها الرئيس فى ثانى قانون يصدره بعد قانون حماية الثورة وهو فى الحقيقة قانون تدمير الثورة وهو قانون النقابات العمالية الذى به يمكن جماعته الإستيلاء على النقابات العمالية هذا هو رئيس مصر الإخوانى الذى أزاح البنية الإقتصادية وأشعل صراعا أيديولوجيا توافقا مع منهجه الكومبرادورى هذا هو الرئيس والذى إذا سمع نصيحة ذوى الخبرة الإقتصادية لوفر الأموال لشعب مصر إذا قام بإصدار تشريع لتعديل أسعار المواد الأولية والذى مازال بعضها يباع ب25 قرشا لقد أطاح الرئيس المنتخب الإخوانى بالإقتصاد المصرى وأطاح بنهضة الشعب المصرى وتنميته وقام بتفعيل الفوضى الخلاقة بإحداث هذا الشرخ والإنقسام فى الشارع المصرى فهنيئا لك كونداليزا وهنيئا لك مسز كلينتون على تفعيل إستراتيجية الشرق الأوسط الجديد فى مصر وإضافة مصطلحه جديدا بجوار مصطلح اللبننة والعرقنة وهو مصطلح المصرنة .

#محمود_حافظ (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات