أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بسام البغدادي - ماهو الفرق بين الإخوان في مصر والقاعدة في العراق؟















المزيد.....

ماهو الفرق بين الإخوان في مصر والقاعدة في العراق؟


بسام البغدادي

الحوار المتمدن-العدد: 3927 - 2012 / 11 / 30 - 17:25
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الإرهاب ممكن تعريفهُ بأبسط أشكاله هو أستخدام العنف أو التهديد بأستخدام العنف من أجل الوصول لمكاسب سياسية أو أقتصادية أو أجتماعية. القاعدة كمثال كانت ولازالت تستخدم العنف المباشر كوسيلة لنشر ثقافتها الدينية في مجتمعات ترفض هذه الثقافة. لكن... السؤآل الذي يطرح نفسهُ مباشرة, هل حركات الإسلام السياسي على أختلاف الوانها و أنواعها ومذاهبها قامت بتطليق العنف والانفصال عنه؟ أم هي التقية (تجنب المواجهة في حالة الضعف) التي يتم أنتهاجها مرة أخرى حتى الوصول للسلطة وبث الرعب والموت في مفاصل تلك الدول والشعوب التي يتم خداعها المرة تلو الاخرى بأن الخلل في التطبيق وليس في الفكرة وبهذه الطريقة تنجح أكثر الاحزاب تطرفاً بتسلق سلم السلطة من خلال خطاب معسول تم دس السم فيه بعناية.

صدام حسين, قائد الحملة الإيمانية التي عاثت بالعراق فساداً منذ 1991 وحتى 2003 وحولتهُ الى مجموعة من القنابل الملتحية الموقوتة, بعد سقوطهِ عام 2003 جائت الاحزاب الدينية التي خرجت من ضلعهِ فطلقته وأتهمتهُ بالكفر. ثم عاد الخطاب المعسول نفسهُ بأنهُ حان الوقت لأعطاء الفرصة لأحزاب الاسلام السياسي لتنفيذ مشروعهم في العراق. جهلاً أو حباً بالتغيير أنطلت الخدعة على الاغلبية من العراقيين البسطاء وأنتخبوا ممثلي الاسلام السياسي بشقيه السني والشيعي في مواجهة سياسية دموية ضد بعض. على أثرها أشتعلت الحرب الأهلية في العراق والتي أودت بحياة أكثر من مليون عراقي وتشريد أكثر من ستة مليون آخرين في الحرب الطاحنة التي لازالت تدور بين سنة العراق وشيعتهم, وعلى أطراف هذه الحرب تم التخلص من أكبر عدد ممكن من الاقليات الفكرية والدينية والسياسية. مرت السنين والمذابح لاتتوقف مرة بأسم الله ومرة وبأسم الطائفة أوالشيخ أو أهل البيت, فجائت الانتخابات وعادت الاحزاب الدينية تشكي للشعب الخلل في التطبيق وليس في الفكرة. وخدع الكثير من الناس مرة أخرى ثم أخرى ثم أخرى. فماهو سر أستعداد الناس للسقوط في نفس الفخ عشرات المرات ودفع أرواحهم وأعمارهم ودماء فلذات أكبادهم في هذه الفخاخ التي ينصبها تجار الدماء من إرهابيي الاسلام السياسي؟

السر في نجاح الإسلام السياسي يكمن في أن مجتمعاتنا منذ قرون طويلة تعاني مرحلة تجفيف متواصل لكل منابع الفكر والثقافة والابداع. لايمكن لحزب يتوعد مخالفية ومن لايصوت لهُ بغضب من السماء أن ينجح في مجتمع متحضر يعرف أن دليل صلاح السياسي يكمن في المشروع السياسي ذاتهُ وليس في طول لحيته أو قصر ثوبهُ أو أسم طائفته. في مجتمع يعتقد بأن القبور غرفة تعذيب وبأن الاحلام تنبؤآت بالمستقبل وبأن الجن والعفاريت والاشباح هي أمور حقيقية من السهل لأحزاب تتبنى هذه الاوهام أن تنجح من خلال أستخدام نفس المنطق والتهديد بالوهم الكبير والاشباح الكونية. التهديد بالله ينجح دائماً في مجتمعات عاشت حياة بائسة ومريرة تحلم بلا أنقطاع بالفردوس لينتهي بها البؤس حتى لو كان بعد الموت. فيتم خداع البسطاء في هذه الشعوب بأن أنتخاب حزب ديني هو أفضل مايستطيعون تقدمهُ لدينهم كي يرضى عنهم الله ويدخلهُم الفردوس من أوسع أبوابه.

الاحزاب الدينية لاتملك مشروعاً سياسياً, ربما بضعة سطور مسروقة من مشاريع سياسية حقيقية أخرى لكن يبقى مشروع الاحزاب الدينية هو التسلق على سلم السلطة ثم تركيع الشعوب للسلطان. الاحزاب الدينية لاتمتلك خطة أقتصادية, وما هي الغاية من مشروع أقتصادي للمجتمع إذا كان الرزق على الله, فهل سيرزقون الشعوب ماليس مكتوب لهم؟ بل لاتمتلك تلك الاحزاب حتى أبسط خطط تنمية بشرية أو مشاريع للحد من الأنفجار السكاني المريع في بلدانها. مهما فشلت الاحزاب الدينية ومهما أفتضح قبح وجهها الحقيقي تستطيع بعد فترة قصيرة أن تعود لتلبس قناع جديد وتلعن أسلافها وأسلاف أسلافها وتقول بأن الخلل كان فقط في التطبيق... الخلل في التطبيق... الخلل في التطبيق. السؤآل الذي يطرح نفسهُ بألحاح, إذا كانت الفكرة فاسدة فكيف يكون الخلل في التطبيق؟

في العراق أواسط التسعينات عندما كانت الحملة الإيمانية في أوجها, والبطالة والفقر في أشده, أنتشرت ظاهرة بيع الاحجار الكريمة التي ستوفر لك الرزق أو الحب أو الجاه أو الجنس أو أي شئ تختاره, فقط بعض الآيات القرآنية ورجل ملتحي يبيعها تكفي لترى الناس تشتري هذه الاحجار الملونة عديمة القيمة بثروات هائلة. كنتيجة مباشرة لقرون طويلة من التجهيل المستمر ومحاربة كل أصحاب الفكر والكلمة من كتاب ومفكرين وصحفيين, وصلت حد أعدام البعض أو تشريدهم أنتهى بنا الحال اليوم أن نختار بين الإخوان المسلمين أو حزب الدعوة الاسلامية أو حزب الحرية والعدالة السلفي وغيرها الكثير من الاسماء والاعلام والرايات التي تفرعت أو تفرع منها تنظيمات كالقاعدة أو حزب الله أو حماس.

الاحزاب الدينية تشبه الفيروس الذي ينتشر بكثافة وبسرعة في الاجساد المنهكة بأمراض أخرى فتكون ضعيفة المناعة ضده. الاحزاب الدينية لاتستطيع أن تنتشر في الجسد السليم, لان الجسد السليم يرفضها ويلفضها مع فضلاتهِ الخارجة منه. لكن في الجسد المريض, كما هو الحال في الشرق الاوسط, فأن أنتشار الاحزاب الدينية التي تتحدث كثيراً وتفعل قليلاً هو ظاهرة طبيعية سببها عجز الإنسان أو جهلهُ بحلول حقيقية لمشاكلهُ لهذا يلجأ للحلول السحرية التي تأتي بها الاحزاب الدينية. تستطيع أي فكرة, مهما كانت شاذة, الانتشار في الشرق الاوسط فقط بطلائها بصبغة دينية. وما أنتشار ظاهرة البنوك أو المستشفيات الدينية أو مكاتب الرقية الشرعية أو السحر أو تفسير الاحلام الا كنتيجة مباشرة لطلاء هذه الافكار بصبغة دينية من السهل نشرها في مجتمع عاجز عن الاتيان بحلول حقيقية لمشاكله.

الخلل ليس في التطبيق, الخلل في الفكرة ذاتها, حيث حتى الله الذي تروج لهُ هذه الاحزاب الدينية مانال سلطانهُ الفكري فوق البشرية الا بالتهديد والوعيد بالعذاب الشديد. الخلل ليس في التطبيق بل في الاديان ذاتهُا الذي كرست لظهور أبشع الدكتاتوريات على مدى التأريخ البشري كصدام حسين وبشار الاسد ومبارك بالامس واليوم مرسي الذي يجمع بيده يوم بعد يوم كل مفاصل السلطة. الخلل في أننا لانسمي الاشياء بمسمياتها بل نحاول أن نبحث عن الخلل في مكان آخر لأننا لانريد أن نجرح مشاعر الناس الدينية. لكن, عندما يتعلق الامر بحياة أو موت إنسان, وهذا ماحصل ويحصل من مجازر سببها الصراعات الدينية, فأنهُ حان الوقت كي يصفعنا أحد ويوقضنا من حلمنا الوردي اللذيذ والاعتقاد بأن التغيير السحري قادم يوم ما من السماء من خلال قائد يرسل الله لنا ليغير الاشياء نحو الافضل. البطالة لن تحلها السماء ولا الفقر سيحلهُ الاستغفار والدعاء ولا الامراض ستشفى بالرقية الشرعية ولا المذابح بين السنة والشيعة أو بين المسلمين والمسيحين ستتوقف عندما ندعي بأن الاديان تدعو للسلام. الحل الحقيقي يأتي بهِ ناس تعيش الواقع وتعرف مشاكله وتبحث لهُ عن حلول حقيقية تتوافق مع زمنها, وليس مع زمن أسلافها المنقرضين كالديناصورات. الحل الحقيقي هو ثورة ثقافية وأخلاقية تعصف بمجتمعاتنا كي تعيد لنا إنسانيتنا التي أنكرناها لعقود طويلة كي نرضى الله والناطقين بإسمه. الحل يكمن في العمل الجاد من أجل الغد... ليس من أجل الموت.

بسام البغدادي



#بسام_البغدادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل ترى عقلك أيها الملحد؟
- محاكمة الله بتهمة الاساءة للأديان
- هكذا مات الله
- الدليل ليس عداء للأديان بل أحتراماً للإنسان
- ليسقط الله و ليحيا الإنسان
- ماهي الغاية من وجود الله؟
- سقوط الدكتاتوريات وسطوع نجم الله
- الله يسكن في السماء أما الإنسان فيسكن حيث يريد
- نهاية بشار الاسد وتحرير سوريا
- المجاز طوق نجاة المؤمن عندما يغرق
- قبلتُ تحدي الله فهل يقبل هو التحدي؟
- الخوف من الموت يجعلنا نؤمن بالله
- لماذا قطعت رأس أمي؟
- هل يستحق الله العبادة؟
- عبثية ميلان كونديرا الرائعة
- كلام في اللقاء الجزء الثالث
- كلام في اللقاء الجزء الثاني
- كلام في اللقاء الجزء الاول
- هل يملك الله أي خيار؟
- حواء و بناتها و التفاح


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بسام البغدادي - ماهو الفرق بين الإخوان في مصر والقاعدة في العراق؟