أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان صباح - زلازل فكرية















المزيد.....

زلازل فكرية


مروان صباح

الحوار المتمدن-العدد: 3926 - 2012 / 11 / 29 - 00:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


زلازل فكرية
كتب مروان صباح / كان من الأولى أن تعطينا التحولات التى جرت داخل تركيا في العشر السنوات الأخيرة مؤشرات قوية بأن انعكاساتها لا بد ان تصيب المنطقة خصوصاً أن حالة الأنظمة التى تقود البلاد هشة وأشبه بالكارتونية لا تتحمل لمثل هذه الزلازل الفكرية أبداً ولديها باع طويل بتأثر للمتغيرات الخارجية التى ساهمت في جعل الشعوب العربية أن تنتقل من نظرية إلى أخرى حسب التبعية للدول المؤثرة في العالم دون الاحتكام للعقل أو التاريخ المتجذر في عمق الجغرافيا حيث تكونت المجتمعات طيلة الفترات السابقة علي ما تكون من ثقافة ومن غير المنطق أو الطبيعي وليس سهلاً قلب من فيها بضغطة زر كما يشتهي صاحب القلم ، مما أذاب الشخصية العربية في متاهات التخنذق مع الأخر دون أن تحتفظ بالعناصر التى تجعلها نداً بل تراجعت تدريجياً لدرجة فقدانها ما تملك من حضارة ، وقد تفاقمت هذه الرؤية لحد التعاظم بعد سقوط الخلافة العثمانية التى أسست لهذا الوضع عندما تراجعت نفوذها وأصبحت مهترئة يضربها السوس من داخلها وذلك يعود لِتوغل الاستبداد بالحكم المتفرد مما دفع مجموعة من أفراد الجيش العثماني أن تتحمل على عاتقها المغامرة والمسؤولية لأخذ زمام الأمور وتزيح حقبة أثقلت بوطأتها كاهل الشعب وأصبحت بحاجة لإعادة تصويب البوصلة إلى مسارها الصحيح وكان لها ذلك حيث شكلت بسهولة جيشاً جديداً بقيادة كاملية أدت إلى انشاء دولة حديثة ذات حدود تغلبت فيها الأكثرية القومية ونادت بالعلمانية بيد أن سعت من اللحظة الأولى الاقتراب إلى ضفتها الأوروبية بقدر ما رغبت بالابتعاد عن محيطها العربي لما تركت الانتفاضة التى قادها العرب بوجه الاستبداد من رواسب جعلت الطرفين أن يتخندقوا كل منهم على حدة دون اللجوء إلى مراجعة مفتوحة تُقيم اسباب والدوافع التى أدت إلى القطيعة واُقتصرت لاحقاً ضمن روايتين الخيانة والاستبداد الذي خلق ثالوث التخلف والفقر والمرض ، لكن سرعان ما اعادت الدول التركية لملمت اعضائها بهدف أنتاج ذاتها على ما تبقى من الماضي وبأقل الأضرار لتضع كل رصيدها مع الغرب وعلى الخصوص داخل الحلف الناتو بما فيها علاقتها المميزة مع إسرائيل التى جاءت خطواتها على حساب علاقتها مع العرب ، كأسلوب المناكف .
لقد حكم العسكر البلاد بشكل الذي اراد به المؤسس مصطفى كمال اتاتورك وأستمر حكمهم بعد وفاته معتمدين على رصيده الهائل عند الأغلبية التركية بالرغم للمحاولات التى باءت بالفشل بهدف انتقال ديمقراطي من حكم العسكر إلى حكم الشعب الذي تتمثل في شخصيات مدنية تدير شؤونه ، وقد نجحوا في المرتين الانقضاض على ارادة الشعب بالتعاون مع الأجهزة الاستخبارتية الغربية التى سهلة الغطاء الإعلامي في عدم ملاحقة الجنرالات قضائياً حيث انقلبوا واعتقلوا لدرجة الاعدامات لشخصيات تمتعت بإجماع وطني مما عزز نفوذ الطبقة الحاكمة وتوسعت لتشمل الأبناء والأحفاد الذين تماهوا مع الغرب بالأنماط الحياة ادى إلى فصلهم تماماً عن الفئات الأخرى من المجتمع خصوصاً فئة الفلاحين العدد الأوسع على الجغرافيا التركية لتصبح البلد تحت انقسام غير مرئي سُّمي بمصطلح غرائبي بالأوربيين كتعويض بالنقص والشعور بالتفوق الكاذب على الشرقيين ، وأصبحت الأكثرية في قبضة الأقلية التى بدورها دفعت إلى توسيع الهوة ، فيما توغل الفساد عبر تراكم السنوات وتراجعت تركية سياسياً وتصنيعياً وتحولت إلى دولة فاشلة تابعة دون لون ولا طعم وتأثيرها معدوم ، بل تغلغل في مؤسساتها الخراب وتداخلات الإستخبارات العالمية في أجهزتها الأمنية والعسكرية والتعليمية فباتت ساحة صراعات بين الإثنيات ليدفع ثمن ذلك كله بتأكيد المواطن التركي .
التغيير الشامل الذي لامس الواقع ويشاهد الآن بالعين ويسمع بالأذن مما تخطى حدود اللفظ واللسان بعد ما استطاعوا طلبة أربكان تشكيل جسم مغاير عنه تحت أسم التنمية والعدالة على أُسس جديدة في المفاهيم ، بأن انجازات الكاملية جزء أصيل من اللعبة السياسية ممنوع المساس فيها بل لا بد من التعامل مع تاريخها المشبع في الوجدان والعقل الإنسان التركي ، والفصل بين المؤسس الدولة التركية ومن تعلق بِحزام سرول الرجل وجعل الوطن مباح لغرائزه الضيقة تحت تهديد السلاح تارة وأخرى بالبصطار العسكري ، لكن الحزب لم يتحرك بالحقيقة بأي ترتيبات حقيقية داخل البلاد قبل أن يرسل رسائل واضحة يطمئن بها الجانب الأمريكي بأن السياسة الخارجية لدولة التركية ستسير قي ذات القنوات التقليدية الأخذة بالاعتبار تلك المصالح المشتركة بل تعززت فيما بعد ، لهذا شهدت تركية في السنوات الأولى اصلاحات انصبت دون أن ينازعها شيئاً أخرى في تقنين الفساد ومحاصرته الذي أنعكس وبفترة وجيزة لاحقاً على الواقع الاقتصادي الوطني وبشكل ايجابي على الفلاحين الذين وضعوا كما يبدو في اولويات السلمّ الإصلاحي كونهم الأكثر انتشاراً على طول وعرض البلاد ، الشيء الذي رسخ عبر السنوات القليلة الخمس الأولى من حكم حزب التنمية والعدالة المصداقية للوعود والشعارات وباتت تترجم تدريجيا على الأرض رغم هائل المشاكل والصعوبات ، وبات يستشعر لها المواطن بشكل الذي جعل منها الدولة 17 في العالم اقتصادياً دون أن تشعر بالرضى وتستسلم لذلك الرقم حيث تسعى جاهدة لتكون العاشرة في العام القادم ، كما أن الحكومة اشتغلت فيّ واقع الأمر على أمرين في غاية الأهمية ملف الانقسامات الاجتماعية وتقليل الفجوة بين بعضهم البعض ، وفي ذات الوقت تحاول جاهدةَ نزع الفتيل بالقدر الإمكان لعمليات مضادة للحد من التدخلات التجيشية التى تغوص فيها بعض الدول للعب على اوتار العرقية والطائفية وتحريض الاقليات كي تنسحب من انتماءاتها الوطنية للهروب نحو الفرعية التى تُقسم الجغرافية إلى مزيد من التشرذم ، حيث تسعى على ازالت الشعور السائد بالنقص والغربة وتعزيز الانتماء كي يصبح الوطن للجميع من خلال التنافس للمجتهد والمنتج .
بالإضافة للملفات الداخلية وبالقدر الاهتمام ذاته اِتجهت إلى الملفات السياسية الخارجية حيث اعادة ترميم الأرشيف الدولة العثمانية عبر مفكرين وأساتذة جامعين واستخرجت جميع النقاط التواصل التى ترتبط بجغرافيتها وتاريخها وبدأت بتحديد بوصلتها الجديدة المتجددة نحو العرب بفتح القنوات التجارية ورفع منسوب التبادل التجاري بالإضافة للسياحة التى شهدت نوع خرافي قياساً بالفترة الزمنية القصيرة ، كما علِّمِت بأن لا بد أن تجد موطأ القدم عند الجمهور العربي فتبنت القضية الفلسطينية ودعمها بشكل معنوي يتفوق احياناً بل يتقدم على المواقف العربية من خلال اتخاذها بعض القرارات في الآونة الأخيرة توصف بالحدية مع الدولة العبرية ، مما نتج عنها سلسلة اجراءات في المواقف المتبادلة تأثرت بها العلاقات التاريخية المعاصرة والتى كانت توصف بالحميمة لتصبح باردة مع وقف التنفيذ ، رغم أن الحكومة التركية تعرضت لأكثر من اهانة من الإسرائيلي لكنهم بلعوها باعتبارها أنها كمائن يسعى زجها لتحقيق أهدافه .
احتاجت الدول العربية كالعادة لثورات قاسية وباهظة التكاليف كي تسقط الديكتاتورين بالطبع مغاير لما حصل في تركيا ، رغم أن حزب التنمية والعدالة تعرض إلى نكسات كادت أن تطيح بالعملية الديمقراطية برمتها لحجم ما خُطط من عمليات ارادت تفجير البلاد من خلال زرع التوتر في اوساط الطبقات المهنية وعلى رأسها السياحة كما شاءت بعض هذه الأوساط إدخال الرعب إلى صدور المواطنين كي يطالبوا بأنفسهم عودة حكم العسكر كي يعود الأمن والآمان ، إلا ان قيادة الجيش العاملة في الخدمة والإستخبارت العسكرية ناءت بنفسها عن المشاركة بهذه الدسائس المجربة لما استشعرت العسكرية التركية بأنها يجب أن يقتصر دورها المستقبلي داخل المهنية فقط على عكس ما تعودت في الماضي ، حيث كانت تعتبر أن البلاد مزرعة تديرها كما تشاء دون أي جرد حساب .
ما أنجز قبل عشر سنوات في تركيا بدأنا نراه ونتحسس بأقدامنا الحافيتين لتحركات ترابية على الأرض العربية بعد ما أُخذ القرار في الغرف السرية للإدارة الامريكية برفع الغطاء عن الأنظمة التى لم تعد تستطيع التحرك إلى أي اتجاه بل تحولت معظمها أشبه بالمومياء المحنطة كل ما تنبش تفوح رائحتها الكريهة .
هناك ثلاثة تيارات اسلامية تتسابق منذ عقود على حكم المنطقة تعرضت جميعها إلى الاضطهاد سلطوي عنيف مما دفع بعضها تشكيل قوة مضادة سالت من خلالها الدماء لدرجة بات من الصعب بل تحول تدريجياً إلى مستحيل أن تتلاقى مع الأنظمة القائمة او البائدة لأنها لا تحمل هذه الأنظمة بأدبياتها أي نوع للمعنى السياسي باستثناء المصطلح التى تتوارى خلفه فانقسمت إلى قسمين الأُولى تحمل السلاح وتقاتل وأخرى جمدت جميع أنشطتها السياسية وباتت تعمل بشكل ممنهج مع الشرائح المختلفة على الصعيد الخدماتي التى بدورها لم تتمكن معالجة أو ايجاد حلول علاجية للقضايا من جذورها التى تراكمت عبر السنوات وتحولت إلى مكبوتات تفجرت داخل المجتمعات فمنها من استأنس على اصابتها وشظاياها مقابل أخرى تعيش غريبة وتتقدم تارة بالخفاء وأخرى على استحياء .
مائة عام من المحاولات التى كما يبدو باءت بالفشل كون الرغبة بالتغيير في كل مرة تلامس الجموع وتضع على كاهله آمال تحقيق الحلم إلى واقع ، بالرغم أنها تبدأ بقفزات تنعش القلوب حتى ينتهي الأمر بالتراجع من منتصف الطريق باحثة عن نظريات خارجية تُسعفها أو تنتشلها من الغرق المحتم وتصبح حركتها ما بين التقدم إلى الوراء والهرولة في ذات المكان ، لهذا لا بد من مراجعة لكل المراحل التى تحولت إلى معامل تجارب وهذا يتطلب إلى مراكز قومية اسلامية حقيقية محايدة تُقّيم الوضع على أساس نهضوي بحت دون الاتكاء على مراكز القوى أو الخلافات القائمة على السلطة ومهمتها اثقال الشخصية العربية وتحصينها وتطويرها من أي رياح تأتي من خارج حدود جغرافيتها ، وما نخشاه فعلاً هو أن نتحول كالصاعد إلى برج الكنسية بهدف الترنح مثل الجرس كي نمارس هوياتنا في وقت ينوب غيرنا عنا بتفكير .
والسلام
كاتب عربي



#مروان_صباح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صمود يؤسس لاحقاً إلى انتصار
- استمراء ناعم
- الردح المتبادل
- ارتخاء سيؤدي إلى إهتراء
- ملفات تراكمت عليها الغبار
- اخراج الجميع منتصر ومهزوم
- نعظم العقول لا القبور
- أمَّة اقرأ لا تقرأ
- مسرحية شهودها عميان
- تونس وهي
- فياض ... لا بد من نقلة أخرى نوعية
- على خطاك يا فرعون
- الضغوط تواجه بمزيج من الشجاعة والحكمة
- ثنائية القوة والضعف
- العربي بين حكم الديكتاتور أو ديمقراطية تفتت القائم
- ثراء يصعب فهمه أو هضمه
- الشعب هو الضامن الوحيد لمستقبله
- راشيل جريمة كاملة دون شهود
- من مرحلة الخوف إلى التربص
- من جاء إلى الحكم على ظهر دبابة لن يرحل إلا تحتها


المزيد.....




- بلينكن يزور السعودية ومصر.. وهذه بعض تفاصيل الصفقة التي سينا ...
- في جولة جديدة إلى الشرق الأوسط.. بلينكن يزور السعودية ومصر ل ...
- رغد صدام حسين تستذكر بلسان والدها جريمة -بوش الصغير- (فيديو) ...
- فرنسا وسر الطلقة الأولى ضد القذافي!
- السعودية.. حافلة تقل طالبات من جامعة أم القرى تتعرض لحادث مر ...
- -البديل من أجل ألمانيا- يطالب برلين بالاعتراف بإعادة انتخاب ...
- دولة عربية تتربع على عرش قائمة -الدول ذات التاريخ الأغنى-
- احتجاج -التظاهر بالموت- في إسبانيا تنديداً بوحشية الحرب على ...
- إنقاذ سلحفاة مائية ابتعدت عن البحر في السعودية (فيديو)
- القيادة الأمريكية الوسطى تعلن تدمير 7 صواريخ و3 طائرات مسيرة ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان صباح - زلازل فكرية