أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خسرو حميد عثمان - ذكريات في مدينة تتلاشى ذاكرتها(3)














المزيد.....

ذكريات في مدينة تتلاشى ذاكرتها(3)


خسرو حميد عثمان
كاتب

(Khasrow Hamid Othman)


الحوار المتمدن-العدد: 3925 - 2012 / 11 / 28 - 16:17
المحور: الادب والفن
    


ذكريات في مدينة تتلاشى ذاكرتها(3)
“الثورة هي التمرد الذي تُحَوَلْ إلى نظرية وإلى نسق.” أوكتافيو باث
لربما كانت لنصيحة والدي المختصرة جداً، و غير الملزمة لي، عشية دخولي إلى المرحلة الجامعية لدراسة الهندسة في بغداد أثراً جوهرياً في تحديد مساراتي الفكرية منذ خريف عام 1964: يا ولولدي لو كنت مكانك وفي عمرك ولي الخبرة التي كسبُتها من تجارب الحياة، في ذات الوقت، لأهتمت بالسياسة وأكون وطنياً ولا أنْظَمْ إلى أي حزب، وأحاول أن أكون مهندساً متمكناً بعلومي ومعارفي، عندها ستعادل ما ستؤديه لوطنك لوحدك لا تقل عن خدمات أي حزب إن لم تكن أكثر.
كانت الحكمة العميقة من هذه الكلمات البسيطة والمختصرة، في رأي، تكمن في الظروف والحيثيات التي نصحني فيها والدي: على الصعيد العائلي؛ كنا نسكن في نمط من البيوت الجماعية المعروفة في أربيل بالحصار(مجموعة من الغرف المسقفة بالطين مبنية حوالي باحة مكشوفة تسكن فيها عدد من العوائل بقدر عدد الغرف، وفي حالتنا كان العدد سته، وتعود ملكية الحصار إلى جدي ملا عثمان، وإستمر سكننا في هذا الحصار إلى أن وصلت إلى السنة الرابعة في الجامعة التكنلوجية في بغداد خريف عام1967 بسبب إنتقال سكن العائلة إلى بغداد) ولا ترضى بالسكن في مثل هذه الظروف إلا العوائل الفقيرة جداً. أما على الصعيد السياسي كان والدي متحالفاً تحالف الند للند مع ملا مصطفى البارزاني، كسياسي مستقل، وكانت الكثير من الأسباب الموضوعية والذاتية وراء نشوء هذا التحالف بمبادرة من والدي خلال زيارته للبارزاني في وقت عصيب، ولا أريد أن أطيل لأروي كيف كانت إنفعالات البارزاني لهذه الزيارة غير المتوقعة، وماذا قال عندما رأى حميد يزوره في تلك الظروف، في الوقت الذي أدار معظم الكوادر القيادية لحزبه، إن لم يكن جميعهم، ظهورهم عنه وتركوه يواجه الضغط العسكري المركز والموجه على منطقة إقامته في الجبال القريبة من بارزان. تطورت هذه العلاقة إلى نوع فريد من الصداقة والتفاهم بين الرجلين لردح من الزمن، مبنية على فهم كل طرف للأخر وبعمق. لربما كان الدافع الرئيسي، كما إفتهمته من والدي، قناعة الطرفين في ذلك الوقت بأن الحل السياسي هو الحل الوحيد الممكن لتحقيق ما يمكن الوصول إليه، ويأتي من بغداد وليس من طهران محمد رضا شاه بهلوي ولامن فوهات (مدافع البازوكا) أو من مكان أبعد كما كانت قناعة الأخرين ومراهناتهم. كان والدي يتردد على بغداد، في مهمة تفاوضية، بعيدة عن الأضواء والإعلام، عند إسداءه هذه النصيحة (غير الملزمة) لي.
مماأثار مخيلتي، عندئذ، أن والدي لم يشجعني لا للدخول إلى الكلية العسكرية أو الشرطة في بغداد، وكان بإستطاعته تأمين ذلك بإستغلال لقائاته مع المسؤولين الحكوميين على أعلى المستويات، أو أن ألتحق به والإنظمام إلى عالم يعتمد على السلاح لكسب (الحقوق العادلة)، في عالم مختل، حسب ما كان معلنا لأمارس الحياة في ظله و في بيئة محددة وتابعاً له في تنقلاته بين الجبال والوديان النائية المحرومة من جميع مظاهر المدنية.
هكذا، وفي مرحلة عمرية حساسة، أثار والدي مخيلتي وجعلنى أسبح وإلى الأبد في عالم خيالي قوامه: تطابق الأفعال(السلوك) مع المبادئ، العمل السياسي بعيداً عن الأحزاب، الوطن والوطنية، أهمية المقدرة العلمية، وأن أسعى لأصبح مهندساً مقتدراً على نقل ما يتراكم في الفكر إلى أرضٍ (بِكر)، بدلا من (قائدٍ عسكري) يتباهى بالنجوم التي تُرصع كتفيه والنياشين التي تزين صدره، أو(ثائرٍ) جُلّ مأثره....
كانت ثقافتي وقدرتي على التخيل، وقتئذ، تعود إلى ما إستخلصته من قراءة القصص والروايات وعدد من الكتب التي تتناول التأريخ وبعض التجارب الحياتية، مما جعلت أن يكون لهذه الكلمات رغم بساطتها وقعاً كبيراً عندي وعلى هديها دخلت معترك الحياة منفرداً وإعتماداً على ذاتي، مدركاً للوهلة الأولى ماذا أراد والدي أن يقول لي،ولكن الأيام والأعوام والدهور، الزمن بحكمه وإختباراته، أوضحت لي: لماذا قال ذلك وإكتفى؟
(يتبع)
أربيل. 28/11/2012



#خسرو_حميد_عثمان (هاشتاغ)       Khasrow_Hamid_Othman#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذكريات في مدينة تتلاشى ذاكرتها(2)
- ذكريات في مدينة تتلاشى ذاكرتها(1)
- إعادة صياغة الذات
- ميثاق شرف!
- التمهيد لتأسيس لغة كوردية رسمية
- الفارغون رقم 2
- 26// بين عامي 1984 و 1987
- حورية ومعلقاتها على أبواب معبد(1)
- ما كنت أحلم به (12)
- تعقيبا على مقال…بمنظور غير سياسي(8)
- 25// بين عامي 1984 و 1987
- هي تسأل وهو يٌجيب
- ما كنت أحلم به (11)
- تعقيبا على مقال … بمنظور غيرسياسي (7)
- من أوراق باحث عن اللجوء (3)
- 24// بين عامي 1984 و 1987
- من أوراق باحث عن اللجوء (2)
- ماكنت أحلم به…(10)
- تعقيبا على مقال ... بمنظور غير سياسي (6)
- من أوراق باحث عن اللجوء (1)


المزيد.....




- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خسرو حميد عثمان - ذكريات في مدينة تتلاشى ذاكرتها(3)