أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - عبدالله اوجلان - الدفاع عن شعب الفصل الخامس حركة ب ك ك ، النقد والنقد الذاتي واعادة البناء ب- النقد والنقد الذاتي باسم ب ك ك -4 ، 5















المزيد.....

الدفاع عن شعب الفصل الخامس حركة ب ك ك ، النقد والنقد الذاتي واعادة البناء ب- النقد والنقد الذاتي باسم ب ك ك -4 ، 5


عبدالله اوجلان

الحوار المتمدن-العدد: 1135 - 2005 / 3 / 12 - 11:40
المحور: القضية الكردية
    


4- وإذا ما قدَّم PKK نقده الذاتي الشامل ضمن هذا الإطار وأبدى قدرته وكفاءته في تطبيقه على أرض الواقع، فهذا يعني أنه يعيد بناء ذاته. وإذا ما ألقينا نظرة إلى الماضي واستذكرناه ثانية سنجد أن مفهوم الحزب الدَّوْلَتي الكلاسيكي يتوارى وراء كل الأخطاء والنواقص الظاهرة. وسواء حلمنا بكردستان كدولة مستقلة بذاتها أو كدولة فيدرالية مشتركة، فعندما نقبل بالتدوُّل كأفق أساسي ونرتب كل أنشطتنا ونضالاتنا بموجبه، فإننا نكون بذلك حددنا ماهية كل النشاطات والأعمال الكادرية والتنظيمية والعملياتية والدعائية مسبقاً. فبينما لم تضطلع كوادر PKK – التي تجد أقدم تقاليد وأعراف الدولة تاريخياً في مواجهتها – أو حتى تفهم علم السياسة بعد، نراها في علاقات السلطة التي تلِجُها تطبق ممارسات أشبه بالمقولة الشعبية (أعطيت الباشوية للغجري فأعدم أباه أولاً)، والتي طالما كانت موضوع انتقاداتنا الصريحة في أغلب الأحيان. والآن نفهم على نحو أفضل الدوافع التي أدت حتى بالاشتراكية السوفييتية إلى التحول إلى رأسمالية وحشية بعد ممارسة دامت سبعين عاماً. ذلك أنها لم تمر بالتربية الديمقراطية. بل زرعت الروح التوتاليتارية في جينات المجتمع الدولتي على عجل. وعندما زال القمع والكبت تأججت نار الرجعية المتواجدة منذ الفترة الأولى. إنها رجعية روسيا القيصرية التي كانت متوارية ولم تعرف الدمقرطة. فقناع رأسمالية الدولة أفلح في مواراتها سبعين عاماً فحسب. إذن، يجب الإدراك والتخمين بأن حركة ذات هوية مثل PKK قد برزت في أحشاء مجتمع وصل إلى حافة المجازر والموت، إذا ما أقحمت كادرها في علاقات القوة والسلاح والسياسة؛ فإن هذا الكادر سيدمر ذاته وسيتحول إلى مثال باشوية الغجري. وقد انتقدتُ ممارسات شمدين صاكك كثيراً بجانبها هذا ووصفتُها بذات الوصف. فأي مؤسسة أسسناها، إما أنهم لم يدركوا أهميتها وماهيتها، أو أنهم تحولوا إلى (متسلط) صغير. والمؤثر الأولي الكامن وراء ذلك هو نقصان التربية السياسية. بل والأهم من ذلك جهلهم بالديمقراطية، بل وحتى عدم تقربهم من إدراك أصول الديمقراطية المؤسساتية أو القواعدية أو آلية سيرها. وبسبب الثقافة التقليدية كان التهرب من الدمقرطة كالمرض أو كطراز حياة أكثر سهولة. فالأسلوب والطراز الديمقراطي يتطلب التحلي بالعلمية والإلمام بوعي المجتمع وعلم السياسة وامتلاك تجربة الإدارة الاجتماعية. ولكن هذه الفضائل لا تُكتَسَب بسهولة، بل تستلزم تعليماً مكثفاً وقاسياً وتجربة قديرة.
إن تموقع المكتب السياسي والمركز ضمن هرمية صعبة المنال محفوفين بهالة من الحصانة في كل الأحزاب المشابهة، إنما أفرزه الاعتماد أساساً على تقاليد الدولة. فالتدوّل يبدأ مع بسط النفوذ، ويحتم القساوة والصلابة والبرودة في المعاملة مع الناس. وتاريخياً يعد أول ما فعله القائد الميدي دياكوس لدى تأسيس كونفيدرالية ميديا من ضمن ما فعله، هو تركه لكل علاقاته الإنسانية السالفة جانباً وامتناعه عن اللقاء بأحد. ويحيط عاصمته الحديثة العهد (أقبطان) بجدار من سبعة أسوار. وهكذا يسود وضع غريب عجيب. أي عليك دوماً بإنزال الستائر على ذاتك وتَقَمُّصك الأقنعة كي تصبح دولة. والباشوات العثمانيون أيضاً كانوا ينظرون دوماً من وراء الستار. خلاصة الكلام، كان محتوماً على الأحزاب الاشتراكية بدءاً من إداراتها العليا أن تلج الطريق ذاتها. فذلك من دواعي أن تكون دولة. وعليَّ الاعتراف بأنني واجهت جُلَّ المصاعب بهذا الخصوص باعتباري احتللت مكاني في ممارسة كهذه منذ البداية. لم أعتَدْ قط على طراز الدولة وبروتوكولاتها. بل خضت صراعاً وتناقضاً شديدين في داخلي بين تكوينتي الديمقراطية وتكوينتي الدولتية. وكأنني بقيت تائهاً بين الإثنين. ومع نمو PKK وتعاظمه أدركت لعبة السلطوية على نحو أفضل. أقولها بصراحة، لم أكن مرتاحاً أبداً، حيث عشت في ذاتي أكثر تناقضاتي حِدّة بشأن أن أكون كرجل دولة أو لا أكون. والظاهرة الأساسية التي أضاقت الخناق على حماسي مع دخولنا عام 1995 هي إدراكي لابتعادي التصاعدي عن أهدافي وطموحاتي. فما جدوى أن أصبح دولة ما دام الناس الذي أواجههم يتقزمون وكأنهم يذعنون ويخنعون؟ كنت على دراية بأنهم غير صادقين في ذلك. بل وأخمن كيف سيشكلون خطراً عندما تسنح لهم الفرصة. هذه هي المتغيرات التي أضاقت عليّ الخناق. ذلك أنها لم تشبه قط نظام العلاقات الذي تصورته في خيالي ورسمته. واقتنعت لأول مرة أنه لا يمكن إحراز النصر بهذا الأسلوب، وحتى لو أحرزته فلن يكون نفسه الهدف الذي ارتأيته ورميت إليه.
يمكنني الإيضاح أكثر بأن هذا الأمر هو منبع الضائقات التي ظهرت في PKK بعد عام 1995. إنه مفهوم الموظفية المصطنعة الزائفة البارز في جميع بنى وعلاقات الكوادر والمؤسسات. لم تعد القضية تمثل امتلاك اليوتوبيا، الحماس العنفواني، البحث والتدقيق المتواصلين في كل يوم، وإبداع الجديد؛ بل غدا الجميع مشغولين بكيفية إحياء ذواتهم بأرخص الأشكال وأسهلها بالتربع على أية قيمة ثورية لم تكتسب أصلاً بهذه السهولة. وهذا ما شكل أحد أخطر الأمراض لدينا. فتحوُّلُ PKK الثوري إلى مرتع للسمسرة (باشوية الغجري) من جانب، وتفشي الموظفية في صفوفه من جانب آخر، كان يعني فناءه وزواله. الأنشطة العظيمة التي قمتُ بها قد أفرزت أناساً أقزاماً. وفي الحقيقة بذلتُ جهوداً حثيثة ومضنية بغرض حل هذه الظاهرة وتحليلها. وتحليلاتي بعد عام 1990 تشير بكل سطوع إلى مدى كثافة هذه الجهود، إذ كنت ألجأ إلى سلاح النقد بكثرة. ولكن لا يمكن انتظار معالجة سليمة ذات معنى إن لم تُشَخَّصْ عوامل المرض وأسبابه بصحة. كان من الطبيعي أن يتحول كوادر الحزب ذوو الأصول القروية إلى سماسرة متوحشين، وأنصاف المثقفين إلى موظفين متسلطين بدءاً من المركز وحتى الأسفل، ما داموا كوادر حزب يرمي إلى التدوُّل في ظروف مثل ظروف كردستان.
إنني أقصد هذه الحقيقة القائمة عندما أذكر إفراغ حملة التحول إلى PKK الثانية من محتواها. ومسألة تجديد الحملة على صعيد التقنية العسكرية لا تصبح موضوع نقاش، فهذه مسائل ثانوية. وحتى لو أصبح PKK من ناحية ما دولة، فكان سينتهي بجوهره الثوري ويزول، وسيضطر إلى التحامل على كيان مثل KDP (الحزب الديمقراطي الكردستاني) أو YNK (الاتحاد الوطني الكردستاني). وكان من الصعب عليّ التحلي بالمقدرة الكاملة لحل مثل هذه المعضلة خلال أعوام 1995 – 2000. فالإدارة وPKK قبل عام 1995 كانا يمثلان يوتوبيا PKK، ذلك أن الحماس والعقيدة كانا راسخين ووطيدين. ومع حلول نهاية هذه الفترة من الزمن كنا نشعر بوجود خلل جدي في الأعمال المسيَّرة، ونرى كيف نعيش التكرار الزائد عن حده؛ ولكننا لم نستطع تحديد منبع الحل. فما حصل لم يكن سوى الحفاظ على المواقع شاغرة وإضافة موقع آخر إليها. لقد تم الوقوع في حالة يمكن تسميتها بـ(الخلاص الظاهري).
لقد لعبت مرحلة مكوثي في إمرالي دورها في تأهلي لحل هذه المعضلة. ولهذا علاقة وثيقة بانتفاعي وإفادتي من مراقبتي الأكثر واقعية للواقع الاجتماعي القائم بعد انقطاعي عن الممارسة العملية المكثفة. وهذه هي طبيعة العلوم. ولو كان مرض الدوغمائية لدي عميقاً ومعضلاً – كما هي حال 99% من الكوادر – لما تمكنتُ من إبداء القدرة على الحل المعروف. لم أحلل الماركسية فحسب، بل وكل المثاليات واليوتوبيات المناشدة بالحرية والمساواة، بالإضافة إلى ظاهرتَي الدولة والديمقراطية. وها أنا ذا قد فككتُ رموز كلمة السر للعلاقة الكامنة بين السلطة والحزب.

كل أنواع الحروب غير مباحة، عدا الدفاع الاضطراري

ينبع مرض التدوّل والتسلط من الأرضية الاجتماعية المتخلفة على وجه التخصيص. وهو يفرز نموذجاً (سلطوياً واستبدادياً) شديد الخطورة في الأفراد الذين لم يتلقوا تربية إنسانية علمية حقيقية. ذلك أنه في هذه الحال يلجأ أساساً إلى حل أتفه المشاكل بالسلاح في سبيل إرضاء سلطته. وهذا شديد الجلاء في العناصر الرجعية. ونخص بالذكر هنا النماذج الوحشية المريعة البارزة في مرحلة السمسرة. حيث أنها حوّلت قتل أعز الأصدقاء المقربين إليها بإجحاف فظيع ولمجرد تضايقها منهم إلى طراز ثابت في القيادة والمسؤولية، تماماً كمن (لسع الدبور عينيه). وهذا ما يثير الدهشة الكبرى. حتى أن إرسال الرفاق إلى العمليات التي ستودي بحياتهم بغرض الخلاص منهم أو حتى لأجل تلبية أبسط حاجياتهم، أصبح أسلوباً متفشياً. وبالطبع سننتبه إلى هذا الشكل من التردّي والانحطاط في وقت جد متأخر. لقد غدا تملُّك السلطة والاستحواذ على مسؤولية بعيون محمرَّة. الموضوعَ الأكثر جاذبية لهم. ذلك أن كل ما كانوا يرمون إليه يمر من سلطات كهذه. وقد أصيبوا بعدوى مرض السلطة الأزلية على نحو مروِّع. وأضحت لعبة السلطوية اللعبة المفضلة لديهم ليمارسوها تجاه بعضهم بِفَتْكِ بعضهم البعض. وهذا هو الجانب الأخطر في التردي الشائع في PKK. أما انعكاساتها على الشعب فكانت أسوأ. حيث يَغْتَمُّ الناس المرتبطون بنا وذوو القلوب الصافية كالذهب الخالص.
وفي العمليات أيضاً حصل ما لا يجب أن يحصل على الإطلاق. ونُسيَ التمييز بين امرأة أو طفل. حتى الحيوانات أُتلِفتْ. من الساطع جلياً عدم قبول ذلك باسم الإنسانية. ولكن يتحتم ألا ننسى أن محو مدن وقرى بأكملها من الخارطة ودفنها تحت التراب ليست بظواهر يقل مصادفتها. أما الموظفية فهي مرض أكثر شيوعاً. لقد كان التسلح بالوصولية والموظفية في حرب الحياة والموت أحد أسوأ أشكال الزوال. أما المتبقون فكانوا يتممون هذه المرحلة بنواقصهم كالأحباب جاويشية (العلاقات المحلية) واللامبالاة بأي واردة أو شاردة والاكتفاء بما هو موجود فقط. وهكذا تنتهي مرحلة من مراحل التحول إلى PKK. من الواضح للعيان أن كل هذه السيئات قد أفرزتها الماهية الدَّوْلتية أساساً في عملية التحزب. فإذا ما أعلنتَ نفسك تحررياً منادياً بالمساواة، واتخذتَ الدولة أداة رئيسية في تحقيق مآربك، حينها لا بد من الوقوع في أوضاع كهذه على التوالي. ولم يكن بالمستطاع تجاوز هذا الوضع إلا بالكف عن أن تكون حزباً مرتبطاً بهذه الماهية الأساسية. وكان لا بد من مرور مرحلة التحزب الجديدة من الطريق المؤدية إلى هذه الحقيقة.
5- ينبع الخطأ الهام الثاني في PKK من تعريفه لمفهوم الوطن وحرب التحرير الوطنية. حيث آمنا بمسألة تكوين الوطن عبر حرب التحرير الوطنية وكأنه أمر منزل في القرآن، وانطلاقاً مما فرضته الآثار التقليدية للاشتراكية وأمثلة الحروب العصرية برمتها. وكانت القناعة تفيد باستحالة تعزيز الحرية والمساواة أو حتى الوصول إلى نمط الإنسان العصري بدون تكوين الوطن. أما السبيل إلى ذلك فتمر من خوض الحرب التحريرية الوطنية ذات المراحل الاستراتيجية الثلاث: الدفاع، التوازن، الهجوم. ولأجل هذا الغرض بالذات سلكنا الطرق، وخرجنا إلى خارج الوطن، ودخلنا السجون والقرى والمدن، وذهبنا إلى الجبال وإلى كل مكان أردناه. وبشحن مواقفنا بالدوغمائية التي أضحت كخاصية عامة لدى الإنسان الشرق أوسطي، كان لا بد لنا من خوض غمار الحرب التحريرية الوطنية، حيث لم يكن ثمة خيار آخر أمامنا لنبني وطناً مكرَّماً معزَّزاً. وغدت (الحرب) مصطلحاً مقدساً سامياً، بحيث حظي القتال في هذا الطريق بأهمية فاقت حتى أهمية الجهاد في سبيل الإسلام. واضحٌ تماماً أن مرض الدوغمائية قد انتكس وعشعش في هذا الموقف، مثلما هي الحال في النظرة إلى سائر الظواهر الأخرى.
إذا ما عملنا على تحليل الحرب كظاهرة سنشاهد أنها مرض يجب ألا ينسجم أو يتوافق مع المجتمع البشري. ذلك أنه لا يمكن النظر لأي حرب بأنها مباحة ما لم تكن بغرض الدفاع الاضطراري والمحتوم. فالحرب تتضمن السلب والنهب والاضطهاد، وهي بطبيعتها تعني الاستيلاء والتسلط والقمع الدمار؛ مهما أُريدَ مواراتها بأقنعة مختلفة. ويسودها الاعتقاد بالحق في تملُّك كل شيء بـ(الفتح). من هنا، وحسب هذه السمات الأساسية، لن يكون خطأً نعت الحرب بأنها أخطر وأفظع السيئات والكوارث. لم نكن ندرك بعمق آنئذ أن الحرب لن تكون ذات معنى إلا في حال انعدام وانسداد كل الطرق الأخرى المؤدية للحفاظ على الوجود والحرية والكرامة وتوطيدها. ما كنا ندركه كان شمولية الحرب التحريرية الوطنية لـ(فتح) كل شيء تكراراً ومراراً، بحيث يمكنها وبكل سهولة اختراق إطار الدفاع المشروع للتحول بالتالي إلى وسيلة انتقام واستيلاء متبادل دون التخوف أو الارتباك أبداً من جوانبها هذه. ولو عولجت حرب الدفاع المشروع بجدية وحُدِّدت الفوارق بين استراتيجيتها وتكتيكاتها وبين بقية أنواع الحروب، لما تم الوقوع في العديد من الأخطاء الحاصلة أو تكبُّد هذا الكم من الخسائر والآلام والمخاضات. لقد تضمن عقد الآمال كلها على النصر في الحرب التحريرية الوطنية ضيراً ومخاطر جدية بالنسبة للواقع الموضوعي القائم.
إذا ما وضعنا نصب العين الوضع العالمي السائد، ومواقع القوى وتمركزها وتنظيمها، والمسائل اللوجستية وغيرها من العوامل، سنجد مدى عُرضة الحرب التحريرية الوطنية العمياء للاحتمالات والصدف. وبدون رؤية كل هذه الوقائع كان لا مناص لممارسات الحرب ذات الكثافة المنخفضة والمستمرة بما يناهز الخمسة عشر عاماً من أن تواصل ذاتها بعد عام 1995 ضمن دوامة من التكرار. يستحيل القول بعدم إفراز هذه الحرب لأية نتيجة على الإطلاق، ولكن الحقيقة الأخرى الواجب رؤيتها هي مقدار الخسائر المتكبَّدة وعدم إثمار العديد من الجهود والمساعي حصيلة الاعتقاد بأن هذه الحرب هي السبيل الوحيد أمامنا وتطبيقها بموجب ذلك. وتَكَوُّنها من مراحل استراتيجية ثلاثة خير مثال على الدوغمائية التامة. بيد أنه لو تطورت حرب الدفاع المشروع على نحو واقعي وبما يلائم شروط كردستان وجغرافيتها ويتناسب مع العلاقات مع الشعب بدءاً من أماكن التموقع الأمثل إلى تحديد التكتيكات الأفضل؛ لأدت بالتأكيد إلى صياغة حل ديمقراطي مبدئي إن لم تُوصِلْنا إلى هدفنا في بناء دولة. وتجسَّد مفهومي شخصياً بهذا الخصوص في قناعتي بقدرة الكوادر القيادية المتواجدة في الداخل على التحلي بهذه الكفاءة. ولطالما انتظرتُ ذلك منهم وساندتُهم بأعظم الأشكال وأبديتُ تضحيات جساماً يندر مثيلها في سبيل ذلك. إلا أن مرض السلطة عينه برز في هذه الساحة وعلى نحو أخطر. بل إن العصاباتية تنامت إلى درجة من التردي والجناية بحيث كان بمستطاعها إبادة أفضل الأصدقاء المقربين دون أن يرف لها جفن. ومسألة احتوائها للاستفزاز المقصود والتواطؤ عن معرفة أو عدمه لم تكن مؤثرة لهذا الحد. فكون الحرب فناً قذراً على وجه العموم، وتداولها بشكل دوغمائي في النموذج التحريري الوطني على وجه الخصوص، قد أسفر عن نتائج كهذه، وولَّد معه كل أنواع النزعة القومية والعنف الأعمى والميول الانفصالية، وتمخض عن خطر توطيد الفوضى الاجتماعية أكثر فأكثر.
بيد أننا لو تداولنا تعريف مصطلح الوطن على أنه ظاهرة أو شكل متراخٍ للمجتمع، واستوعبنا كيفية الوصول إلى بناء مجتمع ديمقراطي متساوٍ وحر كطريق أساسي وأصح دون عبادته أو تأليهه؛ لربما استطعنا حينها الاستحواذ على نتائج أقرب إلى الحقيقة. كان من المحال حقاً أن يمثل الأمل في وطن متلاحم متوحد ذي دولة بكل معنى الكلمة أفضل وأجمل وأصح الأهداف. هذا ولا يكمن لبّ الموضوع في التواجد تحت سقف دولة أم لا، بل في مدى الاتسام بالديمقراطية. وكان من الممكن أن تُرسَم السبل والأساليب المنتهية إلى ذلك عبر أنشطة المجتمع الديمقراطي وتأسيس كافة أشكال التنظيم والتعاضد المساعدة على ذلك، والاقتصار على حرب الدفاع المفعمة بالمعاني كاختيار اضطراري أخير. بذلك فقط كان بالمقدور تعزيز الحرية والمساواة دون الوقوع في النزعة القومية للساحق أو المسحوق على السواء، أو إتاحة الفرصة للنزعة الانفصالية أو العنف المفرط. ولكن الموقف الدوغمائي المرتكز إلى مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها كان يعرقل رؤية البدائل الغنية والمتعددة للحل. وهكذا استحال فتح الطريق أمام دمقرطة تركيا أيضاً. بل على النقيض، فقد اعتَبَرَتْ الأخيرةُ القيامَ بالربح الاقتصادي والسياسي اللامحدود وغير المشروع (السمسرة) بإثارتها للنعرات القومية المتطرفة الأوليغارشية، سياسة لا نظير لها. لو أن السياسة مورست على نحو يبرهن كون الكرد عضواً استراتيجياً لا يُستغنى عنه في تحقيق تكامل الوطن ووحدته ضمن الدولة القومية التركية عامة، كمجتمع وطني حر يعيش في كنف الوطن المشترك وتحت سقف الدولة نفسها، وحتى لو أقيمت العمليات بما يخدم هذا الغرض؛ لاحتوت النتائج إمكانيات الحل الوفيرة بالنسبة للأطراف المعنية. إن عدم التفكير في سبل حل غنية كهذه له علاقة كثيبة بمفهوم التحزب والتدوّل والوصول إلى السلطة وبناء الوطن، والحرب في سبيل ذلك.
بإضفائي أبعاداً جديدة أكثر واقعية على تعاريف الدولة، السلطة، الحرب، الوطن والدولة القومية، بعد تجاوزي للدوغمائية؛ مهد السبيل لحل مرتكز إلى التحزب مجدداً في سبيل بناء مجتمع ديمقراطي، بحيث يكون مفتوحاً لحرب الدفاع المشروع الشاملة إذا دعت الضرورة. هذا الموقف ليس مجرد تحول استراتيجي وتكتيكي فحسب، بل يواري في داخله وجهة نظر نظرية وبراديغمائية معتمدة على الفكر العلمي الجذري، ونموذج تفكير وتحزب سياسي أكثر غنى. كما إنه يتضمن التحولَ المؤدي إلى الخلاص من مرض الدولتية الذي ترك بصماته على سياق قرن ونصف من تطور الاشتراكية، وإلى التخلي عن المفهوم القومي البرجوازي، واعتماد الطراز المشاعي والديمقراطي للمجتمعية على مر التاريخ، وربط الأهداف في الحرية والمساواة بهذه التغيرات الجذرية. إن النقد والنقد الذاتي المقدم باسم PKK على هذا الأساس، يطرح معه – طبيعياً – مشكلة إعادة البناء فيه. وهنا تقف أمامنا مرة أخرى مسائل التحزب المعتمد على تقييم موجز للوضع الراهن والدفاع المشروع، والتوجه نحو بناء المؤتمر كتنظيم شعبي أولي؛ كقضايا ومهام مصيرية تتطلب الحل بما لا يقبل التأجيل.



#عبدالله_اوجلان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدفاع عن شعب الفصل الخامس حركة ب ك ك ، النقد والنقد الذاتي ...
- تحرير الجنسوية الاجتماعية
- الدفاع عن شعب الفصل الخامس حركة ب ك ك ، النقد والنقد الذاتي ...
- الدفاع عن شعب الفصل الخامس حركة ب ك ك ، النقد والنقد الذاتي ...
- الدفاع عن شعب الفصل الخامس حركة ب ك ك ، النقد والنقد الذاتي ...
- الدفاع عن شعب الفصل الخامس حركة ب ك ك ، النقد والنقد الذاتي ...
- الدفاع عن شعب الفصل الرابع الظاهرة الكردية ، القضية الكردية ...
- الدفاع عن الشعب الفصل الرابع الظاهرة الكردية ، القضية الكردي ...
- الدفاع عن شعب الفصل الرابع الظاهرة الكردية ، القضية الكردية ...
- الدفاع عن شعب الفصل الرابع الظاهرة الكردية ، القضية الكردية ...
- الدفاع عن الشعب الفصل الرابع الظاهرة الكردية القضية ، الكردي ...
- الدفاع عن شعب الفصل الرابع الظاهرة الكردية ، القضية الكردية ...
- الدفاع عن شعب الفصل الرابع الظاهرة الكردية ، القضية الكردية ...
- الدفاع عن الشعب الفصل الرابع الظاهرة الكردية ، القضية الكردي ...
- الدفاع عن شعب الفصل الرابع الظاهرة الكردية ، القضية الكردية ...
- الدفاع عن شعب الفصل الرابع الظاهرة الكردية ، القضية الكردية ...
- الدفاع عن الشعب الفصل الرابع الظاهرة الكردية القضية الكردية ...
- الدفاع عن شعب الفصل الرابع الظاهرة الكردية ، القضية الكردية ...
- الدفاع عن شعب الفصل الثالث الفوضى في حضارة الشرق الاوسط والح ...
- الدفاع عن شعب الفصل الثالث الفوضى في حضارة الشرق الاوسط والح ...


المزيد.....




- واشنطن تريد -رؤية تقدم ملموس- في -الأونروا- قبل استئناف تموي ...
- مبعوث أمريكي: خطر المجاعة شديد جدا في غزة خصوصا في الشمال
- بوريل يرحب بتقرير خبراء الأمم المتحدة حول الاتهامات الإسرائي ...
- صحيفة: سلطات فنلندا تؤجل إعداد مشروع القانون حول ترحيل المها ...
- إعادة اعتقال أحد أكثر المجرمين المطلوبين في الإكوادور
- اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي للاشتباه في تقاضيه رشوة
- مفوض الأونروا يتحدث للجزيرة عن تقرير لجنة التحقيق وأسباب است ...
- الأردن يحذر من تراجع الدعم الدولي للاجئين السوريين على أراضي ...
- إعدام مُعلمة وابنها الطبيب.. تفاصيل حكاية كتبت برصاص إسرائيل ...
- الأونروا: ما الذي سيتغير بعد تقرير الأمم المتحدة؟


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - عبدالله اوجلان - الدفاع عن شعب الفصل الخامس حركة ب ك ك ، النقد والنقد الذاتي واعادة البناء ب- النقد والنقد الذاتي باسم ب ك ك -4 ، 5