أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد زكريا توفيق - دولة دينية أم حرب أهلية















المزيد.....

دولة دينية أم حرب أهلية


محمد زكريا توفيق

الحوار المتمدن-العدد: 3925 - 2012 / 11 / 28 - 14:37
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    




سيدي الرئيس ماذا تفعل بنا؟ إذا كنت لا تدري، فسوف أخبرك. أنت تقودنا إلى حرب أهلية. هل تعرف معنى الحرب الأهلية؟ لا أظن أنك تعرف. ربما تراها حرب دينية مقدسة ضد الكفار، واجبة لنصرة الإسلام، ورفع راياته عاليا، وقيام دولة الخلافة التي عاصمتها القدس. أو تراها ضرورة حتمية لتطهير المجتمع من عبدة الشيطان وقوى الشر وأعوان إبليس اللعين.

سيدي الرئيس، اسمح لي أن أزف إليك خبرا لن يسرك وسوف يخيب أمل جماعتك. الدولة الدينية لن تحدث. السبب ببساطة لأنها مستحيلة في مصر. لماذا؟ لأن طبيعة الشعب المصري وتركيبته وثقافته وحضارته وجيناته الموروثة لا تسمح بذلك. ربنا خلقه كده. المليونية الأخيرة تشهد بذلك.

لماذ الدولة الدينية مستحيلة ؟ لوجود المسيحيين والصوفيين والناصريين والعلمانيين والليبراليين وعشاق الفن والفكر والموسيقى والحضارة. لوجود عشاق الحياة في مصر.

لوجود شعب اعتاد حياة مدنية هادئة منذ آلاف السنين. منذ أيام الفراعنة والبطالمة والرومان والمماليك البحرية والبرية، ومن بداية حكم محمد علي إلى الآن. ولن يتخلى هذا الشعب العريق عن أسلوب حياته، ولا يستطيع ذلك، وليس في مقدوره إن أراد. صدقني في دي يا سيادة الرئيس.

الشعب المصري لن يتخلى عن سماع أم كلثوم وعبد الوهاب وفريد وحليم وعدوية وغادة رجب وشعبان عبد الرحيم . لن يتوقف المصريون عن الاحتفال بيوم شم النسيم وتلوين البيض وأكل الرنجة والفسيخ والملانة والبصل.

والإحتفال بمولد القديس مار جرجس ومولد النبي وسيدنا الحسين والسيدة زينب وشيخ العرب يا سيد، وشراء الحمص والحلاوة السمسمية والحمصية والحصان والعروسة الحلاوة، حتى لو كانت هذه رغبة الشيخ حسان أو الشيخ الشحات أو مولانا الشيخ غنيم أو الأخ بكار لا فض فوه.

لن يتوقف الشعب المصري عن الذهاب إلى دار الأوبرا، وعن مشاهدة الأفلام والمسرحيات والمسلسلات في التليفزيون. ولن يكف عن قراءة أدب أدبائه وشعر شعرائه. ولن يكف عن سماع شعراء الربابة ومواويل الأرغول والتواشيح والتراتيل والأناشيد والطقاطيق.

لن يقلع عن سماع القرآن المجود بصوت الشيخ عبد الباسط عبد الصمد وقصائد مدح الرسول بصوت أحمد التوني، ولن يقاطع الفرجة على شكوكو واسماعيل يس وزينات صدقي وأنور وجدي وليلى مراد وحسين رياض وبشارة واكيم.

هل سيسمح الأقباط المسيحيون بأن يكونوا خرج متاع، ومواطنين من الدرجة الثانية، وأهل ذمة تفرض عليهم الجزية؟ هل ستقبل النساء أن تمنع من التعليم والعمل، ويفرض عليهن النقاب، ويجبرن على أن يوقرن في بيوتهن بالعافية، وبفرق الأمن بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يخرجن منها إلا إلى بيت الزوجية أو إلى القبر؟

هل سيقبل الصوفييون هدم أضرحة مشيايخهم الكرام، ومنعهم من الاحتفال بأقطابهم، وبالتواشيح وحلقات الذكر وقراءة القرآن، وإقامة الموالد والحضرة والضرب بصنج الصوفية والشخاليل، لإحياء ذكراهم؟

اليست هذه الموالد مهرجانات اقتصادية ضرورية لتنشيط السياحة وانعاش الاقتصاد موجوده في كل البلاد؟ تخفف من قسوة الحياة بما تقدمه من تسالي وترفيه وألعاب، تسر الكبار وتسعد الصغار؟

هل يقبل المصريون أن تنسف أهراماتهم وتمثال أبو الهول وتمثال خفرع وزوجته وتمثال رمسيس ومعبد أبوسمبل وطريق الكباش بالكرنك ومعبد حتشبسوت، رائعة الفن المعماري في كل الأزمان وكل العصور، الذي ليس له مثيل في الوجود؟

هل سيقبل المصريون أن تكون علومهم ومعارفهم تكرارا لما سبق وتأكيدا لما اتفق عليه وأقره السلف الصالح. ويحرمون بالعافية وبالنبوت من العلوم التي تفتح المخ وتشحذ الذهن وتوقد الفكر وتشبع النفس وتسمو بالروح؟

هل تعرف لماذا سمي أرسطو المعلم الأول؟ لأنه ألف في جميع فروع المعرفة وأنشأ علما اسمه المنطق. في كل كتاباته التي تزيد على ال 3000 صفحة، لم يقل قد جاءتني هذه المعرفة عن طريق الإلهام. أو عندما خاطبني الرب من فوق الجبل، أو حينما نزل على الوحي وأنا في الغار.

أرسطو عظيم لأنه عقلاني يخاطب العقل، ويلتزم بالصدق ولا يعدك إلا به. له كتاب عن الأخلاق لا يغرينك فيه بالجنة ولا يرهبنك بالنار. يقدم لك الحقائق كما يراها مجردة كما هي بدون زيادة أو نقصان، لك أن تقبلها أو ترفضها.

ليست لديه فرق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، تجري وراء الناس بالهراوات في الشوارع لكي تجعلهم يؤمنون بأفكاره بالعافية. يقول أن هؤلاء الناس الذين لا يصلحون إلا لطاعة الأوامر، هم عبيد بالفطرة.

يقول أرسطو أيضا عن الدستور، أنه هو الذي يخلق الدولة والمواطن. بدون دستور يحفظ حقوق الإنسان، تصبح الدولة عبارة عن حاكم طاغ ورعية، أو راع وقطيع.

الدستور ليس كتاب ديني، ولا يجب أن تذكر فيه كلمة دين. هل نريد فرض الدين والعقيدة بالدستور؟ اي بالعافية؟ القرآن الكريم لا يقول ذلك.

هل سمعتم عن قصة السندباد وشيخ الجزيرة الذي تمسكن حتى تمكن؟ إذا كنتم لم تسمعوا عنها فسوف أذكرها لكم:

"يقول السندباد أنه وجد نفسه في جزيرة ليس بها أحد، غير شيخ جالس عند الساقية مؤتزر بإزار من ورق الشجر. سلمت عليه فرد السلام بالإشارة. وأشار لي بيده يعني احملني على رقبتك وانقلني من هذا المكان. تقدمت إليه وحملته على أكتافي لأنقله لمكان آخر.

لكنه أبى ولف رجليه على رقبتي، ورأيت رجليه مثل جلد الجاموس في السواد والخشونة. فزعت منه وأردت أن أرميه من فوق أكتافي فقرط على رقبتي برجليه وخنقني حتى اسودت الدنيا في وجهي وغبت عن وجودي ووقعت على الأرض. ظللت أمشي به من مكان إلى مكان، وإذا توانيت، يضربني برجليه ضربا شديدا، وأنا معه شبه أسير، وأخذ يبول ويغوط على أكتافي."

لقد أردنا ديموقراطية ودولة محترمة مثل الدول الأوروبية، فقمنا بثورة عظيمة وتخلصنا من حاكم فاسد غبي. وإذا بنا نقع في أيدي من لا يرحم. جماعة الإخوان والسلفيين. حملناهم على الأعناق وظننا أنهم ثوار رفاق. وإذا بهم لا يختلفون كثيرا عن شيخ الجزيرة. الذي كبس على أنفاسنا وقرط على رقبتنا وأبى أن ينزل أو يتركنا، وأخذ يبول ويغوط على أكتافنا.
[email protected]



#محمد_زكريا_توفيق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السلطة مفسدة
- كيف كانت القاهرة وكيف أصبحت
- حقيقة الأديان
- دولة دينية أم دولة مدنية
- لماذا أشعر بالقلق من حكم الإخوان؟
- ما يقوله العلم عن نشأة الحياة
- مشكلة الأديان مع العلوم
- الفن مين يعرفه
- عادل إمام وحرية الرأي
- قصة الأخلاق عند سقراط
- قصة التقويم الشمسي وحساب الزمن
- قصة الملك ميداس ولجنة كتابة الدستور
- من أقوال مؤسسي الدستور الأمريكي
- هيباشيا الفيلسوفة المصرية - آخر قبس نور في حياتنا البائسة
- جون ديوي - فيلسوف وخبير تربية وتعليم
- الخروج من الظلمة الحالكة
- كيف ننهض إذا كان وزير التعليم سلفي؟
- لا، لن يحكمنا الخليفة من قندهار
- عندما يغيب العقل ويحكم رجال الدين
- الإسكندرية بين حضارتين - زمن البطالمة وزمن عبد المنعم الشحات


المزيد.....




- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعرض مشاهد من استهدافها لموقع ...
- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد زكريا توفيق - دولة دينية أم حرب أهلية