أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كريم كطافة - الدنصرة في السياسة















المزيد.....

الدنصرة في السياسة


كريم كطافة

الحوار المتمدن-العدد: 1135 - 2005 / 3 / 12 - 11:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أعتقد أن كل منا قد سمع في مكان ما عن وقائع انقراض الديناصورات. قيل أنها كائنات كادت تلتهم كل شيء في بيئتها، الأمر الذي أغضب أمنا الطبيعة الحريصة على استمرار توازن التنوع لموجوداتها، لتثور ثائرتها وتضحي بهذا النوع من الكائنات حفاظاً على باقي الأنواع. لم يختلف اثنان حول حقيقة الواقعة العائدة إلى أزمان سحيقة في القدم، لكن الاختلاف كان حول الأسلحة المستخدمة في ذلك الإنجاز الطبيعي التاريخي، منهم من قال بزلازل وبراكين قلبت الأرض على البطانة ومنهم من قال بنيزك جبار هبد الأرض هبداً ومنهم من قال بشيء يشبه تسونامي آسيا الأخير إنما لم يكن مكتوباً على عرف أمواجه لا لفظ الجلالة ولا لفظة بن لادن. كل ذاك الاختلاف لا يهم، للطبيعة أسلحة عديدة منها المعروف ومنها غير المعروف، منها للدمار الموضعي ومنها للدمار الشامل، في كل الأحوال، لقد نجحت الطبيعة في تجفيف منابع الدنصرة من على وجه الأرض نجاحاً باهراً.
هذا ما أخبرنا به محللون تاريخانيون، اشتغلوا على حفريات ومتحجرات وبلاوي كثيرة ليست كلها مفهومة لي. مثلما ظل غير مفهوماً لي؛ لِمَ لم تخبرنا به الكتب الدينية على كثرتها والتي حدثتنا عن كائنات وأقوام أقدم وأغرب بكثير من الديناصورات مثل ياجوج وماجوج وذو القرنين، وعن بدايات الخلق وعن ذلك الفلك، الذي نجا من كارثة الطوفان وهو يحمل كل كائنات الأرض زوجاً زوجاً ذكراً وأنثى من كل كائن، مثلما هي لم تخبرنا عن مصير كائنات أخرى من ذوات النصف زوج، كانت هي الذكر والأنثى في ذات الوقت، كيف تسنى لها الاستمرار على الأرض، بعد ذلك الهلاك الأرضي الشامل وهي خارج الفلك. على أية حال، ليس بالضرورة أن أكون عالماً وفاهماً لكل شيء، كثيرة هي الأشياء التي ما زلت أجهلها. ألست بشراً ديدني الجهل والتعلم والمزيد من التعلم لحين تسليم الأمانة إلى صاحبها..؟
كان من آثار اكتشاف الاندثار الديناصوري، أن الديناصور بجلالة قدره قد دخل إلى الأدب ولاحقاً إلى السياسة ومن أوسع الأبواب. كتب أحدهم رواية رائعة اسماها (حضرة صاحب الفخامة الديناصور)، ورد عليه روائي آخر برواية أسماها (الديناصور الأخير).. وهناك من النقاد من اقترح اسماً بديلاً لرواية عنوانها (ليس للجنرال من يكاتبه..)، زاعماً أن العنوان الحقيقي كان يجب أن يكون (ليس للديناصور من يكاتبه..!!). هكذا كما هو واضح دخل السيد الديناصور ساحة الأدب والإبداع. لعل وقائع الاكتشاف وحقيقة الاكتشاف أوجدت لدى الكتاب حوافز جديدة مثيرة من التأمل والخيال، كانت عامل دفع وتطوير لأساليب كتابة وأفكار للكتابة وغيرها، في العموم كانت كلها مفيدة.
أما في السياسة، فقد تقمصت القضية شكل المفهوم والمصطلح. في السابق كان يقال عن أسلوب ما أو فكر ما أو حزب أو زعيم أنه قديم أو (دكة قديمة)، ويراد منه أنه فاقد الصلاحية. لكن ذلك المصطلح (القِدَم) لم يكن دقيقاً وموفقاً تماماً في ما يريد الذهاب إليه، لأن ليس بالضرورة كل قديم هو فاقد للصلاحية، هناك كثير من البشر ما أن يبلغوا الشيخوخة حتى يكونوا قدماء قياساً للشبيبة الصاعدة، لكنهم يتمتعون بيقظة فكر وسرعة بديهة وأريحية يحسدهم عليها شباب العشرينات، وتجعلهم ليس فقط بكامل الصلاحية بل ومطلوبين، مثلما هناك عادات وسلوكيات وأشياء كثيرة قديمة، لكنها مستمرة في الوجود والصلاحية لأسباب كامنة فيها. أما (الدنصرة) وهو المفهوم الذي عليه أن يحل إلى جانب (القِدَم) وليس بديلاً عنه، ليساعده في أمره، يُستَخدم تحديداً للتدليل على البشر وتلك الأفكار والسلوكيات والأشياء القديمة والتي فقدت الصلاحية، ولم تعد حقيقة استمرارها في الوجود غير تذكير دائم بضرورة زوالها.
مقاييس الصلاحية هنا مقاييس متغيرة، يحددها على الدوام الزمان والمكان، وتتحكم بها سرعة تطور إنساني، غطى أكثر من نصف الكرة الأرضية وعلى جميع الأصعدة والميادين كما يقال، تطور لم يعد يمشي كما في السابق بسرعة السلحفاة، بل هو يقفز بالزانة الآن. لننظر الآن إلى المفارقات التالية:
إلى حد قبل مئة عام كان الحصان وسيلة الركوب والسرعة الوحيد.. لكن، ماذا سيكون منظرك الآن وأنت تركب حصانك وتريد منه مسابقة سيارة (فيراري) على طريق سريع.. بالتأكيد سوف لا تعدم من سيأخذ بيدك وكأنك مجنون ويخبرك: يا صديقي! الله يهديك ويشفيك.. هذا لا يصلح لهذا..!!
قديماً وليس قديماً جداً، كان لا يخجل السياسي إذ تقول له: حضرتك أرستقراطي. على العكس لعله كان يفتخر بذلك، لكنك جرب الآن وقلها لأحد السياسيين خصوصاً من ماركة ثوري جداً وقومي جداً وإسلامي قح، صدقني إذا لم يلطمك على فمك فأنك محظوظ.
قديماً وكذلك ليس قديماً جداً، كانت تصنف النساء إلى أمة وحرة والرجال إلى عبد وحر.. حتى أن الحجاب الديني قيل أنه للحرة وليس للأمة، رغم أن الاثنين من جنس النساء، لعل الأولى محصنة والثانية مستباحة والله أعلم. لا يهم، لكن حاول أن تتجرأ الآن وتنادي على إحدى السيدات بـ:يا أمة الله..!! وخبرني كيف سيكون شكل نعل حذائها على وجهك..
قبل أيام قليلة وفي خضم اغتيال الحريري اللبناني، جلب انتباهي أحد أبناء القتيل وهو يخطب في الجموع المحتشدة والغاضبة بـ: يا أيها القوم.. عندها ضحكت رغم حزني على القتيل، ليس أنا فقط، بل الجالسين معي كذلك، وجدنا أنفسنا ننظر بعيون بعضنا، ثم انفجرنا بضحك صاخب، رغم أن لاشيء في المشهد الذي أمامنا يستحق الضحك، باستثناء تلك: يا أيها القوم.. ظهر لنا الشاب وكأنه (خالد بن الوليد) محمولاً على الأكتاف ويخطب في جيشه..
بعدها بأيام وفي خضم المظاهرات والمظاهرات المضادة، كذلك في لبنان، ظهر السيد حسن نصر الله، وهو يخطب في جموع مناصري الله محيياً سوريا الأسد ومشدداً على: انظروا (هو قالها انظلوا لأن السيد لا يلفظ حرف الراء لو على قطع رقبته) أليست مظاهرتنا أكبر من مظاهرتهم، قصد بها مظاهرة (يا أيها القوم..).. علق أحد الصحفيين حينها بعد فترة صمت مخاطباً السادة المشاهدين: لعلنا أمام مظاهرة مليونية..؟ رد أحد الأصدقاء الكتاب: لتعش ديمقراطية الزووم..!! لا تشتط بأحدكم الظنون بأني تماديت في سالفة المصطلحات، كل ساعة مطلع مصطلح من جيبي، قبل يومين فقط من المظاهرة أعلاه، طلب السيد من الصحفيين: كل ما بدكم كبروا الزووم وكل ما بدكم زغروا الزووم.. هذا ما دعاني إلى دنصرة المصطلح. بعدها بأيام قليلة كذلك، ردت الحكومة السورية على تحية السيد القوية بتحية رصينة، أخرجت للشوارع مظاهرة نصف مليونية هذه المرة، تحت ذات الشعار: كل ما بدكم كبروا الزووم وكل ما بدكم زغروا الزووم.. لعلها كانت مستعجلة واكتفت بنصف طاقتها على التحشيد..!!
في المحصلة، الدنصرة تلتهمنا جميعاً، منا من قضى نحبه بها ومنا من ينتظر ولا يبدلنا أحد تبديلا. حين يكون بمقدرة فرد أن يلتهم حزب وهذا يلتهم حكومة وهذه تلتهم دولة وهذه تلتهم شعب.. عندها نكون قد تدنصرنا والسلام. وحين تسمع وتشاهد الشعوب تقطعت أوتار حناجرها وهي تزعق بـ بالروح وبالدم.. وإلى الأبد إلى الأبد.. يا كفار بره بره هذا قائدنا نصر الله.. ومركبر أمريكا مركبر شيتان.. قل لقد تدنصرنا.. حين تجد قادة أحزاب المعارضة كلهم تاريخيين لا يزحزحهم من مقاعدهم غير عزرائيل وإسرائيل.. قل لقد تدنصرنا.. حين تجد كل مائة ألف من البشر يصول ويجول بعقولهم فقيه من ماركة واعظ.. قل لقد تدنصرنا.. وحين تجد شعوبنا تعاند وتشاكس في الصحافة والشاشات والساحات: لا نريد ديمقراطية.. لا نريد حقوق إنسان.. لا نريد حريات.. لا نريد مساواة.. لا نريد.. لا نريد.. بل نريد رؤسائنا وملوكنا وأولياء أمورنا وفقهاءنا وجماعاتنا الجهادية وانتحاريينا.. كل هذا على عناد أمريكا، لأنها هي التي قالت بهذه الخرافات، عندها ما عليك أخي القارئ غير أن تقرأ على روحك آية الدنصرة: إذا دخلت الدنصرة السياسة خربت الإنسان وهدمت البنيان وجعلت الشعوب في آخر الميدان.. والسلام عليكم.
10/3/2005



#كريم_كطافة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قانون أبو شامة والدكتورة الألمانية
- جنون البقر السلفي -البعثي
- إلى دعاة المصالحة الوطنية..أنها تدور
- نعم.. نحن ننتخب.. وهم ينتحرون
- هل برنامج قائمة اتحاد الشعب برنامج شيوعي..؟
- لو سألتموني عن سوريا.. سأدلكم على ما يفيد
- أحذروا عودة الملثمين عبر الانتخابات
- شيوعيون أصوليون... 2 ـ 2
- شيوعيون أصوليون
- العراقيون والضحك والسيارات المفخخة
- حين يترك فقهاء القطيع الباب موارباً
- لكي لا يضيع نداء حمد في لجة الصراخ.. إلى حمد الشريدة
- قنوات الواقع الافتراضي العربية
- لماذا قناة العربية دون الجزيرة..!!؟
- بورترية لوأد النساء في زمن الصحوة
- أدعية على الهواء للإله المخطوف
- لماذا يكون الزرقاوي أشعل منك يا شعلان..؟
- خرائط تبحث عن من يرسم ملامحها
- الموقف الفرنسي من وحلٍ إلى وحل
- عيون وآذان جهاد الخازن وأخطاء علاوي


المزيد.....




- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...
- مئات المستوطنين يقتحمون الأقصى المبارك
- مقتل فتى برصاص إسرائيلي في رام الله
- أوروبا.. جرائم غزة وإرسال أسلحة لإسرائيل
- لقطات حصرية لصهاريج تهرب النفط السوري المسروق إلى العراق بحر ...
- واشنطن.. انتقادات لقانون مساعدة أوكرانيا
- الحوثيون: استهدفنا سفينة إسرائيلية في خليج عدن وأطلقنا صواري ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كريم كطافة - الدنصرة في السياسة