أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مالوم ابو رغيف - الرمز الحسيني وتناقضات الفكر الديني الشيعي















المزيد.....

الرمز الحسيني وتناقضات الفكر الديني الشيعي


مالوم ابو رغيف

الحوار المتمدن-العدد: 3923 - 2012 / 11 / 26 - 00:19
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


موضوعة الامام الحسين موضوعة متشابكة ومعقدة جدا، لا ينبغي تبسيطها بسهولة انتقاد الطقوس المصاحبة لفعاليات العزاء ولا بتجاهل تاثيراتها، اكان على مسار التاريخ وتشعباته العقدية الاسلامية او على الشعور الروحي والعاطفي للمسلم، الذي تتجاذبه النزعات الدينية والعاطفية.

لا نتناول هنا واقعة الطف، ولا حقيقة الاحداث ولا اسباب ودوافع خروج الحسين، فالانجرار في مناقشة هذه الاحداث قد يؤدي الى منزلقات طائفية ويقود الى انسياق غبي ينسجم او يختلف مع مساعي كهان الدين من كلا الجانبين، الذين يسعون الى اشعال كوانين الفتنة والتكفير والاحقاد، للسيطرة على الناس وتحقيق اهدافهم واطماعهم ووضعهم في معسكرين متناقضين متحاربين دون ان يكون لهم، اي للناس، لا ناقة ولا جمل في هذا الصراع. فالناقة والجمل هما دائما من حصة رجال الدين.
ما يهمنا هنا هو الرمز وليس شيء اخر، رمز الامام الحسين وقيمته الوجدانية.
والرمز لا يعني الحدث ولا يشيرالى فضائل من يعبر عنه، موضوع او فكرة، لكنه يمثل قيمة اضافية مجردة بحد ذاتها قد تتفوق على الحدث وعلى اصحابه.

معرفة حقيقة الوقائع قد تكون شأنا تاريخيا، مع ان مهمة المؤرخ يجب ان تكون مهمة حيادية، يسرد الوقائع ويترك للقراء الفطنين حرية الاستنتاج والتحليل والوصول الى الحقيقة. هنا يكون القاريء ليس متلقيا سلبيا، بل مساهما ومشاركا بفكره ومنهجه الخاص به.
اما اذا مال المؤرخ الى اعطاء رأيا ما، سلبا او ايجابا، فانه سيجد نفسه منجرا لعواطفه، محاولا لي اعناق الوقائع لتتناسب وتوجهاته السياسية وميوله الطائفية لتأكيد وجهة نظره حتى دون ان يشعر.
في العادة، لا يسرد المؤرخون الاسلاميون الوقائع فقط، انما يبدون ارائهم واحكامهم في الاحداث، التي غالبا ما تكون اراء واحكام دينية. ولعل المؤرخون الشيعة في هذا المضمار، هم الاكثر انجرارا الى عواطفهم الدينية من المؤرخين السنة، الذين كانوا بعض الشيء، اكثر مهنية، فسطروا في كثير من الحالات ما يخالف توجهاتهم الدينية والمذهبية، لذلك ان اراد رجل دين سني الطعن في صحة احداث واقعة تاريخية، اتهم ساردها او موردها بالتشيع.
الحسين بن علي في الوجدان الشيعي الشعبي يمثل رمزا ثوريا لمناهضة الطغيان و موقفا لاحترام الذات واحترام المبدأ. وهذه القيمة الثورية في الرمز الحسيني، ليست نتاج تفكيركهنوتي ولا صناعة دينية، انما هي احساس ووعي ثوري شعبي، يحاول ايجاد مبرارت له للثورة على الواقع المزري وتغييره. كما ان هذه القيمة الثورية هي سابقة تخرجهم من الالتزام الديني المفروض باية الاطاعة:
{ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}
هذا الرمزية الثورية والقيمة التي جسدها الناس في الحسين، هي في حقيقتها مناقضة للتفكير الشيعي الديني الرسمي وفي اهم مكوناته، التقية وانتظار خروج المهدي.
اذ ان التقية تعني السكوت واظهار الولاء بهدف حماية الذات واتقاء وخامة العواقب، ولعل اخطر ما في التقية عندما تتحول الى نفاق اجتماعي و سياسي بهدف الوصول الى السلطة، ليست الاحزاب الشيعية وحدها من يتبع هذا الاسلوب في اخفاء الحقائق، بل الاحزاب السنية ايضا، واحزاب الاخوان المسلمون خاصة في مصر وتونس، هي امثلة حية على هذا النفاق الذي يتقي غضب الشعب بالكذب عليه والضحك على ذقنه. بينما الرمز الحسيني يفترض المقاومة والثورة على الظلم ومحاربة الظالم والتضحية من اجل الكرامة، ويرفض الذل ويرفض الخضوع ويبز النفاق.
كما ان الخروج على الحاكم، الذي يتضمنه الرمز الحسيني، يتناقض مع الانتظار المفترض للمهدي الذي بخروجه ستنتهي مشكلة الشيعة بصفتهم طائفة مضطهدة، مطاردة ومظلومة. اذ ان النظرية المهدوية تتطلب دخول الشيعة في السبات السياسي والكف عن اي نشاط او عمل ثوري حتى ظهور المهدي.

فاذا كانت نظرية المهدي تفترض وتفرض الانتضار السلبي، فان النظرية الحسينية تفترض الثورة والكفاح والثبات والتضحية. فكيف يوفق رجال الدين الشيعة بين المتناقضين؟

لقد وعى رجال الدين الشيعة هذا التناقض، فارادوا افراغ الالهام الثوري للرمز الحسيني من ثوريته فاعطوه بعدا دينيا وابعدوا عنه الشان السياسي واغرقوه في الطقوس الحسية كـ : الحزن والبكاء والجزع واللطم والتطبير والمشي لمسافات طويلة وقراءة ادعية الخضوع والخنوع والندبة والظهور بمظهر الضعف الذي يستحق الشفقة: كما ان قرائاتهم للحدث هي قرائات تهدف الى اسالة الدموع واثارة واهاجة العواطف، تعج بقصائد النعي والرثاء واستعجال الله بتسهيل خروج المهدي. وهنا يصبح المهدي ليس مناقض للألهام الثوري الحسيني فقط، انما مفرغا لشحنته الثورية ايضا.
اما على المستوى الشعبي، فان اغلب الاهازيج الحسينية هي في حقيقتها مطالب اجتماعية وشعبية وسياسية وانتقادات لاذعة توجه ضد السلطات الحاكمة وحتى ضد رجال الدين. لذلك، وعندما تنقل فضائيات الاحزاب او الفضائية الرسمية فعاليات هذه المواكب، تتجنب نقل ما تررده المواكب وتستعيض عن ذلك باذاعة الاناشيد الدينية وقرائات الرواديد، الذين اصبحوا يكسبون اكثر مما يكسب كبار الفنانين بعد ان غدا الدين وشعائره صناعة تجارية لا يستثمر فيها رجل الدين سوى الكلام.
الرمز يفترض التطور والانتقال من حالة راقية الى حالة ارقى، اذا ما كان الرمز اساس فعل احياء الاحداث، اي احياء لقيمته الثورية او الاجتماعية او السلمية. اذ ان الرمز يستند على الفكرة الاساسية التي افترضت صيرورته، وهو باقي ما بقت الفكرة، متطورا معها، في حين ينتهي الحدث وينقضي ويفضي، اذا ما اريد ابقاءه، الى حالة من التراجع والتخلف الحضاري. ومن هنا يعمد رجال الدين الاسلاميون شيعة وسنة على التركيز على الاحداث واحيائها في اذهان الناس وكانها قد حدثت ليلة البارحة، وهذا يحيل الحدث والرمز والشعائر الى سؤال كبير: اي معنى تحمل هذه الشعائر اذا ما افرغت من جوهر رمزيتها ودلالاتها وتحولت الى شحنات وهيجان عاطفي يجد لها تفريغا بجلد بمعاقبة الجسد !!
وردة حمراء هي وردة الخشخاش او الـ
Poppy
يحملها البريطانيون في الحادي عشر من نوفمبر على ياقات بدلاتهم للتذكير باولئك الجنود، الذين سقطوا قتلى في الحرب العالمية الاولى والثانية، وبعد نهاية الحرب نبتت ورود الخشخاش الجميلة على قبورهم في حقول الفلاندرز ، انها رمزية رائعة تحمل الكثير من معاني الوفاء والاعتراف بالتضحيات دون اغراق زائد في المحسوس.



#مالوم_ابو_رغيف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللغة والنعاج العرب والاخوان المسلمون.
- عراق الحكومة وعراق الشعب
- الأيمان والمؤمنون
- الدين والغريزة الجنسية
- الدين والطوائف والشعب
- فلم مثير وثلاث ملاحظات
- تزاوج ثقافة الحقد الإسلامي مع ثقافة العنف الامريكي
- تفضيل إنجاب الذكور وحقوق المرأة
- هل لك أن تنتظم في طابور الموت رجاء!
- الصهيونية وموقف البعض منها
- الشيعة ومقبرة النجف
- كوردستان من الفدرالية الى الكونفدرالية
- رجال الدين والفضائح
- المساواة في القانون والشريعة الاسلامية
- إله عربي بقلنسوة وأزلاف طويلة
- وصايا الله العشرة والاسلام السياسي
- كلمات الله الضائعة بين جبرائيل وبين محمد
- سيرة غير عطرة لنبي
- الايمو والسياسة والدين.
- اضطهاد المرأة في صدر الاسلام


المزيد.....




- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...
- ماما جابت بيبي أجمل أغاني قناة طيور الجنة اضبطها الآن على تر ...
- اسلامي: المراكز النووية في البلاد محصنة امنيا مائة بالمائة
- تمثل من قتلوا أو أسروا يوم السابع من أكتوبر.. مقاعد فارغة عل ...
- تنبأ فلكيوهم بوقت وقوعها وأحصوا ضحاياها بالملايين ولم تُحدث ...
- منظمة يهودية تطالب بإقالة قائد شرطة لندن بعد منع رئيسها من ا ...
- تحذيرات من -قرابين الفصح- العبري ودعوات لحماية المسجد الأقصى ...
- شاهد: مع حلول عيد الفصح.. اليهود المتدينون يحرقون الخبز المخ ...
- ماذا تعرف عن كتيبة -نتسيح يهودا- الموعودة بالعقوبات الأميركي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مالوم ابو رغيف - الرمز الحسيني وتناقضات الفكر الديني الشيعي