أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد حسن عبد الحافظ - نص بلا عنوان














المزيد.....

نص بلا عنوان


محمد حسن عبد الحافظ

الحوار المتمدن-العدد: 3920 - 2012 / 11 / 23 - 21:41
المحور: الادب والفن
    


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يَضُمُرُ خيال الإنسان حين يتباعد عن خيال الطفولة؛ تلك التي تبدو سحيقة في روحه، يكاد لا يلامسها إلا في أحلامه التي كانت أزلَ خياله الطفولي الخلاق، حين كان يرى الكون منظومات من الأساطير، وسلاسل من الصور والمشاهد والرموز والعلامات، حيث بوسعه أن يطير بسرعة الحلم في نفقٍ مظلمٍ صوبَ فوهةِ نورٍ أخَّاذ، وحيث يرى الشمس طائرًا مجنحًا بالنار، والقمر قاربًا بأشرعةٍ من ملائكة يسمو (كـ يُبْحِرُ) إلى لُجَّةٍ في ظلمةِ سماءٍ موحيةٍ بمجهولٍ ومخبوء، يتتبع الإنسان الضوء في قلب الظلام باحثًا عن المطلق الذي لا ينتهي. يتحرك ويرى ويشم ويلمس ويتخاطب، بإيقاعات اللون والصوت والرائحة والحركة، تلتبس الروح بالجسد، ويلتبس الجسد بالروح، وتلتبس الحقيقة على الحائر بين النفس والهيولى. السماء تزرع الأرض بهواءٍ وماءٍ ونور. والأرض تمطر السماء بخيالٍ وإبداعٍ وفلسفة. الإنسان بألف وجه، والوجه بألف أنف، والأنف تدنو لألف عين، والعين تعلو على ألف لسان، واللسان يتوسط بين ألف أذن، والروح واحدة، والوجود واحد. القباب نهود العمارة في القصور والمعابد والقبور، وهي استدارات النفس الحبيسة. والمسلات أقضبة الحضارة كالفنارات وأبراج الأجراس والمآذن، وهي صواريخُ دمار، ومجامرُ مدافع، وأنصالُ قطع، ومزقُ وصلِ السماء بالأرض. الغراب يومئ بالأنباء التي لم تحدث بعد؛ ليخلق في النفس مملكة المشاعر من الخوف إلى الحرية. الفأر ذو العيون الباعثة لألوان وأصوات وروائح وإيماءات تمزج انفجارات الحروب بوحشية الإبادة بمشاعر الكره بأنفاس العداوة بمخاوف الإنسان من جرائمه ضد الطبيعة، واعتداءاته على حكمتها، فترد الطبيعة بأسوأ مما أجرم واعتدى. الثعبان المرقط ذو القرنين المتدلى منهما جرسان ينذران بضجيج ما ينبئ عنه الفأر سلفًا؛ يدنو من الوجوه التي غالبًا ما لا يراها أصحابها إلا في أحلامهم، بينما ينسى اليَقِظُ ملامح وجهه الذي يحمله، ولا يسمع صوته الذي ينطق به، ويكاد لا يدرك كينونته الإنسانية. يقف الطاووس المرشوق ريش ذيله الطويل بعيون الأرجوس* في تعالٍ صامت - يحسبه الناظرُ خيلاء – ليوازن بين ريش ذيله الساكن، ورأسه الصغير – المكتنز بالأسرار والأسئلة - المتوَّج ببضع ريشاتٍ من نرجس. يرى الحالم رأسه محل القمر، ويرى قمره محل الرأس. ذلك الشخص الذي ينفلت من مؤخرته ذيلُ عقربٍ ملتوٍ ومسنونِ الذنب، أو ذاك الذي يستحيل وجهه وجهَ ثعلب. المخالب الرمادية تهدد، والأنياب البارزة تنهش، والغيلان تفرض سيطرتها وهيمنتها، والبراكين تعرف مكانها في عيون الأرض، والمشاعر آلهة تتشاجر، والعقل يحوي ما لا تعيه العقول. في الأحلام وحدة وجود، وأزمنة أزلية، وبيوت قديمة، وأصوات صامتة، وملامح مبهمة، وأحداث غرائبية، بلا طبائع، أو منطقية، أو مطلق، أو وثوقية، أو مقاييس، أو ثنائيات، أو حدود، أو طرائق مقننة. يعيش الطفل الحلم يقظةً، والأسطورة واقعًا، والمستقبل ماضيًا، واللاشعور شعورًا، على نحوٍ لا نظير له عند الرُّشَّد إلا في أحلامهم، وإلا الفنانون منهم الذين يغوصون أو يطيرون أو يحفرون في عوالم طفولتهم، فيخلقون من ماء الخيال كل شيء جميل. ذلكم طبعهم وفطرتهم: أطفال عباقرة يتخيلون دون أن يدركوا أنهم يتخيلون، فيصير الخيال حقيقة. بهذا الهدي، أفضت الإنسانية بقيم الحق والجميل والفيَّاض؛ فأبدعت واخترعت وتراكمت حضاراتها وأساطيرها وتنوعت وتلاقت.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



#محمد_حسن_عبد_الحافظ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إضاءات3
- سحر السخرية المصرية
- إضاءات4
- حكاية 2
- عن نصر حامد أبو زيد
- مناسك 7
- إضاءات 2
- إضاءات 1
- مناسك 6
- حكاية 1
- في الأصولية وقضايا المرأة
- في المرحلة الانتقالية
- في الأصولية والأصوليين
- في انتظار القطار
- في الاحتجاج بالجسد
- في تناسل المقدس
- رسالة إلى شباب مصر على الفيس بوك
- رسالة إلى الرئيس مرسي العياط
- مناسك 5
- مناسك 4


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد حسن عبد الحافظ - نص بلا عنوان