أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - العلاقة بين هدم الآثار والعداء للتراث الإنسانى















المزيد.....

العلاقة بين هدم الآثار والعداء للتراث الإنسانى


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 3919 - 2012 / 11 / 22 - 19:49
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تتملك الأصولية الدينية رغبة محمومة لمعاندة مسيرة البشرية نحوالتطور، والانتقال من مرحلة إلى مرحلة أرقى. وانعكس هذا على مجمل التراث الإنسانى الذى يراه الأصوليون مُخالفا لمُعتقداتهم. الكارثة بدأتْ بتشبثهم بكلمة واحدة (وثنية) ارتكبوا باسمها جرائمهم ضد تراث الأرقى حضاريًا. وارتكبتْ الثقافة السائدة جريمة السكوت بعدم شرح كلمة (وثنية) فهى فى العلوم الإنسانية (حُكم قيمى) غيرعلمى لأنّ الاعتماد عليها كمرجعية للحكم على المُختلف، يعنى أنّ (المُختلف) له حق استخدام هذا الحكم القيمى غيرالعلمى. هكذا فعل المسيحيون بهدمهم بعض الآثارالمصرية وحوّلوا بعض المعابد إلى كنائس، وعلى ذات المرجعية هدم العرب بعض الآثارالمصرية وحوّلوا بعض الكنائس إلى مساجد. ولعلّ مسجد (أبوالحجاج) بالأقصرأنْ يكون المثال الأشهرعلى متوالية استباحة الآثار، إذْ أنّ الأصل معبد تـُقام عليه كنيسة ثم مسجد.
ومن يهدم تمثالا لايتورّع عن قتل صانعه أو محوكتاباته مثلما حدث مع الكتابات اللحيانية حيث تم تحطيم الأثر وكسرالوجه المنقوشة عليه الكتابة ، لينتفعوا بها فى بناء البيوت. وكانت النتيجة كما ذكرالمفكرالكبيرجواد على ((فأفسدوا بعملهم هذا جزءًا لايُستهان به من الكتابات ، فتعذرعلى الباحثين جمعها وضم أجزائها بعضها إلى بعض لقرائها. وحطموا بجهلهم وغباوتهم تراثا قوميًا لايُقدّربثمن. وضيّقوا علينا بإتلاف تلك الكتابات محيط معارفنا)) (تاريخ العرب قبل الإسلام – ج3ص426) وتاريخ الاعتداء على الآثارالبشرية يأخذ شكلا آخرهوالخصومة السياسية مثلما حدث فى عهد عبدالملك بن مروان الذى أرسل الحجاج لمحاربة عبدالله بن الزبير. ولكى تنجح خطته لجأ إلى حصاره بجيشه فى الكعبة. فكان أنْ ضرب المسلمون كعبة المسلمين بالمنجنيق ، وكانت هذه هى المرة الثانية ، إذْ أنّ ابن الزبيرأعاد ترميمها بعد حرقها فى مرة سابقة. أويأخذ العداء للأثرشكل الشطط و(الطفولة الثورية) كما فعل القرامطة الذين قطعوا الطريق بين مكة والشرق. وخرّبوا الشام ثم ((اقتحموا برياسة أبى طاهرالقرمطى مكة ونهبوا أموال الحُجّاج وقتلوهم حتى فى المسجد الحرم وقلعوا باب البيت وخلعوا الحجرالأسود واقتسموا كسوة الكعبة بينهم ونهبوا دورأهل مكة. وشارك بعض أهل مكة المُغيرين فى نهب البلد الحرام. وعلق المستشارمحمد سعيد العشماوى على هذه (الثورية) الكاذبة أنّ أعمال القرامطة الظاهرة ((على قسوتها وفظاعتها لاتـُماثل دعواهم بإنتهاء الشريعة الإسلامية وإنتهاء الدعوة المحمدية وحلول نبى آخرمنهم ودعوة جديدة بدلامنها)) (الخلافة الإسلامية- ص 132، 170) وذكرابن خلدون ((أصاب البيت الحرام سيل ويقال حريق وتهدّم وأعادوا بناءه. وبقى البيت على هذا إلى أنْ تحصّن ابن الزبيربمكة حين دعا لنفسه. وزحفتْ إليه جيوش يزيد بن معاوية.. ورُمى البيت فأصابه حريق يُقال من النفط الذى رموا به على ابن الزبير)) وذكرأيضًا أنّ الخليفة الرشيد حاول هدم إيوان كسرى . وبالفعل جمع الأيدى العاملة لهدمه ((واتخذ له الفؤوس وحمّاه بالنار. وصبّ عليه الخل حتى إذا أدركه العجزبعد ذلك كله وخاف الفضيحة ، بعث إلى يحيى يستشيره فى التجافى عن الهدم فقال ياأميرالمؤمنين لاتفعل واستمرعلى ذلك لئلا يُقال عجزأميرالمؤمنين وملك العرب عن هدم مصنع من مصانع العجم إلخ)) ودخل الخليفة المأمون سباق هدم التراث الإنسانى ولكنه فشل وفقا لرواية ابن خلدون الذى كتب ((اتفق للمأمون فى هدم الأهرام التى بمصر وجمع الفعلة لهدمها فلم يحل بطائل وشرعوا فى نقبه.. وهناك كان منتهى هدمهم)) وإلى كل عقل حر أهدى إليه كلمات ابن خلدون الثاقبة فى مواجهة الأصوليين المرضى بداء الهدم ((إنّا نجد آثارًا كثيرة من المبانى العظيمة تعجزالدول عن هدمها وتخريبها مع إنّ الهدم أيسرمن البناء بكثيرلأنّ الهدم رجوع إلى الأصل الذى هوالعدم والبناء على خلاف الأصل فإذا وجدنا بناءً تضعف قوتنا البشرية عن هدمه)) لذا لم يكن مُغاليًا عندما كتب ((اختص العلم بالأمصارالموفورة الحضارة . ولا أوفر اليوم فى الحضارة من مصر، فهى أم العالم وإيوان الإسلام وينبوع العلم والصنائع)) (المقدمة- ط 1930- أكثرمن صفحة)
تـُخطىء الثقافة السائدة وهى تـُروّج لمقولة أنّ الدعوة لهدم الأهرام و(أبوالهول) جاءتْ بعد كارثة (ثورة) ينايرإذْ سبقتها عدة محاولات منها ماحدث عندما تم إلقاء عبوات حارقة على معبد الكرنك بالأقصر(مجلة المصور10/7/92- نموذجًا) وتـُخطىء أيضًا عندما تتجاهل جيل ما قبل يوليو52 الذين دافعوا عن حضارة جدودنا بما فيهم المُدافعين عن الإسلام أمثال مصطفى صادق الرافعى الذى كتب عن تمثال (أبوالهول) أنه تمثال السلام بين الشعوب وخاطبه قائلا ((يا أبا الهول أنت جواب عن ذلك اللغزالقديم الذى هوكلام لايتكلم وسكوت لايسكت. وأنتِ يامصرتقولين للمصرى إنّ أجدادك يسألونك من آلاف السنين هذا الرمز: ألامعجزة من القوة تمط عضلات الحجر؟ ألا بسطة من العلم تجعلك أيها المصرى وكأنك رأس لجسم الطبيعة؟ ألا فن جديد ترفع به أبا الهول فى الجو فتزيده على قوة الوحش وذكاء الإنسان خفة الطير)) (المقتطف يوليو28) وتـُخطىء إذْ تتجاهل الشاعرأحمد شوقى الذى كتب قصيدة بعنوان (أبوالهول) جاء فى بعض أبياتها ((أبا الهول لولم تكن آية/ لكان وفاؤك إحدى العبر/ ومهد العلوم الخطيرالجلال/ وعهد الفنون الجليل الخطر)) وبعد عدة أبيات كتب : انشق صدرأبى الهول عن فتى وفتاة مثلا أمامه وأنشدا هذا النشيد ((اليوم نسود بوادينا / ونعيد محاسن ماضينا / ويشيد العزبأيدينا / وطن نفديه ويفدينا)) وإذا كان الأصوليون يُهاجمون جدودنا /جدودهم الملوك (الفراعنة وفق التعبيرالعبرى) فإنّ أحمد شوقى كتب ((أجفل الجنُ عن عزائم فرعون/ ودانتْ لبأسها الآناء/ شاد مالم يشد زمان/ ولا أنشأ عصر ولابنى بناء/ مَنْ كرمسيس من الملوك حديثا / ولرمسيسٍ الملوك فداء/ بايعته القلوب فى صلب سيتى/ يوم أنْ شاقها إليه الرجاء/ سجدتْ مصرفى الزمان لإيزيس/ الندى من لها اليد البيضاء/ فإذا قيل ما مفاخرمصر/ قيل منها إيزيسها الغرّاء)) وكتب عن توت- عنخ- آمون ((ياابن الثواقب من (رع)/ وابن الزواهرمن آمون/ نسبٌ عريقٌ فى الضحى/ بذ القبائل والبطون/ حبُ الخلود بنى لكم/ خُلقا به تتفردون/ لم يأخذ المُتقدّمون/ به ولا المُتأخرون/ البعث غاية زائلٍ/ فانٍ وأنتم خالدون))
وهل الدعوة لهدم الآثارستقتصرعلى الأهرام أم ستتلوها محاولات لهدم معظم التراث الحديث مثلما حدث من تحطيم تمثالىْ أم كلثوم وعبدالناصر؟ وماهوالعمل لوامتدتْ يد التخريب لهدم تمثال نهضة مصرلفنان مصرالعظيم مختارمع مجمل أعماله عن الفلاحات المصريات؟ شوقى المُتهم بالرجعية من خصومه كتب قصيدة بعنوان (تمثال نهضة مصر) تخيّل فيها يوم الافتتاح : (ويوم ظليل الضحى من بشنس/ أفاء على مصرآمالها / وأقبل رمسيسُ جم الجلال/ سنى المواكب مختالها / وأومأ إلى ظلمات القرون فشقّ عن الفن أسدالها / وما الفن إلاّ الصريح الجميل/ إذا خالط النفسَ أوحى لها / وماهوإلاّجمال العقول/ إذا هى أولته إجمالها / لقد بعث الله عهد الفنون/ وأخرجتْ الأرض مثـّالها / تعالوا نرى كيف سوى الصفاة / فتاة تـُلمْلِمُ سربالها / قالت: تحرّك فهمّ الجمادُ / كأنّ الجمادَ وعى قالها))
فى هذا المناخ السابق على يوليو52لم يجرؤعتاة الأصوليين بما فيهم جمال الدين الإيرانى الشهيربالأفغانى على دعوة هدم الآثار. وأرى أنّ الإعلام أخطأ والثقافة السائدة أخطأتْ بالسكوت على دعوة الشيخ الذى جلس فى التليفزيون واعترف بتدميره لتمثال بوذا العظيم، فلماذا لم تتحرّك منظمات المجتمع المدنى المصرية للمطالبة بالقبض عليه لمحاكمته تضامنا مع هيئة اليونسكو؟ هذا الشيخ وأشياعه من الشيوخ الدكاترة لماذا يُترك لهم المناخ لنشرأفكارهم الهدامة؟ لماذا لم يتحرّك مكتب النائب العام من تلقاء نفسه لتقديمه للمحاكمة؟ أليس هدف هدم الآثارمقدمة لاقتلاع جذورنا؟ وهل اقتلاع الجذورلايُشكل جريمة فى حق الوطن؟ وهل اقتلاع الجذورسيقتصرعلى هدم الآثارالتى أبدعها جدودنا المصريون القدماء فقط ، أم أنّ يد التخريب ستمتد لهدم الأضرحة كما حدث بعد كارثة (ثورة) ينايرالتى سطا عليها الأصوليون؟ وكيف نتغافل عن عدائهم لأهل البيت أمثال السيدة زينب والحسين؟ هل ننتظرحتى نسمع خبرهدم مساجدهم ومسجد السيد البدوى وضريح سيدى عبدالرحيم القناوى وأبى الحجاج وإبراهيم الدسوقى إلخ؟ وإلى متى الصمت على أصحاب العقول المريضة بداء الهدم وليس البناء كما ذكرابن خلدون؟ ولماذا لانرى فى الميديا أبناء تيار القومية المصرية المُدافعين عن التراث الإنسانى وعن علمنة مؤسسات الدولة؟ ولعلّ القارىء قد لاحظ أننى لم أتكلم عن الدخل القومى من السياحة ، فتلك بديهية تدعوللخجل مقارنة بدول أخرى لاتمتلك تراث مصرالحضارى. وأختتم بقصيدة (معبد فيله) للشاعرأحمد شوقى الذى صدق فى قوله الحكيم ((أيها المُنْتحى بأسوان دارًا/ كالثريا تريد أنْ تنقضّا/ اخلع النعل واخفض الطرف واخشع/ لاتحاول من آية الدهر غضّا / شاب من حولها الزمانُ وشابتْ / وشبابُ الفنون مازال غضّا / رُبّ نقش كأنما نفض الصانع/ منه اليديْن بالأمس نفضا))



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أجنحة الصفاء - قصة قصيرة
- أخيرًا : الإسلام على وشك دخول مصر
- رادوبى (سندريلا المصرية) قصة قصيرة
- شاى الأصدقاء : قصة قصيرة
- يوتوبيا سيادة المسلمين على العالم
- مساحات الظل
- مدينة طفولتى - قصة قصيرة
- تلك اللوحة
- حالة تلبس : قصة قصيرة
- محمود سلام زناتى : من سمع بهذا الاسم ؟
- لماذا فقد حورس عينه : المعرفة قبل العاطفة
- مصر فى عيون العالم (موسوعة للأطفال)
- موسوعة الفن المصرى وفن الكتابة للأطفال
- موسوعة تاريخ الأفكار للشباب
- أمنيات الزمن الضائع للأديبة هدى توفيق
- الموالد المصرية وأبعاد الشخصية القومية
- مظاهر الليبرالية المصرية قبل يوليو1952
- ربوة منصر القفاش - قراءة فى مجموعته نسيج الأسماء
- الشخصية المصرية وتعاملها مع القهر فى مجموعة (الحنان الصيفى)
- الأسطورة والواقع فى أطفال بلا دموع


المزيد.....




- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - العلاقة بين هدم الآثار والعداء للتراث الإنسانى