أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - الياس المدني - تغطية الشمس بغربال















المزيد.....

تغطية الشمس بغربال


الياس المدني

الحوار المتمدن-العدد: 1134 - 2005 / 3 / 11 - 10:13
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


طيبعي ان نختلف مع الاخرين في تقييم بعض المسائل، , ولكن هل في تلك الاحداث التاريخية التي مضى عليها حقبة من الزمن واوضحت الوثائق الرسمية كل حيثيات القضية؟
طبيعي ايضا ان ينظر كل منا الى الامور من منظوره الخاص ويفسر رؤيته لها انطلاقا من مفهومه الخاص وقناعته الذاتية وموقعه في المجتمع. ولكن هل يمكن ان نغطي الشمس بغربال؟؟
على ما يبدو هذا ما ارادته الملكة نور الحسين ارملة الملك الاردني الراحل من خلال مذكراتها التي نشرت باللغة الانجليزية تحت عنوان (Queen Noor.
Leap of Faith.: Memoirs of an Unexpected Life. London: Weidenfeld & Nicolson. 2003) "وثبة إيمان – مذكرات الملكة نور الحسين".
بغض النظر عن الفصول الاولى التي تطرقت فيها الى نشأتها واصلها ما يهم القارئ العربي هي الفترة التي اصبحت فيها جزء من العالم العربي والمجتمع الاردني بزواجها الميمون من الملك حسين بن طلال.
عبر صفحات الكتاب الطويلة تحاول ليز الحلبي التأكيد على مبدأ اساسي في شخصية الملك حسين الا وهي سعيه الدائم الى اقامة السلام العادل بين شعوب منطقة الشرق الاوسط وحرصه الاساسي على تحقيق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
وتذكر الكاتبة عدة مرات في كتابها عن اللقاءات السرية التي كانت تجمع الملك حسين بالقادة الاسرائيليين في محاول منه لحثهم على قبول حل عادل لهذه المسألة وبالتالي تحقيق الاماني الوطنية للشعب الفلسطيني.
ويستنتج القارئ من الكتاب ان الملك حسين كرس كل حياته الحافلة بالاحداث من اجل هدف واحد الا وهو استعادة الاراضي الفلسطينية والعربية المحتلة من قبل اسرائيل.
غير ان الملكة على ما يبدو من خلال فهمها الخاص للاحداث التي تقدم الملك على انه ملاك اتى في عصر غير مناسب نسيت او تناست اهم القضايا التي كانت مصدر الخلاف بين الحكومة الاردنية ومنظمة التحرير الفلسطينية ومفهوم الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني.
يبدأ تحوير التاريخ عند الملكة نور منذ حرب 1948 حين نقرأ ان الجيوش العربية لم تقاتل - طبعا باستثناء قوات اللواء الاردني، الذي قاتل بكل بسالة وشجاعة – ويبدو ان الملكة نسيت التضحيات الكبيرة التي قدمتها الجيوش العربية الاخرى، رغم خيانة القيادة السياسية، ونسيت تضحيات الشعب الفلسطيني. ولا اريد هنا ان اعود الى الوثائق السياسية التي اثبتت الخيانة الكبرى للقيادة السياسية العربية في حرب 1948 بل يكفي ان اقول ان الذاكرة الجماعية للشعب الفلسطيني سجلت الكثير من الخيانات للقادة العسكريين على الارض، مما سهل تنظيم المجاور الجماعية التي ادت بدورها الى هروب العديد من ابناء القرى والمدن الفلسطينية الى الدول العربية المجاورة.
ونجد الكذبة نفسها عند الحديث عن حرب حزيران، حيث قام جمال عبد الناصر والقيادة العسكرية المصرية والسورية بجر الاردن الى معركة كان محكوم عليها منذ البداية بالفشل. وقد كان الملك ايضا مدركا لهذه المسألة ولكن لم يكن له اي مخرج الا مناصرة اخوته العرب، مما يوصلنا الى قناعة بان ايمانه القومي والعربي كان اقوى من مصالحه السياسية ومصالح الاردن في الضفة. وبالتالي تعيد الملكة الميمونة من جديد صياغة الكذبة الاسرائيلية الكبرى بان حرب حزيران كانت حرب دفاعية وليست حرب هجومية مخطط لها منذ سنوات.
ولعل اكثر ما يثير حنقي اثناء قرائتي للكتاب هي المحاولات المتعددة من قبل الملكة نور لاثبات ان هاجس الملك حسين الازلي وكل ما قام به في حياته كان مكرسا لاستعادة الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني. وان هذا الانسان الرقيق، الانسان الشاعري، الانسان الرومانسي الانسان النبيل لم يكن لديه ايه اهداف خاصة ولا مصالح للحكومة الاردنية في الضفة الغربية، بل ان الشعب الفلسطيني اللئيم لم يعط الفرصة له لتحقيق هذه الاهداف، بل عمد عرفات والقيادة الفلسطينية طوال الوقت على وضع العصي في دولاب المفاوضات والمساعي الحميدة لحل المسألة الفلسطينية.
ولكن على ما يبدو ان احدا من مستشاري الملكة لم يذكرها بالاهداف الوطنية للشعب الفلسطيني التي تعارضت بشكل شبه كامل مع السياسة والمصالح الاردنية حتى قناعة الاردن بذلك وفك الاتباط بين الضفة والمملكة الاردنية الهاشمية. (سأخصص لهذا الموضوع مقالا اخرا).
كل من عاش مدركا للاحداث السياسية منذ سنوات السبعينات يعرف تماما ان الملك حسين كان واحدا من اهم الزعماء العرب ويعرف تماما انه كان ثعلبا سياسيا ورجل دولة متمرسا تماما في اصول السياسة، لا يمكن تخطيه بسهولة في المعادلة السياسية الشرق اوسطية.
غير ان الملك حسين كما نراه من خلال مذكرات الملكة نور كان سياسيا يمكن الضحك عليه بسهولة ويمكن خداعه بكلمات طيبة وهو ما قامت الادارات الامريكية المتعاقبة باستغلاله حيث كانت تعده بشيء وتقوم بشيء اخر. ولكنه بسبب طيبة قلبه وحسن نيته كان يعود لتصديق الادارة الامريكية مرة اخرى وهكذا حتى وفاته. فهل نصدق نحن الذين عايشنا الاحداث منذ سنوات السبعينات بذلك؟ ناهيك عن السياسةوعن الحنكة التي كان يتمتع بها الملك الراحل، هل يمكن لاي منا ان يثق بشخص او هيئة خدعته مرات ومرات؟ هل يمكن لاحد ان يثق من جديد بمن خذله؟ لهذا لا استطيع ان ادرك ما كانت تصبو اليه الملكة نور من خلال تقديمها لشخصية الملك الراحل بهذا الشكل الا تبرير تحالفاته الغير مبررة من الناحية الوطنية مع الولايات المتحدة.
المغالطات التاريخية الواردة في مذكرات الملكة كثير جدا وليس من مجال لذكرها كلها في هذه العجالة. ولا بد من العودة اليها في وقت اخر للتساؤل عن الاهداف التي ترمي اليها الكاتبة خاصة وان المذكرات صدرت باللغة الانجليزية وتمت ترجمتها الى العديد من اللغات الغربية وهي موجه اصلا الى القارئ الغربي، لتصور المجتمع العربي المتخلف الذي دخلته لتجعل مجتمعا متحضرا.
بعد قراءة الكتاب توصلت الى قناعة بان الملكة نور رغم سنوات اقامتها الطويلة في الاردن الا انها لازالت تنظر الى موضوع الشرق الاوسط نظرة الامريكية المتعاطفة مع القضايا العربية وليس نظرة الانسانة التي تعيش هم الناس والمجتمع في هذه المنطقة. تنظر الى الاحداث في المنطقة من برجها العاجي الذي لم تحاول مغادرته لتعايش يومياتها وتفاصيلها. واذا كان للملكة الحق بالنظر الى الامور من وجهة نظرها الخاصة فليس بارادتها تغطية الشمس بغربال.
عادة ما يبحث الانسان في مذكرات الشخصيات التي وجدت قرب صنع القرار السياسي عن حيثيات وتفاصيل توضح له بعض القضايا التي قد لا تزال عالقة، او ان تشرح اسباب حدث ما، ولكن من كان يبحث عن ذلك في كتاب "وثبة ايمان" فقد يصاب بالفشل، لان الكتاب لا يحمل في تفاصيله الا نشيد تمجيد لشخصية الملك والاعمال الاسطورية التي قدمتها الملكة الطيبة لرفع مستوى الوعي الاجتماعي في الاردن.



#الياس_المدني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عرس الديمقراطية الفلسطينية
- الخليفة العباسي المعتذر لخلق الله
- الخليفة محمود العباسي والالتزامات الاسرامريكية
- الرئيس محمود عباس؟؟
- السيدة الاولى ام سهى عرفات
- آن للفارس ان يترجل
- البعث الديمقراطي: متى يحمل الشيوعيون السوريون الشماسي؟
- نـــــداء من الفالوجة
- تمنع القوافي - الى سعدي يوسف
- العراق منكم براء والاديان منكم براء وحضارتكم منكم براء
- نص مداخلةبعنوان الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني
- البيروسترويكا السورية
- حرية الاعلام السوري بلا حرية التعبير
- الفصل الثاني من الحلقة الثانية من كتاب: الحرب على العراق: ال ...
- الفرق اللغوي بين سعدي يوسف والمدعو جورج المصري
- صحافة حزبية ام جماهيرية - وقفة نقدية لصحافة المعارضة العربية
- المقاومة العراقية: ارهاب ام مقاومة شرعية؟
- حوار حول مسؤولية المعارضة عن الوطن والمواطن - النظر الى المس ...
- الحلقة الثانية من كتاب -الحرب على العراق: الاسباب الحقيقية ل ...
- قائمة الممنوعات - الى الحوار المتمدن بمناسبة حجبه في السعودي ...


المزيد.....




- رئيسة جامعة كولومبيا توجه -رسالة- إلى الطلاب المعتصمين
- أردوغان يشعل جدلا بتدوينة عن بغداد وما وصفها به خلال زيارته ...
- البرازيل تعلن مقتل أو فقدان 4 من مواطنيها المرتزقة في أوكران ...
- مباشر: 200 يوم على حرب بلا هوادة بين إسرائيل وحماس في غزة
- مجلس الشيوخ الأمريكي يقر بأغلبية ساحقة مشروع قانون مساعدات ل ...
- محكمة بريطانية تنظر في طعن يتعلق بتصدير الأسلحة لإسرائيل
- بعد 200 يوم.. تساؤلات حول قدرة إسرائيل على إخراج حماس من غزة ...
- -الشيوخ- الأمريكي يوافق على حزمة مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل ...
- مصرية الأصل وأصغر نائبة لرئيس البنك الدولي.. من هي نعمت شفيق ...
- الأسد لا يفقد الأمل في التقارب مع الغرب


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - الياس المدني - تغطية الشمس بغربال