نقابة المعلمين الأردنية والخسارة الكبرى

جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3917 - 2012 / 11 / 20 - 10:10
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    

دولة رئيس الحكومة الأردنية عبد الله النسور رفع الدعم عن المحروقات وأدى إلى ارتفاع الأسعار بنسبة5% على كل المواد التموينية- ما عدى طبق بيض الدجاج الذي سيرتفع إلى الضعف في فصل الشتاء ذلك أن المزارعين يدفئون مزارع الدجاج على الغاز-وبقيتُ أنا في البيت وأولادي في المدرسة ومن الممكن تعويض الخسارة المالية مع طبق بيض الدجاج ولكن نقيب المعلمين ألحق بي الأذى الأكبر من خلال قرار النقابة باعتصام المعلمين وأدى ذلك لأن اصحو من الصباح الباكر لأجد ولدي(علي) على الرصيف مثله مثل الأطفال المشردين,وأظن بأن نقابة المعلمين ألحقت بي وبك وبكل الناس ضررا أكبر بكثير من ضرر رفع الدعم عن المحروقات, وها أنا أصحُ كل يوم لأمشط الشوارع بحثا عن ابني الوحيد في الحارات وفي الأزقة وفي الشوارع وأكاد اليوم أن أقول عن ابني بأنه أصبح ابن شوارع.

وعندي اقتراح آخر للضغط على الحكومة لكي نعالج الخطأ بالصواب وليس بأن نعالج الخطأ الفادح بخطأ فادح أكبر منه, عندي اقتراح وهو اعتصام عمال البلدية بتعليق العمل لتبقى حاويات النفايات في الشوارع دون تحميلها بالكابسات الجرارة التي تنقل النفايات إلى المكبات البعيدة وبهذا القرار لا نتضرر إلا لأيام معدودة ومن الممكن أن نجد حلال لهذه المشكلة ولكن المشكلة التي ليس لها حل هي أن أجد ابني كل يوم على الرصيف دون أن يذهب إلى المدرسة إنني من هنا أناشد نقيب المعلمين الأردنيين أن يجد وسيلة أخرى للتعبير عن احتجاجه على قرار رفع الدعم عن المحروقات فما هو الذنب الذي اقترفه ولدي وبناتي الثلاث لكي يطردوا من المدارس الحكومية وتضييع مستقبلهم التعليمي بأكمله؟ إن نقيب المعلمين جاء لنا بعذر أقبح من ذنب ذلك أنني تضررت بقرار اعتصام المعلمين أكثر من ضرر قرار رفع الدعم عن المحروقات,فمن الممكن أن أعوض خسارتي المالية في المستقبل القريب ولكن لا يمكن أن أعوض خسارتي جراء قرار اعتصام المعلمين الخاص بتعليق الدراسة إلى إشعار آخر, فلو مثلا اعتصمت دوائر حكومية أخرى لكانت خسارتي أقل بكثير من خسارة تعليق الدراسة, فمنذ الصباح تذهب بناتي إلى المدرسة ويذهب ولدي إلى الدراسة ومن ثم تعود البنات ويعود ولدي من المدرسة خلال ساعة واحدة ليرمي حقيبته المدرسية هو وأخواته ليخرجوا إلى الشارع العام وأنا طوال النهار أذهب هنا وهناك لأفتش عنه وعن أخواته, وعمى قريب سأخسر بناتي وولدي وتعليمه لأنه أصبح معتادا على قرار النقابة بتعليق الدراسة وهذا طفل يبلغ من العمر 11 سنة ولا يعرف مصلحته وخصوصا أنه سعيد جدا بهذا القرار لأنه على حسب قوله سعيد جدا بهذا القرار ويتمنى أن يستمر إلى آخر السنة وفي نفس الوقت أنا من داخلي أكاد أن احترق كليا ولا أدري ماذا سأفعل فأحيانا تراودني نفسي باقتحام المدرسة لإجبار المعلمين على تدريس الأولاد ودخول الصف لإعطاء الدروس والحصص المدرسية اليومية وأكاد أيضا أن أدخل أنا المدرسة لأعطي ولدي كل الدروس بدل المعلمين ذلك أنني تضررتُ جدا من سياسة نقابة المعلمين وإن لم تلتزم النقابة بفك الاعتصام والإضراب عن العمل فإننا حتما سنجد كل أبنائنا على الأرصفة متشردون هنا وهناك يبيعون العلكة ويمارسون الشذوذ ويدخنون السجائر الطويلة والقصيرة والمفلترة وليس من المستبعد أن يتجهوا إلى التجارة بالدخان وبالحشيشة لتمضية الوقت, واليوم مثل كل الأيام الماضية سيعود ولدي من المدرسة قائلا: روحونا من المدرسة,وسيرمي بحقيبته وهو سعيد بهذا القرار بينما أنا هو المتضرر الوحيد وسيدرك ولدي هذه النتائج بعد عدة سنين حين يجد نفسه بدون تعليم وبدون شهادة علمية, فنحن الفقراء لا نملك أرصدة في البنوك وليس لدينا مصانع ورأس مالنا هو الشهادة العلمية فإن خسرنا التعليم فإننا سنخسر الشهادة العلمية وبذلك سيصبح أولادي وأولاد كل الناس بدون رأس مال.

لنفكر بالموضوع بجدية أكثر, أيهما ألحق بنا الضرر أكبر رئيس الحكومة عبد الله النسور أم نقيب المعلمين؟ إنه حتما نقيب المعلمين ذلك أنه أقلقنا وشتتنا هنا وهناك وشرد أولادنا ولم يعد أحد يحب الذهاب إلى المدرسة وقد يعتاد الأولاد على الإضراب وتعطيل الحصص الدراسية ومن الممكن بين ليلة وضحاها أن يصبح هذا الوضع المؤقت دائما على طول عندها من سينفعني؟ ومن الذي سيعوض خسارتي؟ إننا جميعا نعلم بأن النقود(المصاري) تذهب من جيوبنا وتعود إليها,فهنالك أيام لا نجد فيها النقود وهنالك أيام تتوافر فيها النقود والخسارة المالية من الممكن تعويضها ولكن هل من الممكن تعويض تعليق الدراسة؟ يقول نقيب المعلمين: بأننا سنعوض أيام الدراسة من خلال مباشرة الدوام في أيام العطل الرسمية في نهاية كل أسبوع, وهذا صحيح من ناحية ميكانيكية, ولكن الذي لم يفهمه نقيب المعلمين هو اعتياد طلاب المدارس على التغيب عن العمل وضياع مستقبل الأولاد الذين أصبحوا فعلا في الشوارع مثلهم مثل المشردين.

لماذا لا يجد المعارضون وزارة أخرى لتعليق العمل فيها بدل وزارة التربية والتعليم؟ وسؤال آخر: لماذا لا تعمل نقابة المعلمين الأردنية على تطوير المناهج المدرسية وتطوير وسائل التعليم مثل التغلب على صعوبات التعليم لتبقى النقابة محافظة على مهنيتها؟.

#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات