أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فرانسوا باسيلي - لمن ستكون مصر؟















المزيد.....

لمن ستكون مصر؟


فرانسوا باسيلي

الحوار المتمدن-العدد: 3917 - 2012 / 11 / 20 - 01:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في مصر اليوم صراع بين أصحاب الثورة الشرعيين وتجار الدين، ولا يجدي أن نحاول تجميل هذا الصراع أو تسميته بأي إسم آخر

أصحاب الثورة الشرعيين خرجوا في 25 يناير يطالبون بعيش، حرية، عدالة إجتماعية وكرامة إنسانية وهو ما رفعوه من شعارات، لم يكن من بينها تطبيق الشريعة

وتجار الدين يؤمنون بالتجارة، و باستخدام الدين لتحقيق مكاسب ومناصب سياسية، ويرددون شعارات يعرفون أن من الصعب علي الكثيرين حتي مناقشتها، مثل "تطبيق شرع الله" ويحلمون بعودة الخلافة التي يكونون هم الخلفاء فيها

هو صراع بين رؤيتين متناقضتين لمصر وللانسان وللحياة

أصحاب الثورة ظهروا في 25 يناير واستمروا في الميدان حتي أزاحوا الرئيس الذي كان قد فقد الحياة والحياء منذ سنوات طوال هبطت مصر فيها للحضيض، أسقط الثوار الطاغية ثم انسحبوا تاركين المشهد وقد ظنوا أنهم قد حققوا أهدافهم وليس علينا أن نلومهم فدورهم هو الثورة علي ما هو قائم وليس بالضرورة الحكم وإدارة شؤون البلاد
لم تكن هناك قوي منظمة لكي تحكم سوي التيار الديني الذي إستخدم المساجد كمراكز تجمع وحشد ودعاية طبيعية موجودة تحت أمره يأتيها الناس بلا دعوة في مواعيد معروفة فلم يكن علي الدعاة والمشايخ سوى قيادة هذه الجموع نحو صناديق الانتخاب فيما أسموه بغزوة الصناديق وتحت شعارات دينية واضحة، افادتهم الفرصة التاريخية فلم يكن أمام عامة المصريين غيرهم رأي فيهم الناس المقابل الطبيعي للحكم السابق الفاسد بما كان يظنه الناس فيهم من تقوي وزهد ونزاهة وحكمة ينسبونها عادة إلي رجال الدين تحت ثقل التراث الديني الهائل الفاعل دائما في الشخصية المصرية منذ الفراعنة
ولا يصح هنا أن نغفل أو ننسي أن القيادات الدينية الكبري في مصر - من الأزهر إلي القيادات الكنسية إلي قيادات جماعة الاخوان والسلفييين - قد أعلنت كلها عدم مشاركتها في 25 يناير، بل قام بعضها، وهم السلفيون، بتحريم التظاهر ضد الحاكم! أي أن القيادات الدينية كلها في مصر لا علاقة لها بالثورة. هذه القيادات إذن، وكلها قد أعلنت التحاقها بالثورة بعد أن إتضح مدي قوتها وتجلت بوضوح إمكانية نجاحها، لا يصح أن تجني اية ثمار من الثورة أو تدعي أنها جزء منها، حديث هؤلاء عن الثورة ومصر الجديدة إذن واستخدامهم للدين في تأسيس احزاب لهم كان المفروض قانونا أن تكون ممنوعة هي كلها متاجرة لا لبس فيها بالدين في الشؤون السياسية. كانت نتيجة المتاجرة بالدين في مجتمع هو أول من وضع رؤية كونية دينية للحياة في الأرض والحياة بعد الموت في التاريخ البشري، وفي مجتمع تبلغ فيه الامية التعليمية 40% والامية الثقافية 90%, أن نجح التيار الديني في إكتساح مجلس الشعب ثم في الوصول إلي حكم مصر بسبب سقوط القوي الوطنية الثورية في خطيئة تأييد هذا التيار في إنتخابات الرئاسة


نحن في صراع بين أصحاب الثورة الشرعيين وتجار الدين، ولا يجدي أن نسمي هذا الصراع أي إسم آخر
ألم نر كيف قام أحدهم يؤذن للصلاة في وسط جلسة لمجلس الشعب حتي قاطعه رئيس المجلس قائلا لا تزايد علينا فكلنا مسلمون مثلك
أليست المتاجرة بالعاطفة الدينية هنا واضحة جلية؟
المتاجرون بالعاطفة الدينية يستخدمونها لتحويل حب الناس لدينهم وخوفهم من ربهم إلي طاعة لهم هم وتأييد لقيادتهم السياسية وهم لا يملكون من مؤهلاتها شيئا
لهذا قامت الدول الديمقراطية بفصل الدين عن السياسة مما حقق لها التقدم المدني المذهل الذي نراه في الغرب، إذ أزاحوا تجار الدين من الساحة لكي يتنافس فيها رجال ونساء السياسة برؤاهم ومشاريعهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية المختلفة فيختار المواطنون منها الأفضل بدون الخلط والتخليط بين السياسة والدين

نحن في صراع بين أصحاب الثورة الشرعيين وتجار الدين، وقد ظهروا منذ أن بدؤوا في ممارسة السياسية في كامل فقرهم الفكري والمعرفي وتهافت قدراتهم والتناقض الفاضح بين كلامهم المرصع دائما بالآيات وبين تصرفاتهم وسلوكهم الذي كان مشينا في الكثير من الأحيان، وظهروا فيما قدموا من سياسات وطرحوا من طروحات ومواقف علنية أو سرية افتضحت بعد ذلك أنهم لا يختلفون في شيء عن النظام الساقط سوي في أنهم ملتحون، ولم يقدم لنا هؤلاء سوى جرعات من الوعظ والارشاد، فهم يحكمون بالخطب وليس بالخطط، في رؤية قادمة إلينا من غياهب التاريخ ولذلك فلن تزيد سوى من تخلف مصر وتردي أحوالها أكثر مما هي فيه إن كان هذا مازال ممكنا

من اللافت أن الإهتمام الأكبر للاخوان والسلفيين ينصب علي المرأة، فلديهم ما يقترب من الهوس بهذا الأمر، وقد خرجت علينا قيادات منهم تقول وما المانع لو تتزوج البنت في سن التاسعة أو العاشرة؟ وقال آخر أنه لا يستطيع منع زواج البنت في أي سن مادام قد بلغت جسديا لأنه لا يستطيع أن يحرم ما حلله الله، رغم أن فقهاء من الأزهر أعلنوا أن هذا فهم خاطيء للاسلام، وقبل هذا حاول نفس التيار إباحة ختان الاناث وتسهيله في مصر، ثم يخرج أحدهم في برنامج آخر يقول أن الشريعة ليست مطبقة في مصر بدليل أن المرأة في مصر تسافر بدون محرم، فهم يريدون منع المرأة من السفر دون محرم - كما يحدث في السعودية- أي سلب المرأة المصرية من حقوقها التي اكتسبتها عبر نضال أكثر من قرن من الزمان. واللافت أيضا أن حوادث ضبط رجال من هذا التيار في فضائح أخلاقية وجنسية بالذات في أشهر قليلة - وهم المتحدثون في الدين طول الوقت حتي في النقاشات السياسية - كانت أكثر نسبيا من أي عصر آخر في تاريخ مصر الحديث.

نحن في صراع بين أصحاب الثورة الشرعيين وتجار الدين، فلمن ستكون مصر؟

هذا يعتمد علي موقفنا نحن الذين في موقع المنادين بالدولة المدنية والرؤية المدنية لمصر: هل سنرتعب ونستسلم؟ أم سنستمر في الصراع لتحرير روح مصر
والإنطلاق بها للحاق بالعصر؟

لذلك لا يصح إستخدام عبارات مثل ضاعت مصر، أو عليكي العوض يا مصر، أو خسارة يا مصر، فهذه عبارات استسلامية من فكر إنهزامي انسحابي مرتعب من ظله

المفروض قوله هو: أنت كبيرة وعظيمة يا مصر

أعظم كثيراً ممن يريدون العودة بك للوراء والذين لن يكونوا سوى سحابة شتاء مظلمة سترحل في النهاية ليعود ربيع مصر البديع بكل ما ينضح فيه من أزاهير الفرح الانساني والوجد الروحي والابداع الحضاري الخلاق

مصر أكبر كثيرا ممن يتاجرون بتدين المصريين ويزايدون علي ايمانهم ولا يقبلون منهم إسلاما سوي من خلال رؤيتهم الضيقة المتزمتة المعادية للروح المصرية المحبه للحياة والفرح والفن والموسيقي والابداع

مصر ليست لهؤلاء الذين يعادون تاريخ وتراث وحضارة وروح مصر نفسها التي ظلت متجلية مهللة فاعلة طوال سبعة آلاف سنة، نراها متجلية في المعابد بنفس بهاء تجليها في الرسوم والتماثيل، نراها في التدين المصري المعتدل كما في الابداع المصري في الموسيقي والغناء والرواية والتمثيل والنكتة الضاحكة والكاريكاتير الساخر والرسم الساحر والتمثال الحي المعبر


مصر أكبر من المساكين الذين يصفون آثار حضارتها العظيمة بأنها "أصنام" يجب هدمها، فكرهم البائس هذا معاد لمعني مصر وفكرتها التي بزغت بها علي البشر في فجر البشرية، فكرة مصر الأساسية هي روح الإبداع التي اطلقتها تحلق وتبتكر وتعمر وتبني من أجل حياة أجمل وإنسان أرقي، في غلاف فضفاض من الرؤية الكونية والدينية المعتدلة، التي لم تر أي تناقض بين التدين وبين الابداع الفني والعلمي والفكري في كل مجالات الحياة، ولا بين التدين وبين الاستمتاع بالحياة وافراحها وبهجتها في إعتدال كان هو سمة المصري في نفوره من العنف والتشدد وميله إلي السماح والتواصل الجميل، وكانت فنون الموسيقي والرسم والنحت والغناء والرقص تواكب علوم الفلك والكيمياء والهندسة والمعمار تساندها رؤية انسانية رحيمه للحياة قبل الموت وبعده، في إنسجام وتوافق بين الجميع، دون تشدد أو تعصب أو إقصاء للآخر، فقد كان الاغريق ثم الرومان يأتون إلي مصر فيطيب لهم العيش بها فلا يعامل المصريون نسلهم سوي كجيران ولو نادوهم بال "خواجة"، في ترجمة واقعية بديعة ومدهشة لفكرة التعددية وقبول الاخر التي لم تعرفها البشرية سوى مؤخرا جدا

أنت كبيرة وعظيمة يا مصر

لهذا لن نستسلم أبدا ولن نسلمك لاصحاب الفكر البائس المعادي لروح مصر وفكرتها الحضارية، غير القادر علي صنع مستقبلها الذي تستحقه، لن نسلم مصر هؤلاء المنسلخين عن جسد مصر الحضاري القابعين في قاع نهر التراث الإبداعي المصري المتدفق غير قادرين علي السباحة معه، الذين يعادون الفكر والمفكرين الذين حرضوا علي نجيب محفوظ وحاولوا اغتياله، الذين يسبون أم كلثوم وعبد الوهاب وعبد الحليم ويشتمون بأقذع الألفاظ فنانات مصر القديرات اللائي أوصلن فن مصر واسمها وروحها إلي الملايين من المحيط إلي الخليج

سنظل نناضل ضد البؤس الفكري الذي يحمله وينشره هؤلاء حتي لو بقينا وحدنا

وحتي لو طال الأمد

وحتي لو خسرنا جولة فلن نخسر المعركة لانها معركة العصر الذي يستمر في المضي قدما

معركتنا طويلة تحتاج إلي أصحاب النفس الطويل والرؤية البعيدة، وتحتاج إلي التجمع والإتحاد في تيار شعبي مدني حضاري كبير يعمل بين الناس في كل مكان ليعيد لنا معني مصر وفكرة مصر وحضارة مصر

ونحن منتصرون، فلنا ثقة في أن مصر التي صنعت فجر الحضارة لن تخرج من مسيرة الحضارة الانسانية أبدا




#فرانسوا_باسيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لك السلام يا جميلة
- العبادة المشتركة بين المسلمين والأقباط
- مصالحة
- الفرار من قبضة ساندي
- ليلة القبض علي أبونا بولس باسيلي
- الحكم علي عادل إمام، وعجائب أخري
- البكاء فى عرس العالم
- في الطريق إلي مصر البدوية
- قال لي: أمريكا هي الشيطان الأكبر
- حادث أليم
- من أجل مصر الجديدة
- قال لي: أنت متحامل علي الاخوان
- القاعدة بلا بن لادن: من غزوة مانهاتن إلى غزوة الصناديق
- صلاح جاهين: شاعر ثورة 52 الحاضر في ثورة 2011
- لماذا تعادي المجتمعات العربية المرأة؟
- قرابين العروس
- دم في العيد
- هل بدأ إنهيار الامبراطورية الامريكية؟
- لماذا لا يثور المصريون؟
- الطغاة والدعاة والغزاة فى غزة


المزيد.....




- وسائل إعلام إيرانية: سماع دوي انفجار شمال غرب أصفهان
- صافرات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل وأنباء عن هجوم بالمسيرات ...
- انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول أمر ...
- وسائل إعلام: الدفاعات الجوية الإيرانية تتصدى لهجوم صاروخي وا ...
- وسائل إعلام: إسرائيل تشن غارات على جنوب سوريا تزامنا مع هجوم ...
- فرنسي يروي تجربة 3 سنوات في السجون الإيرانية
- اقتراب بدء أول محاكمة جنائية في التاريخ لرئيس أميركي سابق
- أنباء عن غارات إسرائيلية في إيران وسوريا والعراق
- ??مباشر: سماع دوي انفجارات في إيران وتعليق الرحلات الجوية فو ...
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية الرسمية نقلا عن تقارير: إسرائيل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فرانسوا باسيلي - لمن ستكون مصر؟