أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمد الحمّار - هل وحّدتنا صواريخ غزة؟














المزيد.....

هل وحّدتنا صواريخ غزة؟


محمد الحمّار

الحوار المتمدن-العدد: 3915 - 2012 / 11 / 18 - 14:14
المحور: القضية الفلسطينية
    


رمزيا جسمت المقاومة الصاروخية في غزة المظلومة والجريحة والصامدة والباسلة التوحد الإسلامي، الطبيعي والثقافي، بين سنيي فلسطين من جهة وشيعة إيران من جهة ثانية وكذلك علويي سوريا من جهة ثالثة. ويتجسد التوحّد عمليا في إمداد إيران وسوريا المقاتلين الفلسطينيين بصواريخ أظهرت نجاعتها على الميدان، فضلا عن الصواريخ المحلية. لكن هل هذا كافٍ لبناء وحدةٍ أمتَن وأشمل تضم الأطراف المنتمية إلى الثقافة الواحدة والمجابِهة لعدوّ مشترك ألا وهو الصهيونية والامبريالية الساندة لها؟

إنّ التوحّد المنشود يتطلب توحدا عميقا يطال البطانة الشعورية والعقلية للأمة وهي التي تتمثل على الأخص في اللغة وفي الإسلام. ولا تقتصر اللغة على النطق والكلام ولا الإسلام على الديانة. وإنما تتسع الأولى لتشمل الفكر والسلوك ويتسع الثاني ليعزز التديّن والتدبر. في باب اللغة نلاحظ أنّ دولة مثل إيران الفارسية، رغم أنّ لسان شعبها ليس عربيا إلا أنها قد حافظت عبر التاريخ على علاقة جدّ متينة ولصيقة بلغتنا العربية. ولولا قناعة الفرس بأهمية التعاطي مع الثقافة الإسلامية بواسطة اللغة العربية فضلا عن الفارسية لَما بقيت إمكانيات التوحد بين فرس وعرب سارية المفعول إلى الآن. ومن هذا المنظور نتساءل متى سيتم تدعيم تعليم الفارسية في المدارس والجامعات العربية وذلك بلا مركبات ومن أجل أن يكون التبادل اللغوي لبنة في صرح التكامل والتوحد في الأفكار وفي المعاملات. فكما لم يقلل إتقان الفرس للعربية و اعتمادهم عليها من فارسيتهم ومن حظوظ تطوير العلوم عندهم لا نخال أنّ إتقان شعوبنا للفارسية سيقلل من عروبتنا. وبالمناسبة، لا نخال إتقاننا للغات مثل الانقليزية والفرنسية والألمانية والإسبانية وسائر لغات الحداثة سيقلل من عروبتنا. وإن حصل تقليل من شأن هويتنا فالأحرى أن نحسبه على الضيق في نظرة نخبنا إلى اللغات وعلى الفساد في منهجيات تدريسها، لا على ضرورة تعلمها والاستئناس بها و التمكن الثقافي والعلمي بواسطتها.

وفي باب الإسلام نلاحظ أنّ التديّن وما يثمره من تدبر لدى الجماعة المتألفة من السنة ومن الشيعة ومن العلويين ومن غيرها من الأطياف والألوان في العالم بأسره قابل للتوحد هو الآخر وذلك بفضل الاستبطان الجيد لسُلم القيم الحديث والمشترك بين هذه الأطياف فضلا عن كونه سُلما مشتركا بين الإنسانية قاطبة. فلا نعتقد أنّ طيفا واحدا من بينها سيكون في غنًى عن منظومات مثل حقوق الإنسان وحقوق المرأة وحقوق الطفل ومناهضة العنصرية ومناهضة الصهيونية والامبريالية والرأسمالية المتوحشة (عدوة الليبرالية الحقة)، طالما أنّ الباب مفتوح أمام الفكر الأصلي لتعديل تلك المنظومات وتحويرها وتطويرها وتطويعها لشروط السياسة الكبرى للأمة. والحال أنّ الجاري به العمل الآن مؤلم إلى حدّ كبير ويتمثل في رفضٍ يكاد يكون ممنهج (خاصة لدى الحساسيات الإسلامية) للطروحات والقيم الحديثة بدعوى أنها معادية للأصالة وللاستقلالية. بينما في الحقيقة يدل هذا الرفض على عدم استطاعة النخب المحلية والقومية على السيطرة على الفكر ابتغاء تأصيله، وبالتالي عدم استطاعها السيطرة على الواقع بكل تفريعاته ابتغاء توليد الجديد انطلاقا مما يحتويه هذا الواقع من عناصر جديرة بالمكوث في الأرض، وابتغاء تجاوز الزبد فيه.

في ضوء هذا يحق التساؤل إذا ما سيكون الأشقاء الفلسطينيون قادرين على السيطرة على الواقع العسكري في غزة وفي كامل فلسطين من دون مساندة من طرف كل المكونات البشرية للأمة ومن دون العمل المشترك، الدءوب والممنهج، على بلوغ التوحد. بكلام آخر، هذه المرة وحّدتنا الصواريخ رمزيا، فما الذي سيوحدنا من الآن فصاعدا؟ هل سيوحدنا السعي إلى استكمال الحرية أم المطالبة بتطبيق الشريعة وكأنّه مطلب نابع من إرادة متحررة للشعب، بينما هو مطلب فوقي واستبدادي لا علاقة له بسماحة القوانين الإلهية المنصوص عليها في الكتاب الكريم؟ هل سيوحدنا الحرص على توسيع مفهوم الديمقراطية ومن ثمة تطبيقها الفعلي أم تكفير الديمقراطية بدعوى تناقضها مع الإسلام بينما السبب الحقيقي هو عدم ديمقراطية المكفرين؟

من الطبيعي أن تبتهج الأمة، بشيبها وبشبابها، بصاروخ لحق المستعمر الصهيوني الغادر والمستوطِن لأراضي الملايين من المهجرين الفلسطينيين ولعشرات الآلاف من المشردين. لكن ليس من الطبيعي أن تسترسل الأمة في وضع الفرحة غير المبررة، ونشوة الفوز، والاعتداد بصدى ما قام به الأشقاء في الصحافة العالمية، وأن تبقى عالقة الهمة بصاروخ مصيبٍ للمرمى بينما في الأثناء لا تحرك ساكنا بخصوص ابتداع الوسائل التربوية والإعلامية الضرورية لتوخي المنهج القويم وبناء الفكر البديل ونحت المستقبل الزاهر.



#محمد_الحمّار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجبهة والتحالف في تونس: قطب ثالث بلا منهاج؟
- مشهدٌ من الوفاق ولا العيش 23 سنة أخرى في الأنفاق
- اعطوا الشباب مشروعيةً يعطيكم ثورة حقيقية
- جبهة شعبية دون تطبيع العلاقة مع الدين؟
- الله رب (النهضة) وربنا جميعا
- ما البديل عن أسلمة المجتمع؟
- ألاَ تجوز النظرية المادية في الإسلام؟
- هل نحن مجتمع ضال؟
- الشرط الأساس ليجتازَ اليسارُ خط التماس
- أنا سني غير معتزلي إذن أنا أفكر
- أيُشترط أن نكون معتزلة لنقدّم العقل على النص؟
- أضعف الإيمان أن نستردّ مكانة الحيوان الناطق
- لو لم تكن الديمقراطية، هل تكون الخلافة الحرة؟
- -النهضة- و صورة المسلم الأبله
- المطلوب تجفيف ينابيع الهيمنة الغربية على الوطن العربي
- الحالة المدنية: مواطن
- النخب خارجة عن موضوع الثورة، والتجديد الديني ضرورة تاريخية
- هل مثقفونا عربإسلاميون أم مستقطَبون؟
- شباب تونس نحو البديل السياسي للعالم الجديد
- نحن و اللامقول عن ثقافة الإسلام المحمول


المزيد.....




- وحدة أوكرانية تستخدم المسيرات بدلا من الأسلحة الثقيلة
- القضاء البريطاني يدين مغربيا قتل بريطانيا بزعم -الثأر- لأطفا ...
- وزير إسرائيلي يصف مقترحا مصريا بأنه استسلام كامل من جانب إسر ...
- -نيويورك تايمز-: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخ ...
- السعودية.. سقوط فتيات مشاركات في سباق الهجن بالعلا عن الجمال ...
- ستولتنبرغ يدعو إلى الاعتراف بأن دول -الناتو- لم تقدم المساعد ...
- مسؤول أمريكي: واشنطن لا تتوقع هجوما أوكرانيا واسعا
- الكويت..قرار بحبس الإعلامية الشهيرة حليمة بولند سنتين وغرامة ...
- واشنطن: المساعدات العسكرية ستصل أوكرانيا خلال أيام
- مليون متابع -يُدخلون تيك توكر- عربياً إلى السجن (فيديو)


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمد الحمّار - هل وحّدتنا صواريخ غزة؟