أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وديع بتي حنا - كلنا حماميز الله















المزيد.....

كلنا حماميز الله


وديع بتي حنا

الحوار المتمدن-العدد: 1133 - 2005 / 3 / 10 - 10:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لازالت تلك الضحكة القوية لمدرس اللغة العربية في ذاكرتي الى يومنا هذا. لقد كان درسا في المطالعة والنصوص للصف الثاني المتوسط ويقينا ان الاستاذ قد مرَ على ذالك النص عشرات المرات بحكم السنوات الطويلة التي كان قد امضاها في الخدمة ولكنه اراد بضحكته العميقة ان يجسد الحالة تمثيليا ليصل مغزى النص الى عقولنا واذهاننا. كان النص يتحدث بطرافة عن رجل اسمه حمزة ذهب الى السوق فسمع احدهم ينادي اخر يا عبد الله وكان اسمه حقا كذالك ولكن عبد الله هذا اجاب المنادي بنوع من الحكمة فقال له - من تقصد ؟ كلنا عباد الله - . سمع صاحبنا حمزة ذالك الجواب فراق له فجعله قاعدة عامة ولذالك انتظر على أحر من الجمر اول منادي يصيح في السوق - يا حمزة - ليلتفت اليه وليجيب ممتلئا بالفخر في حكمة سينطقها - من تقصد ؟ كلنا حماميز الله - لقد ذهبت بي الذاكرة لأستذكر كل هذا الذي حدث قبل عشرات السنين وانا اتابع التصفيق المدوي لاعضاء مجلس الشعب السوري وهم يستمعون الى قرار رئيسهم في الانسحاب من لبنان فاثبتوا مرة اخرى بانهم جميعا حماميز دائمة لبشار

لقد كان للتملق و النفاق ولازال فعلا تدميريا على الحياة السياسية العربية وانعكس ذالك على مختلف نواحي الحياة الاخرى. اذا كان الاشقاء المصريون في تراثهم الثقافي يسألون فرعون عن السبب الذي فرعنه فيجيبهم بانه لم يجد من يقف في وجهه فان التجارب المريرة التي عاشتها ولاتزال بعض الاقطار العربية في العصر الحديث تشير بوضوح الى الدور الرهيب الذي قام ويقوم به النفاق كحليب فائق الدسم في تسمين الدكتاتورية الى الحد الذي تفقد فيه السيطرة على حركة جسمها فتتدحرج و تدحرج معها شعوبها الى تلك الانفاق الرهيبة المظلمة. ان ( الدمى البرلمانية ) في الاقطار العربية تتحمل مسؤولية اخلاقية جسيمة في الكوارث التي لحقت باقطار الامة نتيجة عدم احترام تلك الدمى لعناوينها بل على العكس كانت ولاتزال ( مُكوَكة ) على التصفيق في الصباح تأييدا وفي المساء استنكارا تهرول الى هنا أو هناك انى يشير اصبع القائد الضرورة

ان رياح الديموقراطية تهب نسيمة عليلة على مناطق شاسعة من كرتنا الارضية وقد ان الاوان لكي يحرر السياسيون في الوطن العربي انفسهم من عقدة (القائد الملهم ) الذي يمًُن الرعية بفيض مكرماته وقراراته التاريخية . ان ذالك لن يتحقق إلا عن طريق العمل على ارساء الاسس الديموقراطية السليمة المستندة على محاججة القيادة ومحاسبتها على القرار الخطأ او الاستقراء المتأخر للوضع السياسي وفرز العناصر المتملقة والمنافقة التي استطاعت ان تعبر لتجلس في مواقع المسؤولية التشريعية أو التنفيذية وهي لاتجيد في السياسة امرا عدا كونها قد اجتازت وبنجاح ساحق معهد تعلم فن كتابة برقيات العهد والوفاء والتاييد والاستنكار كما حدث مع احدهم في العراق حيث فكًر في يوم ما باغناء المكتبة العربية بنتاجه الادبي الثر بكتاب ( برقياتي الى القائد ) يجمع فيه كل البرقيات التي كان قد كتبها ( او كُتِبت له ) في مناسبات مختلفة

ان جميع المعطيات تشير الى دور ضئيل للوراثة في صناعة الشخصية الدكتاتورية مقارنة بالدور الذي تلعبه البيئة المحيطة سلبا او ايجابا في تغذية او كبت جماح مشاعر التسلط وحب السيطرة التي قد تكون موجودة اصلا في الانسان وهذا يصح حتما مع بداية نشوء الدكتاتورية او في جيلها الاول لان التجارب العربية في العقود الاخيرة قد اضافت ملامح مميزة لأدب الدكتاتوريات حيث اصبحت الدكتاتورية الام تحتضن وتهيأ لدكتاتورية قادمة ومن نفس الشجرة فاصبح ابن الدكتاتور دكتاتورا بالوراثة قبل ان تفعل البيئة فعلها في صقل مواهبه بهذا الاتجاه بينما كانت الدكتاتوريات السابقة تتجدد بشخصيات جديدة ليس لها اية علاقة وراثية بسابقتها كما حدث فولدت دكتاتورية خروشوف بعد زوال ستالين كما جاءت دكتاتورية بريجينيف على انقاض سابقتها دكتاتورية خروشوف

ان اعضاء مجلس الشعب السوري الذين ملئوا الدنيا ضجيجا قبل اسابيع حين رفضوا وبشدة القرار 1559 باعتباره قرارا مشبوها واعلنوا عن استعدادهم لكي يكونوا مشاريع للاستشهاد في سبيل احباط ما وصِف بالحلقة المشبوهة في المخطط الامبريالي نراهم يغيًِرون ( الموجة ) الان مئة وثمانون درجة فاصبح بقدرة قادر تنفيذ القرار 1559 ضرورة وطنيية وقومية يتطلبها النضال من اجل دحر ( الامبريالية والصهيونية ). ان مجلس الشعب السوري يذكًُرنا بشقيقه المجلس الوطني العراقي في عهد النظام السابق حيث كانت تلك المسرحيات تتكرر لمناقشة قرارات كانت قد أُتخذت سلفا حتى ان المجلس الوطني العراقي كان قد ابتكر طريقة جديدة في الممارسة الديموقراطية وهي مناقشة القضية المطروحة وعدم اتخاذ قرار فيها سلبا او ايجابا بل يترك ذالك للقيادة الحكيمة, فلازالت ذاكرة العراقيين زاخرة بعشرات الامثلة على ذالك منها على سبيل المثال لا الحصر الموقف من قرار النفط مقابل الغذاء حيث أُستنزفت في البداية ألاف الامتار من القماش لكتابة شعارات الرفض والاستنكار للقرار المشبوه وبحت الاصوات من الهتاف ضده لنستفيق في اليوم التالي لنرى لافتات تحمل شعارات معاكسة واصوات تشق عنان السماء وهي تعبر عن سعادتها في احباط المؤامرة من خلال الموافقة على القرار نفسه.

لقد لعب الاعلام وادواته ومازال دورا خطيرا في نشوء الدكتاتورية وترسيخها في مجتمعاتنا العربية بعد ان تمكنت وللاسف شلة متملقة منافقة من السيطرة على ابواقه واقلامه وامتهنت مهنة صنع الشخصية الدكتاتورية وتقديمها وتسويقها وتمجيدها. لم يكن غريبا او عيبا ان تلجأ الشاشة السورية وبعد الخطاب مباشرة الى عقد الندوات واللقاءات التلفزيونية لمناقشة ابعاد الخطاب ولكن الغريب والعيب في ذالك يكمن في ان يعتبر المتحاورون ذالك – وهم يحسبون انفسهم من فطاحل الاعلام العربي - فرصة للتملق والمزايدات فينعت احدهم الخطاب بالوثيقة ليأتي زميله مزايدا فيقول انه اي الخطاب اكبر من وثيقة. لو كان الرئيس السوري قد وشى قبل اسبوع بخطابه نصا وروحا – من اجل المزحة- الى المعارضة السورية وبث من خلال احدى الفضائيات فهل كان سيعتبر انذاك وثيقة من وثائق النصر ام صكا من صكوك الخيانة والاستسلام؟. اتذكر عندما كنت اكمل دراستي العليا في بلاروسيا حيث كانت بعض الاكشاك في المدينة تبيع الصحف السورية مثل الثورة والبعث وتشرين وكان العراقيون حينها يتندرون بالاتيان باسماء قيادة النظام العراقي السابق لتحل محل الاسماء السورية حيث يضنون بهذا الشكل يكونوا قد عرفوا اخبار بلدهم

ترى متى يتخلى الحاكم العربي عن فرقة التملق والنفاق وهي ترقص حوله ليل نهار فتمنعه عن الرؤية العميقة في زمن اصبح فيه الوضع السياسي اشبه بحقل من الالغام او سير على الحبال يحتاج الى الحكمة والاتزان أكثر مما يحتاج الى دفوف المتملقين ورقصهم فلكم في الدرس العراقي عبرة حيث اثبت ان ( الجرًة ) لاتسلم الى الابد



#وديع_بتي_حنا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من سيضحك اخيرا
- الى متى يبقى البعير على التلِ
- الجمعية الوطنية العراقية - شركة النقل العام
- كوريا الشمالية ترتدي المعطف لحماية ملابسها الداخلية
- اغتيال الحريري والشرق الاوسط الكبير
- وقفة مع المرجع الانتخابي اية الله فريد ايار
- سياسة كسر الظهر وصراع تجار المخدرات
- الائتلاف العراقي الموحد في الفخ
- - دعاية بعد الانتخابات - اياد جمال
- الانتخابات --- ميدالية قفز الحواجز
- يا مرشحنا دوس بنزين عل المِيَة وتسعة وتسعين
- المنصب في العراق هذا الهم الذي يتصارعون من اجله
- الاحزاب الخضر النائمة المُنوَََّمة
- كفى دور السمك الماًكول والمذموم
- شيراك - علّمهم اصول الحب
- الابرياء ضحايا المهزلة
- الدكاكين السياسية العراقية اصحاب بسطات ام وكلاء للحصة التموي ...


المزيد.....




- ولاية أمريكية تسمح للمعلمين بحمل الأسلحة
- الملك السعودي يغادر المستشفى
- بعد فتح تحقيق ضد زوجته.. رئيس وزراء إسبانيا يفكر في تقديم اس ...
- بعد هدف يامين جمال الملغى في مرمى الريال.. برشلونة يلجأ إلى ...
- النظر إلى وجهك أثناء مكالمات الفيديو يؤدي إلى الإرهاق العقلي ...
- غالانت: قتلنا نصف قادة حزب الله والنصف الآخر مختبئ
- بايدن يوقع قانون مساعدات كبيرة لأوكرانيا والمساعدات تبدأ بال ...
- موقع أمريكي ينشر تقريرا عن اجتماع لكبار المسؤولين الإسرائيلي ...
- واشنطن.. التربح على حساب أمن العالم
- السفارة الروسية لدى سويسرا: موسكو لن تفاوض برن بشأن أصول روس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وديع بتي حنا - كلنا حماميز الله