أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نزار جاف - إشکالية الحرية والانظمة الفکرية ـ الاجتماعية في المنطقة















المزيد.....

إشکالية الحرية والانظمة الفکرية ـ الاجتماعية في المنطقة


نزار جاف

الحوار المتمدن-العدد: 1133 - 2005 / 3 / 10 - 10:15
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


يعتبر موضوع الحرية من أهم و أخطر المواضيع المعاصرة للوجود الانساني منذ التواريخ السحيقة. وتأتي أهمية الحرية من خلال کونها أعمق المفاهيم وأکثرها أصالة في الذات الانسانية. وقد يکون سبب رفض الانسان للعبودية و عدم تقبله لها هو إنه قد ولد في الاساس حرا، أي أن الاصل هو حريته وأن العبودية مرکبة وبالتالي هي دخيلة و طارئة، ومن الطبيعي أن تجنح النفس الانسانية صوب فطرتها الاولية و ماجبلت عليه أساسا وفي ذات الوقت ترفض ماأقحم قسرا عليها. وقد إهتمت کل الاتجاهات و المذاهب الفلسفية بموضوع الحرية ومنحته حيزا کبيرا من إهتمامها لابل أن بعض المذاهب الفلسفية قد جعلت من موضوع الحرية محورها الاساسي و جعلت کل المواضيع الاخرى مجرد تفرعات أو تداعيات نابعة منها کما هو الامر مع الوجودية بإتجاهيها المثالي"کيرکغارد" أم المادي"هيدغر". أما سارتر الذي يعتبر إمتدادا للإتجاه المادي، فقد ذهب الى أبعد المديات الممکنة مع الحرية حتى إنه من فرط تماديه في الانجراف ورائها، بدا وکإن الامر سيولة غير طبيعية للإمتدادات الفکرية له في کتاباته وحتى في تصرفاته. وحتى المارکسية التي تنعت من قبل الکثيرين بأنها فلسفة شمولية تحجب الحرية بمعناها الواقعي، فهي تحاول من خلال رفع الظلم و الحيف الکبيرين اللذين لحقا بالشغيلة"البروليتاريا" وتحريرها من سطوة الرأسماليين، أن تعطي للحرية معنى أکبر و أوسع من خلال البحث في حرية الطبقة الاجتماعية الاکثر عدادا و الاکثر معاناة من نير عبودية الرأسمال وقد تکون فکرة العودة بالانسانية الى حقبة المشاعية البدائية"المحددة کحقبة أولية إفتراضية في التأريخ الانساني" هي العودة الى الاصالة و الفطرة الانسانية. ولامناص من الاقرار أن سيغموند فرويد هو الاخر حين جعل من إشکالية الکبت الجنسي لدى الانسان العقدة الاساسية، فإنه في ذات الوقت إعتبر بقاء الانسان مکبوتا هو بمثابة بقاءه مستعبدا وإن تخلصه من هذا الکبت يأتي من خلال کسر الاغلال و القيم الاجتماعية التي هي بالاساس سبب الکبت، وحلحلة عقدة "أوديب" الرجولية و "ألکترا" الانثوية بحسب المفهوم الفرويدي لن يتحقق إلا بکسر الاغلال و القيم الاجتماعية وإعادته الى الاصل الذي کان فيه، وهنا أيضا يعزف فرويد على ذات السيمفونية التي تنادي بأصالة الحرية الانسانية. ولاغرو إن الديانات على إختلاف مشاربها تدعو هي الاخرى الى حرية الانسان، بل وأن المذاهب الصوفية المتفرعة من الاديان تدعو الى حرية ذات بعد فلسفي ـ نفسي حين تدعو الى تحرر النفس الانسانية من إطار البدن کي تنال بعدها حرية لن تنالها قط وهي محصورة في القالب البدني. وحتى أن ثورة الامام الحسين قد قامت على أساس من الدعوة الى الحرية حين دعا بالناس " فکونوا أحرارا في دنياکم". وعودة الى عصر النهضة الاوربية تبين أن الاساس الذي شيد عليه النظام الليبرالي ليس سوى الحرية ذاتها، وقد کان الشعار الليبرالي المعروف" دعه يعمل، دعه يمر" المنطلق العملي الذي مرت عبره أعظم المنجزات الفکرية و العلمية و الاقتصادية. ولعل فکرة الاتحاد الاوربي قد بنيت هي الاخرى على مفاهيم ترتکز على الحرية، سيما وحين تصبح الحريات المتاحة للانسان الاوربي بعد قيام الاتحاد بصيغته النهائية، أوسع وأکثر شمولية. وبرغم المؤاخذات الکثيرة على نظام "العولمة"، لکنها هي الاخرى تدعو الى المزيد من الحرية الاقتصادية و الفکرية و السياسية للفرد و المجتمعات الانسانية. في هذا الخضم المتلاطم من الافکار و المفاهيم التي يجمعها قاسم مشترک أعظم هو " الحرية"، من الصعب جدا على الانظمة السياسية ـ الفکرية في الشرق الاسلامي والتي تقوم معظمها على أسس إجتماعية ـ دينية ترجع في الاغلب الى مقومات قبلية تمجد لسطوة الفرد، أن تستمر في کبحها للحريات العامة المکفولة للفرد و المجتمع تحت مبررات و ذرائع قد أکل عليها الدهر و شرب. وفي الوقت الذي يسعى المجتمع الغربي بشکل خاص و الانساني بشکل عام لنيل المزيد من الحرية، فإنه من المستهجن أن نجد رجالا عسکريين مثل " علي عبدالله صالح"في اليمن، و "عمر حسن البشير"في السودان و "حسني مبارک" في مصر مثلا، مازالوا يديرون الدفة السياسية في بلدانهم، على الرغم أن أمزجتهم و ميولهم الشخصية هي التي سيرت و تسير أهم و أخطر الامور في تلک البلدان. أما ماجرى في سوريا من خلال تنصيب الاسد الابن، فهي مسرحية سمجة ليس لها من معنى سوى تمجيد الدکتاتورية القبلية و إقصاء کل المفاهيم و الاعراف الديمقراطية التي تتيح مساحة أوسع من الحرية للفرد و المجتمع. ولن نذيع سرا إذا قلنا أن مسألة الحرية في الشرق"ماعدا بعض الانظمة الدیمقراطية فيها مثل الهند و مالیزیا و إسرائیل"تشکل عقبة کأداء بوجه الابداع الانساني في مختلف المجالات. وهو سبب أساسي لتفاقم و تداعي الازمات المتباینة التي عصفت و تعصف بالواقع الحياتي لمجتمعات تلک البلدان، ونظرة على الواقع الاقتصادي و السياسي السئ لبلدان مثل إيران و مصر و سوريا تدفعنا للإقرار بأن المرد الحقيقي لکل ذلک يکمن في ماهية النظام السياسي الشمولي الحاکم و الذي يحدد مساحة معينة للحرية تتفق مع المعايير التي يتعاطاها. وقد تکون الازمة على أشدها حين يتداخل الدين مع الجوانب الاخرى، ولاسيما حين يصبح أساسا أيديولوجيا لنظام سياسي معين کما هو الحال في إيران حاليا و في أفغانستان خلال فترة حکم طالبان. ولعل إستخدام الدين کوسيلة و مبرر لتحديد الحريات الانسانية(سواءا للفرد کانت أم للمجتمع)هو في الاساس لإسباغ هالة من القدسية على المظاهر القمعية و الاستبدادية التي يمارسها النظام السياسي ضد الشعب. ولعل إشکالية العلاقة السلبية بين الدين و الحرية هي واحدة من أهم الاشکاليات التي تقف عقبة کأداء أمام تقبل مفهوم الحرية بصيغتها الحضارية من قبل النظم الفکرية ـ الاجتماعية التي تقوم من الاساس على مزيج معقد من القيم الدينية ـ الاجتماعية المتداخلة مع بعضها. وواضح أن رفض بعض الدعوات الاخيرة الحذرة من ضرورة مراجعة بعضا من النصوص الدينية ولاسيما المتعلق منها بالمرأة و الحيز المسموح لها في الفضاء الاجتماعي، تبين بجلاء عمق الموقف المتزمت للتيار المحافظ الذي يتولى الاشراف على ضمان بقاء النص الديني بعيدا عن کل شکل من أشکال التأويل الخارج على السياق التأريخي لسبب نزوله أو روايته. والاهم من کل ذلک طرح الاختلاف بين جوهر و ماهية کل من الاسلام و المسيحية کأساس لرفض طرح الخيار " الفاتيکاني" کوسيلة لمعالجة إمتداد الذراع الديني الى العمق الاجتماعي للفرد و المجتمع، يأتي هو الاخر ليمنح للموضوع بعدا أعمق من حيث التعقيد و الاستحالة. ويأتي محاولة الربط مابين الظواهر السياسية على ساحة المنطقة و مابين البعد الديني، محاولة أخرى لإسباغ شئ آخر من القدسية المعاصرة على النص و السعي للخروج به کبديل لکل أشکال الطروحات و الخيارات السياسية ـ الفکرية ـ الأقتصادية ـ الاجتماعية الموجودة في الساحة. وقد کانت المحاولات المستميتة للربط مابين الذي جرى في 11 سبتمبر بنيويورک و حربي إسقاط نظامي طالبان و البعث في کل من أفغانستان و العراق على إنه بداية حرب عقائدية ـ فکرية مقدسة بين الشرق المسلم و الغرب المسيحي" الصليبي کما يطرح في هذا السياق"، تشرح هي الاخرى بجلاء سذاجة الاستهانة بقوة و حيوية دور العامل الديني في کل الجوانب الحياتية للشرقي المسلم بوجه خاص. على إننا لايجب أن ننظر بلا أبالية الى تلک المحاولات التي جرت و تجري لکسر طوق النص الديني وفق المسار التأريخي و السعي للخروج به الى الميدان الاجتماعي بصيغة الـمعاصرة، بل يجب الاخذ بها أنها بداية المطالبة للتعامل مع النص الديني برؤية أکثر وضوحا و قربا من الواقع المعاش ومن المفيد جدا هنا الاشارة الى أن بروز " التفسير الموضوعي" للنص الديني الى جانب "التفسير التجزيئي" القديم، هو في حد ذاته جنوح منطقي لمنح الانسان مساحة أوسع للتحرک في الدائرة المقدسة. والتفسير الموضوعي الذي من أشهر رواده المفکر الاسلامي الراحل محمد باقر الصدر و جعفر سبحاني، يدعو الى عرض الواقع الموضوعي على النص و محاولة إستنطاقه للخروج بحلول و إجابات شافية للمشاکل و المعضلات التي تواجه الفرد و المجتمع . ولئن کانت اليوم دعوات من قبيل إعادة قراءة النص مرفوضة و غير مفهومة" کبداية کل مفهوم حداثوي" فأنها مع مرور الايام و مع تکرار طرحها و المطالبة بها، لامناص من أنها ستصبح في نهاية المطاف واقعا حقيقيا يفرض نفسه على الساحة. ور?غم محدودية الدور الذي باتت بعض الحکومات المتزمتة في المنطقة(مثل السعودية و الکويت) تسمح به للمرأة، غير إنه يأتي في نفس الوقت کأنعکاس لتعاظم دور مسألة الحرية في العالم على دول المنطقة. ورغم رفض و تحفظ الکثيرين من الکتاب و المفکرين للدور الامريکي" کقطب أحادي" في العالم، لکنه مع ذلک لايمکن إطلاقا إنکار تأثيراته الايجابية حتى على من کانوا حتى الامس ينعتون کتابعين أو مجرد صنائع لواشنطن، فالذي حدث في القاهرة بخصوص إنتخاب الرئيس، والذي جرى في سوريا بخصوص قرار الانسحاب من لبنان، وکل ماجرى وله علاقة بمسألة الحريات السياسية والفکرية، جميعها ردود فعل للتحرک الامريکي الدؤوب لفرض نموذج الحرية الغربي" بعد بعض التحسينات، بل أننا نستطيع أن نشير الى محاولات الاصلاح في بلدان المنطقة على أنها قبول ضمني لمشروع الشرق الاوسط الامريکي الکبير في المنطقة و الاذعان لرغبات القطب الاوحد في العالم. ومع کل مامر فأن موضوع الحرية ببعديها" الفردي و الجتمع"ستبقى أهم إشکالية أمام کل مشروع للإصلاح يطرح في المنطقة، وأن محاولة القفز على مضمونه الحقيقي، ماهو إلا محاولة خائبة أخرى لکسب عامل الوقت الذي بات هو الاخر ضيقا جدا بل وأضيق من المسافة التي تفصل بين الانظمة الشمولية و أيامها المتبقية من الحکم!!

کاتب و صحفي کوردي
مقيم في المانيا
[email protected]



#نزار_جاف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانثى و الحضارة
- الکورد..إنفصاليون أم يطلبون حقوق مشروعة؟
- الحکم السوري : تعددت الاسباب والموت واحد
- الکورد بين التأريخ و العرق و الدين
- ترکيا و الهم الکوردي : قواعد اللعبة قد تکتمل بإستثناءاتها
- سمير عطا الله مترنيخا للشيعة والکورد
- إغتيال الحريري : سوريا نحو المصيدة
- الانتخابات العراقية لها مقال مع کل مقام
- الحيوان في الشرق هل له حقوق أم إنه لاشئ؟
- قمة شرم الشيخ : العبرة على الارض وليست في الخيال
- ماذا لو لم يتم إنتخاب الطالباني لأي منصب سيادي في العراق؟
- الادب النسوي بين واقع وجوده و وهم عدم وجوده
- زيارة کونداليزا رايس الاخيرة لأنقرة : ترکيا في إنتظار کودو
- إيران و الفصل الحاسم من مسرحية العراق الجديد
- ترکيا و الشأن العراقي..تفسير الماء بالماء
- لماذا طارت الفتاة صوب مکة بالذات؟
- رياح التغييرفي العراق ... والسباق العکسي للإعلام العربي مع ا ...
- الفتاة الطائرة عادت من مکة الى أربيل بصفة حاجة
- بعد العراق...الانتخابات القادمة في أية عاصمة- شرق ـ أوسطية - ...
- نهاية فوکوياما و سنن محمد باقر الصدر والتأريخ الانساني المست ...


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نزار جاف - إشکالية الحرية والانظمة الفکرية ـ الاجتماعية في المنطقة