أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - عبدالله خليفة - تحولاتُ اليسارِ الإيطالي (2-2)














المزيد.....

تحولاتُ اليسارِ الإيطالي (2-2)


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3912 - 2012 / 11 / 15 - 09:09
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    



كان خروجُ الحزب الشيوعي الإيطالي قويا بعد الحرب العالمية الأولى هو جزءٌ من التضحيات الجسام الوطنية التي بذلها للدفاع عن الوطن والديمقراطية ضد الفاشية.
لكن جماهير الشعب كانت بحاجة الى إعادة ترميم الوطن وارتفاع مستوى حياة الشعب ولهذا فإن أطروحات الحزب الاشتراكية لم تلق صدى على مدى عقود، وعجز فيها الحزبُ عن الوصول الى السلطة لتشكيل النظام الاشتراكي الموعود، فيما تقبل الشعبُ الشيوعيين كحكامٍ كثيرين للبلديات والأقاليم، أي بصفةِ التنظيم مساهما في تطوير النظام الرأسمالي الديمقراطي.
لم يستطعْ الحزبُ الخروجَ من قيوده الايديولوجية السوفيتية الروسية، وبدت اللافتاتُ الكبرى عن الحركةِ الشيوعية العالمية ذات الايديولوجيا الموحّدة تضطربُ وتتقلقلُ بين عقدٍ وآخر، وقد عبرتْ تلك اللافتاتُ عن الصلاتِ التنظيميةِ والمساعدات التي كانت تُعقدُ بين الحزب وروسيا، ولكن الحزبَ الشيوعي الإيطالي صار حزبا جماهيريا كبيرا وذا نفوذ وطني وإمكانيات، كما أن أوروبا الغربية بدأت تتحولُ إلى كيانٍ رأسمالي موحدٍ عالمي متقدم ينافسُ الولايات المتحدة الأمريكية أقوى قوة اقتصادية في العالم.
كانت الايديولوجيا المُصدرةُ من روسيا، أيديولوجيا رأسماليةِ الدولةِ الدكتاتورية، لم تُواجه من قبلِ عقلا ماركسيا متقدما في إيطاليا، ولم تسعفْ جرامشي أدواتهُ التحليلية الجزئيةُ المحدودةُ في فهمِ الإشكالية التاريخية، وكان انفصالُ الحزب الشيوعي الحاد عن الاشتراكية الديمقراطية وخطأ هذا الانفصال، وصعوبة الاعتذار عن كل تاريخ الانشقاق بين الحركتين، وسيطرة البيروقراطية الحزبية المستفيدة من هذا التشكيل السياسي الطويل، هذا كله جعل من الصعب القيام بنقدٍ ذاتي عميق واسع، ولكن الاختلافات الموضوعية بين الجسمين السياسيين الاجتماعيين، جسم روسيا الغارقة في سيطرةِ رأسماليةِ الدولة الروسية القومية المهيمنة المتآكلةِ تاريخيا والعاجزةِ عن التحولِ لمجتمعٍ ديمقراطي حديث، وجسم أوروبا الغربية المتطورة نحو آفاق أكبر من الحداثة والديمقراطية والتوحد، كانت تَظهرُ بأشكالٍ عفوية جزئية وتحدثُ صداماتٍ بين الكيانين.
ظهر ذلك في تصاعدِ مجموعة الشيوعية الأوروبية الرافضة لمركزٍ روسي مهيمن تعبيرا عن تباين مستويي التطور التاريخيين. ومنذ سنة 1976 وفي مؤتمر الأحزاب الشيوعية في برلين تصاعدتْ الخلافاتُ بين الشيوعيين الأوروبيين وروسيا، وعبّر زعيم الحزب الشيوعي الإيطالي برليجوير عن عدم وجود مركز واحد للحركة، وأكد أن النظرية الماركسيةَ لم تواكب تحولات العالم، وأكد تمسكه بحرية الصحافة وحق الاضراب في النظام الاشتراكي، (الأورو شيوعية والتوازن الدولي الجديد، عبدالعاطي محمد، السياسة الدولية 1977).
كانت هذه مسائل سياسية صغيرة تعبرُ عن مدى الجمود في الأحزاب الشيوعية الأوروبية نفسها، وتمحورت في كثيرٍ منها على مسائل السياسة الخارجية: كرفض وجود قيادة مركزية للحركة، وغزو افغانستان المستهجن، وغياب حريات المبدعين والمنشقين في روسيا، ورفض الصراعات داخل(المعسكر الاشتراكي) وغيرها من المسائل التي عبرتْ عن ضيقِ أفق هذه الأحزاب في الوقت الذي كانت كرةُ الثلجِ الشمولية تتدحرجُ متجهة لضرب الأسس العامةِ للنظام السوفيتي.
كانت القداسةُ الموجهة لنظام رأسمالية الدول الشمولية الروسية تعبرُ عن ضياعٍ نظري هائل، حتى إذا حدثت الكارثةُ وتفجرتْ شظاياها على العالم، كان اوان الإصلاحات العميقة داخل هذه الأحزاب قد فات زمنه، ولهذا رأينا الانتقادات تتوجه لجزئيات معبرة عن تفكير محدود، لأن أغلب الأسس التي أُقيمت عليها هذه الأحزاب في الأممية الثالثة بقيادة لينين ثبت بطلانُها لكن لم تتم مراجعتها، وتكشف التاريخ بشكلٍ مرعب فليس ثمة اشتراكية ولا دكتاتورية بروليتاريا، بل نظامٌ آسيوي «نهضوي» استبدادي.
وأمام هذه التحولات العاصفة كان الجثومُ في عقلية الأممية الثالثة مدمرا، ولهذا فإن الحزب الشيوعي الإيطالي ذو الجماهير الكبيرة امتلأ بانشقاقات عديدة وحدثت انقساماتٌ كبيرة داخله وظهرت أسماء لا يمكن متابعتها بدقة عبر هذا العرض الموجز، وقفزت أحزابٌ يمينية للسلطة في إيطاليا واسهمت قوى قريبة لليسار فيها، ولكن كل المقاربات(الشيوعية) للديمقراطية الغربية لم تصل الى العودة للاشتراكية الديمقراطية والنضال الإصلاحي التدريجي والقبول بالتعددية وفهم أن التشكيلة الرأسمالية العالمية تحتاج الى عقودٍ وقرون كي يظهرَ البديل من داخلها، ودور الأحزاب التقدمية تغيير ظروف حياة شعوبها الراهنة والدفاع عن الطبقات العاملة وأوضاع الأمم والشعوب المتداخلة معها لتتحقق تحولات ديمقراطية مستمرة.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحولاتُ اليسارِ الإيطالي(1-2)
- الفقراءُ والفاشية الإيرانية
- تفكيكُ شعبِنا والأمة
- وعي اليسار في فرنسا (2-2)
- وعي اليسار في فرنسا(1-2)
- الوعي الفكري والسياسة في أمريكا
- مرحلة الانسلاخ من الفاشيات
- النضالُ المشتركُ بين العربِ والإيرانيين
- تنوع الأنظمة العربية الديمقراطي التعاوني
- الدساتيرُ والقلقُ السياسي
- السيناريوهاتُ الحادةُ واحدة
- الدساتيرُ والحراكُ الاجتماعي
- من أسبابِ الحروبِ الأهلية
- الأيديولوجيا والتكنولوجيا
- الطبقة الضائعة المنتجة
- العلمانيةُ بين المسيحيين والمسلمين
- الإخوانُ وولاية الفقيهِ
- موقفُ المتنبي (2-2)
- موقف المتنبي (1-2)
- الوعي الفكري عند ماوتسي تونغ (2-2)


المزيد.....




- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - عبدالله خليفة - تحولاتُ اليسارِ الإيطالي (2-2)