أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - محمد عبعوب - ليبيا من طاغية إلى طغاة.














المزيد.....

ليبيا من طاغية إلى طغاة.


محمد عبعوب

الحوار المتمدن-العدد: 3911 - 2012 / 11 / 14 - 15:04
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


هل كتب على ليبيا أن تضل تتقاذفها أيدي الطغاة كالكرة لا تعرف استقرارا على الارض؟ . فمن حقبة طغيان الفرد الحاكم المطلق على مدى اربعة عقود ، نراها اليوم تتخبط بين ايدي ثلة من الطغاة ينهشون ما تبقى منها باسم قبائلهم او مدنهم او عرقياتهم، ولا يعترفون بها كوطن لكل مواطنيها.. ومنذ انطلاق انتفاضة السابع عشر من فبراير 2011م بدأت عمليات هادئة لتجيير هذه الانتفاضة لخدمة مصالح ضيقة قبلية وجهوية وتغيير مسارها لتتحول مع مرور الوقت من انتفاضة ضد طغيان فرد، الى عمليات ممنهجة لفرض طغيان أشد وطأة وأثقل تكلفة، إن لجهة ضحاياه البشرية او خسائره المعنوية والمادية، ألا وهو الطغيان القبلي والجهوي الذي نرصده اليوم في كل أجزاء البلاد والذي يفضي في النهاية الى تدميرها وتفكيك تلاحمها الاجتماعي الذي لم يفلح النظام السابق في اختراقه رغم كل محاولاته لزرع الفتن من كل لون بين مكونات هذا النسيج..

عمدت وسائل إعلام الانتفاضة، والمتمثلة في بدايتها في تصريحات سياسية لقادة الانتفاضة وفي رسائل إخبارية مرتجلة عبر القنوات العالمية وعلى صفحات الفيس بوك والفضاء الافتراضي، على اعتماد خطاب إعلامي ملغوم يدغدغ مشاعر قبلية وجهوية لكسب تأييد الجمهور غير مقدرين العواقب السيئة لمثل هذا الخطاب الذي يفضي في النهاية الى تقوية الانتماء القبلي والجهوي وحتى العرقي بين افراد المجتمع وذلك على حساب انتمائهم الوطني لليبيا كوطن حاضن للجميع، وهو خطاب نعاني اليوم من تبعاته السيئة في شكل اقتتال وتطاحن واحتقانات على كل المستويات..

وإذا كان اعتماد هذا الخطاب السياسي والاعلامي الملغوم في تلك الفترة المبكرة من الانتفاضة من قبل قيادات الانتفاضة ووسائل إعلامها قد تم بحسن نية او عن غير معرفة بعواقبه، فإن التمادي اليوم في تعاطيه بل تصعيد نبرته وتوسيع رقعته بشكل ممنهج ومدروس على أكثر من صعيد تحت مسميات مختلفة، يكشف عن نوايا سيئة لمدبري هذا الخطاب ومموليه ورعاته والمتشبعين به، تستهدف ليبيا كدولة ذات سيادة بحدودها المتعارف عليها كوطن لكل الليبيين.. كما يكشف عن خيوط مؤامرة تستهدف تحول هذه الانتفاضة الى حرب اهلية تشعل كل أطراف البلاد بحروب من كل نوع، قبلية وجهوية وعرقية، أي استنساخ شبه كامل لما يجري في العراق، مع بعض الاختلاف بين البلدين في المحاور والانتماءات..

فمنذ انطلاق الانتفاضة كان التناول الاعلامي ليومياتها ينطلق من قواعد قبلية وجهوية، ويتم التناول الاخباري تحت عناوين قبلية وجهوية وعرقية، الامر الذي خلق حالة تضخم وشعور وهمي بالقوة لدى قبائل وعرقيات أغراها بتمثل حالة الطغيان التي كانت سائدة وسلوك نفس المنهج المنفلت وغير المسؤول الذي كان يمثله النظام السابق وحاشيته القبلية ضد مكونات المجتمع. وبمرور الوقت وفي ظل غياب خطاب إعلامي مسؤول ومدروس يستهدف معالجة هذه الحالة المرضية "النرجسية" التي أصابت هذه القبائل والقوى المسلحة التي تخضع لمرجعيات قبلية وجهوية وعرقية، أصيب النسيج الاجتماعي لليبيا بتهتكات خطيرة وشروخ مميتة إذا لم يسارع الليبيون الى معالجتها، فإنها ستنتهي الى تحويل البلاد الى كنتونات متطاحنة لن تعرف الاستقرار والسلام الى عقود..

عشرات المشاهد التي نرصدها كل يوم في انحاء البلاد تثير تساؤلات حقيقية لا تتجرأ الأطراف الممثلة لها على تقديم أجوبة مقنعة عنها.. كيف يمكننا ان نستوعب اعتداء مليشيات تابعة لقبائل او مدن او عرقيات على مقر المؤتمر الوطني (البرلمان) الذي تم انتخاب أعضاءه بطريقة ديمقراطية من قبل كل الليبيين بما فيهم من هاجموا مقر المؤتمر لتمثيلهم في وضع السياسات العامة للبلاد؟

كيف يمكننا ان نفهم اعتراض قبائل او مدن او عرقيات على تشكيل الحكومة المؤقتة السابقة او الحالية، ليس لعدم كفاءة أعضائها، ولكن لعدم حصول هذه القوى على حقائب وزارية فيها؟

كيف يمكننا قراءة تماهي الحكومة وقيادات المؤتمر الوطني مع قوى لا تعترف بليبيا كوطن إلا من خلال قبائلها او عرقياتها او جهاتها ؟

كيف نفهم انتهاك قيادات المؤتمر الوطني، وقبله المجلس الانتقالي لثوابت الليبيين على صعيد الهوية والعقيدة دون الرجوع الى الشعب من خلال مشروع دستور يحدد هذه الثوابت ويتم اعتماده من خلال صناديق الاقتراع، وليس من خلال الجلسات والمداولات في كواليس ريكسوس وغيرها من القاعات التي تعد وتجهز لتمرير مشاريع مشبوهة لا تحظى بموافقة غالبية الليبيين؟

كيف يقرأ المواطن العادي حوادث الخلل الامني اليومية واعتداء مليشيات مسلحة محسوبة على قوى ومناطق جهوية وقبلية وعرقية على سلطة الدولة واغتصابها، وإقامة فدراليات فعلية غير معلنة في أكثر من منطقة، وتجيير وزارات ومؤسسات بكاملها لخدمة هذه المدينة او تلك القبيلة او الجهة على حساب بقية المناطق والجهات؟

كيف وكيف ؟ عشرات الاسئلة الملحة تدور في ضمير الليبيين الذين لا زالوا يحلمون بوطن اسمه ليبيا لكل الليبيين، تنتظر إجابات شافية من هذه الاطراف التي تندمج بكل قوة في مشروع عرقنة ليبيا إن عن جهل او عن قصد وتعمد..

هذا المشهد المأساوي لليبيا بعد اكثر من عام ونصف من استئصال دكتاتورية الفرد ، يقدم لنا تجسيدا حيا وطاغيا لدكتاتورية اعتى وأشد تنكيلا بليبيا وشعبها وهي دكتاتورية القبائل والعرقيات والجهوية التي تعمل ليل نهار لاستئصال وطن اسمه ليبيا من وجدان كل الليبيين الذين وحدهم بالأمس القريب طغيان القذافي وتكاتفوا لاستئصاله، ومزقهم اليوم طغيان القبلية والجهوية والعرقية المقيتة وسيحولهم الى لاجئين ومتسولين لدى دول الجوار فيما تفيض أرضهم بالخيرات التي تكفيهم شر الاقتتال والتطاحن لو وجهوا أنظارهم نحو المستقبل الواعد الذي ينتظرهم، وتوقفوا عن الانكفاء نحو الماضي والنكوص الى ظلام التاريخ وإعادة إحياء صراعات ونزاعات تجاوزها الزمن ولا تضيف لهم سوى المآسي والاحقاد..



#محمد_عبعوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما يتحول القهر إلى مأثرة!!
- الربيع العربي يلد صنما
- مسكين أيها الخروف!!!
- حان موعد الثورة الثانية.. ايها الليبيون هبوا..
- شرعنة انتقائية لتشكيلات خارج الشرعية
- نص.. قراءة في لوحة -بوهيمية- للرسام ويليام بوغيرو
- أين سلطة الدولة مما يجري في ليبيا؟
- اللحظات الأخير لرحيل طاغية..
- تسويغ الفساد ثقافة شعبية
- فزاعة فضائية بمواصفات قذافية..
- ذكرى الاولى لتحرير طرابلس.. فرح يخالطه الحزن
- حتى لا تدنس الثورة السورية..
- إمارة شمال مالي الإسلامية .. عواقب التفكيك ومخاطر التغول
- حرب كيميائية اسرائيلية ضد العرب الفلسطين
- ديمقراطية الدم في العراق
- في عرس الديمقراطية بُعث الامل وصمتت البنادق..
- لا للعسكرة.. نعم للتمدن..
- الخطوط المغربية.. واقع دون الطموح!!
- الأفريكوم تطرق الباب .. ما سر صمت حكومتنا؟!!
- (س ص) لماذا التخلي عن أمانته العامة؟


المزيد.....




- تحليل لـCNN: إيران وإسرائيل اختارتا تجنب حربا شاملة.. في الو ...
- ماذا دار في أول اتصال بين وزيري دفاع أمريكا وإسرائيل بعد الض ...
- المقاتلة الأميركية الرائدة غير فعالة في السياسة الخارجية
- هل يوجد كوكب غير مكتشف في حافة نظامنا الشمسي؟
- ماذا يعني ظهور علامات بيضاء على الأظافر؟
- 5 أطعمة غنية بالكولاجين قد تجعلك تبدو أصغر سنا!
- واشنطن تدعو إسرائيل لمنع هجمات المستوطنين بالضفة
- الولايات المتحدة توافق على سحب قواتها من النيجر
- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - محمد عبعوب - ليبيا من طاغية إلى طغاة.