أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وليد الحلبي - يتلاعبون حتى في أحكام الله















المزيد.....

يتلاعبون حتى في أحكام الله


وليد الحلبي

الحوار المتمدن-العدد: 3910 - 2012 / 11 / 13 - 05:39
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يتلاعبون حتى في أحكام الله
وزع السيد نهاد كامل محمود رسالة مطولة يحاول فيها أن يثبت أن الخمر ليس محرماً شرعاً في الإسلام، وقد ساق للتدليل على صحة وجهة نظره مجموعة من الآيات الكريمة، شرحها بطريقته الخاصة، والتي بدت في بعض مظاهرها مضحكة وسطحية وساذجة (كتفسير "فاجتنبوه"، أي تحل الخمرة إذا وضعت كأسها بجانب الشارب وليس أمامه، هكذا فهمت منه).
وبداية، فإن جميع المناصب والمهام التي تسلمها المذكور، والتي ذيلها باسمه وهي بالعشرات، ليس فيها أية إشارة إلى دراسته العلوم الشرعية، بل هو يتباهى بعناوين براقة ليخدع بها القاريء، ويقيني أن الآية الكريمة التالية تنطبق عليه إلى حد كبير (والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له حجتهم داحضة عند ربهم وعليهم غضب ولهم عذاب شديد – الشورى 16).
ومن ملاحظاتي على ما ذكره:
1- يبدو أنه لا يعلم شيئاً عن تدرج التشريع في القرآن الكريم، والذي في بعض مظاهره يبدو مسايراً للفطرة الإنسانية التي ترفض الأمر القاطع، والنهي الرادع، خاصة وأن الإسلام كان جديداً على قلوب المؤمنين الأوائل، وحيث كانت عندهم عادات جاهلية تأصلت فيهم على مدى مئات السنين، كما وأنه، لجهله بتدرج التشريع، تراه يقدم آية مدنية على أخرى مكية، متجاهلاً الفاصل الزمني بينهما، وأيهما السابق وأيهما اللاحق.
2- يبدو كذلك أنه لا يعرف شيئاً عن الناسخ والمنسوخ، والذي أكده الله تعالى في كتابه الكريم عندما قال (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير – البقرة 106-)، فما باله يجعل الحديث عن الناسخ والمنسوخ محرماً.
3- آتي الآن إلى تفنيد تفسيره الملتوي للآيات التي استشهد بها على مزاجه، وحسب رؤيته التي ترى أن الخمر مباح، ومن حيث المبدأ أنا – وغيري بالطبع – ليس مخولاً انتقاده إن كان يشرب الخمر أم لا، فهذا شأنه، أما أن يوحي إلى الناس، خاصة الذين لم يطلعوا على القرآن الكريم، بأن الخمر حلال، فهذا ما سأحاول دحضه:
أ‌- الآية 67 من سورة النحل (ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكراً ورزقا حسنا)، فهذه الآية مكية، أي من أوائل الآيات التي ورد فيها ذكر الخمر، وقد كانت العرب تسميها (سكر)، والآية هنا تقرر أمراً واقعاً كان عليه العرب قبل نزول القرآن الكريم، وتقرير الواقع الذي كان لا يمكن فهمه على أنه إباحة، بل هو مجرد تقرير لأمر يعرفه كل الناس. وعليه لا يمكن عقلاً أن يفهم من هذه الآية تحليل للخمر، بل إنها توصيف لما كان عليه عرب الجاهلية.
ب‌- انظر للتدرج اللطيف في التشريع هنا أيضاً، فعندما أراد المؤمنون الأوائل معرفة ما يجوز وما لا يجوز لهم فعله في أمور دنياهم وتصرفاتهم، بعد أن ترك الوحي لهم أمر ذلك، ولكي لا يخبرهم ما لا يحبون، نزلت الآية الكريمة (يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما – البقرة 219-)، فلو قال لك أحدهم: لو أكلت هذا الطعام قديم الطهي لكنه لذيذ الطعم، فالأرجح أنه سيضرك، هل تقدم على أكله، أم يرجح عقلك – إن كان منطقك سليماً – عدم الاقتراب من هذا الطعام؟. والإثم في النص المقدس يراد به تحليل المحرم، كما في آية تحريم اللحوم (إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم – البقرة 173-)، أي أن المضطر إلى أكل ما سبق تحريمه في حالة الخشية من الموت جوعاً، فإنه لا يأثم، بمعنى أن أكلها في غير ضرورة هو إثم أي حرام. نعود إلى الآية السابقة (وإثمهما أكبر من نفعهما) أي أن حرمتهما – الخمر والميسر – أكبر بكثير من نفعهما، والذي هو كسب المال، أفلا يحمل ذلك معنى التحريم؟. لاحظ في الآيتين السابقتين حول "الخمر والميسر" و"النخيل والأعناب" أنها لم تبدأ بمخاطبة (يا أيها الذين آمنوا)، إذ لم يكن الإيمان قد رسخ في نفوس الناس حتى يخاطبهم الله بهذه العبارة، بينما سنرى لاحقاً كيف أن الآيات التي قطعت بالتحريم تبدأ بـ (يا أيها الذين آمنوا).
ت‌- الآية 43 من سورة النساء، وتبدأ بمخاطبة المؤمنين (يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون). في تفسيره الملوي العنق يبيح المتفيقه المحترم شرب الخمر إلى حد السكر شرط عدم الاقتراب من الصلاة في حالة السكر. وهل سأل الرجل نفسه: متى تكون جلسات القصف والسكر؟، طبعاً ليلاً، وهل يتمكن شارب الخمر حد السكر أن يصحو لأداء صلاة المغرب والعشاء؟، هنا أيضاً فاتته حكمة التدرج، فالمسلمون الأوائل وقد تعلقت قلوبهم بالصلاة، فقد وضع لهم الوحي شرط عدم الاقتراب منها وهم سكارى، ووضعهم على الاختيار: هل يسكرون؟،أم يصلون؟، وجواب المؤمنين لا شك كان واضحاً: الصلاة، ولتذهب الخمر إلى الجحيم، وفي هذا قمة التدرج والتلطف مع مؤمنين حديثي العهد بالإسلام.
ث‌- عند ذكره الآيتين 90/91 من سورة المائدة، شعر المتفيقه بحرج موقفه، لكنه استمر في تجاهل الحكمة من النص، فاجتزأه وبقي على عناده رغم وضوح التحريم وضوح الشمس في رابعة النهار، ولنستعرض الآيتين المذكورتين لمعرفة الحقيقة، والتي تبدأ كذلك بمخاطبة الذين آمنوا: ( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون). المتفيقه المحترم فسر كلمة "فاجتنبوه" بشكل سخيف مضحك، بحيث يفهم منه بأنها تعني (وضع كأس الخمر جانباً) وذلك عندما يشبه ذلك بوضع السلاح جانباً، وهو يخلط بشكل مريع بين (المجانبة – أي السير بجانب) و (الاجتناب – أي الابتعاد عن)، والفرق بينهما واضح جلي، كما أن لجوءه إلى حصر التجنب برجس الشيطان وليس بالخمر والميسر والأنصاب والأزلام، أيضاً سخيف وغير موفق، كما أنه لم يفطن إلى أن أمر الاجتناب يحمل معنى التحريم، ولو قرأ الآية التالية لعلم ذلك:( (فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور – الحج 30 -)، هنا يأمرنا الله تعالى باجتناب الأوثان وقول الزور، ويصف الأوثان بأنها "رجس" كما وصف الخمر، فهل بعد هذا من دليل لكي يقتنع؟، حسن، هنا دليل آخر: يقول الله تعالى في الآية 145 من سورة الأنعام: ( قل لا أجد في ما أوحي إلي محرماً على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دماً مسفوحاً أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقاً أهل لغير الله به)، ألا نرى أن لحم الخنزير قد وصفته الآية بأنه رجس وهو محرم، وطالما أن الخمر رجس كذلك فهي محرمة بالضرورة لاشتراكها مع محرم (لحم الخنزير) بوصفهما رجس، ولو تابع في الآية التالية لوجد (إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون)، والكلمة الأخيرة المتضمنة أمر النهي يبدو أنه قد تجاهلها تماماً، فالنهي هنا يحمل معنى التحريم بشكل لا لبس فيه، حيث يأمر الله تعالى أهل الكتاب أن يتوقفوا عن قولهم إن المسيح ثالث ثلاثة، ثم يحذرهم بقوله ( ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيراً لكم – النساء 171 -) أفلا تعني "انتهوا" هنا معنى التحريم.
غير أن الهروب الكبير للمتفيقه كان من الدليل القاطع بتحريم الخمر، وذلك عندما حرمت الأنصاب والأزلام في الآية رقم 3 من سورة المائدة ( حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالأزلام ذلك فسق)، فالأزلام والأنصاب محرمة هنا بشكل لا لبس فيه، وبالتالي فالخمر المقترنة بالأنصاب والأزلام بحرف العطف (إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون) هي محرمة بشكل مؤكد قاطع لا لبس فيه.
ثم: كيف ينسى، بل يتناسى صاحبنا أن السكر بتناول الخمور هو واحد من أهم دوافع ارتكاب الجريمة، فاختلال العقل يزين للسكير ارتكاب أي فعل مهما كان قبيحاً وهو تحت تأثير المسكر، أفلا يكون هذا موجباً لتحريمه حماية للنفس البشرية من الإزهاق.
ختاماً: لا شك أن كل امريء حر بما يفعل (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)، ولكن لي أعناق الآيات، واستنتاج ما يرغب المرء في تحليله لنفسه، لا ينبغي أن يرسل إلى الآخرين على أنه الحقيقة الثابتة، فذلك هو الحرام بعينه.
وليد الحلبي



#وليد_الحلبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وليد الحلبي - يتلاعبون حتى في أحكام الله