أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - بعد تفخيخ دمشق... تفجيرها!














المزيد.....

بعد تفخيخ دمشق... تفجيرها!


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 3909 - 2012 / 11 / 12 - 17:20
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


من يحتمل أنه فجر سيارة مفخخة في حي المزة 86 في مشق يوم الاثنين الماضي؟ وسيارة أخرى في حي الورود في اليوم التالي؟ المشترك بين الحيين أنه تقطنها أكثرية علوية.
قبل هذه الحوادث جرى تفجير سيارات مفخخة في عدد من المناطق الثائرة، 5 تفجيرات في المعضمية، وتفجير في برزة البلد، وآخر حي الزهور أول أيام عيد الأضحى وكان ضحاياه من الأطفال. في الأمر ما يشير إلى نسق ثابت، لا يكاد يمكن التشكك في مسؤولية النظام عنه. وكانت موجة التفجيرات هذه تزامنت مع تفجير في ضاحية جرمانا (متنوعة السكان مع أغلبية درزية)، ثم في منطقة باب توما ذات الأكثرية المسيحية (وقع التفجير في ساحة مزدحمة الحركة، ويبدو أن مسيحيا واحدا بين الضحايا الستة عشر). هذا التزامن ألقى ظلالا من الشك بأن النظام هو المسؤول عن هذا التفجيرات أيضا، من باب دفع الأقليات ودفعها إلى الاحتماء به. وبينما لا مجال للقطع في هذا الشأن، فإنه لا يمكن تكذيب الأمر عن النظام، لا قبل ميشال سماحة ولا بعده، وله في ذلك مصلحة ظاهرة.
فهل يعني ذلك أن النظام أيضا هو المسؤول عن تفجيرات المزة 86 وحي الورود؟ يوم وقع التفجير الأول ذهبت الظنون في هذا الاتجاه فعلا، ورُبط الحادث بسلسلة التفجيرات السابقة له. لكن حين وقع تفجير حي الورود، ثم قصف حي نسرين في منطقة التضامن يوم الثلاثاء الماضي (سكانه علويون أيضا)، والمزة 86 نفسها يوم الأربعاء، أخذ يلوح نسق آخر، مغاير، ربما تنتهجه جهات من المقاومة المسلحة للنظام. ولا يبدو أنه يغير من الأمر ما قالته رويترز يوم الأربعاء من أن القذائف التي وقعت في المزة 86 كان مستهدفا بها القصر الجمهوري في الواقع.
كانت جهود عقلاء محليين في مناطق متعددة من دمشق حالت دون وقوع عمليات انتقام طائفية ضد ما يسمى، تحرّجا، "أحياء موالية"، عدا عمليات اختطاف متناثرة. لكن لا وجه للاطمئنان إلى عدم حدوث مثلك تلك العمليات، اليوم أو في أي وقت، بينما النظام يستخدم على نطاق واسع ومتكرر سكانا من "عش الورور" ضد برزة المجاورة، ومن حي الورود ومساكن الحرس ضد قدسيا والهامة، ومن السومرية ضد أهالي وداريا والمعضمية، مما هو معلوم ومتواتر في العاصمة التي لا تكاد تنقطع أصوات القصف فيها منذ هدنة الإبراهيمي الشهيرة.
وحين نتكلم على برزة والمعضمية وداريا وقدسيا والهامة... فإننا نتكلم على أهالٍ، لا على "ثائرين"، ولا على "مقاومة مسلحة"، وإن كانت حواضن "طبيعية" لهم. وهم أهالٍ صودرت ملكيات كثيرين منهم في أطوار متعددة من الحكم البعثي والأسدي، لغير أغراض "المصلحة العامة" غالبا، قبل أن تتعرض بلداتهم للقصف العشوائي المتكرر وملكياتهم للنهب، وبمساهمة نشطة من أحياء جوارهم "الموالية" الحديثة النشوء، عمر أقدمها 30 عاما بالكاد.
وما هو أشد إثارة للذهول في هذا الشأن أن رئيس الوزراء نادر الحلقي زار حي المزة 86 في اليوم التالي للانفجار، حيث "أكد على إعادة تجهيز البنى التحتية والمباني المتضررة من العمل الإرهابي، وإيواء الأسر المتضررة"، على ما قالت "الصفحة الكبرى لمحبي الرئيس بشار الأسد" على الفيسبوك. وهذا حدث لم يسبق أن جرى ما يشبهه لأحياء وبلدات عمرها مئات أو ألوف السنين، تعرضت لتدمير واسع النطاق وسقط العشرات من سكانها أو المئات، المعضمية ودوما والتل وقدسيا والحجر الأسود والتضامن والقدم وبرزة...، ومثل داريا التي شهدت مذبحة مروعة أيام عيد الفطر الماضي راح ضحيتها ما قد يبلغ ألفا من سكانها، وارتكبها هي الأخرى "المتمردون"، بشهادة الأخلاقيات المهنية لإعلام النظام و...روبرت فيسك.
وغير رئيس الوزراء الذي ربما يهتدي في زيارته للمزة 86 دون أحياء وضواحي دمشق الأخرى بأقوال رئيسه الرافضة لأن يكون رئيسا لكل السوريين، يبدو أن رجل البر الشهير، رامي مخلوف، قدّم، عبر "جمعية البستان الخيرية" التابعة له، مساعدة لسكان الحي المتضرر ذاته. وهو ما لم يحصل مثله أيضا لأية بلدات وأحياء أخرى، منذورة فيما يبدو للقصف اليومي ولـ"التخطيط العمراني" في آن.
بهذا يضيف النظام الإهانة إلى الجرح، حسب قول سائر في اللغة الانكليزية، ويكشف عن فجور تمييزي في التعامل مع السكان بحسب منابتهم الطائفية، من شأنه أن يسعّر أكثر الانفعالات الطائفية التي لا تكاد تحتاج إلى تسعير.
ما يتاح الاطلاع عليه في مواقع التواصل الاجتماعي يشير إلى سعار هستيري غير مكتوم. يُسمع أكثر وأكثر الكلام على "مستوطنات علوية" في دمشق، يجب تفكيكها؛ وتنويعات من كلام مقابل موجه إلى "السيد الرئيس"، يرجوه إبادة أهالي دوما وسقبا وحمورية وجوبر وزملكا... عن بكرة أبيهم، وزرع بطاطا مكان بلداتهم!
قد يكون من قبيل افتعال المفارقة القول إن مزيج القصف والرعاية السياسية والمالية هو بمثابة المجاهرة بحرب مفتوحة متعددة الوسائل ضد السكان. الواقع أن الحرب مفتوحة منذ شهور، وأن غوطة دمشق الشهيرة، أو ما بقي منها، تتعرض لقصف يومي من جبل قاسيون الشهير بدوره، مشفوعا بالطائرات الحربية التي لا تكاد تفارق سماء دمشق. وليس في هذه الحرب المستمرة ما يساعد على تجنب عنف طافي بالغ الوحشية إن كان هناك من يريد تجنبه، بل فقط ما يساعد على تعميم العنف الطائفي، وتحويل الصراع من مواجهة بين مجتمع ثائر ونظام طغموي امتيازي إلى صراع مطلق داخل المجتمع. لكن أليس هذا أيضا ما عمل من أجله النظام منذ البداية أيضا؟ وهل يمكن توقع شيء مختلف من معتوه ينذر العالم كله بأنه غير قادر على تحمل أكلاف سقوطه؟ الله يرحم صدام!
وما من أحد داخل سورية اليوم في وضع سياسي أو أخلاقي جيد كي يستطيع فعل أي شيء مؤثر، ولو إدانة مخلصة، إن وقعت عمليات انتقام طائفية على نطاق واسع، ما دام النظام قائما ومستمرا في حربه. لا يكاد يحول دون هذه المخاطر راهنا إلا موازين القوى العسكرية بين النظام والثائرين، وهي موازين تميل بصورة ثابتة لغير مصلحة النظام.



#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار متجدد في شؤون الثورة السورية وشجونها
- هل الثورة مكتفية أخلاقيا؟
- أخيرا، استراتيجية أميركية حيال الصراع السوري... خاطئة
- الثورة السورية ومسائلنا الكبرى الثلاثة
- حوار في شؤون الثورة السورية وشجونها
- سياسة بين سياسيين، وإلا فحرب بين محاربين
- جماعة -ما تبقى-: السنيون السوريون والسياسة
- جوانب من -الاقتصاد السياسي- للحرب الأسدية الثانية
- الموجة الإسلامية الثالثة والثورة: بعض الأصول والدلالات والآث ...
- الثورة في خطر!
- مأزق الثورة السورية
- حوار حول كتاب -بالخلاص، يا شباب!-
- حوار حول الثورة السورية والموقف الدولي
- كتاب -العقد الأخير في تاريخ سورية...-: جدلية المنهج المنفتح ...
- نزع القداسة عن الثورة
- حوار حول الشأن السوري والطائفية والمستقبل
- ما الاعتدال وما التطرف في الشأن السوري؟
- فقدت الحياة القديمة
- ما يستقيم وما لا يستقيم في معالجة -الأزمة السورية-
- حوار حول الثورة والمثقف والسجن


المزيد.....




- ما هي صفقة الصواريخ التي أرسلتها أمريكا لأوكرانيا سرا بعد أش ...
- الرئيس الموريتاني يترشح لولاية رئاسية ثانية وأخيرة -تلبية لن ...
- واشنطن تستأنف مساعداتها العسكرية لأوكرانيا بعد شهور من التوق ...
- شهداء بقصف إسرائيلي 3 منازل في رفح واحتدام المعارك وسط غزة
- إعلام إسرائيلي: مجلسا الحرب والكابينت يناقشان اليوم بنود صفق ...
- روسيا تعلن عن اتفاق مع أوكرانيا لتبادل أطفال
- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - بعد تفخيخ دمشق... تفجيرها!