أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - رسالة إلى الأحزاب و المنظمات المنتمية إلى الحركة الأممية الثورية الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية – غرّة ماي 2012.















المزيد.....



رسالة إلى الأحزاب و المنظمات المنتمية إلى الحركة الأممية الثورية الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية – غرّة ماي 2012.


شادي الشماوي

الحوار المتمدن-العدد: 3909 - 2012 / 11 / 12 - 13:18
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


رسالة إلى الأحزاب و المنظمات المنتمية إلى الحركة الأممية الثورية
الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية – غرّة ماي 2012.

مقتطف من الفصل الأوّل من " الماوية تنقسم إلى إثنين"
-----------------------------------------------------------------------------------------
مقدّمة " الماوية تنقسم إلى إثنين"
" الماوية : نظرية و ممارسة "عدد -13-
شادي الشماوي
صراع خطين جديد صلب الحركة الأممية الثورية ! نعم ! عقب صراع الخطين الذى عرفته هذه الحركة الماوية و كان محوره مسار الثورة فى النيبال ( و الذى أفردنا له كتابا عنوانه " صراع الخطين صلب الحركة الأممية الثورية " و تجدونه على موقع الحوار المتمدّن )، تشهد اليوم ذات الحركة صراع خطين محتدم صار فى المدّة الأخيرة علنيّا ، منشورا على صفحات الجرائد و على الإنترنت.
منذ سنوات تعطّل النشاط العادي للحركة الأممية الثورية و لم يفهم الكثير من الثوريين و من الماويين عبر العالم الأسباب الحقيقية الكامنة وراء ذلك و ظلّت أسئلة عدّة مثارة قد يعثر على أجوبة لها جزئية فى وثائق متناثرة هنا و هناك وقد تتّخذ حجم الجبال عندما يقرأ المرء نصوصا تهاجم هذا الحزب أو ذاك من نفس الحركة و تنعته بنعوت أقلّها التحريفية دون الخوض بعمق فى النقاط الخلافية الحقيقية. و فى ماي 2012 ، أعلنت ثلاثة أحزاب هي الحزب الشيوعي الإيطالي (الماوي ) و الحزب الشيوعي (الماوي) الأفغاني و الحزب الشيوعي الهندي (الماركسي-اللينيني)(نكسلباري) عن موت تلك الحركة و إقترحت بناء منظّمة ماوية عالمية جديدة على أساس قراءة قدّمتها لكن لم تمض مدّة طويلة حتى نشر علنا الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية رسالة توجّه بها إلى كافة الأحزاب و المنظّمات المنتمية إلى الحركة الأممية الثورية و بيّن محتواها بوضوح بلوغ صراع الخطين الذى له جذوره التاريخية فى الحركة مرحلة متقدّمة جدّا.
لا ينبغى على الشيوعيين كماديين جدليين تعمّقوا فى دراسة تطويرات ماو تسى تونغ للمادية الجدلية أبدا أن يستغربوا صراع الخطين فالأمر طبيعي و عادي للغاية ذلك أنّ فى كلّ وحدة أضداد الصراع هو المطلق و الوحدة عرضية و مؤقتة و نسبية و سواء تعلّق الأمر بالأحزاب أو المنظّمات أو الحركات السياسية ، الصراع هو الحياة ، الصراع هو النموّ حسب إنجلز و إنعدامه يعنى الموت ، أمّا الوحدة الثورية فتبنى على الأرقى و يعاد بناؤها على أسس أمتن وأرسخ علميّا و شيوعيّا . ببساطة ما يجدّ اليوم ليس سوى الماوية تنقسم إلى إثنين ، الماوية تخضع هي الأخرى إلى القانون الجوهري للجدلية ، قانون التناقض/ وحدة الأضداد او بصيغة جعلها ماو شعبية فى الصين الإشتراكية " إزدواج الواحد".
لقد أكّد ماو تسى تونغ على هذه الحقيقة الموضوعية و المادية الجدلية فى " حول المعالجة الصحيحة للتناقضات بين صفوف الشعب " قائلا :
" تعتبر الفلسفة الماركسية أن قانون وحدة الأضداد هو القانون الأساسي للكون. وهو قانون مطلق الوجود سواء فى الطبيعة أو فى المجتمع البشري أو فى تفكير الإنسان. فبين الضدين فى تناقض ما توجد وحدة و صراع فى آن واحد، و هذا ما يبعث الحركة و التغير فى الأشياء . إنّ التناقضات موجودة فى كلّ شيء ، إلاّ أن طبيعتها تختلف بإختلاف طبيعة الأشياء . فالوحدة بين الضدين فى التناقض الكائن فى كلّ شيء محدد هي ظاهرة مقيدة ، و مؤقتة ، و إنتقالية، وهي لذلك نسبية ، أمّا الصراع بينهما فإنّه يبقى مطلقا دون تقييد." ( " مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ "، صفحة 226).
و قبل ذلك فى " فى التناقض " ، أعرب عن أنّ :
" الصراع يكمن بالضبط فى الوحدة ، و لا وحدة بدون صراع ".
و من الواجب أن يعمل الشيوعيون الثوريون أينما كانوا من أجل المسك بأرقي حلقات تطوّر علم الثورة البروليتارية العالمية و يتخلّصوا من النواقص و الأخطاء و يحاصروا التيارات التحريفية و يلحقوا بها الهزيمة ليبقى لون المنظّمة و لون الحزب او الحركة أحمرا وليتمكّنوا من النهوض بمهامهم الثورية فى قيادة البروليتاريا و شعوب العالم و أممه المضطهدة فى تغيير العالم تغييرا ثوريّا بإتجاه الشيوعية عالميّا. و إن فشلوا فى ذلك تغيّر لون المنظمة أو الحزب او الحركة و باتوا تحريفيين برجوازيين و بئس المصير! ومن واجب الشيوعيين الثوريين أن يتحلّوا باليقظة الدائمة كيما يشيّدوا فى كلّ مرحلة وحدة ثورية حقّا ، لا وحدة إنتهازية تمزج فيها الماركسية و التحريفية معا فتؤول الغلبة فى النهاية إلى التحريفية و بئس المصير !
و مع علمنا بوجود منظّمات و احزاب ماوية أخرى خارج الحركة الأممية الثورية ، فإنّنا نعنى فى المصاف الأوّل بهذا الصراع بالذات و أساسا لإعتبارنا أوّلا أنّ هذه الحركة هي محور ومركز الماوية تاريخيّا ، سياسياّ و إيديولوجيا فمثلا هي التى رفعت راية الماركسية - اللينينة - الماوية و تبنّتها أحزاب و منظمات أخرى من خارجها ؛ و ثانيا أنّ مستقبل الماوية مرتهن إلى درجة كبيرة بهذا الصراع الدائر الآن لمدى أهمية القضايا المطروحة و دلالتها.
لفهم خطّ الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ، وهو أحد الخطين المتصارعين ، كنّا قد نشرنا كتابا كاملا يشمل أهمّ وثائقه الجديدة ،" المعرفة الأساسية لخطّ الحزب الشيوعي الثوري ..." المنشور على موقع الحوار المتمدّن. ومن هنا تأتى أهمّية العودة إليه. و قصد توفير جملة من الوثائق الأخرى باللغة العربية للذين يتطلعون لفهم صراع الخطين الحيوي فهما شاملا و عميقا ، موضوعيّا ،لا ذاتيّا ، سعينا قدر الطاقة إلى الإطلاع على مادة كثيفة إنتخبنا منها ما نعدّه الأكثر تعبيرا عن وجهات نظر الخطّين المتواجهين فجاءت فصول الكتاب الحالي حاملة نصين متعارضين فى كلّ فصل منها على النحو التالي :
يتضمّن الفصل الأوّل المعنون "خطّان متعارضان حول المنظمة الماوية العالمية " :
أ- الشعوب تريد الثورة ، البروليتاريون يريدون الحزب الثوري ، الشيوعيون يريدون الأممية و منظمة عالمية جديدة .( بيان مشترك لغرّة ماي 2011)
و القرار 2 الصادر عن الإجتماع الخاص بالأحزاب والمنظمات الماركسية – اللينينية – الماوية المنتمية إلى الحركة الأممية الثورية من أجل ندوة عالمية للأحزاب و المنظمات الماركسية – اللينينية – الماوية فى العالم . ( غرّة ماي 2012. )
و ب- رسالة إلى الأحزاب و المنظمات المنتمية إلى الحركة الأممية الثورية،
الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية – غرّة ماي 2012.
و مضمون الفصل الثاني ،" نظرتان متعارضتان لنظام الدولة الإشتراكية " ، هو :
أ-" نظام الدولة الإشتراكية "، لآجيث ، الحزب الشيوعي الهندي (الماركسي- اللينيني) ( نكسلباري).
و ب- " النقاش الراهن حول نظام الدولة الإشتراكية "، ردّ من الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية / 2006.
و ينطوي الفصل الثالث الوارد تحت عنوان " موقفان متعارضان من " الخلاصة الجديدة " لبوب آفاكيان " على :
أ- " موقفنا من الخطّ الجديدة للحزب الشيوعي الثوري و بيانه و قانونه الأساسي"، الحزب الشيوعي (الماوي ) الأفغاني ، أكتوبر 2010.
و ب - " ردّ أولي على مقال" دراد نوت" بشأن " الخلاصة الجديدة لبوب آفاكيان"، سوزندا آجيت روبا سنغى ، رئيس الحزب الشيوعي السيلاني (الماوي) ، 18 أفريل 2012.
و هذه النصوص جميعها متوفّرة باللغة الأنجليزية على الأنترنت و تحديدا على موقع :
www.bannedthought.org
و نظرا لكون صراع الخطين بالكاد إنطلق علنيّا فمن الأكيد أنّ عدّة وثائق أخرى ستصدر و من أطراف مختلفة . و كلّما عثرنا على وثائق قيمة ، غير إنطباعية و لا تتوخى الشتم و التشويه المجاني أسلوبا بل تبحث عن الحقيقة ، سنبذل قصارى الجهد لوضعها بين أيدى القراء باللغة العربية كفصل أو فصول إضافية لهذا الكتاب. و مقترحات الرفيقات و الرفاق مرحّب بها بالطبع.
و لا يفوتنا هنا أن ندعو رفاقيّا كافة الماويين و الماويات إلى أن يضعوا نصب أعينهم دائما و أبدا تعاليم لينين عن الحقيقة الثورية و تعاليم ماو عن صحة الخطّ الإيديولوجي و السياسي هي المحدّدة فى كلّ شيء و أن يتفاعلوا تفاعلا علميّا رصينا مع هذا الصراع المصيري ، فلن تنفع لا سياسة النعامة و تجاهل الصراع و لا سياسة إصدار الأحكام العشوائية قبل الدراسة المتأنية و المتمعنة على أسس الشيوعية الثورية. و فى تحويل هذا الصراع إلى مدرسة لرفع الوعي الطبقي و تعميق المسك بالخطّ الإيديولوجي و السياسي الشيوعي الثوري بهدف تغيير الواقع ثوريّا بإتجاه الشيوعية عالميا، سيتحمّل لا سيما الماويون و الماويات المتقدّمون فى إستيعاب علم الثورة البروليتارية العالمية، مسؤولية تاريخية ذلك أنّ الماوية فى منعرج تاريخي و الرهان ليس أقلّ من مستقبل الشيوعية و مثلما قال لينين:
" ينبغى للمرء أن يكون قصير النظر حتى يعتبر الجدال بين الفرق و التحديد الدقيق للفروق الصغيرة أمرا فى غير أوانه أو لا لزوم له. فعلى توطد هذا " الفرق الصغير" أو ذاك قد يتوقف مستقبل الإشتراكية – الديمقراطية الروسية [ الشيوعية ] لسنوات طويلة ، طويلة جدا." ( لينين ؛ " ما العمل؟ ").
==================================================

رسالة إلى الأحزاب و المنظمات المنتمية إلى الحركة الأممية الثورية
الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية – غرّة ماي 2012.
[ ملاحظة الناشر : هذه الرسالة وزّعت فى الأصل فى صفوف الأحزاب و المنظمات المنتمية إلى الحركة الأممية الثورية وحسب. و بنشرها إلى العموم و جعلها متوفرّة لهم ، ما كان ملاحظات تمهيدية فى البداية ، ضمّناه هنا بدلا من ذلك كملحق ، و من أجل الوضوح أدخلت تعديلات طفيفة على الملحق و على النصّ الأساسي لهذه الرسالة ]
الرفاق الأعزّاء ،
نكتب لكم فى زمن جعلتنا فيه التجربة المشتركة و عملنا معا فى إطار الحركة الأممية الثورية ، فى وضع حرج حيث القوى التى كانت فى السابق متحدة ضمنها تنقسم حول مسائل محورية. إنّنا نواجه لحظة فيها يجب أن نخوض صراع الخطين بصدد المسائل الأكثر جوهرية لما سيحدّد الخطّ الإيديولوجي و السياسي للحركة الشيوعية العالمية ، إذا ما كانت ستوجد بعدُ شيوعية حقيقية فى عالم اليوم.
كان تشكيل الحركة الأممية الثورية سنة 1984 نقطة بداية دور هام نهضت به لعقدين كمركز جنيني للقوى الماوية عبر العالم- أي تلك التى كانت حينها ملتزمة برفع راية إرث ماو تسى تونغ للتقدّم بالشيوعية ، عقب هزيمة الثورة فى الصين سنة 1976. و مثلما نعلم جميعا ، لسنوات الآن ، توقفت الحركة الأممية الثورية عن العمل كمركز من هذا القبيل. و أسباب هذا هي جزء من النزاع الحالي. والآن هناك حاجة بالغة الأهمية لوحدة الشيوعيين الثوريين على المستوى العالمي على أساس وحدة مبدئية حول خطّ إيديولوجي و سياسي صحيح . بيد أن مثل هذه الوحدة لا يجب و لا يمكن أن تتحقق إلاّ عبر صراع خطين محتدم.
وقد نجم عن الإخفاق فى التقدّم بهذه السيرورة ضرر حقيقي. أنظروا مثلا ، إلى التمرّدات التى جدّت فى شمال أفريقيا و الشرق الأوسط سنة 2011 و تداعياتها المستمرّة بطرق معقدة و متناقضة ، و لاحظوا تبعات غياب القوة العالمية للشيوعيين توضح وتقاتل من أجل خطّ ثوري جوهريّا فى تعارض مع " الحلول " الخاطئة. فى تلك و غيرها من التمردات الجماهيرية مثل حركة أوكوباي [ إحتلال الشوارع ] التى ظهرت أساسا فى البلدان الإمبريالية ، و من اليسير الإقرار بالحاجة الملحّة لبثّ واضح و دقيق للخطّ الشيوعي الثوري و حاجة القوى الشيوعية إلى توحيد جهودها لتأثّر فى وضع متصاعد التعقيد ، مقدّمة قوى تستطيع أن تقود هذه النضالات على طريق يمكن من إختراق الإطار الحالي الذى تسجن ضمنه الإنسانية. و البدائل التى تقدّم إلى الجماهير عبر العالم كافة هي غالبا لون أو آخر من الأنظمة التى تهيمن عليها طبقات حاكمة عفا عليها الزمن ، لا تقود الشعب بإتجاه القطع الحرّ مع هيمنة النظام الرأسمالي و الإمبريالي ، و بإتجاه طريق الإشتراكية و أخيرا الشيوعية.
دون تيّار شيوعي ثوري حقيقي قادر على تقديم رؤية و برنامج تحرّريين حقّا ممكني التحقيق و على ذلك الأساس بناء علاقات مع الجماهير و قيادتها ، هذه الجماهير الواقعة فى أسر ظروف رهيبة عبر العالم قاطبة ؛ الشعوب أسيرة و ستظلّ أسيرة البدائل الرجعية و سيكون تنظيم و قيادة شيوعيين ثوريين يمكن أن يرميا جذورهما فى بلدان معينة ، فى إطار خطّ إيديولوجي مشترك على النطاق العالمي ، سيكون جزءا حيويّا من التقدّم بالمرحلة الجديدة من الثورة البروليتارية.
و الأمر البسيط هو أنّه لا يمكن أن يوجد إطار حيوي لتنظيم الشيوعيين عالميا دون مواجهة هذه المسائل المتعلقة بالخطّ الإيديولوجي و السياسي التى تهمّ جوهر مفهوم الشيوعية ، قاطعين مع مفاهيم تتناقض مع الشيوعية. الحركة الشيوعية العالمية فى حاجة إلى التقدّم بناء على القاعدة السياسية و النظرية التى وقع تطويرها مع الخلاصة الجديدة للشيوعية من قبل بوب آفاكيان ، رئيس الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية بمثابة أساس لهذا التقدّم.
و أكثر جوهرية ، بلغت الأمور طريقا مسدودا ليس بسبب عرقلة حزب او آخر ، أو عدم نشاط لجنة الحركة الأممية الثورية فى مواجهة الخلافات الحادة حول الخطّ ، و لا حتى جوهريّا بسبب الخيانة الحقيقية ذاتها للثورة فى النيبال و كل إنعكاساتها السلبية ( التى سنتحدّث عنها أكثر أدناه). بالأحرى ، نشأت أزمة الحركة الأممية الثورية و الحركة الشيوعية العالمية بصورة أعمّ لأنّ الفهم الذى قامت عليه الحركة - ما كنّا نسميه الماركسية- اللينينية- الماوية - " ينقسم إلى إثنين" : جوهره الثوري الصحيح و العلمي ثبتت صحته وهو يتقدّم إلى مستويات جديدة ، بينما الأخطاء الثانوية و إن كانت حقيقية و ضارة فى السياسة و النظرية وقع تحديدها و يمكن و من الضروري الصراع ضدّها كجزء من إنجاز القفزة اللازمة. هذه هي المقاربة التى إعتمدها بوب آفاكيان و حزبنا يدعو الآخرين للإلتحاق بها لتلبية هذه الحاجة الملحة. و على النقيض من ذلك ، تعزّز خطّ و تعزّزت رؤية ترفع هذه الأخطاء بالذات إلى مستوى المبدأ و تبنى " ماوية " ليس لها سوى غطاء خاوي مشترك مع السياسات و الإيديولوجيا الشيوعية الثورية التى قدمها و صاغها ماو ، و فى نفس الوقت ، يندّد هذا الخطّ الخاطئ بالخلاصة الجديدة للشيوعية على أنّها " معادية للثورة ".
- الشيوعية فى مفترق طرقات :I
إثر الإنقلاب فى الصين ، وفّر تشكّل الحركة الأممية الثورية مركزا و توجها للشيوعيين الثوريين عبر العالم. و دخلت الحركة الأممية الثورية موحدة فى معركة سياسية و إيديولوجية بالإعتماد على ما كان حينها ، فهما متقدّما عكسه " بيان الحركة الأممية الثورية " (1). و قد توحّدوا حول هذا الأساس الجوهري ، إنطلق الرفاق من مختلف البلدان فى الممارسة الشيوعية الثورية وفق إستراتيجيا و مرحلة تطوّر السيرورة الثورية كلّ فى بلده. و أحيانا ، وفق الطابع الخاص للبلد و الظروف الملموسة ، بوجه خاص فى البيرو و النيبال ، تمكّن الرفاق من إحداث إختراقات فى قيادة الجماهير فى حرب الشعب. لكن الرفاق فى مختلف البلدان واجهوا عوائقا جدية كذلك ، و فى بعض الأماكن ، تراجع المسار الثوري أو تجمّد ما أثّرعلى الحركة الأممية الثورية ككلّ. هناك حاجة حقيقية لمعالجة علمية لكافة هذه التجربة ، فى شتّى البلدان و على النطاق العالمي. و حتى أكثر من ذلك ، هناك حاجة إلى وضع هذه التجارب و ما يجب تعلمه منها فى إطار أشمل لإنجاز تلخيص شامل للحركة الشيوعية و التطورات التاريخية و العالمية للنظرية الشيوعية ، و الإلتحاق بالصراع حول الخطوط التى ظهرت بشأن ما هي الدروس التى ينبغى إستخلاصها من هذه التجربة ، وكذلك من التجارب الإجتماعية و العلمية بصفة أعمّ.
لعدّة سنوات ، كان حزبنا يلفت الإنتباه إلى مفترق الطرقات الذى يواجه الحركة الشيوعية العالمية ، مقدّما فهمنا لطبيعة الأزمة الحالية و أسبابها ، و داعيا إلى أن يخوض الرفاق فى الخلاصة الجديدة التى تقدّم بها بوب آفاكيان و مشدّدا على ذلك. و فى الحقيقة جرت معالجة طفيفة للغاية للعوائق و التناقضات الحقيقية فى سيرورة إنجاز الثورة ، فى ما يتصل بكلّ من تجربة الحركة الأممية الثورية الأحدث و لكن أيضا و أكثر أهمية ، فى ما يتصل بتلخيص الثورة البروليتارية ككل و التعلم منها. و مع ذلك ، بينما بالكاد إنطلق الجدال اللازم ، وجدت إختلافات مستمرّة وفى تفاقم دخل الحركة الشيوعية العالمية ، و من ثمة مقترحات مختلفة لما يجب القيام به.
فى 2009، أصدرنا " الشيوعية : بداية مرحلة جديدة ، بيان للحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية " الذى يلخّص الهدف العام للثورة الشيوعية و رؤيتنا لمفترق الطرقات الحالي الذى يواجه الحركة الشيوعية (2).و التوجه ملخّص بدقّة فى الفصل الخامس من البيان :" الشيوعية فى مفترق طرقات: طليعة المستقبل أم بقايا الماضي؟." و فى 2009 ، بعثنا برسالة لجميع الأحزاب و المنظمات المنتمية إلى الحركة الأممية الثورية ، سائلينها أن تقيّم هذا البيان و أن تتفاعل معه. و إلى يومنا هذا ، عدد قليل فقط إستجاب لهذا الطلب. و هذا غير مقبول وهو تعبير عن المقاربة الخاطئة للتقدّم بالحركة الشيوعية العالمية فى هذه اللحظة الحرجة. و عوض ذلك ، بعض الذين رفضوا التفاعل مع هذا ، يطلقون النداءات لتشكيل حركة شيوعية عالمية جديدة تقوم على ما يسمونه " الماركسية- اللينينية – الماوية " دون أي نقاش لما يقصدونه بمضمون الماركسية – اللينينية – الماوية ، و خاصة ، نقص مذهل فى التمايز مع الخطّ التحريفي الذى كان فى مصاف القيادة فى الحزب الشيوعي النيبالي الموحد (الماوي) منذ 2005 ، وهو أمر لا يستغرب نظرا لأنّ الحزب الشيوعي النيبالي الموحد (الماوي) كان أحد الممضين على نداء 2011. (3)
هناك شيء يبعث على السخرية فى إدعاء رفع راية الماركسية- اللينينية- الماوية ، فى حين يتمّ تجنّب النقطة المركزية لدى ماو و مفادها أنّ صحّة أو عدم صحّة الخطّ الإيديولوجي و السياسي هي المحددة فى كلّ شيء كما يتمّ رفض الخوض فى المسائل المفاتيح بجدّية على ضوء ذلك.غالبا ما شهدت الحركة الشيوعية العالمية هذا النوع من المقاربة للبحث عن الوحدة بلا مبادئ ، و فسخ التمايز بين الماركسية و التحريفية و العمل على قاعدة البراغماتية – ما يعنى دائما ، فى الواقع القبول بالمواقف التحريفية. هناك تاريخ الأممية الثانية حيث إنتهى " رفاق" إلى مساندة دولهم الإمبريالية الخاصة فى إطلاق النار على عمال بلدان " العدو" أثناء الحرب العالمية الأولى. و هناك كامل تجربة عدد من القوى ، مثل حزب العمّال الفتنامي و آخرين ، الذين حاججوا فى ستينات القرن العشرين من أجل " وحدة الحركة الشيوعية العالمية "، ما كان يعنى إيقاف النضال الذى كان يقوده ماو ، ضد التحريفية المعاصرة و مركزها الإتحاد السوفياتي. و فى العقود الأخيرة ، وجدت عديد المبادرات العالمية الأخرى ، مثل مبادرات حزب العمل البلجيكي أو الحزب الشيوعي الفيليبيني ، التى سعت إلى ان تمحو النضال ضد التحريفية و / أو تعويض الشيوعية الثورية ببعض المقاييس الأخرى كأساس للوحدة.
ما هي الخلاصة الجديدة لبوب آفاكيان ؟
طوال فترة كاملة من الزمن ، طوّر بوب آفاكيان الخلاصة الجديدة للشيوعية الوفيرة المادة و هي تشمل عدّة عناصر متنوعة. آفاكيان ذاته و حزبنا قد تطرّقا مباشرة إلى مضمون الخلاصة الجديدة فى عدد من الوثائق المنشورة . (4) و النقاط الأساسية قد لخّصت فى " الشيوعية : بداية مرحلة جديدة ، بيان للحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية. و من المفيد تفحّص كيف يقدّم البيان ذلك :
" من الناحية الفلسفية والمنهجية ، يعيد هذا التوليف / التلخيص الجديد فى معناه الأساسي ، إرساء الماركسية على أكمل وجه على جذورها العلمية. إنه يعنى أيضا التعلّم من التجربة التاريخية الغنية منذ زمن ماركس ، مدافعا عن الأهداف و المبادئ الجوهرية للشيوعية ، التى ثبت أنها صحيحة أساسا ، وناقدا ونابذا المظاهر التى ثبت أنها خاطئة أو لم تعد قابلة للتطبيق ومؤسسا شيوعية على أساس علمي أتمّ وأصلب.
فى المفهوم الأصلي للتطوّر التاريخي للمجتمع الإنساني نحو الشيوعية ، حتى كما صاغه ماركس ، وجدت نزعة ، وإن كانت بالتأكيد نزعة ثانوية ، نحو نظرة نوعا ما ضيقة وخطّية. وتجسّد هذا مثلا فى مفهوم " نفي النفي" ( نظرة أن الأشياء تسير بطريقة بحيث أن شيئا معينا ينفيه شيئ آخر بدوره يؤدى إلى نفي أعمق ويتضمّن عناصر من الأشياء السابقة لكن الآن على مستوى أعلى).
وهذا المفهوم إستعير من النظام الفلسفي الهيجلي الذى مارست فلسفته تأثيرا هاما على ماركس ( وإنجلز) حتى حينما ، أعادوا فى الأساس صياغتها وركزوا نظرة هيغل الجدلية على قاعدة مادية ، هذه النظرة الهيجلية المتميزة بالمثالية الفلسفية ( نظرة أن التاريخ فى جوهره كشف للفكرة ). كما جادل بوب آفاكيان ، " نفي النفي " يمكن أن ينزع نحو "الحتمية " كما لو ان الشيء حتما سينفيه شيء آخر على نحو معيّن ، مؤديا لما هو تقريبا تلخيص محدّد سلفا. وحين يطبّق على البحث فى تاريخ المجتمع الإنساني ، بطريقة تجعله ببساطة مركّبا (مثل صيغة : مجتمع بدائي ( مشاعي ) خال من الطبقات ينفيه مجتمع طبقي بدوره سينفيه ظهور مجدّدا لمجتمع خال من الطبقات ، لكن الآن على أساس أرقى ، ببلوغ الشيوعية عبر العالم) فإن النزعة نحو الإختزالية فى ما يتصل بالتطوّرالتاريخي للمجتمع الإنساني المعقّد للغاية والمتنوّع ، النزعة نحو " نظام مغلق " ونحو " الحتمية " تبدو أوضح وإشكالية أكثر.
ومن جديد ، كان هذا نقيصة ثانوية فى الماركسية عند تأسيسها ( وكما جادل بوب آفاكيان كذلك : " الماركسية ، الشيوعية العلمية ، لا تجسّد وفى الحقيقة ترفض كل مفهوم ..لاهوتي بأن هناك نوعا من الإرادة و الغاية وفقهما تسير الطبيعة أو يسير التاريخ " . لكن مثل هذه النزعات أكدت نفسها بالكامل مع تطوّر الحركة الشيوعية وصارت ضارة بشكل خاص ومارست تأثيرا سلبيا ، على تفكير ستالين الذى بدوره أثّر على نظرة ماو الفلسفية حتى حين نبذ ماو وقطع إلى حدود هامّة مع نزعات ستالين نحو " التخشّب " والمادية الميكانيكية ، نوعا ما ميتافيزيقية. والتوليف / التلخيص الجديد لبوب آفاكيان يجسّد مواصلة لقطع ماو مع ستالين لكن أيضا فى بعض جوانبه قطيعة أبعد بما تأثّر به ماو ذاته ، حتى وإن ثانويا ، من ما صار نمط التفكير فى الحركة الشيوعية فى ظلّ قيادة ستالين.
الأممية:
فى بداية الثمانينات ، فى عمله " كسب العالم؟ " قام بوب آفاكيان بنقد واسع لتيارات خاطئة فى تاريخ الحركة الشيوعية ، وبصفة خاصة ، التوجّه نحو القومية ، نحو فصل النضال الثوري فى بلد معيّن وحتى رفعه فوق النضال الثوري من أجل الشيوعية عبر العالم. وقد فحص طرق تمظهر هذه النزعة ذاتها فى كلّ من الإتحاد السوفياتي والصين ، لما كانتا بلدين إشتراكيين والتأثّر الذى مارسته على الحركة الشيوعية بصورة أوسع وضمن ذلك أحيانا تحركات واضحة لإلحاق النضال الثوري فى البلدان الأخرى بحاجيات الدولة الإشتراكية القائمة ( أولا فى الإتحاد السوفياتي ، ثم فى الصين لاحقا ). فضلا عن هذا أجرى آفاكيان تحليلا أعمق للقاعدة المادية للأممية ولماذا فى النهاية وبمعنى شامل ، المجال العالمي هو الأكثر حيوية ، حتى بمعنى ثورة فى أي بلد معيّن ، لا سيما فى هذا العصر الرأسمالي- الإمبريالي كنظام إستغلال عالمي ، وكيف أن هذا الفهم يجب أن يدمج فى نظرة الثورة ، فى بلدان معيّنة وكذلك على النطاق العالمي.
بينما كانت الأممية دائما مبدأ جوهريا فى الشيوعية منذ بداية تأسيسها ، فإن آفاكيان لخّص الطرق التى كانت موضع مساومة خاطئة فى تاريخ الحركة الشيوعية وكذلك عزّز الأساس النظري لخوض هذا الصراع لتخطّى مثل هذه الإنحرافات عن الأممية ولإنجاز الثورة الشيوعية بطريقة أممية صريحة.
حول طبيعة دكتاتورية البروليتاريا و المجتمع الإشتراكي كمرحلة إنتقالية نحو الشيوعية . بينما تشرّب بعمق وتعلّم من ودافع بحزم عن ونشر المساهمات العظيمة لماو بصدد طبيعة المجتمع الإشتراكي كمرحلة إنتقالية إلى الشيوعية والتناقضات والنضالات التى تميّز هذه المرحلة الإنتقالية والتى بحلّها ، فى إتجاه أو آخر ، تكون حيوية للتقدّم صوب الشيوعية أو العودة إلى الرأسمالية ، أقرّ بوب آفاكيان وشدّد على الحاجة لدور أعظم للمعارضة وتبنى أكبر للخميرة [ بمعنى الصراعات] الفكرية ومجال أوسع للمبادرة والإبداع فى الفنون فى المجتمع الإشتراكي. ونقد نزعة " تحويل الشيء فى الذهن إلى شيء خارج الذهن " ، نزعة تحويل البروليتاريا ومجموعات المستغَلين الآخرين ( أو المستغَلين سابقا فى المجتمع) ، نزعة ترى أناسا معينين فى تلك المجموعات كأفراد ، كممثلين لأوسع مصالح البروليتاريا كطبقة والنضال الثوري الذى يتناسب مع المصالح الجوهرية للبروليتاريا ، بالمعنى الأشمل. وقد ترافق هذا بنظرات ومقاربات ضيقة ، براغماتية وتجريبية تحدّد ما هو فعّال أو ما يمكن تحديده (أو إعلانه) على أنه حقيقة بما يرتبط بالتجارب والنضالات المباشرة التى تشارك فيها جماهير الشعب وبالأهداف الفورية للدولة الإشتراكية وحزبها القائد ، فى كلّ وقت معيّن. وهذا بدوره دفع هذه النزعات التى كانت عنصرا مميّزا للإتحاد السوفياتي وكذلك للصين لمّا كانا إشتراكيين بإتجاه مفهوم "الحقيقة الطبقية"، التى هي بالفعل تتعارض مع الفهم العلمي بأن الحقيقة موضوعية ولا تتغيّر وفقا لمختلف المصالح الطبقية، و لا تعتمد على النظرة الطبقية التى يحملها الباحث عن الحقيقة. إن النظرة والمنهج الشيوعيين العلميين لو إستوعبا وطبّقا كعلم حيّ وليس كدوغما ، لوفّرا ، بمعنى عام ،الوسيلة الأكثر إتساقا ومنهجية وشمولية للتوصّل إلى الحقيقة لكنها ليست نفس الشيئ وقول إنّ للحقيقة ذاتها طابعا طبقيا أو أن الشيوعيين سيتوصلون للحقيقة فيما يتعلّق بالظواهر المعنية ، بينما الناس الذين لا يطبقون أو حتى الذين يعارضون النظرة والمنهج الشيوعيين ليسوا قادرين على بلوغ حقائق هامّة. ومثل هذه النظرة " للحقيقة الطبقي" التى وجدت إلى درجات مختلفة وبأشكال متنوعة داخل الحركة الشيوعية نظرة مادية إختزالية وجلفة وتذهب ضد وجهة النظر والمنهج العلميين الفعليين للمادية الجدلية.
وكجزء من التوليف / التلخيص الجديد ، نقد بوب آفاكيان وجهة النظر الإحادية الجانب فى الحركة الشيوعية تجاه المثقفين نحو رؤيتهم فقط كمشكل والإخفاق فى الإعتراف الكامل بالطرق التى يمكن ان تساهم فى السيرورة الغنية التى سيصل بها الناس فى المجتمع ككل إلى فهم أعمق للواقع وقدرة أشدّ على الصراع المتزايد الوعي لتغيير الواقع صوب الشيوعية.
ومن جديد ، كما يشرح ذلك " القانون الأساسي " لحزبنا :
" ويشمل التوليف / التلخيص الجديد تقديرا عظيما للدور المهمّ للمثقفين والفنانين فى كل هذه السيرورة فى متابعة رؤاهم الخاصة وكذلك فى مساهمة أفكارهم فى الخميرة الأوسع كلها – وكل هذا مجدّدا ، ضروري للحصول على سيرورة أغنى بكثير...
بإختصار، فى هذا التوليف / التلخيص الجديد الذى طوّره بوب آفاكيان ،ينبغى أن يوجد لبّ صلب يتمتّع بالكثير من المرونة. وهذا ، قبل كلّ شيء ، منهج ومقاربة ينطبق بصورة واسعة جدا...وإدراك جلي للمظهرين [ اللبّ الصلب و المرونة ] وترابطهما ، ضروري فى فهم الواقع وتغييره ، فى جميع المجالات وحاسم فى إنجاز تغييرات ثورية فى المجتمع الإنساني...
مطبقة على المجتمع الإشتراكي ، تتضمّن هذه المقاربة للب الصلب والكثير من المرونة ، الحاجة إلى لبّ قيادة وتوسّع، لبّ له فكرة واضحة عن الحاجة لدكتاتورية البروليتاريا وهدف مواصلة الثورة الإشتراكية كجزء من النضال العالمي من أجل الشيوعية ومصمّم على مواصلة خوض النضال ،عبر جميع المنعرجات والإلتواءات. وفى نفس الوقت ، سيوجد بالضرورة أناس وتيارات متنوعة فى المجتمع الإشتراكي يدفعون نحو إتجاهات مختلفة وكلّ هذا يمكن فى النهاية أن يساهم فى سيرورة بلوغ الحقيقة وبلوغ الشيوعية. وسيكون هذا شديدا أحيانا وصعوبة تبنّى كل هذا (بينما ما زالت تقاد كافة السيرورة الشاملة بإتجاه الشيوعية ) ستكون شيئا مثل الذهاب ،على حدّ قول بوب آفاكيان ، إلى عملية التفكيك و التركيب مرارا وتكرارا وكلّ هذا عسير لكنه ضروري وهو سيرورة مرحّب بها."
وكنقطة ناظمة لكل هذا ، شدّد آفاكيان على توجّه "محرّرو الإنسانية " : الثورة التى يجب القيام بها والتى يجب أن تكون الجماهير القوّة الدافعة الواعية فيها ، لا تتعلّق بالإنتقام ولا بتغيير فى الواقع داخل إطار ضيّق ( " الأول يصبح الأخير والأخير يصبح الأول ") وإنما هي تتعلّق بتحويل العالم بأسره حتى لا يوجد أناس هم "الأولون" وآخرون هم" الأخيرون"، فالإطاحة بالنظام القائم وإرساء دكتاتورية البروليتاريا ومواصلة الثورة فى هذه الظروف غرضه كله وهدفه هو القضاء على كافة الإنقسامات الإضطهادية والعلاقات الإستغلالية ضمن البشر و التقدّم لعصر جديد تماما فى تاريخ الإنسانية.
النظرة الإستراتيجية للثورة :
أعاد التوليف / التلخيص الجديد لآفاكيان تركيز أرضية العمل الشيوعي وأثرى الفهم الأساسي اللينيني لحاجة جماهير الشعب لتطوير الوعي الشيوعي ليس فقط ولا رئيسيا عبر تجربتها الخاصة وصراعاتها المباشرة لكن أيضا عبر الفضح الشامل لطبيعة ومميزات النظام الرأسمالي الإمبريالي و توضيح قناعات وأهداف ونظرة ومنهج الشيوعية التى يقدّمها للجماهير بطريقة منهجية وشاملة منظّمة حزبية طليعية ، رابطة الكفاح فى وقت معيّن مع وموجّهة إياه نحو الهدف الإستراتيجي الثوري ، بينما كذلك " يعرض أمام الجماهير" المسائل والمشاكل الأساسية للثورة ويشركها فى صياغة وسائل معالجة هذه التناقضات والتقدّم بالكفاح الثوري. بقيادة بوب آفاكيان ،التوجّه الإستراتيجي الجوهري الضروري لإنجاز العمل الثوري وظهور شعب ثوري ،بالملايين والملايين و ثمّ إغتنام الفرص حين تتوفّر فى النهاية ( والقدرة على القتال والكسب فى هذه الظروف) وتتطوّر وتواصل مزيد التطوّر."
و يقوم بيان الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية بتقييم أساسي لكامل المرحلة الأولى من تاريخ الحركة الشيوعية و إلى أين نحتاج أن نذهب إنطلاقا من هنا :
" المرحلة الأولى من الثورة الشيوعية مضت بعيدا ، وحققت أشياء ملهمة لا تصدّق ، القتال من أجل تجاوز العراقيل الواقعية حقا التى واجهتها وفى التقدّم صوب عالم حيث سيتمّ فى النهاية القضاء على العلاقات الإستغلالية والإضطهادية وسيتمتّع الناس ببعد جديد من الحرّية وسيأخذون على عاتقهم وسينجزون تنظيم ومواصلة تغيير المجتمع فى كافة أنحاء العالم ، بمبادرة واعية وطوعية غير مسبوقة فى تاريخ البشرية. لكن ليس بالأمر الغريب أن وجدت أيضا نواقص هامة وأخطاء حقيقية وأحيانا أخطاء جدّية للغاية ، فى كلّ من الخطوات العملية التى إتخذها قادة تلك الثورات والمجتمعات الجديدة التى ولدت وفى مفاهيمهم ومناهجهم. وهذه النواقص والأخطاء ليست سبب هزائم المحاولات الأولى للثورة الشيوعية لكنّها ساهمت وإن كان بصورة ثانوية فى تلك الهزائم وأبعد من ذلك كلّ هذه التجربة للمرحلة الأولى بكلّ من إنجازاتها الملهمة حقّا وأخطاءها ونواقصها الحقيقية جدّا وأحيانا الجدّية جدّا ، حتى وإن كانت عموما ثانوية ، ينبغى التعلّم منها بعمق من كلّ الجوانب لأجل إنجاز الثورة الشيوعية فى الوضع الجديد الذى ينبغى أن نواجهه والقيام بما هو أفضل هذه المرّة. "
من هذا الأفق الهادف للبناء على المكاسب الأولى للثورة الشيوعية ، و بوجه أخصّ إنجاز ما هو حتى أفضل هذه المرّة ، نحتاج إلى معالجة كيف يمكن للحركة الشيوعية العالمية أن تخرج من مفترق طرقها و تقدّم القيادة للثوار و الشعب عبر العالم بأسره ، الذين يجدون أن النظام العالمي الحالي لا يحتمل و م بصورة متصاعدة يبحثون عن حلّ. فى ضوء هذا ، من الضروري على وجه الخصوص أن نفهم السيرورة التى شهدتها الحركة الأممية الثورية ، و لماذا لم تعد قادرة على النهوض بدور المركز السياسي الجنيني ، و ما يجب القيام به لإنقاذ الحركة العالمية و إنعاشها فى ظروف اليوم.
فى بيان الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ، هناك تحليل لتيارين خاطئين ضمن الحركة الشيوعية العالمية شكلا " مرآة الضدين" ، و هما معا ، يقفان فى معارضة الخلاصة الجديدة التى تقدّم بها بوب آفاكيان و التى تمثّل الشيوعية فى عالم اليوم. و هذه التيارات تمثّل ، من جهة ، أولئك الذين لديهم " عموما نظرة للنظرية و المبادئ الشيوعية كنوع من الدوغما ، قريب من التعاليم الدينية." و من جهة ثانية ، أولئك الذين يجهلون أو يستبعدون التحليل العلمي الشيوعي للتناقضات العميقة التى أفرزت خطر إعادة تركيز الرأسمالية فى المجمع الإشتراكي ، و الذين يحاولون تعويض ذلك التحليل بمقاربة تعتمد على المبادئ و المقاييس الديمقراطية البرجوازية ، و المفاهيم الديمقراطية البرجوازية للشرعية. و "مرآة الضدين " هذه تشترك فى عدد من المواقف السياسية و المنهجية التى وجدت داخل الحركة الأممية الثورية ، مثل :
" عدم الإضطلاع أو عدم الإنخراط مطلقا بأي طريقة منهجية ، فى تلخيص علمي للمرحلة الأولى من الحركة الشيوعية وبوجه الخصوص للتحليل الثاقب لماوتسى تونغ لخطر وقاعدة إعادة تركيز الرأسمالية فى المجتمع الإشتراكي. وهكذا ، بينما قد تدافع أو قد كانت تدافع فى الماضي عن الثورة الثقافية فى الصين ، تفتقر إلى أي فهم حقيقي وعميق للماذا كانت هذه الثورة الثقافية ضرورية ولماذا وبأية مبادئ وأهداف أطلقها ماو وقادها. إنها تحوّل الثورة الثقافية ، فى الواقع ، إلى مجرّد حلقة أخرى فى ممارسة دكتاتورية البروليتاريا أو من جهة أخرى تعيد تأويلها على أنها نوع من الحركة الديمقراطية البرجوازية " المناهضة للبيروقراطية " تمثّل فى جوهرها نقضا للحاجة لطليعة شيوعية ودورها القيادي المؤسساتي فى المجتمع الإشتراكي ، عبر المرحلة الإنتقالية إلى الشيوعية.
النزعة المشتركة لتحويل " الماوية " لمجرّد وصفة لخوض حرب الشعب فى بلدان ما يسمّى بالعالم الثالث بينما تهمل مجدّدا أو تقلص أهمية أهمّ مساهمة من مساهمات ماو فى الشيوعية : تطويره لنظرية وخطّ مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا وكافة التحليل الثري والمنهج العلمي اللذان عليهما تأسّس ذلك و اللذان جعلا تطوير تلك النظرية وذلك الخطّ ممكنا .
الفلسفة التجريبية و البراغماتية و التجريبية . ومن جديد بينما يمكن أن يتخذ هذا تعبيرات متنوّعة تبعا لوجهات النظر والنظرات المتنوعة الخاصّة ، فإن الشائع عندها هو إبتذال النظرية والإستهانة بها ، محوّلينها ل "مرشد للعمل" فقط بالمعنى الأضيق والأكثر مباشرة ، معاملين النظرية كما لو أنها ، جوهريا ، إفراز ممارسة خاصة ومحاولين عقد مقارنة بين الممارسة المتقدّمة ( التى ، من جانب هؤلاء الناس ، تتضمّن عنصرا من التقييم الذاتي والإعتباطي ) و النظرية المتقدّمة المفترضة. إن وجهة النظر الشيوعية العلمية ، المادية الجدلية ، تؤدّى إلى فهم أن الممارسة هي مصدر ومحكّ النظرية ، لكن على عكس هذه التشويهات التجريبية الضيقة ، يجب فهم هذا على أن الممارسة بالمعنى الواسع ، شاملة التجربة الإجتماعية و التاريخية الواسعة ، وليس فقط التجربة المباشرة لشخص أو مجموعة أو حزب أو أمّة. تأسيس النظرية الشيوعية ذاتها ومزيد تطويرها يبيّن ذلك بقوّة : منذ زمن ماركس ، تشكّلت هذه النظرية وأثيرت إنطلاقا من جملة واسعة من التجارب ، فى جملة واسعة من الحقول المختلفة وخلال تطوّر تاريخي واسع النطاق ، فى المجتمع و الطبيعة. ستتحوّل مقولة أن الممارسة مصدر النظرية ومقولة " الممارسة معيار صحّة النظرية " إلى كذب عميق إن جرى تأويلها وتطبيقها بأسلوب ضيّق ، تجريبي وذاتي."
- تطوّر أزمة الحركة الأممية الثورية :II
يعدّ ما إستشهدنا به أعلاه تلخيصا مقتضبا للوضع الراهن فى صفوف الحركة الشيوعية العالمية و فى صفوف الحركة الأممية الثورية بوجه خاص. لا تحدث أزمة من فراغ- و لا تحدث حتى رئيسيا نتيجة الديناميكية الداخلية الخاصة بالحركة الأممية الثورية. يجب أن ينظر إليها فى علاقة بتطورات العالم الموضوعية التى كان لها حينها إنعكاس و ظلال على صفوف الشيوعيين. و لعقود عدّة ، كانت تجربة الثورة البروليتارية برمتها هدف هجوم بلا هوادة تطلقه بلهجة إنتصارية الطبقات الحاكمة الإمبريالية التى إدعت " موت الشيوعية ". لقد وجد الإفتراء على التجربة العظيمة للصراع من أجل تغيير العالم عبر الثورة صداه متردّدا لدي الغالبية الغالبة لصنّاع الرأي العام من خلال وسائل الإعلام و الأكاديميين و الأحزاب السياسية و المنظمات الجماهيرية. و لم تتوقف هذه السيرورة بحيث أن أحكام البرجوازية بشأن المشروع الشيوعي قد إنتشرت فى كلّ الأماكن وهي لا تلقى تحدّيا أساسيّا فى خطاب الرأي العام.
وتندفع أجيال جديدة إلى النضال ضد النظام الرأسمالي آكل لحوم البشر وضد كافة التجاوزات و الأهوال الجمة الناجمة عن هذا النظام ، أو هي تدعمه و تعيش فى تناغم معه. و مع ذلك ، حتى الغالبية العظمى لهؤلاء الذين يقاتلون تجاوزات هذا النظام و يبحثون عن بعض الشرح لوضع العالم ووسيلة لتغييره دون اللجوء لحلول يساريين ، مضللين عن حقيقة المكاسب العظيمة للموجة الأولى من الثورة البروليتارية ، أو حتى مقتنعين بأنّ هذا العهد الجبّار كان " فشلا " أو أسوأ . دون الشيوعية الثورية ، سيظلّ المقاتلون الجدد ذوى نظرة منخفضة الآفاق، محدّدين جهودهم و مقلصينها فى ما هو فى الواقع مهمّة مستحيلة : محاولة الحدّ من اللامساواة و الإضطهاد و الإفلاس الروحي لعالم القرن الواحد و العشرين بينما تبقى على الينبوع الجارى للنظام العالمي الحالي- النظام الرأسمالي الإمبريالي – كما هو.
لقد وضع الإطار النظري لمرحلة جديدة من الثورة البروليتارية ، لكن إثمار هذه المرحلة – و أي شيء أقلّ من ذلك لن يعني سوى إستمرار بؤس الجماهير الشعبية و إستمرار الإحباط لدى الذين يبحثون عن مخرج - ثمّة حاجة ملحّة لكسب أعداد جديدة من النساء و الرجال لضرورة و رغبة بناء نظام جديد ، نظام إجتماعي شيوعي عبر الكوكب قاطبة. و دون كسب مبادرين جددا للمرحلة الجديدة من الشيوعية ، ببساطة ، لن توجد موجة جديدة من الثورة البروليتارية. إنّ الإضطهاد يولّد المقاومة ، مثلما علمنا ماو ، غير أنّه عمليّا أن تؤدي هذه المقاومة إلى الإطاحة بالنظام السياسي و الإقتصادي القائم ، و إلى ضرورة تغيير الظروف الإجتماعية ، يرتهن بصحّة أو خطإ الخطّ الإيديولوجي و السياسي.
الإنقلاب فى الصين و تشكيل الحركة الأممية الثورية :
رغم أنّ الردّ على الإنقلاب التحريفي فى الصين سنة 1976 كان بتأسيس الحركة الأممية الثورية ، يستحقّ عناء الخوض فى المسألة مجدّدا ، ليس فحسب لأنّ المعنيين الآن بالحياة السياسية ليست لديهم معرفة مباشرة بتلك الفترة لكن أيضا لأنّنا جميعا ، شيوخا و كهولا و شبابا قد تعرّضنا بإستمرار إلى قنابل الكذب و التشويهات بهذا الصدد لأكثر من ثلاثة عقود.
حققت الثورة بقيادة الحزب الشيوعي الصيني الظفر عبر البلاد بأسرها سنة 1949، و جرى صراع من أجل إرساء نظام إشتراكي جديد ووضع موضع الممارسة العملية ، مفرزا منافعا هائلة للجماهير المسحوقة سابقا فى الصين. و مثلما كان يتعلّم من التناقضات الفعلية للمجتمع الإشتراكي فى الصين ، كان أيضا يتفحّص التجربة التاريخية السابقة التى إنتهت إلى إعادة تركيز الرأسمالية فى الإتحاد السوفياتي إثر وصول خروتشوف إلى السلطة سنة 1956. و مصمّما على عدم إعادة هذه التجربة السلبية ، و باحثا عن طرق قيادة الجماهير لمواصلة القيام بالثورة فى ظروف دكتاتورية البروليتاريا ، قاد ماو نوعا من الثورة داخل الثورة ، بغاية منع البرجوازية الجديدة التى ولدت صلب الحزب الشيوعي ذاته و المتغذّية من اللامساواة المتبقية و بقايا المجتمع الإستغلالي القديم من إعادة تركيز الرأسمالية فى الصين. فأطلق ماو الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى ، أواسط الستينات ، محدثا إنفجارا غير مسبوق من طاقة تغيير المجتمع فى صفوف جماهير الشعب فى الصين. و كان هذا بمثابة نداء مدوّي بالنسبة للثوّار و المضطهدين فى العالم بأسره. و قد أشارت الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى إلى إمكانية ووسائل التغيير الفعلي للمجتمع على محو جوهري سيحرّره من كافة الأنظمة الإستغلالية السابقة و الندوب المادية و الإيديولوجية لقرون من الإنقسام الطبقي. كان ماو تسى تونغ يحلّل مشاكل الثورة البروليتارية على المستوى النظري و يسلّح حركة شيوعية جديدة سياسيّا و إيديولوجيا بنظرة شيوعية ثورية. و كانت جاذبية الصين الثورية و معها الماوية ( فكر ماو تسى تونغ حينها ) عظيمة. مقاتلو الأنصار ضد الإستعمار فى أفريقيا ، و عديد المثقفين الثوريين الأوروبيين داخل المؤسسات ذاتها التى كان من المفترض أن تخرّج موظفين و إيديولجيين موالين للنظام الرأسمالي ، و عمّال شباب ثوريون فى متاريس باريس فى ماي 1968، و المشاركون فى حركة نكسلباري بالهند أو النضالات من أجل الأرض فى البرازيل و فى التمردات التى رافقت إنشاء البنغلاداش ممّا كان سابقا شرق الباكستان ، و فى اوساط حركة تحرير السود فى الولايات المتحدة الأمريكية و فى النضال ضد العدوان الإمبريالي فى الفتنام ؛ فى كافة هذه الأماكن و العديد و العديد من الأماكن الأخرى ، كان يلمس التأثير الكبير للطاقة الثورية و الإيديولوجية الشيوعية المتأتية من الصين. و كان ذلك يجرى فى وضع تحوّل الإتحاد السوفياتي من دولة إشتراكية و حصن ثوري و منبع إلهام للثوريين و المضطهدين عبر العالم قاطبة إلى مجتمع تحريفي يقف حاجزا دون الثورة . خوّلت هذه الأوقات المضطربة و صراع الخطين عالميّا الذى كان ماو تسى تونغ يقوده ضد التحريفية ، للعديد من الناس التقدّم لمعانقة ما كان حينها معروفا بالماركسية- اللينينية – فكر ماو تسى تونغ المعتبر مرحلة جديدة و أرقى فى الماركسية- اللينينية (5)، حتى و إن كان فهمهم للماركسية- اللينينية- الماوية عندئذ بدائيا و متناقضا. وقد ظهرت حركة ماوية عالميّا مركزها الإيديولوجي الحزب الشيوعي الصيني ، مع أنّ الحركة لم تتخذ شكلا رسميّا.
و الخسارة الملموسة للحصن الإشتراكي إثر إنقلاب 1976 و تحويله بسرعة للصين إلى الغول الرأسمالي البشع اليوم. و ترافق ذلك مع هجوم على أهمّ اطروحات ماو. و قد تزامن الهجوم الذى شنه حكّام الصين الجدد ، مع هجوم إيديولوجي أعمّ على الشيوعية الحقيقة من قبل البرجوازية و ممثليها عبر العالم. و من غير الممكن المغالاة فى ما عناه كلّ هذا بالنسبة للقوى الشيوعية حينها و الحركة الثورية بصورة أشمل. فقد إنتشر الإضطراب واليأس إنتشارا واسعا. و إرتأى العديدون أشكالا مختلفة من التأقلم مع العامل الذى تهيمن عليه الإمبريالية و الرجعية. و بعض الآخرين - مثل أنور خوجا ، قائد ألبانيا الذى ساند ماو فى النضال العملي ضد الإتحاد السوفياتي لكنه لم يفهم أو لم يقبل أبدا فعلا لبّ أطروحاته و لم يستوعب النظرية الشيوعية الثورية التى كان ماو يمضى بها إلى مستويات جديدة- إنتهوا إلى الهجوم الخبيث على فكر ماو تسى تونغ و تعميق التفكّك الإيديولوجي و السياسي و العملي للحركة الشيوعية القائمة.(6)
وبالنسبة للكثيرين ضمن الحركة الماوية وقتها ، ما فهموه من الماوية أو فكر ماو تسى تونغ من العسير فصله عن نوع من القومية الثورية ، جوهريّا مرتبطة بتطوير النضال الثوري و خوضه ضد الإمبريالية و شبه الإقطاعية.و العديد من هؤلاء الرفاق لم يفهموا أبدا حقّ الفهم أو يشاطروا التوجه الماوي للمضي بالثورة قدما بإتجاه هدف الشيوعية .(7) بمعنى طبقي ، كان هذا التفكير يمثّل عمليّا توجه و رؤية قطاعات من البرجوازية الوطنية فى الأمم المضطهَدة و بالنسبة لهم رأوا فى الحركة الشيوعية وسيلة للنضال ضد الهيمنة الإمبريالية على بلدانهم و ضد بعض القوى الطبقية الرجعية المحلية المرتبطة بالإمبريالية. و فى الغرب ، وجدت جاذبية حقيقية للتجربة النابعة من الصين ضمن شتى الفئات التى رات فى التجربة الإشتراكية هناك بوصلة تنير الطريق لمعالجة أوجه عدّة من اللامساواة القاسية فى المجتمع و التعبير عن المضطهدين سابقا. و قد تضمّن هذا البعض من الإنتليجنسيا الذين إنجذبوا لإطلاق ماو العنان للجماهير أثناء الثورة الثقافية ضد أتباع الطريق الراسمالي فى الحزب و لنقد ماو لستالين و التجربة السوفياتية لكنهم لم يفهموا حق الفهم ، و فى الواقع إنتهوا إلى معارضة ، إطار ماو لرفع راية دكتاتورية البروليتاريا و تعزيزها. و بالفعل ، فإنّ اليوم ذات الفيلسوف الفرنسي الرائج آلان باديو، و قد كان من قادة مجموعة ماركسية- لينينية- ماوية فى فرنسا فى السبعينات ، مثال لأولئك الذين كان حماسهم الأوّلي لماو مختلطا بنبذ للفهم الماركسي-اللينيني الأساسي الذى كان ماو يتقدّم به. ولاحقا ، باديو و آخرون عديدون مثله ، " عالجوا" هذا بالتخلّى عن أي داع للماوية جميعها ، و أضاف باديو لهذا دعوته ل " شيوعية " هي جوهريّا ، ليست أكثر من الديمقراطية البرجوازية المعظّمة.( 8).
عقب الإنقلاب المضاد للثورة فى الصين ، هذه الأنواع من النزعات السياسية الخاطئة التى ظلّت جزئيّا متحكّم فيها بفضل القوّة الإيديولوجية و السياسية لصين ماو ، تخلّت فى الأساس عن أي إدعاء بأنها ماوية. و غالبية الشيوعيين أنفسهم تذيّلوا عن عمى لحكّام الصين التحريفيين الجدد و إنتهجوا الطريق المؤدية إلى المستنقع ، أو بشكل آخر تخلّوا عن نظرة الثورة الشيوعية و أهدافها.
فى هذا الوضع الحرج و الفظيع ، إنطلقت الجهود الأولى لإعادة توحيد بقايا الشيوعيين بُعيد الإنقلاب فى الصين ، وصولا إلى تشكيل الحركة الأممية الثورية سنة 1984. و كان من الأساسي القتال لأجل الحفاظ على القوى الثورية التى إبتلعتها موجة الإحباط و الإستسلام التى تلت إنقلاب الصين ، و التقدّم بها. و كان عمل بوب آفاكيان حاسما و مركزيّا فى هذه السيرورة ، لا سيما فى صياغة نقد نافذ لأصحاب الإنقلاب فى الصين ( إلى جانب مضللينهم بالكلام المسمون ب " الوسطيين" ) و بمنهجية جرى نشر مساهمات ماو تسى تونغ فى علم الثورة الشيوعية شعبيّا و الدفاع عنها.(9) و بينما صار اليوم من البديهي أن الرأسمالية هي الماسكة بزمام السلطة فى الصين ، و لو أنّها محكومة بحزب حافظ على نعت الشيوعي، فإنّ الأمر إستدعى علما و تلخيصا حقيقيين لهذه التطوّرات على مستوى النظرية الشيوعية و قاد بوب آفاكيان نضالا كبيرا فى صفوف الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية لصياغة الخطّ الصحيح و من ثمّة القتال لأجله فى صفوف الحركة الشيوعية العالمية.
و تطلبت المسائل المتصلة بفهم الإنقلاب فى الصين التعمّق فى ما حلّله ماو بشأن الطابع المتناقض للإشتراكية ، و بشأن القاعدة المادية و الإيديولوجية لظهور برجوازية " بالضبط داخل الحزب الشيوعي" ، و بشأن الهدف الشيوعي و وسائل بلوغ ذلك ، و التشديد على كلّ هذا ، و تطوير ماو للمادية الجدلية. لكن هذا ، للأسف ، مختلف جدّا عن مقاربة غالبية قوى الحركة الشيوعية ، حتى تلك التى عارضت صنّاع الإنقلاب ، و حلّلت الإنقلاب فى الصين .فوجد العديد ( مثلما ذكر فى المقطع أعلاه من بيان الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ) الذين واصلوا النظر إلى الماوية على أنّها أساسا وصفة لخوض حرب الشعب فى بلد من البلدان المسماة بالعالم الثالث أو أخفقوا فى إستيعاب أو حتى رفضوا أكثر مساهماتها الجوهرية بصدد مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا ، وهي محورية للتطوير العام للماركسية إلى مستوي جديد.
زمن الإنقلاب فى الصين ، لم يكن من الممكن أن نرى بدقّة أن مرحلة كاملة من الثورة البروليتارية إنتهت. و وجب النضال لإنجاز الثورة البروليتارية إنطلاقا من القمم التى بلغتها فى ظلّ قيادة ماو تسى تونغ و المكاسب الهائلة للثورة الثقافية البروليتارية الكبرى 1966-1976.
كانت هناك حاجة ماسة لرفع راية الماركسية- اللينينية – فكر ماو تسى تونغ(10) و الدفاع عنها ، و هناك حاجة لتوحيد القوى المتأزّمة الباقية من الحركة الماوية و قيادتها.
كان هناك دائما فهم مختلف و متناقض لكيفية و على أي أساس سيكون من الممكن التقدّم بالحركة الشيوعية فى الظروف القائمة حينها و وجدت سوابق لما تطوّر الآن إلى خطوط خاطئة بديهية ضمن الحركة الشيوعية العالمية اليوم. بالعودة إلى الوراء ، يمكن أن نرى بمزيد من الوضوح أهمّية كون بوب آفاكيان قد شرع فى مساءلة و تقييم سيتكشّفان لاحقا فى ما صار الآن الخلاصة الجديدة . لقد مثّل عمل بوب آفاكيان " كسب العالم؟ واجب البروليتاريا العالمية و رغبتها " نقطة مفصلية فى هذه السيرورة . فى ذلك العمل ، شرع آفاكيان فى تلخيص تجربة الثورة البروليتارية منذ فترة ماركس وصولا إلى الإنقلاب الذى عرفته الصين.(11) . و على عكس هذا ، حاول آخرون أن يعالجوا الهزيمة ب " إعادة الماوية إلى الركح " ، متجنبين المهمّة الحيوية لتناول دلالة المساهمة الكبرى لماو تسى تونغ فى علم الثورة الماركسية – اللينينية – الماوية و الخلاصة الفعلية التى جرى التوصل إليها ، بفضل البحث .
و مع ذلك ، رغم الإختلافات الموجودة ، صيغ فهم صحيح بصورة عامة و مرشد فى بيان الحركة الأممية الثورية و قاد عمل لجنته القيادية ،على أنّ الإختلافات و الصراعات لم تغب عن صفوف لجنة الحركة الأممية الثورية حول نقاط كبرى للخطّ أثناء هذه الحقبة. ومن المهم بصورة خاصة هو أنّ البيان قد إعتمد على الإعتراف بالتطوير العظيم لماو تسى تونغ للماركسية فى عدّة مجالات ، لا سيما تحليله النافذ للتناقضات التى تبقى قائمة فى المجتمع الإشتراكي ، و إعادة بروز الطبقة الرأسمالية إنطلاقا من هذه التناقضات ، و قيادتها العامة صلب الحزب الشيوعي ذاته ؛ و الحاجة إلى مواصلة إنجاز الثورة البروليتارية طوال كامل مرحلة التحويل الإشتراكي بإتجاه تجاوز بقايا المجتمع الرأسمالي القديم و بلوغ الشيوعية. و مثّل توحيد القوى الشيوعية الثورية المصمّمة على التقدّم بالمكاسب الكبرى للثورة الشيوعية ، و بالخصوص المضي قدما على الطريق الذى خطّه ماو تسى تونغ رداّ شديدا على الكورال الرجعي المردّد لموت الشيوعية و عاملا مهمّا فى تعزيز الآمال و الثقة فى مستقبل القضية الشيوعية فى وقت ظلامه كان جدّ حالك.
و رغم التفاوت و التناقضات التى سنتفحّصها أدناه ، فإنّ الفهم المتقدّم المنعكس فى البيان الذى تجمعت حوله الحركة الأممية الثورية قد أعطى مزيدا من الإندفاع لشتى أنواع الممارسات الثورية – بما فى ذلك ، حيث ، فى إنسجام مع الوضع فى بلدان معينة ، إنطلاق الشيوعيين أو إعدادهم للإنطلاق فى الكفاح المسلح لإفتكاك السلطة. و حيث الظروف لم تكن متوفّرة ، أو لم تولد بعدُ ، للإنطلاق فى حرب الشعب و خوضها على أساس صحيح ( مثلما هو الحال بالنسبة لبلدان أخرى) أنجزت أشكال أخرى من التعبئة الجماهيرية ، مثل معارضة الحرب الإمبريالية و الحروب العدوانية و فى عديد الحالات ، عملت لتطوّر منظمة شيوعية ثورية من الطراز الجديد تملك برنامجا و إستراتيجيا صحيحين. لقد قاد أعضاء فى الحركة الأممية الثورية الجماهير لتقديم دعم سياسي للخطوات المتقدّمة و للتوحّد فى وجه تراجعات الحركات الثورية فى شتى أنحاء العالم. و قد إتخذ هذا تعبيرا قويّا خاصة بداية فى البيرو و لاحقا فى النيبال. و مع ذلك ، فى العقود العديدة منذ تشكّل الحركة الأممية الثورية ، حدث جدال هام صلب الحركة الشيوعية العالمية و برزت مفاهيم متباينة و إحتدّ الصراع.
وقد تراكمت أيضا المزيد من التجربة الإيجابية و السلبية لخوض النضال الثوري فى ظلّ الظروف المعاصرة ما أفرز بدوره مزيدا من النقاش و الجدال ، لا سيما مع إعادة بعث ثورات البيرو و النيبال الأمل فى صفوف الثوريين والمضطهدين لكن دخولهما التالي فى طريق مسدود نجمت عنه مسائلا خطّية كبري. و خلال كافة هذه الفترة ، وجدت إختلافات إحتدّت أحيانا ، حول كيف و حتى إذا وجبت مواجهة التحدّيات. و اليوم تتجسّد هذه الإختلافات فى خطوط متعارضة.
و مثلما سبق و أن أشرنا إلى ذلك ، فإنّ العقود العديدة كانت ايضا فترة هجوم إيديولوجي متواصل على المشروع الشيوعي. و إنهيار الإمبريالية الإشتراكية السوفياتية و كتلتها ( الإشتراكية كلاما و الإمبريالية فعلا ) ، عقب سقوط جدار برلين سنة 1989، زاد فى التسريع بذلك حتى أكثر ، بما أنّ الإمبرياليين الغربيين إرتأوا أن يصوّروا ما كان فعلا إمبريالية إشتراكية على أنه " شيوعية " . و قد بذلت بعض الجهود الجماعية من قبل الحركة الأممية الثورية للردّ على تلك الهجمات ، غير أنّه وجدت نزعة قوية أيضا للشعور بأنّ الصدام الإيديولوجي سيعالج بالتقدّم فى النضال العملي ، لا سيما تقدّم حرب الشعب. و كان لهذا إنعكاسات سلبية جدّية على كلّ من داخل الأحزاب و المنظمات المنتمية للحركة الأممية الثورية و على قدرتها على الردّ على الهجوم الإيديولوجي الرجعي للإمبرياليين بنظرة شيوعية حيوية و تحرّرية.
بإستثناء بارز للعمل الذى أنجزه بوب آفاكيان ، عموما ، طفيفا كان الإهتمام الذى أعاره الرفاق فى الحركة الأممية الثورية لتأثير هذا الهجوم الإيديولوجي وواصلوا إعتماد المقاربات البراغماتية و التجريبية لأعمالهم. و داخل الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ذاته شكّل ذلك مظهرا هاما من مظاهر الخطّ التحريفي الذى كان يذهب ضد خطّ آفاكيان و قيادته. جوهريّا ، مدار الثورة الثقافية فى الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ، المناقشة فى البيان (12) ،هي عين المسائل التى تقع الآن فى قلب الصراع صلب الحركة الأممية الثورية ، بإختصار هي الخلاصة الجديدة التى تقدّم بها بوب آفاكيان. حاجة حزبنا إلى ثورة ثقافية من هذا القبيل فعلا تعبير عن ذات مفترق الطرقات الذى يجب على كافة الحركة الشيوعية العالمية مواجهته.
من غير الممكن و لا هو مرغوب فيه أن نردّ سواء على هجمات الأعداء أو الأسئلة الشرعية للجماهير بمجرّد ترديد الفهم السابق ، و لو كان أكثر الروايات تقدّما فى الفهم الذى طوّره ماو ( و بالطبيعة ، لا يعكس ذلك النوع من الدغمائية الفارغة و لا يمكن أن يعكس مقاربة ماو الثورية ، لكن بالأحرى يقوضها حتما و يجعلها كاريكاتورا عقيما ). هناك أجوبة على المسائل المتفجرة لما يمكن أن نتعلّمه من التجربة الماضية ، و ما يمكن فعله لتمكين المرحلة التالية من الثورة البروليتارية من مزيد التقدّم بإتجاه المجتمع الشيوعي. لكن كما وضع ذلك آفاكيان فى نقاش الحاجة إلى فهم خسارة الصين ، لإيجاد الأجوبة التى بحثنا عميقا لبلوغها.
و بالفعل ، إنّ أخفق الشيوعيون الثوريون فى معالجة تجربة الثورة البروليتارية الهائلة و الظروف المادية الراهنة التى تواجهها هذه الثورات ، بما فى ذلك تناقضاتها ، فإنّها غالبا ستعبّد الطريق للقفز البهلواني السياسي المعهود الذى فيه يقفز الحديث الفارغ من الفهم السابق إلى إعادة إكتشاف التنديدات الديمقراطية البرجوازية ب" الشمولية " اللاطبقية و عبادة الفلسفة السياسية الديمقراطية البرجوازية و المؤسسات التى فى آن معا تخفى هيمنة الطبقات المستغلّة و يخدم توطيد النظام البرجوازي و جميع الإضطهاد و العسف و الرعب الناجم عنه و تأبيده. و بالفعل ، هذا جزء ممّا كنّا نلاحظه فى منظّمات الحركة الأممية الثورية فى المدّة الأخيرة ، و الأبرز و ليس فحسب ، فى النيبال حيث الإخفاق فى إعارة أي إنتباه جدي لمسائل حياة أو موت ، قد ساعد على إبقاء الرفاق غير متسلّحين سياسيّا و إيديولوجيّا فى وجه الهجوم " الديمقراطي" لأعداء الشيوعية ، من أجل الحركة و كذلك من قبل البرجوازية الإمبريالية و مختلف ممثليها السياسيين و مدّاحيها.
- العلاقة بين ظهور الإختلافات الخطّية و النكبة الحديثة فى النيبال : III
بينما كانت الخلافات حول الخطّ و المنهج ، بما فى ذلك الخلافات حول كيفية تلخيص المرحلة الأولى من الثورات الشيوعية فى الإتحاد السوفياتي و الصين ، تتطوّر مع الزمن و فى علاقة بالتطوّرات الفعلية فى العالم – و من ذلك كيف كانت الحركة الأممية الثورية تردّ على تراجع الثورة فى البيرو، وهو ما سنتحدّث عنه لاحقا فى هذه الرسالة – و ستشهد هذه السيرورة قفزة مع ظهور خطّ تحريفي صلب الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي) ، و الردّ على هذا التطوّر من طرف الأحزاب المنتمية للحركة الأممية الثورية. فالخطّ الذى طورته قيادة الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي) (13) ، جوهريّا ، تخلّى عن حرب الشعب فى ذلك البلد و معه عن النضال من أجل تغيير ذلك المجتمع كجزء من تغيير العالم ، متجها عوض ذلك إلى المشاركة فى جهاز الدولة الرجعي و البحث عن موقع أفضل قليلا فى النظام العالمي الواقع تحت هيمنة الإمبريالية. و مسائل الخطّ فى قلب أزمة الثورة فى النيبال هي ذاتها مشروطة و جزء من إنعكاسات مسائل الخطّ الرامية بثقلها على حركتنا ككلّ.
و إن راجعنا تاريخ ظهور الخطّ التحريفي فى النيبال ، سنرى أنّ له صلة وطيدة بالفهم المتناقض للماوية الذى نشأ و تطوّر أكثر صلب الحركة الأممية الثورية و بصورة أعمّ صلب الحركة الشيوعية العالمية. و هو ما صبّت عليه إهتمامها ( بصورة مباشرة أو غير مباشرة ) خلاصة المرحلة الأولى للثورة الشيوعية و الحاجة إلى طليعة شيوعية وحيوية دكتاتورية البروليتاريا و الرغبة فيها ، و عليه وجب أوّلا أن نعيد التأكيد على هدف المجتمع الشيوعي – و على أساس الفهم العلمي لهذا الهدف و لهذه السيرورة الأعمق و الأكثر تطوّرا ، و هذا الهدف ، بمعنى جوهري ، يجب أن يقود الخيارات الإستراتيجية و البرنامجية. و فوق ذلك ، و نقصد الإجابة و الردّ على تطوّر الخطّ التحريفي ( أو ربّما ، بصيغة أفضل عموما غياب الإجابة على الخطّ التحريفي ) من طرف الكثير من المشاركين فى الحركة الأممية الثورية فى حدّ ذاته إنعكاس لإختلافات عميقة و متطوّرة حول المسائل الجوهري للخطّ. و تشمل هذه الإختلافات ليس مسألة الخطّ بشأن الدولة و الثورة فحسب ، بل كذلك بشأن طبيعة الأممية البروليتارية و كيفية مقاربة المسائل الكبرى للخطّ السياسي ، و هل يكون ذلك على ضوء مبادئ و نظرية الشيوعية العلمية و المنهج الماركسي بصفة أعمّ ، أو بالموافقة على المعايير و المقاربات غير الشيوعية ، مثل السياسة الواقعية بكلّ الآداتية و البراغماتية و التجريبية القائمة عليها.
لننظر فى كيف أنّ الخطّ التحريفي فى النيبال إتخذ شكله التام. فقد طوّر بابوران باتاراي ، وهو من أعلى قادة الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي) و صارع بقوّة فى سبيل سلسلة من المواقف ذهبت ضد الفهم الشيوعي الثوري حول جملة كاملة من المسائل. و فى مقال يحمل عنوان " حول بناء دولة من نوع جديد" (14)، كان صدى لحجج البرجوازية و التحريفيين و الإنتهازيين الذين يحاججون بأنّ تجربة دكتاتورية البروليتاريا فى الإتحاد السوفياتي و الصين قد إنحدرت إلى الموت و تطوّرت نحو " دكتاتورية الحزب" و " دكتاتورية القائد الواحد". و حاجج أيضا باتاراي بأنّ فى النيبال ، عوض النضال بجهد لإتمام الثورة الديمقراطية الجديدة ( نوع جديد من الثورة الديمقراطية البرجوازية ، فى ظلّ الرأسمالية البيروقراطية كخطوة أولى فى تركيز دكتاتورية البروليتاريا ، و الذى يعبّد الطريق للتقدّم نحو المرحلة الإشتراكية ) كان من الضروري و المرغوب فيه أن تمرّ عبر " مرحلة دنيا " خاصة ، هدفها الديمقراطية ، دون توضيح إلى أين ستقود هذه الديمقراطية أو ما ستكون الطبيعة الطبقية لمثل هذه الدولة الإنتقالية. و قد حاجج باتاراي بأنّه سيكون من الضروري إرساء ديمقراطية تعدّد الأحزاب ، وهي بالفعل مجرّد إسم آخر لنظام الديمقراطية البرجوازية الذى بيّن بأنّه جدّ مفيد كوسيلة لضمان هيمنة البرجوازية و الطبقات الرجعية الأخرى. و عنت إعادة صياغة باتاراي للهدف الإشتراكي فعلا كتأويل وحيد للديمقراطية البرجوازية ، إرساء قاعدة نبذ طريق الديمقراطية الجديدة المؤدّي إلى الإشتراكية الذى عوّض بهدف جمهورية ديمقراطية ( برجوازية ).
و كانت العديد من هذه الحجج ضد تجربة " دكتاتورية البروليتاريا " تكرّر تقريبا الحجج التى إعتمدها فى 1990 ك. فينو قائد اللجنة المركزية لإعادة التنظيم ، الحزب الشيوعي الهندي ( الماركسي-اللينيني) ، و قد إنحطّ باتاراي حتى إلى التعويل على ذات الإستشهاد المبتذل لروزا لكسمبورغ حول " دكتاتورية الحزب " التى تبقى من الأشياء المفضّلة لدى التروتسكيين و الإشتراكيين الديمقراطيين عبر العالم. ( 15) لقد كانت اللجنة المركزية لإعادة التنظيم من أوائل الأعضاء الناشطين فى الحركة الأممية الثورية ، و كان لزاما على الحركة الأممية الثورية أن تنقد الإنعكاس فى صفوفها للهجوم المعادي للشيوعية الذى بلغ نقطة عالية مع إنهيار كتلة الإتحاد السوفياتي . و بطلب من لجنة الحركة الأممية الثورية ، كتب بوب آفاكيان وثيقة هامة لدحض حجج ك. فينو ضد التجربة التاريخية لدكتاتورية البروليتاريا تحت عنوان : " الديمقراطية : أكثر من أي زمن مضى ، بوسعنا و من واجبنا أن ننجز أفضل من ذلك " (16) و لسوء الحظّ ، لم يولى الكثير من الرفاق فى الحركة الأممية الثورية إنتباها مناسبا للنضال ضد ك. فينو و المسألة المحورية لدكتاتورية البروليتاريا محور ذلك الصراع و لم يكونوا يقظين عندما ظهر مقال باتاراي " الدولة الجديدة " فبالنسبة لعدد ليس قليل منهم ، مسائل ما ينبغى القيام به بعد إفتكاك السلطة لا تكتسى أهمية بالغة ، بينما وفق هذه النظرة ، من المفترض أن ينصبّ كلّ الإنتباه فقط على مشكل كيفية الإنطلاق فى حرب الشعب و التقدّم بها. و هذا مثال آخر عن النزعة الخطيرة نحو تقليص النظرية الشيوعية الثورية التى وجدت داخل الحركة الأممية الثورية . وقد ساهم الإخفاق فى إعارة الإنتباه و الدخول فى صراع حول المسائل المركزية طوال فترة كاملة من الزمن مساهمة كبرى فى الوضع الذى صرنا إليه اليوم. و من البارز بصفة خاصة هو أنّه مع أنّ الحزب الشيوعي الهندي ( الما-الل) ( نكسلباري) الذى إنفصل عن اللجنة المركزية لإعادة التنظيم و حتى صاغ هو نفسه نقدا لفينو ، و لو بصفة متأخّرة ( بعد ثماني سنوات ) ، لم يقدر على رؤية أوجه الشبه بين مواقف باتاراي و تصفوية فينو.
فى صفوف الحزب الشيوعي النيبالي (الماوي) ، وقعت محاولات لتطوير تفكير جديد يأخذ بعين النظر التغيرات فى العالم و المشاكل التى كانت تواجهها الثورة فى النيبال ، إلاّ أن هذا كان يجري بصورة واسعة ضمن الإطار الخاطئ للخلط بين الإيديولوجيا و البرنامج الشيوعيين و الديمقراطية البرجوازية. و جاء هذا مترافقا مع التركيز على التكتيكات المباشرة منفصلة عن الأهداف الفعلية للثورة. و حاول رئيس الحزب الشيوعي النيبالي (الماوي) أحيانا أن يبتعد عن النبذ العدواني و الصارخ لباتاراي لتجربة الثورة البروليتارية ، غير أنّه شاطره كذلك بعض الإفتراضات الكامنة و البراغماتية و الإنتقائية ، ما جعله، إلى جانببراغماتيته و إنتقائيته الخاصين، غير قادر و / أو لا ينوى تطوير صراع حقيقي حول المواقف التحريفية الصارخة لباتاري. و فضلا عن ذلك ، تركّز الصراع الذى حصل مع باتاراي على مسائل ثانوية و لم يبلغ جوهر خطّه التحريفي. لقد درّب براشندا بصورة متنامية الحزب على البراغماتية و الإنتقائية ، لا سيما الدمج الإنتقائي للأضداد- " إثنان فى واحد"- الذى سمّاه " الدمج" ، فى تعارض مع المفهوم الماوي " لإنقسام الواحد" (17) . و نتيجة ذلك وقع تبنّى الأطروحات الأساسية لباتاراي من قبل الحزب ككل فى إجتماع للجنة المركزية فى أكتوبر 2005 ، حتى مع المحافظة على غشاء كثيف من الإنتقائية .
من جهتنا ، شرع حزبنا فى خوض صراع حاد و جدّي ضد الخطّ التحريفي المتطوّر، بداية من أكتوبر 2005 ، قبل حركة أفريل 2006 المناهضة للنظام الملكي و ما نجم عنها من إيقاف لإطلاق النار. و قد بعث الحزب الشيوعي الثوري، الولايات المتحدة الأمريكية برسالة لقيادة الحزب النيبالي ، ناقدا المقال المذكور أعلاه الذى كتبه بابوران باتاراي و الذى تضمّن سلسلة من الأطروحات التحريفية المتعلقة بطبيعة الدولة ، و بناء مرحلة خاصة من النضال المناهض للنظام الملكي عوض الثورة الديمقراطية الجديدة و تاريخ الحركة الشيوعية و نقاط أخرى . و قد نقدت رسالة الحزب الشيوعي الثوري بحدّة ما كان حينها مقترحا نادرا ما لوحظ تقدّم به رئيس الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي) براشندا لإدماج جيش التحرير الشعبي مع الجيش الملكي النيبالي الرجعي . و بعثنا رسالة ثانية بالضبط عقب إتفاق السلام الشامل لنوفمبر 2006 ، و ثالثة بعيد إنتخابات 2008. ووزعت نسخ من كلّ هذه الرسائل على أحزاب و منظمات الحركة الأممية الثورية. و فى 2009 ، إتخذ قرار نشر جميع هذه الرسائل للعموم ، بمعية رسالة رابعة.
و تبيّن أية مراجعة نزيهة لمضمون هذه الرسائل أن الحزب الشيوعي الثوري كان قادرا على تحديد المسائل الأساسية للخطّ الإيديولوجي و السياسي موضع الرهان فى النيبال و انّ فقط بضعة قوى أخرى فى الحركة الشيوعية العالمية نقدت الرفاق النيباليين .(18)
و رغم الإتهام المجافي للحقيقة لرسائل الحزب الشيوعي الثوري هذه بأنّها مجرّد تكرار ل " المبادئ الأساسية للماركسية " – مبادئ مجردة لا صلة لها بالضرورات العملية على أرض الواقع- فإنّ الحجج المصاغة فى هذه الرسائل كانت فى آن معا راسخة حول المسائل المبدئية و مفيدة جدّا للوضع المباشر الذى تواجهه الثورة. فقد شعرنا بأنّ من مسؤوليتنا الأممية أن نناضل بما أوتينا من جهد ضد الخطّ الذى قال لنا منهجنا العلمي إنّه كان يقود الثورة إلى الهزيمة.
و لمّا صار الموقف الإيديولوجي و السياسي للحزب الشيوعي النيبالي (الماوي) الخاطئ متصلّبا ، أتت بسرعة التداعيات العملية إذ تمّت عدّة إتفاقيات مع الأحزاب السياسية الرجعية و الموالية للإمبريالية للقبول بإطار الديمقراطية البرجوازية بعد أن إضطرّ النظام الملكي المطلق إلى التراجع بفعل حرب الشعب و تمرّد فى المناطق المدينية بمشاركة فئات طبقية متوسّطة أيضا و عملت قيادة الحزب على توطيد هذه " المرحلة الدنيا " فتمّ إمضاء إتفاق السلام الشامل فى نوفمبر 2006 الذى أنهى شكليّا حرب الشعب و حُلّت أجهزة السلطة السياسية التى ركزتها الثورة ، و تمّ وضع جيش التحرير الشعبي فى مخيمات تحت إشراف الأمم المتحدة ووافق الحزب على المساهمة فى المؤسسات البرجوازية الجديدة و أقسم بالولاء لها ، بما فى ذلك الحكومة المؤقتة و إعتبر الحزب الشيوعي النيبالي (الماوي) المجتمع الدولي – أي شبكة الدول الإمبريالية و الرجعية و المؤسسات العالمية ، مثل الأمم المتحدة و صندوق النقد الدولي ، التى كانت معارضة بخبث لحرب الشعب و مستغلة للشعب النيبالي – كحليف ضروري و مساعد فى إعادة بناء البلاد. و بينما تمادت هذه السيرورة، صفقت غالبية أحزاب الحركة الأممية الثورية أو ، فى أحسن الأحوال ، إلتزمت الصمت. و أيضا مضت فى الطريق ذاتها كافة القيادات الكبرى للحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي) . و ضمن المساندين الأكثر حماسا لهذا التفكيك التحريفي للثورة هناك أغلب الذين هم الآن يتهمون بصوت عالى بوب آفاكيان و الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ب " التحريفية " و بإتباع خطّ " معادي للثورة "، على غرار الحزب الشيوعي الهندي ( الماركسي-اللينيني) (نكسلباري) و الحزب الشيوعي الماوي ( إيطاليا ).
لقد أسفرت الخطوات إلى الأمام و كذلك الصعوبات فى الثورة و الأزمة الحادة للنظام القديم عن تحديات كبرى و مشاكل جديدة و معقّدة. لكن تبنّى قيادة الحزب لإطار نظري خاطئ و منهج خاطئ جعل من غير الممكن أن تواجه بصفة صحيحة هذه التعقيدات و ترسم طريقا بوسعه أن يقود إلى إتمام الثورة الديمقراطية الجديدة و إيجاد نوع مغاير جدّا من الدولة. و زيادة على ذلك ، قد قبل خطّ الحزب ، وهو على خطإ ، الإطار الديمقراطي البرجوازي كمنبع " للشرعية " ، ما جعله مرتهنا نتيجة الإنتخابات و بلوغ إتفاقيات مع الأحزاب السياسية البرجوازية و القوى الإمبريالية و الرجعية. و شتى الخطوات التى إتخذها الحزب الشيوعي النيبالي (الماوي) طوال هذه السنوات الحاسمة لم تكن مجرّد سلسلة من الأخطاء و حسب بل كانت كذلك إجابة على التطورات الموضوعية لكن بخطّ و نظرة و وسائل منهجية غير شيوعية.
و لقد ولّد تقدّم النضال فى النيبال أملا و حماسا كبيرين فى صفوف الشيوعيين الثوريين الحقيقيين و ملايين الناس المضطهدين عبر العالم. و على هذا الأساس ، بنت الحركة الأممية الثورية و الأحزاب المنتمية إليها دعما سياسيا جماهيريا لحرب الشعب فى النيبال ضمن الجماهير و نشرت دروس النضال عبر العالم.
و قد دفع تقدّم حرب الشعب إلى عتبة سهل كتمندو (19) إلى إحتداد شديد للصراع بشأن ما هو نوع الدولة التى يمكن تشييده. ما كان ضروريّا هو دولة ستحوّل الجماهير المضطهدة و تمكّنها أكثر من تغيير الظروف الإجتماعية بينما تشمل القوى الإجتماعية و تيارات النشاط البالغة الإختلاف و التناقض و التى يمكن أن تشرك العديد من الذين لا يشاطرونها ، أو لا يشاطرونها كلّيا ، توجه الثورة البروليتارية و هدفها. كان الشيوعيون فى حاجة إلى التركيز على المسائل الحيوية وإلى أن يجيبوا بطريقة صحيحة :هل يمكن للثورة أن تبلغ فعليا سلطة الدولة عبر البلاد كافة ؟ وكيف ستكون سلطة الدولة هذه؟ كيف يمكن أن تنجز أفضل من المجتمعات الإشتراكية السابقة ، عوض أن تتخذ نموذجا لها الثورات البرجوازية للقرن الثامن عشر؟ كيف ستكون العلاقات الإقتصادية القائمة عليها و التى تركزها هذه الدولة و توطدها ؟ كيف يمكن أن ترحّب بالمعارضة و مختلف المبادرات دون إعادة السلطة إلى المستغلّين عبر ديمقراطية تعدّد الأحزاب ، مثلما يدافع عن ذلك باتاراي و براشندا و يمارسان ؟ كيف يمكن للمرء أن يتقدّم و يقود الفئات الوسطى التى كانت متجمّعة فى العاصمة ، دون أن يدع رؤيتها ( الخاطئة) لمشاكل النيبال و حلولها تحدّد معنى و رؤية نوع الدولة الجديدة اللازم إرساؤها ؟
و بينما التحكم فى هذه السيرورة ليس باليسير فى النيبال أو أي بلد آخر، نعتقد أن جوهر توجه الخلاصة الجديدة لآفاكيان، اللب الصلب مع الكثير من المرونة ، يتناول هذه الديناميكية على نحو أساسي. و هذا يشمل الحاجة إلى لبّ قيادي متسّع بإطراد ، واضح بصدد الحاجة إلى دكتاتورية البروليتاريا و هدف مواصلة الثورة الإشتراكية كجزء من النضال العالمي فى سبيل الشيوعية وهو مصمّم على مواصلة خوض هذا النضال ، عبر كافة المنعرجات و الإلتواءات و فى نفس الوقت ، هناك حاجة إلى العمل على فهم أنّه سيوجد بالضرورة الكثير من الناس و التيارات المختلفة فى المجتمع الإشتراكي تدفع نحو إتجاهات متباينة - و القيادة على نحو يمكّن كلّ هذا فى النهاية من المساهمة فى سيرورة بلوغ الحقيقة و بلوغ الشيوعية (20) . كيف سيسير هذا و فى أي بلد بالتأكيد يزخر بالمفاجآت و التعقيدات التى من غير الممكن فى الوقت الحاضر إلاّ أن نتصورها : و مثلما إستشهد لينين بغوتا ، النظرية شهباء ، لكن شجرة الحياة هي الخضراء. و للأسف قد نبذ الحزب الشيوعي النيبالي (الماوي) الإطار الأساسي الذى ظهر للإبحار فى هذه السيرورة.
و بالضبط لأنّ حرب الشعب فى النيبال كانت سيرورة ثورية عميقة فإنّها مضت بالضرورة إلى أرض جديدة لم تسبق مشاهدتها. و كان لا بدّ لجميع الأحزاب و المنظّمات فى الحركة الأممية الثورية و كذلك فى لجنتها القيادية ، أن تتعلّم كلّ ما كان ممكنا تعلّمه من هذه التجربة الثورية الجديدة المتأتية من النيبال. كان من المفروض على كلّ حزب و على كلّ منظّمة ، حسب قدراتهم ، أن يدخلوا فى حوار مع الرفاق النيباليين و غيرهم ، حول كيفية فهم هذه التجربة أفضل فهم و المنارات كما الأسئلة التى تطرحها بالنسبة للشيوعية الثورية عامة.
بقدر عدم حدوث هذه السيرورة ، بقدر ما تأثرت الحركة الأممية الثورية والأحزاب المنتمية إليها تأثّرا سلبيّا . و لكن هنا أيضا تداخلت المشاكل القائمة لمدّة طويلة فى كلّ من الخطّ و المنهج مع هذه السيرورة ، حتى فى مرحلتها الأولى ، و غدا الوضع أسوأ بصورة متصاعدة إذ هنا كذلك لعبت " مرآة الضدين" دورا و أي دور فمثلا فى نقاط عدّة فى مسار حرب الشعب ، شعرت قيادة الحزب بأنّه من الضروري خوض مفاوضات مع العدوّ ، بما فى ذلك إيقاف إطلاق نار مؤقّت. فإعتبر البعض من الحركة الأممية الثورية مثل هذا التكتيك خاطئا ، و أكثر من ذلك إستسلاميّا بالنتيجة بغضّ النظر عن مميزات الوضع و كيف أنه يمكن أن ينسجم مع الخطّة الإستراتيجية العامة لتطوير حرب الشعب نحو الإنتصار النهائي. لاحقا ، حينما قام الحزب الشيوعي النيبالي (الماوي) بخطوة فى الإتجاه الخاطئ بتبنّى أطروحة باتاراي حول المرحلة الدنيا ، إتخذ هذا النوع من التكتيك ، مثله مثل إيقاف إطلاق النار إلخ ، معنى جديدا كجزء من الإستراتيجيا التى تخلّت صراحة عن تفكيك جهاز الدولة القديمة. و مثلما نعلم ، صفّق الكثيرون فى الحركة الأممية الثورية أو إلتزموا الصمت تجاه صياغة الأطروحات التحريفية التى كرّست لاحقا فى الواقع. و الرابط بين الإستبعاد البسيط السابق لأي نقاش للمفاوضات و القبول اللاحق بتفكيك الثورة هو الفشل فى معالجة مسائل الإستراتيجيا و الخطّ و السياسة فى ضوء الظروف المادية الحالية التى تواجه الحركة ، بيد أنّ الأهمّ هو تقييم كيف تفعل فعلها فى الأهداف البعيدة المدى و تعيقها.
و نظرا لواقع الدور الهام جدّا و الإيجابي الذى نهضت به الثورة النيبالية فى الفترة العصيبة بالنسبة للحركة الشيوعية العالمية و نظرا لعلاقتها التاريخية بالحركة الأممية الثورية ، لا شكّ أنّ إنتصار خطّ تحريفي فى النيبال ستكون له و كانت له إنعكاسات سلبية على الحركة الأممية الثورية ، و كذلك إنعكاسات تراجيدية على الجماهير النيبالية.
و ما هو باعث للبلبلة بصفة خاصة هو أن الضربة الموضوعية لهيمنة الخطّ التحريفي و تبعاته الإستسلامية ترافقت بأذى مفروضا ذاتيّا لدي الكثيرين من بقية الحركة الأممية الثورية مبرّرين أو معتذرين عن التطورات السياسية فى النيبال- أو عند رؤية أن تلك الأشياء تمضى فى الإتجاه الخاطئ ، لم يتحملوا مسؤولية خوض صراع عميق ضد هذه الخطوط الخاطئة و سقطوا فى نوع من الحتمية السلبية. و قليل هو الإنتباه الذى أعير للمواقف التحريفية الآتية من الحزب الشيوعي النيبالي ، حتى حين كانت هذه المواقف قد حدّدها و جادل ضدّها حزبنا و ثلّة آخرون مع تطوّر هذه السيرورة. و بدلا من ذلك ، وقع تعليق المبادئ الشيوعية و نظريتها الأساسية إلى أن " نرى فى الواقع نتائج هذه السياسات ".
و عندما أدّى إتفاق السلام الشامل لسنة 2006 إلى إنتصار الحزب الشيوعي النيبالي (الماوي) فى الإنتخابات فى السنة التالية و صار براشندا الوزير الأوّل للجمهورية الجديدة ، غالبية الرفاق فى الحركة الأممية الثورية ، لنستعير كلمات لينين ، علقوا الشكّ و إلتحقوا بحيوية بما إعتبره حتى الرفاق الثوريون فى النيبال " معجزة الإنتخابات ".
و مع إتضاح النتائج البشعة للخطّ التحريفي أكثر فأكثر ، و إتباع خيانة بخيانة أخرى و تبع عدم الوفاء بالوعود بعدم الوفاء بوعود أخرى ، حتى العديد من الرفاق فى النيبال الذين وافقوا فى البداية على الخطّ التحريفي ، مضوا من الإنزعاج إلى الغضب ضد ما كانوا يرونه عن حقّ خيانة للثورة. لكن حتى هذه القوى المعارضة ظلّت مع ذلك غير قادرة على إحداث قطيعة حاسمة مع المسار و الإطار التحريفيين. لقد جرّت قيادة الحزب و الإنتقائية و الإندفاع العام للخطّ و الممارسة التحريفيين ، و إن ضرب البعض الأرض و صرخ ، إلى التخلّى عن ثمار الثورة و وضع قناع جديد للنظام الرجعي بني حجرا حجرا.
كان المرء يأمل أن يعارض الرفاق فى أحزاب و منظمات الحركة الأممية الثورية بصلابة الخطّ التحريفي النابع من قادة ذلك الحزب ، و بهذا يقدّمون دعما أمميّا حقّا للجماهير فى النيبال و للثوريين فى الحزب الذين كانوا فى أمسّ الحاجة إلى الدعم ، بخوض صراع حول الخطّ الذى كان يقود الخيانة الموضوعية. لكن لسوء الحظّ ، كان هذا الدعم فعلا نادرا جدّا. و بالفعل كان العديد يشعرون بأنّه على الرفاق فى النيبال وحدهم أن يحدّدوا أي خطّ هو الخطّ الصحيح ، و أنّه طالما أنّ الحزب قال فى كلامه إنّه ليس بصدد التخلّي عن أهداف الثورة ، ينبغى أن نواصل الإعلان للعالم أنّه ما من داعي للإنشغال. هذا فعلا خيانة عميقة للجماهير فى النيبال ، و فى العالم ككلّ ، ظلّ الناس فاقدين سلاح مواجهة ما هو مدار الرهان و غير قادرين على لعب دور فى قتال الخطّ التحريفي.
لكن العديد الاخرين فى الحركة الشيوعية العالمية ، و من ضمنهم الكثيرون من الحركة الأممية الثورية ، عوض تقديم المساعدة للرفاق فى النيبال ، إنتهجوا طريق الإنتقائية و كذلك خطوطا تحريفية صريحة غرقوا فيها ، و ساهموا فى إنتشار الإنتقائية ذاتها بنسج مستويات جديدة من التفكير و التمنّى مختفين وراء قناع تحليل سياسي ، و منطلقين فى خطاب مزدوج قديم تماما.
و بإعتبار أنّ الخطّ التحريفي فى النيبال أنهى حرب الشعب و فكّك جيش التحرير الشعبي ، لعّله يبدو تناقضا ظاهريّا أن نشير إلى أن تيار تقليص كل الماركسية- اللينينية - الماوية إلى خوض حرب الشعب عمليّا أهال التراب على فهم ما كان يجري فى النيبال. و عوض النظر فى المضمون الفعلي لبرنامج الحزب الشيوعي النيبالي (الماوي) للمجتمع ، ركّز عدد من الرفاق على وعود براشندا ب " الإعداد لإنتفاضة " التى عادة ما كرّرت للجماهير فى النيبال و لأعضاء الحزب ذوى الفكر الثوري و لرفاق الحركة الشيوعية العالمية. و مع ذلك ، يبدو أنّ القليل من الرفاق قد لاحظوا أنّ الإنتفاضة الموعودة ، لنستعير كلمات كلوزفيتش ، ستعنى فى الواقع فقط وسيلة عنيفة للحصول على ذات الأهداف غير الثورية لإرساء جمهورية ديمقراطية برجوازية كان الحزب يعمل من أجلها بطرق أخرى و فى هذه الحال بطرق سلمية. و عن هذا الهدف السياسي يترتّب كل الفهم ل " إنتفاضة " يكون نجاحها معتمدا على قطاعات كبرى من الجهاز الرسمي للجيش الرجعي ، بينما كانت سيرورة إتفاق السلام تنتزع شرعية جيش التحرير الشعبي .( 21)
- عجز الحركة الأممية الثورية فى علاقة بالنيبال :IV
ما كان من الحتمي أن تصفّق غالبية الحركة الأممية الثورية أو تلزم الصمت عند غرق الحزب الشيوعي النيبالي (الماوي) أكثر فأكثر فى التحريفية. و بالفعل ، لو ظهر نقد أكثر تصميما من عدّة أنحاء ، لكانت حركتنا فى وضع مغاير جدّا اليوم- أفضل إستعدادا لمواجهة التحدّيات الإيديولوجية و السياسية و أفضل إستعدادا لمواجهة مفترق الطرقات صلب الحركة الشيوعية.
لم يكن الفشل الذريع للحركة الأممية الثورية فى الردّ بشدّة و بصورة صحيحة على ظهور الخطّ التحريفي فى النيبال حتميّا ، إلاّ أنه ، لسوء الحظّ ، كان متسقا مع النزعات الإيديولوجية و السياسية الخاطئة الكامنة منذ مدّة طويلة و التى نمت مع الوقت داخل الحركة الأممية الثورية و الحركة الشيوعية العالمية بشكل أعمّ. و بوجه خاص تماما ، وقع تجنّب المسائل الجوهرية المتصلة بنوع المجتمع الذى نناضل من أجله ؟ ما هو نوع النظام الإقتصادي الذى نحتاج إلى تركيزه ؟ و كيف ستكون العلاقة بين الدولة الجديدة و النظام الإمبريالي الرجعي العالمي القائم ؟ كيف ستكون طبيعة سلطة الدولة الجديدة ؟ و ماذا سيكون دور الحزب الطليعي؟ كيف ستكون الدولة مشابهة للدول الإشتراكية السابقة و مختلفة عنها ؟ ما هو دور المثقفين و فئات وسطى أخرى لا سيما فى المراكز المدينية ؟ ما هو الردّ على الذين يحاججون بأنّ الديمقراطية النقية هي حلّ مشاكل المجتمع ؟
لسوء الحظّ ، بينما أخذ باتاراي الصراع الإيديولوجي على محمل الجدّ ، بل منتهى الجدّ ، تصرّف آخرون كما لو أنه غير مهمّ.(22) و حتى حين جرى التركيز بحدّة على عمل بوب آفاكيان ، و بالخصوص فى علاقة بالنيبال فى عدد من الوثائق التى أنتجها الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ، كان الردّ الأساسي هو الصمت. و قد وقع تبرير هذا الصمت ، جزئيّا ، بالإعتقاد الخاطئ بأنّ المسائل السياسية و الإيديولوجية ستعالج عبر " الممارسة " ، دون عمل مضني للمعالجة الفعلية لتناقضات الحياة الحقيقية على ضوء علم ثورتنا.
ليس الصمت و " التجاهل " ، مع ذلك ، محايدين فما يعنيانه هو عدم تحدّى الأفكار السائدة فى المجتمع البرجوازي. إنهما يعنيان تجاهل كيف أن ذات الأفكار لا تندمج فى تفكير و ممارسة الشيوعيين ذاتهم. و فى علاقة بالنيبال ، قد عنيا عدم التسلّح إيديولوجيّا و سياسيّا لمواجهة الخطّ و البرنامج التحريفيين القويين و الناجحين على ما يبدو – و الآن غدت الثمار الفاسدة لهذا الخطّ و لهذه المقاربة أكثر بداهة لجميع الذين لهم عيون ليروا. و بالرغم من ذلك ، إلى اليوم ، هناك فى حركتنا من يبحثون عن جمع خليط من القوى الماوية دون المواجهة الفعلية للمضمون التحريفي للخطّ السياسي الذى قاد إلى النكبة فى النيبال.
و ما قد ظهر فى البداية غير متطابق هو أنه ضمن قوى الحركة الأممية الثورية من صفقوا او لاحظوا بصمت كيف كانت الثورة النيبالية تسقط فى المستنقع ، و فى الماضى كانت لديهم المواقف السياسية العكسية. مثلا ، عوض الدعم الصريح لنوع تخلّى باتاراي عن دكتاتورية البروليتاريا ، بعض الذين وافقوا أو لم ينبسوا ببنت شفة إزاء المنعرج التحريفي للحزب الشيوعي النيبالي الموحّد (الماوي) ، كانوا سعداء لتجاهل مشاكل الثورة الإشتراكية و / أو فقط كرّروا صيغا من الماضي. و من بين أكثر المساندين حماسا لإتفاق السلام الشامل لسنة 2006 فى النيبال هناك من حاججوا فى السابق ( أو على الأقلّ رفضوا القطع مع أولئك الذين حاججوا ) فى علاقة بالصراع حول تراجع الثورة فى البيرو ، بأنّ حتى النظر فى إمكانية أية مفاوضات و إن على مستوى تكتيكي ، يعدّ خيانة. كيف يمكن للمرء أن ينتقل فجأة و بهذه السهولة من موقف خاطئ إلى موقف آخر ، خاطئ كذلك ، أو أسوأ ؟ و مثلما سنرى لاحقا ، لهذا علاقة وطيدة بالأخطاء المتجذّرة بعمق فى السياسة و الإيديولوجيا و منها المنهج المعتمد لفهم الواقع الموضوعي و النشاط وفق ذلك الفهم.
البيرو و تكريس الحقيقة السياسية : -V
أتى الردّ الضعيف للحركة على التحريفية فى النيبال ، بمختلف أوجهه ، متأثرا بظلّ ردّ الحركة الأممية الثورية المتناقض و غير المناسب لمدّة طويلة على التطورات التى حصلت داخل الحزب الشيوعي البيروفي عقب إيقاف رئيس الحزب غنزالو سنة 1992 و ظهور ما صار يسمى الخطّ الإنتهازي اليميني. كان صحيحا تماما و تعبيرا عن الأممية البروليتارية أن نوحّد القوى عبر العالم لتقديم المساعدة للحزب الشيوعي البيروفي فى ظلّ هذه الظروف و لشنّ حملة للدفاع عن حياة الرئيس غنزالو إثر إيقافه و سجنه. لكن كانت هناك مهام أممية أخرى تقع على عاتق الشيوعيين فى الحركة الأممية الثورية خاصة ، و فى علاقة بهذا أخذت الإختلافات تدبّ.
بعد حوالي سنة من إيقاف غنزالو و تقديمه للصحافة حيث أعلن أن هذا الإيقاف ليس سوى " عثرة فى الطريق " و أن حرب الشعب يجب أن تتواصل لتمضي إلى الأمام ، وزّعت وثائق و أشرطة فيديو نسبت للرئيس غنزالو ، وهي تحاجج من أجل وضع نهاية لحرب الشعب. و إحدى الحجج المقدّمة هي أنّ ظروف المضي قدما بالثورة ، فى مواجهة إيقاف غنزالو و قيادات عليا أخرى و الظروف العالمية المتغيرة ليست مناسبة و أنّ ذلك يتطلّب تراجعا كبيرا ( لعشر أو عشرين سنة ). و صدر نداء " للنضال من أجل إتفاق سلام " مع نظام فوجيموري فى البيرو. فندّدت غالبية به قيادة الحزب خارج السجن بإعتباره "خدعة " نظّمها العدوّ. و ندّدت بالذين فى السجن و المنادين بذلك على أنهم إستسلاميون تحريفيون و رفضوا حتى إعتبار أنّ غنزالو يمكن أن يكون وراء هذه الحجج. و هاجم مساندون للحزب الشيوعي البيروفي كلّ من شعر بأنّه من الضروري البحث فى الظروف التى حفّت بنداء إتفاق السلام و فهم الواقع الفعلي و العمل قدر المستطاع إنطلاقا منه.
و موقف لجنة الحركة الأممية الثورية الذى سانده حزبنا ، كان المحاججة بأن هناك حاجة لإنجاز بحث بشأن الظروف الفعلية لنداء المفاوضات ( مثلا ، الموقف الفعلي للرئيس غنزالو). و قبل كلّ هذا ، كانت ثمة حاجة لتقييم ذلك النداء على أساس المبادئ الشيوعية الثورية و تفحّص الظروف الملموسة ، ليس أوّلا على أساس كاتب الخطّ (" الخطّ و ليس كاتبه " هي الصيغة التى وقع تبنّيها ) و كان تبنى الوثيقة الصحيحة جوهريّا " لنتوحّد للدفاع عن رايتنا الحمراء الخفّاقة فى البيرو" تتويجا لسيرورة حيوية من البحث و الصراع. بيد أنّه يجب أن نتذكّر أنّ تبنّى هذا الموقف لم يكن أمرا سهلا. و قد عارض البعض هذا المنهج الصحيح فى الأساس لبلوغ الإستنتاجات ، و إستغرق ذلك قدرا كبيرا من الصراع صلب الحركة الأممية الثورية. و لسوء الحظّ ، لم تتبنّى قيادة الحزب الشيوعي البيروفي خارج السجن هذه المقاربة. و أخفقت فى مواجهة الحجج السياسية للخطّ الإنتهازي اليميني المحاجج من أجل إتفاقيات سلام ، وهو ما لم يكن ليؤدي فى ظلّ تلك الظروف و بتلك المقاربة ، إلاّ إلى هزيمة الثورة ؛ و بدلا من ذلك حصرت قيادة الحزب نقدها أساسا فى فضح المدافعين عن الخطّ الإنتهازي اليميني بأبشع الكلمات بينما واصلت التأكيد على أنّ مشاركة الرئيس غنزالو فى الخطّ الإنتهازي اليميني كانت بالأساس غير ممكنة و لا يمكن أن تكون سوى " خدعة ".
و فى نفس الوقت ، إتبع مساندو الحزب الشيوعي البيروفي فى الخارج ( المعروفين بالحركة الشعبية البيروفية ) ذات الموقف الضار ورفعوه إلى مستوى الهوس. فكلّ الذين لم يعانقوا نظرية " الخدعة " ، تعرّضوا إلى الإتهام و التشويه على أنّهم يساعدون و يشجعون " الخدعة " الإمبريالية و الرجعية. و كان رئيس الحزب الشيوعي الثوري ، بوب آفاكيان هدفا مركزيّا لهجماتهم الوحشية و الفظيعة. و بالفعل ، إعتبر تفحص حجج الموالين و المناهضين للخطّ اليميني الإنتهازي ، وإستخلاص أنّ الخطّ اليميني الإنتهازي يمثّل خطّا و تحليلا خاطئين فى ما يتصل بآفاق إنجاز الثورة التى كان يجب القتال من أجل تقدّمها ، إعتبر نوعا ما فوق هذا المنطق الغريب ، و تقديما للمساعدة للعدوّ. و بقدر ما كانت الوقائع تتكشّف و تشير إلى إمكانية مشاركة غنزالو فى الخطّ الإنتهازي اليميني ( من مثل تصريحات قادة الحزب الشيوعي البيروفي الذين أوقفوا بأن غنزالو قد أقنعهم بضرورة إتفاق سلام ) ، بقدر ما كانت الحركة الشعبية البيروفية و بعض الآخرين يصبحون مسعورين و لاذعين. فى هذه الظروف ، شرع البعض فى الحركة الأممية الثورية أوّلا فى إستعمال عقيدة " الحقيقة السياسية " فى هذه القضية. و بغضّ النظر عن الوقائع الفعلية المعنية ، فإنّ هذه العقيدة كانت تحاجج بأنه سياسيا صحيح أن غنزالو لم يكن وراء إتفاق السلام و على الشيوعيين عالميّا أن ينشروا هذه " الحقيقة " و أن لا يسقطوا فى ما أسماه البعض " حقيقة الجرائد ". و بينما تحلى البعض بالجرأة أوالصراحة ليعلنوا على الملأ الحقيقة السياسية كمبدأ فلسفي ، فإنّ هذه المقاربة ذاتها عادة ما قادت أو على الأقلّ تداخلت مع تفكير العديد من الرفاق الآخرين أيضا. حقّا لم يكن هذا بالشيء المختلف عن مفهوم الحقيقة ك " شكل تنظيم حي للتجربة " الذى نقده لينين بعمق فى " المادية و مذهب النقد التجريبي" 23).
و حتى القوى التى كانت تقاتل من أجل خطّ صحيح ، مثل الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ، لم تسلم من تأثير هذا التيار السلبي القوي. و مثال ذلك تبنّى بيان الألفية سنة 2000 الذى قدّم تنازلات إنتهازية لنظرية " الخدعة " و إقتراحات غير علمية أخرى. و قد وافق حزبنا خطأ على هذا البيان من منطلق مصلحة بلوغ نوع من الوحدة الشكلية للحركة للحفاظ عليها عبر العالم- وهو ما أحدث ضررا واقعيّا و عزّز الفهم الخاطئ لعدد هام من المسائل ، بما فيها خطّ الصراع المتعلّق بالثورة فى البيرو- و لو أنّ حزبنا إعترف بسرعة بهذا الخطإ و تحرّك ليجعل أحزاب و منظمات الحركة الأممية الثورية واعية بذلك.(24).
و القضية هي ان ّ الردّ على ظهور الخطّ الإنتهازي اليميني فى البيرو كان يتطلّب من الجميع و بوجه خاص الحركة الأممية الثورية ، أن يتبنّوا مقاربة شيوعية لصراع الخطّين و العمل إنطلاقا من قاعدة علمية لتحليل العالم و تغييره. و لكن هذه المقاربة وقع تبنّيها بتفاوت داخل الحركة الأممية الثورية و تعرّضت للهجوم من قبل الكثيرين ما أضعف قدرة الحركة الأممية الثورية و الحركة الشيوعية العالمية عموما على إستخلاص نتائج صحيحة و على مساعدة الرفاق فى البيرو الواقعين فى ظروف فى منتهى الصعوبة. و تركت هذه المقاربة الجماهير عبر العالم دون قيادة شيوعية مناسبة لفهم ما جري فى البيرو و الإستنتاجات التى يجب أن تستشفّ. و مضى ذلك أيضا ضد ما يلزم من إتخاذ مقاربة علمية للواقع ، بما فى ذلك أجزاء أخرى من الواقع غير المرضى، أو يمكن أن تحول دون تقدّم الحركة فى أي زمن معطى. و أخذ ما كان مظهرا إيجابياّ لأساس تجمّع القوى الماوية عقب الإنقلاب فى الصين – مواجهة الشيوعيين لحقيقة الإنقلاب التحريفي فى الصين- فى الذوبان بفعل مقاربة آداتية للتطوّرات السلبية ، غير عابئة بأثرها على قدرة الجماهير على مواجهة تحدّيات تحرير الإنسانية.
و جدير بالتشديد عليه هو أنّ كافة المنهج و المقاربة المشار إليهما أعلاه قد ساهما فى الصعوبات الكبرى التى كان يواجهها الحزب الشيوعي البيروفي ذاته على الأرض. فالتأكيد على نظرية " الخدعة " صار صوته أكثر فاكثر نشازا مع تواصل مراكمة البراهين حول موقف غنزالو على أنّه على الأرجح صاحب الخطّ الإنتهازي اليميني ، و أمام سلسلة كاملة من قادة الحزب الشيوعي البيروفي الذين قبلوا بالخطّ الإنتهازي اليميني أو آخرون ندّدوا بغنزالو على أنّه صاحب الخطّ الإنتهازي اليميني.
لم يدرّب أعضاء الحزب الشيوعي البيروفي أبدا بأية طريقة شاملة على أسباب خطإ إتفاق السلام ، و لا على كيفية التقدّم بالثورة فى ظلّ هذه الظروف المتغيّرة . بدلا من ذلك ، توحّدت القيادة على مجرّد التنديد بالخيانة. و يبدو أنّ قيادة الحزب الشيوعي البيروفي خارج السجن كانت تعتقد بأنّ المعركة السياسية بشأن النداء من أجل إتفاق سلام يمكن تجاوزها أو تجاهلها بالتقدّم بحرب الشعب على أرض الواقع. و تفاقم ضرر هذه المقاربة برمتها مساهما فى الوضع المتسم بإلغاء حرب الشعب كقوّة تصارع فى سبيل سلطة الدولة عبر البلاد بأسرها ، و تدميرمعظم قوتها أو تملّكها اليأس ، و الذين بقوا يحملون السلاح قلّصوا إلى جيوب صغيرة من المجموعات المتنافسة منها من تطالب هي نفسها بإتفاق سلام.
لسوء الحظّ ، كافة هذا الفصل من التجربة المشتركة للحركة الأممية الثورية لم يلخّص تلخيصا مناسبا. فقد رفض بعض الرفاق ن إلى يومنا هذا ، أن يندّدوا بزمرة مساندي الحزب الشيوعي البيروفي فى الخارج الذين صدر عنهم كلاما لاذعا بعمق ضد الرفيق آفاكيان و ضد لجنة الحركة الأممية الثورية لا يناسب إلاّ قمم تخيّلاتها عن الوضع الراهن لحرب الشعب فى البيرو.
و بالرغم من ذلك، فالمشكل الأكبر ليس التسامح مع بعض الإنتهازيين الخبثاء ، بل بالأحرى الموقف السائد أكثر أي تجاهل مجمل التجربة فى البيرو و خاصة المنهج و المقاربة الخاطئين اللذان قبلا بهما و وقع تبنيهما إلى درجة كبيرة داخل الحركة الأممية الثورية.
فى الواقع الفعلي ، كانت حرب الشعب فى البيرو أحد أهمّ النضالات الثورية خلال العقود القليلة الأخيرة. فقد بعثت الثورة فى البيرو آمالا فى الشعوب عبر العالم ، و كانت تجسيدا حيّا للقدرة الهائلة للجماهير التى يجب أن تقاد فى النضال من أجل الثورة الشيوعية. و فى نفس الوقت ، تكشف تجربة البيرو أيضا ، لا سيما فى ضوء تطورات أعمق و تفحص أعمق للخطّ ، تناقضات و أخطاء جدّية فى خطّ ذلك الحزب و من ذلك تناقضات و أخطاء على مستوى الإبستيمولوجيا. و فى محاولة للنضال من أجل منهج و مقاربة أصحّ ، بما فى ذلك حول كيفية ممارسة الأممية البروليتارية فى هذه الظروف ، أصدر حزبنا وثيقة تدعو لمزيد نقاش التجربة البيروفية و تحديد المشاكل فى مقاربة الحركة الأممية الثورية ، و ضمنها النزعات نحو الآداتية (25) . و لكن لسوء الحظّ ، قوبلت الوثيقة فى الأساس بالتجاهل من قبل صفوف الحركة الأممية الثورية.
هناك كلّ من الحاجة العملية و من الضرورة الأخلاقية الثورية لإنجاز تلخيص أشمل و أصحّ لكافة تجربة الحزب الشيوعي البيروفي.و إنّه لمن المحزن أن نشاهد صلب الحركة الأممية الثورية عددا من الرفاق يمرّون إلى التجاهل بعد حتى التذيّل لبعض المواقف الخاطئة جدّيا لدى الحزب الشيوعي البيروفي عندما كانت نجاحات حرب الشعب توفّر نوعا من " رأس المال" . عندما بدأت خطوات الحركة فى البيرو تظهر تثاقلا ، إتخذ هؤلاء الرفاق ذاتهم موقفا غير مسؤول ، موقف عدم إيلاء أي إهتمام لما كان جهدا هاما للقيام بالثورة الشيوعية فى الظروف المعاصرة و ما نهض بدور كبير فى التجربة الجماعية للحركة الأممية الثورية . و ليس من المفاجئ أن الوجوه الأهمّ فى هذا النداء من أجل منظمة عالمية جديدة من أسوأ المذنبين.
- الأممية البروليتارية : مفهومان متعارضان : VI
كان فى قلب الإختلافات المحتدّة داخل الحركة الأممية الثورية و الحركة الشيوعية العالمية إلى درجة كبيرة ، خطّان مختلفان و متعارضان حول طبيعة الأممية البروليتارية. و هذا يشرح شرحا بالغا الجهود الإنتهازية لبناء " وحدة " القوى الشيوعية عالميّا بتجنّب المسائل الحيوية للخطّ الإيديولوجي و السياسي. و ساعد فهم خاطئ " للأممية البروليتارية " أيضا على شرح التاريخ الذى عرضنا أعلاه ، حينما إعتبر الكثيرون أنّه من الجيّد التذيّل أوّلا لخطّ خاطئ ثم آخر داخل الحركة الشيوعية العالمية ، طالما أن هذا الخطّ يبدو " ماضيا إلى مكان ما ".
إنّ الفهم الأعمق و الأكثر علمية للأممية البروليتارية عنصر محوري فى الخلاصة الجديدة التى يتقدّم بها آفاكيان. فنظرة آفاكيان للأممية البروليتارية مرتبطة إرتباطا وثيقا بفهم الثورة الشيوعية على أنّها فى الأساس سيرورة حدث بأكثر جوهرية على النطاق العالمي. ينسجم فهم آفاكيان فى آن مع التنظير الأصلي لماركس و إنجلز للثورة البروليتارية و يطوّره.
يزخر تاريخ الحركة الشيوعية بتنازع مفاهيم مختلفة للثورة البروليتارية. ففى تفكير لينين ، كانت الأممية البروليتارية مركزية حين واجه مشاكل بداية الثورة البروليتارية فى روسيا القيصرية فى خضمّ الكارثة و الأزمة اللتان نجمتا عن أوّل حرب إمبريالية عالمية. و كان عمل بوب آفاكيان " كسب العالم؟ " عملا محوريّا فى التعمّق فى التعاليم الأساسية لماركس و لينين و نقد التيارات الخاطئة فى التفكير داخل الحركة الشيوعية ، و وضع فهم الأممية البروليتارية على قاعدة علمية أكثر. و كجزء من هذا عالج آفاكيان الإختلاف بين الفهم اللينيني للأممية و فهم الثوري الإيرلندي جون كونولي الذى كان يحاجج بأنّ الأممية هي المساندة أو الدعم الذى تقدّمه ثورة لأخرى ، على عكس فهم لينيني الأكثر علمية و القائل ، بكلماته هو الخاصة ، الثورة فى كلّ بلد يجب أن ننظر إليها ك " إشتراكي أنا فى تحضير للثورة البروليتارية العالمية ، فى الدعاية لها ، فى تقريبها ". (26) . و طوّر آفاكيان ذلك أكثر ، مشدّدا على أنّه بينما يمكن و يجب كقاعدة عامة ، إفتكاك السلطة السياسية أولا فى بلد أو عدّة بلدان ، فإنّ الثورة فى بلد ما تحتاج أن نراها فى إطار سيرورة عالمية واحدة وهو العامل المحدّد أكثر فى إعداد الأرضية التى عليها تتقدّم الثورة.
و رغم التوجه الصحيح و العلمي جوهريّا لماركس و لينين ، فإنّ للنظرة المعارضة تاريخ مديد و جذور عميقة وسط الحركة الشيوعية ، و كانت بوجه خاص متقدة الحماسة خلال فترة قيادة ستالين للإتحاد السوفياتي و الأخطاء الجدّية التى حدثت فى هذا المضمار. و قد شملت ، عمليّا ، التعاطى مع ضرورة الدفاع عن البلد الإشتراكي كشيء مساوي للتقدّم بالثورة العالمية. و بالفعل ، مثلما حلّل آفاكيان ، لفترة زمنية طويلة ، الدفاع ( من طرف الجماهير فى ذلك البلد و الشيوعيين و الجماهير الثورية عبر العالم ) عن الدولة الإشتراكية ، على جوهريته ، مرتبط بالسيرورة العامة للثورة العالمية. و فضلا عن ذلك ، أقرّ آفاكيان بأنّ بعض الإجراءات التى إتخذتها الدولة الإشتراكية للدفاع عن ذاتها فى بيئة معادية تهيمن عليها الإمبريالية ، مثل الحاجة إلى تطبيق التعايش السلمي ، صارت موضوعيّا فى تناقض مع المهمّة الأوسع لتقدّم بالثورة البروليتارية العالمية ، حتى حين كانت هكذا إجراءات صحيحة و ضرورية. وهذا متباين جدّا مع حجة أنّ للدولة الإشتراكية مصالح متماثلة مع مصالح البروليتاريا العالمية ، مثلما كان الفهم سائدا خلال حقبة الكومنترن ( الأممية الشيوعية التى ولدت بُعيد ثورة أكتوبر فى روسيا و تواصل وجودها إلى الحرب العالمية الثانية ).
فى مجال الأممية البروليتارية ، يجب أن نشير إلى أن قطيعة ماو مع ستالين و تجربة بناء الإشتراكية فى الإتحاد السوفياتي كانت غير تامة نسبة إلى القطيعة فى مجالات أخرى. و هذا يمكن رؤيته فى بعض إجراءات السياسة الخارجية موضع السؤال التى إتخذها ماو و المتصلة بالتعامل مع سلسلة من الدول الرجعية فى بلدان ما يسمى بالعالم الثالث ، على غرار نظام ماركوس فى الفليبين ، و شاه إيران و موبوتو الزايير ( الكونغو) إلخ ... و جهود تطوير جبهة متحدة عالمية مع الكتلة التى تقودها الولايات المتحدة الأمريكية من البلدان الإمبريالية ضد الإمبريالية الإشتراكية السوفياتية المصورة على أنّها " الخطر الأساسي"(27).
و بالفعل ، تخلط هذه الصيغة بين مسألتين متباينتين : مرحلة الثورة فى الصين التى تحتاج لإنجاز الثورة الديمقراطية الجديدة ، و إيديولوجيا الشيوعيين و توجههم الذى لا يمكن أن يكون " الوطنية ". و كان لصيغة ماو " الوطنية هي تطبيق للأممية " تأثير إلى درجة كبيرة على الحركة الماوية الناشئة حديثا فى الستينات و السبعينات. و أحد الأسباب هو أنّ هذه النظرة تتداخل مع التيارات العفوية التى وجدت ، خاصة و ليس كلّيا فى البلدان حيث الثورة كانت تتطلّب المرور بمرحلة الديمقراطية الجديدة ، و للخلط بين إيديولوجيا القومية و المناهضة لإمبريالية و النظرة الأممية البروليتارية للعالم ، لإنجاز نوع من " دمج الإثنين فى واحد " لهتين النظرتين للعالم المتعارضتين فى النهاية.
فى صفوف الحركة الأممية الثورية و الحركة الشيوعية العالمية ، وجد قلق و إختلاف و قلّة إرادة الخوض فى التحليل الهام لآفاكيان و رسمه لخطّ تمايز دقيق للتمييز بين القومية و الشيوعية كتوجه للشيوعيين حتى حين يكون من الضروري و الصائب خوض النضال من أجل الديمقراطية الجديدة ، و الصراع حوله .(28) وهذا النوع من النداء للقومية يفسّر أيضا لماذا قد واصلت بعض القوى فى الحركة الأممية الثورية التأكيد على تكرار الخطاب الفارغ عن " الثورة هي التيّار الأساسي " و " أفريقيا و آسيا و أمريكا اللاتينية تظلّ مراكز إعصار الثورة العالمية " فى الوقت الذى تبيّن فيه حتى الدراسات الأكثر إستعجالا للظروف الفعلية للنضال الثوري فى عالم اليوم أنّ حتى فى أكثر البلدان المستغلة و المضطهدة لا تنهض الثورة فقط بل هي تواجه ذات الأسئلة الجوهرية التى تواجه الحركة الشيوعية العالمية ، مسائل حلّها الصحيح حيوي لإمكانية التقدّم مستقبلا.
نظرة البرجوازية الوطنية :
عبر تاريخ الحركة الشيوعية – و لم تكن الحركة الماوية إستثناءا- وجد مشكل مزمن فى الإخفاق فى التمييز بوضوح بين الشيوعية الثورية والديمقراطية البرجوازية. فلنا الكثير لتعلمه إيجابيا ، مرةّ اخرى ، من المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ ضد التحريفيين فى المراحل الأخيرة من الثورة الثقافية إذ خاض الثوريون فى الصين نقاشا وصراعا ثوريين جدا حول ظاهرة أن بعض القوى التى إلتحقت بالحزب خلال مرحلة الثورة الديمقراطية الجديدة ، " تنظيميّا و ليس إيديولوجيا " ، و ربطوا هذا بالظاهرة المشاهدة فى الثورة الإشتراكية ، ظاهرة تحوّل البرجوازيين الديمقراطيين إلى أتباع الطريق الرأسمالي (30). و مع ذلك هذا تطوير هام آخر للماركسية من طرف ماو و أنصاره ، ظلّ إلى حدّ كبير مجهولا من قبل الكثيرين فى الحركة الماوية.
و فى حين أنّ أطروحات ماو حول الديمقراطية الجديد معروفة على نطاق واسع و عادة ما يستشهد بها ضمن الماويين ، فى الواقع جرت مقاربتها بطريقة دغمائية و شكلية ، دون الصراع الفعلي لفهم ديناميكية العلاقة بين مرحلتي الثورة فى البلدان المضطهَدة ، و تداخل هتين المرحلتين و كيف أنّ هذا يتشكّل بطرق متنوّعة و مختلفة فى العالم المعاصر. و فى نفس الوقت ، يغطى تكرار الصيغ الرتيبة المضمون الفعلي لتقليص الصراع إلى الحقوق الوطنية و الديمقراطية .
لمختلف التيارات السياسية، و فى النهاية مختلف الطبقات ، فهم مختلف لما هي المشاكل الجوهرية للمجتمع ، و تبعا لهذا، لما هي الحلول الجوهرية التى يجب إيجادها. فبالنسبة للبروليتاريا و ممثليها السياسيين ، الشيوعيون الثوريون ، المشاكل الجوهرية التى تحتاج إلى الحلّ هي الإستغلال والإضطهاد و الإنقسامات الطبقية عموما ، و كلّ هذا مترابط. و من هنا تأتي الحاجة إلى الثورة البروليتارية العالمية ، بما فيها المكوّن الحيوي للثورة الديمقراطية الجديدة. لكن إن تمّ النظر إلى مشكل المجتمع من المصالح الطبقية و النظرة العالمية للبرجوازية الوطنية و ممثليها السياسيين ( بغضّ النظر عن خلفيتهم الطبقية الخاصة أو ظروفهم الإجتماعية ) ، بمعنى إن نظرنا للمشكل كمجتمع فيه الإنتاج السلعي مخنوق و التنافس البرجوازي لا يحدث " بعدل " ، فمن الطبيعي جدّا أنّ الثورة الديمقراطية البرجوازية ستعتبر هي الحلّ.
جامس كونولي أم لينين – أي نوع من المنظمة الأممية ؟ :
بمعنى ما ، فشل الحركة الأممية الثورية فى أخذ موقف صلب وعلمي فى علاقة بالأحداث فى النيبال ، و كذلك الصعوبات الواقعية و المعارضة السابقة لتحمّل موقف مسؤول فى علاقة بصراع الخطّين فى البيرو عقب إيقاف غنزالو ، وثيق الإرتباط بالفهم الخاطئ للأممية التى نحن بصدد نقاشها. فعوض إستيعاب الدور المركزي الإيديولولجي و السياسي للحركة الأممية الثورية والحاجة إليه للمواجهة الجماعية للصعوبات والتحدّيات الجديدة من وجهة نظر شيوعية ثورية ، أرسي منطق مختلف نوعيّا : كان الكثيرون ينظرون إلى الحركة الأممية الثورية على أنّها منظمة لترويج فهم كونولي للأممية ، لتوفير مساعدة ثورة لثورة أخرى – ورجاء لا تتدخّلوا فى نشاطات حزب آخر ، حتى إن كان ذلك الحزب يحطّم الثورة. و غالبا ما شمل هذا الإعتقاد بأنّ الناس على الأرض هم بالضرورة الأقدر على فهم المسائل الخطّية ، وبأنّ الناس خارج البلاد لا يجب أن يتحدّوا ما يقوله الناس على الأرض ، مهما كان الخطّ الذى يدافعون عنه ، أو المنهج الذى يعتمدونه فى محاولة بلوغ الحقيقة.
صلب الحركة الأممية الثورية ، تعايش منذ البداية هذان المفهومان المختلفان للأممية البروليتارية ، هذان المفهومان المختلفان للماركسية – اللينينية – الماوية ، و فى مناسبات إحتد التناقض بينهما. و فى الفهم الذى قاتل من أجله آفاكيان توجها ساعد أيضا و قاد حزبنا ليقدّم مساهمته فى تشكيل الحركة الأممية الثورية و تطويرها. و بيان الحركة الأممية الثورية ، رغم عكسه لبعض مظاهر التسويات ، عكس فى مجمله فهما متقدّما و صحيحا عامة لهذه المسائل. لكن وجد دائما تيار مضاد قوي عبّر عن فهم جامس كونولى للأممية ، وإلى درجة وجود أية قاعدة لهذه الأفكار لدى ماو ، فإنه بني على ما هو فعلا نقاط ضعف فى فهم ماو و ممارسته وليس على نقاط قوّته.
وُجد صلب الحركة الأممية الثورية ، أيضا فهم مشوّه و براغماتي للعلاقة بين الممارسة والحقيقة ووفق هذا الفهم سيترجم التقدّم فى الممارسة آليّا فى تقدّم فى النظرية ، أو أنّ صحّة أو خطإ المواقف النظرية يمكن أن تتحدّد بمعالجة هذه النجاحات ( الحقيقية أو المفترضة ) فى الممارسة. و مثلما رأينا ، كانت الممارسة ذاتها محدّدة تحديدا ضيّقا تقريبا حرفيّا ، على أنّها تعنى فقط الكفاح المسلّح. و إذا تمعنّا فى مشروع " المقترح" الذى بلغنا أخيرا و نحن نكاد ننهي هذه الرسالة ( أنظروا الملحق أدناه ) ، سنلاحظ هذا النوع من الرؤية المعبّر عنها بوضوح تام : " موجة ممكنة من الثورة البروليتارية العالمية تتطوّر و تظهر و نقاطها المرجعية و عمادها الإستراتيجي الحروب الشعبية التى تقودها الأحزاب الماوية. ويعتمد تحقيق هذه الإمكانية فى النهاية على مدى نجاح الأحزاب الماركسية – اللينينية – الماوية فى النهوض بمهامها الثورية على المستوى الوطني و العالمي. لترافد فهمها و تجربتها وتطوير قدراتها على بعث رسالة ثورية موحدة للجماهير المتمردة عبر العالم بأسره أهمية حيوية ". حسب هذه النظرة المفقّرة للأشياء ، المهمّة الأساسية للحركة الثورية العالمية ، هي " ترافد الفهم و التجربة " ما هو الفهم الذى يجب " ترافده "؟ كيف سيتمّ تلخيص التجربة ، مثلا ،" تجربة " الحكومة التى يقودها الماويون فى النيبال ؟ و يمزج ذات مفهوم " ترافد الفهم" " الإثنين فى واحد" ، على غرار براشندا و نظرية "الدمج" . إنه نداء صريح للبراغماتية. ما الذى حدث لأولوية الخطّ السياسي و الإيديولوجي المحوري للغاية لدي ماو؟
و ليس غريبا أن تظهر مثل هذه التيارات الخاطئة السياسية والإيديولوجية داخل الحركة الأممية الثورية. فلهذه المشاكل سوابق فى تاريخ الحركة الماوية ، و فى تاريخ الحركة الشيوعية العالمية بصفة أعمّ ، خاصة و لكن ليس حصرا خلال فترة قيادة ستالين ، و لها قاعدتها المادية فى الإشتراكية ذاتها. و لكن المحزب هو التشبّث العنيد و التأكيد على هذه المقاربات الخاطئة فى الوقت الذى يتوفّر فيه شيء أصحّ. بهذا ، تتخذ الأخطاء الثانوية السابقة فى الفهم بعدا مغايرا تماما. فقد تمكّن آفاكيان من تحديد هذه التيارات الإيديولوجية الخاطئة ونقدها ( بما فيها عناصرها الفلسفية و الإبستيمولوجية و المنهجية ). و هذا جزء حيوي من الخلاصة الجديدة يضع النظرية الشيوعية على أساس أصلب علميا. و بالضبط لأنّ الخلاصة الجديدة تضع إصبعها على هذه الأخطاء العميقة و المتواصلة ، يعتبر البعض هذه الأخطاء جدّ مركزية بالنسبة لفهمهم ل" ماوية " و يشعرون بالحاجة إلى إحداث قفزة فى تهمهم الفظيعة ب " معادى للثورة ".
مثلها مثل القومية والتنازلات القومية التى ناقشنا فى ما مرّ بنا ، تشمل الأمراض الإيديولوجية و المنهجية الأخرى المرتبطة بها التحريفية و البراغماتية ، و الآداتية و التطبيق السياسي للسياسة الواقعية ( تحليل وتقييم التطورات السياسية ليس على أساس المبادئ الشيوعية الثورية ، و بمنهج علمي ، و إنّما من الأفق البراغماتي الضيق لكيف أنّ قرارا أو ممارسة سياسية تستطيع على المدى القصير ، أن تؤتي ثمارا مفيدة ). لقد وصف آفاكيان التفكير الآداتي كمقاربة حيث "الخاتمة مرتبطة حشوا فى الكلام بالمقدّمة الأولى ". و بكلمات أخرى ، تقف ل" تأوّل " – و تنتهى إلى الرضوخ إلى– الواقع على نحو يجعله " مفيدا " للأهداف التى لديك...إنّه نوع من المقاربة الدائرية من قبيل الحشو فى الكلام تنطلق فيها من أهداف معينة أو مقدمات معينة ثمّ تأوّل الواقع ليكون إثباتا لهذه الأهداف أو المقدمات ، عوض أن يبحث الواقع موضوعيّا و علميّا ، و أن يحلّل و يلخّص ، و من خلال مدّ و جزر بين النظرية و الممارسة ، يبلغ تقييم أعمق للواقع و قدرة أشدّ على تغييره " ( 31).
إلى أي نوع من الوحدة يحتاج الشيوعيون ؟- VII
عبر تاريخ الحركة الأممية الثورية ، نشب نزاع بين البناء الصحيح للحركة على أساس خطّها السياسي و الإيديولوجي ، مثلما عبّر عنه بصورة مركّزة بيانها ووثيقة عاشت الماركسية – اللينينية – الماوية ! ؛ من جهة، و من جهة أخرى ، نزعة خاطئة لبناء الحركة بالأساس على قاعدة " قواها " و ، خاصة ، قوّة حرب الشعب فى البيرو والنيبال.و لاحقا ، عبّرت هذه المقاربة الخاطئة الثانوية عن نفسها أيضا فى إعتقاد البعض أنّ الحركة الأممية الثورية يجب أن تشتمل على مشاركين جدد ليس على قاعدة المواقف العامة السياسية و الإيديولوجية لهذه المنظمات ، بل بالأحرى على قاعدة هل ان ّهذه الأحزاب ناجحة فى خوض الكفاح الثوري المسلّح تحت راية الماوية ، دون نقاش حقيقي لمضمون ما يعنيه ذلك. بمعنى ما ، هذا تعبير آخر عن الحركة كلّ شيء و الهدف لا شيء ، مثلما نقد لينين بحدّة تحريفية برنشتاين فى فترة الحرب العالمية الأولى. و قد تمّ الإلتصاق بعناد أكثر بهذه المقاربة الخاطئة و التشديد عليها فى وجه الحاجة للتقدّم بالأسس النظرية لحركتنا إلى أبعد من الوحدة الأولية لتلك الوثائق المذكورة سالفا ، وحين كانت التغيرات و التحدّيات الحقيقية ذاتها للعالم الموضوعي تتطلّب قطيعة أعمق.
عند تفحّص نداء غرّة ماي 2011 من أجل منظّمة شيوعية عالمية (32) ، و كذلك أكثر الوثائق الحديثة للمشروع المقترح ( أنظروا أبضا ، الملحق أدناه ) ، يندهش المرء من هذا النوع من المقاربة. و مثلما لاحظنا فإنّ الوثيقة الأخيرة تبنّت هذه المقاربة و مضت بها إلى نهايتها المنطقية التى وفقها " الحروب الشعبية "هي " النقاط المرجعية و عمادها الإستراتيجي". لا يبذل أي جهد للتعبير عن المعيار السياسي و الإيديولوجي لمثل هذا التجمّع. فى وثيقة 2011 ، تقدّم صورة خاطئة ( و صراحة سخيفة ) فيها يرسم تقدّم حرب الشعب فى البيرو و الفليبين و تركيا، و أنّ هذا نوعا ما سيخدم قاعدة إعادة توحيد الشيوعيين. وكما يصوغ ذلك الحزب الشيوعي الهندي ( الماركسي- الليننيني ( نكسلباري ) فى محاججته من أجل هذا النوع من المقاربة ، " هذه الوحدة يجب بالضرورة أن تكون واسعة بما فيه الكفاية فى المواضيع المختارة و كذلك فى المشاركة ، كي تعكس بصورة صحيحة الواقع الحالي للحركة الماوية العالمية. و عبر هذه السيرورة نقاط الوحدة و الإختلاف يمكن أن تحدّد و يمكن بلوغ أرضية متقدّمة نسبيّا ، لتصبح قاعدة إعادة التنظيم ". (33). بكلمات أخرى ، عوض التركيز على خطوط التمايز التى ظهرت و التى تحتدّ ، علينا أوّلا أن نقرّر من سينضمّ إلى هذا النقاش و ثمّ ننظر إلى العامل المشترك الأدنى للخطّ السياسي الذى يمكن أن يبقى هذه القوى " متحدة ".
و من ضمن الممضين على نداء غرّة ماي 2011 ، هناك الحزب الشيوعي النيبالي الموحّد (الماوي) ، لذا بوسعنا أن ندرك كيف ستكون " الأرضية المتقدمة نسبيّا " و ما هي أنواع التحريفية التى سيسمح بها. و رغم ذلك ، فإنّ نداء غرّة ماي التافه ينطوي على نوع من الشبكات الموحّدة ، ما يعكس على وجه التحديد بعض مظاهر " مرآة الضدين" التى يشير إليها بيان الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ، المستشهد به أعلاه – و من ذلك الحديث عن الماوية دون نقاش أهمّ مساهمة من مساهمات ماو تسى تونغ ألا وهي مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا ، و تقليص الماوية إلى حرب الشعب. بطرق عدّة ، بيان 2011 هذا تعبير مركّز عن كلّ ما كان خاطئا و ثانويّا فى السير السابق للحركة الأممية الثورية ، و ليس بوسعه إلاّ أن يقود إلى الخلف. و الآن نحن نشاهد مع المقترح الأخير لسنة 2012 ، بالضبط إلى أين يقود التنديد بالخلاصة الجديدة لبوب آفاكيان على أنّها " معادية للثورة ".
- المراحل و الإستمرار و القطيعة فى تطوّر الماركسية : VIII
لقد سبق و أن ناقشنا فى ما مرّ بنا كيف أن باتاراي و براشدا كانا بطريقتهما الخاصة يقدمان تلخيصا للمرحلة الأولى للثورة الشيوعية و يقترحان دروسا و لو أنّها دروسا جدّ خاطئة وغير علمية. و بمقدورنا كذلك أن نلاحظ كيف أن الرئيس غنزالو من الحزب الشيوعي البيروفي قد شرع هو كذلك فى تفحّص بعض هذه التجربة و طوّر سلسلة من الصيغ التى صار بعضها مندمجا فى ما سمّاه الحزب الشيوعي البيروفي فكر غنزالو.
مثلا ، حاول غنزالو أن يجيب عن المسألة المهمّة جدّا المتعلّقة بسبب الإنقلاب على الثورة فى الصين بالتركيز بصورة طاغية على مشكل تسليح الجماهير فى ظلّ الإشتراكية. و مع أنّ مشكل تسليح الجماهير فى ظلّ الإشتراكية مشكل كبير ساهم فى الثورة المضادة ، لا نستطيع قول إنّه يشمل المسألة برمتها ، مسألة الخطّ السياسي و الإيديولوجي الذى إنتهى إلى إلى التراجعات فى المجتمعات الإشتراكية السابقة. و على سبيل المثال ، حتى و إن وجدت مليشيا مسلّحة ( مثلما إرتأى أنصار ماو أن يطوّروا فى الصين ) ، فمن سيقودها ؟ كيف نضمن أن يتمّ إستعمال هذه القوى لمساندة خطّ بروليتاري حقيقي؟ و ماذا عن القوة الأكبر للجيش المركزي للدولة الإشتراكية – الذى تظلّ الحاجة إليه قائمة فى عالم أين الدول الإمبريالية القوية و المتعادية هي القوّة الأعظم؟ لكن عوض الإنطلاق من التوجه و الإكتشافات الأساسية لماو بشأن الصراع الطبقي فى ظلّ الإشتراكية و كيفية خوضه، طوّر غنزالو خطّا بديلا " حرب الشعب إلى الشيوعية " معتبرا الكفاح المسلّح العنصر الدائم و حتى الحيوي طوال الفترة الإنتقالية إلى الشيوعية برمّتها. و كان هذا مرتبطا بفهم الحزب الشيوعي البيروفي للسلطة السياسية. فقد نشر الحزب الشيوعي البيروفي نشرا شعبيّا صحيحا مقولة لينين بأنّه عدا السلطة السياسية الباقي كلّه أوهام. لكن ، فى نفس الوقت ، كان بلوغ السلطة السياسية ينزع إلى التحوّل هو ذاته إلى هدف نهائي ، مثلما يعكسه موقف الحزب الشيوعي البيروفي القائل بأنّ السلطة السياسية هي أهمّ شيء فى الماركسية- اللينينية - الماوية (34) . و قد لاحظ حزبنا أنّه مهما كانت أهمّية السلطة السياسية فى السيرورة الثورية ، فثمّة حاجة لرؤيتها فى إطار سلطة سياسية لمن و من اجل ماذا؟ (35). وهو ما نعتقد أنّه منسجم مع التأويل الصحيح لأطروحات ماو. و هذا مثال هام و لكنه مع ذلك مثال فقط ، للأجوبة المختلفة إزاء تجربة الموجة الأولى للثورة الشيوعية.
وعديد المسائل الأخرى كذلك طفقت فيها المفاهيم المختلفة و المتناقضة بشأن هدف الشيوعية و طبيعة الفترة الإنتقالية الإشتراكية ومسائل حيوية أخرى تبرز أحيانا فى شكل جنيني. لسوء الحظّ ، لم تتابع غالبية القوى فى الحركة الأممية الثورية و فى الحركة الشيوعية العالمية هذا الخطّ من المساءلة.
من جهة ، يقبل كافة الشيوعيين على الأقلّ بأن الماركسية شيء يجب تطويره. و المسألة هي : بأي إتجاه سيحدث التغيير. مع الخلاصة الجديدة ، أضحت الماركسية أكثر علمية و أصحّ و أكثر ثورية و أقدر على قيادة التقدّم بالنضال نحو الهدف التحريري و على ذلك الأساس ، على جلب أعداد متنامية من الجماهير الشعبية فى العالم. لكن إن أخفق الشيوعيون فى تلبية الحاجيات الكبرى و إنتهوا فى الأخير إلى سواء التذيّل إلى اللاحلول اللاتحريرية لعصر البرجوازية ، أو الإبتعاد دغمائيّا عن المشاكل الحقيقية للثورة فسيذبل و يموت ما يعتبر ماركسية أو ماركسية- لينينية – ماوية ، و سيضحى علمنا ظلاّ باهتا للماضي الثوري ، غير قادر على مواجهة التحديات الجديدة و التناقضات الجديدة.
لقد رأينا أنه عدا آفاكيان و المدافعين عن الخلاصة الجديدة ، بالأساس قادة الحزب الشيوعي النيبالي الموحّد (الماوي) أو بكلمات أخرى ، اليمينيين ، هم الذين عالجوا المسائل الظاهرة للمرحلة الأولى من الثورة الشيوعية . و بالطبع ، ما قدّموه من أجوبة جميعه يذهب فى إتجاه تصفية المشروع الشيوعي. و من ضمن المنتمين إلى الحركة الأممية الثورية الذين نزعوا أكثر نحو الدغمائية ، فى شكل موقف " يساري" القليل منهم قدّموا حججا كتابيّا. و الإستثناء هو الحزب الشيوعي (الماوي ) الأفغاني. و رغم أنّه من الضروري أن نحتجّ بقوّة على الهجمات الحاقدة و المجانية التى شنّها الحزب الشيوعي (الماوي) الأفغاني ، لا سيما ضد الرفاق من الحزب الشيوعي الإيراني (الماركسي - اللينيني- الماوي) ، فإنّ مقال الحزب الشيوعي ( الماوي) الأفغاني " الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي – اللينيني – الماوي) سقط فى طريق تيه " ما بعد الماركسية – اللينينية –الماوية " يسلّط ضوء قويّا على الإيديولوجيا و السياسات المعنية بهذه الجهود ل " إعادة توحيد الحركة الشيوعية العالمية " ( 36). و النقطة المركزية فى محاججة هذا الحزب هي أنّه من الخطإ الإقرار بأنّ مرحلة من حياة الحركة الشيوعية إنتهت و بأنّه من الضروري تدشين مرحلة جديدة ، و كذلك من الخطإ الإعتقاد فى أنّ فهم الشيوعيين يجب كذلك أن يبلغ مستوى جديدا.
يضع مقال الحزب الشيوعي (الماوي) الأفغاني عن " ما بعد الماركسية – اللينينية –الماوية " الأمر على هذا النحو : " الخلاصات الجديدة مثل فكر غنزالو أو طريق براشندا أو فكر مثل الآفاكيانية لا يبدو أنها تحثّ على مزيد تطوير الماركسية - اللينينية - الماوية ؛ بل تقع كوصمة جديدة لسلاح ذهني و إطار ما بعد الماركسية- اللينينية- الماوية . و هذا بالضبط سبب إعتبارنا إياها خطأ أقرب بكثير إلى إنحراف حركة دوران حول الذات، فى تعارض مع ما عرضه الخطّ الخاطئ للحزب الشيوعي البيروفي المسمّى فكر غنزالو و طريق أعمق و أبعد من إنحراف الحزب الشيوعي النيبالي (الماوي) المسمّى طريق براشندا ".
هذا الموقف المشوّه للخلاصة الجديدة لبوب آفاكيان على أنّها آفاكيانية و إنحراف " طريق أعمق" من إنحراف الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي) فى حدّ ذاته موقف مذهل. من أجهض ثورة ؟ من حوّل هدف النضال إلى تحسين الديمقراطية البرجوازية ؟ أي خطّ أدار ظهره فعلا لنضال الجماهير عبر العالم بأسره ؟
و بالرغم من ذلك ، ثمة شيء هام يجب أخذه بعين الإعتبار فى خلفية تنديد الحزب الشيوعي ( الماوي) الأفغاني: فهم خاطئ للسيرورة التى عبرها تتطوّر الماركسية ( او حتى أي علم ) من المرحلة الأدنى إلى المرحلة الأرقى. فى الواقع ، ليست الخلاصة الجديدة لآفاكيان إبتعادا عن الماركسية مثلما يقترح الحزب الشيوعي (الماوي) الأفغاني ، بل هي بالأحرى تطوير اعمق لها. بيد أنّ الحزب الشيوعي ( الماوي) الأفغاني يفهم هذه السيرورة برمتها فهما خاطئا.
إليكم كيف يشرح الحزب الشيوعي (الماوي) الأفغاني تطوّر الماركسية من مرحلة إلى أخرى :
" كذلك، على المستوي النوعي من التغيير ، بينما التغييرات النوعية هي المظهر الأهمّ لتغيّر الظاهرة إلى ظاهرة أخرى ، هناك أيضا تغيرات كمّية من أنواع مختلفة. هذه هي الطريقة التى عبرها سيرورة التغير الكمّي والتغيرات النوعية تراكم أيضا و كذلك التغيرات النوعية تتراكم فى النهاية. أثناء مستوى التغيير النوعي ، تحدث طفرة نوعية تغير التناقض الجوهري للظاهرة و تحوّلها إلى ظاهرة جديدة.
و الإطار النظري الذى أسسه ماركس ليس هو أيضا إستثناءا لهذا القانون. منذ زمن ماركس و إنجلز ، مرّ هذا السلاح الذهني عبر مستويين من التطوّر التقدّمي هما اللينينية و الماوية. و هذا لا يهدف إلى الإستهانة بأهمية الميزات الجديدة اللينينية و الماوية. نيتنا هي توضيح أنّ فى الماركسية- اللينينية ، إستمرار الماركسية و عموما الماركسية- اللينينية هو جوهر التغيير. و القطع مع الماركسية الأصلية ليس المظهر الأهمّ. و كذلك ، فى الماركسية ، اللينينية ، الماوية ،و إستمرار الماركسية ، اللينينية فى الماوية وعمومية الماركسية ، اللينينية ، الماوية هو جوهر التغيير. القطيعة مع الماركسية- اللينينة ليست المظهر الأهمّ . لهذا مختلف مستويات الماركسية ، الماركسية اللينينية هي جوهريّا مستويات مختلفة من تطوّر سلاح إيديولوجي واحد ".
يلامس الحزب الشيوعي (الماوي ) الأفغاني المسألة الهامة للعلاقة بين الإستمرار و القطيعة فى تطوّر علم الشيوعية الثورية من المستوى الأدنى إلى المستوى الأرقى. بالمعنى الشامل ، المظهر الرئيسي هو الإستمرار – أي الدفاع عن و إثراء المقترحات و الأطروحات و مناهج التحليل التى طورها أوّلا بالتوالي لينين و ماو و اليوم آفاكيان- بينما القطيعة التى تعنى (ليس حصريّا ) نبذ تلك العناصر من الفهم السابق التى يكتشف أنّها خاطئة أو خاطئة جزئيّا ،هو بمعنى عام ثانوي فى السيرورة التى خلالها شهدت الماركسية طفرات ، ما يعنى خلاصة. من جهة ، يبدو أنّ هذا هو ما يحاجج من أجله الحزب الشيوعي (الماوي) الأفغاني فى الفقرة المذكورة اعلاه ، ومعه كنّا سنتفق – هناك إستمرار واحد للماركسية التي تمثّل سلاحا إيديولوجيا واحدا. لكن هذه الملاحظة الصحيحة لا يجب أن توظّف لإنكار أن الماركسية قد مرت عبر طفرات فى سيرورة تطوّرها وأنّ هذه الطفرات هي أيضا تعنى القطيعة مع ما كانت فى السابق حقائقا مفهومة. بلوغ خلاصة يعنى كلاّ من القطيعة و الإستمرار و بالتالي كلاهما ، بما فى ذلك حتى إعادة صياغة العناصر الإيجابية السابقة. و
فى نقاش الحزب الشيوعي (الماوي) الأفغاني ، بلوغ مرحلة جديدة سيرورة فى منتهى الميكانيكية أساسا ناجمة عن مراكمة زيادة التقدّم فى الفهم ، خاصة فى نقاط مفصلية فى تطوّر علم ثورتنا. " و مثلما عبّر عن ذلك بوب آفاكيان ، الشيوعية فلسفة و نظرية سياسية متكاملة و فى نفس الوقت هي علم حيّ نقدي و مستمرّ التطوّر" (37)
يقيم الحزب الشيوعي (الماوي) الأفغاني جدارا فاصلا كبيرا بين القطيعة و الإستمرار. أوّلا ، لنشر إلى ما يجب أن يكون بديهيّا : القطيعة و الإستمرار وحدة أضداد. و ما ينبغى إستيعابه هو التداخل الجدلي بينهما. فى تطوّر الماركسية ، من الضروري التأكيد على أنّه دون قطيعة لا يمكن أن يوجد إستمرار.
إن لم تقطع الماركسية مع تلك المظاهر و العناصر الخاطئة ، الإحادية الجانب و غير العلمية ، فإنّ الماركسية لن تستطيع أن تحافظ على إستمرارها بجوهر علمي. إذا لم تتخلّص الماركسية من المفاهيم السابقة الخاطئة الخاصة ، مع إكتشافها فى خضمّ الممارسة الإجتماعية و تقدّم المعرفة الإنسانية بصورة أعمّ ، إن لم يقع بهذا المعنى إعادة تفحّص مستمرّة و تثبّت من صحّة مقدّماتها ، تكفّ عن أن تكون علما أبدا. هذا ما قام به آفاكيان عند نقده لتلك العناصر الثانوية لكن مع ذلك الواقعية و الضارة فى الفهم العلمي الأساسي للماركسية. و النتيجة ليست ببساطة إضافة تصحيحات أو تعديلات للجسد القائم من الماركسية- اللينينية - الماوية : الفهم الموجود السابق ذاته أعيدت صياغته ، و ظهرت خلاصة جديدة.
إنّ وصف الحزب الشيوعي (الماوي) الأفغاني الميكانيكي للتقدّم الكمّي فى الفهم القائد إلى الطفرات النوعية ، وجهده لتطبيق ذلك على تطوّر الماركسية مرتبطان وثيق الإرتباط بوجهة النظر الخاطئة القائلة بأنّ تطبيق الماركسية فى بلد معيّن سيؤدّى آليّا إلى تقدّم مناسب فى الفهم النظري. و ضمن العديد من أنصار الحزب الشيوعي البيروفي فى أوج هذا الصراع ، لم تكن تلك الحجّة أبدا بعيدة جدّا تحت السطح : لأنّ الثورة البيروفية كانت تتقدّم ، الإعتراف بهذا التقدّم سيدلّل أيضا على الصلوحية العالمية لفكر غنزالو . و بالعكس ، قد حاجج بعض الرفاق بأنّه نظرا لكونه لم توجد ثورة إشتراكية ناجحة منذ الصين ، لا يمكن أن تحدث طفرة فى المجال النظري. هذا النوع من التفكير مكبّل بصورة ثقيلة بالقومية و التجريبية.
ولنعد إلى حجج الحزب الشيوعي (الماوي) الأفغاني حول التراكمات الكمية و النوعية للماركسية. و بالفعل ليست الإختراقات النوعية فقط نتيجة تراكم للحقائق الجزئية ، وإن كان ذلك نهائيا جزء منه. عند نقطة مفصلية معينة من تطوّر أي علم ، التجربة المراكمة و المزيد من النقاش و تأثير الإكتشافات والجدالات فى مجالات اخرى سيتطلّب إعادة تفحّص بعض الفرضيات و الفهم السابق.
إحتجاج الحزب الشيوعي (الماوي) الأفغاني بهذا العنف على سيرورة بلوغ فهم جديد ماركسي أرقى و التوحد حوله ليس بالأمر الملتبس جدّا. فبالفعل ، فى سيرورة تشكيل الحركة الأممية الثورية ذاتها ، و فى التبنّى التالي لصيغة الماركسية –اللينينية – الماوية كانت مشكلة المرحلة و الطفرة فى فهمنا موضوع صراع مباشر . إذ وجد الذين حتى داخل الحركة الأممية الثورية ، كانوا يدافعون بشدّة عن أنّ الماركسية – اللينينية - الماوية لم تكن تطويرا أرقى للماركسية – اللينينية ( 38). و فى موقع القلب من هذا الرفض كانت الأفكار العنيدة للنقد الذى أجراه ماو لأخطاء ستالين فى عديد الحقول: فى فهم الصراع الطبقي فى ظلّ الإشتراكية ، و الإختلاف بين التناقضات صلب الشعب و التناقضات بين الشعب و العدوّ؛ و الإخفاق فى رؤية وحدة الأضداد و صراعها كقانون أساسي للجدلية و ما إلى ذلك ، إلى درجة الحديث بصوت خافت عن مساهمات ماو ، كانت تعتبر مجرّد إضافات للجسم النظري الموجود. وُجد رفض للإعتراف بأنّ هذه الإضافات كانت تشمل أيضا نبذ بعض الأفكار و إعادة صياغة أخرى. أحيانا كان يقبل حتى أن ماو فهم بعض المظاهر أفضل من ستالين ، لكن كان يجب شرح هذا ، حسب هذه النظرة ، ببساطة بكون ماو عاش بعد ستالين و أنّ مزيدا من التجربة تراكم – كما لو أنّ مزيد التجربة لوحده سيؤدّى بالضرورة إلى فهم أكثر تقدّما.
فى الواقع ، التجارب الجديدة للقيام بالثورة البروليتارية لا تقود عموما إلى شرح جديد وحيد ، بل إلى شروح مختلفة و متناقضة. إنّها تقود إلى صراع خطين. نظرتنا هي انّ الإنقلاب فى الصين " تجربة " مأساوية غيبت كافة أطروحة ماو المتعلّقة بخطر إعادة تركيز الرأسمالية فى المجتمع الإشتراكي و الحاجة إلى مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا. أكّدت أطروحته الأساسية و وفرت كذلك قدرا كبيرا من المادة لمزيد تطوير و إعادة صياغة الفهم الذى طوّره. لكن هذه ليست النظرة التى إعتمدها عديد الآخرين و بالفعل الإستنتاج الصحيح لا يفرض نفسه بالضرورة عفويّا . فقد إعتبر أنور خوجا و عديد الآخرين خسارة الصين " دليلا " على أنّ الماوية لم تكن لها أية فائدة مهما كانت.
و اليوم ، بلغت الشيوعية الثورية من جديد مرحلة جديدة فى تطوّرها بفضل صياغة بوب آفاكيان للخلاصة الجديدة. و مثل التقدّم السابق فى علمنا ، كان يعنى كلا من الإستمرار و القطيعة و إعادة صياغ الكلّ. توفّر الخلاصة الجديدة الإستمرار الحقيقي مع ماو بالمضي أبعد من ماو ، و تحديد العناصر و إن كانت ثانوية ، التى هي فعلا فى تناقض مع المظاهر العلمية الشاملة لتعاليم ماو. بكلمات آفاكيان ذاته ( مثلما ذكرت فى بيان الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ) :
" غاية فى الأهمية هو عدم التقليل من أهمية التوليف / التلخيص وقوّته الإيجابية الكامنة : نقد أخطاء ونواقص هامة و القطع معها بينما نقدّم ونعيد بريق ما كان إيجابيا فى التجربة التاريخية للحركات الشيوعية العالمية و البلدان الإشتراكية التى وجدت إلى الآن، وبمعنى حقيقي نعيد إحياء – على قاعدة جديدة وأكثر تقدّما – قابلية نجاح ونعم الرغبة فى عالم جديد ومختلف جذريا ،و إقامة هذا على أساس أصلب من المادية الجدلية...لذا لا يتعيّن أن نستهين بإمكانية هذا كمصدر للأمل و الجسارة على قاعدة علمية صلبة."
فى ثنايا هذه الرسالة قد ناقشنا تلك العناصر التى تضمنتها الخلاصة الجديدة. و من أجل معالجة أشمل نحيلكم مجدّدا إلى بيان الحزب الشيوعي الثوري، الولايات المتحدة الأمريكية ووثائق أخرى (39). و إستبعاد مفهوم الحقيقة الطبقية و ما يعتبره آفاكيان " تجسيد البروليتاريا " هي جزء من العناصر الفلسفية و الإبستيمولوجية للخلاصة الجديدة. و صراع الخطين الحالي الذى يبرز داخل الحركة الشيوعية العالمية يشمل هذه المسائل الإيديولوجية أيضا.
و قد حدّد آفاكيان و نقد أيضا العناصر الدينية تقريبا التى تواجدت و تداخلت مع الفهم الصحيح للماركسية كعلم. فمفاهيم مثل " إنكار الإنكار" [ نفي النفي] التى إستعارها ماركس و إنجلز من هيغل ، أو الموقف المتكرّر عادة ل " حتمية إنتصار الشيوعية " ، قد وجدت دائما كتيّار مضاد صلب الشيوعية الثورية. و فى صفوف الحركة الأممية الثورية أخذت هذه الأفكار الخاطئة إلى مستويات جديدة بمفهوم غنزالو عن " الثورة على السكّة " أو " ملايين السنوات من المادة فى حركة تقود إلى الشيوعية " (40) و هذا النوع من التفكير لا يمكن إستبعاده على أنّه مجرّد إنتصارية جوفاء تبحث عن الرفع من معنويات و شجاعة الرفاق والجماهير . تقف المفاهيم الدينية تقريبا حاجزا فى طريق النظر إلى الشيوعية الثورية كعلم و مساعدتها على التقدّم كعلم يمكن أن يقارب الواقع بأكثر شمولية و يعتمد كوسيلة أفضل حتى لتغيير العالم.
على ضوء ما تقدّم هناك أيضا نقاش هام بخصوص دور الماركسية كعلم و علاقتها بالبروليتاريا كطبقة . داخل الحركة الأممية الثورية ، وقع تبنّى واسع لفهم خاطئ و ميكانيكي بهذا المضمار. و قد نوقش البعض من هذا فى جدالنا مع آجيث من الحزب الشيوعي الهندي (الماركسي- اللينيني) ( نكسلباري ) فى "صراع " (41) ، بصدد العلاقة بين التحزّب و الحقيقة فى الماركسية. الماركسية متحزّبة لمصالح البروليتاريا ، لكنّها ليست صحيحة لأنّها متحزّبة و بالفعل السبب الجوهري لتحزّب الماركسية يكمن فى قيادة تغيير المجتمع و تجاوز مجال الإنتاج السلعي و كلّ ما يرتبط به. بهذا المعنى فقط يمكن أن نعتبر الماركسية متحزّبة. ليست و لا يجب أبدا تقديمها على أنها إنعكاس لوعي العمّال فى لحظة معينة أو فى بلد معيّن ، و لا كإيديولوجيا تعكس المصالح المباشرة أو الخاصة أو الجماعية للعمّال. و هذه نقطة هامة فى نقد آفاكيان ل " تجسيد البروليتاريا " بمعنى إخفاق فى النظر إلى البروليتاريا فى المطلق ، أرقى من نوع الحياة كطبقة تحتلّ موقعا معينا فى علاقة بنمط إنتاج فى الإطار العام للتطوّر التاريخي للمجتمع الطبقي، لكن عوض ذلك ينظر إلى البروليتاريا كمجموعة من العمّال الملموسين أو الفعليين موجودين فى بلد أو وضع معيّن.و يكمن الدور الموضوعي للبروليتاريا ، كطبقة ، و مصالحها الجوهرية كطبقة ، فى القضاء على كافة علاقات الإستغلال و الإضطهاد ، عبر التقدّم صوب الشيوعية ، على النطاق العالمي – و ليس فى الأفكار ، أو المصالح الأكثر مباشرة و محدودية لبروليتاريين معينين أو حتى للبروليتاريا ككلّ فى هذا البلد أو ذاك ، فى أي زمن معطى- التى تتناسب معها الشيوعية و تخدمها.
هنا أيضا ، نرى كلاّ من الإستمرار و القطيعة . فقد شدّد ماركس و إنجلز بداية على المهمّة العالمية – التاريخية للبروليتاريا ؛ تدشين فترة جديدة تماما فى تاريخ الإنسانية و رفع كلّ من لينين و ماو هذا المفهوم و دافعا عنه ضد التشويه التحريفي ، و بذلك أغنياه أكثر . مثلا مؤلف لينين الهام " ما العمل ؟ " يأكّد على واجب الشيوعي أن يكون خطيبا فى الشعب و ليس سكرتير نقابة ، وكامل نقاش لينين لدور الوعي يعكس فهما صحيحا هاما جدّا . و ليس من الغريب أن يكون هذا العمل أحد أكثر أعمال لينين تجاهلا و / أو تشويها و عرضة للهجمات، بالضبط لأنه يذهب مباشرة ضد الإقتصادوية و ضيق الأفق اللذان قد لبسا لبوس الشيوعية. و كذلك ، قاد ماو الحزب الشيوعي الصيني فى التشديد على مقولة ماركس و نشرها شعبيا : " لا يمكن للبروليتاريا أن تحرّر نفسها دون تحرير الإنسانية جمعاء". و لكن من الصحيح أيضا أنّه وجدت تيارات ثانوية داخل الحزب الشيوعي الصيني ( دون الإشارة إلى أخطاء أكثر شناعة من هذا النوع خلال قيادة ستالين للإتحاد السوفياتي و تشديده على أنّ " الشيوعيين مصنوعين من معدن خاص" ) لفقدان النظر لهذا أو لإعطاء نوع من المكانة الخاصة ، فى علاقة ببلوغ الحقيقة لأناس خاصين من موقع طبقة مستغلة أو يمثلون ذلك القسم من الجماهير- ضربا من " تجسيد البروليتاريا ".
نقد آفاكيان لتجسيد البروليتاريا هو هكذا نقد و قطع مع بعض الفهم و الممارسة الثانويين غير العلميين لدى ماو و من سبقه فى فهمهم للعلاقة بين البروليتاريا كطبقة و السيرورة الثورية. و فى نفس الوقت ، يدافع آفاكيان عن الجوهر العلمي الصحيح الذى يسير عبر كلّ تطوّر الشيوعية الثورية ، و يمضى به قدما إلى الأمام. تشديده كلّه على أن يكون الشيوعيون محرّرو الإنسانية مثال جيّد لكل من الإستمرار فى موضوع سرى عبر مجمل تاريخ الشيوعية منذ ماركس لكنه تطلّب أيضا قطيعة مع التيارات المضادة المرتبطة بالمادية الميكانيكية و المفاهيم الطبقية للحقيقة و لتجسيد البروليتاريا . (42).
- الإطار النظري لمرحلة جديدة من الثورة الشيوعية : IX
رغم التفكير المتمنّى أو خداع بعض الرفاق أنفسهمن ، لدينا قدر كبير من العمل اللازم القيام به حتى تجيب الحركة الشيوعية على تشويهات و إفتراءات اعدائنا و تهزمها ؛ و تتوصل إلى تلخيص علمي لكامل المرحلة الأولى للثورة البروليتارية ، و تولد مبادرون بالمرحلة الجديدة من الثورة ؛ و تقدّم نظرة للمجتمع الذى نناضل فى سبيل إيجاده تكون حيوية ، جذّابة و مقنعة.
بفضل الخلاصة الجديدة لبوب آفاكيان ، هناك أساس معا علميا و حماسيّا لبلوغ الحركة الشيوعية مكاسبا عظيمة بينما تنقد تلك العناصر غير الصحيحة و التى تذهب فعليّا ضد الشيوعية – مثل الحقيقة الطبقية والمفهوم المرتبط بتجسيد البروليتاريا ، و القومية و البراغماتية و التجريبية - و كذلك أخطاء ثانوية لكن حقيقية فى تكريس دكتاتورية البروليتاريا فى المجتمعات الإشتراكية السابقة. و بالفعل هتان المهمتان مرتبطتان إرتباطا لا ينفصم : دون نقد أخطاء الماضي ، لن ندافع بنجاح عن مكاسبنا. دون تركيز أنفسنا على المكاسب ، لن نر بطريقة صحيحة الأخطاء الفعلية التى نحتاج إلى تجاوزها لننجز ما هو أفضل فى المرّة القادمة. و هذه المهام السياسية و الإيديولوجية حاضرة على النطاق العالمي فى كلّ بلد من البلدان.
لا هو ممكن و لا مرغوب فيه أن نعيد الساعة إلى الوراء و نحاول إعادة بناء الحركة الأممية الثورية أو أي نوع آخر من المنظمات العالمية على قاعدة المعايير السابقة ، و بالتأكيد ليس بالبحث عن تجميع القوى بينما نعارض التركيز الضروري و النقدي على المسائل المحورية للخطّ الإيديولوجي و السياسي. و كلّ شكوك معيقة قد تكون لدي أي إمرء حول هذا الموضوع ، يجب أن يستبعدها " مقترح " 2012 ( المشار إليه فى ملحق هذه الرسالة ). إنّه يمثّل خطّا كاملا إيديولوجيا و سياسيا خاطئا يتشكّل الآن و يقع النضال من أجله. إنّها محاولة " إعادة تجميع الشيوعيين" دون الشيوعية الثورية و ضدّها، الشيوعية الثورية كما تطوّرت عبر الخلاصة الجديدة.
يتطلّع أصحاب هذا المقترح إلى تجنّب النقاش الملموس للخلاصة الجديدة و الحيلولة دون وقوعه ، حتى وهم يوجّهون تهما ب" معاداة الثورة " و يطلبون من الآخرين الإمضاء على هذا الهجوم الأخير. إنّهم يريدون أن ينسبوا لأنفسهم مكاسب الحركة الأممية الثورية بينما يديرون ظهرهم للدفاع الثوري الذى يمثّله تشكّل الحركة الأممية الثورية وتطوّرها التاريخي. فى الواقع ، لو تمّ تبنّى " المقترح" فلن يتمّ سوى إنكار المكاسب الحقيقية للحركة الأممية الثورية و العمل ضد الهدف العام الذى على أساسه تشكلت الحركة الأممية الثورية. و لن تستطيع هذه المقاربة إلاّ أن تقود إلى تراجع فى الوقت الذى تحتاج فيه الثورة البروليتارية حاجة ماسة إلى التقدم . و الآن يوجد إطار للتقدّم.
هناك حاجة موضوعية ملحّة لنقاش شامل و عميق صلب الذين شكّلوا الحركة الأممية الثورية ، و آخرين أيضا . و غاية هذا النقاش المظفرة يمكن أن تتقاطع بعمق مع النموّ السياسي لجيل جديد يتقدّم فى النضال و تعزّزه. وهو ، لإستعمال كلمات ماو ، يبحث عن فلسفة لكنّنا نحتاج إلى كسبه إلى الشيوعية الثورية. هذا من جهة ، ومن جهة أخرى ، الفشل فى المواجهة المناسبة للمسائل السياسية و الإيديولوجية الراهنة ، أو الخروج بإستنتاجات خاطئة ، سيسرّع أكثر إنزلاق الحركة الشيوعية إلى الحضيض.
فقط على أساس بلوغ مستوى أعمق من الوحدة السياسية و الإيديولوجية ، سيكون ممكنا أن ننظر نظرة أعمق لكيفية أفضل و إمكانية مزيد الإختيار بين ان نكون " طليعة المستقل" أو نقلص أنفسنا إلى " بقايا الماضي" ؛ تطرح بحدّة – و ستكون نتيجة هذا الصراع تداعيات هائلة- و من واجب كلّ القوى التى شكّلت الحركة الأممية الثورية و الحركة الشيوعية العالمية أن تعير إنتباها و طاقة تتناسب و كلّ من منتهى أخطار السماح بمرور الإنزلاق الحالي دون تحدّيات ، من ناحية و من ناحية أخرى ، الإمكانية الحقيقية و الحاجة الكبرى إلى تدشين مرحلة جديدة من الثورة الشيوعية. و بالفعل ، قد إنطلق بعد الصراع و لا يوجد أي سبب وجيه أو أي تبرير مقبول لتجاهله .
لقد ظهر بحدّة الان صراع خطين فى صفوف هذه القوى التى قد شكّلت الحركة الأممية الثورية و لا مجال للعودة إلى الوراء.
لنستشهد بخاتمة بيان الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية :
" إلى الثوريين و الشيوعيين فى كلّ مكان ، إلى كل الذين يطمحون لعالم آخر ، مختلف راديكاليا وأفضل بكثير : دعونا لا نتراجع إلى ونتخندق فى الماضي، باي شكل كان ، دعونا بدلا من ذلك ، نتقدّم بجرأة صوب هدف الشيوعية وتحرير الإنسانية من آلاف السنين من سلاسل التقاليد. "
الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية
غرّة ماي 2012

ملحق:
و نحن بصدد وضع اللمسات الأخيرة على هذه الرسالة للأحزب و المنظمات المنتمية إلى الحركة الأممية الثورية ، إنتهي إلى علمنا وجود الوثيقتين الجديدتين المروجتين من قبل " بعض أحزاب الحركة الأممية الثورية " للإمضاء ، و عنوانهما " حول الوضع العالمي" و " مقترح من أجل ندوة لبناء منظّمة عالمية ماركسية - لينينية – ماوية جديدة " . وفى حين أنّ الوثيقتين لا تحاولان القيام بأي نقاش ملموس للتحليل و الحجج التى قدّمها حزبنا لعدّة سنوات الآن، فإنّها تجرّأت على نعت الخلاصة الجديدة لبوب آفاكيان بأنّها " تحريفية " و فضلا على ذلك صرحت بأنّ حزبنا ليس فقط " قد إنحرف عن طريق الثورة و الشيوعية " بل أيضا يملك "خطّا معاديا للثورة " مسؤولا عن الأزمة الحالية للحركة الأممية الثورية و تداعيها ". و تتضمّن الوثيقتان إياها كذلك، ثانويّا ، نقدا لما تسمّيانه " خطّ براشندا- باتاري" فى الحزب الشيوعي النيبالي الموحّد (الماوي) ؛ لكن مثلما سيغدو واضحا ، هذامجرّد خطّ "منشور" المقصود منه هو التغطية على تذيّل أصحاب هذه الوثائق ذاتهم للخطّ التحريفي صلب الحزب الشيوعي النيبالي الموحّد (الماوي) و مدحهم له طوال فترة من الزمن و مواصلتهم ذلك ، بشكل جديد ، إلى اليوم . و الهدف العملي للوثيقتين هو بوب آفاكيان و خلاصته الجديدة للشيوعية.
يصلح مضمون هذه الوثائق كمثال نموذجي لذات مشاكل الخطّ الإيديولوجي و السياسي و المنهج المناسب له ، التى سادت كلّها لبضعة سنوات داخل الحركة الأممية الثورية و التى تتناولها رسالتنا بالبحث. كان مبدأ صحيحا بالنسبة للشيوعيين أن لا يعلنوا ببساطة بأن قوى من الحركة الشيوعية " تحريفية " و " معادية للثورة " و خاصة ألاّ يفعلوا ذلك دون تقديم صحيح لأسباب إعتبار خطّها تحريفيا أو معاديا للثورة. مثل هذا الإستنتاج لا يجب أن يعلن إلاّ بعد تفحّص حيوي للمسائل السياسية و النظرية المعنية ، و بعد بذل جهد حقيقي للقيام بصراع مبدئي لكسب الذين يسقطون فى هذا الخطّ الخاطئ أو ذاك. فالنضال الذى كان حزبنا يخوضه ضد الخطّ التحريفي للحزب الشيوعي النيبالي (الماوي) لأكثر من سنوات خمس مثال لهذه المقاربة الصحيحة. و مع ذلك ، فهذه القوى التى تقف وراء هذا الجهد الحالي لتشكيل منظمة عالمية جديدة قد طبقت منطقا مختلفا ، منطقا بعيدا عن المبادئ الأساسية لخوض صراع الخطّين صلب الحركة الشيوعية العالمية . إنّها تصرخ مثل الملكة الحمراء فى " آليس فى بلاد العجائب" :" أوّلا الحكم ، ثمّ المحاكمة ". و هذه المقاربة ليست عرضية. إصدار أقصى التهم التى لا أساس لها من الصحّة دون أدنى جهد للتدليل على صحّتها ، و الإستهانة المتهورة بالحقيقة ،هي ذاتها مؤشّر على الخطإ السياسي والإيديولوجي ينسجم مع نوع " الحركة الشيوعية " التى يودّ معيدو التنظيم تطويرها و تعكس نظرتهم للمجتمع المستقبلي الذى ستولّده مثل هذه المقاربة.
إلى الآن ، وقف عديد الرفاق موقف المتفرّج من إحتداد الصراع السياسي و الإيديولوجي. ولا يزعج قادة هذه " المبادرة " الجديدة هذا النقص فى النقاش الملموس ، لأنّهم يحاولون تعويضه بمعيار مغاير لل"وحدة "، و بوجه خاص بنداء ديماغوجي و براغماتي لإعتبار حروب الشعب التى يقودها الماويون " نقاطها المرجعية و عمادها الإستراتيجي". و مع ذلك ، من المهمّ أن نأكّد على أنّ هذا ليس ، مثلما قد يكون البعض قد فكّر ، مجرّد جهد براغماتي لتجنّب خطوط التمايز و ترميم وحدة مفكّكة للحركة الشيوعية. و بينما ستكون هذه المقاربة سيئة بما فيه الكفاية و محكوم عليها بالفشل ، فإنّ المضمون والأهداف الفعليين أسوأ بكثير. فالهدف المركزي هو معارضة و قتال تقدّم الشيوعية الثورية الحيوية فى عالم اليوم و تطوّرها.
لن نحاول هنا معالجة أي من الأخطاء فى هذه الوثائق إلاّ أنّنا نعتقد أنّ ما قد كتبناه فى رسالتنا سيوفّر مقاييسا و معاييرا هامة لتقييم الخطّ الإيديولوجي و السياسي الذى تدافع عنه.
تعلن هذه الوثائق الجديدة نهاية الحركة الأممية الثورية غير أنّ المسائل المركزية للشيوعية التى كانت محور إنسداد أفق حركتنا لعدّة سنوات بالكاد جرى تفحّصها ، فما بالك بالصراع الصريح حولها ، من طرف غالبية أحزاب و منظمات الحركة الأممية الثورية ؟ و هدف رسالتنا هو المعالجة المباشرة لهذه المسائل بالذات.

الهوامش :
1- أنظروا " بيان الحركة الأممية الثورية " لسنة 1984.
http://www.revcom.us/Manifesto/Manifesto.html2-
3- يبدو أنّ قسما من الحزب الشيوعي النيبالي الموحّد (الماوي) قد يكون أمضى الوثيقة المشتركة لسنة 2012 المشار إليها أعلاه ، وهي تندّد بخطّ " بتاراي- براشندا " . و مع ذلك ، لم يبلغ إلى علمنا بعدُ أي نقد صريح لذلك الخطّ أو أية قطيعة حيوية مع ممارسة الحزب الشيوعي النيبالي الموحد (الماوي).
4- " ما هي الخلاصة الجديدة لبوبآفاكيان ؟ " لليني وولف
http://revcom.us/a/129/New_Synthesis_Speech-en.htm
و " القيام بالثورة و تحرير الإنسانية " ، الجزء الأوّل ، لبوب آفاكيان
http://revcom.us/avakian/makingrevolution/
5- أنظروا بصفة خاصة تقرير المؤتمر التاسع للحزب الشيوعي الصيني، سنة 1969.
6- أنظروا " فى الردّ على الهجوم الدغمائي – التحريفي على فكر ماو تسى تونغ " فى " الشيوعي " عدد 5 ، ماي 1979.
7- لقد وصف الثوريون البروليتاريون الإنتقال إلى الشيوعية بالإعتماد على مقولة لماركس وردت فى " الصراع الطبقي فى فرنسا ، 1848-1850 " :
" هذه الإشتراكية إعلان عن الثورة المستمرّة ، دكتاتورية البروليتاريا كنقطة إنتقالية نحو إلغاء كلّ الإختلافات الطبقية ، و إلغاء كلّ علاقات الإنتاج التى تقوم عليها ،و إلغاء كلّ العلاقات الإجتماعية التى تتناسب و علاقات الإنتاج ، و تثوير كلّ الأفكار التى تنتج عن هذه العلاقات الإجتماعية "
8- " السياسة التحريرية " لآلان باديو ، شيوعية أسيرة حدود العالم البرجوازي" ، لريموند لوتا ، تايى دونيا ،و ك. ج. أ . مجلّة " التمايز" عدد1.
http://www.demarcations-journal.org/
9- أنظروا " التحريفيون تحريفيون و لا تجب مساندتهم ؛ و الثوريون ثوريون و تجب مساندتهم" المنشور ضمن كتاب " الثورة و الثورة المضادة : الإنقلاب التحريفي فى الصين و الصراع صلب الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية "؛ منشورات الحزب الشيوعي الثوري 1978، و " المساهمات الخالدة لماو تسى تونغ " ، منشورات الحزب الشيوعي الثوري 1979.
10- فى " بيان الحركة الأممية الثورية " ، وصفت هذه الحركة المرحلة الثالثة من الشيوعية الثورية بالماركسية - اللينينية – فكر ماو تسى تونغ ، مبقية على المصطلحات التى تبنّاها الحزب الشيوعي الصيني فى ظلّ قيادة ماو. و فى 1993 ، صارت الحركة الأممية الثورية متحدة حول إستعمال الماركسية - اللينينية – الماوية فى وثيقة " لتحي الماركسية - اللينينية – الماوية ".
11- بوب آفاكيان ،" كسب العالم ؟ واجب البروليتاريا العالمية و رغبتها " ، فى عدد خاص من " الثورة " ( مجلة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ،عدد 50 ، منشورات الحزب الشيوعي الثوري ، 1981. متوفّر على الأنترنت
http://www.revcom.us/bob_avakian/conquerworld/index.htm
12- أنظروا القسم السادس ، " ثورة ثقافية صلب الحزب الشيوعي الثوري " ضمن " الشيوعية : بداية مرحلة جديدة ، بيان للحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية "
http://www.revcom.us/Manifesto/Manifesto.html
13- كجزء من التحويل التحريفي لخطّ الحزب النيبالي و ممارسته ، تبنّى الحزب إسم الحزب الشيوعي النيبالي الموحّد (الماوي) فى 2009 إثر توحده مع حزب آخر لم يشارك فى حرب الشعب ، سنة 2009.
14- " العامل " عدد 9 ، مجلّة للحزب الشيوعي النيبالي (الماوي).
15-" دون الإنتخابات العامة وبغير حرّية للصحافة و الإجتماع غير المحدودة ، و بدون إصطراع الآراء بحرية ، تخمد الحياة فى كل مؤسسة عامة ، و تصبح مجرد شبه حياة ، لا يبقى فيها من عنصر ناشط سوى البيروقراطية . وستغطّ الحياة العامة فى النوم بالتدريج ، ليحكم ويوجه بضع عشرات من قادة الحزب ذوى الطاقة التى لا تستنفذ و التجربة المباشرة و التى لا حدود لها. و من بين هؤلاء سيتولى القيادة ، فى الواقع حفنة من الرؤوس لتدعي نخبة من العمال بين حين وآخرإلى إلى إجتماعات تقوم فيها بالتصفيق للقادة و الموافقة بالإجماع على مساريع قرارات مقترحة. و هذا فى واقع الأمر حكم طغمة ، إنه ديكتاتورية ، ليس بالتأكيد ديكتاتورية البروليتاريا ، بل فقط دكتاتورية قبضة من السياسيين ، أي دكتاتورية بالمعنى البرجوازي..." ( لكسمبورغ 1918 :118 )
هامش من مقال باتاراي " الدولة الجديدة " : ر. لكسمبورغ (1918) ، " الثورة الروسية " ، فى غوبتا أس د ( للنشر ، " قراءات فى الثورة و التنظيم : روزا لكسمبورغ و نقدها " ، كلكوتا ، 1994.
16- " عالم نربحه " عدد 17 ، 1992. لاحقا نشر ضمن " ماتت الشيوعية المزيفة... عاشت الشيوعية الحقيقية " منشورات الحزب الشيوعي الثوري ، 1992
http://www.revcom.us/avakian/index.html
17- أنظروا " حول أهمية تلخيص التجربة الإشتراكية " للمنظمة الشيوعية الثورية ، المكسيك- جوان 2006 من أجل نقد فى محلّه ل " إثنان فى واحد" .
18- أنظروا رسائل الحزب الشيوعي الثوري ،الولايات المتحدة الأمريكية إلى الحزب الشيوعي النيبالي الموحّد (الماوي).
http://revcom.us/a/160/Letters.pdf
19- و هذا لا يعنى أن الثورة كانت بالضرورة على عتبة النجاح العسكري فى فترة 2005 إذ وجدت أيضا صعوبات حقيقية مثلما تبيّن ذلك من قدرة النظام الرجعي على مجابهة الهجمات على قلاعه المحصّنة جيّدا حين أخذت إستفادة النظام من علاقاته و مساندة الإمبرياليين و الرجعيين له تلعب دورا هاما. و هذه الوقائع " غذّت" مسائلا خطّية أخرى فى كلّ من النيبال و بشكل أعمّ . مثلا ، كان فهم قيادة الحزب الشيوعي النيبالي الموحد (الماوي) لحاجة و شكل ما سمّوه " إنتفاضة " ل" إستكمال الثورة " كان يعوّل على مساندة قطاع من الجهاز الرسمي للقوى المسلّحة للعدوّ. و تأثّر هذا بدوره كثيرا بالمسألة الأعمّ لنوع الدولة ، و أي برنامج إقتصادي – إجتماعي ستفرزه مثل هذه " الإنتفاضة ".
20- " القانون الأساسي للحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية "، منشوارات الحزب الشيوعي الثوري،2008.
http://revcom.us/Constitution/constitution.html
21 - أنظروا " الثورة " عدد 201، 16 ماي 2010 " حول مفترق طرقات الثورة فى النيبال و الحاجة إلى قطيعة حقيقية مع التحريفية ". و أنظروا أيضا مقال ك. ج. أ. " أنقذوا الثورة " ، ماي 2010، أعيد نشره فى :
www.thenextfront.com
22- و هذا يذكرنا بتحذير تشانغ تشن- تشياو للرفاق فى الصين عندما قال إنّ عديد الناس إعتبرت حملة الحزب الواسعة ل " دراسة دكتاتورية البروليتاريا " " مهمة مرنة " بينما كان أتباع الطريق الرأسمالي واضحين تماما حول طابع الحياة أو الموت لهذا النقاش و إعتبروا القتال من أجل خطّ تحريفي مهمّة لا مرونة فيها.
23- لينين ، " المادية و مذهب النقد التجريبي" ، الفصل الخامس.
24- بعد بضعة أشهر من تبنّى بيان الألفية ، قدّم الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية نقده الذاتي لموافقته على هذا البيان فى رسالة وزّعت فى صفوف الأحزاب و المنظّمات المنتمية لهذه الحركة.
25- " الحركة و العثرة فى الطريق" فى " صراع " عدد 6 ، اوت 2005.
26- لينين ، " الثورة البروليتارية و المرتدّ كاوتسكي" ،منشورات باللغات الأجنبية ، بيكين 1972، ص 80:[ باللغة العربية ، صفحة 68-69 ، دار التقدّم موسكو]
"أمّا الإشتراكي ، البروليتاري الثوري ، الأممي ، فإنّه يحاكم على نحو آخر :...فليس من وجهة نظر بلاد"ي" يتعين علي أن أحاكم ( إذ أنّ هذه المحاكمة تغدو أشبه بمحاكمة رجل بليد و حقير ، محاكمة قومي تافه ضيق الأفق، لا يدرك أنّه لعبة فى أيدى البرجوازية الإمبريالية ) ، بل من وجهة نظر إشتراكي أنا فى تحضير الثورة البروليتارية العالمية ، فى الدعاية لها ،فى تقريبها. هذه هي الروح الأممية ، هذا هو الواجب الأممي ،واجب العامل الثوري ،واجب الإشتراكي الحقيقي."
27- صارت هذه النظريات مجسدة فى " نظرية العوالم الثلاثة " للتحريفيين الصينيين بعد وفاة ماو. لكن عديد المنظومات و السياسات التى إنتهت إلى هذا التفكير كانت بعد بديهية فى السياسات التى مورست فى الصين خلال حياة ماو و كانت منسجمة مع الفهم الذى كان سائدا صلب الحركة الشيوعية العالمية منذ الثلاثينات.
28- ماو تسى تونغ ، الأعمال المختارة ، المجلد الثاني ،" دور الحزب الشيوعي الصيني فى الحرب الوطنية ".
29- إضافة إلى المشار إليه أعلاه ، "كسب العالم؟..." ، أنظروا إلى " التقدّم بالثورة العالمية " و " حول التناقض الرئيسي على المستوى العالمي" متوفّر على
http://www.revcom.us/bob_avakian/advancingworldrevolution/advancingworldrevolution.htm
و عديد المقالات الأخرى لبوب آفاكيان طوال عقود عديدة.
30- النصّ 38 : "من ديمقراطيين برجوازيين إلى أتباع الطريق الرأسمالي" ، و النصّ 39 : " أتباع الطريق الرأسمالي هم البرجوازية صلب الحزب " ضمن كتاب " و خامسهم ماو" ، تقديم و نشر ، ريموند لوتا ، بانير براس ، 1978.
31- بوب آفاكيان ، " تجاوز العقبتين الكبيرتين: المزيد من الأفكار حول كسب العالم " ، مقتبس فى " العمل الثوري" ، جريدة الحزب الشيوعي الثوري ، أكتوبر 1997- جانفي 1998 تحت عنوان " تجاوز عقبة " و أكتوبر 2003 – جانفي 2004 تحت عنوان " حول الديمقراطية البروليتارية و الدكتاتورية البروليتارية " – نظرة مختلفة راديكاليّا لقيادة المجتمع" متوفّر على:
http://revcom.us/avakian/index.html
32- " الشعب يريد الثورة – البروليتاريون يريدون حزب الثورة- الشيوعيون يريدون الأممية و منظمة عالمية جديدة"، نشر بشكل واسع ، مثلا، أنظروا " الطريق الماوي" ، عدد 1 ، 2011.
33- " حول الوضع الحالي للحركة الأممية الثورية و تحدّي إعادة تجميع الأحزاب الماوية على المستوى العالمي". الحزب الشيوعي الهندي (الماركسي-اللينيني) ( نكسلباري).
34- يمكن أن توجد هذه الصيغة فى وثائق الحزب البيروفي و منها وثيقة الخطّ العام للحزب.
35- بوب آفاكيان ، " وجهات نظر حول الإشتراكية و الشيوعية ، نوع دولة جديد راديكاليّا ، و نوع نظرة مختلفة راديكاليا و أعظم للحرّية "
http://www.revcom.us/avakian/index.html
36- " الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي – اللينيني –الماوي) قد سقط فى طريق تيه " ما بعد الماركسية - اللينينية – الماوية " ، وثيقة للحزب الشيوعي (الماوي) الأفغاني منشورة للعموم.
37- من " القانون الأساسي للحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية " منشورات الحزب الشيوعي الثوري، 2008.
http://revcom.us/Constitution/constitution.html
38- كان هذا صحيحا بصورة خاصة بالنسبة ل م- ب سنغ من الحزب الشيوعي النيبالي ( ماشال) و الحزب الشيوعي التركي / الماركسي- اللينيني.
39- " ما هي الخلاصة الجديدة لبوب آفاكيان؟ " لليني وولف
http://revcom.us/a/129/New_Synthesis_Speech-en.html
و " القيام بالثورة و تحرير الإنسانية " ، الجزء الأوّل لبوب آفاكيان
http://revcom.us/avakian/makingrevolution/
40- من خطابه سنة 1979 للإجتماع الحزبي الكبير قبل الإنطلاق فى حرب الشعب.
41- " ردّ على مقال " الجدال الراهن حول نظام الدولة الإشتراكية " فى " صراع " عدد 8 ، جوان 2006. و نشر أيضا فى " التمايز" عدد2
http://www.demarcations-journal.org/
42- وقد حاجج البعض أو تساءل حول ما إذا كان تشديد آفاكيان على" تحرير الإنسانية " إنعكاس لنوع من " الإنسانوية " و إنحراف عن نظرة الطبقة البروليتارية و منهجها. فى الواقع ، مصالح البروليتاريا بالمعنى الأكثر جوهرية والأوسع و النظرة للعالم و المنهج اللذان يتناسبان معهاهما هما اللذان نرفع رايتهما و نقاتل من أجلهما ، و اللذان يشكّلان أساس الحركة من أجل الثورة التى نعمل على بنائها. هذا من ناحية ، و من ناحية ثانية ، هذا إبتذال تجسيدي و ضيّق و إقتصادوي و جوهريّا تقليص إصلاحي لمصالح البروليتاريا التى حسب رأيهم لا تشمل النضال من أجل الشيوعية بل شيئا أقلّ من ذلك بكثير، شيء أسير حدود العلاقات البرجوازية و واقع عالم تهيمن عليه الإمبريالية وهو ما تعارضه الخلاصة الجديدة التى تقدّم بها بوب آفاكيان.



#شادي_الشماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيانان مشتركان لغرّة ماي 2011 و 2012 صادران عن أحزاب ماوية
- خطّان متعارضان حول المنظّمة الماوية العالمية .
- الإشتراكية و الشيوعية - الفصل الثالث من-مقتطفات من أقوال الر ...
- المعالجة الصحيحة للتناقضات بين صفوف الشعب - الفصل الرابع من- ...
- الحزب الشيوعي- الفصل الأوّل من -مقتطفات من أقوال الرئيس ماو ...
- الطبقات والصراع الطبقي- الفصل الثاني من-مقتطفات من أقوال الر ...
- مقدّمة - الماوية تنقسم إلى إثنين-. - الماوية : نظرية و ممارس ...
- بصدد الثورة الثقافية : ملحق كتاب- مقتطفات من أقوال الرئيس ما ...
- الجزء الثاني من -مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ--الماو ...
- ( مزيدا من فضح طبيعة - النموذج التركي - الرجعية ) - النساء و ...
- الجزء الأوّل من كتاب -مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ- ...
- التنظير لسياسة - النسوية الإسلامية - شهرزاد موجاب
- مقدمة :الماوية : نظرية و ممارسة - 12 - كتاب مقتطفات من أقوال ...
- أنور خوجا و مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا مقتط ...
- أنور خوجا و مسار الثورة الصينية مقتطف من- فى الردّ على الهجو ...
- أنور خوجا و الجدلية مقتطف من- فى الردّ على الهجوم الدغمائي - ...
- أنور خوجا و بناء الإشتراكية فى الصين . مقتطف من- فى الردّ عل ...
- - فى الردّ على الهجوم الدغمائي - التحريفي على فكر ماو تسى تو ...
- القفزة الكبرى إلى الأمام و الثورة الثقافية البروليتارية الكب ...
- خيانة الخط الأممي لماو تسى تونغ / تقييم عمل ماو تسى تونغ- ال ...


المزيد.....




- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- من اشتوكة آيت باها: التنظيم النقابي يقابله الطرد والشغل يقاب ...
- الرئيس الجزائري يستقبل زعيم جبهة البوليساريو (فيديو)
- طريق الشعب.. الفلاح العراقي وعيده الاغر
- تراجع 2000 جنيه.. سعر الارز اليوم الثلاثاء 16 أبريل 2024 في ...
- عيدنا بانتصار المقاومة.. ومازال الحراك الشعبي الأردني مستمرً ...
- قول في الثقافة والمثقف
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 550


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - رسالة إلى الأحزاب و المنظمات المنتمية إلى الحركة الأممية الثورية الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية – غرّة ماي 2012.