أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد على حسن - الإلتفاف على النص الدستورى فى مسودة الدستور المصرى















المزيد.....

الإلتفاف على النص الدستورى فى مسودة الدستور المصرى


أحمد على حسن

الحوار المتمدن-العدد: 3909 - 2012 / 11 / 12 - 00:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هل يكفى النص على تجريم السرقة لإختفاء السرقات من حياتنا؟ بالتأكيد لا. و لكن النص على ذلك سيؤدى غالباً للحد من السرقات، فسيصبح هذا السارق مهدد ـ حال كشف إرتكابه للسرقة ـ لإتهامه توطئة لإدانته، و يكون الترتيب المنطقى هو حدوث جريمة السرقة و إكتشافها ثم توجيه الإتهام لشخص أو أشخاص بإرتكاب الجريمة ثم التحقيق معهم و محاكمتهم ثم الإدانة.
فهل يتعامل المواطنون فى عالمنا العربى بنفس هذا المنطق القانونى البسيط مع جرائمنا العنصرية و الطائفية ، ما يخص باب الحريات العامة و الشخصية؟

فقد نصت جميع دساتيرنا فى مصر منذ دستور 1923 و دون إستثناء على عدم التمييز بين المواطنين على أساس الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة. و فى مشروع القانون المقدم من اللجنة التأسيسية لوضع الدستور فينص على ذلك فى المادة الثلاثون و نصها كالآتى: المواطنون لدى القانون سواء، و هم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم فى ذلك، بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة أو الرأى أو الوضع الإجتماعى أو الإعاقة . و هو نص يبدو جيداً جداً و غير مختلف عليه من جميع التيارات السياسية.
و لكن و كما قلنا أن هذا النص فى مسودة الدستور الحالية، وكما الوضع فى دساتيرنا السابقة، فإنه لم يمنع تمييزاً حقيقياً يمارس على أرض الواقع العملى فى المجتمع!. فيرفض مثلاً المجتمع الإعتراف بغير أصحاب الديانات السماوية الثلاثة !. و ينظر لهم المجتمع نظرة دونية!، بل و يجردهم من حقهم الطبيعى فى المواطنة و حرية الإعتقاد. فالبهائيون على سبيل المثال لا يتم الإعتراف بهم، و يتم تخييرهم فى وضع إسم أحد الديانات السماوية فى خانة الديانة فى أوراقهم الرسمية !. بل و ينص فى المادة التاسعة و الثلاثون من نفس مسودة الدستور على أن: حرية الإعتقاد مصونة ، فى حين أنه ينص صراحةً فى نفس المادة على أن حرية إقامة دور العبادة مكفولة لأصحاب الديانات السماوية الثلاثة فقط !. فى تناقضين واضحين، فكيف يكون المواطنون سواء فى المادة الثلاثون ، و كذلك حرية الإعتقاد مكفولة فى المادة التاسعة و الثلاثون ، و لكن حرية إقامة دور العبادة مكفولة فقط لأصحاب الديانات السماوية الثلاثة !،
أما فى المادة السابعة فى الباب الأول، باب الدولة و المجتمع، فإن المسودة تتحدث عن الديموقراطية و تكوين الأحزاب. و رغم أيضاً أنها تنص على أنه لا يجوز إنشاء أحزاب على أساس التفرقة بين المواطنين بسبب الجنس أو الأصل أو الدين، أليس ذلك يحمل تناقضاً صارخا فى السماح بإنشاء أحزاب على أساس دينى !!، فهل يستقيم أن أسمح بإنشاء أحزاب دينية فى حين أن النص يحظر تفرقة الأحزاب بين المواطنين بسبب الدين !!، كيف يمكن لحزب سياسى ـ بخلفية دينية ـ تتحدث برامجة و أدبياته عن الذميون ـ و هم أصحاب الديانتين المسيحية و اليهودية ـ و عن فرض الجزية على غير المسلمين، و لا يعترف أصلاً بالمواطنين غير أصحاب الديانات السماوية الثلاثة ، أو يحرم غير المسلمين ، كما يحرم كذلك المرأة المسلمة من بعض المناصب العليا فى المجتمع كمنصب رئيس الجمهورية ـ وهو ما يسمى فى أدبياتهم بالولاية الكبرى ـ أليس فى ذلك أكثر من تناقض فى عدم جواز التفرقة بين المواطنين بسبب الدين أو الجنس!.
فالتناقض بين مواد الدستور فى المسودة التى أعددتها اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور ذات الأغلبية من المنتمين للتيارات الدينية مقصودة، فهى تمنح ثم تعود فتمنع ببساطة شديدة "و براءة الأطفال فى عينيه" . و إلا فكيف يمكن تفسير مادة كالمادة العاشرة فى مسودة الدستور، و هى التى تتحدث عن حماية قيم المجتمع والأخلاق والآداب العامة! . و هى قيم مختلف عليها بالتأكيد ليس فقط بين عادات و سلوك و آداب أبناء مناطق جغرافية مختلفة داخل نفس الدولة، "فأهل الصعيد غير أهل بحرى .. و أهل سيناء غير أهل الوادى .. و هلمجرا" ، بل أيضاً داخل أبناء نفس المدينة، فمجتمع الطبقات الأكثر رقياً إجتماعياً و مرتادى النوادى الرياضية و دور الفن و الثقافة غير هؤلاء من المنتمين للطبقات الأدنى إجتماعيا، فأى جهة أو هيئة تلك التى ستحدد قيم و آداب المجتمع !، و ماهى العقوبة التى ستفرض حال الخروج على هذه القيم الإفتراضية !!، و هل يمكن أن يفتح ذلك الباب لإنشاء جماعة أو جماعات ـ خارج إطار الدولة الرسمى أو حتى داخله ـ لتقويم المجتمع بحجة الحفاظ على هذه القيم الإفتراضية، كجماعة الأمر بالمعروف و النهى عن المنكر الموجودة فى السعودية، و التى عاينا إرهاصات تكوينها فى مصر و ذلك فى حادثة مقتل شاب جامعى فى مدينة السويس، فقتلة هذا الشاب إرتكبوا جريمتهم بحجة أن الشاب خارج على قيم المجتمع !!، فهل سيتم إعتبار هؤلاء خارجين على الدستور و القانون أم محميين بقوة الدستور نفسه، و بحجة الحفاظ على قيم المجتمع، و كذلك فيمكن ببساطة تقويض الحرية الشخصية و الواردة فى المادة الواحد و الثلاثون من المسودة بنفس حجة الحفاظ على قيم المجتمع !!. بل أن هذه المادة العاشرة ـ و التى تتحدث عن الحفاظ على قيم المجتمع و الآداب العامة ـ يمكن أن تقود تماماً المنصوص عليه فى المادة الثانية و الأربعون ـ و التى تتحدث عن حرية الإبداع ـ فيمكن ببساطة منع أو تقييد انواع شتى من الفنون و أشكال متعددة من الإبداع الأدبى و بعض مواقع الإنترنت و غير ذلك، و هناك حادثتين موحيتين لذلك، إحداهما هو هذه الهجمة الشرسة على حفل موسيقى بساقية الصاوى بحجة أن هذه النوعية من الموسيقى يروج لعبادة الشيطان !، ووصل الأمر لتقديم بلاغات فى النيابة العامة و أقسام الشرطة لمنع هذه النوعية من الحفلات الموسيقية !، و الحادثة الثانية ما تم على يد مجموعة من المنتمين للتيار الدينى بمنع حفل موسيقى فى محافظة أسيوط أقيم فى إستراحة المحافظة، وتحت رعاية المحافظ شخصياً، رغم إحتواء الحفل على فقرة إنشاد دينى !!. كما يمكن ـ و بنفس حجة الحفاظ على قيم المجتمع و الآداب العامة ـ أن يتم فرض شكل معين للملابس أو غطاء الرأس للسيدات أو حتى الفتيات الصغيرات ـ إعتدت مدرستين إحداهما فى الأقصر و الثانية فى الإسكندرية على فتاتين صغيرتين بقص شعرهن لأنهن لم تكونا محجبتين، و قامت سيدة منقبة بقص شعر فتاة صغيرة فى مترو الأنفاق بالقاهرة لأنها أيضاً لم تكن مرتدية للحجاب، ويصادف أن تكون هذه الفتاة مسيحية!!، أو أن يتم منع الإختلاط فى المدارس أو الجامعات أو النوادى الإجتماعية و الشواطئ ، أو حتى فى دواوين الحكومة! .
فهذا التناقض، و الوارد فى هذه الأمثلة إجمالاً، مقصود بغرض أنه تبدو النصوص و كأنها تمنح الحرية المطلقة للمواطنين فى حين أنها تقوم بتقييدها أو الإلتفتف عليها فى بنود أخرى!!.

و فى كل الأحوال فلن يستطيع النص وحدة، مهما بلغ إنحيازة للحريات الشخصية و العامة بمختلف أشكالها، و لكن ستبقى هذه الحريات رهينة الثقافة السائدة فى المجتمع، و يؤثر الدور السلبى الذى تقوم به الحكومات الفاسدة أو القمعية أو الدينية بأكثر كثيراً مما تقدمه النصوص من إباحة لهذه الحريات لأنها فى الغالب تعود فتلف فى بنود أخرى من نفس الدستورعلى هذه الإباحة التى سمحت بها ، لذلك تقوم حكوماتنا العربية ـ فى العادة ـ بمقاومة معظم أشكال تطوير ثقافتنا العربية السائدة فى معظم أقطارنا العربية، و مناهضة هذه الأصوات التى تدعوا للحرية، أو تنقية تراثنا الفكرى و العقائدى من أشكال الخرافة أو العادات السلبية الموروثة و تم حشرها فى صلب الأديان نفسها، فالحريات الشخصية و العامة ستظل مرتبطة بالخطابين الدينى و الإعلامى ـ و الذان يعانيان تخلفاً شديداً فى وطننا العربى ـ فهما إما خطاب رجعى ينتمى لقرون طويلة مضت فأكل عليها الزمان و شرب، فأصبح غير ملائم لهذا العصر !، أو خطاب موالى للسلطة الحاكمة و مناصر لها بغرض النيل من المعارضين والمختلفين مع النظام سياسياً أو دينياً أو طائفياً.



#أحمد_على_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفقه الذكورى
- هستريا جماعية فى جمعة تطبيق الشريعة


المزيد.....




- السعودية.. أحدث صور -الأمير النائم- بعد غيبوبة 20 عاما
- الإمارات.. فيديو أسلوب استماع محمد بن زايد لفتاة تونسية خلال ...
- السعودية.. فيديو لشخصين يعتديان على سائق سيارة.. والداخلية ت ...
- سليل عائلة نابليون يحذر من خطر الانزلاق إلى نزاع مع روسيا
- عملية احتيال أوروبية
- الولايات المتحدة تنفي شن ضربات على قاعدة عسكرية في العراق
- -بلومبرغ-: إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة المزيد من القذائ ...
- مسؤولون أمريكيون: الولايات المتحدة وافقت على سحب قواتها من ا ...
- عدد من الضحايا بقصف على قاعدة عسكرية في العراق
- إسرائيل- إيران.. المواجهة المباشرة علقت، فهل تستعر حرب الوكا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد على حسن - الإلتفاف على النص الدستورى فى مسودة الدستور المصرى