أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سلمان مجيد - مطالعات في كتاب (( فلسفتنا )) للشهيد محمد باقر الصدر















المزيد.....


مطالعات في كتاب (( فلسفتنا )) للشهيد محمد باقر الصدر


سلمان مجيد

الحوار المتمدن-العدد: 3908 - 2012 / 11 / 11 - 20:30
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ان مسألة ان تتصدى لقراءة موضوع ما او كتاب ما ، قراءة تخصصية او نقدية ، لابد ان تكون ارفع مستوى او بموستوى ذلك الموضوع او الكتاب ــ على اقل تقدير ــ و اني هنا لا ادعي لنفسي ايأ من هذه المستويات ، ولكنها ستكون مجرد مطالعة ، احببت ان يكون لي شرف الاطلاع و اطلاع البعض ، الى مثل هذا الموضوع ــ الفريد من نوعه ــ كذلك التعريف بهذا السيد الجليل الشهيد ( محمد باقر الصدر ) ، الذي هو اصلا غني عن التعريف لشريحة واسعة من المفكرين المقتدين به ، وحتى المختلفين مع فكره ، بل قل انه معروف من قبل كم هائل من عامة الناس من غير المتخصصين ، كل ذلك سيتم من خلال استعراض كتابه ( فلسفتا ) الذى حضى على مدى ما يقرب من اربعة عقود من لدن كتاب و مفكرين على المستوى المحلي و العالمي بالاهتمام الواسع ، حتى ان احد الكتاب العراقين المرموقين و هو الاستاذ الدكتور ( متعب مناف ) اقترح ــ كما جاء في كتابه ( الدين و الدولة و العلمانية ) الذي اصدره ( مركز المستقبل للدراسات و البحوث ) بان يكون ( محمد باقر الصدر ) و ( غرامشي ) المفكر الايطالي المعروف رأسي جسر للتواصل الحضاري و الفكري بين الشرق و الغرب ، اضافة الى ذلك ان امر القرأة قد تحتاج الى حجم اكبر من حجم الكتاب ذاته ، حتى تعطي لنفسك الحق بانك قادر على فهمه او افهامه ، اذن كيف بك بحجم او مساحة لا تتيح لك الا ــ فقط ــ ما يزيد قليلا على ابداءرأيك الخاص ، المهم الكتاب هو كما يلي :
ان الكتاب يحمل بين دفتيه ( 463 ) صفحة من الحجم المتوسط ، ومن اصدار ( دار التعارف للمطبوعات ) حيث تم اصداره في طبعته الثانية ، عام ( 1430 هجرية ــ 2009 ميلادية ) في بيروت ، وان محتويات الكتاب تضم : تعريفأ بالكتاب و تقديمأ و مقدمة و كلمة للمؤلف ، اضافة الى عدة فصول او اقسام ــ سمها ما شئت ــ منها التمهيد ، ما بين الصفحتين ( 47 ــ 92 ) ثم : 1 / نظرية المعرفة بين الصفحتين ( 93 ــ 245 ) و التي تتفرع الى ( المصدر الاساسي للمعرفة ) و ( قيمة المعرفة ) ، ثم 2 / ( المفهوم الفلسفي للعالم ) في الصفحات ( 247 الى 452 ) و يتضمن ( تمهيدأ) ثم ( الديالكتيك او الجدل ) و ( مبدأ العلية ) ثم ( المادة او الله ) و اخيرأ ( الادراك ) .
تعريف الكتاب / لم يشر الى من كتب هذا التعريف ، الناشر ام المؤلف ، ولكن الذي تم ايراده ، هو التبرير الحضاري بكل جوانبه ، كألفكر و السياسة و العقيدة ، التي تعرضت الى تلك الهجمة المنظمة من الغرب في سبيل القضاء على الامة متمثلة بالاسلام ، مما استوجب الوقوف و بقوة لمقاومة هذه الهجمة على مسرح الصراع الواسع ، و المتمثل بمفاهيم الكون و الحياة و المجتمع ، فكان هذا الكتاب ( فلسفتنا ) .
التقديم / و هو بقلم الناشر ، حيث اعتبر ان تمدد الاسلام و نشر مبادئه من خلال معالجة مشاكل الناس ، مما دفع تلك القوى المناهضة الى احتواء تلك الصدمة ، ثم العمل على التصدي للاسلام من خلال خلق الفتن و العمل على اذكاء الصراعات الداخلية ، ولم تكتفي بذلك ، بل تغلغلت و تدخلت من خلال نقاط ضعف الامة الى استغلالها امنيا و سياسيا و عسكريا ولم تتمكن الامة من صد تلك الهجمة لعدم تهيأ الامكانيات المادية و الفكرية ، لذلك انكفأت تلك المقاومة على ذاتها ، و انحسرت في اضيق مساحة ولكن هذا لا يعني بانه لم تكن هناك محاولات لاستيعاب الموقف ، ثم البدء في التصدي من خلال نشر الفكر الاصيل للامة ، وكان السيد ( محمد باقر الصدر ) في طليعة من تصدى لهذه المهمة المركبة ــ فكر ، سياسة ، اقتصاد ، اجتماع ــ فكانت مجموعة الافكار التي اصدرها من خلال مجموعة من الكتب و منها هذا الكتاب ( فلسفتنا ) الذي يتطرق فيه الى :
1/ مجموعة المفاهيم عن العالم و طريقة التفكير فيه .
2/ فلسفة الاسلام و نظرته الى الحياة و الكون ( اقتصاديأ و اجتماعيأ ) .
3/ الانظمة الرأسمالية الديمقراطية و الاشتراكية و الشيوعية .
4/ المرتكزات الفكرية للانسان .
5/ ( نظريات المعرفة و مصادرها الاساسية و واقعها الفلسفي ) .
المقدمة // وهي من كتابة ( السيد محمد الغروي ) حيث يتطرق فيها : اولا ــ الى ذات المقدمات الاولى اعلاه ، والتي تضمنت طبيعة الصراع بين العالم الاسلامي و العالم الغربي ، و طبيعة الاختلاف بينهما ، خاصة ما يتعلق بخصائص الثقافة الغربية ، التي ادركها المثقفين المسلمين ، و المتمثلة بأنها اي (( الثقافة الغربية و حضارتها الحديثة القائمة على مبادئ مادية ، وان ساسة الغرب يسعون في سبيل تصدير هذا النمط من الفكر و الحياة الى بلاد الشرق الاسلامي )) ثم يتطرق كاتب المقدمة الى دراسة ( رجالية ) تتعلق بتأريخ مؤلف الكتاب متناولأ ادق مفاصل حياته و حياة اسرته ، والده و والدته ، اخته ، اخوه ، ولادته ، دراسته الابتدائية ، قرينته ، و اولاده ، الدراسات الحوزوية الدينية ، الفقه و الاجتهاد ، تدريسه ، الى غير ذلك الكثير من التفاصيل التي لا تمس موضوع الكتاب الالكونه هو مؤلفه فقط .
كلمة المؤلف // و يشير فيها الى جوهر ما يعتقده عن العالم و طريقة التفكير فيه ، فكان هذا الكتاب ( فلسفتنا ) الذي يتضمن بحثين :
الاول / نظرية المعرفة و ملخصها : 1/ الاستدلال عن المنطق العقلي القائل بصحة الطريقة العقلية في التفكير ، وان العقل بما يمتلك من معارف ضرورية فوق التجربة هو المقياس الاول في التفكير البشري ، ولايمكن ان توجد فكرة فلسفية او علمية دون اخضاعها لهذا المقياس العام . 2/ درس قيمة المعرفة البشرية و التدليل على ان المعرفة انما يمكن التسليم لها ( بقيمة ) على اساس المنطق العقلي ، لا المنطق ( الديالكتيكي ) الذي يعجز عن ايجاد ( قيمة ) صحيحة للمعرفة ، اما البحث في المسألة الثانية / و التي تتمثل ( بالمفهوم الفلسفي للعالم ) ، فأن المؤلف يحدد خمس حلقات للبحث فيها وهي : 1 / التعرض للمفاهيم الفلسفية المتصارعة . 2 / يتناول ( الديالكتيك ) بصفته اشهر منطق ترتكز عليه ( المادية الحديثة ) 3 / دراسة مبدأ ( العلية ) و قوانينها ، التي تسيطر على العالم . 4 / المادة او الله ، وهو البحث في المرحلة النهائية من مراحل الصراع بين المادية و الالهية . 5 / الادراك و الصراع بين المادية و الميتافيزيقية ، هذا ما حدده المؤلف لموضوع كتابه ، و سأحاول قدر استطاعتي المرور عليها ( كمطالع ) فقط ، و دون تعليق او اضافة ، للاسباب التي ذكرتها اول الامر على غير ما اراده المؤلف في اخر كلمته التي طلب من القارئ ، راجيأ منه ان يدرس الكتاب دراسة موضوعية ، تاركأ الحكم له او عليه . وكمدخل للموضوع يبدأ المؤلف بالتمهيد للكتاب و ذلك من خلال اربعة محاور و هي : 1 / المسألة الاجتماعية . 2 / الديمقراطية الرأسمالية . 3 / الاشتراكية و الشيوعية . 4 / الاسلام و المشكلة الاجتماعية . وفي المسألة الاولى حيث يشير الى ان اهم المسائل التي تملأ فكر الانسانية اليوم و التي تمس واقعها بالصميم ، هي مشكلة النظام الاجتماعي ، و التي تتلخص في محاولة اعطاء اصدق اجابة عن السؤال التالي : ( ما هو النظام الذي يصلح للانسانية و تسعد في حياتها الاجتماعية ؟ ) و للاجابة على هذا السؤال ، يشير الكتاب الى عمق هذه المشكلة في الاغوار البعيدة من تأريخ البشرية ، و مما اشار اليه ان هذه المشكلة دفعت بالانسانية في ميادينها كافة الى خوض كفاح طويل حافل بمختلف الوان الصراع الذي اوصلها الى اهم المذاهب الاجتماعية التي يقوم بينها الصراع الفكري او السياسي وهي : 1 / النظام الديمقراطي الرأسمالي . 2 / النظام الاشتراكي . 3 / النظام الشيوعي . 4 / النظام الاسلامي .
اولا / الديمقراطية الرأسمالية : بعد ان يوصف المؤلف هذا النظام و موقفه من المراحل السابقة له و موقفه منها ، يلخص النظام الرأسمالي في اعلان الحريات الاربعة ( السياسية و الاقتصادية و الفكرية و الشخصية ) و بعد استعراضه لخصائص هذه الحريات من منظور النظام ذاته ، حيث يذهب الى استخلاص ما يمكن استخلاصه بان (( الخط الفكري العريض لهذا النظام ............ هو ان مصالح المجتمع بمصالح الافراد ، فالفرد هو القاعدة التي يجب ان يرتكز عليها النظام الاجتماعي ، و الدولة الصالحة هي الجهاز الذي يسخر لخدمة الفرد و حسابه ، و الاداة القوية لحفظ مصالحه و حمايتها )) ثم يبدأ الكتاب بتوصيف هذا النظام من وجهة نظر الكاتب ، ومنها ما يتعلق بالاتجاه المادي في الرأسمالية فيشير الى ان هذا النظام الاجتماعي ( نظام مادي خالص ) الا انه يركز على فهم فلسفي مادي للحياة ، ويعتبر الكاتب ان هذا هو التناقض و العجز (( فان المسألة الاجتماعية للحياة تتصل بواقع الحياة ، ولا تتبلور بشكل صحيح الا اذا اقيمت على قاعدة مركزية تشرح الحياة و واقعها و حدودها ، و النظام الرأسمالي يفقد هذه القاعدة ، فهو ينطوي على خداع و تضليل )) و كان من الجوانب التي ابدى المؤلف رأيأ في النظام الرأسمالي هو موضوع الاخلاق ، و التي بدأ فيها ، بان هذا النظام قد اقصى موضوع الاخلاق من حساباته ، بل قد يكون الاصح ــ كما المح المؤلف ــ بان هذه الاخلاق قد (( تبدلت مفاهيمها و مقايسها ، واعلنت المصلحة الشخصية كهدف اعلى ، و الحريات جميعأ كوسيلة لتحقيق المصلحة ، فنشا عن ذلك اكثر ما ضج به العالم الحديث من محن و كوارث و مأسي و مصائب )) ، ولقد ابرز الكتاب بعض من هذه المأسي ومنها : تحكم الاكثرية في الاقلية و مصالحها ، وان وجه الاعتراض هنا ، هو انه (( اذا شرعت الاكثرية القوانين على ضوء مصالحها الخاصة و اهملت مصالح الاقلية ....... فمن الذي يحفظ لهذه الاقلية كيانها الحيوي ، ويذب عن وجهها الظلم )) و بعد ان يحلل الكتاب العلاقة بين الاكثرية و الاقلية و مدى تشعب دائرة الاستغلال في الصناعة و خاصة بعد حصول التقدم في انتاجية الالة و الدعم السياسي لهذه المصالح و المتمثل بالمساواة (( في الحقوق السياسية بين افراد المواطنين ........ التي لم تعد الا خيالا )) و بعد كل ذلك يصل الكتاب الى افضع المأسي التي يمثلها هذا النظام و المتمثلة بمد انظار من وضع النظام الديمقراطي الرأسمالي في ايديهم كل النفوذ و القوة لاستخدامها في البحث عن مناطق النفوذ الى البلدان الاخرى ، وذلك لسببين : الاول / (( ان وفرة الانتاج تتوقف على مدى توفر المواد الاولية و كثرتها ......... المنتشرة في بلاد الله العريضة )) و للحصول عليها لا بد من السيطرة على البلاد المتوفرة فيها هذه المواد ، اما السبب الثاني / فأنه يعود الى الحاجة الماسة الى اسواق خارجية تكون قادرة على استهلاك الفائض من الانتاج لدى الدول المنتجة ــ و الذي هو ليس نتيجة لما يعرف ( بالاشباع الكلي ) للبلاد المنتجة و لكنه لعدم قدرة القوى العاملة لديها للحصول على ما انتجته ايديهم ، و ذلك للحرمان الذي يعانون منه بسبب طبيعة هذا النظام ــ و كل ذلك يعتبر من وحي الشعور بالحرص على تحقيق اعلى الارباح للفئات الرأسمالية المسيطرة .
ثانيأ / الاشتراكية و الشيوعية : اول مدخل للكتاب الى هذا الموضوع المتعلق بالنظام الاشتراكي و الشيوعية ، فانه يبدأ بتعريف مبسط لمعنى الاشتراكية و يشير الى انها مذاهب متعددة ، واشهرها تلك الاشتراكية القائمة على النظرية الماركسية ، و يعدها المؤلف بانها عبارة عن فلسفة خاصة للحياة بشموليتها ، باعتبارها فهم مادي ديالكتيكي لها ، و يؤكد ان المذهب الديالكتيكي ليس من ابتكار ماركس ، فان النزعة المادية قد سادت مساحات واسعة من الزمن منذ الاف السنين ، من خلال المبادرات الفكرية كافة و خاصة في الميدان الفلسفي ، من ذلك ما قام به ( هيجل ) باستكمال كل الخطوات لهذه الطريقة ( الديالكتيكية ) ثم جاء ( ماركس ) ليتبناها و عمل على تطبيقها على جميع ميادين الحياة بتحقيقين : الاول / انه (( فسر التأريخ تفسيرأ ماديأ خالصأ بطريقة ديالكتيكية )) و الثاني / (( زعم فيه انه أكتشف تناقضات رأس المال و القيمة المضافة ، التي يسرقها صاحب المال في عقيدته من العامل )) ثم يوضح الكاتب اثر هذين العاملين في فناء المجتمع الرأسمالي من خلال حجم التناقضات في الميدان الاجتماعي ، مما يؤدي الى الوضع الجديد ، و هكذا تناقض تناقض الى ان تزول كافة الاثار السيئة للنظام الرأسمالي ، بعد أزالة التعدد الطبقي لتستقر الانسانية على طبقة واحدة بعد الغاء الملكية التي هي سبب انقسام المجتمع الى منتج و اجير ، ثم يتطرق الكتاب الى ما يجعل الشيوعية تختلف عن الاشتراكية ، وذلك لان الشيوعية ترتكز على : اولا / الغاء الملكية الخاصة و محوها محوأ تامأ من المجتمع . و ثانيأ / توزيع السلع المنتجة على حسب الحاجات الاستهلاكية للافراد . اما ثالثأ / العمل على منهاج اقتصادي ترسمه الدولة ، و توفق فيه بين حاجة المجموع و الانتاج .
الانحراف عن العملية الشيوعية //
يشير الكتاب الى ان الشيوعية لم تتمكن من تطبيق منطلقاتها و اهدافها ، التي كانت تأمل في تحقيقها بعد ان تمكنت ان تقبض على مقاليد الحكم معتقدين ان لتحقيقها لابد من (( تطوير الانسانية في افكارها و دوافعها و نزعاتها )) الى ان تموت في النفوس الدوافع الشخصية و العقلية الفردية ، لتبقى الدوافع الجماعية هي السائدة ، و للوصول الى ذلك لابد من ان يسبق الشيوعية نظامأ اشتراكيأ يعمل على التمهيد للنظام الشيوعي ، ولكل ذلك فقد اجريت تعديلات مهمة على المنطلقات الاقتصادية للشيوعية منها :
1 / بدل الغاء الملكية الفردية ، استعيض عنها بحل وسط وهو تأميم الصناعات الثقيلة و التجارة الخارجية و الداخلية ، و خاصة الكبيرة منها ، الا ان ذلك ــ و حسب ما جاء في الكتاب ــ اصطدم بواقع الطبيعة الانسانية ، حيث اخذ الافراد يتقاعسون عن اداء عملهم ، ما دام ( النتيجة في حالي الخمول و النشاط ) واحدة لذلك اضطرت الشيوعية الى تعديل التأميم المطلق ، وذلك بوضع فوارق بين الاجور ، لدفع العمال الى النشاط في العمل .
2 / و اما من الناحية السياسية : فأن الكتاب يرى ان نهاية المطاف للشيوعية يتمثل في محو الدولة من المجتمع ، حين يتحقق ما تصبو اليه بأن تعم العقلية الجماعية كل البشر ، الا انه و قبل تحقق هذا الامر نتيجة لعدم توحد البشر في طبقة واحدة ( فأللازم ان يكون الحكم عماليأ خالصأ ) و بألرغم من ذلك كله فأن للكتاب مؤخذات على الشيوعية يمكن تلخيصها بما يلي :
1 / (( ان النظام الشيوعي و ان عالج جملة من ادواء الرأسمالية الحرة بمحوه للملكية الفردية ، غير ان هذا العلاج له مضاعفات طبيعية تجعل ثمن العلاج باهضأ ، و طريقة تنفيذه شاقة على النفس لا يمكن سلوكها الا اذا فشلت سائر الطرق و الاساليب ، هذا من ناحية و من ناحية اخرى هو علاج ناقص لا يضمن القضاء على الفساد الاجتماعي كله . ))
2 / ان من اثار هذا العلاج (( ....... القضاء على حريات الافراد لاقامة الملكية الشيوعية مقام الملكيات الخاصة )) و هذا لا يمكن تحقيقه دون ان تكون هناك سلطة ذات قوة حديدية قادرة على الامساك و توجيه كافة مفاصل المجتمع دون ان تكون هناك اي احتمالية لمقاومة هذا الامر ــ و هذا من المستحيلات اذا ما استعرضنا صفحات العلاقة بين الشعوب و سلطاتها الحاكمة ــ
3 / ان تأمين هذا الشكل او التصميم الاجتماعي (( يستدعي حبس الافراد في حدود هذا التصميم ، و تأمين تنفيذه بقيام الفئة المؤمنة به على حمايته ، و الاحتياط له بكبت الطبيعة الانسانية و العواطف النفسية و منعها عن الانطلاق بكل اسلوب من الاساليب ))
4 / (( ان العلاج الشيوعي للمشكلة الاجتماعية ناقص ...... فهو و ان كان تتمثل فيه عواطف و مشاعر انسانية اثارها الطغيان الاجتماعي العام ، فأهاب بجملة من المفكرين الى الحل الجديد ، غير انهم لم يضعوا ايديهم على سبب الفساد ليقضوا عليه ، و انما قضوا على شئ اخر ))
و استنادأ الى المأخذ التي اخذ بها الكتاب على قصور الشيوعية في تعليل المشكلة الاجتماعية ، فأنه يرى ان التعليل الصحيح لهذه المشكلة يتمثل بالتالي : وقبل ان يذهب الكتاب الى تعليل المشكلة ، يتسائل عن المصلحة المادية التي تبناها النظام الرأسمالي (( مقياسا و مبررا و هدفا و غاية )) و المتمثلة بفكرة التفسير المادي المحدود للحياة و التي ملخصها ان (( كل فرد في المجتمع اذا امن بأن ميدانه الوحيد في هذا الوجود العظيم هو حياته المادية الخاصة ، و امن ــ ايضا ــ بحريته في التصرف بهذه الحياة و استثمارها ، و انه لا يمكن ان يكسب من هذه الحياة غاية الا اللذة التي توفرها له المادة ، و اضاف هذه العقائد المادية الى حب الذات الذي هو من صميم طبيعته ، فسوف يسلك السبيل الذي سلكه الرأسماليون ، و ينفذ اساليبهم كاملة ما لم تحرمه قوة قاهرة من حريته و تسد عليه السبيل . )) ثم يسهب الكتاب في تحليل مفهوم حب الذات ، متخذا مفهوم اللذة معيارا لهذا الحب ، الذي يتصف بالغريزية او الفطرة ، التي تجعل الافراد يختلفون في استعداداتهم في التعبير عن هذا الحب ، من خلال الافعال ، التي قد تجعل امر ما يمثل ذروة اللذة عنده ، مما يجعله يتخلى او يضحي بكل شئ في سبيل الحصول على اللذة المتحققة من ذلك الامر ، على العكس من فرد اخر الذي قد يكون ذلك الامر لا يحقق له اي لذة ، مما يدفعه الى التخلي عنه من اجل امر اخر ، الذي قد يحقق له اللذة المرغوب بها . و الكتاب لا يعترض على حقيقة موضوعية اللذة ، بل اعتراضه ينصب على ربط النظام الرأسمالي لهذه اللذة بالمادة المجردة فقط دون سواها ، و المتجسدة في الملكية الفردية .
كيف تعالج المشكلة // يرى الكتاب ان (( العالم امامه سبيلان الى دفع الخطر و اقامة دعائم المجتمع المستقر )) و هما : الاول / (( ان يبدل الانسان غير الانسان او تخلق فيه طبيعة جديدة تجعله يضحي بمصالحه الخاصة ، و مكاسب حياته المادية المحدودة في سبيل المجتمع و مصالحه .............. و هذا انما يتم اذا انتزع من صميم طبيعته حب الذات و ابدل بحب الجماعة )) و هذا السبيل هو الذي تحلم به الشيوعية بتحقيقه في قادم مستقبلها حيث (( .. يعدون العالم بأنهم سوف ينشئونها انشاء جديدا ، يجعلها تتحرك ميكانيكيا الى خدمة الجماعة و مصالحها . لأجل ان يتم هذا العمل الجبار يجب ان نوكل قيادة العالم اليهم ، كما يوكل امر المريض الى الجراح ، و يفوض اليه تطبيبه و قطع الاجزاء الفاسدة منه ، و تعديل المعوج منها ، ولا يعلم احد كم تطول هذه العملية الجراحية التي تجعل الانسانية تحت مبضع جراح . و ان استسلام الانسانية لذلك لهو اكبر دليل على مدى الظلم الذي قاسته في النظام الديمقراطي الرأسمالي ، الذي خدعها بالحريات المزعومة و سلب منها اخيرا كرامتها و امتص دماءها ، ليقدمها شرابا سائغا للفئة المدللة التي يمثلها الحاكمون )) اما السبيل الثاني (( الذي يمكن للعالم سلوكه لدرء الخطر عن حاضر الانسانية و مستقبلها هو : ان يطور المفهوم المادي للانسان عن الحياة ، و بتطويره تتطور طبيعيا اهدافها و مقايسها ، و تحقق المعجزة ــ حينئذ ــ من ايسر الطرق . )) و ان هذا السبيل هو (( الذي سلكه الاسلام ، ايمانا منه بأن الحل الوحيد للمشكلة تطوير المفهوم المادي للانسان عن الحياة ، فلم يبتدر الى مبدأ الملكية الخاصة ليبطله ، و انما غزا المفهوم المادي عن الحياة ، و وضع للحياة مفهوما جديدا ، و اقام على اساس ذلك المفهوم نظاما لم يجعل فيه الفرد ألة ميكانيكية في الجهاز الاجتماعي ، ولا المجتمع هيئة قائمة لحساب الفرد ، بل وضع لكل منهما حقوقه و كفل للفرد كرامته المعنوية و المادية معا . )) و اخيرا نشير الى ما يشير اليه الكتاب في نهاية تمهيده لنظرية الكتاب و المتمثلة بمروره على المذاهب الاربعة وهي : الاول / النظام الديمقراطي الرأسمالي . الثاني / النظام الاشتراكي . الثالث / النظام الشيوعي . الرابع / النظام الاسلامي . حيث يخرج بنتيجة مفادها (( ان المشكلة الاساسية التي تتولد عنها كل الشرور الاجتماعية و تنبعث منها مختلف الوان الاثام ، لم تعالج المعالجة الصحيحة التي تحسم الداء و تستأصله من جسم المجتمع البشري في غير المذهب الاجتماعي للاسلام من المذاهب . فلا بد ان نقف عند المبدأ الاسلامي في فلسفته عن الحياة و الكون ، وفي فلسفته عن الاجتماع و الاقتصاد وفي تشريعاته و مناهجه ، لنحصل على المفاهيم الكاملة للوعي الاسلامي و الفكر الاسلامي الشامل ، مقارنين بينه و بين المبادئ الاخرى فيما يقرر من مناهج و يتبنى من عقيدة ))
ملاحظة // سيكون القسم الثاني من مطالعة كتاب ( فلسفتنا ) للشهيد محمد باقر الصدر ، هو ( نظرية المعرفة ) : 1 / المصدر الاساسي للمعرفة . 2 / قيمة المعرفة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



#سلمان_مجيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السياحة و السواح
- السياحة و انواعها
- لحظات ما قبل ( النوم ) او ما بين ( اليقظة ) و ( النوم )
- لو اختفى البشر عن الارض
- (( الكوسموبوليتية و منظومة هارب )) و اخافة الشعوب
- (( التفاح )) و الفرز الاجتماعي و تداعيات اخرى
- (( الدين )) الفطرة و الحاجة
- (( السرعة و التسارع )) و نقيضيهما ، واثرهما في مستقبل الامم ...
- (( شاي العروس )) و ثنائيات الحياة .
- (( الماء )) وطبائع البشر
- اشكالية (( الفقر ))
- (( غيبوبة ))
- عناوين ثقافية
- (( محمد النبي (ص) والواقعية السياسية )) القسم الثالث / السيا ...
- (( محمد النبي (ص) و الواقعية السياسية ) القسم الثاني / ثالثل ...
- (( محمد النبي (ص) والواقعية السياسية )) القسم الثاني / ثانيا ...
- (( محمد النبي (ص) والواقعية السياسية )) القسم الثاني / اولا ...
- (( محمد النبي (ص) و الواقعية السياسية )) القسم الاول
- الفلسفة : ( حب ) و ( حكمة )
- الحزب يساوي العشيرة


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سلمان مجيد - مطالعات في كتاب (( فلسفتنا )) للشهيد محمد باقر الصدر