أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - سلام ابراهيم عطوف كبة - اخش الاحمق.. ولا تخش العاقل!- إرهاب الدولة والإرهاب الدولي- القسم الثاني















المزيد.....



اخش الاحمق.. ولا تخش العاقل!- إرهاب الدولة والإرهاب الدولي- القسم الثاني


سلام ابراهيم عطوف كبة

الحوار المتمدن-العدد: 1132 - 2005 / 3 / 9 - 11:20
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


إننا في العراق وفي العالم أمام عمليات إرهابية منظمة ومبرمجة تقف على رأسها اضافة الى العصابات المافيوية البعثية ، جماعات إسلامية تمتلك موارد مالية كبيرة ونفوذ واسع على الصعيد العالمي ولها مواقع في البلدان العربية والإسلامية ، اللوبي الذي يعمل داخل الحكومات بصورة سرية أو شبه علنية وخارجها. إنه الإرهاب غير الحكومي والإرهاب الحكومي معا . ولازالت السياسة الاميركية الحاضن الاول والمحفز الرئيسي للارهاب في العالم . أن المجتمع العراقي لم يعرف الحرية الفعلية ولا الديمقراطية ولا يمتلك تراثاً ديمقراطياً ، وأجبر اكثر من مرة على استخدام العنف المضاد للخلاص من النظم الاستبدادية . فما حرب الأنصار في كردستان العراق ومشاركة العرب إلى جانب الكرد وبقية القوميات سوى رد الفعل المباشر على إرهاب السلطة ، إضافة إلى الهبات الجماهيرية و انتفاضة عام 1991 التي قمعت بالحديد والنار تحت سمع وبصر الولايات المتحدة والأمم المتحدة وسائر بلدان العالم. وكانت كردستان العراق أكثر الأجزاء تضرراً من عمليات الإبادة الجماعية والصهر القومي ، ابتداءا من تعرض ناحية برزان للقصف الجوي في أيلول عام 1961 م ، وبلدة قلعة دزه عام 1974م ، وتعرض مخيمات اللاجئين في زيوه للقصف الجوي العراقي ، وتصفية (8000) شخص من البرزانيين قبل عمليات الأنفال التي راح ضحيتها(182000) كردي ، وتهجير 5000 قرية كردية ، وقصف حلبجة وخورمال بالأسلحة الكيماوية التي حصدت أرواح 6000 شخص ومثلهم من المصابين والمعاقين. ويمكن أن نصنف جرائم من يسمون بجند الإسلام بحق العشرات من بيشمركة الاتحاد الوطني الكردستاني في خانة الإرهاب الذي مارسه أعداء الكرد بأياد كردية .... واخيراً وليس اخراً عملية شباط التي استهدفت مقري الحزبين الرئيسين - الديمقراطي والاتحاد- في هولير العاصمة .... ورغم المصائب التي حلت بالكرد الذين حملوا السلاح دفاعاًعن النفس والبقاء والحرية فقد أجمع المراقبون على تسمية المقاومة الكردية بالحرب العادلة.
والنظام الاقتصادي شبه الإقطاعي السائد في العراق يعبر عن عمق وسعة التخلف وسيادة التقاليد البالية غير المدنية ، وبالتالي فهو غير قادر على منح الشعب العراقي المستوى الحضاري اللائق والوعي السياسي والمجتمع المدني الذي يؤهله لمعالجة مشكلاته بالطرق السلمية والتفاوضية. ومن بين سمات المؤسسة العشائرية الجديدة التي خلقها وخلفها لنا صدام ولسخرية القدر توفير التكافل حتى بين أصحاب الشهادات العليا وأساتذة الجامعة والمثقفين والأطباء والمهندسين بحجة توفير الحماية الشخصية .وليجري إخضاع هذه الإسطبلات العشائرية سياسيا أو تسييسها لتحقيق السيطرة الاجتماعية ..وكانت هذه التجمعات _ الإسطبلات سند النظام لفترة طويلة إلا أنها كانت ولا زالت أداة تفتيت المجتمع والعودة به القهقرى.. وهي لا تعرف شظف العيش وكل شئ متاح لها ..وتخلق أشكال الوعي الزائف لأن قوة النزعة العشائرية داخل الأحزاب السياسية تعرقل التأسيس المدني الديمقراطي وتسهم بفاعلية في خلق بؤر التوتر والاحتقان الداخلي. وفي ظل طغيان أسواق الارهاب في العالم العربي الآن، ورواج هذه الأسواق والاقبال المنقطع النظير عليها من قبل الدهماء والغوغاء والإعلام العربي المتشنج، يجد البعثيون والمتأسلمون والجهلة مكانهم اللائق في الاحياء الارستقراطية الراقية والمتأخرة حضاريا معا ... احياء الترف والتجارة والدعارة والاستهلاكية ، واحياء الفقر والغبار وقلة العقل والتشرد والتخلف والجهل والناس الذين يعيشون حياة القرون الوسطى نتيجة للطغيان الديكتاتوري السابق، ونتيجة للانغلاق والتعصب الديني الطائفي .
الارهابي ليس فقط من يذبح بسكينه، الارهابي هو كل من يشترك في عمليه تبدأ من الفتاوي والتحريض على القتل العمد ( تنبع بمجملها من دول عربيه واسلاميه ) مرورا بتخوين الاصوات العاقله في المجتمع العراقي (قادمه من نفس المصادر) الى اذاعة بيانات الخاطفين في "عاجل" ومقابلات مع المحللين المخضرمين ممن صمدوا امام الشاشات بعد سقوط بغداد، من اجل توفير الغطاء الاعلامي لمثل هذه الممارسات الشاذه عن الفطرة الانسانيه. كله ارهاب، ان تقتل او ان تدفع للقتل بما تملكه من حضوة ماليه واعلاميه او ان تهلهل للقتله معتبرا اياهم ابطالا، او حتى حين تنزع عليهم بعض من الالقاب التي لا يستحقوها مثل "المقاومون" او "العراقيون"، او غيرها مما لا يناسبهم. ارهابيون قدموا الى العراق، زحفوا عبر الصحاري بعقليات البدوي الذي حلل الله له الاراضي والشعوب ليستبيحها ينضحون عطن البترول، هجرة كانت يجب ان تكون معكوسه، حسب منطق التاريخ اي ان يحمل الحضري من ضفاف الرافدين الخضرة وروح الطيبه التي تجود بها البيئة الخصبه ، لا ان يصحر الضفاف بجفاف الفتاوي الاستباحيه.
يقف منطق العنف والسلاح والقتال الذي تبشر به المافيات العفلقية والطائفية مهما اختلفت التسميات " جيش المهدي الملائكي ، انصار السنة ، الجيش الاسلامي ، القاعدة ، انصار المهدي ، التوحيد والجهاد .... " بالضد من منطق التأسيس المدني والحوار . والحرب هي ابشع حالة عرفتها البشرية في كل تاريخها الطويل ويفترض الكف عنها. الحرب لا تجلب سوى الموت والخراب والجوع والحرمان والمزيد من التداعيات التي لا يعرف الإنسان نهايتها ولا حجم عواقبها المدمرة. لم تنته حكاية هذه العصابات لأن البعثيين من الشيعة والسنة العرب وجدوا مواقعهم المهمة في صفوفها ، وهم الذين يساهمون في إشعال الحرائق وفي قتل الناس من أتباع الأديان والمذاهب الأخرى ، وهم الذين يمارسون كل الموبقات ويصدرون الأحكام البشعة ، تماماً كما كان يفعل صدام حسين . إن ما تقوم به عصابات الارهاب في العراق الان من اعمال شنيعة يرتكب فيها أخس الجرائم وافظعها ، متمثلا ذلك في قطع رقاب الابرياء من البشر، أخذا بالشعار الذي رفعه صدام الساقط ، وهو يستعد لغزو الكويت ، والقائل : قطع الاعناق ولا قطع الارزاق ! لهو خير دليل على أن هؤلاء المجرمين هم من يقاوم في العراق الآن ، دفاعا عن ماضيهم الاسود الذي لن يعود ابدا . ويختار الارهاب التخندق في مناطق وأماكن تكون فيها فئات من العراقيين مهيئة أصلاً للاستغفال والابتزاز. إن دور الاحزاب والتنظيمات الاجتماعية والهيئات الدينية في المناطق التي يضع الارهابيون أعينهم عليها هو في الغالب ومع الاسف دور خالٍ من الحرص ومن الشعور بالمسؤولية ازاء أرواح ومصالح مواطني هذه المناطق حيث التهريج الطائفي والتأليب العرقي والادعاء (الوطني) الزائف ضد الحكومة العراقية وضد حلفاء وأنصار الشعب العراقي. وتمارس العصابات الدينية سياسة الانشقاق داخل الشارع العراقي عبر اشاعة لعبة الدين السياسي الجائر الذي يسير به هؤلاء الشياطين وهذه العمائم التي جعلت من الدين الاسلامي حصالة للنقود وجاه يدورون به بين الصغار الذين غسلت عقولهم الصغيرة بمكر وخبث مقصود. مفاهيم غريبة وجديدة أفرزتها أوضاع ما بعد الحرب في العراق . إرهاب يدعى مقاومة حفاظا على سلامة اللغة من زلل السياسة ، تهديم مجاني ونهب مؤسسات خدمية يلبس ثياب الوطنية الفضفاضة ، عمائم مزيفة تذبح وتقتل باسم الدين . تطرف قومي وعنصري ومذهبي يعشش في أوهام قديمة تقارع جيوش الغرب الجرارة بسيوف من خشب . تلك فوضى أخلاقية وقيمية لا سابق لها في تاريخ المنطقة تلقي بظلالها على المشهد العراقي ، وتعرقل سير أبنائه نحو حياة حرة آمنة . تزامنت الموجة الارهابية مع التوجه الجاد نحو اقامة المؤسسات الدستورية وبناء الدولة العراقية على اسس حديثة وديمقراطية وبعيداً عن قيود التخلف والتطرف والاستبداد الذي هيمن على العراق منذ تأسيس دولته الحديثة، وخاصة في عهد التطرف القومي في العقود الاخيرة. ان نشاط هذه الزمر التدميرية العدمية ما كان لها ان تستمر لولا تلك "الحاضنة" التي خلفها لنا النظام السابق والمتمثلة في الفساد الاداري والاقتصادي والاجتماعي. إن تقليعة كسب المال بيسر وحتى وإن كان المال الحرام قد نشرها النظام السابق سعياً منه لتدمير الاسس الاخلاقية للمجتمع العراقي ومقومات المواطنة لكي يتحكم بمصير العراق وشعبه وثروته دون رقيب. ان " بزنس الفساد والرشوة " اصبح ثقافة راسخة لدى البعض من العراقيين ونهم لا ينقطع للحصول على المال الحرام والذي يؤدي ليس الى التدمير الروحي في المجتمع وحسب، بل والى الفتك بالانفس والتدمير للبلد. اضحت الرشوة والفساد الاداري ظاهرة تطال العديد من المؤسسات المدنية وابتلى بها حتى بعض خصوم النظام ومعارضيه .
يسبب عدم الحزم والتردد والميل الى التسويات والتفاهم واساليب الاغراء والافساد التي يلجأ اليها الاستعمار والامبريالية ، وارهاصات العولمة والرأسمال الاجنبي لا افساد للافراد فحسب بل الاحزاب وقادة البورجوازية الصاعدة لأخراجها من ميادين الكفاح الاساسية . والفساد السياسي نسبي لأنه حتى في الانظمة الديمقراطية يظهر افراد في كفة المسؤولية يحيدون عن القاعدة العامة ولديهم امتيازات واسعة ويستحوذون على ثروات الشعب ، اما الدكتاتورية فهي قائمة اساسا على الفساد لأنها لا تمت الى الشرعية بأية صلة ، وتعتبر اشاعة الفساد عامل اساسي لديمومتها . وعندما تنتشر الرشوة والفساد في بلد ما فهذا لا يدل على فساد الضمائر فحسب وانما يدل على سوء توزيع الثروة . ويؤدي انخفاض القدرات الشرائية وحجم الطلب على السلع بسبب تدني الاجور والرواتب الى الركود والكساد الاقتصادي ، وانحسار العرض ، ونقص الانتاج ... بينما يخلق خلل السياسة الضريبية المتبعة الهوة بين النفع العام والمنفعة الخاصة لصالح حفنة من الاغنياء والطفيليين وليستفيد قطاع التهريب من فوضى الاسعار وفقدان السيولة النقدية .لازالت عامة الشعب تعيش ين اشداق البؤس وتتضخم ملفات ما تحت مستوى الفقر ويسود الغلاء الفاحش وتنتشر البطالة المكشوفة والمقنعة . ويتحول الفساد الى اخطبوط يلتف حول المجتمع .. وليتحول الابتزاز الى طقس حياتي يومي يمارسه اصحاب الضمائر المتعفنة في ظل العماء العارم ليرتع المفسدون على هواهم وسط لا مبالاة واتكالية المجتمع واستمرائه للفساد وكأنه اصبح حقيقة من حقائق الحياة لا يمكن العيش بدونها ! ويصبح الفساد اسلوبا ونمط حياة في المجتمع ويحاصر من يقف بوجهه .. وإذا استمرأ وطني مخلص لمحاربة الفساد ولو بشكل خجول يقوم الكتبة واثمان المثقفون من حماة الفاسدين والمفسدين ليطعنوا بوطنيته لأنه ينشر الغسيل الوسخ أمام الملأ في الوقت الذي تظهر فيه الحاجة الماسة الى تلميع السمعة و تبييض الغسيل الوسخ واموال كبار اللصوص في دورة غسيلها القذر. هكذا بات اجتثاث الفساد رديفا لأجتثاث البعث والارهاب في عملية اعادة تأهيل البنى الاجتمااقتصادية العراقية اليوم .
إن الاشرارَ الاسلامويين وبجرائمهم المتنوعة قد وضعوا دين الاسلام في قفص الاتهام ... وأن عمليات القتل والاختطاف والترويع والابتزاز باسم الاسلام، وتفجير محطات الماء والكهرباء وتفجير آبار وأنابيب النفط العراقية والعمل على إدامة الفوضى وعدم الاستقرار في العراق باسم الاسلام هو عملٌ ليس من الاسلام بشيء... المقاومة هي العمل و السعي لإخراج الاحتلال لا لقتل العراقيين وسلوك طريق الشيطان و طريق التهلكة. ان مقاومة التدخل الامريكى الذى كثيرا مايكون عدائيا وضد مصالح الشعوب ، لن يكون بصناعة خمينى جديد او هتلر جديد ، بل بالعمل من اجل جبهة مقاومة مدنية ، تسعى من اجل بناء مجتمعات حرة من النفوذ الخارجى والقهر الداخلى دينيا كان ام قوميا ! وان ثقافة العنف التخريبية بالأصول التي تنتمي إليها وبالفلسفة التي تحملها وهي فلسفة الموت والدمار لا يمكن اقتلاعها بالحسم الأمني وبقسوة أجهزة التخصص بمتابعة الجريمة وهي أمور مطلوبة.. ولكنها تتطلب جهودا مضاعفة لثقافة السلم التي تكاد تولد في كنف التحرر من الطغيان والدكتاتورية..! إن الحقد الأعمى على الاحتلال غير كاف لإخراج قوات الاحتلال ، بل يورث مثل هذا الحقد البؤس الفكري والسياسي والعجز عن إنجاز المهمات والاندحار كما أنه لا يعالج المشكلات التي يعاني منها العراق بل يشدد منها. لقد تخلصنا من هيمنة المستبد بأمره صدام حسين ورهطه ووقعنا تحت الاحتلال ، وكان النظام المخلوع ورأسه هما السبب في وقوعنا تحت الاحتلال ومعاناتنا الراهنة. لا يقبل الوضع الراهن في العراق استمرار التوتر والإرهاب والقتل والتخريب ولا يجوز جعل العراق ساحة للصراع الدولي والإقليمي والعربي . الديكتاتورية العراقية المنهارة لم تترك في الجسم العراقي شبراً واحداً إلا وزرعته بالدمامل القومية والدينية المتقيئة، والتي تحتاج إلى جراحات سياسية علمية متأنية. ويستغل بعض من يروا أنفسهم قادة وزعماء، أن أفضل وقت مناسب لاختراق الحواجز السياسية، والقفز عليها، هي الفترات السياسية الانتقالية التي تعيشها الشعوب والدول كما هو الحال الآن في العراق ، والزرقاوي و الصدر والآخرون من الارهابيين من هؤلاء. فهل يكونوا آخر الدمامل المتقيئة في الجسم العراقي المتعافي ؟
يخدم إبقاء أو اشتداد التوتر والعمليات الإرهابية في العراق الكثير من المصالح واهمها : استمرار ارتفاع أسعار النفط الخام الذي يخدم دول الأوبك بالدرجة الأولى وخاصة إيران والسعودية مثلاً ، ويخدم مباشرة البنوك المالية التي ستجد أرصدة مالية جديدة توضع في بنوكها ويمكن استثمارها . وسترتفع أرباح الشركات التجارية الدولية من جراء هذا الارتفاع في أسعار النفط الخام ، خاصة وأن الدول المنتجة والمصدرة للنفط ستعمد إلى وضع نقودها في تلك البنوك أو توظيف قسم منه لديها أو شراء السلع المصنعة من الدول الرأسمالية المتقدمة ، فالنقود تعود من جديد إلى خزائن الدول المشترية للنفط الخام ، الى الدول الرأسمالية المتطورة. و سترتفع أسعار السلع المصنعة بفعل ارتفاع أسعار النفط الخام باعتباره مكونا أساسياً من مكونات أسعار السلع المنتجة.. وستربح البلدان النامية المنتجة والمصدرة للنفط من ارتفاع الأسعار ولكنها ستخسر الكثير من تلك العوائد عبر وارداتها السلعية المتزايدة وعبر ارتفاع أسعار تلك السلع. إن الإرهاب سوف لن ينقطع بالكامل لا بسبب الوضع الداخلي أو بسبب وجود قوات أمريكية وبريطانية أو أجنبية عموماً في العراق فحسب ، بل بسبب بعض الجيران والقوى الخارجية ، وهي ليست قوى وسياسات عربية وإسلامية فحسب ، بل هي قوى ودول وسياسات أوروبية ودولية ترى مهماً استمرار العمليات الإرهابية في العراق لإرهاق الولايات المتحدة والتدليل على فشل سياستها في العراق وفي المنطقة . وهي بمثابة دفاع ذاتي عن النفس في مواجهة احتمال حرب إستباقية تعتمدها الولايات المتحدة في سياساتها الخارجية ، وبشكل خاص منذ أن تسلك بوش الابن رئاسة الدولة. وعبر دول الجوار سيمر الإرهاب ، سواء أكان بعلمها أو بدونه.
لقد اتجهت السياسة المخابراتية للدولة الأمريكية خاصة بعد تنامي وتطور ازدواجية خيار التطور الاجتماعي إلى تنشيط أجهزتها السرية عبر مسالك مختلفة منها : اختراق المنظمات اليسارية والديمقراطية بهدف تخريب بنيتها التنظيمية وإضعاف فعاليتها السياسية . ومنها : رعاية وتشجيع المنظمات اليمينية واليسارية المتطرفة ومباركة إرهابها ضد القوى الاجتماعية المناهضة لنزعات الهيمنة الرأسمالية. أن الإرهاب الذي مارسته المنظمات المتطرفة ضد الحركات اليسارية و الديمقراطية في حقبة المعسكرين شكل بمضمونه العام وأنشطته التخريبية امتدادا للإرهاب الرسمي الذي إعتمدته الدول البوليسية ضد القوى الاجتماعية المطالبة بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية . و تزامنت سياسة تخريب الحركات اليسارية و الديمقراطية مع أنشطة خارجية اتسمت بالشراسة والعدوان ضد الدول الوطنية الطامحة للاستقلال والتنمية الاقتصادية حيث اتخذت تلك الأنشطة أشكالا متعددة تتصدرها : الغزوات العسكرية لهذا البلد أو ذاك ، تدبير الانقلابات العسكرية المناهضة للشرعية الوطنية ، احتضان الأنظمة البوليسية والإرهابية ، تفجير التشكيلات الوطنية وإثارة الحروب الأهلية ، تدريب واحتضان المرتزقة ودفع تشكيلاتها للقتال ضد الفصائل الديمقراطية والأنظمة الوطنية المدافعة عن حقوقها السيادية وثرواتها الوطنية. بهذا المسار تزخر الذاكرة التاريخية بشواهد حية على دبلوماسية الراسمال الأمريكي وممارساته الدامية ضد الشعوب المطالبة بحرية خيار تطورها الاجتماعي. فقد بينت حقبة الامبريالية ان الراسمالية في الولايات المتحدة كانت على مدار القرن الماضي قد حشدت قوة هائلة من التوسع الرأسمالي العسكري والمدني في سبيل العدوان على ثروات العالم أجمع ، وحشدت كماً هائلاً من الفكر الراسمالي والديني اليميني ليشكل الحاضنة الايديولوجية لوحشية الراسمال المعولم! . واعتمدت الدبلوماسية الأمريكية شعارات مثل ــ الديمقراطية ، حقوق الانسان ، التدخل الانساني ، مكافحة الارهاب .... الخ ــ من الأفكار ذات الطبيعة الانسانية بهدف احتواء القوى الاجتماعية والمنظمات السياسية المكافحة ضد الأنظمة الاستبدادية والمطالبة بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية . وحققت الادارة الأمريكية نجاحات كبيرة يمكن رصدها بمسارين: المسار الأول " مساهمة الديمقراطية السياسية التي جرى اعتمادها في بلدان أوربا الشرقية في استلام القوى اليمينية المتحالفة مع الرأسمال لمراكز السلطة السياسية في تلك البلدان ، وماتبع ذلك من تخريب للبنى الاقتصادية ـ الاجتماعية الضامنة للتطور الاجتماعي المتوازن " . المسار الثاني " نجاح الدبلوماسية الأمريكية في جر الكثير من القوى المعارضة ذات التوجهات الديمقراطية الى الحوار بهدف احتواءها والتعويل عليها كركيزة (وطنية) في المنعطفات الداخلية . بلغة أخرى عمدت الدبلوماسية الأمريكية الى بناء جسور التفاهم مع بعض الفصائل الوطنية المعارضة لنهج التسلط والاستبداد بهدف الحفاظ على مصالحها الاستراتيجية عند تفكك سياسة الاستبداد في (الدول المنبوذة) " . إن سياسة مد الجسور المشار إليها والتي ميزت الفترة التي سبقت ايلول الدامي انتقلت إلى مستوى جديد تلخص في محاولة احتواء القوى السياسية المناهضة لاحتكار السلطة بهدف تطويع برامجها السياسية بما يتناسب والاستراتيجية الأمريكية. من هنا تحاول قوات الاحتلال الاميركي في العراق جاهدة التقليل من احتمالات الاصطدام المسلح بالتمردات، عن طريق عقد اتفاقات "الهدنة" و"وقف اطلاق النار" هنا وهناك مع القوى الطائفية والعشائرية، بحيث تتحول هذه القوى ذاتها الى حرس للاحتلال، (وبمعنى اوسع: للنفوذ الاميركي) من موقع معاداته.
حشدت جبهة الارهاب كل طاقاتها لإفشال المشروع الوطني الديمقراطي في العراق وهذا ما يتطلب من الحكومة ومؤسسساتها والاحزاب الوطنية والمنظمات الديمقراطية والمواطنين جميعاَ، التعاون والتكاتف ورص الصفوف والقيام بدورها لقطع الطريق امام الارهاب والجريمة. كما ويتطلب الاهتمام بالمجال السياسي والاقتصادي في اشاعة العدالة والمساواة وتوفير فرص العمل وسيادة القانون. يجب على مختلف قيادات وفاعليات المجتمع المدني العراقي أن يسموا الأمور بأسمائها ، وعليهم واجب الحفاظ على هيبة الدولة والمجتمع الذي انتهكت حرماته العصابات الارهابية ...إن مسؤولية الحكومة هي في عدم التهاون في معالجة ملفات الأمن والإرهاب الأصولي وغيره. فإما أن يكون النصر والنجاح حليف دولة القانون والمؤسسات والحداثة الناشئة ولتنهزم للأبد قيم التخلف والقبلية المعششة والمتجذرة بقوة في داخل الاجتماع الديني والسياسي العراقي، ليتمكن الشعب العراقي _ ولأول مرة منذ عقود طويلة _ من استرداد وعيه وسلامته وعافيته ، أو أن يكون النصر حليف دولة الطائفية والعشائرية والإرهاب... وتبقى المسؤولية الاخلاقية حجر زاوية للفعل الديني والسياسي في ان واحد ، فمن اوجه هذه الازمة صمت المرجعية على الافعال التي تجبر الناس على اتباع اوامر رجال الدين وتصمت عن قتل الناس وتصمت عن انتهاك حرمات المنازل وتصمت عن ابداء الراي في تلك الجرائم التي ارتكبتها العصابات الارهابية ولازالت ، في وقت انها في الجانب الاخر تدعو للعدالة ! فهل اصبحت بوابة العدالة كبوابة تحرير القدس تمر عبر ايران كما قالها القائد الضرورة المفدى مقتدى الصدر !! وتعلن المرجعية انها لا تريد التدخل بالسياسة وانها تريد الاهتمام بالدين فقط ولكن تصمت المرجعية عن اعلان بعض الاحزاب بانها تعمل تحت امرة المرجعية؟ وهذا يعني ان المرجعية لها احزابها على الساحة؟ ان المطالبة بالتسامح لا يمكن ان تاتي بهذه الطريقة الساذجة لأن تجارب الشعوب تؤكد وجوب الزام حكوماتها تقديم من ساهموا بارتكاب المجازر والانتهاكات ضد حقوق الانسان الى القضاء العادل ليقول كلمته النهائية بهم وامام اهالي الضحايا الذين لهم الحق باسقاط حقهم بعد اعتراف الطرف الاخر بجريمته! ان التسامح لا يمر عبر اعادتهم للعمل من اجل الاستفادة من خبراتهم ؟ ولا باعلان التوبة ! والمطالبة بتقديمهم للقضاء ليس من باب الثورجيات كما يصفها البعض بل هي اساس اية عدالة وديمقراطية وقاعدة الوطن الحر القادم والشعب السعيد الآتي.ان الأزمة الأخلاقية العميقة هي السبب الاساس وراء كل هذا الدمار الذي عشناه ونعيشه والقوى الدينية والسياسية مساهمة بفعالية في هذه الازمة التي تمتد جذورها عميقا في المجتمع العراقي. الديمقراطية لا تعني التساهل مع التمرد المسلح. فأما الولاء للطائفية وينتهي العراق كدولة أو الولاء للوطنية العراقية لينهض من تحت الركام ويواصل مسيرته الحضارية في بناء دولته العصرية الديمقراطية المسالمة والمزدهرة. ومهما كانت موجة العبث بالامن الجارية في البلاد، الا انها تشكل منعطفاً في قدرة العراقيين على بناء حياتهم الجديدة مما يستثير غضب وجنون العصابات الارهابية التي تمول من خارج الحدود سواء من شيوخ الارهاب في الخليج او من حكومات عمتها البصيرة او من الفارين من رجال الامن والمخابرات العراقية الذين يتخون من الدول المجاورة قواعد لتدمير العراق وقتل ابنائه.
لعلعة الرصاص
لم تدعني اكمل تدوين كتبي
لم تدع امي تنزع ثوبها الاسود
لم تدع لنكاتنا طعما
لم تدع اطفالنا تتآلف وتمتزج لنموت عشاقا
جاءت فلول البعث وفلول صدام وفلول القاعدة وكل مرتزقة "المقاولة العراقية" إلى (العراق)، ليس لتحرير (العراق)، من الجيوش الأجنبية ولكن لحكم (العراق)، حكماً طالبانياً قاعدياً مارقاً والعودة إلى استعباد مجتمعات القرون الوسطى . ان "امارات" المتطرفين في اللطيفية وابوغريب والخالدية والفلوجة والدور، والنجف وكربلاء والثورة قبلها ، حيث تحول اهاليها البسطاء الى دروع بشرية للعابثين باسم الدين والقومية والتي شيدها النظام المنهار لاستعادة سطوته في حالة سقوطه، كانت ولازالت قلاع هشة لا تصمد امام ارادة الخيرين من العراقيين بكل اطيافهم لبناء عراق ديمقراطي تسوده ارادة القانون وتديره المؤسسات المنتخبة وليس ارادة البنادق والسيوف وعصابات قطع الاعناق ونصب المشانق للمواطنين واقامة المحاكم الشرعية الطاغوتية الاسلامية واصدار فتاوي التكفير مهما غلت التضحيات .
العقلية المؤسساتية العصرية عقلانية الطابع تحكم العقل في التفكير والسلوك وتنبذ الفردية في اتخاذ القرارات ورسم السياسات وتقوم على صرحها العلمانية أي التفكير الاجتماعي القائم على فصل الدين عن الدولة ، والحماية الحقة لحرية الدين والعقيدة والفكر والإبداع..وبالتالي المجتمع المدني..وتقطع العقلانية الطريق على العقل الإيماني الذي يعيد إنتاج الدوغما والفئوية والخطاب الذي ينادي بصرامة بالدولة الدينية المؤسسة على الحاكمية وتحويل الدين الى مجرد وقود سياسي…وينبذ المنهج العلماني التوفيقية ليؤكد ثورية العلم ..وعموما كان العلمانيون والمتدينون معا ضحية استبداد الحكام الذين احتاجوا التدين كأمامة ومستشارية تمتدحهم ،والعلمانية لمواجهة الظلامية ومشروعية العنف ضد الأصولية.
كفى لمسلسل الجرائم الدموية.. وكفى عبثا بمقدرات أبناء شعبنا.. من الضروري إشراك مؤسسات المجتمع المدني المتخصصة في لجان التحقيق والمراقبة الرسمية للكشف عن المجرمين ولتقديمهم للعدالة بغية وقف حقيقي للجريمة ومنع استمرارها في حصد مزيد من أثمن ما نملك ..... تلك هي أرواح أبناء شعبنا العراقي الأول في كل الاهتمامات الحاضرة لأية حكومة قائمة أو مستقبلية.. ومن الضروري المطالبة بتدخل المنظمة الدولية والهيئات المختصة والقوى الحريصة الواعية من دول الجوار لدعم مسيرة إعادة الأمن والطمأنينة إلى بلادنا، من خلال الضغط لمنع التسللات والاختراقات القادمة من خلف الحدود ومن خلال نهوض القوات الأجنبية بمهامها على وفق ما تكفله القوانين الدولية وتلزمها به، ومن خلال دعم الأصدقاء لجهود العراقيين في تشكيل مؤسساتهم بعد أن كان النظام السابق غادرها خرابا وتركها أثرا بعد عين..



** كبة مهندس استشاري في الطاقة الكهربائية وباحث علمي وكاتب وصحفي .
وهو عضو في
1- نقابة المهندسين في كردستان العراق
2- جمعية المهندسين العراقية
3- نقابة الصحفيين في كردستان العراق
4- جمعية اصدقاء المجتمع المدني
5- جمعية البيشمركة القدامى

وقد نشر العشرات من دراساته في الصحف والمجلات والمواقع الالكترونية داخل العراق وخارجه .



#سلام_ابراهيم_عطوف_كبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحرب سلام السادة ورغيف من طين_ ثقافة السلام في العراق وكردس ...
- المعلوماتية والحرب والجيش في العراق
- جرائم البعث ضد الانسانية - تهجير الأكراد اجراء منسي !* وجريم ...
- الى محمد الدوري مع التحيات - استذكار ، العقوبات المعدلة – ال ...
- طيف الطاقة الكهربائية في العراق ... بين الشعوذة والسياسة- ال ...
- الانفاليات وتحديات إنقاذ كوكب الأرض
- التنمبة والكهربة الريفية في العراق - القسم الاول
- التنمية والكهربة الريفية في العراق - القسم الثاني
- السنة الدولية للجبال تقليد يجب الحفاظ على مغزاه في كردستان ا ...
- الهجرة والتهجير واللجوء سياسة غدر الطغم- النخب الحاكمة في ال ...
- لا تعتبر الخصخصة الحل البلسمي لمعضلات قطاع الكهرباء الوطني - ...
- ذكرى تأسيس الجيش العراقي _ ملحمة 14 تموز بين التأسيس المدني ...
- التشيع البعثي وقرصنة التوليد التجاري
- الطاقة الكهربائية في عراق القرن العشرين
- المجتمع المدني والمؤسسة العشائرية_ كردستان العراق نموذجا_ ال ...
- صناعة الترجمة الآلية واللغة الكردية
- المجتمع المدني والمؤسسة العشائرية_ كردستان العراق نموذجا_ ال ...
- العمل النقابي الهندسي في العراق وكردستان
- تداعيات الربط الكهربائي العراقي - التركي
- العراق : النقابات والقانون


المزيد.....




- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - سلام ابراهيم عطوف كبة - اخش الاحمق.. ولا تخش العاقل!- إرهاب الدولة والإرهاب الدولي- القسم الثاني