أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدرعاشور - قصة قصيرة .....الحريق الصامت














المزيد.....

قصة قصيرة .....الحريق الصامت


حيدرعاشور

الحوار المتمدن-العدد: 3906 - 2012 / 11 / 9 - 15:38
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة
الحريق الصامت
فجأة وجد نفسه إزاء موقف لا يحسد عليه، ولم يفكر يوما بأنه يفكر في شخص أخر أو يعيره أي اهتمام بعد أن عانى كثيرا من رتابة وملل الحياة التي يغوص في بقاياها...وجد نفسه مرة واحدة عاشقا، ومد لها حد النخاع.. حلما بتلك المرأة الارستقراطية المزهوة بجمالها وكأنما يتسلم شفرة سرية ،فلقد ايقضت في أعماقه أحاسيس غريبة ومتناقضة بعد أن اجتاز عقد الأربعين ، تداعت في ذهنه أفكار كثيرة على مدى أعوام وتجلت ذكرياته الأثيرة على شكل شريط سينمائي وهو لم يجرب مثل هذا الإحساس الدافق الذي سلبه دون هوادة ليتوهج في أعماقه حريق صامت يحاصر كريات دمه التي بدأت تهرول بسرعة .
أصابته الدهشة وهو يصغي أول مرة الى دقات قلبه وهي تتسارع ... هل اتاه حنين من الحب ؟ واشتغل هوس العاطفة دون نذير مسبق ...لماذا لم يجرب العشق ؟ ولماذا هذا الحرمان من الإحساس ... تداعت في ذهنه صور النساء اللواتي التقى بهن وتركن في نفسه أثرا أو إحساسا محنطا... شعر بان كل النساء عبارة عن دمى والفرق بين هذا الملاك الجالس أمامه وبينهن كالفرق بين الزهور الحقيقية والزهور البلاستيكية... اللعنة على هذه العاطفة عندما تغزو القلب الفارغ من الوجيب والنبض المجنون لتحوله الى كائن يتعاط النزف السري والصيوان المشتعل .
كرر النظرات اليها ،وهي جالسة قبالته متوجسا من أمر صعب وعسير والغريب انها لم تعره أي اهتمام بادي ذي بدء أو تنظر اليه ،ولو خلسة ... تصرفات عجائبية ما الذي تريده هذه المرأة الملغومة باللامتوقع !ولماذا تحاول أن توهمه وتغريه بغنجها الانوثي الدفين والمستتر ؟... إنها لعبة الأنثوية للإيقاع به والتلذذ بعذاباته .
ارتجفت أوصاله عندما التقت نظراته بنظرات امرأة كبيرة السن جالسة بقربها قد تكون أمها أو قريبة لها... لمحته يكرر النظر الى وجهها فابتسمت له بخبث قائلة وهي تومئ الى فتاته :
-أليست هي جميلة .
انتبهت فتاته الى الحديث المرأة المسنة وهي تخاطبه فوجدته ساكنا هائما فأومأت برأسها دلالة التحية لكي تقتحم محرابه الغريق بالتأملات فرد عليها بتحية خافته يحاصرها القلق ... ومع انسياق نظراته الى وجهها المستدير شعر بأن شلالا من الموسيقى بدأ يغزو جسده مع تصاعد أصوات الآلات التي بدأت تعلن عن بدء الاحتفال .
الساعات الثقيلة والمسافات الشاسعة التي تفصله عنها كانت تملكه الدنيا كلها، كانت المسافة بينهما ملغومة بالقلق والخوف وطغيان الأشواق...ولعبت الهواجس المتمردة في رأسه وبدأ إحساسه الدفين يتوهج ويشتعل...أهو الحب المتوقد انطلق الى فضاءات الدلاله والهيام ... شعر بالارتياح والغبطة حين اكتشف انها أيضا تراقبه بحذر أنثوي ،وعندما رفع كأسه الى فمه أومأت بإصبعها بعدم الشرب ،فاندلع في أعماقه فرح طفولي وكأنها تبلغه بأنه شراب يذهب بالعقل الراجح!!استغرق في عينيها فوجد بحرا عميقا من العواصف المتأججة يسعى به الى وديان شعرية رغم صخب الموسيقى وكثرة الحضور وحشود الراقصين أمام منصة المسرح ،انه لم يشعر إلا بعينها ،كان وجودها قد حجب عنه أية رؤية ...جاء النادل ووقف فوق رأسه من اجل طبق طعام وإكمال زجاجة الشراب الذي لم يتذوق طعمه منذ أمد بعيد... كرر النادل نداءه لكنه لم يشعر بوجوده كان غائبا عن كل شيء وحاضرا أمام عينيها وكأنه متعبد مستميت لم يشعر به إلا ان وخزه في كتفه ليعلمه انه في خدمته ... شكر النادل مرة أخرى دون ان يلتفت اليه كي لا تضيع فرصة زمنية وهو يستغرق في تأملها بانتشاء عميق وحالم ،لأنه كان يحلم بها في صحوته وقبل نومه واستيقاضه في الليالي التي قهرت كبرياءه كثيرا وجعلته مشدودا اليها بجنون دافق ،ساد الصخب من جديد في القاعة عند صعود صاحب الحفلة للمنصة معلنا ترحيبه بالجميع ... فاضطر أن يقف كالتمثال الرخامي أمامها وهي تقترب منه حتى شم عطرها العذب وهي تقول:
-حاول ان تفهم شيئا انك مدعو الى هذه الحفلة من قبل أصدقاء يحبون وجودك أمامهم دائما وفجأة انتبه الى فصاحة ومشاكسة الفكرة ،وأدراك سر البطاقة الجميلة التي وصلته بلا معرفة مسبقة ... انها هي اذن الملاك الذي يتربع على القلب الأربعيني ...انها إذن سبب وجوده وسط الصخب ..خططت بذكاء لتضعه في هذا الموقف .
بدأت هواجسه تضطرب وازدادت دقات قلبه وتأملات عقله ...انه يعرف هذا الوجه المستدير لكنه اكتشف السر أخيرا وأدرك إنها هي الملاك الذي خطط وسحبه الى فضاء العشق رغم الصخب وهوس الاحتفال ،لم يبق أمامه سوى الصعود الى مرحلة الانتشاء الخرافي أو الذهاب الى اقرب عيادة طبية لفحص صلاحية روحه ...فلقد صحا القلب الهاجع وماتت الذاكرة .



#حيدرعاشور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خدعة صديق
- كواليس
- ثقافة احترام المواعيد
- مؤامرة الغرفة
- ادباء على فراش المرض
- ادراك الشامل .. في قصائد الخزعلي
- تحت شعار : (بغداد ملتقى شاشات العالم)
- مسرحية (الحسين الآن) ولكن ؟
- في الثقافة الموسيقية


المزيد.....




- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدرعاشور - قصة قصيرة .....الحريق الصامت