أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أكرم شلغين - كلبهم...ومخلوقنا














المزيد.....

كلبهم...ومخلوقنا


أكرم شلغين

الحوار المتمدن-العدد: 3904 - 2012 / 11 / 7 - 21:55
المحور: الادب والفن
    


قبيل سفري إلى بريطانيا للدراسة أردت أن أستأنس برأي وخبرة من سبقني إلى هناك لأستعلم عن الحياة ولأستمع لأية نصائح يمكن أن تُقدّم لي، فتلفنت لصديق قديم وطلبت منه أن نتقابل في مقهى السويس باللاذقية، وهو الصديق خالد قر الذي كان قد عاد لتوه من بريطانيا حيث درس في جامعة إسكس (بكولشستر) وسألته أن يقول لي ما يراه مناسباً وخالد صديق ليس لي فقط بل لكل من التقاه ولو مرة في اللاذقية لما هو فيه من اللباقة وحسن الخلق،. كنت أظن في سري أنني ربما أطلب منه ما هو في غير واقع الإجابة عليه، ولكني ـ ولحسن حظي ـ دغدغت في داخله رغبة في الكلام والاستفاضة عن تجربة أحبها وبهرته بكل ما فيها، فقد انتقل الصديق خالد في حديثه جيئة وذهاباً بين تعريفي بالجامعة وبين تعريفي بالمدينة والحياة هناك ثم عودة إلى الجامعة مرة أخرى...فقد أصبحت عرف أن قسم الأدب في الجامعة به الأساتذة: هيربي، بترفلاي، روجر هاورد، فرانسيس باركر، ديفيد باترسون، جوناثان وايت... إلخ وعرفت أيضاً أن السكرتيرة تدعى دوروثي جيبسون وهي على وشك التقاعد ..مروراً بالحديث عن المكان الأنسب للتبضع بالمدينة وبالجامعة نفسها وعن المكان الأنسب في المكتبة للقراءة وهو الطابق الرابع والجلوس حول أي من الطاولات القريبة من النوافذ المطلة على الحديقة والبحيرة والمكان الأنسب للتنزه حول البحيرة الموجودة على أراضي (ويفينهو) الجامعة....ولم ينس خالد أن يخبرني ما حصل معه عندما طلب العون من أستاذه هيربي لمرافقته من أجل شراء كلب ليحضره معه إلى اللاذقية بناء على رغبة صديق لاذقاني كان قد طلبه منه كلباً بمواصفات محددة. فرافقه الأستاذ هيربي إلى المتجر الخاص بذلك وبدأ خالد بتعداد قائمة المواصفات المطلوبة في الكلب، وهكذا خالد يعدد وصاحب المتجر يغذي الكومبيوتر بالمعلومات وهيربي يتدخل بين الفينة والأخرى عندما يكون هناك استعصاءاً لغوياً أو ثقافياً (بسبب الاختلاف في الثقافات)....وبعد انتهاء خالد من تعداد المواصفات طرق صاحب المتجر على زر ادخل في كيبورد الحاسوب وانتظر ثواني قليلة بعدها انفرجت أساريره وهو ينظر إلى شاشة الحاسوب وما ظهر عليها ومن ثم يبرم الشاشة باتجاه خالد وهيربي فرأى خالد (و هيربي!) كلباً جميلاً بقوامه، بمشيته، بحجم رأسه، بلونه إلخ... فكان برأي خالد وهو يصفه لي "فرجة" ووقفته "فيها عز على هالمرجة الخضرا على مد نظرك"....ولكن برغم هذا الانجاز بإظهار صورة كلب كانت هناك صدمة عندما ذكر صاحب المتجر ثمن الكلب فهو يكلف بالآلاف...وعندما رأى التاجر الغرابة على وجه خالد بدأ يشرح له كيف يربون الكلاب ويعتنون بها وماذا يقدمون لها من رعاية وكيف يتعاملون معها، الأمر الذي أبهر ليس فقط خالد بل أيضا هيربي، الأستاذ الجامعي المرافق لخالد، ومن ثم كسر خالد سياق الحديث وقال لصاحب المتجر متشائلاً أتقبلني كلباً عندك؟ سؤال كرره هيربي وكأنه صدى لصوت خالد المتسائل عند طرحه على صاحب المتجر... وضحك الثلاثة....
أتذكر خالد وحديثه عن الكلب وطريقته الشيقة الممتعة بالسرد وأنا أنهي المشاهد الأخيرة من " Marley & Me: Life and Love with the World s Worst Dog" "مارلي و أنا: الحياة والحب مع الكلب الأسوأ في العالم"(2005) وهو موضوع السيرة الذاتية للصحافي جون جروجن وهو يرصد ثلاثة عشر عاما من حياته وحياة أسرته مع الكلب مارلي. فالكلب مارلي الذي أحضراه صغيراً أصبح جزءاً من الأسرة وحياتها، ترافق وجوده مع تشكيلها، وعاش معها بكل تفاصيل حياتها بحلوها ومرها، عاش الكلب أولا مع الزوج والزوجة وكان موجوداً لدى كل ولادة جديدة من الولادات الثلاث في الأسرة اقترب من الصغار وغرز وجهه بأجسادهم الصغيرة ولعب معهم وكانوا جميعهم يكبرون معاً ...وطبعاً مارلي واحداً منهم...اغتاظوا منه مرات عديدة، وفكروا بالتخلص منه وخاصة حين كان يخرب ما يراه أو يفعلها في المكان الخطأ لكنهم كانوا دائما يتعاملون معه على أنه جزءاً من الأسرة نفسها...لقد كان حاضراُ في كل مكان من تفاصيل حياة هذه العائلة بل وفي المقالات الصحفية التي كتبها (الزوج والأب) جون جروجن حيث بالكاد أن يكن هناك مقالاً خالياً من وجود ما يوحي بأن الكلب مارلي يعيش في تفكير كاتب المقال... وهكذا كانوا معاً برغم الحنق والغيظ منه في بعض الأحيان وبرغم الظروف وبرغم ما أطلق عليه الجميع من أنه أسوأ كلب في العالم...فكان صاحبه يكتب عنه بعاطفة ووجدان وكان مارلي ينتقل مع العائلة حيثما انتقلت ويرافقها حيثما ذهبت، كان معهم بمرور السنين وبتعاقب الفصول، كان معهم في الشمس والبحر وعلى الشاطئ وكان معهم في البرد والصقيع والثلج...إلى أن مرض مارلي ومات... بكاه الجميع ووقف صاحبه بالقرب منه يربت على جسده ويمسح رأسه ويهمس بندمه على قول كلمات مسيئة لمارلي في الماضي (مثل أنت أسوأ كلب في العالم) ويقول له لا لست كذلك يا مارلي... ثم دفنوه ورثوه بكلمات نابعة من القلب وبعدها عاشوا على ذكراه....إنه فصل حزين. لن أقارنه بالكلاب التي أراها ميتة على الطرقات ولا من يبالي بها في بلداننا.. بل أتساءل وأنا أقرأ وأرى كيف خلده صاحبه بكتاب، أصبح لاحقاً فيلماً أيضاً: أوليس للكلب مارلي في هذه الدنيا، وفي التاريخ، منزلة أكبر بكثير من تلك التي لم "تتصدق" بها الظروف على الكثير من أبناء بلادي؟



#أكرم_شلغين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لن نكون وقوداً لمن يريد حرق سوريا
- عرف عالمي وسوفتوير عربي (software)
- شكر وتساؤل للأستاذ برهان غليون
- بين الخنوع والتمرد
- في واقع الحريات الدينية في العالم العربي والإسلامي
- أحقاً هو غياب طائفي في معارضة النظام في سوريا!؟
- إنه عبثنا ... لا غدر السنين!
- الفن والأيديولوجيا: أيام الولدنة وبقية الجوائز
- هل لتفاؤل العرب بنتائج الانتخابات الأمريكية ما يبرره؟
- إلى متى يستمر الشعب السوري في الصمت؟
- لا نور في نهاية نفق سنوات الضياع
- إيران في نظر العربي المغبون
- ليت أخوتنا في شمال إفريقيا يعرفون نظام الأسد أكثر!
- أيهما الوحش هنا؟
- في انتظار المنقذ تُضيَّع قضايا الشعب السوري
- السوريون وأمريكا: المصالح والثقة المفقودة
- بعد اللقاء الهزيل لجبهة الخلاص في برلين: أين المعارضة الحقيق ...
- الامتحان السوري الصعب
- هذا الابن من ذلك الأب: سوريا والأسود ما بين حزيران 1967 وحزي ...
- على من تكذب مافيات الأسد؟


المزيد.....




- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أكرم شلغين - كلبهم...ومخلوقنا