أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - في فلسفة الدستور














المزيد.....

في فلسفة الدستور


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 3902 - 2012 / 11 / 5 - 23:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


وثيقة خالصة من صنع البشر لتحديد طبيعة العلاقة وكيفية التعامل بين مؤسسات الدولة الوطنية بعضها بعضاً، وبين الحكام والمحكومين على وجه الخصوص. وعلاوة على رسم الحدود وتوزيع الأدوار بالتوازن الدقيق المانع للترجيح والاستفراد فيما بين سلطات الحكم الثلاثة التنفيذية والتشريعية والقضائية، يهدف الدستور بالأساس إلى حماية الأقلية من جور الأكثرية، وإبعاد المجتمع المدني المحكوم عن القهر والاستغلال الاستعباد من طرف الحكومي الحاكم، وصون الحقوق وضمان الحريات وتأكيد المساواة لجميع المواطنين. وقد ظهرت وثيقة الدستور بشكلهما ومضمونها الحديث مع الدولة الوطنية التي، لأول مرة في التاريخ، قامت على مشاركة جميع المحكومين على أساس المساواة الكاملة بصرف النظر عن الاختلاف في العرق أو لون البشرة أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي في الحكم عبر نواب منتخبين. على هذا، كانت كتابة الدستور ملازمة لفكرتين أساسيتين نشأت وتطورت عليهما الدولة الوطنية: "المواطنة" و"المشاركة".

هكذا تصبح هناك ثلاثة مكونات أساسية لا وجود ولا قيمة على الإطلاق للوثيقة الدستورية من دون توفرها: الدولة الوطنية، المواطنة، والمشاركة. قد كتبت الدساتير بالتزامن مع تشكل وترسخ الدول الوطنية كهياكل سياسية مستقلة ذات سيادة من أرحام الإمبراطوريات المختلفة والخلافات الإسلامية. زمان الدولة المدينة في المدن اليونانية القديمة، والجمهورية ثم الإمبراطورية الرومانية القديمة، والخلافة الراشدة ثم الأموية والعباسية والعثمانية وغيرها، كانت كلها تعتمد تشريعات وتسن قوانين وتخط وثائق وتستنبط شرائع كثيرة للوفاء ببعض من الوظائف والغايات التي تؤديها الوثائق الدستورية الحالية؛ لكنها جميعاً، وبما لا يقبل الشك أو التأويل، لم تكن بأي حال من الأحوال تشكل دساتير فعلية بشكلها ومضمونها الحديث.

الأسباب بسيطة وواضحة جداً. في الدولة الإمبراطورية، كما في الدولة الخلافة بالضبط، لم يكن يوجد مواطنون أصلاً. كان المحكومون، كل المحكومين، رعايا. وثمة فرق شاسع ومخيف بين المرعي والمواطن. المرعي المحكوم لا يستطيع ولا يحق له أن يطالب بالمساواة مع الحاكم، ومن ثم لا يستطيع ولا يحق له أن يشاركه الحكم؛ بينما المواطن، على النقيض، يتمتع بمساواة كاملة من جميع الأوجه مع حكامه تحت الدستور والقانون، ومن ثم لا يشاركهم الحكم فقط، إنما هو أيضاً الذي يأتي بهم في الأصل عبر الانتخابات ويستطيع ويحق له أن يحاسبهم ويسقطهم من مناصبهم. هذه نقطة خلاف كبرى وجوهرية بين المواطنين والرعايا، لدرجة تجعل التعايش المتزامن بين هاتين الفئتين القانونيتين المتناقضتين جوهرياً داخل نفس الحدود السياسية الإمبراطورية أو الوطنية مستبعد وغير معقول، وتجعل التجاور والتبادل والتعامل عسيراً بين الإمبراطورية أو الخلافة الإسلامية من جهة وبين الدولة الوطنية في المقابل، وتصبح إهانة لا تغتفر أن يشبه البعض مواطني الدولة الوطنية اليوم برعية الأمس، حتى لو كانت رعية الخليفة عمر بن الخطاب.

هذه هي الأهداف الرئيسية التي تكتب الدساتير لتنظيمها وحمايتها وتطويرها: (1) الدولة الوطنية المستقلة ذات السيادة التي تعامل جميع أبناءها معاملة المثل تماماً دون أي تمييز من أي نوع؛ (2) المواطنة بكل ما تعنيه من مساواة كاملة بين جميع مواطني الدولة الوطنية بصرف النظر عن الاختلافات في العرق أو لون البشرة أو اللغة أو الدين أو المعتقد أو الرأي؛ (3) مشاركة جميع المواطنين المتساوين في كل الحقوق والواجبات في اختيار ومحاسبة وعزل من ينوبون عنهم في الحكم عبر الآليات الديمقراطية وصناديق الاقتراع.

لا يكتب دستور إلا لدولة وطنية؛ ولا دولة وطنية من دون مواطنة ومشاركة.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلماء الكهنوت
- وكذب القرآنيون-3
- وكذب القرآنيون-2
- وكذب القرآنيون
- الحكمة الإلهية داء العقل العربي
- بالدستور، المصريون المسيحيون يدفعون الجزية للمصريين المسلمين ...
- مشروع دستور لسفك الدماء
- احترسوا من فضلكم، الدستور يرجع إلى الخلف!
- حرية التعبير..وصحافة البورنو
- القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة
- إشكالية الدستور والشريعة
- تعدد الزوجات جريمة
- حرية الاعتقاد مطلقة في مشروع الدستور المصري!
- العاهرة والجنرال على ميزان القيمة
- أسطورة العرب
- من يكون المتطرف؟
- مربع سياسة ومربع دين، أيهما فوق الآخر؟
- نزاع قديم على السيادة بين الآلهة والعامة في مصر
- في معرفة الله...والنص
- أم عزباء أم امرأة عانس؟


المزيد.....




- شاهد ما حدث على الهواء لحظة تفريق مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين ف ...
- احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين تمتد لجميع أنحاء الولا ...
- تشافي هيرنانديز يتراجع عن استقالته وسيبقى مدربًا لبرشلونة لم ...
- الفلسطينيون يواصلون البحث في المقابر الجماعية في خان يونس وا ...
- حملة تطالب نادي الأهلي المصري لمقاطعة رعاية كوكا كولا
- 3.5 مليار دولار.. ما تفاصيل الاستثمارات القطرية بالحليب الجز ...
- جموح خيول ملكية وسط لندن يؤدي لإصابة 4 أشخاص وحالة هلع بين ا ...
- الكاف يعتبر اتحاد العاصمة الجزائري خاسرا أمام نهضة بركان الم ...
- الكويت توقف منح المصريين تأشيرات العمل إلى إشعار آخر.. ما ال ...
- مهمة بلينكن في الصين ليست سهلة


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - في فلسفة الدستور