الإساءة لنبي الإسلام

جميله جمال

الحوار المتمدن-العدد: 3902 - 2012 / 11 / 5 - 16:45
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

أن تحتج المجتمعات العربية الإسلامية على تجسيد صورة النبي محمد بالنسبة لي أمر طبيعي جدا ومفروغ منه نهائيا ولا داعي للجدل حوله وحول هذه النقطة بكل ما تثيره من تساؤلات معقدة وأخرى غير معقدة, وأن تعترض الجماعات الإسلامية على مبدأ معين فيه إساءة لنبي الإسلام فهو عندي أمر طبيعي ومفروغ منه بكل ما بالموضوع من حمية تجاه النبي ولكن السؤال الأكثر تعقيدا هو أن محطات فضائية وأرضية فيما مضى أظهرت صورا لله نفسه وهو يتحدث مع إبراهيم بمنظر ساخر جدا ومضحك للغاية وهذا هو ما أود الإشارة إليه وهو لماذا لم تعترض المجتمعات العربية على كثيرٍ من محطات التلفزة التي أساءت –كما يعتقدون- لله نفسه ولكل الأنبياء؟هل محمد هو أعظم من الله؟إن سؤالي سؤالاٌ منطقيٌ وليس فيه عوج,فمع الافتراض بمراعاة مشاعر المسلمين تجاه نبيهم يجب أيضا أن يراعي المسلمون مشاعر الله وأن يغاروا على الله نفسه كما يغارون على نبيهم,إن تلك التصرفات من المسلمين توحي لنا بأنهم يحترمون محمدا أكثر مما يحترمون الله ويجلونه, وكنتُ وأنا طفل أستمع وأشاهد على (تلفزيون الشرق الأوسط) والذي كان يبث من عندنا في لبنان برنامج كرتوني مصور عن قصص الأنبياء حيث كان يظهر موسى والمسيح وإسحاق ويعقوب وكل الأنبياء في ذلك البرنامج المُعد خصيصا للأطفال عن الكتاب المقدس ولم تعترض كل تلك القنوات على تلك البرامج فلماذا مثلا يقف المسلمون بصمت أمام تجسيد صورة الله وكل الأنبياء؟ لماذا مثلا لم يسجلوا في حياتهم أي اعتراض ولماذا لم تُنضم المسيرات الشعبية للاعتراض على برامج أخرى فيها نوعا ما جرأة كبيرة على الأنبياء والرسل وحتى الله نفسه وعلى ذات الجلالة؟.

ومن المضحك أيضا أنك تستطيع وأنت تمشي في الشارع العربي بأي مدينة عربية سماع صوت بعض الناس يسبون الله ويشتمونه ولكن من الصعوبة أو من النادر جدا أن تستمع منهم لصوت أحدهم وهو يسب محمدا طبعا كل هذا في حالات الغضب وتفريغ الطاقة المشحونة بالغضب.

طبعا قامت الدنيا ولم تقعد حتى اليوم بسبب الإساءة لنبي الإسلام,ولكن تلك المجتمعات نفسها حتى اليوم لم يتحرك لها أي ساكن للاعتراض على كثيرٍ من الأفلام التي أظهرت المسيح وغير المسيح, فمثلا هنالك مسلسل شاهدته أنا شخصيا باللغة الفارسية مترجما إلى العربية يتكلم عن مريم البتول العذراء وعن النبي زكريا وتجسيد صورهم جميعا ولم نسمع أي ردة فعل من قبل المجتمعات العربية حول هذا الموضوع, ومما يدهشنا جميعا أن موضوع الإساءة متوقف فقط على نبي الإسلام وهذه مغالطة شديدة جدا, فحسب القرآن كل الأنبياء والرسل يتمتعون بنفس القيمة والاحترام ولا يوجد أحد أفضل من أحد بل كلهم متساوون بالرتبة وبالفضل وما زاد عليهم نبي الإسلام إلا كونه خاتما للأنبياء وللرسل.

عملية زيادة محمد نفسه على الأنبياء جاءت من داخل الإسلام نفسه من السنة المحمدية التي تجمع بين محمد وبين الله فشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله هي عمليا إقران محمد مع الله وجعله شريكا له وأن الله على حسب زعم الدين الإسلامي نفسه لم يخلق الدنيا إلا من أجل محمد نفسه الذي يظهر اسمه في كل شيء حتى في البطيخ والباتنجان الأسود, هذا البدوي المُقمل الشعر والجائع والعاري بلا حذاء خلق الله كل الدنيا من أجله هو شخصيا ولم يخلقها من أجل الرومان أو اليونان أهل العلم والحضارة, ولم يخلقها أيضا من أجل السريان أو نبي اليهود أو المسيح نفسه, لم يخلق الله الدنيا إلا من أجل محمد هذا الشخص البدوي الذي لا يقرأ ولا يكتب وبنفس الوقت يترك الله الدنيا كلها ويترك العلماء من الرومان ومن اليونان لكي يحب شخصا لم يتعلم بعد الأبجدية والقراءة والكتابة, ما هذه النظرة السطحية وما كل هذه الدعابات وما كل هذا المسخرة وقلة العقل!! أين هي عقول المسلمين الذين يدينون بهذا الولاء الكبير لمحمد وهم جهلاء جدا في كل شيء, لقد لفت انتباهي ذات مرة رجلٌ مسلم يقول: ذهبنا إلى الهند وهنالك التقيت بعالم ذرة هندي برتبة أستاذ دكتور ومما أثار حفيظتي أنني وجدت هذا الشخص يقدس البقرة وعالم آخر أيضا برتبة بروفسور يقدس الفأر ويضعه في جيبه!! فقلت له: على رسلك يا أستاذ هنالك مليون عربي مسلم يحملون شهادات علمية كبرى وبنفس الوقت يبوسون ويقبلون الحجر الأسود ويطوفون حول غرفة مبنية من الحجارة ويركضون ويهرولون هنا وهناك وفي الحج يرمون سبعة حجارة معتقدين أنها ستصيب الشيطان في رأسه وفي فخذه وفي كل أنحاء جسمه علما أنه من بين هؤلاء أطباء عالميون ومهندسون عالميون وعلماء في شتى المجالات ومن كل التخصصات,أليس هذا أيضا مدعاة للسخرية منهم؟ ثم صمت المتحدث ولم يقل كلمة واحدة واحمر وجهه غضبا وبعد ذلك اقتربت منه واعتذرت له عن كوني لا أقصد الإساءة ولكنني أتساءل عن الذي تتساءل أنت عنه وبنفس الطريقة.

تقوم الدنيا في العالم الإسلامي وتقعد بسبب الإساءة إلى نبي الإسلام نفسه ولكن لا تقوم الدنيا ولا تقعد بسبب الإساءة إلى الله نفسه, وهذا مثل شتم الذات الإلهية وشتم رئيس الجمهورية ففي البلدان العربية الذي يشتم الذات الإلهية يطلق سراحه ولا يحاكم بينما الذي يسب فخامة رئيس الجمهورية تقوم الدنيا وتقعد من أجله, إن هذه النظرة نظرة مخجلة إلى العالم الإسلامي كله, فلماذا مثلا يصمت المسلمون على تجسيد صورة الله الرب الخالق ولا يعترضون على الأفلام التي ظهرت في أوروبا وأمريكيا وفيها إساءة إلى بعض الأنبياء بالرغم من أنه من واجب المسلم أن يدافع عن كل الأنبياء والرسل وليس عن نبيٍ واحد وهو محمد.

ثم أن الإسلام نفسه يناهض الشرك وبنفس الوقت يشرك نبيه محمد مع الله في كل شيء حتى في اسمه فهم دائما ما يقولون:لا إله إلا الله محمد رسول الله,وإذا شاهدوا أمرا عجيبا يصلون على النبي كثيرا خشية أن يصاب صاحب العمل بالعين وبالحسد,وهذا أصلا كله شرك في الله.

#جميله_جمال (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل