أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - الحساسون والعقلانيون















المزيد.....

الحساسون والعقلانيون


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3901 - 2012 / 11 / 4 - 20:00
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إذا جئنا إلى المسألة فعلا من ناحية منطقية نجد أن العقلانيين في عالم والحساسين في عالمٍ آجروهما في الأصل عالمان مختلفان عن بعضهما ويكاد كل عالم أن يسخر من العالم الآخر بل ويتبادلون الاتهامات كمن يتبادلون الرشق بالحجارة أو بالأسلحة النارية,ونكادُ أيضا أن نجد بكل عائلة أفراد حساسون جدا فنتصرف معهم بكثيرٍ من الخوف والحذر خشية أن نصيبهم وأن نجرحهم في كبريائهم الذي لا يتحمل الأذى ونكادُ أن نجد في نفس العائلة أفرادا لا يتأثرون بما يجري حولهم وينظرون إلى الحياة بمنطق (إبراغماتي-نفعي) أو عقلاني حتى أنهم يتهكمون من الذين لديهم أحاسيس عالية جدا ويكاد شبحُ اللهو والعبث يسيطر عليهم فيما ينجر الحساسون خلف مشاعرهم فينطوون على جنوبهم وهم يتحسرون ألما وحزنا على هذا العالم الذي يرونه أسود كما ذلك أن هذه الصورة عن العالم الأسود تتكون عندهم من خلال درجة إحساسهم بهذا العالم الذي لا يرحم ولا يسمح لرحمة الخالق بأن تنزل على الأرض,ويتنازل الحساسون عن حقوقهم الشخصية بسرعة بينما يتمسك بها العقلانيون حتى وهم في الرمق الأخير من الحياة, والحساسون متسامحون ومندفعون إلى الحياة بما لديهم من مشاعر فياضة والعقلانيون يندفعون إلى الحياة على حسب الطلب وينظرون إلى الحياة والسياسة والاجتماع بأنها فعلا فن الممكن وليس المستحيل,والمآسي تتكرر كل يوم أمامنا وبصورٍ مختلفة,والعالم ألاّ إرادي والإرادي كله عبارة عن ملهاة وعبارة عن مأساة,ملهاة للذين يفكرون ويتخيلون ويلهون ويغنمون من فرصة العقل حيث يستغلون كل لحظة فيها فائدة بغض النظر عن انعكاساتها على الناس والمجتمع والعالم مأساة للذين يشعرون ويحسون ويتألمون,وكما يقول أحد مفكري الغرب:هوراس وولبون:بأن العالم كله عبارة عن ملهاة للذين يفكرون ومأساة للذين يشعرون، فالذين يشعرون بالحياة ويعيشونها بكل إحساس تجد أنهم متشائمون ويغلبُ على طابعهم الإدمان على النكد والإدمان على المآسي والأحزان والأشجان لأنهم يشعرون بآلام الناس حتى تلك التي تختفي خلف ابتساماتهم وأصوات ضحكاتهم العالية, أما أولئك الذين يفكرون فإن أغلبهم يفكرون بدون إحساس صادق ولديهم موهبة في فن التحليل وقدرة عالية في فن الاستنتاج حتى أنهم يستهزئون بالمشاعر وبالأحاسيس ويرون أنها ضعفٌ خطير في بناء الشخصية, لذلك إذا خرج من هؤلاء القوم مثقف نجده على الأغلب يكتب كتابات ساخرة ومميتة من الضحك,وإذا تقلد منصبا سياسيا نجده يتخذ القرارات وهو يعلم بأن بعضها يمس مشاعر الآخرين وتجعلهم يحزنون ويخرجون عن طورهم, وفي الحالة الأخرى نجد النصف الآخر من البشر عبارة عن كتلة من المشاعر الصادقة والأحاسيس الصادقة ويرفضون التفكير المنطقي ويعيشون بمشاعرهم الرقيقة وبسطاء جدا وحنونين وعاطفيين يبكون من أتفه الأسباب لذلك إذا تتلمذ من هؤلاء تلميذٌ على الثقافة نجد أن معظم كتاباته ذات طابع حزين ويكاد أن يغمى على أحدهم من شدة ما أُوتي من حزنٍ وألم, حتى أولئك الذين يراجعون العيادات النفسية نجد أن أغلبهم لديهم قدرات عالية على الإحساس فنجد أغلبهم يتأثرون بآلام الناس وأحزانهم وبآلامهم هم شخصيا ذلك أن الحياة تؤثر بهم أكثر مما تؤثرُ بالمفكرين,وهذه الفئة الحساسة جدا لا ينفعون للعمل السياسي ذلك أن العمل السياسي لا يتطلب الرحمة وليس به من الأصل أي سلالة من السُلالات العاطفية, فمن الممكن أن يفكر الأغلبية دون أن يتأثروا بالذي يفكرون به ومن الجدير بالذكر أن المفكر في أغلب الأحيان يغير رأيه ويبدله حسب طبيعة المصلحة أو حسب استحقاقات المرحلة التي يعيش فيها, فهؤلاء ينتفعون بفكرهم أكثر مما ينتفع الحساسون بأحاسيسهم والذي يشعر أكثر يتألم أكثر والذي يفكر أكثر يلهو ويسخر ويضحك أكثر.

ومعظم نزلاء المصحات العقلية هم من الفئة التي تشعر وتحس كثيرا ومعظم نزلاء مواقع اللهو واللذة والتذوق هم من المفكرين الذين يعطون كل وقتهم للتفكير ولا يوجد لديهم أي وقت للدموع وللأحاسيس, ومن هذا المنطلق نجد أن أغلبية النساء أيضا من فئة الحساسين اللواتي يشعرن أكثر واللائي يعيشن الحياة بكل ما عندهن من ذوق وإحساس وعواطف جياشة لذلك سلاح المرأة دموعها وسلاح الرجل المنطق ذلك أن أغلبية الرجال وليس جميعهم نجدهم من فئة المفكرين الذين يعيشون الحياة بعقلانية جدا لذلك المرأة يدمرها الحب والحنان والعاطفة والإحساس والرجال يدمرهم غرورهم وجرأتهم وقوة قلوبهم أكثر وكأنهم طواويس تمشي في نهاية فصل الربيع.

وإن معظم الناس رجالا ونساء نجد أنهم نوعين مختلفين نوعاً يعيش بإحساسه ونوعاً آخر أقل كلفة على البدن والأعصاب يعيشون بعقولهم, وكل ما وراء العقل لا يُمكن أن يعتبروا له أي قيمة حتى الدموع والمشاعر الرقيقة يعتبرها المفكرون ضعفا في الشخصية وليست قيمة زائدة تزيد من جمال الإنسان وطبيعة خُلقه الرباني ويعتبرون المشاعر والأحاسيس عبارة عن أوهام غير صادقة, وبالإشادة إلى ذلك نجد أن معظم السياسيين من أولئك الذين يعيشون الحياة بعقلانية وبتروي بعيدا جدا عن العواطف والمشاعر والأحاسيس ومعظم المثقفين من رسامين ومثالين(نحاتين) وشعراء ومغنين وملحنين وكُتاب رواية وقصة نجد كل هؤلاء من فئة الذين يعيشون الحياة بمشاعرهم الرقيقة فلو كانوا عقلانيين لَما أثروا في مشاعر الناس ذلك أن الفن أصلا هو عبارة عن كتلةٍ من المشاعر الكبيرة وقلب الفنان عبارة عن جمهورية من المشاعر والأحاسيس, ومعظم الذين يتمتعون بالعاطفة وبالحنان نجد أن درجات إحساسهم أعلى بكثير من درجات إحساس الإنسان العادي وأنت أيضا يا أيها الذي تقرأ مقالي من المؤكد أنك من أصحاب العقل والتفكير واللهو ومن المحتمل أيضا أنك من أولئك الذين يعيشون الحياة بكل وعي وحس وإدراك, لذلك أنت بعد قراءتك لهذا المقال ستلهو وستسخر من مقالتي هذه أو ستبكي معي كما يبكي معظم الذين لديهم مشاعر رقيقة إذا كنت أصلا حساسا للغاية.

ومع مرور الأيام يطغى جانب اللهو والعقل على الشخصية المفكرة حتى تُنتزعُ من قلبها الرحمة وإلى الأبد مثل أولئك الذين يعملون في المستشفيات بحيث يتألمون في البداية مع المرضى ويشعرون بهم ويبكون معهم لبكائهم ولكنهم مع مرور الأيام تقسوا قلوبهم أكثر فأكثر مع مضي الأيام والشهور والسنين فينظرون إلى الميت كما ينظرون إلى دجاجة تُذبح أمامهم بدون رحمة, أما أولئك الحساسون فإن مشاعرهم تطغى عليهم يوما بعد يوم حتى في نهاية الأمر يصلون إلى طريقٍ مسدود من العقلانية فنجدهم يتصرفون بعواطفهم ويفكرون بمشاعرهم وبمشاعر الناس حتى ينسون العقل نهائيا وفي النهاية يقتلهم إحساسهم وتقتلهم مشاعرهم,ويعتبرون العقل والمنطق ذنبا كبيرا ولا يزنون وزنا للذين لا يفكرون بعواطفهم.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خربشات على جدار الصمت
- اقلب الصورة
- مكالمه تلفونيه
- تفسير عالم ألماني لحلمه
- مشكلتي مع جهاد علاونه
- إلى الصديقة أميره
- أميره ونبيل وأنا
- القراءة والكتابة
- بعد فوات الأوان
- دعوة للمحبة وللسلام
- تعالوا لنحب بعضنا2
- تعالوا لنحب بعضنا
- المساواة على الطريقة التقليدية
- من يشتري مني مكتبتي؟
- من يستطيع تطبيق الإسلام؟
- بيت أبي
- طبيعة العرب
- معاوية بن أبي سفيان
- خيانتي سبب سعادتي
- معجزة جبل أحد


المزيد.....




- عاصفة رملية شديدة تحول سماء مدينة ليبية إلى اللون الأصفر
- واشنطن: سعي إسرائيل لشرعنة مستوطنات في الضفة الغربية -خطير و ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من استهدافه دبابة إسرائيلية في موقع ال ...
- هل أفشلت صواريخ ومسيرات الحوثيين التحالف البحري الأمريكي؟
- اليمن.. انفجار عبوة ناسفة جرفتها السيول يوقع إصابات (فيديو) ...
- أعراض غير اعتيادية للحساسية
- دراجات نارية رباعية الدفع في خدمة المظليين الروس (فيديو)
- مصر.. التحقيقات تكشف تفاصيل اتهام الـ-بلوغر- نادين طارق بنشر ...
- ابتكار -ذكاء اصطناعي سام- لوقف خطر روبوتات الدردشة
- الغارات الجوية الإسرائيلية المكثفة على جنوب لبنان


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - الحساسون والعقلانيون