|
مصالح الدول الكبرى وفشل مهمة الابراهيمي
حسين شيخموس
الحوار المتمدن-العدد: 3900 - 2012 / 11 / 3 - 20:45
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
القوى الكبرى خذلت الشعب السوري ، بسبب الموقف المشين لما يجري في سورية ، ورغم الدمار الهائل الذي حل بالمدن والقصبات السورية ، والشعب مافتئ يصرخ احتجاجا ً في وجه العالم الصامت على ما يحدث مطالبا بالحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية . حقا إن الثورة السورية ، ثورة بركان هائج ضد الديكتاتورية والعبودية ، ثورة لم يحسب لها حساب ، إنها بمثابة زلزال عنيف في أعماق البحار ، فهل هذا الزلزال له عوائق وتبعات وتأثير على الدول المحيطة ، وإذ تجاوزت الحدود السورية لتشمل دول إقليمية أخرى في منطقة الشرق الأوسط ، ومدى تأثير هذه الأزمة على مستقبل المنطقة . يجيب السيد الابراهيمي في هذا الخصوص : إنه لا يريد أن تدرك هذه الدول أنه لا يمكن أن تبقى هذه الأزمة داخل الحدود السورية إلى الأبد ، إما أن تعالج ، أو أنها ستسوء وتنكب وتأكل الأخضر واليابس . وأضاف : ليس هناك من دول تقول : إن ما يجري في سورية يجب أن يستمر ، والجميع يقول إن ما يحصل في سورية خطير ، ويجب أن يتوقف ، لكن كل طرف يحمّل الطرف الآخر مسؤولية مايجري ويجب أن نبحث في كيفية الخروج من الحفرة التي وقعت فيها سورية . لكن السؤال الأهم من هذا وذاك : ماذا يستطيع الأخضر الابراهيمي القيام به لأن مهمته ستفشل كما حدث مع عنان . لا تفاهم ، لا أرضية مشتركة بجمع السلطة مع المعارضة ، هناك ثلاث ركائز رئيسية غير متوافرة في مهمة الابراهيمي ولهذا نصحه أقرب المقربين على أن لا يقوم بالمهمة . لكن بعد التريث وقراءة الابراهيمي لواقع الأزمة السورية أراد أن يصنع المعجزات ويجمع كل الفرقاء ومناقشتهم قبل القيام في هذه المهمة . ما طلبه الابراهيمي في أكثر من مرة يجب التفاهم ، على الدول المعنية بالأزمة السورية والاتفاق في مجلس الأمن الدولي ، لكن قوى المجتمع الدولي التي ساهمت في إفشال مهمة المبعوث الدولي كوفي عنان ، لن تدعم مهمة الابراهيمي ، ومع ذلك قبل النظام السوري مهمة الابراهيمي ، لأن النظام لا يريد البحث عن مخرج للأزمة السورية بقدر ما تريد إطالة الأزمة والتفاوض على قبول المبادرات نظريا ً ، وقتلها عبر المماطلة والتفاوض . فما كان من المبعوث الأممي والعربي أن يضع خطة غير واضحة المعالم بداية انطلاقها من القاهرة عبر تصريحه الشهير : إن مهمتي شبه مستحيلة ، لكن أراد من هذا المستحيل أن يصنع إنجازا ً وخدمة للشعب السوري حسب قوله ل BBC : أشعر بالذعر من نقل مسؤوليتي للناس ، نقول الناس تموت وأنت ماذا ستفعل ؟ ونحن لانفعل الكثير وهذا بحد ذاته ثقل مرعب ، ومع ذلك يجب الوصول إلى عملية سياسية تمكن الشعب السوري من تلبية طموحه ، مشيرا ً إلى الحاجة لإطار سياسي جديد ووضع في سورية لأن التاريخ لايعود إلى الوراء . مع هذا كله فالسيد الابراهيمي لايحمل خطة لحل الأزمة السورية ، لكنه أراد التفاوض مع جميع الفرقاء . الروس يتمنوا للابراهيمي النجاح وكذلك الايرانيين و الامريكان ، وحتى النظام والمعارضة ، اجتماعات الابراهيمي طالت كل الأطراف في الأزمة السورية . لكن هل نجح الابراهيمي بعد كل هذه المباحثات ، والجميع متفق على وضع حد لمأساة الشعب السوري . بداية من الموقف الروسي الصعب ، فالروس وفي بداية الأزمة وحتى كتابة هذه السطور هم جزء من الأزمة االسورية وتفعيلها على أرض الواقع بدعمها النظام الفاشي في سورية ، بعكس عهد الاتحاد السوفييتي عندما كانت موسكو داعم رئيسي لكل الثورات وحركات التحرر في العالم ، لكن موسكو اليوم ليست موسكو عهد السوفييت ، إنها القيصرية بقيادة بوتين تقاوم بشتى الوسائل لتأمين مصالحها الاقتصادية والسياسية والعسكرية في منطقة الشرق الأوسط عوضا عما خسرته في أفغانستان والعراق وليبيا . لهذه الأسباب تتمسك موسكو بالنظام السوري والدفاع عنه على أساس أنه نظام استقرار في المنطقة ومدافع عن حقوق الأقليات كما جاء على لسان وزير خارجيتها " لافروف" لصحيفة " روسيسكايا غازيتا" الروسية : إن بشار الأسد يعد شخصية تضمن أمن الأقليات التي تقطن سورية ، بما في ذلك المسيحيون وعدم السماح بأن تتحول سورية إلى دولة لا يمكن للأقليات أن تعيش فيها . ومن جهة أخرى تفاوض مع الغرب على مصالحها الاقتصادية والأمنية مثل الدرع الصاروخي والعلاقة مع ايران ، لكنهم ، أي الروس يؤكدون وعلى لسان لافروف إن إسقاط الرئيس الأسد بالقوة يعني سيزيد حمام الدم ، وهنا يتحدث لافروف عن النظام السوري كأنه الناطق الرسمي باسم الحكومة السورية . جملة من الأسباب تتمسك روسيا بها لتمرير مصالحها في الشرق الأوسط من جهة ، ومع الغرب من جهة أخرى . المعادلة الثانية التي تتبع الموقف الروسي من حيث المصالح والصعود السياسي في الحلبة الدولية هو الموقف الصيني ، فالصين في يوم من الأيام لم تكن الدولة اللاعبة دوليا ً أو إقليميا في المسائل السياسية بعكس الروس ولكنهم يريدون الصعود وتسلق السلم في مرة واحدة ، من خلال الأزمة السورية ، لاعتباراتها وإظهارها بمظهر قوى عظمى ، والحفاظ على مصالحها الاستراتيجية والاقتصادية ، وتوسيع تحالفاتها الدولية عبر بوابة روسيا وايران ، وموقفها في مجلس الأمن الدولي واستقبالها للمعارضة السورية أكثر من مرة ، والمبعوث الدولي الابراهيمي وطرحها مبادرة من أربع نقاط تتجاهل الأسد وتتناول المرحلة الانتقالية من سورية . الموقف الأمريكي المرتبط بشكل مباشر مع الموقف الاسرائيلي ، حيث أن موقف أمريكا ضبابي من الأزمة السورية ، إنها تريد معارضة على مقاسها وتفصيلا مع مصالحها ، ومصالح حليفتها إسرائيل . المواقف الأمريكية من المعارضة السورية وتشتتها جعلت من هذه المعارضة جسدا بلا روح لعدم إثباتها وجديتها في دعم المعرضة السورية . المجتمع الدولي هو الذي فتح المجال أمام المنظمات المتطرفة منها والراديكالية الإسلامية التغلغل في الثورة السورية ، لعدم معالجتها للأزمة ، وعدم دعم المعارضة العلمانية والجيش الحر بما فيه الكفاية . فالمجتمع الدولي هو المسؤول الأول في إفشال مهمة عنان ، وكذلك إفشال مهمة الأخضر الابراهيمي لأن الروس والصينيين مصممان على دعم النظام الفاشي في سورية ومنع أي تدخل عسكري ، وعرقلة أية جهود في مجلس الأمن الدولي . من المؤلم سفك الدماء وقتل الأبرياء سيستمر في سورية ، والوقت ليس لمصلحة الثورة السورية ولا الشعب السوري ، ولا خيارات أمام هذا الشعب إلا مقاومة الآلة العسكرية للنظام الفاشي دفاعا ً عن النفس ، وهو بانتظار حلول من مجلس الأمن الدولي ومبعوث جديد إلى سورية التي تحولت إلى ساحة صراع للدول العظمى والإقليمية .
#حسين_شيخموس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أطفال سورية والذئب
المزيد.....
-
ما هي صفقة الصواريخ التي أرسلتها أمريكا لأوكرانيا سرا بعد أش
...
-
الرئيس الموريتاني يترشح لولاية رئاسية ثانية وأخيرة -تلبية لن
...
-
واشنطن تستأنف مساعداتها العسكرية لأوكرانيا بعد شهور من التوق
...
-
شهداء بقصف إسرائيلي 3 منازل في رفح واحتدام المعارك وسط غزة
-
إعلام إسرائيلي: مجلسا الحرب والكابينت يناقشان اليوم بنود صفق
...
-
روسيا تعلن عن اتفاق مع أوكرانيا لتبادل أطفال
-
قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا
...
-
أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق
...
-
الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي
...
-
موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|