أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عنان عكروتي - هل يمكن التخلص من ما يحيط بالنص و عزله عن لحظة كتابته؟؟ قراءة في قصيدة مختار المريري ( قليل مني .. ) // بقلم عنان عكروتي















المزيد.....

هل يمكن التخلص من ما يحيط بالنص و عزله عن لحظة كتابته؟؟ قراءة في قصيدة مختار المريري ( قليل مني .. ) // بقلم عنان عكروتي


عنان عكروتي

الحوار المتمدن-العدد: 3900 - 2012 / 11 / 3 - 12:12
المحور: الادب والفن
    


ان اخضاع النسق الشعري لارادة الشاعر ظاهرة صحية بالرجوع الى ما نملك اليوم من أدوات ومصطلحات تنصب في تفهم النص، وكل دارس للنص يتعامل معه وفق رؤاه ومنطلقاته التي يتعامل معها.و بايجاز محاولة دمج الواقع الشائك واستدراجه لتحقيق مآرب النص.من هذا المفهوم سنحاول سبر أغوار قصيدةالشاعر مختار المريري ( الشاهي الأحمر ) ، ومختار هو نموذج من الشعراء اليمنيين الشباب الذين ولدوا في زمن الردة و الانحدار العربي في أسوء مراحله ، وعايشوا الثورة الشبابية اليمنية وكانوا فاعلين فيها. فلم يكن الشعر بالنسبة لهم مجرد ممارسة يومية باعتبار أن أغلب اليمنيين يقولون الشعر بل كان واجهة حقيقية لما يؤمنون به من حتمية التغيير و الثورة على السائد وبناء الدولة الجديدة بعيدا عن القبلية والطائفية الدينية والعرقية . ورغم المشاركة بالفعل الا أن الاحساس بالغربة والاغتراب لا يفارقان الشباب الثوري وبالخصوص شاعرنا .وهنا أعود لأقول مرة أخرى أن افرازات اللحظة فاعلة في صيرورة القصيدة ، ومن الخطأ التخلص من ما يحيط بالنص و لحظة كتابته وعزله عن كل الواقع الذي أثر في أحداثه.
ننطلق في القصيدة وننبش ما بين سطورها لنتأكد من قولنا السابق
أحياناً
أشعر بالخبزو بالشاهي الأحمر
وبلحظة أمنٍ خائفةٍ لم تنضج بعد
وقليلٍ مني
وبقايا حُلْمٍ
في منديل الذكرى مختبئاً
يروي سيرة نصف نبوءة
وقصيدةِ شعرٍ ضامئةٍ تمحو بعضاً من أسماء الآهِ الحُسنى
فأحس بأن هنالك
خلف حنين الأشلاء بلادا تنمو
مثل صلاة البرزخ في أعماق شجون الوقت
وداخل أفئدة الأقدار
قادمة من أرق الشعر المؤمن
من أوردة الصبح المفتوحة
( من سفر مُضنٍ)
يتلو معجزة كبرى
أنت، وهي وأنا
يخلق وطناً براً يعبدنا
يستغفرنا ويتوب إلينا
كل جنون الوقت الممتد من الهذيان
إلى أقصى أرصفة النسيان
ان التمعن في هذه السطور يجعلنا نتحسس حرية شعرية جديدة غير معزولة عن الواقع المرير للمواطن العربي عامة واليمني بصفة خاصة،و من الظروري أيضا الربط بين تزامن اللحظة الشعرية وبين الخيبات اليومية التي تشرق بها صباحاتنا مشرقا ومغربا. وهنا نلاحظ تمكن كبير من الشاعر و امساكه بمجاديف النص و التحكم في وجهته رغم العواصف التي تلوح في الأفق و رغم الريح المعاكسة .كما نقرأ أن هواجس الوطن تسكنه (أحياناً /أشعر بالخبزو بالشاهي الأحمر /وبلحظة أمنٍ خائفةٍ لم تنضج بعد /وقليلٍ مني /وبقايا حُلْمٍ /في منديل الذكرى مختبئاً /يروي سيرة نصف نبوءة )
لا تبكِ... فقد مَلَّكَ هذا الحزنُ
أصبحت شعورا مُراً في رحلته
ونزيفاً
أنساه غباء البرد
وآلهة الأكفان
يا غدنا الأعرج
أما بعد:
هل أستطيع العودة لحناً
دون نحيب الظل
على قارعة الخيبات
دون شعور العشب بغربته الثكلى
دون أنين يسرق
دفتر يوميات الكأس
المسكون بأسمائي وصفاتي
لأن كل سطر من سطور النص ،حالة تحول داخل الومضة الشعرية تصعد معها التراكمات الجمالية و الغمزات الشعرية وهي نتاج افرازات اللحظة في صيرورة القصيدة فان اللغة المعزوفة امتازت بالرشاقة و الايجاز و أخضعت كل تلك الأحاسيس بكلمات قليلة أوجزت كل المضامين و مزجت البعدين الذاتي و الوطني في سياق تناغمي يجعلهما يتوحدان في كيان لا يعرف النشاز.و الشاعر قد أفلح في اقحام الاطار الموضوعي الخارجي الذي هو صراع الثوار مع أعداء الثورة مع مكنوناته الذاتية المتمثلة في تعطشه الى الآخر سواء الأنثى أو الوطن و افتقاده لتوازن نفسي بحاجة اليه فكان أن امتزج الأسى بالاحباط في سمفونية متفردة رغم وجعها و أساها الكبير.
يا وطني الشاهق والباسق
في الأشجان جراحاً ونشيداً
أما قبل:
لا تقصص رؤياك على إخوتك الحمقى
لا أحد يليق بحزن الله عليه سواك.
كم نحتاج إلآهاً يتوزع في أعماق رصاص المحترق الظل
المسكون بحُمى العدم الأزلي
لتعيد صياغة هذا العمر
بأوراق أخرى
غير سياط الريح
عساك تؤجل نفخ الصور
ويوم العرض الأكبر
في ميدان القلب لخارطة الأنات
ان اقحام الواقع الشائك و استدراجه لتحقيق مآرب النص هو قطرة ضوء تنكسف فيها الرذاذات النصية ازاء آليات الوعي بالنسبة لتجاوز مرحلة الخيبة و الهزيمة داخل النص، وهي لحظة تبحث عن تشكلها في سياق الأصل و بايجاز فاننا نتحسس حرية شعرية جديدة تضيف الكثير الى روح شاعرنا وتجربته الذاتية و كان اقحام الطبيعة جزء من هذا التنفس. كما لا يفوتنا الاشارة الى أن الطبيعة اليمنية طبيعة شاعرية بالأساس ، فاليمني يعبر عن أفكاره بألفاظ ومصطلحات ذات مضامين أخلاقية سهلة لا فلسفية معقدة. وهنا لما يقول شاعرنا (لا أحد يليق بحزن الله عليه سواك/كم نحتاج الاها يتوزع في أعماق رصاص محترق الظل ) استعارة مجازية لكلمة اله في سياق أخلاقي و ليس فلسفي وهي ظاهرة جديدة ناتجةعن تطور الشعر العربي الحديث وانهيار الأنساق التقليدية .
ها نحن نُقِّر
بأن يكفينا نكهة وطن حُرٍ
وسرير للشعر المتعب والغرباء
كي نشعر بالتخمة مثل الغير
يكفينا أن نخلق نصف بلادٍ
نصف رغيفٍ يومي
نصف شعور بالكأس
وبالشعر
وبالإنسان
ما زلنا بأمس الحاجة
يا سيدنا في غبش العمر إلى الإيمان
بأدمعنا
ولهيب الساحة والشهداء
لإعادة تأهيل الحُلمِ
وترتيب الأوجاع كما شئنا
دون تفاصيل الجيران.
ان القاموس اللغوي لشاعرنا ثري فكريا وجماليا و متنوع كثيرا مما جعله يسيطر على لغة القصيدة و تراكيبها و بنيتها المتنوعة . فكان النص مصدرا للادهاش بصوره المجازية و البلاغية و الايحائية العميقة وجسد تشكيلا شعريا ساهم بالارتقاء بالنص و تأثيره في المتلقي. و ظل الوطن حلما يراود الشاعر و المناضلين و الثورة تضيء هذا الحلم وتقود هذا الوعي و الكل ينتظر تحقيق هذا الهدف و هم يتأرجحون بين الهزيمة و النصر و لا يكلون.
القصيدة مليئة بالرموز والاشارات و الايماءات التي لا تكشف عن نفسها مباشرة ، وانما تحتاج الى نفس عميق في القراءة لاستلهام مكنوناتها و سبر أغوارها ومتابعة نسقها و سياقاتها. وباختصار فان الشاعر رسم صورة للاحباط الذي نعيشه بعد أن تخيلنا أننا أنجزنا ثوراتنا و طردنا للذين كبلوننا طويلا , لكن أفقنا على كابوس أكثر ألما و عدوا أشد شراسة و قمعا مما كنا نعتقد ، التف على جميع أحلامنا و أحالها في لحظة الى خراب و دمار ، فابتدأ صراعنا الجديد و بحثنا عن الوطن من منفانا الذي أرسلونا اليه.



#عنان_عكروتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وقفة طلالية
- أيها الضوء الشارد
- اعلان في النشرة
- كيف نبني جسرا بين الشعر و الناس؟
- قراءة في نص فارس البيل ’’هي الصبح’’ ((هواجس الكتابة و ممارسة ...
- ترنيمة عشتار
- اقرأ
- أما بعد
- (( ملل ))
- (متيمٌ بين أشعاره)
- زمن الميلاد
- أحبك أكثر
- (( قراءة في قصيدة :شايلوك و لحم التائب للدكتور هشام المعلم
- من أنت ؟؟..
- صرخة
- ( أحبك )
- قراءة في نص عمار الجنيد ( كيف أخرج من جسدالذئب )
- دراسة تحليلية لنص : جدلية الماضي بالحاضر في شعر سماح شلبي // ...
- (( الذكريات العنيدة ))
- الى هناك


المزيد.....




- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عنان عكروتي - هل يمكن التخلص من ما يحيط بالنص و عزله عن لحظة كتابته؟؟ قراءة في قصيدة مختار المريري ( قليل مني .. ) // بقلم عنان عكروتي