أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نورالدين علوش - حوار خاص مع الاكاديمي المغربي الدكتور عبد الحي ازرقان















المزيد.....

حوار خاص مع الاكاديمي المغربي الدكتور عبد الحي ازرقان


نورالدين علوش

الحوار المتمدن-العدد: 3899 - 2012 / 11 / 2 - 15:17
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


حوار خاص مع الأكاديمي المغربي الدكتور عبد الحي ازرقان
اجرى الحوار نورالدين علوش

مرحبا بكم على هذا الموقع

س. بداية من هو الدكتور عبد الحي أزرقان؟
ج. شكرا الأخ نور الدين علوش على الدعوة للمشاركة في مجلتكم الإلكترونية وعلى السماح لي بالتعبير عن بعض الأفكار ذات الصلة بالفلسفة بشكل عام وبواقعها في العالم العربي.
عبدالحي أزرقان من مواليد الريف وبالضبط مدينة الحسيمة التي تابع بها دراسته في المرحلتين الابتدائية والثانوية. حصل على الإجازة في الفلسفة من كلية الآداب ظهر المهراز بفاس، وعلى دكتوراه السلك الثالث من جامعة السوربون (باريسI) ثم دكتوراه الدولة من كلية الآداب الرباط. التحق بهيئة التدريس خلال السنة الجامعية 1982ــ1983 ولا يزال ينتمي إلى هذه الهيئة بكلية الآداب ظهر المهراز باعتباره أستاذا للفلسفة الحديثة والمعاصرة.
عضو في هيئات للبحث على المستوى الوطني والدولي، مكلف بمجموعة من المسؤوليات التربوية داخل المؤسسة الأصلية وخارجها. نشر مقالات متعددة في مجال التخصص وفي مجال الفكر بشكل عام. ترجم بعض الكتب من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية.
منخرط في العمل النقابي والسياسي منذ التحاقه بالجامعة باعتباره طالبا.

س. تشتغلون كثيرا على مفاهيم وإشكالات الفلسفة الحديثة، فما هي مبررات ودواعي هذا الاهتمام؟
يرجع الاهتمام بالعصر الحديث، في الحقيقة، إلى تأثير مقررات المرحلة الثانوية حيث كانت تشمل مؤلفات كثير من المفكرين الفرنسيين المؤسسين للحداثة والممثلين لفكر الأنوار. لقد كان لهذا المقرر دوره في اختيار شعبة الفلسفة عند التحاقي بالجامعة وميلي إلى الحقبة الحديثة منها فيما بعد عند إقبالي على التخصص. أنتمي شخصيا إلى جيل كان يربط الإنسان بالمستقبل، ويحدد معنى الحياة بالانفتاح على ما ينبغي أن يكونه أو يمكن أن يكونه في المستقبل. كانت الحياة بالنسبة لجيلي تمثل الانفتاح والإبداع والبناء والصيرورة والتطور والتحرر. كل هذه المفاهيم تحتل طبعا مكانة أساسية في الفلسفة الحديثة والمعاصرة. لهذا كان الاهتمام بالمفاهيم والإشكالات التي تنطوي عليها هذه الأخيرة بمثابة سند لقناعات جيل بأكمله يريد تحقيق ذاته عبر الانخراط في التوجه العام الذي فرضه ما يسمى بالمرحلة الحديثة.
لا أعتقد أن الباحث في العلوم الإنسانية سيتمكن من اقتحام مجاله إن لم يستوعب المفاهيم الحديثة المعتمدة في هذا الحقل المعرفي، بل إن لم ينفتح على المفاهيم الأساسية في حقول معرفية أخرى غير حقله هو. يصدق هذا على الفلسفة ولكنه يصدق أيضا على الأدب والتاريخ واللسانيات وعلم النفس وعلم الاجتماع والاقتصاد والسياسة...الخ. أكيد أن كثيرا من المفاهيم الفلسفية الحديثة تنتمي إلى عصور قديمة جدا، غير أن حمولتها ومدلولها الحاليين مختلفين تماما عما كانا عليه من قبل. لا أعتقد أن معنى مفهوم الحرية مثلا في الفكر المعاصر يتطابق مع المعنى الذي أخذه في الفلسفة الوسيطية وحتى في الفلسفة اليونانية. لا يكفي أن يرد مفهوم ما في ثقافة ما، أو في مرحلة تاريخية معينة حتى نستنتج الاهتمام الواحد والأهمية الواحدة والتوظيفات الواحدة والانعكاسات الواحدة لهذا المفهوم في تلك الثقافة أو في تلك المرحلة التاريخية مع ما هو قائم في المرحلة الحديثة. يصدق هذا الاختلاف على المفاهيم المعتمدة أيضا فيما يسمى بالعلوم الدقيقة. لا أظن أن مفاهيم مثل المادة أو الضوء أو الحرارة أو الامتداد تفيد الشيء نفسه لدى الفيزيائي القديم والفيزيائي الحديث، أو إن التوظيف واحد لديهما معا.
وإن كنا مضطرين للاشتغال على المفهوم قصد تدقيقه وتطويره فذلك لأن المفهوم يعتبر وسيلة لاقتحام مجال معين وفهمه. إننا نفكر بواسطة المفاهيم، ونعرف عبر المفاهيم ونضمن نجاح عملنا أيضا عبر المفاهيم.

س. ظهرت نظريات فلسفية جديدة في الغرب تحاول تحيين الفلسفة الكانطية أمثال هبرماس وراولز، فما موقع كانط في المشهد الفلسفي المعاصر؟
هناك بكل تأكيد اهتمام مستمر بكانط عبر تاريخ الفلسفة الحديثة. وكانت أبرز محطة في هذا الاهتمام تلك المسماة بالكانطية الجديدة بشقيها المعرفي والوجودي في بداية القرن العشرين. أعتقد أن ما يميز الرجوع إلى كانط منذ النصف الثاني من القرن الماضي هو إثارة جانب من فكره لم يشغل اهتمام الدارسين والفلاسفة السابقين (إذا ما استثنينا هيجل)، وأقصد الجانب السياسي في فكره.ولا شك أن حنا أراندت لعبت الدور الكبير في هذا الإحياء. هناك فكرتان في نظري ساهمتا بشكل كبير في إحياء كانط على هذا المستوى وفي هذا المجال. تكمن الأولى في كون كانط هو الفيلسوف الحديث المدافع عن انفلات اللامتناهي من دائرة القدرة الإنسانية الفكرية والعملية. ينبغي أن يتحلى الإنسان، حسب كانط، بالحذر ويتجنب بعض الأوهام حينما يعتزم الحصول على الحقيقة، أو حينما يسعى إلى تحقيق الخير. ذلك لأن تناهي الكائن الإنساني يحرمه من تحقيق هاتين القيمتين في شكلهما اللامتناهي. يمكن القول إن العودة إلى كانط تمت نتيجة النقد اللاذع للفكر الجدلي في شقيه الهيجلي والماركسي معا خاصة وأن هذا الفكر عرف تحققا واسعا على المستوى العملي في القرن العشرين، وأدى، في نظر كثير من المفكرين، إلى كوارث إنسانية كبيرة جدا توجت على المستوى السياسي بما سمي بظاهرة الكليانية. لنتذكر أن الحملة التي شنها هيجل على كانط منذ البداية وفي معظم كتاباته قامت على رفضه لتركيز فيلسوف النقد على كون العقل الإنساني محدود وغير قادر على الخوض في اللامتناهي بشكل إيجابي. لقد كانت معركة هيجل مع الكانطية هي إعادة الاعتبار للامتناهي والتأكيد على إمكانية تحققه، بل ضرورة تحققه. ولم تعمل الماركسية في هذا الإطار سوى على الاكتفاء بما قامت به تجاه الفكر الجدلي بشكل عام، أي العمل على قلبه ليصبح سائرا على القدمين بدل الاستمرار من السير على الرأس. والأكثر من هذا فإن الماركسية منحت الفكر الجدلي أدوات التنفيذ ليعمل اللامتناهي على أن يصير حقيقة فعلية ومتناهية.
يتعلق الأمر هنا بنقطة أساسية لعبت دورها في الرجوع من جديد إلى كانط خلال النصف الثاني من القرن العشرين. ولكن هناك عناصر كثيرة تجعل فلسفة كانط في نهاية المطاف تفرض نفسها باستمرار على المهتم بالفكر الفلسفي أكثر من غيرها رغم أن كانط يؤكد على تعلم طريقة التفلسف بدل اللجوء إلى تعلم فلسفة معينة. لنتذكر قوله الشهير:"ليست هناك فلسفة ينبغي تعلمها وإنما ينبغي أن نتعلم كيف نتفلسف". أقدم هنا بعض النقاط التي تجعل كانط حاضرا باستمرار، أو ممكن التحيين حسب التعبير الذي جاء في السؤال.
كيف يمكن الاستغناء عن كانط وهو الفيلسوف الذي طرح الأسئلة الشهيرة، أسئلة ستظل "راهنية" وأساسية بالنسبة لكل إنسان ممارس للفكر الفلسفي، ولم لا لكل ممارس للفكر بشكل عام؟ لنذكر بتلك الأسئلة. ما الذي أستطيع معرفته؟ ما الذي ينبغي على فعله؟ ما الذي يمكنني ترجيه؟ ما الإنسان؟
ثم كيف يمكن ألا نستحضر كانط وهو الفيلسوف الذي انتبه إلى أهمية التفكير في شروط السلم الدائم وسط الإنسانية بشكل عام وليس فقط داخل الإطار الضيق الوطن الواحد أو الدولة الواحدة؟ وكلنا يعلم المكانة التي يشغلها حاليا هذا الموضوع على مستوى السياسية الدولية. إنه مصدر كل الشرور الإنسان المعاصر، خاصة إنسان ما يسمى بالعالم الثالث. وتكمن أهمية كانط في كون طرحه لهذا الموضوع تم مرة أخرى من زاوية الإمكان.

س. كيف تفاعل الفكر العربي الحديث والمعاصر مع الفلسفة النقدية الكانطية؟
هناك بعض الاجتهادات العربية التي تحاول تحيين فكر كانط أمثال الدكتورة أم الزين المسكيني في كتابها من أجل كانط راهنا فكيف يمكن تحيين فلسفته؟
سؤال صعب في الحقيقة. فكما تعلم إن الاستمرار في الكلام عن الفكر العربي المعاصر دون التجرؤ على استعمال مصطلح الفلسفة العربية ينطوي على إشكال ويدفع إلى طرح السؤال التالي: لماذا لا نستعمل الفلسفة العربية المعاصرة كما نستعمل الفلسفة العربية الإسلامية القديمة؟ لا نتردد بتاتا في قول الفيلسوف ابن سينا والفرابي وابن رشد وابن حزم وابن باجة.....الخ ولكننا لا نجرأ على قول الفيلسوف محمد عبده، أو الفيلسوف جمال الدين الأفعاني، أو الفيلسوف الجابري أو الفيلسوف أركون أو الفيلسوف حسن حنفي أو...الخ؟
هناك من المهتمين بالفكر الفلسفي الذين ذهبوا إلى التصريح باقتدائهم بكانط في اهتماماتهم الفكرية خاصة الأستاذين محمد عابد الجابري ومحمد أركون. لقد كانا يؤكدان معا على نقد العقل العربي، وكتبا في الموضوع كتبا بأكملها في مجالات متعددة: الأخلاق والسياسة والدين ...الخ. ولكن إلى أي حد كان الجابري وأركون كانطيين؟ الجواب ولكل الأسف سلبي. لقد اهتم كانط بتقد العقل الخالص النظري والعملي معا. أكيد أن ما دفعه إلى ممارسة هذا النقد هو المعرفة الفعلية المجسمة وسط مجتمعه وتاريخه ولكن سهم النقد وجه نحو العقل الإنساني المحض الشمولي، ذلك لأن العقل المحض هو السبيل إلى الشمولية والضرورة.
أعتقد أن هذا البعد هو الذي ينقص الفكر العربي إلى حد الآن وأقصد بعد الشمولية. إن ممارسة الفكر واقتحام الحقل الفلسفي يستدعيان تبني بعد الشمولية، أي التفكير في الموضوع الشاغل لاهتمامنا من الزاوية الإنسانية وليس من الزاوية الوطنية أو القومية أو الثقافية أو الدينية حتى وإن كان هم المفكر وانشغاله ذاتيين وفردين وخصوصيين.
تترتب عن التفكير بطريقة شمولية مسألة أساسية في الفلسفة تبناها كانط بدوره وبشكل كبير وعميق ألا وهي أنْسَنَةُ المعرفة أولا ثم أنسنة الفعل الإنساني بشكل عام. هل في استطاعة المفكر العربي أن يسير في هذا الاتجاه؟ هل يسمح المجتمع العربي لأفراده التفكير بهذه الطريقة؟ أعتقد أن الجواب سيكون بالنفي مرة أخرى. يغرينا الفكر الفلسفي لأننا شعوب أكثر قربا من الشعوب المتفلسفة جغرافيا، ولكنه ينفرنا لأننا أكثر الشعوب بعدا عن أسس الفكر الفلسفي ثقافيا. أسمح لنفسي القول بأسف شديد، ومع الاعتذار لزملائي: تنتمي الفلسفة بالنسبة للمهتم العربي إلى "مجال الترجي" ولن يتجاوز المفكر العربي في إطارها إطار الهواية والترف. لنتذكر أن المجتمع الغربي لم يصبح مجتمعا فلسفيا بالمعنى القوي للكلمة إلا بعد مرور أكثر من عشرين قرنا على نشأة الفلسفة. أضف إلى هذا أن المسألة لم تتم إلا بعد تضحيات كثيرة، وأحيانا ذات ثمن باهض. أما نحن المتشبعون بالثقافة العربية فإننا نتبنى كثيرا النقل والترجمة في مجال يقوم أساسا على الإبداع والاعتماد على الذات والتضحية ومحاربة النمطية. أعتقد أننا لا نقدر دور الزمن وثقل التاريخ، وربما لا نولي الاهتمام لمسأله الوزن بشكل عام داخل الأنشطة الأنسانية.


الجزء الثاني
س: باعتباركم من مسؤولي مجلة مدارات فلسفية حدثنا عن سياق التأسيس والمسار.
جاء تأسيس مجلة مدارات فلسفية نتيجة تأسيس الجمعية الفلسفية المغربية حتى يتمكن مكتب هذه الأخيرة من نشر مختلف المداخلات التي كانت تتم في إطار الندوات التي ينظمها باسم الجمعية، وكذلك السماح للمهتمين بالفكر الفلسفي من إيجاد منبر يقدمون عبره اجتهاداتهم وإنتاجهم. كانت المجلة ذات هدف تشجيعي لأعضاء الجمعية وللمشتغلين بالفلسفة بشكل عام. كما كان الهدف أيضا وبالأساس هو إخراج الفلسفة من المدرجات إلى المجتمع حتى تسند إليها وظيفة المساهمة في نشر الفكر وتطوير الثقافة وسط المجتمع. ولن يفوتني هنا أن أثير الحماس الذي اشتغل به الفريق المؤسس للجمعية وبالخصوص أستاذنا الجليل محمد سبيلا الذي نتمنى له دوام الصحة وطول العمر حتى يستمر في أداء دوره النبيل: ترسيخ الفكر الفلسفي وسط الثقافة المغربية. لقد قاد الأستاذ محمد سبيلا مبادرة التأسيس وسهر فيما بعد على توفير شروط استمرار صدور المجلة. لقد اتضح، بعد حصول تجديد مكتب الجمعية الذي يشكل في الوقت ذاته هيئة تحرير المجلة، الدور الحاسم الذي كان يؤديه الأستاذ سبيلا لاستمرار حياة الجمعية وحياة المجلة.
س. ماذا أضافت لكم مجلة أوراق فلسفية؟
لم تضف لي شخصيا هذه المجلة بالنسبة شيئا ما غير تمكيني من نشر ترجمة نص لدولوز "في الغرائز والمؤسسات"، نص امتنعت مجلة مغربية عن نشره بدون تقديم أي مبرر. كما أنها لم تضف أي شيء للجمعية الفلسفية المغربية. لقد نسق مسؤول أوراق فلسفية مع أحد الزملاء عضو في مكتب الجمعية الفلسفية المغربية لتخصيص عدد من أعدادها للأقلام الفلسفية المغربية وتوقف الأمر عند صدور ذاك العدد.
س. ما هي العوائق الذاتية والموضوعية التي تعترض مسيرة مجلتكم الغراء؟
يصعب علي التعرض للعوائق الذاتية لأنها مرتبطة بالمكتب المسير للجمعية والمشرف على المجلة ويصعب علي شخصيا رصدها لأني ألتقي ببعضهم فقط، وفي مناسبات محدودة. سنعرف التفاصيل يوم تجديد المكتب. أما العوامل الموضوعية فهي واضحة وتتوزع بين المادة الفكرية والمادة النقدية. لم يعد سهلا الحصول على مقالات فلسفية للنشر ولم يعد سهلا أيضا الحصول على الميزانية الضرورية للطبع. الوزير الوحيد الذي دعم المجلة ماديا ،حسب علمي،هو محمد الأشعري.
س. لماذا تنعدم المجلات الفلسفية في العالم العربي مقابل تكاثر المجلات الأدبية والثقافية؟
ج. أود، قبل البدء في الجواب عن السؤال، الإشارة إلى أني سأركز على الشق الأول من السؤال لكوني لم أول اهتماما أبدا إلى الشق الثاني منه، ولا أريد الإدلاء بمجرد رأي في موضوع يستحق التحليل العميق والإلمام الشامل.
أعتقد أن جزء من الجواب قدمته أعلاه فيما قلته عن حضور كانط في العالم العربي. لم يتوصل الفكر الفلسفي بعد إلى أن يصبح تقليدا داخل المجتمع العربي ويشكل ولو جزء من هويته الفكرية. هذا بالإضافة إلى أن الفكر الفلسفي يعتبر نخبويا بامتياز، يقتضي الحصول على تكوين متين مع التحلي بإمكانية أخذ المسافة عن القناعات الشخصية كيفما كانت طبيعتها. يقتضي الفكر الفلسفي الاشتغال المستمر على الذات، أي التمرن على الفردية بمعنى التمرن على المسؤولية والمحاسبة والاستقلالية (autonomie) والاحترام والتقدير. طبعا يطمح الفيلسوف عبر دفاعه عن فكره وعن الفلسفة إلى أن تكون هذه القاعدة هي القاعدة التي يتبناها المجتمع بكامله في التنظيم الذي يعتمده. يطمح إلى أن تتبنى التربية المعتمدة داخل المجتمع مثل هذه القاعدة حتى ينبثق التنظيم المجتمعي من الأفراد أنفسهم بعيدا عن وسائل التخويف والترهيب والعقاب. يسعى الفكر الفلسفي إلى تنظيم الحرية انطلاقا من الحرية واعتمادا على الحرية. وما أبعد المجتمع العربي عن مثل هذا المبدأ، بل إن نظامه قائم على محاربة هذا المبدأ، إن لم أقل على وأده. يذكر التاريخ أن المجتمع الجاهلي عرف وأد الأنثى بشكل اعتباطي، وسيشهد التاريخ نفسه أن المجتمع العربي الحديث يمارس، للأسف الشديد، وأد الحرية بشكل آلي.
لقد أدت هذه الممارسة إلى الحصار الدائم للفلسفة في العالم العربي بمختلف بلدانه. أكيد أن هناك تفاوتا فيما يتصل بهذا الحصار ولكنه حاضر بشكل كبير وعميق. هناك دول عربية تحارب الفكر الفلسفي علانية وترفض إدراج هذه المادة في مقرراتها المدرسية والجامعية. فحتى المغرب الذي يعرف انفتاحا كبيرا على المستوى الفكري ويتميز عن أغلبية الدول العربية بضمانه حرية التعبير ظل لمدة طويلة حريصا على تقييد الفكر وتهميش الفلسفة. ولما فتح المجال لهذه الأخيرة كانت المنظومة التعليمية للأسف الشديد قد دخلت في منعطف التقهقر والانحطاط عاجزة عن توفير الشروط الضرورية لضمان تدريس الفلسفة وتكوين الفلاسفة. يشبه وضعنا في هذا الإطار وضعنا في مجالات أخرى متعددة: العيش على الأمل. أرجو أن أكون قد قدمت فكرة واضحة عن الأسباب الكامنة وراء قلة المجلات الفلسفية في العالم العربي لكي لا نقول انعدامها.
مع الشكر لجريدة الحوار المتمدن ولقارئ مضمون الحوار. عبدالحي أزرقان





#نورالدين_علوش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار مع الدكتور حمدي عبد الرحمان حسن
- حوار مع الدكتور محمد عثمان الخشت حول الثورات العربية
- حوار مع الناقد المغربي الدكتور محمد بوعزة
- حوار مع المفكر السياسي الدكتور عصام عبد الشافي
- حوار مع الاكاديمي التونسي محسن الخوني
- حوار مع الدكتور منير كشو
- حوار مع الناقد المغربي الدكتور فريد الزاهي
- حوار مع الدكتور رحال بوبريك
- حوار مع الاستاذ الباحث سمير بلكفيف
- حوار مع البروفسور موسى معيرش
- حوار خاص مع الدكتور احمد الطريبق
- حوار مع الدكتور مراد قواسمي
- حوار مع الاكاديمية التونسية ام الزين المسكيني
- حوار مع الدكتور هيثم مزاحم
- حوار مع الدكتور عامر عبد زيد الوائلي
- الدكتور عادل حدجامي
- حوار مع الدكتور عادل حدجامي
- حوار مع الدكتورالبارز عبد الحليم عطية
- حوار مع الدكتور يوسف بن عدي
- حوار مع الدكتور عبد القادر بوعرفة


المزيد.....




- تحليل لـCNN: إيران وإسرائيل اختارتا تجنب حربا شاملة.. في الو ...
- ماذا دار في أول اتصال بين وزيري دفاع أمريكا وإسرائيل بعد الض ...
- المقاتلة الأميركية الرائدة غير فعالة في السياسة الخارجية
- هل يوجد كوكب غير مكتشف في حافة نظامنا الشمسي؟
- ماذا يعني ظهور علامات بيضاء على الأظافر؟
- 5 أطعمة غنية بالكولاجين قد تجعلك تبدو أصغر سنا!
- واشنطن تدعو إسرائيل لمنع هجمات المستوطنين بالضفة
- الولايات المتحدة توافق على سحب قواتها من النيجر
- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نورالدين علوش - حوار خاص مع الاكاديمي المغربي الدكتور عبد الحي ازرقان