أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رزاق عبود - وطن ضاع وايام مضت














المزيد.....

وطن ضاع وايام مضت


رزاق عبود

الحوار المتمدن-العدد: 3899 - 2012 / 11 / 2 - 08:54
المحور: الادب والفن
    



كانت افلام الصغار بريئة، جميلة، وبرامجهم التلفزيونية، وتمثيلياتهم المدرسية مفيدة، وممتعة، ولا تحث على الكراهية، والقتل، ولا تفرق بين الناس. حكايا الجدات، رغم فزعنا من السعالي، والطناطل، والساحرات، وخوفنا من "درب الصد ما رد"، تنتهي بعيشة سعيدة، ورفاه، وبنين، وبنات، حلوين، وحلوات. افلام المغامرات كانت بلا دماء، والسندباد يعود دوما محملا بالهدايا، والحكايات، والقصص الجذابة. صندوق الدنيا ينفتح ضاحكا مع الاطفال يداعبهم، ويثير تعاطفهم.علي بابا لم يكن لصا، و"افتح ياسمسم" كانت وديعته، وسرا يصونه بالامان، ويحرص عليه بفكره، وجسده. عنترة بن شداد قاتل جيوش النعمان من اجل النياق الحمر للفوز بعبلة. قيس بن الملوح بكى كل عمره على ليلى، وفقد عقله من اجلها. زرقاء اليمامة انذرت اهلها، ولم يستمعوا لها. كانت هذه نماذج الامس، وقصص المساء، واحاديث اللقاءات. شهرزاد تتحفنا كل ليلة بحكاية جديدة حتى يطل الصباح فتسكت عن الكلام المباح. مصباح علاء الدين ينير الدروب، والبيوت، واماسي الحكايات. ننام بعدها بهدوء، بلا تذمر، حتى لو كنا عشرة في غرفة واحدة. ننام جوعى احيانا، لكننا لا ننهش لحم بعضنا، ولا نغتصب طعام غيرنا. مهما بعدت المدارس كنا نروح، ونغدو مشيا، او عدوا، او على الدراجات العتيقة، لا باصات، ولا سيارات، لاخطف، ولا مفخخات لا حواجز، ولا عصابات. لا قوافل مصفحة، ولا جيوش حمايات، ولا مواكب مسؤولين تسد علينا الطريق، او حواجز كونكريتية عملاقة تقسم الاحياء، وتمزق العوائل. لم نغز الاشقاء، ولم نحارب الجيران. لم نستسلم لامريكا، ولم نخضع لايران.
كنا نرفع العلم، نؤدي له التحية، ونردد النشيد الوطني. ننظف ايادينا كل يوم، نقلم اظافرنا كل خميس. كل واحد منا كان يسعى، يجد، ويحلم ان يكون فارس الصف. كنا نبجل المعلم، ونخشى المدير، ولا نفرط بواجبنا البيتي. كان في مدارسنا مكتبات، وكتب من كل العالم، وبكل اللغات. لم يكن هناك تسرب من المدارس، ولا اطفال شوارع. لا صغار يبحثون في النفايات، ولا عوائل تسكن المزابل. لم يكن يلهينا غير الرياضة البريئة. لايغرينا الا بائع الدوندرمة، ولفة الحلاوة، وبائع الشربت، واللبن البارد، ولفة العمبة، يراقبهم جميعا موظف البلدية. باعة اللبلبي، والباقلاء، واللوزالمحمص، والفول السوداني، واللوبياء. الشلغم، مزيل السعال، والشوندر مغذي الدم، باعة البادم، والسميط، والسمسمية، وحلاوة جزر، وعسلية ام العسل.انواع الكرزات، للسفرات، و"الگعدات"، للافراح، والحفلات و"طبة" السينمات. وافراح الزواج، والختان، والخطوبات، والاعياد. وقتها تتقلص المحلة الى بيت واحد، والعوائل المتعددة تصبح عائلة واحدة. لاحبوب، ولا كبسول، ولا حشيش، ولا مخدرات. كان هناك دورا للايتام، وملاجئ للعجزة. الام بطبيعتها عطوفة، حنونة، مضحية، ساهرة والاب رحيما، ودودا، كريما، مجاهدا. الام رغم اميتها تساعد في الواجب البيتي، والاب رغم تعبه يسألنا عن المدرسة.هدوء الشوارع، نظافة الاحياء، الفة المحلة، تعاضد الجيران.الحارس الليلي ينام مطمئنا، لان الشباب لا تنام.
في الماضي
لا حجاب، ولا نقاب، ولا فرض، ولا شروط، ولا محرم، ولا حدود. ولاحرمة في مصافحة الغريب، والقريب، او الاحباب. لا شك في نوايا الاصدقاء، والجيران.العباءة كانت وسيلة للمشوار السريع، ولاخفاء المناشير. "اسفري يا ابنة فهر فالحجاب داء في الاجتماع وخيم". كان هذا شعارا مخطوطا على الجدران، ولا فته ترفعها الابواب. العباءة لاتغطي وجها حسنا، ولا تقمع جمالا فاتنا، ولا تكفن شعرا سارحا. "الشيلة" كانت لتحمل دبوس الذهب. الناس تعرف حدودها، وتقدر الاخلاق، وتفهم الاصول، وتجل القيم.الابتسامة، والتحيات لم تكن ممنوعة، ولا حتى القبلات، ولا الاختلاط في الجامعات. صواني الخير ترفعها الايادي الناعمة، والاقدام المحناة تدخل البيوت المفتوحة الابواب بلا استحياء. الشوارع تعط بالعطور، والبخور، وتضج بلعب الاطفال. صخب طاسات الحمامات يمتصه عبق الدارسين.اسيجة البيوت، والحدائق العامة مزينة بالياس، وعطر الشواء، والياسمين ينعش الاجواء. كان الخجل غير مصطنعا، والاباء ليس ادعاءا، والايمان ليس تبجحا. لم يسرق جار من جاره، ولم يخطف احد ابنة الجيران. لم ياخذ الاخ اخاه رهينة. كانت ايامنا ايام، وليالينا ليالي. بحث عن الصفاء والوئام. نلعب الخرز(الدعبل)، السيفونات، والدوامات، وسلمان يگول، الختيلة(غميضة جيجو)، وطوير الراح بيدي لاح، وشرطة وحرامية(ما اكثرهم اليوم). نتقافز وراء الطيارات الورقية، ونركض مع الفرارات، ونداعب الحمام، والفراشات. سيوفنا من خشب، وخيولنا من قصب. لاسيوفنا تجرح، ولا خيلنا ترفس. المختار لم يكن وكيل امن، ولا العطار مخابرات. صديقك لا يخونك ولا يكشف اسرارك. جارك لا يشي بك، ولا الاهل يتخلون عنك عند المحن. كل البيوت تفتح ابوابها اذا كنت سياسيا مطاردا، او جنديا هاربا. ذهب كل ذلك الى المتاحف. ملئوا الشوارع بالمواكب، والمخارف. واطفأوا الانوار، والمعارف.
اخلاق مستوردة مثل الاطعمة التالفة. جباه محروقة من الدجل، وسيماء النفاق بادية على الوجوه. اعادونا للجاهلية الاولى. ولم يعيدوا لنا اخلاق ايام زمان.

ملاحظة مهممة:لم يكن الماضي كله جميلا، لكنه كان بسيطا مثل بساطة حياتنا واحلامنا!



#رزاق_عبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا وكيف يحتفل المعذبون بالعيد؟!
- حذاء اليهودي السويدي برور فيلر افضل من رؤوس كل الحكام العرب ...
- خواطر على ضفاف الطفولة
- رابطة المرأة العراقية مصنع المعجزات!
- والي بغداد كامل طلفاح الزيدي يغلق بيت الجواهري!
- غزوة المالكي على الحريات المدنية!
- لماذا يصوم الجياع في رمضان؟!
- في العراق شعب واحد، لاشعوب متعددة!
- قليلا من المرونة، وسعة الصدر يا قادة الحزب الشيوعي!
- متى يمتلأ -زنبيل- حميد مجيد موسى؟!
- الشاعر طالب عبدالعزيز يعلن برائته من البصرة، ويسخر من شطها ا ...
- قتلتنا الفتاوي ما بين الحائري والقرضاوي!
- الحلة، عماد هجول، جواد بكوري، وباعوك يا وطني!
- البصرة يحرقها جحيم حزب الدعوة الاسلامي!
- يهمني جدا من يحكمنا ايها الزميل وليد يوحنا بيداويد! لن نستبد ...
- سوريا:مجازر بعثية برعاية الامم -المتحدة- وصمت الامم -المتحضر ...
- الا يفتقد احد الشاعر خلدون جاويد؟!
- بغداد اكبر مدينة كردية في العراق، فليخرج منها الطائفيون والع ...
- ثمانية وسبعون شمعة ماسية عند اضرحة الخالدين ومثلها عند صرائف ...
- بشار -الاسد- يستأسد على حمص مثلما استأسد اباه على حماه!


المزيد.....




- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رزاق عبود - وطن ضاع وايام مضت