أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - جمال الهنداوي - ماذا لو مر بنا..(ساندي)














المزيد.....

ماذا لو مر بنا..(ساندي)


جمال الهنداوي

الحوار المتمدن-العدد: 3897 - 2012 / 10 / 31 - 19:58
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    


في بعض تلك الايام, وعندما كانت في العراق أربعة صحف فقط لا يميزها من بعضها الا لون الحبر الذي تخط به اسماؤها, كانت اجهزة"التيكر"هي اعلى مستوى من وسائل الاتصال المتوفرة مع العالم,في احدى تلك الايام,في اوائل الثمانينيات, فوجئنا بعنصر امني بملابس مدنية يحتل غرفة المبرقات في الجريدة,وكان حجمه وتجهمه ونظراته الحادة المتشككة تشير الى انه يعمل في جهاز امني رفيع اتفق حدسنا الهامس يومها على انه جهاز المخابرات العراقي بالغ السطوة والنفوذ,وبعد ايام عرفنا-همسا كذلك- الى ان هذا العنصر كان مكلفا بمراقبة تقارير وكالات الانباء الاجنبية واقتطاع أي خبر يرد فيها عن ارتفاع مناسيب دجلة واحتمال تعرض بعض اجزاء العاصمة للفيضان,ومنعها من الوصول حتى الى اعين واذهان العاملين في الصحيفة,وفعلا..فلم يكن هناك من يتحدث-ولو همسا-بالامر..فمع ان نشرات الاخبار الاجنبية كانت تتناول الحدث يوميا,ورغم المنظر اللافت الذي لا يمكن التعتيم عليه لمساطب العشاق في ابو نؤاس وهي مغمورة في الماء,الا ان ما لم يكن مكتوبا في الجريدة الرسمية لا يمكن ان يكون موجودا, وأن مجرد الحديث عنه يضع المرء فورا تحت طائلة التخابر مع الانظمة المعادية..او في خانة الطابور الخامس على اقل تقدير,فيومها كان من التجاوز, ام لم يكن من التجديف, ان يلوك الشعب ان القدر غير محسوب بدقة ضمن الاستشراف المستقبلي للقيادة التاريخية , وان الله قد لا يكون معنيا بتسليك الخطط الخمسية لدولة القائد الرمز.
المهم..ان هذا التكتم والتحرز المطبق لم نتلمس ما يواكبه حينها من استعدادات الا اكوام مهملة من التراب وضعت على الرصيف المحاذي للنهر واكياس –اكثر اناقة-من الرمل تشاهد من بعيد على الضفة الاخرى المحاذية للمجمع الرئاسي,ولم نلحظ وقتها أي استعدادات او ممارسات تعبوية غير عادية حتى على مستوى الدوائر المعنية بتنظيم الري في العراق او اجهزة الدفاع المدني, والاهم الآن..والاكثر ايلاما.. ان هذا التاريخ المزري من التراخي والفوضى وغياب الاستعداد وإهمال التخطيط ما زال هو المهيمن على تفكير وعقلية القائمين على الامر في بلادنا المنكوبة..
فان كنا قد نجد للنظام السابق عذرا في تهاونه من خلال اسس وصميم مبررات وجوده فاننا قد نلاقي صعوبة كبيرة في هضم كل هذا التبسط مع موضوع الكوارث في بلد يستنبت فيه الموت ويزرع على ارصفته وازقته باسراف,خصوصا مع خبرتنا مع الاجهزة الحكومية التي لا تجيد التعاطي حتى مع الحوادث البسيطة وتختفي وتغيب وتغرق مع اول زخة مطر ولا نشعر بها ولا نرى لها وجودا الا بعض التواجد المهمل الآمن من المسائلة.وهذا ما يثير الكثير من التساؤلات-بل المخاوف- عن مدى استعداد وجاهزية اجهزتنا المختصة في التعامل مع احداث بمستوى الكوارث التي نراها تتكرر في العديد من بلدان العالم,والتي قد نكون في موعد مع احداها دون ان نكون في وضع يؤهلنا للتعامل مع الحدث بما يضمن ان يكون خفيف الوطء على ايامنا المثقوبة.
ان الكوارث ليست بعيدة عنا,وان كنا نتظلل بما حباه الله علينا من موقع بعيد عن غضب الطبيعة فان التغيرات المناخية والديموغرافية قد تفاجئنا بما نؤخذ به بغتة وبلا مواعيد, كما ان الخوف لدينا اكبر من الحوادث التي يسببها الاهمال وسوء التخطيط والافتقار الى الخطط والتدريب الحقيقي والتوعية الاعلامية ووسائل التعبئة الشعبية في إعداد خطط المواجهة.
ارقام كبيرة ومخيفة تردنا عن الاعصار ساندي ومناظر لم نألفها عن القوة الاعظم وهي تخوض في الاوحال لانقاذ سكان عاصمتها الاقتصادية,وقبلها كنا نراقب مشفقين لهياج الطبيعة الاقسى على اليابان ومدنها الساحلية,ولكن نفس هذه الصور كانت تحمل لنا مشاهد للمنظومة الامنية عالية الجهوزية والتنظيم والتفاني والايمان والانتماء والوعي الكامل باهمية الدور الذي يقدموه لمجتمعهم وبلادهم وللعالم وكذلك الانضباط والوعي الشعبي المتفاعل والمآزر والداعم لهذه الجهود مما يساعد على حصر الخسائر في الارواح في مستوى متدن نسبيا مقارنة بالحشود الغفيرة التي تقدمها الدول المتخلفة قربانا لمذبح العجز والتهاون والاهمال.
ان الدول التي تكترث لحياة وسلامة وامن مواطنيها..تستحدث دائما اجهزة دائمة وعلى مستوى عال من التجهيز والجاهزية والقدرة والتمكن من التحرك السريع والتعامل مع أية مستجدات او ظروف طارئة أو غير طبيعية, لإنقاذ الضحايا وتقليل الخسائر قدر الإمكان. وهذه الاجهزة يجب ان تكون في حالة تأهب مستمر ومتحصلة على الخبرة المتأتية من المناورات والمظاهرات والتدريب المستمر والحقيقي لما لذلك من اثر في تقييم مواطن الضعف والقدرات وتطوير خرائط الأخطار في كل مجتمع مستهدف لتشخيص مفاصل الوهن والضعف في المنظومة الوقائية للبلاد,وهذا من الامور التي يجب ان تكون خارج ثقافة المناكدة والشقاق التي تسم اغلب ممارسات ادائنا السياسي والامني والاداري,فالكوارث لن تنتظر لتسألنا عن انتماءاتنا و"اطيافنا"وهي تحصد رقابنا بالجملة.



#جمال_الهنداوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علاج الزعماء العرب خارج الاوطان..
- اخوان مسلمون..أم خونة بغاة؟؟
- السحت الاعلامي
- الاصلاح وفوبيا التغيير
- مبادرة الشيخ حمد..دعوة الى الوهم
- ثقافة الاستقالة
- اوطان وهويات
- شرق هائج وغرب متضجر
- السلفيون والاخوان المسلمين..في مفترق الشريط المسيء
- هل هناك من مؤامرة؟؟
- شريط مسيء..شوارع محترقة
- النوادي الاجتماعية في بغداد..مرة اخرى
- كثير من الحب..قليل من الجدران
- الديمقراطية..والحاجة الى المبادرات الواقعية
- حديث المبادرة
- التقارب السعودي الايراني..لله أم لقيصر؟
- غزوة -آل المقداد-.. خليجيا
- قراءة سريعة من خلف الدخان
- الدراما التاريخية..الفشل الاكثر كلفة
- دعاة وفضائيات


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- يروي ما رآه لحظة طعنه وما دار بذهنه وسط ...
- مصر.. سجال علاء مبارك ومصطفى بكري حول الاستيلاء على 75 طن ذه ...
- ابنة صدام حسين تنشر فيديو من زيارة لوالدها بذكرى -انتصار- ال ...
- -وول ستريت جورنال-: الأمريكيون يرمون نحو 68 مليون دولار في ا ...
- الثلوج تتساقط على مرتفعات صربيا والبوسنة
- محكمة تونسية تصدر حكمها على صحفي بارز (صورة)
- -بوليتيكو-: كبار ضباط الجيش الأوكراني يعتقدون أن الجبهة قد ت ...
- متطور وخفيف الوزن.. هواوي تكشف عن أحد أفضل الحواسب (فيديو)
- رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية -لا يعرف- من يقصف محطة زا ...
- أردوغان يحاول استعادة صورة المدافع عن الفلسطينيين


المزيد.....

- ‫-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر ... / هيثم الفقى
- la cigogne blanche de la ville des marguerites / جدو جبريل
- قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك ... / مصعب قاسم عزاوي
- نحن والطاقة النووية - 1 / محمد منير مجاهد
- ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء / حسن العمراوي
- التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر / خالد السيد حسن
- انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان ... / عبد السلام أديب
- الجغرافية العامة لمصر / محمد عادل زكى
- تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية / حمزة الجواهري
- الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على ... / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - جمال الهنداوي - ماذا لو مر بنا..(ساندي)