أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف - بمناسبة 8 مارس/ اذار 2005 يوم المرأة العالمي - مهند صلاحات - عن ...فتاة تتزوج الحقيقة















المزيد.....

عن ...فتاة تتزوج الحقيقة


مهند صلاحات

الحوار المتمدن-العدد: 1131 - 2005 / 3 / 8 - 08:29
المحور: ملف - بمناسبة 8 مارس/ اذار 2005 يوم المرأة العالمي
    


عن ...فتاة تتزوج الحقيقة

والمرأة أيضا قادرة على صناعة التاريخ

(بدا واضحاً أنه بدون المرأة لن تكون هنالك ثورة ... وبدون الثورة لن يكون هنالك مدى لأن تثبت المرأة عن قوتها الكامنة التي لا يعيها الجميع )

هذا طائر العنقاء وذاك الفنيق، وبينهما فتاة تلتقي مع أمواج حيفا ... جاءت من جنين وبعينيها إصرار عنيد بأن تخط على شاطئ حيفا أغنيتها الأخيرة، وفي القلب مارد من الغضب.

قادمة من رحلة غربة مسربلة بالحنين للوطن والأهل، فيسربلها القدر المنتظر قدومها بالحزن، بفواجع بفقدان فادي الأخ، ينشد أمام عينيها نشيد الجرح : أيها الجرح قاوم، ايها الجرح أطلق وصيتك الأخيرة على الأحياء من بعدي فهنادي لن تساوم.
تعتاد الرحيل في صحاري الفواجع، فاجعة تلو الأخرى بفقدان الخطيب والأخ وإبن العم والأخوة من ذات الشعب.

في العام 1999 أعلنت هنادي إنفصالها عن الغربة الطويلة، وجاءت تحمل بين كفيها ثمرة السفر الطويل في الغربة، تعلمت أن الحق في الوطن لا يسقط بالتقادم القانوني، وأن الجاني مهما طال يومه لا بد له جزاء، ولا بد من القصاص يوماً، ففي القصاص حياة، غادرت غربتها تحمل بين يديها رسالة القانون من جامعة جرش الأهلية، عائدة للوطن لتعيد للقانون وجهه المفقود الهزيل.

هنادي التي إعتادت دوما أن تكون في المقدمة دائماً، وإعتادت أن تكون الأولى دائماً حتى في موتها الوردي، في تناثر الأشلاء، أبت أيضا إلا أن تكون أول إستشهادية فلسطينية في العام 2004م ، لتقتص من الغزاة الطغاة.

تعلمت هنادي أن مهمة القانوني أن لا يدع الجاني يفرّ بجريمته، ولا بد من القصاص منه، ولا بد أن يبقى صرح الحقيقة عالياً، فحين حاول الطغيان أن يتعالى على القانون، قررت هنادي أن تكون المحامية في الدفاع عن حق شعبها المسلوب، وأن تكون القاضي في إطلاق حكم الموت على الجناة وقتلة الأطفال، وأن تكون من يوقع القصاص، فأوقعت القصاص في 19 قتيلاً إسرائيليا و ما يزيد عن 60 جريحاً.

من لم يعتد رؤية المدينة تحترق، صعب عليه أن يسمح بحرقها، ومن لم يرى الحقيقة في المدن الكبرى التي تعبس حين ييبتسم المخيم ... لن يكون بإمكانه الخروج من مخيم ذاته ليعيش فيها، ولن يسمح للمدينة أن تضحك طويلا على عبوس المخيم المحاصر في جنين.

لم يكن أي يوم من حياتها عادياً، فقد إرتبطت بدايات أيامها بالنجاح تلو النجاح، وختمت معظم أيامها بإنجاز باهر معلنة عن الوجه الحقيقي للمرأة الفلسطينية، المعطائة الرائدة بالفكر والفكرة والعطاء، والهدف دوماً هو النجاح المطلق، ولأنها من مدينة المطلق في كل شيء، الثوار، الشهداء، النجاح، العطاء، الفكر، رفعت إبنة جنين رايتها للمطلق وأعلنت ثورة على طريقتها الخاصة، ثورة المرأة الفلسطينية، ثورة الحقيقة والتحدي في إثبات الذات.

سارت بإتجاه الهدف وهي تنشد: لم تستطع تغريني غربتي بالبقاء فيها طويلاً، فجئت أحمل جرحي وقلبي قنبله، قادم يا أرض فإغتسلي من كل الأحزان، يا حيفا حان الموعد للقصاص ... فهيئي لي الشطأن، يا قمر حيفا كن باسماً هذه الليلة ... فالمخيم سيبتسم أيضاً ...

كانت هنادي في تلك اللحظات مستعدة لأن تكمل مسيرة الشهداء التي بدأها في عائلتها ابن عمها الثالث الشهيد محمد جرادات خلال الانتفاضة الاولى 1997، ومن بعده لحق بالركب ابن عمها الثاني عبدالرحيم جرادات وأصدقاء له عند حاجز الجلمة شمال جنين، عندما قام جنود الغدر الصهيوني بتصفيتهم، وهم الشهداء عبد الرحيم جرادات وطارق منصور وعلان أبو عرة، واليوم هنادي الثائرة التي جاءت من جنين تكمل المسيرة، في 4/أكتوبر/2003 لتكون أول استشهادي وأول استشهادية في العام الرابع للانتفاضة، و ثائرة تضيف نفسها إلى سجل الشرف الفلسطيني إلى جانب من سبقنها من رفيقاتها بالشهادة، وتضيف نقطة عز ونجاح إلى سجل نجاحات وإبداعات المرأة الفلسطينية.

ملكت تلك الفدائية النادرة شجاعة لو وزعت على مدينة محاصر لصمدت سنوات أمام أي قوة على وجه الأرض، حين قررت إقتحام نادٍ للضباط الصهاينة في وسط مدينة حيفا المحتلة، وتنثر ما على جسدها من غضب ونار، لتصنع مشهد للحروف من ذهب، وتذهب بالغزاة للجحيم.

من الفكرة تبدا الثورة ... من الشعور الحقيقي يتنفجر الفكرة ... ولا ينفجر الشعور من إنسان إلا إذا كان هذا الإنسان قد إمتلك كل الأحاسيس القابلة لأن تغطي مساحة كافية من العالم فتجعلها خضراء، وهنادي إمتلكت من تلك المشاعر والأحاسيس ما يمكن أن يغطي العالم بالخضرة والثورة والإنسانية والنقمة على الظلم، ففرشت نادي الضباط بالنار والقتلى والجرحى.

كانت تعيد مشهد دلال المغربية التي خطت بدمها على جدار الحرية حروف تقول : سأفجر نفسي لأقلب فوق رؤوسهم طاولة كامب ديفد.

هنادي قلبت طاولة الجميع، وقلبت كل التسويات والمؤامرات التي كانت تحاك ضد الشعب، وقادت بوجعها وجرحها المفتوح حملة الرد على الغزاة وإنتصرت، وأعطت درساً سهل أن يفهمه من يحسن قراءة الوطن يقول :
شعب يصنع من لحمه معجزات ... يعيّ عدالة قضيته وإنسانيتها، فيدفع كل ما ملك دفاعاً عن هذه العدالة الضائعة في محاكم الدول الكبرى، ويحمي الإنسانية من أعداء الإنسانية.

المحامية هنادي جرادات أعلنت في الرابع من أكتوبر من العام الفين وثلاثة عن ماهية القوة الكامنة في المرأة العربية الفلسطينية، وبذلك بدا واضحاً أنه بدون المرأة لن تكون هنالك ثورة ... وبدون الثورة لن يكون هنالك مدى لأن تثبت المرأة عن قوتها الكامنة التي لا يعيها الجميع، لم تنجح هنادي فقط في إستشهادها، بل إنها نجحت أيضا في الإعلان عن نجاح المرأة الفلسطينية على كل الأصعدة، في الحقوق، في المحاماة، في نجاح المرأة الفلسطينية التي خرجت للميدان وعادت مكللة بالنصر، وأن المعركة لم تعد حكراً على الثوار، هنالك أيضاً ثائرات يصنعن التاريخ جنباً إلى جنب مع الرجال، لقد كسرت هنادي كما من قبلها كسرت الفدائية الفلسطينية ليلى خالد والشهيدة دلال المغربي و أيات الأخرس وغيرهن من نساء فلسطين الخالدات، بأن التاريخ ليس تاريخاً رجولياً فقط، وليس الرجال وحدهم من يكتب التاريخ، و أن الواجب حين ينادي لا يفرق بين رجل وامرأة وبإستطاعة الجميع أن يسمعه.



#مهند_صلاحات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ميلاد الفجر في غزة ...
- أحلام المجانين ... ليلة صيف
- أتى عيد العشاق... سيدتي
- هل تحولت السلطة الفلسطينية إلى مركز أمني جديد في المنطقة الع ...
- محاكمة الذات بالمعايير المبدأية
- لا بد أن يسقط القمر
- وصايا الشهداء
- شعارات / قصة قصيرة
- قررت الزواج ببحر غزة
- الخطأ في شمولية الحكم على الفكرة / ردا على مقالة محمد الموجي ...
- محاولة لترجمة النهى في ليلة راس السنة
- من يحسن قراءة الوطن على أعتاب السنة الجديدة ؟
- المُخٌلِّص
- التكفير سلاح الجاهل ... ردا على الأستاذ محمد الموجي حول كفر ...
- علمانية الفرد العربي ... الحقيقة المرفوضة
- الأندلس الجديدة ... والطاغوت على أبواب المدينة
- لماذا أبو مازن مرشح الإجماع الفتحاوي
- الحوار المتمدن ... ويكفي أن نقول هو المكان السليم للحوار الم ...
- ذاكرة الزمن المستعار 1
- الجريمة ... حين تحاول أن تكون ثقافة لشعب مقاوم ...


المزيد.....




- نيابة مصر تكشف تفاصيل -صادمة-عن قضية -طفل شبرا-: -نقل عملية ...
- شاهد: القبض على أهم شبكة تزوير عملات معدنية في إسبانيا
- دول -بريكس- تبحث الوضع في غزة وضرورة وقف إطلاق النار
- نيويورك تايمز: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخاص ...
- اليونان: لن نسلم -باتريوت- و-إس 300- لأوكرانيا
- رئيس أركان الجيش الجزائري: القوة العسكرية ستبقى الخيار الرئي ...
- الجيش الإسرائيلي: حدث صعب في الشمال.. وحزب الله يعلن إيقاع ق ...
- شاهد.. باريس تفقد أحد رموزها الأسطورية إثر حادث ليلي
- ماكرون يحذر.. أوروبا قد تموت ويجب ألا تكون تابعة لواشنطن
- وزن كل منها 340 طنا.. -روساتوم- ترسل 3 مولدات بخار لمحطة -أك ...


المزيد.....

- المشاركة السياسية للمرأة في سورية / مية الرحبي
- الثورة الاشتراكية ونضـال تحرر النساء / الاممية الرابعة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف - بمناسبة 8 مارس/ اذار 2005 يوم المرأة العالمي - مهند صلاحات - عن ...فتاة تتزوج الحقيقة